كتاب البشر

كتاب البشر
أحمد بهجت

التاريخ أحداث متتالية لها عبرتها
لولا أن الناس لا تري عبرتها بقدر ما تري أطماعها القريبة


وإذا كان التاريخ بيتا من الصفحات‏ ..... فلابد لكل بيت من مزبلة ترمي فيها البقايا والنفايات‏
من هنا استقر التاريخ في مكانه ....... واستقرت المزبلة جواره في الصفحة المقابلة‏
ودخول التاريخ الإنساني أمر بالغ السهولة ..... أو بالغ الصعوبة
حسب شجاعة المرء وحظه من النبل أو الصنعة
ولا يستقبل التاريخ بين صفحاته إلا الأفذاذ والشهداء وكل أصحاب القضايا الإنسانية الرفيعة
الذين ماتوا من أجل انتشار الحق وسيادة الخير وإشاعة الجمال‏.‏

أما الطغاة والجبابرة ونجوم الظلام وأصدقاء الشر
فهؤلاء جميعا يدخلون مزبلة التاريخ‏ وهي لا تطهرها إلا النار‏.‏

يحدثنا الله تعالي
أن كل ما يقع علي الأرض من أحداث‏ بكل ما تضمه الأرض من بشر
علي اختلاف العصور والدهور وتواليها أن هذا كله ـ مسجل في كتاب‏-
‏ وقد وضع هذا الكتاب قبل خلق الخلق‏
‏ وقد علم الله ماذا يختار البشر فكتب اختيارهم قبل أن يفعلوه‏
وهذا لا ينفي حرية الإنسان ولا يعوق طلاقة المشيئة الإلهية‏.‏

أحيانا أفكر في هذا الكتاب العظيم الذي يحتفظ به الحق سبحانه‏
‏ هذا كتاب البشر‏..‏ بكل أعمال البشر الحسنة والسيئة ‏
وهذا الكتاب لا ينشر ولا يفتح إلا يوم القيامة بعد بعث الموتي وقيامهم للحساب‏.‏

لو علم الإنسان أن هناك من يسجل سلوكه وأعماله وخطرات ذهنه وأحاسيس قلبه
لو علم الإنسان أن هذا كله يسجل وسوف ينشر ذات يوم قريب في كتاب
يستطيع كل إنسان أن ينظر فيه ويقرأه .
ألا يدفعه ذلك للخوف؟‏؟ ..... ألا يزحزحه هذا عن السوء؟‏؟‏
للأسف الشديد أن هذا لا يحدث‏.‏

إن صفحات مزبلة التاريخ تزيد وتمتلئ بالأحداث
في حين أن كتاب التاريخ يشكو من بياض صفحاته وقلة زبائنه ‏!
ويبدو أن كثيرا من الناس يجدون مزبلة التاريخ أسهل وأريح من التاريخ نفسه‏.‏

.............................