سلسلة بنى الإسلام (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا
هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[ آل عمران
: 102]{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [
النساء : 1]{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً } [ الأحزاب : 70-71 ]
أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن
الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وشر الأمور
محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخوة الإسلام
1- مقدمة
حول مضمون كلمة بنى الإسلام .
عن ابنِ
عُمَرَ رضي اللّهُ عنهما قال: رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِسلامُ
عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لا إِلهَ إلاّ اللّهُ، وَأَنَّ محمداً رسولُ اللّهِ،
وَإقامِ الصلاةِ، وإِيتاءِ الزَّكاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضان» متفق عليه . [تكلمنا سابقا عن حديث النبى صلى الله عليه وسلم طوبى لمن هدي إلى الإسلام
وكان عيشه كفافا وقنع . { فراجعه } . وبينا أن سعادة الإنسان فى الدنيا والآخرة لن
تكون إلا بالإسلام لذلك كان لزاما علينا أن نبين هذا الإسلام الذى تتحقق لنا به السعادة
فى الدنيا والآخرة حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه ويعبد ربه كما يحب الله عز
وجل أن يُعبد لأن الإنسان ينبغى عليه أن لا يعبد الله على هواه لأن ربنا تبارك
وتعالى أنزل القرآن وبعث الرسول حتى يخرج كل إنسان عن هواه لأن أبغض إله عبد فى
الأرض الهوى قال ربنا تبارك وتعالى :
أَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا .
وقال تعالى : أَفَرَأَيْتَ
مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى
سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ
بَعْدِ اللَّهِ
أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
فهذا الدين الذى بعث
به النبى صلى الله عليه وسلم حتى يتجرد كل منا من هواه ويعبد الله وحده لا شريك له
.
فتأمل قوله صلى الله
عليه وسلم وهو يقول { بنى الإسلام }[1]
وكلام النبى صلى الله عليه وسلم فى غاية الأهمية لأنه كلام من لا ينطق عن الهوى فكل
كلام النبى صلى الله عليه وسلم بوحى من الله تبارك وتعالى كما بين ربنا تبارك وتعالى { إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى }فحينما يقول
النبى صلى الله عليه وسلم بنى الإسلام فعلينا أن ننتبه .
بنى يعنى أن الإسلام مثل البناء فالذى يريد حقيقة الإسلام
فى حياته كمثل الذى يريد بناء بيت حقيقى . فهناك فرق بين الكلام عن البناء والقيام
بأعمال البناء كما أن هناك فرق بين كلام الدين والقيام بأعمال الدين . فكل بناء له
قواعد وأساسات يبنى عليها وبدون هذه القواعد والأساسات لا يقوم البناء . فالإسلام
كذلك له قواعد وأساسات ينبنى عليها وبدون هذه القواعد والأساسات لا يقوم الإسلام فى
حياتنا . والبناء من أهم أوصافه الثبات فالبناء ثابت وراسخ ولا يزول ولا يتحرك من
مكانه وذلك لثبات قواعده وأساساته وكلما كانت قواعد البناء وأساساته عميقة فى
الأرض كان البناء فوق الأرض عاليا وشامخا وكان سبباً لسكون صاحبه وأمنه واطمئنانه
وراحته . فنحن نريد أن تكون قواعد الإسلام وأساساته قوية وراسخة فى أعماق قلوبنا حتى
يثبت عليها بناء الإسلام ولا يزول ويكون هذا البناء الإسلامى سبب لأمننا واطمئناننا
وراحتنا .
وحتى يكون البناء
ثابتا وراسخا فعلى كل من يريد أن يبنى دارا فلابد له أن يستعين بأهل العلم والخبرة
بهذا الأمر ليتحقق له مراده مهما كلفه ذلك . أما إذا استعان بمن ليس لهم علم ولاخبرة فى ذلك فإنهم
يبنوا له بيتا يكون ضرره أكثر من نفعه . لأنه إنما بنى بيتا حتى يحتمى به من حر
الشمس ومن برد الشتاء ومن السباع والهوام
والعدو ولكن هذا البيت الذى بناه من ليس لهم خبرة فى ذلك إذا نام فيه مطمئنا فما
يلبث أن ينهدم عليه فيهلكه . ونحن إذا أردنا أن نبنى الإسلام فى حياتنا بناءً راسخا
ثابتا يحفظنا فى الدنيا والآخرة ونأمن به
فى الدنيا والآخرة فلابد أن نستعين على ذلك بأهل العلم الخبرة وهم العلماء حتى
يبنوا لنا إسلاما صحيحا قويا ينفعنا فى دنيانا وآخرتنا . أما إذا ذهبنا إلى من
ليسوا أهلاً لذلك فسوف يبنوا لنا إسلاما لا أساس له من كتاب ربنا ولا من سنة نبينا
فما نلبث إلا أن ينهدم البناء على رؤسنا فنضل
فى الدنيا ونهلك فى الآخرة .
وتأمل كم يلاقى من يريد البناء من المشقة فإذا تحمل هذه
المشقة تحصل بعد ذلك على الراحة . كذلك الذى يريد أن يقيم بناء الإسلام فى حياته
لابد أن يتحمل المشاق فإن تحمل هذه المشاق تحصل فى الدنيا على الراحات وكان فى الآخرة
فى جنة عرضها
الأرض والسموات .
وقوله { بنى } أى أن
هذا البناء قد تم وكمل بهذه الكيفية فى حياة من سبقوا من النبى وصحابته الكرام فلا
يقوم إلا على هذه القواعد فمن أراد بناءً مثل بنائهم فعليه أن يفعل مثل ما فعلوا .
فنحن لسنا أول من يبنى بل هذا البناء الإسلامى له مثال ونموذج سابق يجب علينا أن
نقتدى به فلا نزيد عنه ولا ننقص ففى الزيادة أو النقصان يحدث خلل للبناء فقد قال
القائل :
نبنى كما كانت أوائلنا
تبنى ونفعل مثل ما فعلوا
2- أمثلة
ونماذج ممن بنوا بناءً على قواعد سليمة لأنهم استعانوا بأهل الخبرة ومن بنوا على
قواعد خاطئة لأنهم استعانوا بمن لا خبرة له .
نموذج
للبناء الصحيح
قال ربنا جل وعلا :{وَٱلسَّابِقُونَ
ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ
ٱلْعَظِيمُ} التوبة (100)
والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله
ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام,
والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الكفار والذين
اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى
أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب
على طاعتهم وإيمانهم وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها
أبدًا ذلك هو
الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم- وتعديل لهم وثناء
عليهم ; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.
نموذج
للبناء الخاطئ
قال ربنا جل وعلا : والَّذِينَ
اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ
إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
(107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ
يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى
تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى
شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً
فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(110) التوبة
والمنافقون الذين بنوا مسجدًا; مضارة للمؤمنين
وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين, ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذي يصلي
فيه المسلمون, فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك, وانتظارا لمن حارب الله ورسوله
من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون مكاناً للكيد للمسلمين, وليحلفنَّ
هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على
الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد (قباء), والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون
عليه. وقد هُدِم المسجد وأُحرِق.
لا تقم -أيها النبي- للصلاة في ذلك المسجد
أبدًا; فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو مسجد (قباء)- أولى أن
تقوم فيه للصلاة, ففي هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات
والأقذار, كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله يحب
المتطهرين. وإذا كان مسجد (قباء) قد أُسِّسَ على التقوى من أول يوم, فمسجد رسول
الله, صلى الله عليه وسلم, كذلك بطريق الأولى والأحرى.
لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله
وطاعته ومرضاته, ومن أسَّس بنيانه على طرف حفرة متداعية للسقوط, فبنى مسجدًا
ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين, فأدَّى به ذلك إلى السقوط في نار جهنم.
والله لا يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده.
لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة
لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم, إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو
موتهم, أو بندمهم غاية الندم, وتوبتهم إلى ربهم, وخوفهم منه غاية الخوف. والله
عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا في بنائهم, حكيم في تدبير أمور
خلقه.
والذى يبنى فى الدنيا
بناء إسلاميا صحيحا فهذا البناء يُبنى له به بناء فى الجنة مع الفارق .
** فعن عائشةَ رضيَ
اللهُ عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « مَن
أحدَثَ في أمرِنا هٰذا ما ليسَ فيهِ فهوَ رَدّ » [2]
أى مردود عليه ولا
يقبل منه ولا نفع له ولا ثمرة له .
ففى الدين أمرنا الله
بالإتباع والذى لايتبع فلاشك أنه سيبتدع ومن ابتدع فقد ضل عن سواء السبيل .
مثال آخر
وعن جَابِرٍ رضى الله
عنه قال: « خَرَجْنَا في سَفَرٍ فأصَابَ رَجُلاً مِنَّا
حَجَرٌ فَشَجَّهُ في رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَألَ أصْحَابَهُ، فقال: هَلْ
تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً في التَّيَمُّمِ ؟ فقالوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً
وَأنْتَ تَقْدِرُ علَى المَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فقال: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله
ألاَّ سَألُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا فإنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إنَّمَا
كَانَ يَكْفِيهِ أنْ يَتَيَمَّمَ [3]
فبين النبى صلى الله
عليه وسلم أن فعل من ليس له خبرة قتل لأن فعلهم ترتب عليه قتل حقيقى ودعا عليهم
بالقتل .
قال الإمام الخطابي:
في هذا الحديث من العلم أنه عابهم بالفتوى بغير علم، وألحق بهم الوعيد بأن دعا
عليهم وجعلهم في الإثم قتلة له.
** وعن سعيد بن المسيب
قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن، وقال في المجنونة التي أمر
برجمها، وفي التي وضعت لستة أشهر فأراد عمر رجمها، فقال له علي: إن الله تعالى
يقول : {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} الحديث وقال
له: «إن الله رفع القلم عن المجنون ــــ الحديث» فكان عمر يقول: لولا علي لهلك عمر
.
** حدثنا الأعمش عن
أبـي سفـيانَ حدثنـي أَشْيَاخٌ مِنَّا قالُوا: جاءَ رجلٌ إلـى عُمَرَ بنِ الـخطابِ
رضي الله عنه فقالَ: يا أميرَ الـمؤمنـينَ إنِّـي غِبْتُ عن امْرَأَتِـي سنتـينِ،
فجئتُ وهي حُبْلَـى، فَشَاوَرَ عُمَرُ رضي الله عنه ناساً فـي رَجْمِهَا، فقالَ
معاذُ بنُ جُبَلَ رضي الله عنه : يا أميرَ الـمؤمنـينَ إنْ كانَ لكَ عَلَـيْهَا
سبـيلٌ، فلـيسَ لكَ علـى مَا فِـي بَطْنِهَا سبـيلٌ، فاتْرُكْهَا حتَّـى تَضَعَ،
فَتَرَكَهَا فَوَلَدَتْ غلاماً قد خَرَجَتْ ثَنِـيَّتَاهُ، فَعَرَفَ الرجلُ
الشَّبَهَ فـيهِ فقالَ: ابْنِـي وربِّ
الكَعْبَةِ، فقالَ
عُمَرَ رضي الله عنه: عَجَزَتِ النساءُ أَنْ يَلِدْنَ مثلَ مُعَاذٍ، لَوْلاَ معاذٌ
لَهَلَكَ عُمَرُ. [4]
3- أول
قواعد البناء الإسلامى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وهما أول ما
فرض على العباد .
[ وأول قاعدة من قواعد البناء
الإسلامى هى شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله فهاتان
الشهادتان هما المدخل إلى الإسلام فلا يُدخل إلى الإسلام
إلا بهما ،
وهما ركنه الأعظم، وقاعدته الراسخة , وعروته الوثقى ,
ولا
يحكم بإسلام شخص إلا
بالنطق بهما وتحقيق شروطهما والعمل بمقتضاهما وعدم الإتيان بما ينافيهما ، والدعوة إليهما , وبذلك يصير الكافر مسلماً. وهاتان الشهادتان هما الأساس لما بعدهما من القواعد فإن صلحتا صلح ما
بعدهما وإن فسدتا فسد ما بعدهما أى أن هاتان الشهادتان يرتكز عليهما ما بعدهما من
قواعد الإسلام وبمعنى آخر يرتكز عليهما الإسلام كله فإن كانتا راسختين ثبت ما
ارتكز عليهما وإن لم تكونا راسختين طاش وانقلب ما عليهما فإن رسختا رسخ الدين وإن
لم يرسخا لم يرسخ الدين وهما بوابة الإسلام فكما قلنا أن الإسلام بناء ولا يوجد
بناء بغير باب فإن كانت الباب محكماً كان مافى البيت محفوظا وإن كان الباب غير
محكم ضاع ما فى البيت . فما فائدة الصلاة والصوم والزكاة والحج وغير ذلك إذا لم يكن
التوحيد صحيحا . وكما قالوا
قديما لمن تكلم فى أول
كلامه بكلام قبيح أو كلام غير صحيح : أول القصيدة كفر ]
والتوحيد هو أول مفروض على العباد إذ أنه هو الذي خلقهم الله له فقال تعالى: (
وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) الذاريات
وأول أمر في كتاب الله هو الأمر بعبادة
الله وتوحيده فقال تعالى : (يأيها الناس اعبدوا
ربكم
الذي خلقكم والذين من قبلكم
لعلكم تتقون )البقرة/21
قال الناظم :
أول واجب على العبيد معرفة الرحمن بالتوحيد
والله أخذ على عباده الميثاق بالتوحيد وهو شهادة أنه لا
إله إلا هو وأشهدهم على أنفسهم به قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن
بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ
أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) الأعراف/172 [5]
**وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عله وسلم
قال :" يقال للرجل من أهل النار من يوم القيامة أرايت لو كانت لك ما على الأرض من شئ
أكنت مفتدياً به؟ قال فيقول: نعم . فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك. قد أخذت عليك في ظهر آدم لا يشرك بي شيئاً
فأبيت إلا أن تشرك بي"[6]
قال الناطم:
أخرج الله فيما مضى من ظهر آدم ذريته كالذر
وأخذ العهد عليهم أنه لا رب معبود بحق
غيره
4- يجب
تفريغ القلب أولا حتى يستقر فيه توحيد الله بلا منازع وحتى يكون القلب سليما .
أولا من كل
ما علق به حتى يستقر فيه توحيد الله بلا منازع فنحن نريد قلبا سليما من كل الآفات
فقد مدح ربنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حيث قال { [color=red]وَإِنَّ
مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ
قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ
اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) }الصافات
قوله تعالى : " وإن من شيعته لإبراهيم " قال ابن عباس : أي من أهل دينه .
وقال مجاهد : أي على منهاجه وسنته .
قوله تعالى
: " إذ جاء ربه بقلب سليم
" أي مخلص من الشرك والشك . وقال عوف
الأعرابي : سألت محمد بن سيرين ما القلب
السليم؟ فقال : الناصح لله عز وجل في خلقه
.
قال عوف : فقلت لمحمد ما القلب السليم؟ قال : أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة قائمة، وأن
الله يبعث من في القبور . وقال هشام بن
عروة : كان أبي يقول لنا : يا بني لا تكونوا لعانين، ألم تروا إلى إبراهيم
لم يلعن شيئا قط، فقال تعالى : " إذ جاء ربه بقلب سليم " .
ويحتمل مجيئه إلى ربه
وجهين : أحدهما عند دعائه إلى توحيده
وطاعته؛ الثاني عند إلقائه في النار .
[قلت : وهل هناك قلب
أسلم من قلب يلقى فى النار فلم يلتفت صاحبه إلا إلى الله . فلما جاء جبريل إلى إبراهيم وهو فى طريقه على
النار وقال له ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا وكان آخر قول إبراهيم حين ألقى فى
النار حسبى الله ونعم الوكيل ] " إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون
" أئفكا " قال المبرد :
والإفك أسوأ الكذب، وهو الذي لا يثبت ويضطرب، ومنه ائتفكت بهم الأرض . " آلهة " بدل من إفك
" دون الله تريدون " أي
تعبدون . ويجوز أن يكون حالا بمعنى
أتريدون ألهة من دون الله آفكين . "
فما ظنكم برب العالمين " أي ما ظنكم
به إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟ فهو تحذير، مثل قوله : " ما غرك بربك الكريم " [الانفطار : 6] . وقيل :
أي شيء أوهمتموه حتى أشركتم به غيره .
وقال تعالى : { وَلا
تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88)
إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) } الشعراء .
ولا تُلْحق بي الذل، يوم يخرج الناس من القبور
للحساب والجزاء، يوم لا ينفع المال والبنون أحدًا من العباد، إلا مَن أتى الله
بقلب سليم من الكفر والنفاق والرذيلة .
[ففرغ قلبك
من كل ما يقدح فى سلامة توحيدك لله واجعل قلبك سليما بتوحيد الله .
فعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(وَأَهْوَى النّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ) "إنّ الْحَلاَلَ
بَيّنٌ وَإنّ الْحَرَامَ بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنّ
كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ
وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرّاعِي
يَرْعَىَ حَوْلَ الْحِمَىَ، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإنّ لِكُلّ
مَلِكٍ حِمىً، أَلاَ وَإِنّ حِمَى اللّهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنّ فِي الْجَسَدِ
مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ
الْجَسَدُ كُلّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ". [7]
قلت محمود : فصلاح التوحيد
وسلامته سبب فى صلاح القلب وسلامته وصلاح القلب وسلامته سبب فى صلاح الجسد كله
وسلامته فالأصل الذى ينصلح به الجسد كله هو صلاح التوحيد وسلامته بل وصلاح الدنيا
كلها والآخرة بصلاح التوحيد وسلامته.
وقال تعالى : وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ
كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55) النور
نزلت في أبي بكر وعمر
رضي الله عنهما؛ قاله مالك . وقيل : إن سبب هذه الآية أن بعض أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم شكا جهد مكافحة العدو، وما كانوا فيه من الخوف على أنفسهم، وأنهم لا
يضعون أسلحتهم؛ فنزلت الآية .
قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ
إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة،
الآية:163]
وقال تعالى: {لا
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة، الآية:256]
فيجب
علينا معرفة الله بالتوحيد حتى يسهل علينا عبادته وحده والإنقياد لأمره واتباع
نبيه صلى الله عليه وسلم .
فالله أذل
الملوك بمعصيته وأعز العبيد اطاعته .
وجعل
الملوك عبيدا بمعصيته وجعل العبيد ملوكا بطاعته .
الله الذى عصاه
الجبابرة فقصمهم وعصاه الأغنياء فأفقرهم وعصاه الملوك فأذلهم .
عصاه
النمرود فأذله .
وعصاه
فرعون فأغرقه .
وعصاه
هامان فأهلكه .
وعصاه
قارون فخسف به الأرض .
وعصته قرى
قوم لوط فجعل عاليها سافلها وأمطرهم بحجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هى من
الظالمين ببعيد .
وعصاه قوم
عاد فأرسل عليهم ريحا صرصرا عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فصيرهم
صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية .
وعصاه قوم
ثمود فأهلكهم بالطاغية .
الله أطاعه الأذلاء فأعزهم .
وأطاعه
الفقراء فأغناهم .
وأطاعه
الضعفاء فجبر ضعفهم .
أطاعه أبو
بكر فصار صديقا .
وأطاعه بن
الخطاب فصار فاروقا .
وأطاعه
بلال بن رباح فصار بعد الرق والإستعباد عزيزا .
وأطاعه أبو
هريرة فصيره بعد ما كان فقيرا على البلاد
أميرا .
5- معنى لا
إله إلا الله .
ومعنى لا إله إلا الله :
أى لا معبود بحق إلا الله وحده سبحانه وتعالى.
" شهادة أن لا إله إلا الله " أن يعترف الإنسان
بلسانه وقلبه بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل لأن إله بمعنى مألوه والتأله
التعبد. والمعني أنه لا معبود حق إلا الله وحده، وهذه الجملة مشتملة على نفي
وإثبات، أما النفي فهو " لا إله " وأما الإثبات ففي " إلا الله
" والله " لفظ الجلالة " بدل من خبر " لا " المحذوف،
والتقدير " لا إله حق إلا الله " فهو إقرار باللسان بعد أن آمن به القلب
بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل وهذا يتضمن إخلاص العبادة لله وحده ونفي العبادة
عما سواه.
وبتقديرنا الخبر بهذه الكلمة " حق " يتبين
الجواب عن الإشكال الذي يورده كثير من الناس وهو : كيف تقولون لا إله إلا الله مع
أن هناك آلهة تعبد من دون الله وقد سماها الله تعالى آلهة وسماها عابدها آلهة قال
الله تبارك وتعالى : {فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما
جاء أمر ربك}
}وقال تعالى : { ولا تجعل مع الله إلهاً آخر} . وقال تعالى : {ولا تدع مع الله إلهاً
آخر}وقوله
: {لن
ندعوا من دونه إلهاً }
فكيف يمكن أن نقول : لا إله إلا الله مع ثبوت الألوهية
لغير الله عز وجل ؟ وكيف يمكن أن نثبت الألوهية لغير الله عز وجل والرسل يقولون
لأقوامهم: { اعبدوا الله مالكم من إله غيره } ؟
والجواب على هذا الإشكال يتبين بتقدير الخبر في لا إله
إلا الله فنقول : هذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي آلهة، لكنها آلهة باطلة
ليست آلهة حقة وليس لها من حق الألوهية شيء، ويدل لذلك قوله تعالى: { ذلك بأن الله
هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير } ويدل لذلك أيضاً
قوله تعالى : {
أفرأيتم اللات والعزى . ومناة الثالثة الأخرى . ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا
قسمة ضيزى إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان} وقوله تعالى
عن يوسف عليه الصلاة والسلام:{ما
تعبدون
من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من
سلطان}
إذاً فمعنى " لا إله إلا الله " لا
معبود حق إلا الله عز وجل، فأما المعبودات سواه فإن ألوهيتها التي يزعمها عابدها
ليست حقيقية، أي ألوهية باطلة، بل الألوهية الحق هي ألوهية الله عز وجل.[8]
ومعنى الإله :
هو المألوه المعبود بحق ،
ومن اعتقد بأن الإله هو الخالق الرازق أو القادر على الاختراع وأن
الإيمان بذلك وحده يكفي دون إفراد الله بالعبادة فإنه لا تنفعه لا إله إلا الله في
الدنيا بالدخول في الإسلام ولا تنجيه من العذاب المقيم في الآخرة.
قال تعالى: {قُلْ مَنْ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ
مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا
تَتَّقُونَ} [سورة يونس، الآية:31].
وقال تعالى: {وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة
الزخرف، الآية:87].
وهو النطق
بها مع العلم بمعناها والعمل بمقتضاها ظاهراً وباطناً
، أما النطق بها من غير معرفة بمعناها ولا عمل بمقتضاها فإنه غير نافع بالإجماع،
بل تكون حجة عليه لا له .
{فعلى العبد أن يعلم
أنه لا إله إلا الله أى لا ينبغى للعبد أن يتوجه بالعبادة ظاهراً وباطناً إلا لله
ولا ينبغى للعبد أن يتعبد لله إلا على طريقة رسول الله ولا يقدم على رسول الله
أحداً كائنا من كان قال تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله
ورسوله}
6-
المستفاد من قوله لا معبود بحق إلا الله لأن هناك آلهة تعبد بالباطل .
[وقولنا لا معبود بحق
فهذا القيد مهم جدا لأن هناك آلهة تعبد بالباطل فكثير من الناس عبدوا الأصنام
والأوثان وكثير من الناس
عبدوا الكواكب والنجوم
وكثير من الناس عبدوا الطواغيت وكثير من الناس عبدوا الهوى]
قال تعالى :وَإِذَا
قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا
أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً
وَلا يَهْتَدُونَ (170) البقرة
وقال تعالى :وَإِنَّ
مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ
قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ
اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) الصافات
وقال تعالى :أَفَرَأَيْتُمْ
اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمْ
الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ
هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ
بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى (23) النجم
وقال تعالى : وَلَقَدْ
بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا
الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ
الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ (36) النحل
وقال تعالى :وَجَدْتُهَا
وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ
(24) أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ
الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ
وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
(26) النمل
وقال تعالى : أَلَمْ
تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ
وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) الحج
وقال تعالى : لَوْ
كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ
الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)الأنبياء
وقال تعالى :{أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ *
وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن
تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ
أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَـٰمِتُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ
أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ *
أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ
لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ
ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّىَ
ٱللَّهُ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ *
وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ
أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ
إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } الأعراف [191 – 198]
وقال تعالى :وَمِنْ
آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا
لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ
كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فصلت
ومِن حجج الله على خلقه, ودلائله على وحدانيته
وكمال قدرته اختلاف الليل والنهار, وتعاقبهما, واختلاف الشمس والقمر وتعاقبهما, كل
ذلك تحت تسخيره وقهره. لا تسجدوا للشمس ولا للقمر- فإنهما مدَبَّران مخلوقان-
واسجدوا لله الذي خلقهن, إن كنتم حقًّا منقادين لأمره سامعين مطيعين له، تعبدونه
وحده لا شريك له.
وقال تعالى :{أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ
ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ
بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ}الجاثية
وقال تعالى : أَلَمْ
أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) يس
وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « تَعِسَ عبْدُ
الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقطيفَةِ وَالخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعطِيَ رضي ، وَإِنْ
لَمْ يُعطَ لَمْ يَرْضَ »[9].
7- لا إله
إلا الله نفىٌ وإثباتٌ.
وركنا هذه الكلمة النفي
والإثبات نفي الإلهية عما سوى الله وإثباتها لله
وحده لا شريك له، كما تضمنت الكفر بالطاغوت –وهو كل ما عبد من دون الله تعالى من
بشر أو حجر أو شجر أو هوى أو شهوة- وبغضه والبراءة منه، فمن قالها ولم يكفر
بما يعبد من دون الله لم يأت بهذه الكلمة.
وكلمة لا إله إلا الله
نفي وإثبات كما سبق ، نفي للعبادة بحق عن غير الله كائنا من كان وإثبات العبادة
لله وحده بالحق كما قال جل وعلا عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال لأبيه
وقومه : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا
تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً
بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وقال سبحانه : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قَدْ كَانَتْ لَكُمْ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ
إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا
بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا
حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وهذا قول الرسل جميعا لأن قوله سبحانه :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قَدْ كَانَتْ لَكُمْ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يعني به الرسل جميعا وهم الذين معه من
أولهم إلى آخرهم ودعوتهم دعوته وكلمتهم هي البراءة من عبادة غير الله ومن المعبودين
من دون الله الذين رضوا بالعبادة لهم ودعوا إليها ، فالمؤمن يتبرأ منهم وينكر
عبادتهم ويؤمن بالله وحده المعبود بالحق سبحانه وتعالى ، ولهذا قال سبحانه في
الآية السابقة عن إبراهيم أنه قال لأبيه وقومه :{ إِنَّنِي
بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي } وهو الله سبحانه
وتعالى الذي فطره وفطر غيره فإنه لا يتبرأ من عبادته وأنما يتبرأ من عبادة غيرة ،
فالبراءة تكون من عبادة غيره سبحانه ، أما هو الذي فطر العباد وخلقهم وأوجدهم من
العدم وغذاهم بالنعم فهو المستحق العبادة سبحانه وتعالى ، فهذا هو مدلول هذه
الكلمة ومعناها ومفهومها ، وحقيقتها البراءة من عبادة غير الله وإنكارها واعتقاد
بطلانها والإيمان بأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى وهذا معنى قوله جل وعلا
: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }ومعنى يكفر بالطاغوت ينكر عبادة الطاغوت ويتبرأ منها .
والطاغوت :
اسم لكل ما عبد من دون الله فكل معبود من دون الله يسمى طاغوتا فالأصنام والأشجار
والأحجار والكواكب المعبودة من دون الله كلها طواغيت وهكذا من عبد وهو راض كفرعون
ونمرود وأشباههما يقال له طاغوت ، وهكذا الشياطين طواغيت لأنهم يدعون إلى الشرك.
وأما من عبد من دون
الله ولم يرض بذلك كالأنبياء والصالحين والملائكة فهؤلاء ليسوا طواغيت وإنما
الطاغوت الشيطان الذي دعا إلى عبادتهم من جن وإنس ، أما الرسل والأنبياء والصالحون
والملائكة فهم براء من ذلك وليسوا طواغيت لأنهم أنكروا عبادتهم وحذروا منها وبينوا
أن العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا : فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ يعني ينكر عبادة غير الله ويتبرأ منها ويجحدها ويبين أنها باطلة
وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ يعني يؤمن بأن الله هو المعبود بالحق وأنه هو المستحق
للعبادة وأنه رب العالمين وأنه الحق العليم رب كل شيء ومليكه ، العالم بكل شيء
والقاهر فوق عباده وهو فوق العرش فوق السموات سبحانه وتعالى ، وعلمه في كل مكان
وهو المستحق العبادة جل وعلا ، فلا يتم الإيمان ولا يصح إلا بالبراءة من عبادة غير
الله وإنكارها واعتقاد بطلانها ، والإيمان بأن الله هو المستحق للعبادة سبحانه
وتعالى ، وهذا هو معنى قوله سبحانه في سورة الحج : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ
الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ }وفي
سورة لقمان : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ
الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ }وهو
معنى الآيات السابقات وهي قوله سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اعْبُدُوا رَبَّكُمُ }وقوله جل وعلا : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } وقوله عز وجل :{ وَمَا أُمِرُوا إِلا
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ }
إلى غير ذلك من الآيات .
8- التوحيد
حق الله على العباد .
[ فهذ
التوحيد وهذه العبادة لله وحده هى حق الله على العباد فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى
الْعِبَادِ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا
يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ . [10]
فإن هم
حفظوا حق الله حفظهم الله وإن هم ضيعوا حق الله ضيعهم الله .
فعن ابن
عباس رضى الله عنهما قال: «كُنْتُ خَلْفَ النبيِّ يَوْماً، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ،
إِنِّي أُعَلِّمُكَ كِلمَاتٍ: إِحْفَظِ الله يَحْفَظْكَ، إِحْفَظِ الله تجِدْهُ
تجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله،
وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ
يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَإنِ اجْتَمَعُوا عَلَى
أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله
عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَفْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُف» . [11]
9- حكم
التوحيد .
توحيد الألوهية فرض
على العباد، لا يدخلون الإسلام إلا به، ولا ينجون من النار إلا باعتقاده والعمل
بمقتضاه، وهو أول ما يجب على المكلف اعتقاده والعمل به، وأول ما يجب البداءة به في
الدعوة والتعليم خلافاً لمن اعتقد غير ذلك، ويدل على فرضيته
الأمر به في الكتاب
والسنة وأن الله خلق الخلق وأنزل الكتب لأجله.
قال تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا
أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} [سورة الرعد، الآية:36]
وقال
تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذريات، الآية:56]. وقال النبي r لمعاذ t : عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما «أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم لمَّا بَعثَ مُعاذاً رضيَ اللهُ عنهُ على اليمنِ قال: إنكَ تَقْدَمُ على
قومٍ أهلِ كتابٍ، فلْيكُنْ أولَ ما تدَعوهم إليهِ عِبادةُ اللهِ، فإذا عَرفوا
اللهَ فأخبرهم : أنَّ اللهَ قد فرضَ عليهم خمس صلواتٍ في يومِهم وليلتَهم، فإذا
فَعلوا، فأخبرهم : أنَّ اللهَ فرضَ عليهم زكاةً مِن أموالِهم وتُرَدُّ على
فُقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخُذْ منهم، وتَوَقَّ كرائمَ أموالِ الناسِ ». الحديث
أخرجه البخاري ومسلم.
وهذا
التوحيد هو أفضل الأعمال على الإطلاق وأعظمها تكفيراً للذنوب، فقد أخرج البخاري
ومسلم من حديث عتبان t مرفوعاً {فإن الله حرم على النار من قال لا لإله إلا الله يبتغي
بذلك وجه الله }
10- جميع
الرسل بُعثت بالتوحيد .
اتفقت
الرسل جميعاً على دعوة أقوامهم إلى كلمة لا إله إلا الله وتخويفهم من الإعراض عنها
كما بين القرآن الكريم ذلك في آيات كثيرة، قال تعالى: {وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ
إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء، الآية:25]
وقد ضرب رسول الله r مثل
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا
هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[ آل عمران
: 102]{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [
النساء : 1]{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً } [ الأحزاب : 70-71 ]
أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن
الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وشر الأمور
محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخوة الإسلام
1- مقدمة
حول مضمون كلمة بنى الإسلام .
عن ابنِ
عُمَرَ رضي اللّهُ عنهما قال: رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِسلامُ
عَلى خَمْسٍ: شَهادَةِ أَنْ لا إِلهَ إلاّ اللّهُ، وَأَنَّ محمداً رسولُ اللّهِ،
وَإقامِ الصلاةِ، وإِيتاءِ الزَّكاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضان» متفق عليه . [تكلمنا سابقا عن حديث النبى صلى الله عليه وسلم طوبى لمن هدي إلى الإسلام
وكان عيشه كفافا وقنع . { فراجعه } . وبينا أن سعادة الإنسان فى الدنيا والآخرة لن
تكون إلا بالإسلام لذلك كان لزاما علينا أن نبين هذا الإسلام الذى تتحقق لنا به السعادة
فى الدنيا والآخرة حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه ويعبد ربه كما يحب الله عز
وجل أن يُعبد لأن الإنسان ينبغى عليه أن لا يعبد الله على هواه لأن ربنا تبارك
وتعالى أنزل القرآن وبعث الرسول حتى يخرج كل إنسان عن هواه لأن أبغض إله عبد فى
الأرض الهوى قال ربنا تبارك وتعالى :
أَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا .
وقال تعالى : أَفَرَأَيْتَ
مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى
سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ
بَعْدِ اللَّهِ
أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
فهذا الدين الذى بعث
به النبى صلى الله عليه وسلم حتى يتجرد كل منا من هواه ويعبد الله وحده لا شريك له
.
فتأمل قوله صلى الله
عليه وسلم وهو يقول { بنى الإسلام }[1]
وكلام النبى صلى الله عليه وسلم فى غاية الأهمية لأنه كلام من لا ينطق عن الهوى فكل
كلام النبى صلى الله عليه وسلم بوحى من الله تبارك وتعالى كما بين ربنا تبارك وتعالى { إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى }فحينما يقول
النبى صلى الله عليه وسلم بنى الإسلام فعلينا أن ننتبه .
بنى يعنى أن الإسلام مثل البناء فالذى يريد حقيقة الإسلام
فى حياته كمثل الذى يريد بناء بيت حقيقى . فهناك فرق بين الكلام عن البناء والقيام
بأعمال البناء كما أن هناك فرق بين كلام الدين والقيام بأعمال الدين . فكل بناء له
قواعد وأساسات يبنى عليها وبدون هذه القواعد والأساسات لا يقوم البناء . فالإسلام
كذلك له قواعد وأساسات ينبنى عليها وبدون هذه القواعد والأساسات لا يقوم الإسلام فى
حياتنا . والبناء من أهم أوصافه الثبات فالبناء ثابت وراسخ ولا يزول ولا يتحرك من
مكانه وذلك لثبات قواعده وأساساته وكلما كانت قواعد البناء وأساساته عميقة فى
الأرض كان البناء فوق الأرض عاليا وشامخا وكان سبباً لسكون صاحبه وأمنه واطمئنانه
وراحته . فنحن نريد أن تكون قواعد الإسلام وأساساته قوية وراسخة فى أعماق قلوبنا حتى
يثبت عليها بناء الإسلام ولا يزول ويكون هذا البناء الإسلامى سبب لأمننا واطمئناننا
وراحتنا .
وحتى يكون البناء
ثابتا وراسخا فعلى كل من يريد أن يبنى دارا فلابد له أن يستعين بأهل العلم والخبرة
بهذا الأمر ليتحقق له مراده مهما كلفه ذلك . أما إذا استعان بمن ليس لهم علم ولاخبرة فى ذلك فإنهم
يبنوا له بيتا يكون ضرره أكثر من نفعه . لأنه إنما بنى بيتا حتى يحتمى به من حر
الشمس ومن برد الشتاء ومن السباع والهوام
والعدو ولكن هذا البيت الذى بناه من ليس لهم خبرة فى ذلك إذا نام فيه مطمئنا فما
يلبث أن ينهدم عليه فيهلكه . ونحن إذا أردنا أن نبنى الإسلام فى حياتنا بناءً راسخا
ثابتا يحفظنا فى الدنيا والآخرة ونأمن به
فى الدنيا والآخرة فلابد أن نستعين على ذلك بأهل العلم الخبرة وهم العلماء حتى
يبنوا لنا إسلاما صحيحا قويا ينفعنا فى دنيانا وآخرتنا . أما إذا ذهبنا إلى من
ليسوا أهلاً لذلك فسوف يبنوا لنا إسلاما لا أساس له من كتاب ربنا ولا من سنة نبينا
فما نلبث إلا أن ينهدم البناء على رؤسنا فنضل
فى الدنيا ونهلك فى الآخرة .
وتأمل كم يلاقى من يريد البناء من المشقة فإذا تحمل هذه
المشقة تحصل بعد ذلك على الراحة . كذلك الذى يريد أن يقيم بناء الإسلام فى حياته
لابد أن يتحمل المشاق فإن تحمل هذه المشاق تحصل فى الدنيا على الراحات وكان فى الآخرة
فى جنة عرضها
الأرض والسموات .
وقوله { بنى } أى أن
هذا البناء قد تم وكمل بهذه الكيفية فى حياة من سبقوا من النبى وصحابته الكرام فلا
يقوم إلا على هذه القواعد فمن أراد بناءً مثل بنائهم فعليه أن يفعل مثل ما فعلوا .
فنحن لسنا أول من يبنى بل هذا البناء الإسلامى له مثال ونموذج سابق يجب علينا أن
نقتدى به فلا نزيد عنه ولا ننقص ففى الزيادة أو النقصان يحدث خلل للبناء فقد قال
القائل :
نبنى كما كانت أوائلنا
تبنى ونفعل مثل ما فعلوا
2- أمثلة
ونماذج ممن بنوا بناءً على قواعد سليمة لأنهم استعانوا بأهل الخبرة ومن بنوا على
قواعد خاطئة لأنهم استعانوا بمن لا خبرة له .
نموذج
للبناء الصحيح
قال ربنا جل وعلا :{وَٱلسَّابِقُونَ
ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ
ٱلْعَظِيمُ} التوبة (100)
والذين سبقوا الناس أولا إلى الإيمان بالله
ورسوله من المهاجرين الذين هجروا قومهم وعشيرتهم وانتقلوا إلى دار الإسلام,
والأنصار الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الكفار والذين
اتبعوهم بإحسان في الاعتقاد والأقوال والأعمال طلبًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى
أولئك الذين رضي الله عنهم لطاعتهم الله ورسوله ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب
على طاعتهم وإيمانهم وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها
أبدًا ذلك هو
الفلاح العظيم. وفي هذه الآية تزكية للصحابة -رضي الله عنهم- وتعديل لهم وثناء
عليهم ; ولهذا فإن توقيرهم من أصول الإيمان.
نموذج
للبناء الخاطئ
قال ربنا جل وعلا : والَّذِينَ
اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ
إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
(107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ
يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى
تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى
شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً
فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(110) التوبة
والمنافقون الذين بنوا مسجدًا; مضارة للمؤمنين
وكفرًا بالله وتفريقًا بين المؤمنين, ليصلي فيه بعضهم ويترك مسجد (قباء) الذي يصلي
فيه المسلمون, فيختلف المسلمون ويتفرقوا بسبب ذلك, وانتظارا لمن حارب الله ورسوله
من قبل -وهو أبو عامر الراهب الفاسق- ليكون مكاناً للكيد للمسلمين, وليحلفنَّ
هؤلاء المنافقون أنهم ما أرادوا ببنائه إلا الخير والرفق بالمسلمين والتوسعة على
الضعفاء العاجزين عن السير إلى مسجد (قباء), والله يشهد إنهم لكاذبون فيما يحلفون
عليه. وقد هُدِم المسجد وأُحرِق.
لا تقم -أيها النبي- للصلاة في ذلك المسجد
أبدًا; فإن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم -وهو مسجد (قباء)- أولى أن
تقوم فيه للصلاة, ففي هذا المسجد رجال يحبون أن يتطهروا بالماء من النجاسات
والأقذار, كما يتطهرون بالتورع والاستغفار من الذنوب والمعاصي. والله يحب
المتطهرين. وإذا كان مسجد (قباء) قد أُسِّسَ على التقوى من أول يوم, فمسجد رسول
الله, صلى الله عليه وسلم, كذلك بطريق الأولى والأحرى.
لا يستوي مَن أسَّس بنيانه على تقوى الله
وطاعته ومرضاته, ومن أسَّس بنيانه على طرف حفرة متداعية للسقوط, فبنى مسجدًا
ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المسلمين, فأدَّى به ذلك إلى السقوط في نار جهنم.
والله لا يهدي القوم الظالمين المتجاوزين حدوده.
لا يزال بنيان المنافقين الذي بنوه مضارَّة
لمسجد (قباء) شكًا ونفاقًا ماكثًا في قلوبهم, إلى أن تتقطع قلوبهم بقتلهم أو
موتهم, أو بندمهم غاية الندم, وتوبتهم إلى ربهم, وخوفهم منه غاية الخوف. والله
عليم بما عليه هؤلاء المنافقون من الشك وما قصدوا في بنائهم, حكيم في تدبير أمور
خلقه.
والذى يبنى فى الدنيا
بناء إسلاميا صحيحا فهذا البناء يُبنى له به بناء فى الجنة مع الفارق .
** فعن عائشةَ رضيَ
اللهُ عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « مَن
أحدَثَ في أمرِنا هٰذا ما ليسَ فيهِ فهوَ رَدّ » [2]
أى مردود عليه ولا
يقبل منه ولا نفع له ولا ثمرة له .
ففى الدين أمرنا الله
بالإتباع والذى لايتبع فلاشك أنه سيبتدع ومن ابتدع فقد ضل عن سواء السبيل .
مثال آخر
وعن جَابِرٍ رضى الله
عنه قال: « خَرَجْنَا في سَفَرٍ فأصَابَ رَجُلاً مِنَّا
حَجَرٌ فَشَجَّهُ في رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَألَ أصْحَابَهُ، فقال: هَلْ
تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً في التَّيَمُّمِ ؟ فقالوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً
وَأنْتَ تَقْدِرُ علَى المَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فقال: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله
ألاَّ سَألُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا فإنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إنَّمَا
كَانَ يَكْفِيهِ أنْ يَتَيَمَّمَ [3]
فبين النبى صلى الله
عليه وسلم أن فعل من ليس له خبرة قتل لأن فعلهم ترتب عليه قتل حقيقى ودعا عليهم
بالقتل .
قال الإمام الخطابي:
في هذا الحديث من العلم أنه عابهم بالفتوى بغير علم، وألحق بهم الوعيد بأن دعا
عليهم وجعلهم في الإثم قتلة له.
** وعن سعيد بن المسيب
قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن، وقال في المجنونة التي أمر
برجمها، وفي التي وضعت لستة أشهر فأراد عمر رجمها، فقال له علي: إن الله تعالى
يقول : {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} الحديث وقال
له: «إن الله رفع القلم عن المجنون ــــ الحديث» فكان عمر يقول: لولا علي لهلك عمر
.
** حدثنا الأعمش عن
أبـي سفـيانَ حدثنـي أَشْيَاخٌ مِنَّا قالُوا: جاءَ رجلٌ إلـى عُمَرَ بنِ الـخطابِ
رضي الله عنه فقالَ: يا أميرَ الـمؤمنـينَ إنِّـي غِبْتُ عن امْرَأَتِـي سنتـينِ،
فجئتُ وهي حُبْلَـى، فَشَاوَرَ عُمَرُ رضي الله عنه ناساً فـي رَجْمِهَا، فقالَ
معاذُ بنُ جُبَلَ رضي الله عنه : يا أميرَ الـمؤمنـينَ إنْ كانَ لكَ عَلَـيْهَا
سبـيلٌ، فلـيسَ لكَ علـى مَا فِـي بَطْنِهَا سبـيلٌ، فاتْرُكْهَا حتَّـى تَضَعَ،
فَتَرَكَهَا فَوَلَدَتْ غلاماً قد خَرَجَتْ ثَنِـيَّتَاهُ، فَعَرَفَ الرجلُ
الشَّبَهَ فـيهِ فقالَ: ابْنِـي وربِّ
الكَعْبَةِ، فقالَ
عُمَرَ رضي الله عنه: عَجَزَتِ النساءُ أَنْ يَلِدْنَ مثلَ مُعَاذٍ، لَوْلاَ معاذٌ
لَهَلَكَ عُمَرُ. [4]
3- أول
قواعد البناء الإسلامى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وهما أول ما
فرض على العباد .
[ وأول قاعدة من قواعد البناء
الإسلامى هى شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله فهاتان
الشهادتان هما المدخل إلى الإسلام فلا يُدخل إلى الإسلام
إلا بهما ،
وهما ركنه الأعظم، وقاعدته الراسخة , وعروته الوثقى ,
ولا
يحكم بإسلام شخص إلا
بالنطق بهما وتحقيق شروطهما والعمل بمقتضاهما وعدم الإتيان بما ينافيهما ، والدعوة إليهما , وبذلك يصير الكافر مسلماً. وهاتان الشهادتان هما الأساس لما بعدهما من القواعد فإن صلحتا صلح ما
بعدهما وإن فسدتا فسد ما بعدهما أى أن هاتان الشهادتان يرتكز عليهما ما بعدهما من
قواعد الإسلام وبمعنى آخر يرتكز عليهما الإسلام كله فإن كانتا راسختين ثبت ما
ارتكز عليهما وإن لم تكونا راسختين طاش وانقلب ما عليهما فإن رسختا رسخ الدين وإن
لم يرسخا لم يرسخ الدين وهما بوابة الإسلام فكما قلنا أن الإسلام بناء ولا يوجد
بناء بغير باب فإن كانت الباب محكماً كان مافى البيت محفوظا وإن كان الباب غير
محكم ضاع ما فى البيت . فما فائدة الصلاة والصوم والزكاة والحج وغير ذلك إذا لم يكن
التوحيد صحيحا . وكما قالوا
قديما لمن تكلم فى أول
كلامه بكلام قبيح أو كلام غير صحيح : أول القصيدة كفر ]
والتوحيد هو أول مفروض على العباد إذ أنه هو الذي خلقهم الله له فقال تعالى: (
وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) الذاريات
وأول أمر في كتاب الله هو الأمر بعبادة
الله وتوحيده فقال تعالى : (يأيها الناس اعبدوا
ربكم
الذي خلقكم والذين من قبلكم
لعلكم تتقون )البقرة/21
قال الناظم :
أول واجب على العبيد معرفة الرحمن بالتوحيد
والله أخذ على عباده الميثاق بالتوحيد وهو شهادة أنه لا
إله إلا هو وأشهدهم على أنفسهم به قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن
بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ
أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) الأعراف/172 [5]
**وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عله وسلم
قال :" يقال للرجل من أهل النار من يوم القيامة أرايت لو كانت لك ما على الأرض من شئ
أكنت مفتدياً به؟ قال فيقول: نعم . فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك. قد أخذت عليك في ظهر آدم لا يشرك بي شيئاً
فأبيت إلا أن تشرك بي"[6]
قال الناطم:
أخرج الله فيما مضى من ظهر آدم ذريته كالذر
وأخذ العهد عليهم أنه لا رب معبود بحق
غيره
4- يجب
تفريغ القلب أولا حتى يستقر فيه توحيد الله بلا منازع وحتى يكون القلب سليما .
أولا من كل
ما علق به حتى يستقر فيه توحيد الله بلا منازع فنحن نريد قلبا سليما من كل الآفات
فقد مدح ربنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حيث قال { [color=red]وَإِنَّ
مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ
قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ
اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) }الصافات
قوله تعالى : " وإن من شيعته لإبراهيم " قال ابن عباس : أي من أهل دينه .
وقال مجاهد : أي على منهاجه وسنته .
قوله تعالى
: " إذ جاء ربه بقلب سليم
" أي مخلص من الشرك والشك . وقال عوف
الأعرابي : سألت محمد بن سيرين ما القلب
السليم؟ فقال : الناصح لله عز وجل في خلقه
.
قال عوف : فقلت لمحمد ما القلب السليم؟ قال : أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة قائمة، وأن
الله يبعث من في القبور . وقال هشام بن
عروة : كان أبي يقول لنا : يا بني لا تكونوا لعانين، ألم تروا إلى إبراهيم
لم يلعن شيئا قط، فقال تعالى : " إذ جاء ربه بقلب سليم " .
ويحتمل مجيئه إلى ربه
وجهين : أحدهما عند دعائه إلى توحيده
وطاعته؛ الثاني عند إلقائه في النار .
[قلت : وهل هناك قلب
أسلم من قلب يلقى فى النار فلم يلتفت صاحبه إلا إلى الله . فلما جاء جبريل إلى إبراهيم وهو فى طريقه على
النار وقال له ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا وكان آخر قول إبراهيم حين ألقى فى
النار حسبى الله ونعم الوكيل ] " إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون
" أئفكا " قال المبرد :
والإفك أسوأ الكذب، وهو الذي لا يثبت ويضطرب، ومنه ائتفكت بهم الأرض . " آلهة " بدل من إفك
" دون الله تريدون " أي
تعبدون . ويجوز أن يكون حالا بمعنى
أتريدون ألهة من دون الله آفكين . "
فما ظنكم برب العالمين " أي ما ظنكم
به إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟ فهو تحذير، مثل قوله : " ما غرك بربك الكريم " [الانفطار : 6] . وقيل :
أي شيء أوهمتموه حتى أشركتم به غيره .
وقال تعالى : { وَلا
تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ (88)
إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) } الشعراء .
ولا تُلْحق بي الذل، يوم يخرج الناس من القبور
للحساب والجزاء، يوم لا ينفع المال والبنون أحدًا من العباد، إلا مَن أتى الله
بقلب سليم من الكفر والنفاق والرذيلة .
[ففرغ قلبك
من كل ما يقدح فى سلامة توحيدك لله واجعل قلبك سليما بتوحيد الله .
فعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
(وَأَهْوَى النّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ) "إنّ الْحَلاَلَ
بَيّنٌ وَإنّ الْحَرَامَ بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنّ
كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ
وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرّاعِي
يَرْعَىَ حَوْلَ الْحِمَىَ، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإنّ لِكُلّ
مَلِكٍ حِمىً، أَلاَ وَإِنّ حِمَى اللّهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنّ فِي الْجَسَدِ
مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ
الْجَسَدُ كُلّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ". [7]
قلت محمود : فصلاح التوحيد
وسلامته سبب فى صلاح القلب وسلامته وصلاح القلب وسلامته سبب فى صلاح الجسد كله
وسلامته فالأصل الذى ينصلح به الجسد كله هو صلاح التوحيد وسلامته بل وصلاح الدنيا
كلها والآخرة بصلاح التوحيد وسلامته.
وقال تعالى : وَعَدَ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ
كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55) النور
نزلت في أبي بكر وعمر
رضي الله عنهما؛ قاله مالك . وقيل : إن سبب هذه الآية أن بعض أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم شكا جهد مكافحة العدو، وما كانوا فيه من الخوف على أنفسهم، وأنهم لا
يضعون أسلحتهم؛ فنزلت الآية .
قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ
إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة،
الآية:163]
وقال تعالى: {لا
إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة، الآية:256]
فيجب
علينا معرفة الله بالتوحيد حتى يسهل علينا عبادته وحده والإنقياد لأمره واتباع
نبيه صلى الله عليه وسلم .
فالله أذل
الملوك بمعصيته وأعز العبيد اطاعته .
وجعل
الملوك عبيدا بمعصيته وجعل العبيد ملوكا بطاعته .
الله الذى عصاه
الجبابرة فقصمهم وعصاه الأغنياء فأفقرهم وعصاه الملوك فأذلهم .
عصاه
النمرود فأذله .
وعصاه
فرعون فأغرقه .
وعصاه
هامان فأهلكه .
وعصاه
قارون فخسف به الأرض .
وعصته قرى
قوم لوط فجعل عاليها سافلها وأمطرهم بحجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هى من
الظالمين ببعيد .
وعصاه قوم
عاد فأرسل عليهم ريحا صرصرا عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فصيرهم
صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية .
وعصاه قوم
ثمود فأهلكهم بالطاغية .
الله أطاعه الأذلاء فأعزهم .
وأطاعه
الفقراء فأغناهم .
وأطاعه
الضعفاء فجبر ضعفهم .
أطاعه أبو
بكر فصار صديقا .
وأطاعه بن
الخطاب فصار فاروقا .
وأطاعه
بلال بن رباح فصار بعد الرق والإستعباد عزيزا .
وأطاعه أبو
هريرة فصيره بعد ما كان فقيرا على البلاد
أميرا .
5- معنى لا
إله إلا الله .
ومعنى لا إله إلا الله :
أى لا معبود بحق إلا الله وحده سبحانه وتعالى.
" شهادة أن لا إله إلا الله " أن يعترف الإنسان
بلسانه وقلبه بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل لأن إله بمعنى مألوه والتأله
التعبد. والمعني أنه لا معبود حق إلا الله وحده، وهذه الجملة مشتملة على نفي
وإثبات، أما النفي فهو " لا إله " وأما الإثبات ففي " إلا الله
" والله " لفظ الجلالة " بدل من خبر " لا " المحذوف،
والتقدير " لا إله حق إلا الله " فهو إقرار باللسان بعد أن آمن به القلب
بأنه لا معبود حق إلا الله عز وجل وهذا يتضمن إخلاص العبادة لله وحده ونفي العبادة
عما سواه.
وبتقديرنا الخبر بهذه الكلمة " حق " يتبين
الجواب عن الإشكال الذي يورده كثير من الناس وهو : كيف تقولون لا إله إلا الله مع
أن هناك آلهة تعبد من دون الله وقد سماها الله تعالى آلهة وسماها عابدها آلهة قال
الله تبارك وتعالى : {فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما
جاء أمر ربك}
}وقال تعالى : { ولا تجعل مع الله إلهاً آخر} . وقال تعالى : {ولا تدع مع الله إلهاً
آخر}وقوله
: {لن
ندعوا من دونه إلهاً }
فكيف يمكن أن نقول : لا إله إلا الله مع ثبوت الألوهية
لغير الله عز وجل ؟ وكيف يمكن أن نثبت الألوهية لغير الله عز وجل والرسل يقولون
لأقوامهم: { اعبدوا الله مالكم من إله غيره } ؟
والجواب على هذا الإشكال يتبين بتقدير الخبر في لا إله
إلا الله فنقول : هذه الآلهة التي تعبد من دون الله هي آلهة، لكنها آلهة باطلة
ليست آلهة حقة وليس لها من حق الألوهية شيء، ويدل لذلك قوله تعالى: { ذلك بأن الله
هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير } ويدل لذلك أيضاً
قوله تعالى : {
أفرأيتم اللات والعزى . ومناة الثالثة الأخرى . ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا
قسمة ضيزى إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان} وقوله تعالى
عن يوسف عليه الصلاة والسلام:{ما
تعبدون
من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من
سلطان}
إذاً فمعنى " لا إله إلا الله " لا
معبود حق إلا الله عز وجل، فأما المعبودات سواه فإن ألوهيتها التي يزعمها عابدها
ليست حقيقية، أي ألوهية باطلة، بل الألوهية الحق هي ألوهية الله عز وجل.[8]
ومعنى الإله :
هو المألوه المعبود بحق ،
ومن اعتقد بأن الإله هو الخالق الرازق أو القادر على الاختراع وأن
الإيمان بذلك وحده يكفي دون إفراد الله بالعبادة فإنه لا تنفعه لا إله إلا الله في
الدنيا بالدخول في الإسلام ولا تنجيه من العذاب المقيم في الآخرة.
قال تعالى: {قُلْ مَنْ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ
مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا
تَتَّقُونَ} [سورة يونس، الآية:31].
وقال تعالى: {وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [سورة
الزخرف، الآية:87].
وهو النطق
بها مع العلم بمعناها والعمل بمقتضاها ظاهراً وباطناً
، أما النطق بها من غير معرفة بمعناها ولا عمل بمقتضاها فإنه غير نافع بالإجماع،
بل تكون حجة عليه لا له .
{فعلى العبد أن يعلم
أنه لا إله إلا الله أى لا ينبغى للعبد أن يتوجه بالعبادة ظاهراً وباطناً إلا لله
ولا ينبغى للعبد أن يتعبد لله إلا على طريقة رسول الله ولا يقدم على رسول الله
أحداً كائنا من كان قال تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله
ورسوله}
6-
المستفاد من قوله لا معبود بحق إلا الله لأن هناك آلهة تعبد بالباطل .
[وقولنا لا معبود بحق
فهذا القيد مهم جدا لأن هناك آلهة تعبد بالباطل فكثير من الناس عبدوا الأصنام
والأوثان وكثير من الناس
عبدوا الكواكب والنجوم
وكثير من الناس عبدوا الطواغيت وكثير من الناس عبدوا الهوى]
قال تعالى :وَإِذَا
قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا
أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً
وَلا يَهْتَدُونَ (170) البقرة
وقال تعالى :وَإِنَّ
مِنْ شِيعَتِهِ لإٍبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ
قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ
اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) الصافات
وقال تعالى :أَفَرَأَيْتُمْ
اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمْ
الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ
هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ
بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ
وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ الْهُدَى (23) النجم
وقال تعالى : وَلَقَدْ
بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا
الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ
الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ (36) النحل
وقال تعالى :وَجَدْتُهَا
وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ
الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ
(24) أَلاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ
الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ
وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
(26) النمل
وقال تعالى : أَلَمْ
تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ
وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنْ
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) الحج
وقال تعالى : لَوْ
كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ
الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)الأنبياء
وقال تعالى :{أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ *
وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن
تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ
أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَـٰمِتُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ
أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ *
أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ
لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ
ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّىَ
ٱللَّهُ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ *
وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ
أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ * وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ
إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } الأعراف [191 – 198]
وقال تعالى :وَمِنْ
آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا
لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ
كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فصلت
ومِن حجج الله على خلقه, ودلائله على وحدانيته
وكمال قدرته اختلاف الليل والنهار, وتعاقبهما, واختلاف الشمس والقمر وتعاقبهما, كل
ذلك تحت تسخيره وقهره. لا تسجدوا للشمس ولا للقمر- فإنهما مدَبَّران مخلوقان-
واسجدوا لله الذي خلقهن, إن كنتم حقًّا منقادين لأمره سامعين مطيعين له، تعبدونه
وحده لا شريك له.
وقال تعالى :{أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ
ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ
بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ}الجاثية
وقال تعالى : أَلَمْ
أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) يس
وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « تَعِسَ عبْدُ
الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقطيفَةِ وَالخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعطِيَ رضي ، وَإِنْ
لَمْ يُعطَ لَمْ يَرْضَ »[9].
7- لا إله
إلا الله نفىٌ وإثباتٌ.
وركنا هذه الكلمة النفي
والإثبات نفي الإلهية عما سوى الله وإثباتها لله
وحده لا شريك له، كما تضمنت الكفر بالطاغوت –وهو كل ما عبد من دون الله تعالى من
بشر أو حجر أو شجر أو هوى أو شهوة- وبغضه والبراءة منه، فمن قالها ولم يكفر
بما يعبد من دون الله لم يأت بهذه الكلمة.
وكلمة لا إله إلا الله
نفي وإثبات كما سبق ، نفي للعبادة بحق عن غير الله كائنا من كان وإثبات العبادة
لله وحده بالحق كما قال جل وعلا عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال لأبيه
وقومه : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا
تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً
بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وقال سبحانه : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قَدْ كَانَتْ لَكُمْ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ
إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا
بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا
حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وهذا قول الرسل جميعا لأن قوله سبحانه :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] قَدْ كَانَتْ لَكُمْ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يعني به الرسل جميعا وهم الذين معه من
أولهم إلى آخرهم ودعوتهم دعوته وكلمتهم هي البراءة من عبادة غير الله ومن المعبودين
من دون الله الذين رضوا بالعبادة لهم ودعوا إليها ، فالمؤمن يتبرأ منهم وينكر
عبادتهم ويؤمن بالله وحده المعبود بالحق سبحانه وتعالى ، ولهذا قال سبحانه في
الآية السابقة عن إبراهيم أنه قال لأبيه وقومه :{ إِنَّنِي
بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي } وهو الله سبحانه
وتعالى الذي فطره وفطر غيره فإنه لا يتبرأ من عبادته وأنما يتبرأ من عبادة غيرة ،
فالبراءة تكون من عبادة غيره سبحانه ، أما هو الذي فطر العباد وخلقهم وأوجدهم من
العدم وغذاهم بالنعم فهو المستحق العبادة سبحانه وتعالى ، فهذا هو مدلول هذه
الكلمة ومعناها ومفهومها ، وحقيقتها البراءة من عبادة غير الله وإنكارها واعتقاد
بطلانها والإيمان بأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى وهذا معنى قوله جل وعلا
: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى
لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }ومعنى يكفر بالطاغوت ينكر عبادة الطاغوت ويتبرأ منها .
والطاغوت :
اسم لكل ما عبد من دون الله فكل معبود من دون الله يسمى طاغوتا فالأصنام والأشجار
والأحجار والكواكب المعبودة من دون الله كلها طواغيت وهكذا من عبد وهو راض كفرعون
ونمرود وأشباههما يقال له طاغوت ، وهكذا الشياطين طواغيت لأنهم يدعون إلى الشرك.
وأما من عبد من دون
الله ولم يرض بذلك كالأنبياء والصالحين والملائكة فهؤلاء ليسوا طواغيت وإنما
الطاغوت الشيطان الذي دعا إلى عبادتهم من جن وإنس ، أما الرسل والأنبياء والصالحون
والملائكة فهم براء من ذلك وليسوا طواغيت لأنهم أنكروا عبادتهم وحذروا منها وبينوا
أن العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا : فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ يعني ينكر عبادة غير الله ويتبرأ منها ويجحدها ويبين أنها باطلة
وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ يعني يؤمن بأن الله هو المعبود بالحق وأنه هو المستحق
للعبادة وأنه رب العالمين وأنه الحق العليم رب كل شيء ومليكه ، العالم بكل شيء
والقاهر فوق عباده وهو فوق العرش فوق السموات سبحانه وتعالى ، وعلمه في كل مكان
وهو المستحق العبادة جل وعلا ، فلا يتم الإيمان ولا يصح إلا بالبراءة من عبادة غير
الله وإنكارها واعتقاد بطلانها ، والإيمان بأن الله هو المستحق للعبادة سبحانه
وتعالى ، وهذا هو معنى قوله سبحانه في سورة الحج : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ
الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ }وفي
سورة لقمان : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ
الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ }وهو
معنى الآيات السابقات وهي قوله سبحانه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اعْبُدُوا رَبَّكُمُ }وقوله جل وعلا : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا
تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } وقوله عز وجل :{ وَمَا أُمِرُوا إِلا
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ }
إلى غير ذلك من الآيات .
8- التوحيد
حق الله على العباد .
[ فهذ
التوحيد وهذه العبادة لله وحده هى حق الله على العباد فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى
الْعِبَادِ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا
يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ . [10]
فإن هم
حفظوا حق الله حفظهم الله وإن هم ضيعوا حق الله ضيعهم الله .
فعن ابن
عباس رضى الله عنهما قال: «كُنْتُ خَلْفَ النبيِّ يَوْماً، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ،
إِنِّي أُعَلِّمُكَ كِلمَاتٍ: إِحْفَظِ الله يَحْفَظْكَ، إِحْفَظِ الله تجِدْهُ
تجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ الله، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله،
وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ
يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لَكَ، وَإنِ اجْتَمَعُوا عَلَى
أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله
عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَفْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُف» . [11]
9- حكم
التوحيد .
توحيد الألوهية فرض
على العباد، لا يدخلون الإسلام إلا به، ولا ينجون من النار إلا باعتقاده والعمل
بمقتضاه، وهو أول ما يجب على المكلف اعتقاده والعمل به، وأول ما يجب البداءة به في
الدعوة والتعليم خلافاً لمن اعتقد غير ذلك، ويدل على فرضيته
الأمر به في الكتاب
والسنة وأن الله خلق الخلق وأنزل الكتب لأجله.
قال تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا
أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ} [سورة الرعد، الآية:36]
وقال
تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذريات، الآية:56]. وقال النبي r لمعاذ t : عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما «أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله
عليه وسلم لمَّا بَعثَ مُعاذاً رضيَ اللهُ عنهُ على اليمنِ قال: إنكَ تَقْدَمُ على
قومٍ أهلِ كتابٍ، فلْيكُنْ أولَ ما تدَعوهم إليهِ عِبادةُ اللهِ، فإذا عَرفوا
اللهَ فأخبرهم : أنَّ اللهَ قد فرضَ عليهم خمس صلواتٍ في يومِهم وليلتَهم، فإذا
فَعلوا، فأخبرهم : أنَّ اللهَ فرضَ عليهم زكاةً مِن أموالِهم وتُرَدُّ على
فُقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخُذْ منهم، وتَوَقَّ كرائمَ أموالِ الناسِ ». الحديث
أخرجه البخاري ومسلم.
وهذا
التوحيد هو أفضل الأعمال على الإطلاق وأعظمها تكفيراً للذنوب، فقد أخرج البخاري
ومسلم من حديث عتبان t مرفوعاً {فإن الله حرم على النار من قال لا لإله إلا الله يبتغي
بذلك وجه الله }
10- جميع
الرسل بُعثت بالتوحيد .
اتفقت
الرسل جميعاً على دعوة أقوامهم إلى كلمة لا إله إلا الله وتخويفهم من الإعراض عنها
كما بين القرآن الكريم ذلك في آيات كثيرة، قال تعالى: {وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ
إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء، الآية:25]
وقد ضرب رسول الله r مثل
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر