سلسلة بنى الإسلام (2) أقسام التوحيد
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله،
نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وسلم .
{ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[ آل عمران : 102]{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ
مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً
وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ
كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [ النساء : 1]{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [ الأحزاب : 70-71 ]
أما بعد، فان أصدق
الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ،
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أقسام التوحيد
وأقسام التوحيد ثلاثة أقسام كما قسمها العلماء وهي توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيدالأسماء والصفات
وعلموا
ذلك بالتتبع والاستقراء و النظر في الآيات والأحاديث فوجدوا أن التوحيد لا
يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة أنواع وهى :
1- توحيدالربوبية : وهو الإعتقاد الجازم بان الله وحده رب كل شيء ومليكه وأنه الخالق للعالم {بل ولجميع العوالم }،
المحيي المميت الرزاق ذو القوة المتين لم يكن له شريك في الملك ولم يكن له
ولي من الذل لا راد لامره ولا معقب لحكمه ولا مضاد له ، ولا مماثل ولا سمي
ولا منازع له فيشيء من معاني ربوبيته . أو نقول: إفراد الله بأفعاله، مثل اعتقاد أنه الخالق والرازق .
وهذا قد أقر به المشركون السالفون ،وجميع أهل الملل من اليهود والنصارى والصابئين والمجوس .
ولم ينكر هذا التوحيد إلا الدهرية [1]فيما سلف. والشيوعية فى زماننا.
والأدلة على ربوبية الله كثيرة في كتاب الله من ذلك قولالله جل وعلا : ( ذلكم الله ربكم له الملك ) فاطر : 13) وقول الله جل وعلا : ( الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون ) الروم : 40) وقول الله جل وعلا : ( ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) الذاريات : 58
فقد قال تعالى فى فاتحة الكتاب والتى نكررها فى كل يوم فى الصلوات المفروضة سبعة عشرة مرة : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الثناءعلى الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال وبنعمه الظاهرة والباطنة،
الدينية والدنيوية، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه, فهو المستحق له
وحده, وهو سبحانه المنشئ للخلق, القائم بأمورهم, المربي لجميع خلقه بنعمه,
ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح .
قال تعالى :{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) }
نداء من الله للبشر
جميعًا: أن اعبدوا الله الذي ربَّاكم بنعمه, وخافوه ولا تخالفوا دينه فقد
أوجدكم من العدم, وأوجد الذين من قبلكم لتكونوا من المتقين الذين رضي الله
عنهم ورضوا عنه.
وقال تعالى : {الَّذِي
جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنْ
السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا
تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)}
ربكم الذي جعل لكم
الأرض بساطًا; لتسهل حياتكم عليها, والسماء محكمة البناء, وأنزل المطر من
السحاب فأخرج لكم به من ألوان الثمرات وأنواع النبات رزقًا لكم, فلا
تجعلوا لله نظراء في العبادة, وأنتم تعلمون تفرُّده بالخلق والرزق,
واستحقاقِه العبودية.
وتوحيد الربوبية : هو " إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير " وتفصيل ذلك :
أولاً:بالنسبة لإفراد الله تعالى بالخلق فالله تعالى وحده هو الخالق لا خالق سواه .
{وهو الذى خلق الأشياء وأبدعها على غير مثال سابق }
قال الله تعالى :{هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو }.
وقال تعالى مبيناً بطلان آلهة الكفار : { أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون }.
فالله تعالى وحده هو الخالق خلق كل شيء فقدره تقديراً ، وخَلْقُهُ يشمل ما
يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام
الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالقٌ لأفعال العباد كما قال الله
تعالى : { والله خلقكم وما تعملون } .
ووجه
ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته،
ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة
كلتاهما مخلوقتان لله عز وجل وخالق السبب التام خالق للمسبب .
فإن قيل : كيف نجمع بين إفراد الله عز وجل بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى : { فتبارك الله أحسن الخالقين } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين : "يقال : لهم : أحيوا ما خلقتم " ؟
فالجواب على ذلك :
أن غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء
ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة
أخرى وهو مخلوق لله - عز وجل - فالمصور مثلاً، إذا صور صورة فإنه لم يحدث
شيئاً غاية ما هنالك أنه حول شيئاً إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير
أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد
من خلق الله عز وجل، والورقة البيضاء من خلق الله عز وجل، هذا هو الفرق
بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله، عز وجل وإثبات الخلق بالنسبة إلى
المخلوق.
وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به.
ثانياً : إفراد الله تعالى بالملك فالله تعالى وحده هو المالك
{فكما أنه هو الذى خلق وحده فهو المالك وحده فهو لاشريك له فى الخلق ولا شريك له فى الملك } كما قال الله تعالى : { تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير } .
وقال تعالى : { قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه } .
فالمالك الملك المطلق العام الشامل هو الله سبحانه وتعالى وحده، ونسبة
الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله عز وجل لغيره الملك كما في قوله
تعالى : { أو ما ملكتم مفاتحه } وقوله { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم }
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن لغير الله تعالى ملكاً لكن هذا الملك
ليس كملك الله عز وجل فهو ملك قاصر، وملك مقيد، ملك قاصر لا يشمل ما ملكه الغير،
فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد، ثم هذا
الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما ملك إلا على الوجه الذي أذن الله
فيه ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وقال الله تبارك
وتعالى : { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً }
. وهذا دليل على أن ملك الإنسان ملك قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله
سبحانه وتعالى فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله سبحانه وتعالى ما
يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
ثالثاً
: التدبير فالله عز وجل منفرد بالتدبير فهو الذي يدبر الخلق ويدبر
السماوات والأرض كما قال الله سبحانه وتعالى : { ألا له الخلق والأمر
تبارك الله رب العالمين } .
وهذا
التدبير شامل لا يحول دونه شيء ولا يعارضه شيء . والتدبير الذي يكون لبعض
المخلوقات كتدبير الإنسان أمواله وغلمانه وخدمه وما أشبه ذلك هو تدبير ضيق
محدود، ومقيد غير مطلق فظهر بذلك صدق صحة قولنا : إن توحيد الربوبية هو "
إفراد الله بالخلق والملك، والتدبير " .
وقال تعالى : { اللَّهُ
وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ
النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ (257) }
الله يتولى المؤمنين بنصره وتوفيقه وحفظه, يخرجهم من ظلمات الكفر, إلى نور الإيمان.
والذين كفروا أنصارهم وأولياؤهم الأنداد والأوثان الذين يعبدونهم من دون
الله, يُخرجونهم من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر, أولئك أصحاب النار
الملازمون لها, هم فيها باقون بقاء أبديًا لا يخرجون منها.
الدليل على توحيد الربوبية :
يقال لهؤلاء الجهلاء المنكرين للرب الكريم : أنه لا يقبل ذو عقل أن يكون أثر بلا مؤثر، وفعل بلا فاعلوخلق بلا خالق .
ومما لا خلاف فيه أنك إذا رأيت إبـرة،أيقنت أن لها صانعا، فكيف بهذا الكون العظيم
الذي يبهر العقول ويحير الألباب قد وجد بلا موجد ؟ ونظم بلا منظم، وكان كل
ما فيه من نجـوم وغيوم ، وبروق ورعـود وقفار وبحار، وليل ونهار، وظلمات وأنوار، وأشجار وأزهار، وجن وإنس، وملك وحيـوان، إلى أنـواع لا يحصيها العد، ولا يأتيعليها الحصر، قد وجدت بلا موجد خرجها من العدم !
اللهم لا يقول هذا من كان عنده مسكة من عقل، أو ذرة من فهم .
وبالجملة : فالبراهين على ربوبيته لايأتي عليها العد، وصدق الله، إذ قال: (أَمْ خُلِقُواْ مِنْغَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ )
وقوله نعالى : ( اللّهُ خَالِقُ كُـلّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ )
ومن الأدلة العقلية ما يحكى عن أبي حنيفة رحمه الله : أن قوم من أهل الكلام أرادوا البحث معه في تقرير توحيد الربوبية . فقال لهم أخبروني قبل أن نتكلم في هذه المسألة عن سفينة في دجلة ، تذهب فتمتلئ من
الطعام والمتاع وغيره بنفسها ، وتعود بنفسها ، فترسي بنفسها ، وتفرغ وترجع
، كل ذلك من غير أن يدبرها أحد ؟! فقالوا هذا محال لا يمكن أبدا ! فقال لهم : إذا كان هذا محالا في سفينة ، فكيف في هذا العالم كله علوه وسفله . (وتحكى هذه الحكاية أيضاً عن غير أبي حنيفة )
الدليل على إقرار المشركين بتوحيد الربوبية :
قال الله تعالى: ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مّنْ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنّ اللّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَيَعْلَمُونَ )
وقوله تعالى: ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ أَمّن يَمْلِكُ السّمْعَ والأبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَيّ وَمَن يُدَبّرُ الأمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتّقُونَ *فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبّكُمُ الْحَقّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقّ إِلاّ الضّلاَلُ فَأَنّىَ تُصْرَفُونَ )
وقوله تعالى ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مّنْ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنّ خَلَقَهُنّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ )
ملاحظة : توحيد الربوبية لا يدخل الإنسان في دين الإسلام إلا إذ اأتى معه بتوحيد الألوهية .
وتوحيد الربوبية لايكفى
وحده لنجاة الإنسان من النار ودخول الجنة بل لابد من توحيد الألوهية لأن
نوحيد الربوبية يقر به جميع البشر ولا ينكره إلا الشواذ من البشر . قال
تعالى : {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (25)}
وقال تعالى : {وَلَئِن
سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ
اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي
بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ
عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) }
ومن معانى الربوبية
تربية الله لخلقه فهو الذى خلقهم من العدم وغذاهم بالنعم فهو سبحانه
وتعالى يربى أبدانهم وهو الذى يربى أرواحهم وقلوبهم . [2]
توحيد الألوهية
ويقال له توحيد العبادة : وهو إفراد الله تعالى بحميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة قولا وعملا ونفي العبادة عن كل من سوى الله تعالى كائنا من كان لأنه المستحق لأن يعبد لا سواه مهما سمت درجته وعلت منزلته .
وهو التوحيد الذي جاءت به الـرسل إلى أممهم . لأن الرسل عليهم السلام جاءوا بتقرير توحيد الربوبية الذي كانت أممهم تعتقده ، ودعوهم إلى توحيد الألوهية كما أخبر الله عنهم في كتابه المجيد .
قال الله مخبراً عن نوح صلى الله عليه وسلم (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىَ قَوْمِهِ إِنّي لَكُمْ نَذِيرٌ مّبِينٌ * أَن لاّ تَعْبُدُوَاْ إِلاّ اللّهَ إِنّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ )
وقال عن عيسى صلى الله عليه وسلم : ( إِنّ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـَذَ اصِرَاطٌ مّسْتَقِيمٌ )
وأمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول لأهل الكتاب: ( قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِتَ عَالَوْاْ إِلَىَ كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللّهَ وَلاَنُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَيَتّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ )
وقال تعالى مناديا جميع البشر : ( يَاأَيّهَا النّاسُ اعْبُدُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ وَالّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ)
وبالجملة : فالرسل كلهم بعثوا لتوحيد الألوهية ودعوا أقوامهم إلى إفراد الله بالعبادة ،واجتناب عبادة الطواغيت والأصنام .
كما قال الله : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطاغوت)
فقـد سمعت دعوة كل رسول لقومه ، فكانأول ما يقرع أسماع قومه : ( قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَالَكُمْ مّنْ إِلَـَهٍ غَيْرُهُ )
ِوقال تعالى : إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
إنا نخصك وحدك بالعبادة, ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا, فالأمر كله
بيدك, لا يملك منه أحد مثقال ذرة . وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا
يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح
والطواف إلا لله وحده, وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله, ومن أمراض الرياء والعجب, والكبرياء .
تفسير العبادة
ماهى العبادة ؟
العبادة في اللغة : الذل والخضوع ، يقال : بعير معبد ، أي : مذلل ، وطريق معبد : إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام .
وقي الشرع، معنى العبادة كما قال شيخ الإسلام هي طاعة الله، بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل .
وكما عرفها ابن تيمية أيضا فقال : هي إسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
فعلى المسلم أن يفرد ربه بجميع أنواع العبادات مخلصا لله فيها، وأن يأتي بها على الوجه الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً أو عملاً.
وهي تبنى على ثلاثة أركان :
الأول : كمال الحب للمعبود سبحانه ، كما قال تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } (البقرة : 165) .
الثاني : كمال الرجاء ، كما قال تعالى : { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } (الإسراء : 57) .
الثالث : كمال الخوف من الله سبحانه ، كما قال تعالى : { وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } (الإسراء : 57) .
وقد جمع الله
سبحانه بين هذه الأركان الثلاثة العظيمة في فاتحة الكتاب في قوله سبحانه :
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }{
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } ، فالآية الأولى فيها المحبة ؛ فإن الله منعم ،
والمنعم يُحبُّ على قدر إنعامه ، والآية الثانية فيها الرجاء ، فالمتصف
بالرحمة ترجى رحمته ، والآية الثالثة فيها الخوف ، فمالك الجزاء والحساب
يخاف عذابه .
ولهذا قال تعالى
عقب ذلك : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، أي : أعبدك يا رب هذه الثلاث : بمحبتك
التي دل عليها : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، ورجائك الذي
دل عليه : { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ، وخوفك الذي دل عليه : { مَالِكِ
يَوْمِ الدِّينِ } .
والعبادة لا تقبل إلا بشرطين :
1 - الإخلاص فيها للمعبود ؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الخالص لوجهه سبحانه ، قال تعالى { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } وقَال تعالى { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } وقال تعالى{ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي }
2 - المتابعة
للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الموافق لهدي
الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى :{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } ، وقَال تعالى : { فَلَا
وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ (أي مردود عليه) . [3]
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ .[4]
فلا عبرة بالعمل ما لم يكن خالصا لله صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
} " أخلصه وأصوبه " ، قيل : يا أبا علي ، وما أخلصه وأصوبه ؟ قال : " إن
العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن
خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص ما كان لله ، والصواب ما
كان على السنة " [5]
ومن الآيات الجامعة لهذين الشرطين قوله تعالى في آخر سورة الكهف : { قُلْ
إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ
إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ
عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } .
شمول العبادة للأنواع الآتية
واعلم أن العبـادة
تشمل الصلاة،والطواف، والحـج، والصوم، والنذر،والاعتكاف، والذبح،
والسجود،والركوع، والخـوف، والـرهبة،والرغبة، والخشية،
والتوكـل،والاستغاثة ، والرجاء، إلى غير ذلكمن أنواع العبادات التي شرعها اللهفي قرآنه المجيد، أو شرعها رسول الله بالسنة الصحيحة القولية أو العملية . فمن صرف شيئا منها لغير الله يكونمشركا، لقوله تعالى : ( وَمَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَـهَا آخَرَ لاَبُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبّهِ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) المؤمنون . وقوله : ( وَأَنّ الْمَسَاجِدَ لِلّهِ فَلاَتَدْعُواْ مَعَ اللّهِ أَحَداً )
فأحد تعم كل مخلوق رسولاً كان أوملكاً أو صالحا ً.
ويدخل في توحيد الألوهية جميع أنواع العبادة الصادرة عن تأله القلب لله بالحب والخضوع والانقياد له وحده لا شريك له فيجب إفراد الله بها كالدعاء والخوف والمحبة والتوكل والإنابة والتوبة والذبح والنذر والسجود وجميع أنوع
العباد فيجب صرف جميع ذلك لله وحده لا شريك له . فمن صرف شيئا مما لايصلح
إلا لله من العبادات لغير الله فهو مشرك لم يحقق توحيد الألوهية ، إذ لم
يعمل بمقتضياته من التوحيد والإخلاص .
والأدلة على توحيد الألوهية كثيرة منها قول الله جل وعلا ( فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) . وقوله تعالى : ( وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) .
وقوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) .
وقوله : (وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا )
وغالب القران العظيم إنما أنزل في هذا الاصل العظيم . وقد دلت كثير من نصوص القرآنعلى أن صرف أي نوع من العبادات لغير الله شرك .
قال تعالى (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) وقال تعالى : ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) وقال تعالى: ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)
فالإيمان بألوهية الله يقتضي الإيمان بما شرعه الله سبحانه وأوجبه وفرضه على عبادة من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة
وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا وجميع أنواع
العبادات الأخرى التي دل عليها الكتاب والسنة ينبغي صرفها جميعا لله وحده لا شريك له وهذاهو مقتضى لا إله إلا الله .
وينبغى إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة " بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحداً يعبده ويتقرب إليهكما
يعبد الله تعالى ويتقرب إليه وهذا النوع من التوحيد هو الذي ضل فيه
المشركون الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم
وأرضهم وديارهم وسبى نساءهم وذريتهم ، وهو الذي بعثت به الرسل وأنزلت به
الكتب مع أخويه توحيدي الربوبية، والأسماء والصفات،
لكن أكثر ما يعالج الرسل أقوامهم على هذا النوع من التوحيد وهو توحيد
الألوهية بحيث لا يصرف الإنسان شيئاً من العبادة لغير الله سبحانه وتعالى
لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي صالح،[6] ولا لأي أحد من المخلوقين، لأن العبادة
لا تصح إلا لله عز وجل، ومن أخل بهذا التوحيد فهو مشرك كافر وإن أقر بتوحيد الربوبية، وبتوحيد الأسماء والصفات .
فلو أن رجلاً من الناس يؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، وأنه سبحانه وتعالى المستحق لما
يستحقه من الأسماء والصفات لكن يعبد مع الله غيره لم ينفعه إقراره بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات .
فلو
فرض أن رجلاً يقر إقراراً كاملاً بتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات
لكن يذهب إلى القبر فيعبد صاحبه أو ينذر له قرباناً يتقرب به إليه فإن هذا
مشرك كافر خالد في النار، قال الله تبارك وتعالى : {
إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ
الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72)
} .
ومن
المعلوم لكل من قرأ كتاب الله عز وجل أن المشركين الذين قاتلهم النبي صلى
الله عليه وسلم واستحل دماءهم، وأموالهم وسبى نساءهم، وذريتهم، وغنم أرضهم
كانوا مقرين بأن الله تعالى وحده هو الرب الخالق لا يشكون في ذلك، ولكن لما كانوا يعبدون معه غيره صاروا بذلك مشركين مباحي الدم والمال .
وقال تعالى : {وَإِذْ
أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ
وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83) }
واذكروا يا بني إسرائيل حين أخَذْنا عليكم عهدًا مؤكدًا : بأن تعبدوا الله وحده لا شريك له, وأن تحسنوا للوالدين, وللأقربين, وللأولاد الذين مات آباؤهم وهم دون بلوغ الحلم, وللمساكين, وأن تقولوا للناس أطيب الكلام, مع أداء الصلاة وإيتاء الزكاة, ثم أَعْرَضْتم ونقضتم العهد -إلا قليلا منكم ثبت عليه- وأنتم مستمرون في إعراضكم.
وقال تعالى : {أَمْ
كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ
مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ
آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهاً وَاحِداً
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}
أكنتم أيها اليهود حاضرين حين جاء الموتُ يعقوبَ, إذ جمع أبناءه وسألهم ما تعبدون من بعد موتي؟ قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهًا واحدًا, ونحن له منقادون خاضعون.
وقال تعالى : { وَمِنْ
النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ
كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى
الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ
جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) }
ومع هذه البراهين القاطعة يتخذ فريق من الناس من دون الله أصنامًا وأوثانًا وأولياء يجعلونهم نظراء لله تعالى, ويعطونهم من المحبة والتعظيم والطاعة, ما لا يليق إلا بالله وحده.
والمؤمنون أعظم حبا لله من حب هؤلاء الكفار لله ولآلهتهم; لأن المؤمنين
أخلصوا المحبة كلها لله, وأولئك أشركوا في المحبة. ولو يعلم الذين ظلموا
أنفسهم بالشرك في الحياة الدنيا, حين يشاهدون عذاب الآخرة, أن الله هو
المتفرد بالقوة جميعًا, وأن الله شديد العذاب, لما اتخذوا من دون الله
آلهة يعبدونهم من دونه, ويتقربون بهم إليه.
ذكر بعض أنواع العبادة
العبادة أنواعها
كثيرة ، فكل عمل صالح يحبه الله ويرضاه قولي أو فعلي ظاهر أو باطن فهو نوع
من أنواعها وفرد من أفرادها ، وفيما يلي ذكر بعض الأمثلة على ذلك :
1 - فمن أنواع العبادة : الدعاء ، بنوعيه دعاء المسألة ، ودعاء العبادة .
قال الله تعالى : { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } (غافر : 14) ، وقال تعالى : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا
} (الجن : 18) ، وقال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ
دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ }{ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } (الأحقاف : 5- 6) .
فمن دعا غير الله
عز وجل بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كافر سواء كان المدعو حيا أو
ميتا ، ومن دعا حيا بما يقدر عليه مثل أن يقول : يا فلان أطعمني ، أو يا
فلان اسقني ، ونحو ذلك فلا شيء عليه ، ومن دعا ميتا أو غائبا بمثل هذا
فإنه مشرك ؛ لأن الميت والغائب لا يمكن أن يقوم بمثل هذا .
والدعاء نوعان : دعاء المسألة ودعاء العبادة .
فدعاء المسألة ، هو
سؤال الله من خيري الدنيا والآخرة ، ودعاء العبادة يدخل فيه كل القربات
الظاهرة والباطنة ؛ لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله من ربه
قبول تلك العبادة والإثابة عليها .
وكل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله والثناء على الداعين يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة .
2 ، 3 ، 4 - ومن أنواع العبادة : المحبة والخوف والرجاء ، وقد تقدم الكلام عليها وبيان أنها أركان للعبادة .
5 - ومن أنواعها : التوكل ، وهو الاعتماد على الشيء .
والتوكل على الله :
هو صدق تفويض الأمر إلى الله تعالى اعتمادا عليه وثقة به مع مباشرة ما شرع
وأباح من الأسباب لتحصيل المنافع ودفع المضار ، قال الله تعالى : { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (المائدة : 23) ، وقال تعالى : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } (الطلاق : 3) .
6 ، 7 ، 8- ومن أنواع العبادة : الرغبة والرهبة والخشوع .
فأما الرغبة :
فمحبة الوصول إلى الشيء المحبوب ، والرهبة : الخوف المثمر للهرب من المخوف
، والخشوع : الذل والخضوع لعظمة الله بحيث يستسلم لقضائه الكوني والشرعي ،
قال الله تعالى في ذكر هذه الأنواع الثلاثة من العبادة : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } (الأنبياء : 90) .
9
- ومن أنواع العبادة : الخشية ، وهي الخوف المبني على العلم بعظمة من
يخشاه وكمال سلطانه ، قال الله تعالى : { فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي } (البقرة : 150) .
{ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ } (المائدة : 3) .
10- ومنها الإنابة ، وهي الرجوع إلى الله تعالى بالقيام بطاعته واجتناب معصيته ، قال الله تعالى : { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } (الزمر : 54) .
11
- ومنها : الاستعانة ، وهي طلب العون من الله في تحقيق أمور الدين والدنيا
، قال الله تعالى :{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ، وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس : « إذا استعنت فاستعن بالله » .
12 - ومنها : الاستعاذة ، وهي طلب الإعاذة والحماية من المكروه ، قال الله تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَل
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر