دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com

دارة السادة الأشراف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أنساب , مشجرات , مخطوطات , وثائق , صور , تاريخ , تراجم , تعارف , دراسات وأبحاث , مواضيع متنوعة

Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  79880579.th
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  78778160
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  16476868
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  23846992
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  83744915
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  58918085
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  99905655
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  16590839.th
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  Resizedk
تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم  20438121565191555713566

2 مشترك

    تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم

    avatar
    ابن الزهراء
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 144
    البلد : المحروسه
    تقييم القراء : 3
    النشاط : 5828
    تاريخ التسجيل : 05/04/2010

    حصري تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم

    مُساهمة من طرف ابن الزهراء الخميس 24 يونيو - 12:06

    [size=25]تحفة اللبيب في الرد على من أنكر الاحتفال بذكرى مولد الحبيب
    تُحفةُ اللَّبيب
    في الرَّدِ عَلَى مَن أنكَرَ الاحْتِفالَ
    بِذِكْرى مَوْلِدِ الحبيب صلى الله عليه وسلم

    بِسْمِ اللهِ الَّذي أرسَلَ لَنا مَن بِالْحَقِّ سَنَّ، والْحَمْدُ للهِ الَّذي جَعَلَ لَنا مِنَ البِدَعِ ما هُوَ حَسَنٌ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على صاحِبِ الصَّوْتِ والوَجْهِ الْحَسَنِ، أَبي القاسِمِ جَدِّ الْحُسينِ والْحَسَنِ. أمَّا بَعْدُ فَهَذَا بيانُ جَوازِ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ وَأَنَّ فيهِ أَجْرًا وَثَوابًا. نَقولُ مُتَوَكِّلينَ على اللهِ:
    1- البِدعَةُ: لُغَةً هيَ مَا أُحْدِثَ على غَيْرِ مِثالٍ سابِقٍ وشَرْعًا الْمُحْدَثُ الَّذي لَمْ يَنُصَّ عليهِ القُرءانُ ولا الْحَديثُ.

    2- الدَّليلُ مِنَ القُرءانِ الكَريمِ على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: قَوْلُهُ تعالى في مَدْحِ الْمُؤمنينَ مِنْ أمَّةِ سَيِّدِنا عيسى، قَالَ تعالى: {وَجَعَلْنَا في قُلُوب الَّذينَ اتَّبَعُوهُ رَأفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاها عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ الله} [سورة الحديد، 27]، فاللهُ امتَدَحَ الْمُسْلِمِينَ الَّذينَ كانُوا على شَريعَةِ عيسى لأنَّهُمْ كانُوا أَهْلَ رَحْمَةٍ ورأفَةٍ ولأنَّهُمْ ابْتَدَعُوا الرَّهْبانيةَ وَهِيَ الانْقِطاعُ عنِ الشَّهواتِ الْمُباحَةِ زيادَةً على تَجَنُّبِ الْمُحرَّماتِ، حَتَّى إنَّهُمْ انَقطَعُوا عنِ الزِّواجِ وتَرَكُوا الَّلذائِذَ مِنَ الْمَطْعُومَاتِ والثِّيابِ الفاخِرَةِ وأقْبَلُوا على الآخِرَةِ اقْبالاً تامًّا، فاللهُ امْتَدَحَهُمْ عَلَى هَذِهِ الرَّهْبانِيَّةِ مَعَ أنَّ عيسى لَمْ يَنُصَّ لَهُم عَلَيْهَا. أمَّا قوْلُهُ تعالى في بَقِيَّةِ الآيةِ: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [سورة الحديد، 27] فَلَيْسَ فيها ذَمٌّ لَهُمْ وَلا لِلرَّهبانِيَّةِ الَّتي ابتَدَعَهَا أولَئِكَ الصَّادِقُونَ الْمُؤمِنُونَ بَلْ ذَمٌ لِمَنْ جاءَ بَعْدَهُم مِمَّنْ قَلَّدَهُم في الانْقِطاعِ عَنِ الشَّهواتِ مَعَ الشِّرْكِ أي مَعَ عِبادَةِ عيسى وأُمِّهِ.

    3- الدَّليلُ مِنَ السُّنةِ الْمُطَهَّرَةِ على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم "مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنقُصَ مِنْ أُجورِهِم شىْءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً سَيِّئةً كانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِن بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِم شىْءٌ"، رواهُ مُسْلِمٌ في صَحيحِهِ مِنْ حَديثِ جَريرِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ رَضيَ اللهُ عَنْهُ. فأفْهَمَ هَذا الْحَديثُ أنَّ الرَّسُولَ عليه السلام هُوَ الَّذي عَلَّمَ أُمَّتَهُ أنَّ البِدْعَةَ على ضَرْبَيْنِ: بدعَةُ ضَلالةٍ: وَهِيَ الْمُحْدَثَةُ الْمُخَالِفَةُ لِلْقُرءانِ والسُّنَّةِ. وَبِدْعَةُ هُدًى: وَهِيَ الْمُحْدَثَةُ الْمُوافِقَةُ لِلْقُرءانِ والسُّنَّةِ. فإنْ قيلَ: هَذا مَعْناهُ مَنْ سَنَّ في حياةِ رَسُولِ اللهِ أمَّا بَعْدَ وَفاتِهِ فلا، فالْجوابُ أنْ يُقالَ: [لا تَثْبُتُ الْخُصُوصِيَّةُ إلا بِدَلِيلٍ] وَهُنا الدَّليلُ يُعْطِي خِلافَ ما يَدَّعونَ حَيْثُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ سَنَّ في الإسلام" وَلَمْ يَقُلْ مَنْ سَنَّ في حياتِي ولا قالَ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أنا عَمِلْتُهُ فأحْياهُ، وَلَمْ يَكُنِْ الإسلامُ مَقْصورًا على الزَّمَنِ الَّذي كانَ فيهِ رسولُ الله، فَبَطَلَ زَعْمُهُم. فإِنْ قالُوا: الْحَديثُ سَبَبُهُ أنَّ أُناسًا فُقَراءَ شديدي الفَقْرِ يَلْبَسُونَ النِّمارَ جاؤوا فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رسولِ اللهِ لِما رأى مِنْ بُؤسِهِم فَتَصَدَّق النَّاسُ حَتَّى جَمَعُوا لَهُم شيئًا كثيرًا فَتَهَلَّلَ وَجْهُ رسولِ اللهِ فقالَ: "مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها"، فالْجَوَابُ أَنْ يُقالَ: العِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا ذَكَرَ عُلَمَاءُ الأُصُولِ.

    4- الدَّليلُ مِنْ أَقوالِ وأفعالِ الْخُلَفاءِ الرَّاشدينَ على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: فَقَدْ أَحْدَثَ الخُلَفاءُ الرَّاشدُونَ الْمَرْضِيُّونَ أَشْياءَ لَمْ يَفْعَلْها الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم ولا أمَرَ بِها مِمَّا يُوافِقُ الْكِتابَ والسُّنَّةَ فكانوا قُدْوَةً لنا فيها، فَهَذا أبو بَكْرٍ الصِّديقُ يَجْمَعُ القُرءانَ ويُسَمِّيهِ بِالْمُصْحَفِ، وهَذا عُمَرُ بنُ الْخطَّابِ يَجْمَعُ النَّاسَ في صلاةِ التَّراويحِ على إمامٍ واحِدٍ وَيَقولُ عَنْها: [نِعْمَتِ البِدْعَةُ هَذِهِ]، وهَذا عُثمانُ بنُ عَفَّانَ يأمُرُ بِالأَذانِ الأوَّلِ لِصَلاةِ الْجُمَعَةِ، وهَذا الإمامُ عليٌّ يُنْقَطُ الْمُصْحَفُ وَيُشَكَّلُ في زمانِهِ على يَدِ يَحْيى بنِ يَعْمَرَ، وهَذا عُمَرُ بنُ عَبِدِ العزيزِ يعْمَلُ الْمَحارِيبَ والْمآذِنَ لِلْمَساجِدِ. كُلُّ هَذِهِ لَمْ تَكُنْ في زَمانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهَلْ سَيَمْنَعُها الْمانِعُونَ لِلْمَوْلِدِ في أيَّامِنا هَذِهِ أوْ أَنَّهُم سَيَتَحَكَّمُونَ فَيَسْتَبِيحُونَ أَشياءَ وَيُحَرِّمُونَ أَشياءَ؟! وَقَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فإِنَّهُم حَرَّمُوا الْمَوْلِدَ وأباحُوا نَقْطَ الْمُصْحَفِ وتَشْكيلَهُ وأباحُوا أشياءَ كثيرَةً مِمَّا لَم يَفْعَلْهَا الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم كَالرُّزْناماتِ -مواقيتِ الصَّلواتِ- الَّتي لَمْ تَظْهَرْ إلا قَبْلَ نَحْوِ ثلاثِمِائَةِ عامٍ وَهُم يَشْتَغِلُونَ بِهَا وَيَنْشُرونَها بينَ النَّاسِ.

    5- الدَّليلُ مِنَ أقْوالِ عُلَمَاءِ السَّلَف على البِدْعَةِ الْحَسَنَةِ: قالَ الإمامُ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: [الْمُحْدَثَاتُ مِنَ الأُمورِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُما ما أُحْدِثَ مِمَّا يُخالِفُ كِتابًا أو سُنَّةً أو إِجْماعًا أوْ أَثَرًا فَهَذِهِ البِدْعَةُ الضَّلالةُ والثَّانِيَةُ ما أُحْدِثَ مِنَ الْخَيْرِ ولا يُخالِفُ كِتابًا أوْ سُنَّةً أَو إِجْماعًا وهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ] رواهُ البَيْهَقِيُّ بالإسْنادِ الصَّحيحِ في كِتابِهِ مَناقِبُ الشَّافِعِيِّ. وَمَعْلومٌ أنَّ الْمُحَدِّثينَ أَجْمَعُوا على أنَّ الشَّافِعِيَّ رَضيَ اللهُ عنهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِقوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "عالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلأُ طِباقَ الأَرْضِ عِلْمَا" رَواهُ التِّرْمِذِيُّ.
    أَمَّا البَيْهَقِيُّ فَهُوَ مِنَ الْحُفَّاظِ السَّبْعَةِ الَّذينَ اتُّفِقَ على عَدَالَتِهِم.

    6- الْموْلدُ هُوَ شُكْرٌ للهِ تعالى عَلَى أنَّهُ أَظْهَرَ مُحَمَّدًا في مِثْلِ هَذا الشَّهر، لَيْسَ عِبَادَةً لِمُحَمَّدٍ، نَحْنُ لا نَعْبُدُ مُحَمَّدًا وَلا نَعْبُدُ شَيْئًا سِوى اللهِ، لَكِنْ نُعَظِّمُ تَعْظيمًا فَقَط، نُعَظِّمُ مُحَمَّدًا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الأَنبياءِ والْمَلائِكَةِ، ثُمَّ نُعَظِّمُ كُلَّ الأَنْبياءِ ولا نَعْبُدُ واحِدًا مِنْهُم، لا نَعْبُدُ مُحَمَّدًا ولا أَيَّ مَلَكٍ وَلا أَيَّ نَجْمٍ ولا الشَّمْسَ ولا القَمَرَ، نِهَايَةُ التَّذَلُّلِ عِنْدَنا لله، نَضَعُ جِباهَنا بِالأرْضِ وَنُقَدِّسُهُ، نِهايةُ التَّذَلُّلِ هِيَ العِبادَةُ، هَذِهِ نَحْنُ لا نَفْعَلُها لِسَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، إِنَّما نَحْنُ عِبادَتُنا للهِ، نَحْنُ لا نَعْبُدُ مُحمَّدًا بَلْ نَعْتَبِرُ مُحَمَّدًا دَاعِيًا إلى اللهِ، هَدَى النَّاسَ وَيَسْتَحِقُّ التَّعْظيمَ، أَقَلَّ مِنَ العِبادَةِ، أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُعْبَدَ، واللهُ تعالى امْتَدَحَ الَّذينَ ءامنُوا بِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَزَّرُوهُ أي عظَّمُوهُ فَقالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَالَّذِينَ ءامَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [سورة الأعراف، 157]. الْمَوْلِدُ فيهِ اجْتِمَاعٌ على طاعَةِ اللهِ، اجْتِمَاعٌ على حُبِّ اللهِ وحُبِّ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، اجْتِمَاعٌ على ذِكْرِ اللهِ وَذِكْرِ شَىْءٍ مِنْ سيرَةِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ونَسَبِهِ الشَّريفِ، وشَىْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ الْخَلْقِيَّةِ والْخُلُقِيَّةِ، وَفيهِ إِطْعامُ الطَّعامِ لِوجْهِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى واللهُ تعالى يَقول: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [سورة الإنسان، 8]، بَعْدَ هذا كَيْفَ يُحَرِّمُ شَخْصٌ يَدَّعي العِلْمَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ فَرَحًا بِوِلادَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟!

    7- الأصْلُ الذي اسْتَخْرَجَهُ الْحافِظُ ابنُ حَجَرٍ مِنَ السُّنةِ على جَوازِ عَمَلِ الْمَوْلِدِ في كِتَابِهِ الْحَاوِي لِلْفَتَاوَي (1/189-197): مَا رَوَاهُ ابنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدينةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عاشُوراءَ، فَسُئلوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالوا: [هُوَ الْيَومُ الَّذي أَظْهَرَ اللهُ مُوسى وَبَني إسْرائيلَ على فِرْعَوْنَ وَنَحْنُ نصُومُهُ تَعْظيمًا لَهُ]، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أوْلى بِموسى" وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ أَمْرَ اسْتِحْبابٍ. فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَديثِ فِعْلُ الشُّكْرِ للهِ تعالى على ما تفَضَّلَ بِهِ في يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِن حُصُولِ نِعْمَةٍ أَو رَفْعِ نِقْمَةٍ، ويُعادُ ذَلِكَ في نَظيرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، والشُّكرُ للهِ يَحْصُلُ بِأَنْواعِ العِبادَةِ كالسُّجودِ والصِّيامِ والصَّدَقَةِ والتِّلاوَةِ، وأَيُّ نِعْمَةٍ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ بُرُوزِ النَّبيِ صلى الله عليه وسلم.

    8- الأصْلُ الذي اسْتَخْرَجَهُ الْحَافِظُ السِّيوطِيُّ مِنَ السُّنةِ على جَوازِ عَمَلِ الْمَوْلِدِ في رِسَالَتِهِ"حُسْنُ الْمَقْصِدِ في عَمَلِ الْمَوْلِدِ": قَولُهُ صلى الله عليه وسلم: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فيهِ وفيهِ أُنْزِلَ عَلَيّ"، لَمَّا سُئِلَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَنْ سَبَبِ صِيامِهِ لِيوْمِ الاثنينِ. وفي هَذَا الْحديثِ إِشارَةٌ إِلى اسْتِحْبابِ صِيامِ الأيَّامِ الَّتي تَتَجَدَّدُ فِيها نِعَمُ اللهِ تعالى على عِبادِهِ، وإنَّ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْنا إِظْهَارَهُ صلى الله عليه وسلم وَبِعْثَتَهُ وإرسالَهُ إِلَيْنَا، وَدَليلُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِم} [سورة ءال عمران، 164]. قالَ الْحافِظُ السِّيوطيُّ في رِسَالَتِهِ [وقَدِ اسْتَخْرَجَ لَهُ - أي الْمَوْلِدِ - إِمامُ الْحُفَّاظِ أبو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ حَجَرٍ أَصْلاً مِنَ السُّنَّةِ واسْتَخْرَجْتُ لَهُ أَنا أَصْلاً ثانيًا ...اهـ.

    9- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَيْسَ كَمَا قيلَ إِنَّ أصلَهُ هُوَ أنَّ أُناسًا كانُوا يَحْتَفِلُونَ بِوفاتِهِ صلى الله عليه وسلم: فَقَدْ ذَكَرَ الْحُفَّاظُ والعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحابِ التَّوارِيخِ وغَيْرِهِم أنَّ أَوَّلَ مَنِ اسْتَحْدَثَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ هُوَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ الَّذي كانَ يَحْكُمُ إِرْبِلَ، وَهُوَ وَرِعٌ، صالِحٌ، عالِمٌ، شُجَاعٌ، ذُو عِنَايَةٍ بِالْجِهَادِ، كانَ من الأَبْطالِ، مَاتَ وَهُوَ يُحَاصِرُ الفِرِنْجَ بِعَكَّا، هُوَ أَوَّلُ مَنْ اسْتَحْدَثَ هَذَا الأَمْرَ، ثُمَّ وافَقَهُ العُلَماءُ والفُقَهاءُ، حَتَّى عُلَمَاءُ غَيْرِ بَلَدِهِ الَّذينَ لا يَحْكُمُهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْحافِظُ السِّيوطِيُّ في كِتابِهِ الأوائِلِ، ولا زالَ الْمُسْلِمونَ على ذَلِكَ مُنْذُ ثَمانِمِائةِ سَنَةٍ حَتَّى الآنَ. فأيُّ أَمرٍ اسْتَحْسَنَهُ عُلَمَاءُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وأَجْمَعوا عَلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَأَيُّ شىءٍ اسْتَقْبَحَهُ عُلَمَاءُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ قَبيحٌ، ومَعْلومٌ أنَّ عُلَمَاءَ الأُمَّةِ لا يَجْتَمِعُونَ على ضَلالَةٍ لِحديثِ: "إِنَّ أُمَّتي لا تَجْتَمِعُ على ضَلالةٍ" رَواهُ ابنُ ماجَه في سُنَنِهِ.

    10- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ ولا يُقالُ عَنْهُ لوْ كانَ خَيْرًا لَدَلَّ الرَّسُولُ أُمَّتَهُ عليهِ: فَجَمْعُ الْمُصْحَفِ وَنَقْطُهُ وتَشْكيلُهُ عَمَلُ خَيرٍ مَعَ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم ما نَصَّ عليهِ ولا عَمِلَهُ. فَهُؤلاءِ الَّذينَ يَمْنَعُونَ عَمَلَ الْمَوْلِدِ بِدَعوى أنَّهُ لَوْ كانَ خَيْرًا لَدَلَّنا الرَّسولُ عليهِ وَهُم أَنْفُسُهُم يَشْتَغِلُونَ في تَشْكيلِ الْمُصْحَفِ وَتَنْقيطِهِ يَقَعونَ في أَحَدِ أمْرَيْنِ: فَإِمَّا أنْ يَقولُوا إِنَّ نَقْطَ الْمُصْحَفِ وتَشْكيلَهُ لَيْسَ عَمَلَ خَيْرٍ لأنَّ الرَّسولَ ما فَعَلَهُ وَلَمْ يَدُلَّ الأُمَّةَ عليهِ وَمَعَ ذَلِكَ نَحْنُ نَعْمَلُهُ، وإِمَّا أنْ يَقولُوا إنَّ نَقْطَ الْمُصْحَفِ وتَشْكيلَهُ عَمَلُ خيرٍ لَو لَمْ يَفْعَلْهُ الرَّسولُ وَلَمْ يَدُلَّ الأُمَّةَ عليهِ لِذَلِكَ نَحْنُ نَعْمَلُهُ. وَفي كِلا الْحالَيْنِ نَاقَضُوا أَنْفُسَهُم.

    11- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ ولا يُقالُ الرَّسُولُ لَمْ يأتِ بِه فَلا نَعْمَلُهُ احْتِجَاجًا بِقولِهِ تعالى: {وَما ءاتَاكُمُ الرَّسولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنْهُ فانْتَهوا}: فَلَيْسَ كُلُّ أمْرٍ لَمْ يأمُرْنا بِهِ الرَّسُولُ ولا نَهانا عَنْهُ فَهُوَ حَرامٌ، فالرَّسُولُ لَمْ يأمُرْنا بِنَقْطِ الْمُصْحَفِ ولا نَهانا عَنْهُ فلَيْسَ حَرامًا عَلَيْنَا عَمَلُهُ لأنَّهُ مُوافِقٌ لِدينِهِ صلى الله عليه وسلم، كَذَلِكَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ الرَّسُولُ لَمْ يأمُرْنا بِهِ ولا نَهانا عَنْهُ فَلَيْسَ حَرامًا عَلَيْنا عَمَلُهُ لأَنَّهُ مُوافِقٌ لِدِينِهِ صلى الله عليه وسلم. الْحاصِلُ لَيْسَتْ كُلُّ أُمُورِ الدِّينِ جَاءَتْ نَصًّا صَريحًا في القُرءانِ أوْ في الْحديثِ، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فيهِما فَلِعُلَمَاءِ الأُمَّةِ الْمُجْتَهِدينَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَديثِ أنْ يَسْتَنبِطُوا أَشْياءَ تُوافِقُ دينَهُ صلى الله عليه وسلم، وَيُؤيِّدُ ذَلِكَ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا...، فيُسْتفَادُ مِنْ هَذَا الْحَديثِ أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى أَذِنَ للمُسلمينَ أَنْ يُحدِثُوا في دينِهِ ما لا يُخالِفُ القُرءانَ والْحديثَ فيُقالُ لذلكَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ.

    12- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ دَاخِلاً تَحْتَ نَهْيٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: "مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هَذَا ما لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌ": لأنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَفْهَمَ بِقَوْلِهِ: "ما لَيْسَ مِنْهُ" أَنَّ الْمُحْدَثَ إِنَّما يَكُونُ ردًّا أيْ مَرْدُودًا إِذا كانَ على خِلافِ الشَّريعَةِ، وأَنَّ الْمُحْدَثَ الْمُوافِقَ لِلشَّريعَةِ لَيْسَ مَرْدُودًا. فالرَّسُولُ لَمْ يَقُلْ مَنْ أَحْدَثَ في أمْرِنا هَذا فَهُوَ رَدٌّ بَلْ قَيَّدَهَا بِقَولِهِ: "ما لَيْسَ مِنْهُ" لِيُبَيِّنَ لَنَا أنَّ الْمُحْدَثَ إِنْ كانَ مِنْهُ (أي مُوافِقًا لِلشَّرْعِ) فَهُوَ مَشْرُوعٌ وإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ (أي لَمْ يَكُنْ موافِقًا لِلشَّرْعِ) فَهُوَ مَمْنوعٌ. وَلَمَّا كانَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ أمْرًا مَشروعًا بِالدَّليلِ النَّقْلِيِّ مِنْ قُرْءانٍ وَسُنَّةٍ ثَبَتَ أنَّهُ لَيْسَ بِمَرْدُودٍ.

    13- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ إشارَةٌ إلى أنَّ الدِّينَ لَمْ يَكْتَمِلْ وَلا تَكذيبًا لِقَولِهِ تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [سورة المائدة، 2]: لأنَّ مَعْناها أنَّ قواعِدَ الدِّينِ تَمَّت، قالَ القُرطُبِيُّ في تَفْسيرِهِ: [وَقالَ الْجُمْهُورُ: الْمُرادُ مُعْظَمُ الفَرَائِضِ والتَّحليلِ والتَّحْريمِ، قالوا: وقَد نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ قُرءانٌ كثيرٌ، ونَزَلَتْ ءايةُ الرِّبا وَنَزَلَت ءايةُ الكَلالَةِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ]. ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ لَيْسَتْ هِيَ ءاخِرَ ءايَةٍ نَزَلَت مِنَ القُرءانِ بَلْ ءاخِرُ ءايَةٍ نَزَلَتْ هِيَ قولُهُ تعالى:{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُون} [سورة البقرة، 285] ذَكَرَ ذَلِكَ القُرطُبِيُّ في تَفْسيرِهِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.


    14- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ اتَّهامٌ لِرَسُولِ اللهِ بِالْخِيانَةِ بِدَعْوى أنَّهُ لَمْ يُعَرِّفْ أُمَّتَهُ بِهِ كَمَا زَعَمَ الْمانعُونَ لِلمَوْلِدِ: فإِنْ كانَ كُلُّ فِعْلٍ أُحْدِثَ بَعْدَ الرَّسُولِ لَمْ يُعَرِّفِ النَّبِيُّ أُمَّتَهُ بِهِ مِمَّا هُوَ موافِقٌ لِلقُرءانِ والسُّنةِ يَكونُ فيه اتَّهامٌ لِلرَّسولِ بِالْخِيانَةِ فَعلى قَوْلِكُمْ أبو بَكرٍ وعُمَرُ وعُثْمانُ وَعَلِيٌّ وعُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ وصَفوةٌ مِنْ عُلَماءِ الأُمَّةِ اتَّهَمُوا الرَّسُولَ بِالْخِيانَةِ لأنَّهُم أَحْدَثُوا أشياءَ موافِقَةً للقُرءانِ والسُّنةِ مِمَّا لَمْ يُعَرِّفِ الرَّسولُ أُمَّتَهُ بِها. أمَّا استِشهادُكُم بِما تَنْسُبُونَهُ للإمامِ مالِكٍ مِنْ أنهُ قالَ: [مَنِ ابْتَدَعَ في الإسْلامِ بِدْعَةً يَراهَا حَسَنَةً فَقَد زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم خانَ الرِّسالةَ] فَمَعْناهُ البِدْعَةُ الْمُحَرَّمَةُ كَعقيدَةِ التَّشبيهِ والتَّجسيم ولَيْسَ في الْمَوْلِدِ وما أَشْبَه. ثُمَّ أَنْتُمْ تَسْتَشْهِدُونَ بِقَوْلِ الإمامِ مالِكٍ وأَنْتُم تُكَفِّرونَهُ مَعْنًى وإنْ لَمْ تُكَفِّروهُ لَفْظًا، لأنَّ الْخَليفةَ الْمَنْصورَ لَمَّا جاءَ الْمَدينةَ سَأَلَهُ: [يا أَبا عبدِ الله أسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ وأدْعو أم أسْتَقبِلُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ قالَ: وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَكَ عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُكَ وَوَسيلَةُ أبيكَ ءادَمَ عليه السلامُ إلى اللهِ تعالى؟ بَلِ اسْتَقْبِلْهُ واسْتَشْفِع بِهِ فَيُشَفِّعَهُ اللهُ]، وهَذا عِنْدَكُم شِرْكٌ وضلالٌ مُبين. رَمَيْتُم عُلَماءَ الأمَّةِ بالشِّركِ ثُمَّ اسْتَشْهَدْتُم بِأقْوالِهِم.

    15- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلا يُمْنَعُ بِدَعْوى أنَّ فيهِ مُشابَهَةً لِلنَّصارَى في احْتِفالِهِم بِمَوْلِدِ عيسى عليه السلام: لأنَّ ما يُوافِقُ دِينَ اللهِ مِمَّا عَمِلَهُ أولئكَ اليهودُ أوِ النَّصارى إِنْ نَحْنُ عَمِلْناهُ فَهُوَ مُرَخَّصٌ لَنا بِخِلافِ ما فَعَلُوهُ مِمَّا لا يُوافِقُ دِينَ اللهِ، أليْسَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رأى اليَهودَ تَصومُ يَوْمَ عاشُوراءَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدينةَ وقالُوا: [هَذا يومٌ أَغْرَقَ اللهُ فِرْعَونَ وَنَصَرَ مُوسى]قال صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أولى بِموسى مِنْكُم" وأمَرَ بِصَوْمِهِ، ما قالَ لا تَصُومُوا عاشُوراءَ اليهودُ تَصُومُهُ هَذا تَشَبُّهٌ بِهِم، بَلْ أَمَرَ أُمَّتَهُ بِصوْمِهِ، نُعَظِّمُ هَذا اليومَ كَمَا أتْباعُ موسى عَظَّمُوا ذَلِكَ اليومَ، يومَ عَاشُورَاء.

    16- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَمَنِ اشْتَرَطَ لِجَوازِهِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَمِلَهُ فَشَرْطُهُ باطِلٌ: كَمَا أنَّ نَقْطَ الْمُصْحَفِ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَمَنِ اشْتَرَطَ لِجَوازِهِ أنْ يَكُونَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم عَمِلَهُ فَشَرْطُهُ باطِلٌ لأنَّ هَذَينِ الشَّرْطَيْنِ لا أصْلَ لَهُمَا في دينِ اللهِ تعالى والرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: "كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ في كِتابِ اللهِ تعالى فَهُوَ باطِلٌ وإِنْ كانَ مِائَةَ شَرْطٍ"، رَواهُ البَزَّارُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا.

    17- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ داخِلاً في البِدَعِ الَّتي نَهَى عَنْها رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: "وكُلُّ بِدْعَةٍ ضلالَةٌ": قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ في أَلْفِيَّتِهِ [وَخَيْرُ مَا فَسَّرْتَهُ بِالْوَارِدِ] مَعْنَاهُ أَحْسَنُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْوَارِدُ الْوَارِدُ، وَقَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّ أَحْسَنَ تَفْسيرٍ مَا وَافَقَ السِّيَاقَ، وَسِيَاقُ الْحَديثِ ابْتَدَأهُ الرَّسُولُ بِقَوْلِهِ "فَإِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ" مَعْنَاهُ أَحْسَنُ الْكَلامِ كَلامُ اللهِ، "وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ" مَعْنَاهُ أَحْسَنُ السِّيَرِ سِيرَةُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ قَالَ "وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا" الْحَدِيثَ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِنَّ شَرَّ الأُمُورِ الْمُحْدَثَاتُ الَّتي خَالَفَتْ أَحْسَنَ الْحَديثِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ وَهِيَ بِدْعَةُ الضَّلالَة، فَلا دَخَلَ لِلْبِدْعَةِ الْحَسَنَةِ في ذَلِكَ الذَّمِّ الْمَذْكُورِ. قالَ النَّوَوَيُّ في شَرحِ صَحيحِ مُسْلِمٍ (الْمُجَلَّدِ السَّادِسِ في صَحيفَةِ مِائَةٍ وأَرْبَعَةٍ وخَمْسينَ) ما نَصُّهُ: [قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ" هَذا عامٌّ مَخْصُوصٌ (أي لَفْظُهُ عامٌّ وَمَعناهُ مَخْصوصٌ)، والْمُرادُ بِهِ غالِبُ البِدَعِ] وقالَ أيْضًا: [ولا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِ الْحَديثِ عامًّا مَخْصُوصًا قَوْلُهُ: "كُلُّ بِدْعَةٍ" مُؤَكِّدًا بِكُلُّ، بَلْ يَدْخُلُهُ التَّخْصيصُ مَعَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَىْء} [سورة الأحقاف، 25] ] ا.هـ. فَهَذِهِ الآيةُ لَفْظُها عامٌّ وَمَعْناهَا مَخْصُوصٌ لأنَّ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتي وَرَدَ أنَّها تُدَمِّرُ كُلَّ شىءٍ سَخَّرَهَا اللهُ على الكافِرينَ مِنْ قَوْمِ عادٍ فأهْلَكَتْهُم وَلَمْ تُدَمِّرْ كُلَّ مَن على وَجْهِ الأَرْضِ لأنَّ اللهَ تعالى أَخْبَرَنا أنَّهُ نَجَّى هُودًا عليه السلام وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤمِنينَ، قَالَ تعالى: {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [سورة هود، 58]. وَمِنَ الأَمْثِلَةِ على العامِّ الْمَخْصوصِ قَوْلُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم :"كُلُّ عَيْنٍ زانيةٌ" وَمْعلومٌ شَرْعًا أنَّ هذا الْحديثَ لا يَشْمَلُ أَعْيُنَ الأنبياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ لأنَّ اللهَ تعالى عَصَمَهُم مِنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعالى: {وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلى الْعَالَمين} [سورة الأنعام، 86]. وَقَدْ وَرَدَ في الْحَديثِ الصَّحيحِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوودَ في سُنَنِهِ في بَابِ ذِكْرِ الصُّورِ وَالْبَعْثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ ابْنِ ءادَمَ تأكُلُ الأَرْضُ إلا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ" وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ كَلِمَةَ كُلّ لا تَأتي دَائِمًا لِلشُّمُولِ الْكُلِّيِّ بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاء". فَيَكُونُ مَعْنَى "كُلُّ ابْنِ ءادَمَ تأكُلُ الأَرْضُ" الأغْلَبَ لأَنَّ الرَّسُولَ اسْتَثْنَى في الْحَديثِ الآخَرِ الأَنْبِيَاءَ.

    19- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ ولَيْسَ دَاخِلاً في قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذينَ قَبْلَكُم": لأنَّ مَعْنى الْحديثِ مِمَّا حَصَلَ مِنْ أُمورٍ دُنْيَوِيَّةٍ، أليْسَ الآنَ النَّاسُ في أثاثِ الْمنازِلِ والأزياءِ وأُمورٍ كثيرَةٍ قِسْمٌ مِنْهُ مُباحٌ لَيْسَ مُحَرَّمًا وقِسْمٌ مُحَرَّمٌ اتَّبَعَت هؤلاءِ، اليَوْمَ الأُمَّةُ اتَّبَعَتْ هَؤلاءِ في أشياءَ مُحَرَّمةٍ وفي أشياءَ غيرِ مُحَرَّمَةٍ إنَّما هِيَ تَوَسُّعٌ في الدُّنيا.

    20- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ دَاخِلاً في الإطْراءِ الَّذي نَهانا عَنهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: "لا تُطْروني كما أطْرَتِ النَّصارى الْمَسيحَ ابنَ مَرْيَمَ": لأنَّ مَعْناهُ لا تَرْفَعُوني فَوْقَ مَنْزِلَتي كَمَا رَفَعَتِ النَّصارى عيسى فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ، جَعَلُوهُ إلـهًا خالِقًا. أمَّا عَمَلُنَا لِلْمَوْلِدِ لَيْسَ رَفْعًا لِلرَّسُولِ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ بَلْ هُوَ شُكْرٌ لله تعالى على وَلادَتِهِ صلى الله عليه وسلم. فَإِذًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "لا تُطْرُوني" لَيْسَ مَعْناهُ لا تَمْدَحُوني على الإطلاقِ، بَلِ الْحَقُّ أنْ يُقالَ ما كانَ غُلُوًّا فَهُوَ مَمنوعٌ وَما لَمْ يَكُن كَذَلِكَ فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ، وإلا كَيْفَ أَذِنَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ العَبَّاسِ رضيَ اللهُ عَنْهُ أنْ يَمْدَحَهُ بَلْ وَدَعى لَهُ، فَقَد ثَبَتَ بِالإسْنادِ الْحَسَنِ فِيما رواهُ ابنُ حَجَرٍ في الأماليِّ أنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهُ عَمُّهُ العباسُ رضيَ اللهُ عنهُ: [يا رَسولَ الله إِنِّي امْتَدَحْتُكَ بِأبْياتٍ]، فقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "قُلْهَا لا يَفْضُضِ اللهُ فاكَ" فَكانَ مِمَّا قَالَهُ العبَّاسُ رَضيَ اللهُ عَنْهُ في مَدْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: [وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أشْرَقَتِ الأَرْضُ وَضاءتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ].

    21- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ اخْتِزَالٌ لِمَحَبَّتِهِ صلى الله عليه وسلم في يَوْمٍ واحِدٍ: ألَيْسَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قال لِليهُودِ: "نَحْنُ أوْلى بِمُوسَى مِنْكُم" وَأَمَرَ بِصَوْمِ عاشُورَاءَ، فَهَلْ يَكُونُ الرَّسولُ بِذَلِكَ اخْتَزَلَ مَحَبَّةَ مُوسَى عليه السلام في يومٍ واحِدٍ فَقَط؟!

    22- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلَيْسَ فيهِ قَدْحٌ لِصَحابَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِزَعْمِ أنَّ فيهِ إِشارَةً إلى أنَّنا نُحِبُّهُ أَكْثَرَ مِنْهُم: فالرَّسولُ صلى الله عليه وسلم ما جَمَعَ القُرءانَ في كتابٍ واحِدٍ بل أبو بَكْرٍ الصِّديقُ هُوَ الَّذي جَمَعَهُ وَسَمَّاهُ الْمُصْحَفَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أحَدٌ مِنَ الصَّحابَةِ بِحُجَّةِ أنَّ فِعْلَهُ هَذَا يُشيرُ إلى أنَّهُ يُحِبُّ القُرءانَ أَكْثَرَ مِنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ثُمَّ أليْسَ الْعُلَمَاءُ قالُوا: [الْمَزِيَّةُ لا تَقْتَضي التَّفْضيلَ]، فإنْ كانَ أبو بكْرٍ الصِّديقُ جَمَعَ القُرءانَ والرَّسولُ لَمْ يَجْمَعْهُ في كِتابٍ واحِدٍ على هَيْئَتِهِ اليوْمَ فهَذا لا يَعني أنَّهُ أفْضَلُ مِنْ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإنْ كانَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ جَمَعَ النَّاسَ في صلاةِ التَّراويحِ على إمامٍ واحِدٍ وأبو بكْرٍ لَمْ يَفْعَلْهُ فهَذا لا يَعني أنَّهُ أفْضَلُ مِنْ أبي بَكْرٍ، وإنْ كانَ عُثْمانُ بنُ عَفَّانَ أمَرَ بالأذانِ الأوَّلِ لِصَلاةِ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ لَمْ يَفْعَلْهُ فَهذا لا يَعني أنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ، كَذَلِكَ عَمَلُ الْمَوْلِدِ إِنْ نَحْنُ عَمِلْناهُ لَكِنَّ الصَّحابَةَ ما عَمِلُوهُ فَمُجَرَّدُ هَذا لا يَعْني أنَّنا أَفْضلُ مِنْهُم ولا أنَّنا نُحِبُّهُ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنْهُم.

    23- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وإِظْهارُنَا لِلفَرَحِ والسُّرورِ في مِثْلِ هَذا اليوم بِوِلادَتِهِ وَبِعْثَتِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ قَدْحًا في مَحَبَّتِنا لَهُ صلى الله عليه وسلم لِمُجَرَّدِ أنَّ يَوْمَ وَفاتِهِ صلى الله عليه وسلم كانَ في نَظيرِ يَوْمِ وِلادَتِهِ صلى الله عليه وسلم كَما زَعَمَ الْمانِعونَ لِلْمَوْلِدِ: فَمَا اسْتَنَدُوا عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُمْ فيهِ مُتَمَسَّكٌ لأنَّ أيامَ الأُسبوعِ على مَرِّ العُصُورِ لا يَخْلُو مِنها يَوْمٌ إِلا وَحَصَلَ فيهِ حادِثٌ أو مُصيبَةٌ ألَمَّتْ بِالْمُسلمينَ وأحْزَنَتْهُم، فَعَلَى قَوْلِكُم الْمُسْلِمونَ لا يَحْتَفِلُونَ بِعُرْسٍ ولا بِعيدٍ لأنَّهُ قَد يَكُونُ في مِثْلِ اليوْمِ الَّذي ماتَ فيهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أو في مِثْلِ اليَومِ الَّذي كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَشُقَّتْ شَفَتُهُ الشَّريفَةُ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَصَلَ في غَزْوَةِ أُحُدٍ. الْحاصِلُ أنَّ ما ادَّعَيْتُمُوهُ لا يَقْبَلُهُ العَقْلُ ولا النَّقْلُ. ثُمَّ ألَيْسَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قال: "خَيرُ يوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فيهِ خُلِقَ ءادَمُ وفيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وفيه أُخْرِجَ مِنْهَا" رَواهُ مُسْلِمٌ في الصَّحيحِ، فَتَفْضيلُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِيوْمِ الْجُمُعَةِ وَتَفْضيلُنا لِهَذا اليوْمِ لَيْسَ فيهِ قَدْحٌ في مَحَبَّتِنا لآدَمَ عليه السلام مَعَ أنَّهُ نَظيرُ اليَومِ الَّذي أُخْرِجَ فيهِ مِنَ الْجَنَّةِ، كَذَلِكَ تَعْظيمُنا لِيومِ عاشُوراءَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أوْلى بِمُوسى مِنْكُم" وأمَرَ بِصَوْمِهِ لَيْسَ فيهِ قَدْحٌ في مَحَبَّتِنا لِسَيِّدِ شبابِ أهلِ الجنَّةِ الْحَسَيْنِ بنِ عليٍّ رَضيَ اللهُ عَنْهُما مَعَ أنَّهُ نَظيرُ اليَومِ الَّذي قُتِلَ فيهِ، كَذَلِكَ إِظْهارُنا لِلْفَرَحِ في مِثْلِ يَوْمِ مَولِدِهِ صلى الله عليه وسلم ما فيهِ قَدْحٌ لِمَحَبَّتِنا لَهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ أنَّ وَفاتَهُ كَانَت في مِثْلِ هَذا اليومِ.

    24- الْمَوْلِدُ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ وَلا نُحَرِّمُهُ بِسَبَبِ ما يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ فيهِ: فَمَعْلومٌ أنَّ الحَجَّ في أيَّامِنا هذِهِ وَمِنْ قَبْلُ يَحْصُلُ فيهِ مُنْكَراتٌ مِنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ حَتَّى إِنَّهُ ومُنْذُ زَمَنٍ قال بَعْضُ العُلماءِ: [ما أكْثَرَ الضَّجيجَ وأقَلَّ الْحَجيجَ]، كُلُّ هَذا لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ الْحَجِّ أوْ مَنْعِ النَّاسِ مِنْهُ، كَذَلِكَ سائِرُ العِبادَاتِ، كَذَلِكَ الْمولِدُ إنْ حَصَلَ فيهِ مُنكراتٌ مِنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ فلا نُحَرِّمُهُ على الإطْلاقِ بَلْ نُحَرِّمُ ما يَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ فيهِ مِمَّا يُخالِفُ دينَ الله. ثُمَّ إِنْ حَصَلَ فَسادٌ في مَسْجِدٍ أيُغْلَقُ الْمَسْجِدُ أمْ يُنْهَى عَنِ الفَسَادِ الّذي فُعِلَ فيهِ؟

    25- الْحاصِلُ أنَّ عَمَلَ الْمَوْلِدِ خَيْرٌ وبَرَكَةٌ، هَذَا لَيْسَ شَيْئًا يَرُدُّ الأُمَّةَ إِلى الورَاءِ، لَيْسَ شَيئًا يُؤخِّرُ، هَذَا يُجَدِّدُ حُبَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الْمُسْلِمِ، يَبُثُّ فيهِ الشُّعُورَ بِالْحُبِّ للنَّبِيِّ والْمَيْلِ إِلَيْهِ.فَمَا لِهَؤُلاءِ الَّذينَ يُحَارِبُونَ الْمَوْلِدَ وَالْمُحْتَفِلينَ بِهِ وَيُبَدِّعُونَهُمْ وَيُفَسِّقُونَهُمْ بَلْ وَيُكَفِّرُونَهُمْ أَحْيَانًا تَرَكُوا إِنْكَارَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتي هِيَ مُنْكَرَاتٌ حَقًّا بِحَسَبِ الشَّرِيعَةِ كَالْكُفْرِ اللَّفْظِيِّ الْمُنْتَشِرِ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَامِّ مِنْ سَبِّ اللهِ وَغَيْرِهِ وَكَتَكْفيرِ الْمُسْلِمينَ بِلا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُمْ تَوَسَّلُوا بِالنَّبِيِّ أَوِ الصَّالِحِينَ أَوْ تَبَرَّكُوا بِالنَّبِيِّ أَوْ ءاثَارِهِ أَوْ قَرَءوا الْفَاتِحَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الْقُرْءَانِ على الْمَيِّتِ، لِمَ لَمْ يُنْكِرُوا هَذَا وَأَنْكَرُوا الاحْتِفَالَ بِمَوْلِدِ الْنَّبِيِّ الَّذي اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ حِينِ ظُهُورِهِ إِلى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى اسْتِحْسَانِهِ إِنْ خَلا عَنِ الْمُنْكَرَاتِ كَتَحْرِيفِ اسْمِ اللهِ أَوِ الْكَذِبِ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليهِ وسلَّم، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بِسَبَبِ ضَغِينَةٍ في قُلُوبِهِم تُجَاهَ أَفْضَلِ الْخَلْقِ أَوْ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُمْ حُبِّبَ إِلَيْهِمُ الشَّذُوذُ وَمُخَالَفَةُ الْمُؤمِنينَ فِيمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِمَّا لا تَهْواهُ نُفُوسُهُم الْمِعْوَجَّةُ، أَوْ يَكُونُ لِكَلا الأَمْرَيْنِ، وَاللهُ حَسِيبُهُمْ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآل
    ُ.
    [/size]

    avatar
    محمود محمدى العجوانى
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 367
    البلد : مصر
    العمل : صاحب شركة سياحة
    الهوايات : الدعوة إلى الله
    تقييم القراء : 3
    النشاط : 6700
    تاريخ التسجيل : 10/04/2010

    حصري رد: تحفة اللبيب فى الرد على من انكر الاحتفال بذكري الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وسلم

    مُساهمة من طرف محمود محمدى العجوانى الخميس 24 يونيو - 22:58

    تعريف البدعة


    البدعة في اللغة : الإنشاء والإبداع والإحداث والاختراع .


    قال ابن منظور : بدَع الشيءَ يَبْدَعُه بَدْعاً
    وابْتَدَعَه أَنشأَه وبدأَه وبدَع الرَّكِيّة اسْتَنْبَطَها وأَحدَثها ورَكِيٌّ
    بَدِيعٌ حَدِيثةُ الحَفْر والبَدِيعُ والبِدْعُ الشيء الذي يكون أَوّلاً [1]وفي التنزيل { قُل ما كنتُ
    بِدْعاً من الرُّسُل } أَي ما كنت أَوّلَ من أُرْسِلَ قد أُرسل قبلي رُسُلٌ كثير
    والبِدْعةُ الحَدَث وما ابْتُدِعَ من الدِّينِ بعد الإِكمال .[2]



    قال الإمام الشاطبي : أصل مادة بدع للاختراع على غير
    مثال سابق ، ومنه قال الله تعالى : { بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ
    وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
    عَلِيمٌ (101) } [الانعام] أي مخترعهما من غير مثال سابق متقدم .



    وقوله تعالى { قُل ما كنتُ بِدْعاً من الرُّسُل } [الاحقاف:9]
    أي ما كنت أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد تقدمني كثير من الرسل.



    قال الامام الطبري: ومعنى المبدع المنشئ والمحدث ما لم
    يسبقه إلى إنشاء مثله وإحدائه ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعاً لإحداثه فيه ما
    لم يسبقه إليه غيره ، وكذلك كل محدث فعلاً أو قولاً لم يتقدمه فيه متقدم فإن العرب
    تسميه مبتدعاً.



    أما عن تعرفها في الشرع :


    فقال الشاطبي : فالبدعة إذن عبارة عن طَرِيقَةٌ فِي
    الدِّينِ مُخْتَرَعَةٌ ، تُضَاهِي الشَّرْعِيَّةَ ، يُقْصَدُ بِالسُّلُوكِ
    عَلَيْهَا الْمُبَالَغَةُ فِي التَّعَبُّدِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ



    قال الشيخ ابن عثيمين : البدعة شرعاً ضابطها التعبد لله
    بما لم يُشرعه الله وإن شئت فقل التعبد لله بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم
    ولاخلفاؤه الراشدون.



    ... وبعد كلام هؤلاء العلماء الأعلام يتبين لك أيها
    العاقل اللبيب أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر به أو أقره فهو السنة
    وما خالف ذلك فهو البدعة ، وما لم يكون يومئذ ديناً فلن يكون اليوم ديناً.[3]



    أسباب خطورة البدعة


    1- فالبدعة أخطر من المعصية كبيرة كانت أو صغيرة والبدعة
    أحب إلى الشيطان من الكبيرة .



    والبدعُ
    خطرُها كبير، وخطْبُها جسيم، والمصيبة بها عظيمة، وهي أشدُّ خطراً من الذنوب
    والمعاصي؛ لأنَّ صاحبَ المعصية يعلم أنَّه وقع في أمر حرام، فيتركه ويتوب منه،
    وأمَّا صاحب البدعة، فإنَّه يرى أنَّه على حقٍّ فيستمرّ على بدعته حتى يموت عليها،
    وصاحب المعصية يعلم أنه يعصى الله فيرجع عن
    معصيته أما صاحب البدعة فيرى أنه يطيع الله فيستمر على ذلك حتى الموت .



    وصاحب المعصية إذا نصحته ووعظته قبل نصحك ووعظك له أما
    صاحب البدعة فلا يقبل بل يجادل .



    وصاحب المعصية إذا نصحته ووعظته فهو يستحى ويخجل من
    معصيته وقد يبكى . أما صاحب البدعة فهو لا يستحى بل تراه متبجحا جريئا فى بدعته .



    وصاحب المعصية يستتر وهو يباشر المعصية أما صاحب البدعة
    فهو مجاهر ببدعته ولذا لا يوفق للتوبة .



    ** فعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ
    أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ
    الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ
    وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ
    كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ
    اللَّهِ عَنْهُ .[4]



    وصاحب المعصية يعلم أنه مخالف لأمر الله وسنة نبيه صلى
    الله عليه وسلم أما صاحب البدعة فيرى أنه مقيم لأمر الله وسنة نبيه صلى الله عليه
    وسلم .



    وصاحب المعصية يعلم أنه يضيع الدين ويهدمه وصاحب البدعة
    يرى أنه يقيم الدين ويحفظه وهو فى الحقيقة يهدمه .



    وصاحب المعصية يعلم أنه
    يفعل ما يُغضب الله ورسوله أما صاحب البدعة فيرى أنه يفعل يرضى الله ورسوله
    صلى الله عليه وسلم



    وصاحب المعصية وإن عصى فإنه محب لله ورسوله ولكن غلبته
    نفسه فعصى الله أما صاحب البدعة فهو يبغض الله ورسوله فهو متبع لهواه .



    ** فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ
    النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا
    رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ قَالَ : وَلَمْ
    يَسْأَلْهُ عَنْهُ قَالَ : وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى
    اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
    إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ قَالَ : أَلَيْسَ قَدْ
    صَلَّيْتَ مَعَنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ
    ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ : حَدَّكَ .[5]



    ** وعَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ
    يُقَالُ لَهُ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أَصَبْتُ فَاحِشَةً فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَرَدَّهُ
    النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا قَالَ : ثُمَّ سَأَلَ
    قَوْمَهُ فَقَالُوا مَا نَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا إِلَّا أَنَّهُ أَصَابَ شَيْئًا
    يَرَى أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ قَالَ :
    فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنَا أَنْ
    نَرْجُمَهُ قَالَ فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَالَ فَمَا
    أَوْثَقْنَاهُ وَلَا حَفَرْنَا لَهُ قَالَ فَرَمَيْنَاهُ بِالْعَظْمِ وَالْمَدَرِ
    وَالْخَزَفِ قَالَ فَاشْتَدَّ وَاشْتَدَدْنَا خَلْفَهُ حَتَّى أَتَى عُرْضَ
    الْحَرَّةِ فَانْتَصَبَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الْحَرَّةِ يَعْنِي
    الْحِجَارَةَ حَتَّى سَكَتَ قَالَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا مِنْ الْعَشِيِّ فَقَالَ أَوَ كُلَّمَا انْطَلَقْنَا
    غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي عِيَالِنَا لَهُ نَبِيبٌ
    كَنَبِيبِ التَّيْسِ عَلَيَّ أَنْ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا
    نَكَّلْتُ بِهِ قَالَ فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلَا سَبَّهُ .[6]



    ** وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ
    نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَى
    فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا
    نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَّهَا فَقَالَ : أَحْسِنْ
    إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِيُّ
    اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ
    أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : تُصَلِّي
    عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ ؟ فَقَالَ : لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً
    لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ
    وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى ؟ .[7]



    ** وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ
    رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ
    عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ
    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ
    فَجُلِدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا
    يُؤْتَى بِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا
    تَلْعَنُوهُ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .[8]



    2- المبتدع قد جعل من نفسه مشرعا والتشريع لا يكون إلا
    لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والمبتدع جعل نفسه لله ندا بما ابتدعه من العبادات
    فالعبادات توقيفية فلا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان



    إنَّ التشريع حق لرب العالمين ، وليس من حق البشر { فحق
    الله يجب ألا ينازعه فيه أحد }، ( لأن الله الذي وضع الشرائع ، ألزم الخلق الجري
    على سنتها، وصار هو المنفرد بذلك ؛ لأنه حكم بين العباد فيما كانوا فيه يختلفون .
    ولو كان التشريع من مدركات الخلق لم تتنزل الشرائع ، ولم
    تبعث الرسل ، وهذا الذي ابتدع في دين الله قد صير نفسه ندا لله
    { فالله يشرع والمبتدع يشرع }، حيث شرع مع الله وأوجب على العباد ما لم يوجبه الله
    عليهم ، وفتح للاختلاف { والضلالة } باباً ورد قصد الله في الانفراد بالتشريع ) قال
    الله عز وجل: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا
    تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ } [الأعراف:3].



    وقال تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ
    مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } [الشورى:21].



    وقال عز وجل: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً
    فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
    ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [لأنعام:153]



    قال الإمام مجاهد- رحمه الله - وهو من كبار التابعين في
    تفسير قول الله تعالى: { وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ } :"البدع
    والشبهات".



    ** بوب الإمام البخارى فى صحيحه بَاب إِذَا اجْتَهَدَ
    الْعَامِلُ أَوْ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ
    فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ .[9]



    وبوب الإمام مسلم فى صحيحه بَاب نَقْضِ الْأَحْكَامِ
    الْبَاطِلَةِ وَرَدِّ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ



    ** فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا
    لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ . [10]



    ( والرسول صلى الله عليه وسلم وهو من هو معرفة وحكمة
    وعلما لم يكن يحكم باستحسانه ويشرع بنفسه؛ قال تعالى: { إِنَّا أَنْزَلْنَا
    إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّه
    } النساء:105



    وقال الله عز وجل: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ
    لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [لنحل:44]وقال:{ وَمَا يَنْطِقُ
    عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [لنجم:3- 4]



    وقال تعالى :{ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ
    الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ
    الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }



    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع
    الفتاوى "



    "باب العبادات والديانات والتقربات متلقاة عن الله
    ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فليس لأحد أن يجعل شيئاً عبادة أو قربة؛ إلا بدليل
    شرعي".



    والأصل فى العبادات المنع والحظر إلا مارخص الشارع
    والأصل فى الدنيا الإباحة إلا ما حرم الشارع .



    يقول العلامة الألبانى رحمه الله


    ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ، فليس هناك بدعة لا يستحق صاحبها النار ، ولو صح ذلك التقسيم لكان الجواب
    ليس كل بدعة يستحق صاحبها دخول النار . لم ؟ لأن ذاك التقسيم يجعل بدعة محرمة فهي
    التي تؤهل صاحبها النار ، وبدعة مكروهة تنزيها لا تؤهل صاحبها للنار وإنما الأولى
    تركها والإعراض عنها ، والسر في أن كل بدعة كما قال عليه الصلاة والسلام بحق ضلالة
    هو أنه من باب التشريع في الشرع والذي له حق التشريع هو رب العالمين تبارك وتعالى
    ، فإذا انتبهتم لهذه النقطة عرفتم حينئذ لماذا أطلق عليه الصلاة والسلام علىكل
    بدعة أنها في النار أي صاحبها ، ذلك لأن المبتدع حينما يشرع شيئا من نفسه فكأنه
    جعل نفسه شريكا مع ربه تبارك وتعالى ، والله عز وجل يأمرنا أن نوحده في عبادته وفي
    تشريعه فيقول مثلاً في كتابه : (( فَلاَ تَجْعَلُواْ
    لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )
    أندادا في كل شئ من ذلك في
    التشريع ، ومن هنا يظهر معشر الشباب المسلم الواعي المثقف الذي انفتح له الطريق
    إلى التعرف على الإسلام الصحيح من المفتاح لا إله إلا الله ، وهذا التوحيد الذي
    يستلزم كما بين ذلك بعض العلماء قديما وشرحوا ذلك شرحا بينا ثم تبعهم بعض الكتاب
    المعاصرين أن هذا التوحيد يستلزم إفراد الله عز وجل بالتشريع يستلزم ألا يشرع أحد مع الله عز وجل أمرا ما ؛ سواء
    كان صغيرا أم كبيرا جليلا أم حقيراً ؛ لأن القضية ليست بالنظر إلى الحكم هو صغير
    أم كبير وإنما إلى الدافع إلى هذا التشريع ، فإن كان هذا التشريع صدر من الله
    تقربنا به إلى الله وإن كان صدر من غير الله عز وجل نبذناه وشرعته نبذ النواة ،
    ولم يجز للمسلم أن يتقرب إلى الله عز وجل بشيء من ذلك ، وأولى وأولى ألا يجوز للذي
    شرع ذلك أن يشرعه وأن يستمر على ذلك وأن يستحسنه، هذا النوع من إفراد الله عز وجل
    بالتشريع هو الذي اصطلح عليه اليوم بعض الكتاب الإسلاميين بتسمية بأن الحاكمية لله
    عز وجل وحده ، لكن مع الأسف الشديد أخذ شبابنا هذه الكلمة كلمة ليست مبينة مفصلة
    لا تشتمل كل شرعة أو كل أمر أدخل في الإسلام وليس من الإسلام في شئ ، أن هذا الذي
    أدخل قد شارك الله عز وجل في هذه الخصوصية ولم يوحد الله عز وجل في تشريعه ، ذلك
    لأن السبب فيما أعتقد في عدم وضوح هذا المعنى الواسع لجملة أن الحاكمية لله عز وجل
    هو أن الذين كتبوا حول هذا الموضوع أقولها مع الأسف الشديد ما كتبوا ذلك إلا وهم
    قد نبهوا بالضغوط الكافرة التي ترد بهذه التشريعات وهذه القوانين من بلاد الكفر
    وبلاد الضلال ولذلك فهم حينما دعوا المسلمين وحاضروا وكتبوا دائما وأبدا حول هذه
    الكلمة الحقة وهي أن الحاكمية لله عزوجل وحده ، كان كلامهم دائما ينصب ويدور حول
    رفض هذه القوانين الأجنبية التي ترد إلينا من بلاد الكفر كما قلنا ، لأن ذلك إدخال
    في الشرع ما لم يشرعه الله عز وجل هذا كلام حق لاشك ولا ريب ، ولكن قصدي أن ألفت
    نظركم أن هذه القاعدة الهامة وهي أن الحاكمية لله عز وجل لا تنحصر فقط برفض هذه
    القوانين التي ترد إلينا من بلاد الكفر ، بل تشمل هذه
    الجملة هذه الكلمة الحق كل شئ دخل في الإسلام سواء كان وافدا إلينا أو نابعا منا
    مادام أنه ليس من الإسلام في شئ
    ، هذه النقطة بالذات هي التي يجب أن نتنبه
    لها وأن لا نتحمس فقط لجانب هو هذه القوانين الأجنبية فقط وكفرها واضح جدا نتنبه
    لهذا فقط بينما دخل الكفر في المسلمين منذ قرون طويلة وعديدة جدا والناس في غفلة
    من هذه الحقيقة ،فضلاً عن هذه المسائل التي يعتبرونها طفيفة ، لذلك فهذا الاحتفال(
    بالمولد النبوى ) يكفي أن تعرفوا أنه محدث ليس من الإسلام في شئ، ولكن يجب أن
    تتذكروا مع ذلك أن الإصرار على استحسان هذه البدعة مع إجمال جميل كما ذكرت آنفا
    أنها محدثة فالإصرار على ذلك أخشى ما أخشاه أن يدخل المصر على ذلك في جملة (اتخذوا
    أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) ، وأنتم تعلمون أن هذه الآية لما نزلت
    وتلاها النبي صلى الله عليه وسلم كان في المجلس عدي بن حاتم الطائي وكان من العرب
    القليلين الذين قرأوا وكتبوا وبالتالي تنصروا فكان نصرانيا ، فلما نزلت هذه الآية
    لم يتبين له المقصد منها فقال يا رسول الله كيف يعني ربنا يقول عنا نحن النصارى
    سابقا : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) ما اتخذناهم ( أى )أحبارنا
    ( ورهباننا ) أربابا من دون الله عز وجل ، كأنه فهم أنهم اعتقدوا بأحبارهم
    ورهبانهم أنهم يخلقون مع الله يرزقون مع الله وإلى غير ذلك من الصفات التي تفرد
    الله بها عز وجل دون سائر الخلق ، فبين له الرسول عليه السلام بأن هذا المعنى الذي
    خطر في بالك ليس هو المقصود بهذه الآية وإن كان هو معنى حق ، يعني لا يجوز للمسلم
    أن يعتقد أن إنسانا ما يخلق ويرزق لكن المعنى هنا أدق من ذلك ، فقال له : ( ألستم
    كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه ؟وإذا حللوا لكم حراما حللتموه ؟ قال :أما هذا فقد
    كان . فقال عليه السلام :فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله ) ،لذلك فالأمر خطير جدا استحسان بدعة المستحسن وهو يعلم أنه لم
    يكن من عمل السلف الصالح ولو كان خيرا لسبقونا إليه ، قد حشر نفسه في زمرة الأحبار
    والرهبان الذين اتخذوا أربابا من دون الله عز وجل ، والذين أيضا يقلدونهم فهم
    الذين نزل في صددهم هذه الآية أوفي أمثالهم : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من
    دون الله ) ،
    غرضي من هذا أنه لا يجوز للمسلم كما نسمع دائما وكما سمعنا
    قريبا معليش الخلاف شكلي، الخلاف جذري وعميق جدا لأننا
    نحن ننظر إلى أن هذه البدعة وغيرها داخلة أولاً في عموم الحديث السابق ( كل بدعة
    ضلالة وكل ضلالة في النار ) ، وثانيا ننظر إلى أن موضوع البدعة مربوط بالتشريع
    الذي لم يأذن به الله عز وجل كما قال تعالى ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما
    لم يأذن به الله )



    3- المبتدع متهم لشرع الله بالنقصان وللنبى صلى الله عليه
    وسلم بالخيانة



    فقد قال الله عز وجل :
    { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
    نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ
    غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (3) }



    فمن زاد على شرع الله فهو مستدرك على الله جل جلاله فهذه
    الزيادة التى زادها دليل على نقصان الشرع أو
    دليل على أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يبلغ عن ربه كل ما أوحى إليه . وكفى بمن يظن
    ذلك كفرا .



    وقد أشار إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: { إِنَّهُ لَمْ
    يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ
    عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ }
    [11]



    وقوله صلى الله
    عليه وسلم [
    أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ
    مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ النَّارِ ، إِلا قَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ،
    وَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُقَرِّبُكُمْ مِنَ النَّارِ ، وَيُبَاعِدُكُمْ مِنَ
    الْجَنَّةِ ، إِلا قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ] .[12]



    وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ
    أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ
    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ
    وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ
    لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ
    عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا
    هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا
    عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ
    عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا
    حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ [13]حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ .[14]



    وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِنْ الْوَحْيِ فَلَا تُصَدِّقْهُ إِنَّ اللَّهَ
    تَعَالَى يَقُولُ{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
    رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ }[15]



    وعَنْ سَلْمَانَ لما قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ
    وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ
    حَتَّى الْخِرَاءَةِ قَالَ أَجَلْ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ
    وَلَا نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا وَلَا نَكْتَفِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ
    لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ وَلَا عَظْمٌ .

    [16]



    قَال ابْنُ الْمَاجِشُونِ : " سمعت مالكاً يقول : (مَن
    ابْتَدَعَ في الإِسلام بدعة يَراها حَسَنة ؛ فَقَدْ زَعَمَ أَن مُحمّدا - صلى الله
    عليه وعلى آله وسلم- خانَ الرّسالةَ ؛ لأَن اللهَ يقولُ : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
    لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لَم يَكُنْ يَوْمَئذ دينا فَلا يكُونُ اليَوْمَ دينا) [17]



    4- البدع تبطل الأعمال


    قال
    صلى
    الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه:
    (( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردٌّ ))،
    وفي لفظ لمسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ))،



    5- البدع تميت
    السنن



    قال
    رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما ابتدعت [18]
    بدعة إلا رفع مثلها من السنة »[19]



    وروى
    الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أمة ابتدعت بعد نبيها في دينها
    إلا أضاعت مثلها من السنة
    [20]



    وعن ابن عباس ، قال : « لا يأتي على
    الناس زمان إلا أحدثوا [21]
    فيه بدعة ، وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع ، وتموت السنن »



    عن
    عبد الله
    بن مسعود ، قال : «
    يجيء قوم يتركون من السنة مثل هذا يعني مفصل الأنملة ، فإن تركتموهم جاءوا بالطامة
    الكبرى ، وإنه لم يكن أهل كتاب قط ، إلا كان أول ما يتركون السنة ، وآخر ما يتركون
    الصلاة ، ولولا أنهم أهل كتاب لتركوا الصلاة »



    وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّكُمْ
    لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ
    كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    مِنْ الْمُوبِقَاتِ . قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ
    .[22]



    6- البدع فى الدين كلها ضلال


    والبدع
    كلُّها ضلالٌ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم
    وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ



    ** فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كَانَ
    رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ
    عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ
    يَقُولُ صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ وَيَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ
    كَهَاتَيْنِ وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَيَقُولُ
    أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى
    مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا
    [23] وَكُلُّ بِدْعَةٍ [24] ضَلَالَةٌ[25] ثُمَّ يَقُولُ أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ
    نَفْسِهِ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا
    فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ .[26]



    **وعن عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ سَمِعْتُ مُرَّةَ
    الْهَمْدَانِيَّ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ
    اللَّهِ وَأَحْسَنَ



    الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَ{ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ
    وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ }[27]



    وقول ابن عمر رضى الله عنهما ، قال : «
    كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة »



    وهذا
    العموم في قوله صلى الله عليه وسلم : (( وكلُّ بدعة ضلالة)) يدلُّ على بطلان قول
    مَن قال: إنَّ في الإسلام بدعة حسنة، وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما في الأثر
    الذي تقدَّم ذكره قريباً: (( كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ))



    (
    قلت محمود : فأنت ليس من حقك أن ترى إلا ما أراك المشرع فالناس فى ضلال والهدى من
    الله
    كما بينه رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    فالذى تراه أنت أنه سنة
    حسنة قد يراه غيرك سنة سيئة والذى يراه غيرك سنة حسنة قد تراه أنت سنة سيئة فكل
    يرى حسب عقله وهواه لذلك فإنه ليس من حق أحد أن يسن سنة يراها أنها حسنة فالحسن
    كله فى شرع الله وفى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأما من يقول أن رسول الله صلى
    الله علبيه وسلم قال من سن فى الإسلام سنة حسنة ......... فهذه قولة حق يراد به
    باطل . فالسنة الحسنة ما كان لها أصل فى
    الدين وأما ما ليس له أصل فى الدين فليس بسنة حسنة
    )



    ولا يُقال:
    إنَّ في الإسلام بدعة حسنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (( من سنَّ في الإسلام
    سنَّة حسنة فله أجرها وأجر مَن عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن
    سنَّ في الإسلام سنَّة سيِّئة كان عليه وزرُها ووِزرُ من عمل بها من بعده، من غير
    أن ينقص من أوزارهم شيء)) رواه مسلم ؛ لأنَّ المرادَ به السَّبق إلى فعل الخير
    والاقتداء بذلك السابق كما هو واضح من سبب الحديث المذكور في صحيح مسلم قبل إيراد
    هذا الحديث، وحاصله أنَّ جماعة من مُضَر قدِموا المدينة، يظهر عليهم الفقر
    والفاقة، فحثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فجاء رجلٌ من الأنصار
    بصُرَّة كادت يده تعجز عن حملها، فتتابع الناس بعده على الصدقة، فعند ذلك قال
    النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( من سنَّ في الإسلام سنَّة حسنة )) الحديث،
    ويدخل في معناه أيضاً من أحيا سنَّةً ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في
    بلد لم تكن ظاهرة فيه، وأمَّا أن يكون معناه الإحداث في الدِّين فلا؛ لقوله صلى
    الله عليه وسلم : (( مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ ))، وقد تقدَّم،
    فإنَّ الشريعة كاملةٌ لا تحتاج إلى محدثات، وفي إحداث البدع اتِّهام لها بالنقصان
    وعدم الكمال، وقد مرَّ قريباً قول ابن عمر رضي الله عنهما : (( كلُّ بدعة ضلالة
    وإن رآها الناس حسنة ))، وقول مالك: (( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد
    زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ((الْيَوْمَ
    أَكْمَلْتُ
    لَكُمْ دِينَكُمْ))،
    فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً )).



    وأمَّا
    جمعُ عمر رضي الله عنه الناسَ في صلاة التراويح على إمام يصلِّي بهم، فهو من قبيل
    إظهار السنَّة وإحيائها؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله



    عليه وسلم
    صلَّى بالناس بعضَ الليالي في قيام رمضان، وترك الاستمرار فيه خشية أن يُفرض على
    الأمَّة، روى ذلك البخاري
    .



    ولَمَّا
    توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وزال مقتضي الفرض بانقطاع الوحي بقي الاستحباب،
    فجَمَعَ عمرُ رضي الله عنه الناسَ على صلاة التراويح، وقول عمر رضي الله عنه في
    صلاة التراويح كما في البخاري
    : (( نِعْمَ
    البدعة هذه ))، المراد به البدعة في اللغة لا في الشرع.



    7- المبتدع لا يوفق للتوبة


    وعن أنس رضي
    الله عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ الله حجب التوبةَ عن
    كلِّ صاحب بدعة حتى يدَع بدعتَه ))
    [28]


    8- هل تعلم لماذا غضب الله على اليهود ولماذا ضل النصارى .




    لأن الله عز وجل غضب على اليهود لأنهم علموا ولمو يعملوا بما علموا وإنما ضل
    النصارى لأنهم عملوا بغير علم



    9- المبتدع متبع لهواه


    فالمبتدع
    في الحقيقة متَّبع للهوى وناكبٌ عن الصراط المستقيم،
    وقد قال الله عزَّ وجلَّ: (( أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً
    فَإِنَّ اللَّهَ
    يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن
    يَشَاءُ))، وقال: ((أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ
    لَهُ سُوءُ
    عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ))،
    وقال: ((وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ
    ))، وقال: ((وَمَنْ أَضَلُّ
    مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ))





    والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع ، وأن لا يقدم على عمل
    حتى يعلم حكم الله فيه.




    هذا وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيت العنكبوت ،ويمكن حصر
    هذه الشبه فيما يلي :




    1- يقول
    المبتدع أنا حسن النية فنقول له لا بدَّ مع حسن النية من موافقة السنَّة





    وقد يقول
    من يهوِّن مِن شأن البدع: إنَّ الذي يأتي بالبدعة متقرِّباً بها إلى الله قصدُه
    حسن، فيكون فعلُه محموداً بهذا الاعتبار، والجواب: أنَّه لا بدَّ مع حسن القصد أن
    يكون العملُ موافقاً للسنَّة، وهو أحد الشرطين
    اللازمين لقبول العمل الصالح، وهما الإخلاصُ لله، والمتابعة لرسوله
    صلى الله عليه وسلم ، ومِمَّا يدلُّ على أنَّه لا بدَّ مع حسن القصد من موافقة
    السنَّة قصة الصحابي الذي ذبح أُضحيته قبل صلاة العيد، وقال له النَّبيُّ صلى الله
    عليه وسلم: (( شاتُك شاةُ لحم )) رواه البخاري
    ومسلم قال الحافظ في شرح الحديث في الفتح: (( قال الشيخ أبو محمد بن أبي
    جمرة: وفيه أنَّ العملَ وإن وافق نية حسنة لَم يصح إلاَّ إذا وقع على وفق الشرع
    )).



    ويدلُّ لذلك
    أيضاً ما في سنن الدارمي بإسناد صحيح أنَّ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
    فعن عَمْرُو
    بْنُ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا نَجْلِسُ
    عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَإِذَا
    خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى
    الْأَشْعَرِيُّ فَقَالَ أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ
    قُلْنَا لَا فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ
    جَمِيعًا فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي رَأَيْتُ
    فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
    إِلَّا خَيْرًا قَالَ فَمَا هُوَ فَقَالَ إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ قَالَ رَأَيْتُ
    فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ
    حَلْقَةٍ رَجُلٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى فَيَقُولُ كَبِّرُوا مِائَةً
    فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً فَيَقُولُ هَلِّلُوا مِائَةً فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً
    وَيَقُولُ سَبِّحُوا مِائَةً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً قَالَ فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ
    قَالَ مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ قَالَ
    أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا
    يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً
    مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ
    تَصْنَعُونَ قَالُوا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَصًى نَعُدُّ بِهِ
    التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ قَالَ فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ
    فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ وَيْحَكُمْ يَا
    أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ
    صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    وَسَلَّمَ
    مُتَوَافِرُونَ وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ
    وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ
    مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ قَالُوا وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ
    الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ قَالَ وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ
    لَنْ يُصِيبَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثنا
    أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ وَايْمُ
    اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ
    فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ
    يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ .
    وانظر:
    السلسلة الصحيحة للألباني (2005).[29]



    يمرقون من
    الدين قال بن بطال المروق عند أهل اللغة الخروج وقال بن رشيق هو الخروج السريع
    .



    فالنية السليمة لا تصلح العمل الفاسد والعمل الصالح لا
    ينفع مع النية الفاسدة .



    ويقال أيضاً: لماذا تأخر القيام بهذا الشكر على زعمكم إلى
    آخر القرن السادس، فلم يقم به أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين،
    وهم أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر؛ فهل
    كان من أحدث بدعة المولد أهدى منهم وأعظم شكراً لله عز وجل ؟ حاشا وكلاَّ.



    2- هناك من يقول أن الإحتفال بمولد النبى صلى الله عليه
    وسلم دليل على محبته



    يقول ابن العثيمين رحمه الله . نعم فإنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول صلى
    الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه ، وبما هو لائق في حقه صلى الله
    عليه وسلم ولاريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته
    لأنه لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر ،
    لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة ،كما قال تعالى : ( قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك
    السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورَسُولِه ِالنبي الأمي
    الذين يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون )
    ( الأعراف : 158 ) ،وإذا
    كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز
    ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى ولم يدع لأمته
    خيرا ًإلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً إلابينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا
    ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أوبمبعثه ،
    والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى
    الله ، فلايجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به
    يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلىالله عليه وسلم : "
    كل بدعةضلالة "
    قال هذه الكلمة العامة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم
    الناس بما يقول ،وأفصح الناس بما ينطق ، وأنصح الناس فيما يرشد إليه ، وهذا الأمر
    لا شك فيه ، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة ، ومعلوم
    أن الضلالة خلاف الهدى ، ولهذا روى النسائي آخر الحديث : " وكل ضلالة في
    النار " ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى
    الله ورسوله لكانت مشروعة ، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة ، لأن الله تعالى تكفل
    بحفظ شريعته ، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم
    بإحسان وتابعوهم ، فلما لم يفعلوا شيئاً من ذلك علم أنه ليس من دين الله ، والذي
    أنصح به إخواننا المسلمين عامة أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم
    مشروعيتها لا في كتاب الله ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولافي عمل
    الصحابة رضي الله عنهم ، وأن يعتنوا بما هو



    بيّن ظاهر من الشريعة ،من الفرائض والسنن المعلومة ، وفيها كفاية وصلاح للفرد
    وصلاح للمجتمع .



    3- دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم .


    والجواب عن ذلك أن نقول:إنما تعظيمه صلى الله عليه وسلم بطاعته وامتثال أمره
    واجتناب نهيه ومحبته صلى الله عليه وسلم ، وليس تعظيمه بالبدع والخرافات والمعاصي،
    وأكل اللحوم والحلوى والاحتفال بذكرى المولد من هذا القبيل المذموم؛ لأنه معصية.
    وأشد الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم هم الصحابة رضي الله عنهم ، كما قال
    عروة بن مسعود لقريش: (يا قوم! والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والملوك، فما رأيت
    ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً صلى الله عليه وسلم ، والله ما
    يمدون النظر إليه تعظيماً له)، ومع هذا التعظيم ما جعلوا يوم مولده عيداً
    واحتفالاً، ولو كان ذلك مشروعاً ما تركوه.فهم أحرص على
    الخير منا .



    4- الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان.


    والجواب عن ذلك أن نقول: الحجة بما ثبت عن الرسول صلى الله
    عليه وسلم وليست الحجة بما عليه الناس والثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم النهي
    عن البدع عموماً، وهذا منها. وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة، وإن كثروا فقد
    قال الله تعالى ( وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ
    اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 25 نوفمبر - 9:46