[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قراءة في مخطوط تاريخ ميورقة لابن عميرة المخزومي
قراءة في مخطوط تاريخ ميورقة لابن عميرة المخزومي
قراءة في مخطوط تاريخ ميورقة لابن عميرة المخزومي
قراءة في مخطوط تاريخ ميورقة لابن عميرة المخزومي ـــ
د.محمد بن معمر(*)
أستاذ التاريخ الوسيط، جامعة وهران، الجزائر.
مؤلف المخطوط
اسمه الكامل أبو المطرّف أحمد بن
عبدالله بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عميرة المخزومي، وقد أجمع مترجموه
على تحليته بالنسب المخزومي ومنهم معاصره وابن بلده ابن الأبار حيث يقول:
"وكان بجزيرة شقر بنو عميرة المخزوميون بيت شيخنا القاضي الكاتب أبي
المطرف أبقاه الله"(2). وهو من مواليد شهر رمضان سنة 582هـ/1186م بجزيرة
شقر القريبة من شاطبة، بينها وبين بلنسية ثمانية عشرة ميلاً شرق الأندلس،
وهي الجزيرة التي تحدث عنها الجغرافيون والمؤرخون الأندلسيون وغيرهم بكل
إعجاب لجمال موقعها وسحر طبيعتها.
أما حياته العلميّة فيمكن
التمييز فيها بين ثلاث مراحل: الأولى تتميز بالإقبال على الثقافة الدينية
بوجه عام، والثانية تبرز فيها العناية بالثقافة العلمية العقلية، والأخيرة
يظهر فيها الجنوح نحو الثقافة الأدبية، وهو ما أجمله ابن عبد الملك في
النص التالي: "وكان في بداية طلبه للعلم شديد العناية بشأن الرواية فأكثر
من سماع الحديث وأخذه عن مشايخ أهله، ثم تفنن في العلوم ونظر في المعقولات
وأصول الفقه ومال إلى الآداب وبرع فيها"(3). ومن شيوخه الأندلسيين الذين
أخذ عنهم وتتلمذ لهم، الشيخ أبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب القيسي
(537-614هـ)، والشيخ أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي (565-324هـ)، وعنه
أخذ أيضاً المؤرخ الأديب ابن الأبار وهو من أكبر أساتذته وأبعدهم أثراً في
حياته، لأن ابن الأبار كان معاصراً لأبي المطرّف، والأستاذ أبو عبد الله
محمد بن أيوب السرقسطي (530-608هـ)، والأستاذ ابن حوط الله الأنصاري
(552-621 هـ)، والشيخ أبو علي الشلوبين، والشيخ ابن عات وغيرهم، وأجازه من
المشارقة أبو الفتوح الحصري.
بعد أن فرغ ابن عميرة من حياة
الدرس والتحصيل العلمي وانتهى من التنقل بين شقر وبلنسية وشاطبة ودانية
ومرسية وغيرها بحثاً عن الشيوخ، رجع إلى بلنسية بقصد الاستقرار والحصول
على وظيفة تناسب ثقافته وطموحه، "ذلك أن ابن عميرة كان منذ البداية يسعى
وراء خطة الكتابة، لما كانت توفره لصاحبها من الثراء والنفوذ والجاه
والسلطان، وللمكانة الرفيعة التي كان يحظى بها الكاتب في المجتمع
الأندلسي".(4) وقد تولى قضاء أريولة وشاطبة بشرق الأندلس، كما استكتبه
أمير بلنسية الرئيس أبو جميل زيان بن سعد بن مردنيش الجذامي أيام إمارته
على بلنسية وخلال انتزاعه لمدينة مرسية من عميد علمائها الفقيه أبي بكر
عزيز بن عبد الملك بن خطاب في رمضان سنة 636هـ، وكان الأخير من أبرز
أساتذة أبي المطرف حيث انتفع به كثيراً قبل توليه ما تولى من رئاسة بلده
مرسية.
ولما سقطت مدينة بلنسية على يد
الإسبان سنة 636هـ، غادر أبو المطرف الأندلس متجهاً إلى العدوة المغربية
وورد على الخليفة الموحدي الرشيد أبي محمد عبد الواحد بن أبي العلاء،
إدريس المأمون (630-640هـ)، وصحبه حين قفوله من مدينة سلا إلى حضرة مراكش
وكان ذلك في سنة 637هـ(5).
واستكتبه الرشيد مدة يسيرة، ثم
صرفه عن الكتابة وقلده قضاء مدينة هيلانة شرق مراكش، ثم نقله إلى قضاء
رباط الفتح وسلا، وأقام يتولاه إلى أن توفي الرشيد وخلفه أخوه الخليفة
الموحدي العاشر أبو الحسن السعيد (640-646هـ)، فأقره عليه مدة ثم نقله إلى
قضاء مدينة مكناسة الزيتون. ولما بايع أهل مكناسة الأمير أبا زكريا
الحفصي، كان القاضي أبو المطرّف هو الذي كتب نص البيعة في 20 ربيع الأول
643هـ، وحين قام إليهم الخليفة السعيد بحنق عظيم بادروا بطلب العفو
واعتذروا عما بدر منهم وبايعوه من جديد وكتب نص البيعة ابن عبدون في ذي
الحجة من السنة المذكورة(6).
ثم لما قتل الخليفة الموحدي
السعيد في صفر 646هـ، اغتنم أبو المطرف تلك الفترة ورحل من مكناسة قاصدا
سبتة، وفي طريقه إليها سلبت منه ثروته في فتنة بني مرين، وقد كتب إلى
الشيخ أبي الحسين الرعيني يعلمه بهذه الحادثة وإن ماله المنهوب قد بلغ
أربعة آلاف دينار وكان ورقاً وعيناً وحلياً وغيرهم.
وكان كثير التطلع إلى إفريقية
معمور القلب بسكناها مذ فارق جزيرة الأندلس، لذلك ركب البحر من سبتة
متوجهاً إليها بعد حادثة فتنة بني مرين، ووصل بجاية في شهر جمادى سنة
646هـ، ودخل على صاحبها الأمير أبي يحيى ابن الأمير أبي زكريا الحفصي وكان
صاحبها لأبيه.
وأقام بها حوالي سنتين يعلم
ويدرس، وكان الطلبة أثناء ذلك يقرؤون عليه تنقيحات السهروردي، وهي من
مغلفات أصول الفقه عند طائفة ممن لم يمارس علم الأصول، ولا يتعرض لإقرائها
إلا من له ذهن ثاقب(7)..
ومن بجاية انتقل إلى تونس حيث
مال إلى صحبة الصالحين بها والزهاد أهل الخير برهة من الزمان، ثم نزع عن
ذلك، وتقلد قضاء الأربس، فقضاء قابس الذي طالت مدته به، ثم استدعاه الأمير
الحفصي المستنصر بالله محمد بن أبي زكريا(647-675هـ)، وصار من خواص
الحاضرين بمجلس حضرته من فقهاء دولته.
ويذكر صاحب الذيل والتكملة أن
أبا المطرف داخل المستنصر مداخلة أنكرها عليه، ولما سئل عنه قال المستنصر:
ذلك رجل رام إفساد دنيانا علينا فأفسدنا عليه دينه. ويرى المؤلف نفسه أن
صاحب الترجمة كان متشبعاً بالعلوم القديمة متعاطياً لها وأنها السبب في
الإخلال بمعتقده والافتتان في آخر عمره، إذ كانت وفاته بتونس في 20 من شهر
ذي الحجة سنة 658هـ(..
[size=7]ترك أبو المطرف مجموعة من
التصانيف في ميادين الأدب والتاريخ والفقه، فمن آثاره التاريخية: تاريخ
ميورقة موضوع هذا البحث، واختصار كتاب ثورة المريدين لابن صاحب الصلاة.
ومن مؤلفاته الفقهية كتاب تعقب فيه الإمام فخر الدين بن الخطيب الرازي في
كتابه المعالم في أصول الفقه وقد اطلع عليه الغبريني صاحب عنوان الدراية
ووصفه قائلاً: "وقد رأيت له تعليقاً على كتاب المعالم في أصول الفقه لا
بأس به، وهو جواب لسؤال سائل، وهو مكمل لعشرة أبواب حسبما سأل
السائل"( 9
يتبع
قراءة في مخطوط تاريخ ميورقة لابن عميرة المخزومي ـــ
د.محمد بن معمر(*)
أستاذ التاريخ الوسيط، جامعة وهران، الجزائر.
مؤلف المخطوط
اسمه الكامل أبو المطرّف أحمد بن
عبدالله بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عميرة المخزومي، وقد أجمع مترجموه
على تحليته بالنسب المخزومي ومنهم معاصره وابن بلده ابن الأبار حيث يقول:
"وكان بجزيرة شقر بنو عميرة المخزوميون بيت شيخنا القاضي الكاتب أبي
المطرف أبقاه الله"(2). وهو من مواليد شهر رمضان سنة 582هـ/1186م بجزيرة
شقر القريبة من شاطبة، بينها وبين بلنسية ثمانية عشرة ميلاً شرق الأندلس،
وهي الجزيرة التي تحدث عنها الجغرافيون والمؤرخون الأندلسيون وغيرهم بكل
إعجاب لجمال موقعها وسحر طبيعتها.
أما حياته العلميّة فيمكن
التمييز فيها بين ثلاث مراحل: الأولى تتميز بالإقبال على الثقافة الدينية
بوجه عام، والثانية تبرز فيها العناية بالثقافة العلمية العقلية، والأخيرة
يظهر فيها الجنوح نحو الثقافة الأدبية، وهو ما أجمله ابن عبد الملك في
النص التالي: "وكان في بداية طلبه للعلم شديد العناية بشأن الرواية فأكثر
من سماع الحديث وأخذه عن مشايخ أهله، ثم تفنن في العلوم ونظر في المعقولات
وأصول الفقه ومال إلى الآداب وبرع فيها"(3). ومن شيوخه الأندلسيين الذين
أخذ عنهم وتتلمذ لهم، الشيخ أبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب القيسي
(537-614هـ)، والشيخ أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي (565-324هـ)، وعنه
أخذ أيضاً المؤرخ الأديب ابن الأبار وهو من أكبر أساتذته وأبعدهم أثراً في
حياته، لأن ابن الأبار كان معاصراً لأبي المطرّف، والأستاذ أبو عبد الله
محمد بن أيوب السرقسطي (530-608هـ)، والأستاذ ابن حوط الله الأنصاري
(552-621 هـ)، والشيخ أبو علي الشلوبين، والشيخ ابن عات وغيرهم، وأجازه من
المشارقة أبو الفتوح الحصري.
بعد أن فرغ ابن عميرة من حياة
الدرس والتحصيل العلمي وانتهى من التنقل بين شقر وبلنسية وشاطبة ودانية
ومرسية وغيرها بحثاً عن الشيوخ، رجع إلى بلنسية بقصد الاستقرار والحصول
على وظيفة تناسب ثقافته وطموحه، "ذلك أن ابن عميرة كان منذ البداية يسعى
وراء خطة الكتابة، لما كانت توفره لصاحبها من الثراء والنفوذ والجاه
والسلطان، وللمكانة الرفيعة التي كان يحظى بها الكاتب في المجتمع
الأندلسي".(4) وقد تولى قضاء أريولة وشاطبة بشرق الأندلس، كما استكتبه
أمير بلنسية الرئيس أبو جميل زيان بن سعد بن مردنيش الجذامي أيام إمارته
على بلنسية وخلال انتزاعه لمدينة مرسية من عميد علمائها الفقيه أبي بكر
عزيز بن عبد الملك بن خطاب في رمضان سنة 636هـ، وكان الأخير من أبرز
أساتذة أبي المطرف حيث انتفع به كثيراً قبل توليه ما تولى من رئاسة بلده
مرسية.
ولما سقطت مدينة بلنسية على يد
الإسبان سنة 636هـ، غادر أبو المطرف الأندلس متجهاً إلى العدوة المغربية
وورد على الخليفة الموحدي الرشيد أبي محمد عبد الواحد بن أبي العلاء،
إدريس المأمون (630-640هـ)، وصحبه حين قفوله من مدينة سلا إلى حضرة مراكش
وكان ذلك في سنة 637هـ(5).
واستكتبه الرشيد مدة يسيرة، ثم
صرفه عن الكتابة وقلده قضاء مدينة هيلانة شرق مراكش، ثم نقله إلى قضاء
رباط الفتح وسلا، وأقام يتولاه إلى أن توفي الرشيد وخلفه أخوه الخليفة
الموحدي العاشر أبو الحسن السعيد (640-646هـ)، فأقره عليه مدة ثم نقله إلى
قضاء مدينة مكناسة الزيتون. ولما بايع أهل مكناسة الأمير أبا زكريا
الحفصي، كان القاضي أبو المطرّف هو الذي كتب نص البيعة في 20 ربيع الأول
643هـ، وحين قام إليهم الخليفة السعيد بحنق عظيم بادروا بطلب العفو
واعتذروا عما بدر منهم وبايعوه من جديد وكتب نص البيعة ابن عبدون في ذي
الحجة من السنة المذكورة(6).
ثم لما قتل الخليفة الموحدي
السعيد في صفر 646هـ، اغتنم أبو المطرف تلك الفترة ورحل من مكناسة قاصدا
سبتة، وفي طريقه إليها سلبت منه ثروته في فتنة بني مرين، وقد كتب إلى
الشيخ أبي الحسين الرعيني يعلمه بهذه الحادثة وإن ماله المنهوب قد بلغ
أربعة آلاف دينار وكان ورقاً وعيناً وحلياً وغيرهم.
وكان كثير التطلع إلى إفريقية
معمور القلب بسكناها مذ فارق جزيرة الأندلس، لذلك ركب البحر من سبتة
متوجهاً إليها بعد حادثة فتنة بني مرين، ووصل بجاية في شهر جمادى سنة
646هـ، ودخل على صاحبها الأمير أبي يحيى ابن الأمير أبي زكريا الحفصي وكان
صاحبها لأبيه.
وأقام بها حوالي سنتين يعلم
ويدرس، وكان الطلبة أثناء ذلك يقرؤون عليه تنقيحات السهروردي، وهي من
مغلفات أصول الفقه عند طائفة ممن لم يمارس علم الأصول، ولا يتعرض لإقرائها
إلا من له ذهن ثاقب(7)..
ومن بجاية انتقل إلى تونس حيث
مال إلى صحبة الصالحين بها والزهاد أهل الخير برهة من الزمان، ثم نزع عن
ذلك، وتقلد قضاء الأربس، فقضاء قابس الذي طالت مدته به، ثم استدعاه الأمير
الحفصي المستنصر بالله محمد بن أبي زكريا(647-675هـ)، وصار من خواص
الحاضرين بمجلس حضرته من فقهاء دولته.
ويذكر صاحب الذيل والتكملة أن
أبا المطرف داخل المستنصر مداخلة أنكرها عليه، ولما سئل عنه قال المستنصر:
ذلك رجل رام إفساد دنيانا علينا فأفسدنا عليه دينه. ويرى المؤلف نفسه أن
صاحب الترجمة كان متشبعاً بالعلوم القديمة متعاطياً لها وأنها السبب في
الإخلال بمعتقده والافتتان في آخر عمره، إذ كانت وفاته بتونس في 20 من شهر
ذي الحجة سنة 658هـ(..
[size=7]ترك أبو المطرف مجموعة من
التصانيف في ميادين الأدب والتاريخ والفقه، فمن آثاره التاريخية: تاريخ
ميورقة موضوع هذا البحث، واختصار كتاب ثورة المريدين لابن صاحب الصلاة.
ومن مؤلفاته الفقهية كتاب تعقب فيه الإمام فخر الدين بن الخطيب الرازي في
كتابه المعالم في أصول الفقه وقد اطلع عليه الغبريني صاحب عنوان الدراية
ووصفه قائلاً: "وقد رأيت له تعليقاً على كتاب المعالم في أصول الفقه لا
بأس به، وهو جواب لسؤال سائل، وهو مكمل لعشرة أبواب حسبما سأل
السائل"( 9
يتبع
عدل سابقا من قبل بن جعفر في الإثنين 15 سبتمبر - 6:32 عدل 1 مرات
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر