اليوم الجمعه وحببت ان اكتب عن خواطر من سوره الكهف .
..واخترت لكم ذو القرنين
ذو القرنين
هذا لقبه؛ لأنه ربما كان في تكوينه ذا قرنين، أو يلبس تاجاً له اتجاهان؛ أو لأنه بلغ قرني الشمس في المشرق وفي المغرب.
وقد بحث العلماء في: من هو ذو القرنين؟
فمنهم من قال: هو الإسكندر الأكبر المقدوني الطواف في البلاد،
لكن الإسكندر الأكبر كان في مقدونيا في الغرب، وذو القرنين جاب المشرق والمغرب مما دعا
عالماً محققاً من علماء الهند هو: أبو الكلام آزاد ـ وزير المعارف الهندي ـ
إلى القول بأنه ليس هو الإسكندر الأكبر، بل هو قورش الصالح، وهذه رحلته في الشرق والغرب وبين السدين،
كما أن الإسكندر كان وثنياً، وكان تلميذاً لأرسطو، وذو القرنين رجل مؤمن كما سنعرف من قصته.
وليس من صالح القصة حصرها في شخص بعينه؛
لأن تشخيص حادثة القصة يضعف من تأثيرها، ويصبغها بصبغة شخصية لا تتعدى إلى الغير فنرى من يقول بأنها مسألة شخصية لا تتكرر.
إذن: لو جاء العلم في ذاته سنقول: هذه الحادثة أو هذا العمل خاص بهذا الشخص،
والحق ـ سبحانه وتعالى ـ يريد أن يضرب لنا مثلاً يعم أي شخص،
ماذا سيكون مسلكه وتصرفه إن مكن الله له ومنحه الله قوة وسلطة؟
ولو كان في تعيينه فائدة لعينه الله لنا.
,, الحق ـ سبحانه ـ عندما ضرب مثلاً للذين كفروا، قال:
{امرأة نوحٍ وامرأة لوط .. "10"} (سورة التحريم)
ولم يعينهما على التحديد؛ لأن الهدف من ضرب المثل هنا بيان الرسول المرسل من الله لهداية
الناس لم يتمكن من هداية زوجته وأقرب الناس إليه؛ لأن الإيمان مسألة شخصية، لا سيطرة فيها لأحد على أحد.
وكذلك لما ضرب الله مثلاً للذين آمنوا قال:
{امرأة فرعون .. "11"}
(سورة التحريم)
ففرعون الذي أضل الناس وادعى الألوهية زوجته مؤمنة،
وكأن الحق سبحانه يلمح للناس جميعاً أن رأيك في الدين وفي العقائد رأي ذاتي،
لا يتأثر بأحد أياً كان، لا في الهداية بنبي، ولا في الغواية بأضل الضالين الذي ادعى الألوهية.
وهكذا يحفظ الإسلام للمرأة دورها وطاقتها ويحترم رأيها.
إذن: الحق سبحانه وتعالى أتى بهذه القصة غير مشخصة لتكون نموذجاً وأسوة يحتذي بها كل أحد
، وإلا لو شخصت لارتبطت بهذا الشخص دون غيره،
أما حينما تكلم الحق سبحانه عن مريم فنراه يحددها باسمها، بل واسم أبيها...لماذا؟
؛ ذلك لأن ما سيحدث لمريم مسألة خاصة بها، ولن تحدث بعدها أبداً في بنات آدم، لذلك عينها وشخصها
؛ لأن التشخيص ضروري في مثل هذا الموقف.
أما حين يترك المثل أو القصة دون تشخيص، فهذا يعني أنها صالحة لأن تتكرر في أي زمان أو في أي مكان،
كما رأينا في قصة أهل الكهف، وكيف أن الحق سبحانه أبهمهم أسماءً، وأبهمهم مكاناً وأبهمهم زماناً،
وأبهمهم عدداً، ليكونوا أسوة وقدوة للفتيان المؤمنين في أي زمان، وفي أي مكان، وبأي عدد.
وقوله:
{ويسألونك عن ذي القرنين .. "83"}
(سورة الكهف)
نلاحظ أن مادة السؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن أخذت حيزاً كبيراً فيه،
فقد ورد السؤال للنبي من القوم ست عشرة مرة، إحداها بصيغة الماضي ..وهذاليس موضوعنا اليوم
لقدمكن الحق لذي القرنين في الأرض، وأعطاه من كل شيء سبباً،
ومع ذلك لم يركن ذو القرنين إلى ما أعطى،
فلم يتقاعس، ولم يكسل، بل أخذ من عطاء الله له بشيء من كل سبب.
{ويسألونك عن ذي القرنين .. "83"}
(سورة الكهف)
أي: عن تاريخه وعن خبره والمهمة التي قام بها:
{قل سأتلو عليكم منه ذكراً "83"}
(سورة الكهف)
وأي شرف بعد هذا الشرف، إن الحق تبارك وتعالى يتولى التأريخ لهذا الرجل،
ويؤرخ له في قرآنه الكريم الذي يتلى ويتعبد به إلى يوم القيامة والذي يتحدى به، ليظل ذكره باقياً بقاء القرآن
، خالداً بخلوده، يظل أثره فيما عمل أسوة وقدوة لمن يعمل مثله.
إن دل على شيء فإنما يدل على أن العمل الصالح مذكور عند الله قبل أن يذكر عند الخلق.
فأي ذكر أبقى من ذكر الله لخبر ذي القرنين وتاريخه؟
و(منه) أي: بعضاً من ذكره وتاريخه، لا تاريخه كله.
وكلمة (ذكر) وردت في القرآن الكريم بمعان متعددة، تلتقي جميعها في الشرف والرفعة
، وفي التذكر والاعتبار. وإن كانت إذا أطلقت تنصرف انصرافاً أولياً إلى القرآن، كما في قوله تعالى:
{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "9"}
(سورة الحجر)
بعد ذلك تستعمل في أي كتاب أنزله الله تعالى من الكتب السابقة، كما جاء في قوله تعالى:
{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "43"}
(سورة النحل)
ويطلق الذكر على ما يتبع هذا من الصيت والشرف والرفعة وتخليد الاسم، كما في قوله تعالى:
{لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم .. "10"}
(سورة الأنبياء)
وقوله تعالى:
{وإنه لذكر لك ولقومك .. "44"}
(سورة الزخرف)
أي: صيت حسن وشرف ورفعة كون القرآن يذكر هذا الاسم؛ لأن الاسم إذا ذكر في القرآن ذاع صيته ودوي الآفاق.
{قل سأتلو عليكم منه ذكراً "83"}
(سورة الكهف)
أن الحق سبحانه لم يتهم رسوله صلى الله عليه وسلم بالجور، فقال:
{هو أقسط عند الله .. "5"}
(سورة الأحزاب)
فما فعله الرسول كان أيضاً قسطاً وعدلاً، وما أمر الله به هو الأقسط والأعدل.
إذن: فذكر ذي القرنين في كتاب الله شرف كبير، وفي إشارة إلى أن فاعل الخير له مكانته ومنزلته عند الله
، ومجازى بأن يخلد ذكره ويبقى صيته بين الناس في الدنيا.
ثم يقول الحق سبحانه:
(إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سبباً "84")
التمكين: أي أننا أعطيناه إمكانات يستطيع بها أن يصرف كل أموره التي يريدها؛
لأنه مأمون على تصريف الأمور على حسب منهج الله،
كما قال تعالى في آية أخرى عن يوسف عليه السلام:
{وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء .. "56"}
(سورة يوسف)
فالتمكين يعني إعطاءه إمكانات لكل غرض يريده فيصرف به الأمور، لكن لماذا مكناه؟
مكناه لأنه مأمون على تصريف الأمور وفق منهج الله، ومأمون على ما أعطاه الله من إمكانات.
وهكذا الموضوع محتاج لصفحات اكثر
واستودعكم الله الذى لا تضيع ودائعه
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر