(1) الشريف حسين بن علي فجر الثورة العربية الكبرى وملك العرب.
(2) فيصل الثاني ملك العراق استشهد هو والعائلة الهاشمية المالكة كافة في الانقلاب الدموي 14 تموز 1958 في العراق.
كان الحسين أشد ذكاء وأبرع في التعامل مع الأتراك ويتمتع بكافة المزايا القيادية. ورغم طلباتهم المتواصلة منه إعلان الجهاد كان يرد عليهم بحماسة ويقنعهم بخطورة طلباتهم تلك. ويدعو لهم بالنصر وأنه يؤيدهم غير أنه يأمل من حكمة السلطان ووزرائه أن يدركوا الصعوبات التي يواجهها لأن القوات البريطانية في البحر الأحمر متفوقة وتستطيع فرض الحصار على الحجاز وتجويع شعبه وربما قصف الموانئ الحجازية. وفي نفس الوقت كان يتساءل في مراسلاته مع الأتراك عن مواقف الآخرين من أمراء العرب وشيوخ القبائل وهو ما أثار شكوك السلطان وتراسل الشريف كذلك مع السيد علي الميرغني أهم زعيم عربي في السودان آنذاك وصديق الحاكم البريطاني العام ريجينالد وينغيت.
ولأنه رفض أو أجّل إعلان الجهاد فقد آثار الحسين بن علي غضب الأتراك وبدأوا يخططون لعزله. غير أن كل ما استطاعوا أن يفعلوه هو الإدعاء بأنه أعلن الجهاد، وقد أوحى موقف وسلوك الباشا العثماني في الحجاز من أن ثمة مؤامرة قيد الإعداد وربما التنفيذ. واستطاع أنصاره سرقة أوراق الباش فاطلع عليها وتأكد بأن ثمة خطة لعزله، ولذلك لم يضيع الوقت بل أرسل فيصلاً إلى الأستانة لتقديم شكوى إلى السلطان وحكومته مع أن المهمة الرئيسة التي أنيطت بفيصل هي الاتصال مع زعماء العرب في سورية وأن يوضح لهم كل ما يعرفونه عن المفاوضات مع الإنكليز بواسطة ابنه عبد الله والوضع العسكري العام كما يراه.
وخلال غياب فيصل في تركيا اجتمع زعماء الحركة العربية من السوريين في دمشق ووضعوا بروتوكولاً يحدد الشروط التي يعتقدونها مناسبة للعمل مع البريطانيين.
ولدى عودة فيصل من تركيا واجتماعه معهم وهو في طريقه إلى مكة أعرب عن شكوكه في قبول البريطانيين للشروط العربية. لكنه على أي حال انطلق إلى مكة عل جناح السرعة ووعدهم بأن يضغط على والده حتى يفرض تلك الشروط على بريطانيا. وكان الجزء الأول من الوثيقة السورية (البروتوكول) القصيرة يطالب أن تعترف بريطانيا باستقلال الأقطار العربية وفق الحدود التالية: شمالاً من مرسين وأضنة وأورفة وماردين وجزيرة ابن عمر ومن الغرب البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ولا يستثنى من ذلك في الجزيرة العربية سوى عدن. وطالبت الوثيقة بعقد تحالف دفاعي بين بريطانيا العظمى والدولة العربية المستقلة مستقبلاً ومنح بريطانيا أفضلية اقتصادية. وأقسم على المصحف ستة من الزعماء السوريين على الاعتراف بالشريف حسين ناطقاً باسم الشعب العربي بل أن بعض الزعماء السوريين سلموا إلى فيصل أختامهم الخاصة وفقاً لتقليد قديم دلالة على إخلاصهم وولائهم للشريف حسين.
عندما استأنف الشريف مفاوضاته مع البريطانيين كانوا مع حلفائهم يعانون متاعب كثيرة في الجبهة الشرقية خاصة بعد فشل الهجوم على غاليبولي وكانت مصر نفسها موضع تهديد بينما قام الأتراك في اليمن بهجوم على عدن. أما في العراق فرغم التقدم البسيط الذي أحرزه البريطانيون فقد كانوا يعانون مشاكل جمة ويتكبدون خسائر فادحة. بينما انهمك السير هنري مكماهون في تلك المرحلة بالدفاع عن مصر فتلقى مذكرة من الشريف وهي جزء من المراسلات بينهما التي عولجت ونشرت في كتب كثيرة منذ الحرب لعلاقتهما الوثيقة بالقضية الفلسطينية. وفي شهر أيار أبرق الشريف عن طريق بور سودان إلى ستورز وطلب منه زيارة ابن عبد الله في الحجاز.
ونتيجة لتلك المراسلات وزيارة ستورز (مهما كانت التفسيرات التي قدمت عنها من قبل الأطراف المعنية) ولأن الأتراك أكملوا استعدادهم في المدينة (المنورة) لتوجيه حملة عسكرية إلى اليمن، وربما تلجأ تلك الحملة في طريقها إلى عزل الشريف حسين. قرر الشريف دخول الحرب إلى جانب الحلفاء في الخامس من حزيران 1916.
وذكرت صحيفة (القبلة) المكية أول تقرير عن العمليات العسكرية وكانت العملية الأولى هي إخراج الحامية العسكرية التركية من مكة(7). على النحو التالي: "في الساعة الثالثة والنصف من فجر يوم السبت التاسع من شعبان تم تطويق الثكنات في مكة وعمارة الحميدية التي تضم مكاتب الحكومة وبدأ تبادل إطلاق النار مع القوات التركية المتحصنة فيها"(
.
واتصل ضباط الحامية التركية مع قصر الشريف يستطلعون الخبر وتمّ إبلاغهم أن البلاد أعلنت استقلالها وأنه يتعين عليهم الاستسلام. غير أنهم رفضوا ذلك فاستمر القتال إلى أن شنت مجموعة من الأشراف هجمة صادقة على الحميدية والثكنات واقتحمتها فاضطرت الحامية للاستسلام وتم اقتياد القائد التركي وهو نائب القائد العام في الحجاز، إلى جانب بعض الضباط والجنود الأتراك إلى قصر الشريف حيث احتجزوا فيه كأسرى بعد تجريدهم من أسلحتهم، غير أن بعض الضباط رفضوا الاستسلام وواصلوا إطلاق النار حتى التاسع من تموز فاستسلموا جميعاً وبذلك يكون الأتراك قد حكموا الحجاز عملياً أربعة قرون بالتمام والكمال.
تسببت أخبار الثورة العربية بالذعر في تركيا وألمانيا. وتمّ إخفاء الحقيقة عن الناس بضعة أسابيع. وقام عبد الله بن الحسين في شهر أيلول بمحاصرة الطائف والحاكم العام في الحجاز (غالب باشا). وخلال ذلك الصيف تم الاستيلاء على كافة البلدات الأخرى في الحجاز باستثناء المدينة (المنورة) بل أن القوات العربية سرعان ما حاصرت المدينة نفسها وقطعت كافة الاتصالات معها.
وأصدر الشريف حسين بياناً للمسلمين أوضح فيه أهدافه والأسباب التي دعته إلى إعلان الثورة وهي أسباب دينية وقومية. وهاجم في البيان ممارسات جمعية الاتحاد والترقي التركية (الطورانية) وهاجم وحشية الحكومة التركية والمتنفذين فيها وفي طليعتهم الثلاثي: طلعت باشا وأنور باشا وجمال باشا المسؤولين عن إعدام خيرة رجالات العرب ونشر الذعر والإرهاب في سورية. ودعا البيان كافة المسلمين لأن يحذوا حذوه ويشقوا عصا الطاعة على العصبة الطاغية المتحكمة في الأستانة.
أما جمال باشا قائد الجيش الرابع في سورية فأصيب بحالة من الغضب والعصبية. وألقى خطاباً في دمشق هاجم فيه الشريف حسيناً "الذي تحالف مع القوى المسيحية التي تهدف إلى تخريب العالم الإسلامي واستعادة الأستانة (استانبول) عاصمة الخلافة الإسلامية"(9) وطلب جمال باشا من المواطنين قتل الشريف حسين (الذي يخدم الإنكليز).
في تلك الفترة وصل وفدان بريطاني وفرنسي إلى جدة… الوفد البريطاني بقيادة العقيد ويلسون من الإدارة السياسية في السودان. والوفد الفرنسي بقيادة العقيد بريمون. وكان المفروض أن تكون مهمة الضباط الذين رافقوهما استشارية محضة لكن بعض أولئك الضباط اضطلعوا فيما بعد بمهمات تنفيذية.
كان الأثر المباشر للثورة العربية على الصعيد العسكري إحباط المحاولة الألمانية التركية لإغلاق البحر الأحمر عند باب المندب وقد اعترف بهذا الأثر كل من الدكتور هورغارث الباحث الشهير الذي كان يرأس المكتب العربي في القاهرة والعقيد الفرنسي بريمون.
وقام ستورز بزيارة الحجاز مرة أخرى في شهر أيلول على متن سفينة القيادة (يوريلاس) بقيادة الأميرال (ديميس)، وهي السفينة التي حملت المحمل إلى جدة. وكانت المرة الأولى التي تضطلع بها سفينة بريطانية بإحضار المحمل إلى الحجاز.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) نودي بالشريف حسين ملكاً على العرب. وأبرق هذه الأخبار الشريف عبد الله إلى الأقطار الإسلامية، وكان عبد الله آنذاك يضطلع بمهمات وزير الخارجية. وفي كانون الثاني (يناير) 1917 أبلغت الحكومتان البريطانية والفرنسية الشريف حسين باشا بأنهما تعترفان به (ملكاً على الحجاز) وفي نفس الوقت تمكن الشريف فيصل وقواته من احتلال أحد آخر معاقل الأتراك في الحجاز وهو بلدة (الوجه). لكن حامية المدينة (المنورة) بقيت صامدة أمام الحصار، ووصل إليها فجأة من الأستانة الشريف علي حيدر يحمل فرماناً من الباب العالي بتعيينه حاكماً بدلاً من الشريف حسين. وبعد أن تأكد الشريف علي حيدر من استحالة مهمته وأن ثمة احتمالات لأسره طلب من السلطان السماح له بالعودة إلى لبنان حيث بقي هناك حتى نهاية الحرب.
كان أبناء الشريف حسين يقودون قوات الثورة ويضطلعون بمسؤولياتهم كاملة. فالشريف علي بن الحسين وهو أكبر أبنائه كان يقود القوات التي تحاصر المدينة (المنورة) أما الشريف عبد الله الذي يتمتع بنشاط وافر ويلي علياً في العمر، فكان يقطع المواصلات التركية ويضايقها من وادي العيس بينما انطلق الشقيق الثالث فيصل نحو الشمال وبعد أن احتل الوجه أصبح مستعداً لعمليات واسعة النطاق.
وفي تموز (يوليو) تقدمت قوات فيصل واحتلت العقبة وأسرت عدداً من الأتراك. وباحتلال العقبة انتهت المرحلة الأولى من الثورة. أما المرحلة الثانية فهي التقدم إلى دمشق بالتعاون والتنسيق مع قوات الجنرال الليبي التي انطلقت من صر، ولم تكن مهمة فيصل العسكرية سهلة، لقد تغلب على خبث ودهاء شيوخ القبائل الذين كان بحاجة إلى دعمهم واضطر لعقد تحالفات مع كل واحد منهم وبذل جهود مضنية في إقناعهم بالتخلي عن العداوات والحزازات والخلافات التي كانت قائمة بينهم. وما كانت مهمته الصعبة هذه لتنجح لولا الذهب الوفير الذي زوده به البريطانيون. ولعل الأهم من الذهب إيمانه بعدالة القضية التي يناضل لأجلها وهي استقلال العرب ووحدتهم. وكان يساعده في جهوده تلك وفي الهجمات أو العمليات العسكرية ضد المراكز التركية، العقيد لورنس من البعثة العسكرية البريطانية. وكان موفدو فيصل بما في ذلك لورنس يسافرون مسافات طويلة أمامه ويصلون في مهماتهم تلك أحياناً إلى سورية الشمالية أي خلف الخطوط التركية. وبدأ الضباط والجنود العرب في القوات التركية يفرون من وحداتهم ويلتحقون بقوات الثورة التي يقودها فيصل. وعندما دخلت القوات البريطانية إلى فلسطين استقبلهم الأهالي بصفة محررين.
لقد صدر العديد من الكتب التي عالجت بالتفصيل العمليات والمهمات العسكرية التي اضطلعت بها القوات العربية بقيادة فيصل في تلك المرحلة من الحرب العالمية الأولى وخاصة كتاب لورنس (أعمدة الحكمة السبعة). وأخيراً دخل الشريف ناصر وبعض شيوخ قبيلة عنيزة (عنزة – بتسكين العين وكسر النون وفتح الزين) والقوات المرافقة لهم، إلى دمشق في الثلاثين من أيلول عام 1918 وانطلقت طلائع القوات العربية إلى الميادين الرئيسة في دمشق يحملون علم الثورة العربية ذا الألوان الأربعة يبشرون بالنصر. وفي اليوم التالي دخلت إلى دمشق مفرزة من الفرسان العرب بقيادة الشريف ناصر وبعد يومين دخل النبي إلى المدينة من الجهة الجنوبية الغربية بينما دخلها فيصل برفقة زهاء ألف من رجاله من الزاوية الجنوبية والشرقية أي من الناحية الصحراوية وقد أكد كافة الذين شاهدوا دخول القوات العربية إلى دمشق بأن السوريين كانوا في ذروة البهجة والاحتفال بتحرير بلادهم من حكم الأتراك الذي استمر زهاء أربعة قرون متتالية.
ورغم أن الفرنسيين استطاعوا بعد سنتين عزل فيصل وإخراجه من دمشق. فقد أصبح ملكاً على العراق كما أصبح عبد الله أميراً على شرق الأردن. وهكذا إذا كان الحسين بن علي لم يحقق كافة أحلامه فقد كان يؤثر مباشرة على جزء كبير من آسيا العربية. وعلى مساحة من الأراضي أكثر من أي حاكم عربي.
غير أن التوجهات المصلحية والنفعية في سياسات الحلفاء التالية حتمت دعم الآمال الصهيونية في فلسطين من جهة ومطالب فرنسا في سورية ولبنان من جهة أخرى، ولذلك رفض الحلفاء التفاوض مع الحسين بن علي إلا بصفته ملكاً على الحجاز فقط لا يحق له الحديث عن سورية أو فلسطين، أما عبد العزيز بن سعود وبغض النظر عن اتفاقيته مع بريطانيا فقد أصبح مستقلاً تماماً، بل أن بريطانيا اعترفت باستقلال شيخ الكويت(10) بينما كان سلطان مسقط مستقلاً منذ فترة ويرتبط بمعاهدتين مع أمريكا وفرنسا. وكانت عسير والبحرين واليمن مستقلة كذلك عن الشريف حسين وبالتالي لا يجوز الاعتراف به ملكاً على العرب. هذه هي الحجج التي كانت تتذرع بها بريطانيا.
كان الحلفاء قد زودوا عبد العزيز ابن سعود خلال الحرب بالكثير من السلاح والمال لكنه لم يستعملها إلا لمهاجمة قوات الهاشميين في تربة عام 1919 وإلحاق الهزيمة بابن الرشيد منافسه في نجد الذي تحالف مع الهاشميين بعد الحرب.
لا شك أن تعاليم الإسلام والتقاليد العربية القديمة هي التي حالت بين الحسين وبين التحالف العلني مع قوة مسيحية ضد ابن سعود. أما العثمانيون الذين كانوا يمثلون نقطة الثقل في توازن القوى داخل الجزيرة العربية فقد اختفوا عن المسرح تماماً، بل أن الأتراك الجدد (أتاتورك) ألغوا منصب الخلافة بعد أن اضطر آخر الخلفاء وهو السلطان عبد المجيد إلى مغادرة الأستانة مع أسرته على جناح السرعة وللأبد في الرابع من آذار 1924. وفي الحادي عشر من الشهر المذكور أعلن الحسين بن علي نفسه خليفة للمسلمين وكان آنذاك في بلدة الشونة في شرق الأردن.
وأخذ الحسين يسعى لتقليص الخلافات بينه وبين البريطانيين من جهة وبينه وبين ابن سعود من جهة أخرى. غير أن العداء بينه وبين ابن سعود كان عميقاً وقديماً ومتجذراً بينما كانت بريطانيا تطالبه بالكثير وتسعى علناً لاحتوائه، وكان حزنه كبيراً للنتائج التي أسفر عنها مؤتمر سان ريمو الذي وافق أن تفرض بريطانيا انتدابها على فلسطين والعراق، وعرضت بريطانيا عليه عقد اتفاقية حماية وأن تواصل تقديم المساعدات للحجاز شريطة اعترافه بالصهيونية، وقد وصف جورج أنطونيوس مشاعر الحسين بهذا الصدد بعد أن خذله حلفاء الأمس.
وفي عام 1923 وصيف 1924 استمرت المفاوضات. وكان الحسين يؤكد خلال ذلك بأنه لم يعلن الثورة على الأتراك رغبة في منصب، وأن هجرة اليهود إلى فلسطين ستؤدي في النهاية إلى قيام دولة يهودية لا يمكن أن يقبل بها العرب.
وفي شهر آب (أغسطس) 1924 كتب الحسين بن علي إلى رئيس وزراء بريطانيا يطالبه بتنفيذ الوعود والعهود التي قطعتها بريطانيا على نفسها له خلال الحرب لكنه لم يتلق أي جواب خطي بل تلقى جواباً من نوع آخر وهو أن الوهابيين بدأوا بالزحف على الحجاز. فاتصل مع رئيس الوزراء البريطاني مرة أخرى وطلب المساعدة غير أن البريطانيين في ذلك الوقت أصبحوا يعتبرونه مصدر إزعاج، ويقول جورج أنطونيوس(11) أن المسؤولين البريطانيين بدأوا يتندرون عليه. وقد ردت الخارجية البريطانية على طلبه المساعدة ضد ابن سعود بأن الخلاف بينه وبين الوهابيين خلاف ديني وأن بريطانيا لا تستطيع التدخل إلا إذا طلب الطرفان منها ذلك على أساس التحكيم. وكانت بريطانيا تعترف أن ابن سعود سيرفض التحكيم لسبب بسيط وهو أن قواته أقوى وأفضل تسليحاً وبالتالي فإن انتصاره مؤكد.
وفي الثالث عشر من تشرين الأول 1924 دخلت القوات الوهابية إلى مكة واضطر الحسين للتنازل عن منصبه لابنه الأكبر علي الذي استطاع الاحتفاظ بميناء جدة زهاء سنة بينما استغل ابن سعود الفرصة لمراسلة مسلمي الهند والتأكيد لهم بأنه لم يرتكب مذبحة في مكة وأنه لا ينوي تدمير المقدسات وأن الوهابيين سيسمحون للمسلمين من كافة المذاهب بالحج إلى بيت الله… كان الملك علي آنذاك يحكم جدة والمدينة المنورة وينبع ولم يكن لديه أية موارد ووضعه العسكري يزداد ضعفاً يوماً بعد يوم. وفي الشتاء التالي أي في 18 كانون الأول 1925 استدعى القناصل الأجانب وأعلن لهم انسحابه. وفي الثاني والعشرين من الشهر المذكور حملته باخرة بريطانية إلى ميناء البصرة في العراق فانطلق من هناك إلى بلاط شقيقه الملك فيصل في بغداد.
ودخلت القوات الوهابية إلى جدة والمدينة وينبع وبدأ ابن سعود يصدر البيانات والتصريحات لطمأنة العالم الإسلامي عامة والحجازيين خاصة ودعا إلى عقد مؤتمر إسلامي لاختيار شريف جديد لكنه في النهاية حكم الحجاز بنفسه وهو الهدف الذي كان يسعى إليه منذ البداية.
ومرض الحسين بن علي في منفاه في جزيرة قبرص وعاد إلى عمان مريضاً حزيناً ليتوفى فيها في الرابع من حزيران 1931(12) وفي الرابع عشر من شباط 1935 توفي ابنه (علي) في بغداد.
وكانت خطة مراسم الجنازة تستدعي حمل جثمان الملك علي من قصره على ضفة نهر دجلة في زورق يسير في النهر حتى وسط بغداد ومن هناك يحمل إلى المقابر الملكية في الأعظمية. واصطف الجنود على ضفتي النهر بينما شقت السفن طريقها في دجلة مجللة بالسواد واصطف مئات آلاف الناس على جانبي النهر يكفكفون دموعهم عندما هبت على نحو مفاجئ رياح عاتية تبعتها أمطار غزيرة اضطرت الناس للبحث عن مأوى ورغم ذلك استمرت مراسم جنازة آخر سدنة مكة الهاشميين حتى دفنه وشارك في الجنازة الأمير عبد الله أمير شرقي الأردن والملك غازي والأمير عبد الإله ابن علي(13) وكان بالإمكان سماع عويل آلاف النساء.
(1) صدرت الطبعة الأولى من الكتاب في الأربعينيات.
(2) (مكة) الجزء الأول صفحة 177.
(3) انظر: ج. ستيت (أمير من الجزيرة العربية) الناشر ألين وأونوين 1947.
(4) أي في الأربعينيات.
(5) أ.ج.ب وافل (الحج الحديث في مكة) صفحة 209.
(6) يبدو أن الأمر اختلط على المؤلف فقد انتقلت راية الرسول (صلعم) إلى الأستانة منذ زمن بعيد وكان سلاطين آل عثمان يخرجونها من صندوقها الذهبي وسط مراسم عندما تعلن العاهلية الحرب. وما زالت الراية ضمن الأمانات المقدسة في متحف طوب قابي في استانبول.
(7) لم يكن الهدف من تأليف هذا الكتاب شرح العمليات العسكرية التي اضطلعت بها القوات العربية سواء في الحجاز أو سورية. لذلك يلاحظ القارئ بلا ريب أن المؤلف يلجأ إلى التلخيص الشديد في كل ما يتعلق بالعمليات العسكرية.
(
ترجمة مختصرة عن (يقظة العرب) جورج أنطونيوس ومن يشأ التوسع في ذلك فليراجع مؤلفات المؤرخ الأردني الأستاذ سليمان موسى الذي تعتبر مؤلفاته من أهم المراجع في كل ما يتعلق بالثورة العربية الكبرى.
(9) جورج أنطونيوس (اليقظة العربية).
(10) شيخ الكويت من أسرة الصباح التي ما زالت تحكم الكويت.
(11) يقظة العرب.
(12) انظر عدد صحيفة التايمز 5/6/1931 حيث وصف مندوبها الجنازة بالتفصيل ودفن الحسين بن علي في القدس (الحرم الشريف) بوجود ثلاثة من أبنائه وهم: علي وعبد الله وزيد.
(13) ذكرت صحيفة التايمز في عددها الصادر 15/2/1935 أن مراسم الجنازة تمت وسط عاصفة رملية شديدة لم يشهدها العراقيون منذ عشرات السنين.
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر