كانت أول حملات بركات موجهة إلى قبيلة حرب التي سبق أن هاجمت قوافل الحجاج غير مرة إلى الشمال من مكة كما ظلت طيلة قرون تهدد قوافل الحج، ونجح في حملاته واستعاد النظام والأمن في الحجاز. أما الحادثة الوحيدة غير اللائقة التي حدثت في مكة في أثناء حكمه فهي تدنيس الكعبة من قبل شخص فارسي، وقد غضب المكيون كثيراً (وهو ما أثلج صدور العثمانيين) وكادوا أن يهاجموا كافة الفرس الموجودين في مكة. وكان الشريف حازماً فطلب من الفرس استنكار الحادث فاستنكروا الحادث علناً واعتذروا وهو ما هدأ النفوس وبدد الغضب.
وفي المدينة قامت القوات التركية بقتل وكيل الشريف بركات بتهمة شتم السلطان، غير أن الشريف لم يشأ القيام بعمل مباشر بل إنه كتب رسالة إلى السلطان أوضح له ما حدث وطلب الصفح عنه.
في العام التالي قام (35) شريفاً بزعامة الشريف أحمد ابن غالب – الذي تسبب بعد ذلك بالكثير من المتاعب – بالتوجه إلى دمشق في الطريق لزيارة الأستانة وتذمروا من بركات وشكوه لوالي دمشق. لكن الوالي أوقفهم ومنعهم من مواصلة الرحلة وطلب منهم كتابة شكاواهم حتى ينقلها إلى الأستانة اثنان منهم فقط. وكان مطلبهم الرئيسي كما يبدو زيادة مخصصاتهم والإيعاز للفلكي محمد ابن سليمان المغربي بمغادرة مكة.
وتوفي الشريف بركات في نفس ذلك العام 1682 وخلفه ابنه سعيد حيث تلقى من السلطان خلعة وفرماناً وفي نفس الوقت أمر السلطان بانتقال الفلكي المغربي من مكة إلى القدس، وأن يقسّم دخل الحجاز إلى أربعة أقسام متساوية يحتفظ الشريف لنفسه بجزء منها وتوزع الأجزاء الثلاثة الباقية على بقية أسر الأشراف.
فكر الشريف سعيد بتأجيل تنفيذ أمر السلطان فيما يتعلق بتقسيم الدخل إلى أربعة أقسام، وكان والده بركات هو الذي تقدم بهذا الاقتراح عندما كان خارج الحكم ويقيم في الأستانة. وربما كان للفلكي محمد ابن سليمان المغربي أثر في ذلك الاقتراح. لكن لأن الأشراف عرفوا بمضمون رسالة السلطان وأوامره (السنية) فقد اضطر لتنفيذها.
وما إن نفّذ سعيد تعليمات السلطان حتى استخدم أحمد ابن غالب ومؤيدوه الموارد التي وزعت عليهم لتجنيد أعداد كبيرة من الجند والحرس فتذمر الشريف سعيد – الذي كان يسير على هدي سياسة والده المعتدلة والمتسمة بالرأفة – إلى ممثل السلطان، كما طلب من محصلي الضرائب توفير أموال إضافية لتجنيد المزيد من الحراس والعسس (الخفر) الذين يحرسون مكة ليلاً. وقرر القادة والباشوات والوجهاء الأتراك عقد اجتماع في منزل الشريف وطلبوا من الشريف أحمد الحضور إلى منزل الشريف سعيد للدفاع عن نفسه، لكنه رفض الحضور ووافق على الاجتماع بهم في الحرم وفسر استخدامه لعدد كبير من الحرس الشخصي بأنها عادة قديمة في أوساط الأشراف. وفي غضون ذلك أسرج أتباعه خيولهم وأعدوا أسلحتهم واستعدوا للقتال. كان صلاح باشا أمير الحج الشامي هو أكبر مسؤول تركي في الحجاز آنذاك. فبعث برسالة إلى أحمد بأنه سيفرض الهدوء والسلام بالقوة إذا لم يقبل أحمد بالسلام. وقرعت الطبول في مخيم الانكشارية فانسحب الناس مذعورين إلى منازلهم. ورد أحمد على رسالة الباشا بما يلي: "السيف لنا وليس لأيادي الفلاحين الدمشقيين" لم يكن الأتراك مستعدين للقتال حتى تلك اللحظة فأرسل صلاح باشا رسالة أخرى إلى أحمد وبعد يومين لم يأت أي جواب منه، ولأن الباشا كان راغباً في مغادرة مكة فقد غير تكتيكه وقام بزيارة الشريف أحمد وقبل يديه وطلب منه الصفح.
أما الشريف سعيد فقد تلقى رداً على رسالته إلى ممثل السلطان في مصر (وهي الرسالة التي شكا فيها بعض أفراد أسرته) خلعة وجواباً مطمئناً، فبعث برسالة أخرى شدّد فيها على ضرورة إرسال قوات عسكرية لأن الاضطرابات في حالة تصاعد وقال في رسالته أن المتاجر تكسر أبوابها وتنهب. والناس يقتلون في الشوارع على أيدي اللصوص وأن عبيد وجنود الأشراف يمارسون كافة أنواع الشرور بما في ذلك اغتصاب النساء في محاولة لإظهاره بمظهر العاجز عن فرض الأمن والسلام.
بعد انتهاء مناسك الحج عام 1683 زادت عمليات الإخلال بالأمن لدرجة أن الشريف سعداً فقد السيطرة على الوضع تماماً فعين الشريف أحمد ابن غالب نائباً عنه وامتطى حصانه مع بعض حراسه وانطلق للحاق بقافلة الحجيج الشامي.
عند ذلك جمع أحمد ابن غالب الأشراف واقترح تعيين مسعود ابن سعد حاكماً في مكة. وفي غضون ذلك وصلت تقارير سعيد عن حالة الفوضى في مكة ونجد وغطرسة الزنوج فيها إلى السلطان في الأستانة فانزعج كثيراً وأرسل فوراً يستدعي الشريف أحمد ابن زيد الذي كان مقيماً في (كير كانيسا) في تركيا الآسيوية وطلب منه قبول منصب حاكم الحجاز.
انطلق الشريف أحمد ابن زيد ولحق قافلة الحجيج في العلا شمال الحجاز، ثم دخل المدينة حيث ارتدى فيها الخلعة وفي عام 1684 دخل إلى مكة حيث عين الوزير اليمني الذي سبق أن عمل وزيراً لدى سعد، وزيراً له، كما تم استدعاء الشيخ سلمان ابن مرشد ابن الصويت زعيم قبيلة الضفير في العراق للتحكيم بين الأشراف وتحقيق السلام.
وما إن استتب الأمن والسلام في مكة حتى انطلق أحمد ابن زيد في حملة لتأديب قبيلة عنيزة (أو عنزة بتسكين العين وكسر النون وفتح الزين) في نجد لأنها استغلت فرصة الاضطرابات في مكة وأعلنت تمردها وقامت بغزوات كثيرة. ونجح أحمد في إلحاق هزيمة حاسمة بها.
وبعث السلطان في خريف عام 1868 برسالة إلى الشريف أحمد يبلغه فيها بانتصاره الكبير على الكفار (في شرق ووسط أوروبا) وأن الجيوش الإسلامية أسرت (70) ألف أسير منهم واستعادوا كافة المناطق والأراضي التي خسرتها العاهلية في أوروبا قبل فترة. كان ذلك العام في الواقع هو الذي خسرت فيه العاهلية(6) هنغاريا كما فشلت الحملات العثمانية ضد فينا وهي الحملات التي بدأت عام 1664 وانتهت باتفاقية (باساروفيتز) عام 1718، ولذلك يمكن القول إن رسالة السلطان كانت مجرد محاولة للحفاظ على الثقة بالقوة العثماني ومجابهة الإشاعات المضادة رغم صدقها.
وتوفي أحمد ابن زيد عام 1687 وحاول أحمد ابن غالب على الفور أن يفرض نفسه حاكماً على مكة مكانه، وكان أحمد ابن غالب قبل ذلك هو سبب الاضطرابات في مكة وهو الذي كان يحرض العبيد على الإخلال بالأمن كما سلف. وفي غضون ذلك تعهد والي السلطان في مصر للشريف سعيد ابن سعد ابن زيد بتعيينه حاكماً على مكة. وتشجع سعيد بذلك وأمر بإقامة المتاريس في شوارع مكة واستعد لمقاومة أحمد ابن غالب ثم حشد قواته في وادي المر وأرسل وفداً إلى أحمد ابن غالب وقابل الوفد الشريف أحمد وطلبوا منه أن يظهر لهم الفرمان الملكي بتعيينه.
واستاء الضباط الأتراك في الحجاز كثيراً من هذه المشاكل التي بدأت تختمر، فتقدمت القوات التركية إلى مكة التي أخلاها سعيد وظل في الطائف طيلة شهرين إلى أن أرسل العثمانيون له خلعة والده مع رسالة من والده بتعيينه نائباً عنه كما صدر مرسوم بنفي أحمد ابن غالب إلى اليمن.
وفي اليمن اتصل أحمد بالناصر لدين الإله محمد (ابن إمام اليمن) الذي أصبح إمام اليمن بعد ذلك ، وأبلغه بأن الحجاز وحتى مصر وسورية على درجة من الضعف وأن بالإمكان احتلالهم فبعث الناصر لدين الإله محمد معه جيشاً من أربعة آلاف مقاتل وزوده بمبلغ من المال كما عيّن ثلاثة من الأسرة الحاكمة في اليمن مساعدين له وهم: قاسم ابن المؤيد وحسن ابن المتوكل وعلي ابن أحمد ولم تكن هذه الخطوة مؤشراً على محاولة تفويض الإمبراطورية العثمانية بل بداية سلسلة من الاشتباكات المحلية ومن ثم شجور خلافات بين ابن الإمام وبين أحمد من جهة وبين الإمام وبقية أبنائه من جهة أخرى وأخيراً استطاع أحمد ابن غالب فرض حكمه على مدينة جيزان على ساحل البحر الأحمر إلى أن سافر إلى دمشق عن طريق صحراء الدهناء وسط الجزيرة العربية وتوفي في دمشق عام 1693 أو العام الذي يليه.
في غضون ذلك كان محسن ابن حسين ابن زيد قد خلف أحمد ابن غالب في مكة لفترة قصيرة كمدع بحق الحكم بينما ظلت المدينة (المنورة) مخلصة له حتى توفي عام 1691, وفي ذلك العام حضر إلى مكة يحيى ابن بركات كأمير للحجيج الشامي، ويقول الحسيني(7): "لم يسبق ذلك أن عين شريف لإمارة الحجيج الشامي ولم يعين شريف في هذا المنصب بعد ذلك أيضاً".
في تلك الفترة كانت شركة الهند الشرقية تجمع المعلومات عن الموانئ التي يتعامل معها تجارها. وقد ألف واعظ الشركة القس جون أوفينغتون كتاباً عام 1696 عن انطباعاته عن موانئ البحر الأحمر آنذاك بعنوان (رحلة إلى سورات)(
وفيما يلي انطباعاته عن ميناء جدة:
"يعود الميناء الرئيس في هذا البحر إلى السنيور (السيد) العظيم (أو الأعظم ويعني به والي مصر) وهو الميناء الذي يوصل براً إلى مكة. والأراضي هنا وعرة وغير ملائمة ولا تصلح لإجراء تحسينات ويبدو أن السماء لعنتها كما لعنتها الطبيعة… فالأراضي هنا تعاني ندرة في كل شيء ويستورد الناس حاجاتهم من الممالك المجاورة. ولذلك يضطر السنيور (السيد) العظيم إلى إنفاق مبالغ طائلة لدعم هذا الميناء والأراضي والمناطق المحيطة به فيرسل سنوياً (25) سفينة كبيرة محملة بالمواد التموينية. والأموال لسكان هذه المناطق. ومع ذلك فإن ميناء جدة ينتعش عندما ترسو فيه السفن القادمة من الهند وبلاد فارس والحبشة وأجزاء أخرى من البلاد العثمانية. فالعرب يحضرون البن الذي يشتريه الأتراك ويشحنونه إلى السويس… كذلك يحضر الهوغيز (يقصد الحجاج) سنوياً بأعداد غفيرة وحالما يصون إلى جدة يتجردون من ملابسهم ويضعون على أجسامهم خرقاً من الكتان ويتوجهون إلى مكة".
وحول هذا الوقت أي 1685 أو 1686(9) وصل مع قافلة حجيج إلى مكة رجل إنكليزي بسيط يدعى (جوزيف بيتس) من أكسفورد كان المسلمون قد أسروه وهو في الخامسة عشرة من عمره ويقول في معرض وصفه الحجيج:
"إن السلطان (يعني حاكم) مكة وهو من ذرية ماهوميت (يعني محمد (ص)) لا يعتقد بأنه يصلح لتنظيف البيت (يعين بيت الله –الكعبة-) ولذلك يقوم مع أتباعه أولاً بغسلها بماء زمزم المقدس ثم يغسلونها بمياه معطرة. ويزال الدرج المخصص للدخول إليها فيتجمع الناس تحت الباب الذي أزيل من تحته الدرج، وذلك حتى تنزل المياه التي غسلت الكعبة بها عليهم. ثم يقوم المشرفون على غسيل البيت (أي الكعبة) بتحطيم المكانس والمقشات(10) إلى قطع صغيرة ويقذفون بتلك القطع وسط حشود الحجاج وكل من يحصل على قطعة منها مهما كانت صغيرة يبتهج بها ويعتبرها تحفة مقدسة. وفي كل عام يتم تجديد غطاء (كسوة) البيت، حيث يرسل السينور الأعظم في القاهرة غطاءً جديداً. وعندما تنطلق قافلة الحجيج إلى مكة يحمل الغطاء (الكسوة) على جملين لا يجوز أن يضطلعا بعد ذلك بأي عمل آخر طيلة السنة… وحال وصول الجملين إلى مكة يستقبلان بترحيب وابتهاج لدرجة أن الحجاج يقبّلون الجملين… ويتم إنزال الغطاء القديم ويشرف السلطان (حاكم) مكة على وضع الغطاء الجديد فوق البيت. أما الغطاء القديم فيقص إلى قطع صغيرة وتباع تلك القطع بأثمان باهظة للهوغيز (الحجاج)(11).
وفي مكة آلاف الحمائم الزرقاء لا يحاول أحد إلحاق الأذى بها أو تنفيرها. وهذه الحمائم أليفة لدرجة أنها تأكل الحب وقطع اللحم الصغيرة من أيادي الحجاج… وتسمى حمائم النبي وتحلق وتهبط حول وفي الحرم أسراب غفيرة منها وعادة ما يطعمها الحجاج بأيديهم. وبعد أن يقوم الحجاج ببعض الشعائر ينطلقون إلى جبل أورفات (جبل عرفات) الذي يلتقي فوقه مالا يقل عن (70) ألف حاج سنوياً.
… وبعد انقضاء ثلاثة أيام يعود الجميع إلى مكة ويمضون زهاء عشرة أو اثني عشر يوماً يعقد خلالها سوق كبير تباع فيه كافة أنواع البضائع القادمة من الهند ويشتري البعض أكفاناً من الكتان يبللونها بمياه زمزم حتى يتم تكفينهم بها عند وفاتهم، وغالباً ما يحملون هذه الأكفان معهم أينما ذهبوا. وقبل مغادرة الحجاج مكة يتوجهون إلى البيت (الحرم) ويرفعون أياديهم باتجاهه ويضرعون إلى الله وهم يبكون" انتهت انطباعات الإنكليزي جوزيف يتس.
لقد بدأ حكم الشريف سعيد عام 1667 لكنه حفل بفترات من الفراغ السياسي.
ويروي السير ويليام فوستر في كتابه(12) ما ذكره رحالان أجنبيان كانا في جدة خريف عام 1700 وهما الإنكليزي ويليام دانيال والفرنسي شارل جاك بوسيه، عن زيارتهما وتعنت الشريف سعيد، فقد شاهد ويليام دانيال بعينيه كيف أن "الشريف الأعظم (أي حاكم مكة) استهان بالباشا الذي أرسله السنيور الأعظم (لعله والي مصر –المترجم) وحضر الشريف بنفسه يرافقه ألفا فارس وطلب من الباشا (وهو صديقي الوحيد في القافلة) مائة ألف شيكين (ربما عملة ذهبية) وقال له: إن سيده ومولاه هو ابن داعرة مسيحية وليس جديراً بحماية دين محمد (ص) (لأنه عقد صلحاً مع المسيحيين الكفار) وأنه كان سيزوج ابنته من ملك مراكش… وذعر الباشا من هذا التهديد واضطر أن يرسل له المائة ألف شيكين لإنقاذ رأسه وقد شعرت بحزن وغضب شديدين وعدت إلى مكان إقامتي".
أما الفرنسي شارل جاك موسيه فقد وصل إلى جدة في الخامس من كانون أول (ديسمبر) بعد بضعة أيام على الحادثة المذكورة(13) وفيما يلي وصفه لزيارة الشريف الذي كان ما يزال مخيماً خارج الأسوار:
"يبلغ الشريف زهاء ستين سنة من العمر، صارم الملامح ذو هيبة ووقار وثمة جرح في الجهة اليمنى من شفته السفلى. ويعرف رعاياه وجيرانه مدى حزمه، وقد أرغم الباشا الذي يحكم جدة باسم السنيور الأعظم على دفع (15) ألف كراون من الذهب (يعني 15 ألف قطعة ذهبية وأغلب الظن أنها الليرة العثمانية الذهبية) وهدده بإجراء عسكري إذا لم يدفع المبلغ".
ثم يصف بوسيه كيف يأخذ الشريف الضرائب من التجار ويقول: "أن الشريف حازم وعنيف ويرفض الاعتراف بالتبعية للسنيور الأعظم (والي مصر) ويدعوه بازدراء (ابن المملوك) ويعني بها (ابن الخادم)"(14).
ومنذ عام 1705 حكم الشريف عبد الكريم ابن محمد حتى عزل عام 1711 وعاد للحكم فترة قصيرة عام 1715 إلى أن تقاعد وقرر العيش مع قبيلة حرب وذهب إلى مصر بعد ذلك وتوفي فيها بمرض الطاعون عام 1718.
وأرسل شاه الفرس عام 1706 هدية إلى الحرم وهي عبارة عن زبدية (سلطانية) ذهبية ملأى بالعنبر ومزخرفة بالأحجار الكريمة وتم تسليمها إلى القائمين على الحرم إلى أن ورد الإذن من الشريف والسلطان بتعليقها في الحرم، لكن الزبدية الذهبية اختفت عندما بحثوا عنها وتركزت الشكوك على الخصيان (الطواشي) في الحرم والقائمين على خدمته، واعترف أحد هؤلاء تحت التعذيب
الذي قام به محقق حضر من الأستانة لهذه الغاية. ووجد بعض الذهب والعنبر وأعاده معه إلى الأستانة لإعادة صهره وصياغته. لكن الذهب والعنبر لم يرجعا إلى الحجاز.
توفي الشريف عام 1716 وخلفه لمدة عام وبضعة أشهر ابنه عبيد الله(15) الذي اتسم بالبخل فقد أوقف الإنفاق على أفراد الأسرة والجنود وثمة قصص كثيرة عن مدى تقتيره في الشؤون المالية وهو الأمر الذي جعل الجميع تقريباً ينفرون منه ويرغمونه في النهاية على التنازل إلى شقيقه علي. غير أن عبد الإله قتل علياً فتفجرت المشاكل والمنازعات في مكة إلى حين بدأ وصول قوافل الحجاج والقوات العسكرية التي ترافقها عادة.
كان الباشا أمير الحجيج الشامي هو الأعلى مقاماً ومنصباً بين أمراء الحجيج. وبما له من صلاحيات بصفته من كبار موظفي الدولة أعلن تعيين يحيى ابن بركات ابن محمد ابن بركات الذي سبق أن حكم منطقة قرب دمشق في سورية كما سبق أن عين أميراً للحجيج الشامي –كما أسلفنا- وبالتالي اعتقد الباشا أن الشريف يحيى قد اعتاد على طريقة الحياة التركية لأنه عاش فترة طويلة في سورية ثم تبين بعد ذلك أن الباشا أخطأ في افتراضاته إذ أن حكم يحيى المتأرجح لم يستغرق سوى سنة ونصف وخلفه مبارك ابن أحمد.
كان أحمد قد جمع الأنصار والمقاتلين من قبيلة عتيبة في نجد وقبيلة ثقيف حول الطائف، وقرر التقدم نحو مكة في ثلاث كتائب للالتقاء في عرفات، فخرج يحيى مع قواته لمجابهته لكنه مني بالهزيمة، واستمر القتال والمطاردات طيلة الليل وحتى ظهيرة اليوم التالي.
واستطاع أحمد دخول مكة وتوطيد الأمن والنظام فيها حتى عام 1720 عندما اندلع حريق هائل في جدة دمّر ثلثها تقريباً بما في ذلك عدد من أقدم المساجد والزوايا والتكايا. وتبرع الشريف أحمد من أمواله الخاصة بمبالغ كبيرة لإغاثة أهالي جدة حتى اضطر لتخفيض حجم الإعانات إلى الأشراف كما أنه باع معظم ممتلكاته، وكان من شأن ذلك أن عجز عن الحفاظ على الأمن والنظام في المدينة وفي أوساط القبائل ولم يجد ما يكفي من المال لدفع مخصصات الجنود فتنحى عن الحكم لمصلحة يحيى ابن بركات الذي عاد من تركيا مع ركب الحجيج الشامي.
وتبنى يحيى ابن بركات سياسة عدائية نحو الأشراف من ذوي زيد سيما وأن القوات التركية بقيادة علي باشا كانت تدعمه بشكل جيد. وهكذا اضطر الأشراف من ذوي زيد أن يطلبوا الدعم من قبيلة ثقيف قرب الطائف. لكن يحيى استطاع تجنيد بعض شيوخ ثقيف واكتشف بواسطتهم وجود مراسلات بين زيد وبين أشراف ووجهاء مكة. فأبلغ علي باشا بذلك فقاد الباشا التركي قواته وهاجم بيوت المتآمرين ونهبها ودمرها.
ثم قامت القوات التركية بقيادة علي باشا وبالتعاون مع قوات الشريف يحيى بمهاجمة قوات مبارك وامتد القتال حتى جبل الخاتون حيث جرح علي باشا في وركه وفخذه فتوقف الفرسان الأتراك الذين قتل عدد منهم على أيدي البدو أنصار مبارك… وتراجع الفريقان المتحاربان بعد ذلك حيث عاد يحيى مع علي باشا إلى مكة بينما تراجع مبارك إلى الطائف. وحشد علي باشا والشريف يحيى قوة جديدة قادها يحيى وهزم قوات مبارك، وبعد بضعة أيام دفعت رواتب ومخصصات الجند وعاد علي باشا إلى جدة حيث توفي متأثراً بجراحه.
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر