الصحابى الجليل والخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي . يلتقي مع رسول الله في مرة بن كعب . أبو بكر الصديق بن أبي قحافة . واسم أبي قحافة عثمان . وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وهي ابنة عم أبي قحافة أسلم أبو بكر ثم أسلمت أمه بعده وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال العلماء : لا يعرف أربعة متناسلون بعضهم من بعض صحبوا رسول الله إلا آل أبي بكر الصديق وهم : عبد الله بن الزبير أمه أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة . فهؤلاء الأربعة صحابة متناسلون . وأيضا أبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم ولقب عتيقا لعتقه من النار وقيل لحسن وجهه . وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أبو بكر عتيق من النار ) فمن يومئذ سمي ( عتيقا ) . وقيل سمي عتيقا لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به . وأجمعت الأمة على تسميته صديقا . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن الله تعالى هو الذي سمى أبا بكر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم صديقا ) وسبب تسميته أنه بادر إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازم الصدق فلم تقع منه هنات ولا كذبة في حال من الأحوال . وعن عائشة أنها قالت : ( لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان آمن وصدق به وفتنوا به . فقال أبو بكر : إني لأصدقه في ما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء غدوة وروحة فلذلك سمي أبا بكر الصديق ) وقال أبو محجن الثقفي : وسميت صديقا وكل مهاجر ... سواك يسمى باسمه غير منكر سبقت إلى الإسلام والله شاهد ... وكنت جليسا في العريش المشهر ولد أبو بكر سنة 573 م بعد الفيل بثلاث سنين تقريبا وكان رضي الله عنه صديقا لرسول الله قبل البعث وهو أصغر منه سنا بثلاث سنوات وكان يكثر غشيانه في منزله ومحادثته . وقيل كنى بأبي بكر لابتكاره الخصال الحميدة . فلما أسلم آزر النبي صلى الله عليه وسلم في نصر دين الله تعالى بنفسه وماله . وكان له لما أسلم 40 . 000 درهم أنفقها في سبيل الله مع ما كسب من التجارة قال تعالى { وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى } . الليل 17 - 19 وقد أجمع المفسرون على أن المراد به أبو بكر . وقد رد الفخر الرازي على من قال إنها نزلت في حق علي رضي الله عنه كان أبو بكر رضي الله عنه من رؤساء قريش في الجاهلية محببا فيهم مؤلفا لهم وكان إليه الأشناق ( 1 ) في الجاهلية . كان إذا عمل شيئا صدقته قريش وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه وإن احتملتها غيره خذلوه ولم يصدقوه . فلما جاء الإسلام سبق إليه وأسلم من الصحابة بدعائه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم : عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وأسلم أبواه وولداه وولد ولده من الصحابة فجاء بالخمسة الذين أسلموا بدعائه إلى رسول الله فأسلموا وصلوا وقد ذهب جماعة إلى أنه أول من أسلم قال الشعبي : سألت ابن عباس من أول من أسلم ؟ قال : أبو بكر أما سمعت حسان يقول : إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبي وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس قدما صدق الرسلا وكان أعلم العرب بأنساب قريش وما كان فيها من خير وشر . وكان تاجرا ذو ثروة طائلة حسن المجالسة عالما بتعبير الرؤيا وقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية هو وعثمان بن عفان . ولما أسلم جعل يدعو الناس إلى الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أبي بكر رضي الله عنه ما علم عنه حين ذكرته له ) أي أنه بادر إليه . ونزل فيه وفي عمر { وشاورهم في الأمر } آل عمران 159 فكان أبو بكر بمنزلة الوزير من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يشاوره في أموره كلها وقد أصاب أبا بكر من إيذاء قريش شئ كثير . فمن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل دار الأرقم ليعبد الله ومن معه من أصحابه سرا ألح أبو بكر رضي الله عنه في الظهور فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إنا قليل . فلم يزل به حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ودعا إلى رسول الله فهو أول خطيب دعا إلى الله تعالى فثار المشركون على أبي بكر رضي الله عنه وعلى المسلمين يضربونهم فضربوهم ضربا شديدا . ووطئ أبو بكر بالأرجل وضرب ضربا شديدا . وصار عتبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه فجاءت بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر إلى أن أدخلوه منزله ولا يشكون في موته ثم رجعوا فدخلوا المسجد فقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة ثم رجعوا إلى أبي بكر وصار والده أبو قحافة وبنو تيم يكلمونه فلا يجيب حتى آخر النهار ثم تكلم وقال : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فعذلوه فصار يكرر ذلك فقالت أمه : والله ما لي علم بصاحبك . فقال اذهبي إلى أم جميل فاسأليها عنه وخرجت إليها وسألتها عن محمد بن عبد الله فقالت : لا أعرف محمدا ولا أبا بكر ثم قالت : تريدين أن أخرج معك ؟ قالت : نعم . فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر فوجدته صريعا فصاحت وقالت : إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم فقال لها أبو بكر رضي الله عنه : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : هذه أمك قال فلا عين عليك منها أي أنها لا تفشي سرك . قالت : سالم هو في دار الأرقم . فقال : والله لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت أمه فأمهلناه حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجنا به يتكئ علي حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق له رقة شديدة وأكب عليه يقبله وأكب عليه المسلمون كذلك فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما بي من بأس إلا ما نال الناس من وجهي وهذه أمي برة بولدها فعسى الله أن يستنقذها من النار فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام فأسلمت ( 2 ) ولما اشتد أذى كفار قريش لم يهاجر أبو بكر إلى الحبشة مع المسلمين بل بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركا عياله وأولاده وأقام معه في الغار ثلاثة أيام قال الله تعالى { ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا } . التوبة 41 ولما كانت الهجرة جاء رسول الله صلى الله عليه إلى أبي بكر وهو نائم فأيقظه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أذن لي في الخروج قالت عائشة : فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح ثم خرجا حتى دخلا الغار فأقاما فيه ثلاثة أيام ( 3 ) . وأن رسول الله لولا ثقته التامة بأبي بكر لما صاحبه في هجرته فاستخلصه لنفسه . وكل من سوى أبي بكر فارق رسول الله وإن الله تعالى سماه ( ثاني اثنين ) قال رسول صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : هل قلت في أبي بكر شيئا ؟ فقال : نعم . فقال : قل وأنا أسمع . فقال : وثاني اثنين في الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ صعد الجبلا وكان حب رسول الله قد علموا ... من البرية لم يعدل به رجلا فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ثم قال : صدقت يا حسان هو كما قلت وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه ويجله ويثني عليه في وجهه واستخلفه في الصلاة وشهد مع رسول الله بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان بالحديبية وخيبر وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك وحجة الوداع . ودفع رسول الله رايته العظمى يوم تبوك إلى أبي بكر وكانت سوداء وكان فيمن ثبت معه يوم أحدا وحين ولى الناس يوم حنين . وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله . ودفع أبو بكر عقبة بن معيط عن رسول الله لما خنق رسول الله وهو يصلي عند الكعبة خنقا شديدا . وقال { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } . المؤمن 28 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ) . رواه البخاري ومسلم وأعتق أبو بكر سبعة ممن كانوا يعذبون في الله وهم : بلال وعامر بن فهيرة وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية بني مؤمل وأم عبيس . وكان أبو بكر إذا مدح قال : ( اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم . اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون ) قال عمر رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالا عندي . فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته فجئت بنصف مالي . فقال : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت مثله . وجاء أبو بكر بكل ما عنده . فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله . قلت : لا أسبقه إلى شئ أبدا روي لأبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 142 حديثا اتفق البخاري ومسلم منها على ستة وانفرد البخاري بأحد عشر ومسلم بحديث واحد . وسبب قلة رواياته مع تقدم صحبته وملازمته النبي صلى الله عليه وسلم أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الأحاديث واعتناء التابعين بسماعها وتحصيلها وحفظها بعض الأحاديث المصرحة بفضل أبي بكر : عن عمرو بن العاص : أن النبي عليه السلام بعثه على جيش ذات السلاسل قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ فقال : عائشة . فقلت : من الرجال ؟ فقال : أبوها . فقلت ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب . فعد رجالا . رواه البخاري ومسلم وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنك لست تصنع ذلك خيلاء ) رواه البخاري وعن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر : أنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرئ إلا ودخل الجنة ) رواه مسلم وهن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير . فتحركت الصخرة فقال النبي عليه السلام : ( اهدأ فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد ) رواه مسلم وعن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ) رواه الترمذي وعن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر ( أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار ) رواه الترمذي وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله عليه وسلم ( ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر ) فبكى أبو بكر وقال : وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله ومن فضائله رضي الله عنه : أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزا كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل فيستقي لها ويقوم بأمرها . فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت . فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها فرصده عمر فإذا الذي يأتيها هو أبو بكر الصديق وهو خليفة . فقال عمر : أنت هو لعمري وهو أول خليفة في الإسلام وأول أمير أرسل على الحج حج بالناس سنة تسع هجرية وأول من جمع القرآن وأول من سمى مصحف القرآن مصحفا وكان يفتي الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر توفي أبو بكر يوم الاثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13ه - 23 أب - أغسطس سنة 634 وتوفي أبوه بعده بنحو ستة أشهر وله 63 سنة كرسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب حديث السقيفة وبيعة أبي بكر الصديق توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة ( 9 حزيران يونيه سنة 632 م ) فهب الأنصار يطالبون بالخلافة قبل أن يدفن رسول الله مع أم المهاجرين لم يكونوا قد فكروا في الخلافة بل كان كبار الصحابة مشغولين بتجهيز رسول الله ودفنه وطمع سعد بن أبي عبادة في أن يكون خليفة ويكنى أبا ثابت وكان نقيب بني سعادة والسيد المطاع في الخزرج اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ( 1 ) وجاؤوا بسعد بن أبي عبادة وهو مريض بالحمى ليبايعوه وطلبوا إليه أن يخطب . فقال لابنه أو بعض بني عمه : إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي ولكن تلق مني قولي فأسمعهم فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع صوته فيسمع أصحابه _________ ( 1 ) سقيفة بني ساعدة بالمدينة وهي ظلة كانوا يجلسون تحتها . أما بنو ساعدة الذين أضيفت إليهم السقيفة فهم حي من الأنصار وهم بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج وكانت دار سعد مما يلي سوق المدينة وعندها السقيفة - قال سعد بعد أن حمد الله وأثنى عليه : ( يا معشر الأنصار لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب . إن محمدا عليه السلام لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان فما آمن به من قومه إلا رجال قليل ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله ولا أن يعزوا دينه ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة وخصكم بالنعمة فرزقكم الإيمان به وبرسوله والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس على عدوه حتى استقامة العرب لأمر الله طوعا وكرها وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض ودانت بأسيافكم له العرب وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين استبدوا بالأمر دون الناس فإنه لكم دون الناس ( 1 ) ) هذه خطبة سعد بن عبادة . فقد كان يرى أن المهاجرين استبدوا بالأمر وأن الأنصار أحق بالولاية للأسباب التي ذكرها مع أن المهاجرين لم يكونوا قد اجتمعوا ولم يتشاوروا في أمر الخلافة ولم يقرروا شيئا . ولا شك في أن هذه الخطبة حازت استحسان الأنصار ولا سيما الخزرج فأجابوا بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول ولن نعدو ما رأيت نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضا وطبيعي أن يحتج المهاجرون على هذا الكلام . فقالوا : نحن المهاجرون وأصحاب رسول الله الأولون وعشيرته وأولياؤه . فقال الأنصار : ( منا أمير ومنكم أمير ) ولن نرضى بدون هذا أبدا . فقال سعد : ( هذا أول الوهن ) بلغ عمر بن الخطاب ما كان من خطبة سعد وما وقع من خلاف بين الأنصار الذين أثاروا هذا الموضوع وبين المهاجرين فجاء إلى منزل رسول الله وأرسل إلى أبي بكر أن أخرج إلي فأرسل إليه أني مشتغل فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره . فخرج فأعلمه الخبر فمضيا مسرعين إلى السقيفة ومعهما أبو عبيدة بن الجراح وأراد عمر رضي الله عنه أن يبدأ بالكلام فأسكته أبو بكر قائلا : ( رويدا حتى أتكلم ) ثم تكلم بكل ما أراد أن يقول عمر _________ ( 1 ) تاريخ الطبري الجزء الثالث - بدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( إن الله بعث محمدا رسولا إلى خلقه وشهيدا على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور . ثم قرأ : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } يونس 18 { وقالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } الزمر 3 . فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم وتكذيبهم إياهم وكل الناس لهم مخالف . زار عليهم فلم يستوحشوا لقلة عددهم وشنف الناس لهم ( 1 ) وإجماع قومهم عليهم فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله والرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من عبده ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام . رضيكم الله أنصارا لدينه ولرسوله وجعل إليكم هجرته وفيكم جلة أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا تفتانون بمشورة ولا تقضى دونكم الأمور _________ ( 1 ) بغض الناس لهم فقام الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي ويكنى أبا عمر وكان يقال له ذو الرأي . فقال : ( يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجتري مجترئ على خلافكم ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم أنتم أهل العز والثروة وأولو العدة والمنعة والتجربة ذوو البأس والنجدة وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون ولا تختلفوا فيفسد رأيكم وينتقض عليكم أمركم أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير ) ورد عمر بن الخطاب على الحباب فقال : ( هيهات لا يجتمع اثنان في قرن ( 1 ) والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم وولي أمرهم فيهم ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم ( 2 ) أو متورط في هلكة ) . فقام الحباب بن المنذر فقال : ( يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا علكم ما سألتموه فأجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين أنا جذيلها ( 3 ) المحكك وعذيقها المرجب أما والله لو شئتم لنعيدنها جذعة ) لقد لج الحباب في الخصومة واستعمل في خطبته ألفاظا شديدة وحرض الأنصار على إجلاء المهاجرين من المدينة إذا لم يولوهم الخلافة وتوعدهم بالشر لذلك قال له عمر محتدا إذن يقتلك الله . قال : بل إياك يقتلك قال أبو عبيدة : ) يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من غير وبدل ) وعندئذ قام بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس الخزرجي الأنصاري ويكنى أبا النعمان فقال : ( يا معشر الأنصار إنا والله كنا أولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا . فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ألا إن محمدا صلى الله عليه وسلم من قريش وقومه به أحق وأولى وايم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم ) فأراد أبو بكر بحكمته أن يضع حدا لهذا الخلاف خشية استحكامه فرشح للخلافة اثنين من المهاجرين قائلا : ( هذا عمر وهذا أبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا ) فقالا : ( لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك فإنك أفضل المهاجرين وثاني إثنين إذ هما في الغار وخليفة رسول الله على الصلاة والصلاة أفضل دين المسلمين فمن ذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك أبسط يدك نبايعك ) . فلما ذهبا ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فهو على ذلك أول من بايع أبا بكر الصديق ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعو إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن حضير ( الذي كان رئيس الأوس يوم بعاث ومن أحسن الناس صوتا بالقرآن وكان أحد المشهود لهم بالعقل وأحد النقباء ) : والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيبا أبدا فقاموا إليه فبايعوه فأنكر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعواه له من أمرهم ولم يلق الرأي الذي قاله الأنصار ( منا أمير ومنكم أمير ) قبولا حتى سعد نفسه فإنه لما سمع به قال : ( هذا أول الوهن ) لأن انقسام القوة موهن لها و كذا رفضه عمر حيث قال : ( هيهات لا يجتمع اثنان في قرن ) وأسرع عمر في مبايعة أبي بكر علما منه بمكانته واعترافا بفضله أقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب وأقبلت أسلم بجماعاتها حتى تضايقت بهم السكك فبايعوا فكان عمر يقول : ( ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر ) وكاد الناس من شدة الزحام يطأون سعد بن عبادة الذي كان يومئذ مريضا ولا يستطيع النهوض وحدثت بينه وبين عمر مشادة وأخيرا حمل سعد وأدخل في داره وترك أياما ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك فقال : ( أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي فلا أفعل . وايم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي ) هذا ما أجاب به سعد من دعوه إلى مبايعة أبي بكر بعد أن علم أن البيعة قد تمت ولكن ماذا يفيد امتناعه عن البيعة وليس له أنصار ولا أغلبية لقد طمع في الخلافة وظن أن قومه سيقاومون ويتمسكون به إلى آخر رمق من حياتهم . إنه توعد وهدد بمفرده لذلك لم يكترث به أحد فتركوه وشأنه فلما علم أبو بكر بما قال سعد قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع . فقال له بشير بن سعد : إنه قد لج وأبى وليس بمبايعتكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته فاتركوه فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد . فتركوه عملا برأي بشير _________ ( 1 ) القرن : الجبل ولا يقال للجبل قرن حتى يقرن فيه بعيران ( 2 ) متجانف لإثم : أي مائل متعمد ( 3 ) الجذل : أصل الشجرة وعود ينصب لتحتك به الجربى من الإبل فتستشفى به والعذق : النخلة بحملها وقول الحباب : " أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب " مثل يضرب لمن يستشفى برأيه ويعتمد عليه أي قد جربتني الأمور ولي رأي وعلم يستشفى بهما كما تستشفى هذه الإبل بهذه الجذل . وصغره على جهة المدح وصغر الغذق على جهة المدح أو التعظيم . والترجيب : أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تتكسر أغصانها . وقيل ترجيبها هو أن يوضع الشوك حوالي الأعذاق لئلا يصل إليها فلا تسرق . وقد أراد بالترجيب التعظيم تخلف علي رضي الله عنه عن البيعة قال الزهري : ( بقي علي وبنو هاشم والزبير ستة أشهر لم يبايعوا أبا بكر حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها فبايعوه ( 1 ) ) وكانت فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ( 2 ) وما بقي من خمس خيبر فأبى أبو بكر أن يدفع إليها شيئا لأن رسول الله قال : ( لا نورث ما تركناه صدقة ) فوجدت فاطمة على أبي بكر الصديق في ذلك ولم تكلمه حتى توفيت وقد كان علي رضي الله عنه يرى أنه أحق بالخلافة من أبي بكر لقرابته من رسول الله لذلك فقد تخلف عن البيعة ( 3 ) مع أن رسول الله لما مرض وتعذر عليه الخروج إلى الصلاة . قال مروا أبا بكر فليصل بالناس . فقالت له عائشة : يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . فعاودته مثل مقولتها . فقال : إنكن صواحبات يوسف . مروا أبا بكر فليصل بالناس . وفي تقديمه أبا بكر إلى الصلاة إشارة إلى أنه الخليفة بعده قال الزبير : لا أغمد سيفا حتى يبايع علي . فقال عمر : خذوا سيفه واضربوا به الحجر . ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة . وقيل لما سمع علي ببيعة أبي بكر خرج في قميصه ما عليه إزار ولا رداء عجلا حتى يبايعه ثم استدعى إزاره ورداءه فتجلله . قال ابن الأثير : والصحيح أن أمير المؤمنين ما بايع إلا بعد ستة أشهر وممن تخلف عن بيعة أبي بكر عتبة بن أبي لهب وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي وأبو ذر وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبي بن كعب ومالوا مع علي وتخلف أيضا أبو سفيان من بني أمية _________ ( 1 ) أصح الأقوال أن فاطمة توفيت بعد رسول الله بستة أشهر ( 2 ) قرية بخيبر ( 3 ) وفي أسد الغابة رواية عن يحيى بن عروة المرادي قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرى أني أحق بهذا الأمر . فاجتمع المسلمون على أبي بكر فسمعت وأطعت . ثم إن أبا بكر أصيب فظننت أنه لا يعدلها عني . فجعلها في عمر فسمعت وأطعت . ثم إن عمر أصيب فظننت أنه لا يعدلها عني فجعلها في ستة أنا أحدهم فولوها عثمان فسمعت وأطعت . ثم إن عثمان قتل فجاءوا فبايعوني طائعين غير مكرهين . الخ بعد أن بويع أبو بكر جهز رسول الله ودفن ليلة الأربعاء وقد غسل في قميصه وغسله العباس والفضل وقثم ابنا العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله وحضرهم أوس بن خولى الأنصاري من بئر يقال لها الغرس لسعد بن خثيمة بقباء وكان العباس وابناه يقلبونه وأسامة وشقران يصبان الماء وعلي يغسله وعليه قميصه وهو يقول ( بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ) . وكفن في ثلاثة أثواب يمانية ( 1 ) بيض من كرسف ( قطن ) ليس في كفنه قميص ولا عمامة ولا عروة وبعد أن غسل رسول الله وكفن وضع على سرير وأدخل عليه المسلمون أفواجا يقومون ويصلون عليه ثم يخرجون ويدخل آخرون ولم يؤمهم في الصلاة عليه إمام حتى إذا فرغت الرجال دخلت النساء ثم دخل الصبيان وكان أول من دخل أبو بكر وعمر . فقالا : ( السلام عليك أيها النبي . . ورحمة الله وبركاته ) ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت فسلموا كما سلم أبو بكر وعمر وصفوا صفوفا لا يؤمهم عليه أحد فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله : ( اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل عليه ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلماته فآمن به وحده لا شريك له . فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما . لا نبتغي بالإيمان بديلا ولا نشتري به ثمنا أبدا ) فيقول الناس آمين آمين ثم يخرجون ويدخل غيرهم . ولما فرغوا نادى عمر حلوا الجنازة وأهلها ولما اختلفوا في موضع دفنه قال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما مات نبي قط إلا يدفن حيث تقبض روحه ) قال علي : وأنا أيضا سمعته فرفع فراشه ودفن . ولما أرادوا أن يحفروا لرسول الله كان بالمدينة رجلان أبو عبيدة بن الجراح يضرح لأهل مكة وكان أبو طلحة الأنصاري هو الذي يلحد لأهل المدينة . فجاء أبو طلحة وألحد لرسول الله وجعل في قبره قطيفة حمراء كان يلبسها فبسطت تحته وكانت الأرض ندية ورش قبره صلى الله عليه وسلم بلال بتربة بدا من قبل رأسه وجعل عليه من حصباء العرصة ( 2 ) حمرا وبيضا ورفع قبره عن الأرض قدر شبر ونزل قبره علي والفضل وقثم ابنا العباس وشقران وأوس بن خولى الأنصاري _________ ( 1 ) وقيل : في ثلاثة أثواب سحولية . وسحول - مثل رسول - بلدة باليمن يجلب منها الثياب ( 2 ) عرصة الدار : ساحتها وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء والجمع عراص وعرصات بعد أن تمت بيعة أبي بكر بيعة عامة صعد المنبر وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه : ( أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه والقوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى لا يدع أحد منكم الجهاد فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله ( 1 ) ) فيا لها من كلمات جامعة حوت الصراحة والعدل مع التواضع والفضل والحث على الجهاد لنصرة الدين وإعلاء شأن المسلمين _________ ( 1 ) الجزء الثاني من تاريخ الكامل لابن الأثير - يوم الأربعاء 14 ربيع الأول سنة 11ه ( 11 حزيران - يونيه 6م ) كان رسول الله قد استعمل أسامة بن زيد وأمره بالتوجه إلى حدود الشام للأخذ بثأر من قتل في غزوة مؤتة وقد كان رسول الله قد ضرب البعث على أهل المدينة ومن حولها وفيهم عمر بن الخطاب وعسكر جيش أسامة بالجرف ( 2 ) فاشتكى رسول الله ثم وجد من نفسه راحة فخرج رسول الله عاصبا رأسه فقال : ( أيها الناس أنفذوا جيش أسامة ) ثلاث مرات . وقال : ( إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله وايم الله إنه كان خليقا للإمارة وايم الله إنه لمن أحب الناس إلي من بعده ) وذلك لأن الناس طعنوا في إمارة أسامة لأنه كان شابا لم يتم العشرين من عمره توفي رسول الله ولم يسر الجيش وارتد كثير من العرب ونجم النفاق واشرأبت أعناق اليهود والنصارى وبققي المسلمون لا يدرون ماذا يصنعون لوفاة نبيهم وقلة عددهم وكثرة عدوهم . فقال الناس لأبي بكر : إن جيش أسامة جند المسلمين والعرب قد انتقضت بك فلا ينبغي أن تفرق عنك جماعة المسلمين فماذا يصنع أبو بكر ؟ إنهم يعترضون على إمارة أسامة لصغر سنه ويعترضون على إرسال جيش المسلمين لارتداد العرب وقلة عدد المسلمين وخزفهم على مركزهم بالمدينة . غير أن رسول الله كان يشدد في إرسال جيش أسامة وقد أخذ أبو بكر عهدا على نفسه بأن لا يعصي الله ورسوله . فهل يخالف أمر رسول الله ؟ كلا فإن ذلك ليس من طبيعته ولا من خلقه وإنما خلقه الثبات إلى آخر لحظة وتنفيذ أوامر رسول الله بكل دقة في كل كبيرة وصغيرة مهما كلفه ذلك لقوة إيمانه وثبات يقينه وعملا بواجب الصداقة . لهذا كانت إجابته للمعترضين في غاية القوة حيث قال : ( و الذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته ) وقال لعمر لما أرسله أسامة يستأذنه في الرجوع وطلب إليه الأنصار إن أبى أن يولي عليه من هو أقدم سنا من أسامة : ( لو خطفتني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فقال عمر : إن الأنصار أمروني أن أبلغك وأنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة . فوثب أبو بكر وكان جالسا يأخذ بلحية عمر فقال له : ( ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرني أن أنزعه ) فخرج عمر إلى الناس بعد أم سمع ورأى من أبي بكر ما رأى . فقالوا له : ما صنعت ؟ فقال : امضوا ثكلتكم أمهاتكم ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله وإجابة أبي بكر بهذه القوة تذكرنا بما قاله رسول الله لعمه أبي طالب حين ظن أنه قد خذله وضعف عن نصرته : ( يا عماه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه فيه ما تركته ) خرج أبو بكر حتى أتى الجيش وأشخصهم وشيعهم وهو ماش وأسامة راكب وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر فقال له أسامة : يا خليفة رسول الله والله لتركبن أو لأنزلن . فقال ( و الله لا تنزل ووالله لا أركب وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة . فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة تكتب له وسبعمائة درجة ترفع له وترفع عنه سبعمائة خطيئة ) حتى إذا انتهى قال إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل ومعنى ذلك أنه يستأذن أسامة - قائد الجيش - أن يترك له عمر لأنه كان في الجيش فأذن له ( 3 ) وكان إرسال الجيش بعد بيعة أبي بكر بيوم أعني يوم الأربعاء 14 من ربيع الأول _________ ( 1 ) هو أسامة بن زيد بن حارثة أمه أم أيمن وكان أسود أفطس . أردفه رسول الله خلفه يوم الفتح على راحلته القصواء واستعمله وهو ابن ثماني عشرة سنة . روي له عن رسول الله 128 حديثا وروى عنه ابن عباس وجماعة من كبار التابعين وكانت وفاته بالمدينة وقيل بوادري القرى وحمل إلى المدينة سنة 54 ه ( 2 ) الجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام . انظر خريطة مكة والمدينة من ( كتاب محمد رسول الله ) للمؤلف ( 3 ) ودع أبو بكر أسامة من الجرف ورجع . والجرف موضع قريب من المدينة حكم أبي بكر وكلماته - 1 - احرص على الموت توهب لك الحياة - 2 - إذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة ولا تحزن عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك - 3 - إذا فاتك خير فأدركه وإن أدركك فاسبقه - 4 - أربع من كن فيه كان من خيار عباد الله : من فرح بالتائب واستغفر للمذنب ودعا المدبر وأعان المحسن - 5 - أصلح نفسك يصلح لك الناس - 6 - أكيس الكيس التقوى وأحمق الحمق الفجور وأصدق الصدق الأمانة وأكذب الكذب الخيانة - 7 - إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق - 8 - إن الله قرن وعده بوعيده ليكون العبد راغبا راهبا - 9 - إن الله يرى من باطنك ما يرى من ظاهرك - 10 - إن العبد إذا دخله العجب بشيء من زينة الدنيا مقته الله تعالى حتى يفارق تلك الزينة - 11 - إن عليك من الله عيونا تراك - 12 - إن كثير الكلام ينسى بعضه بعضا - 13 - إن كل من لم يهده الله ضال . وكل من لم يعافه الله مبتلي . وكل من لم يعنه الله مخذول . فمن هدى الله كان مهتديا . ومن أضله الله كان ضالا - 14 - ثلاث من كن فيه كن عليه : البغي والنكث والمكر - 15 - حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا وحث لميزان يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا - 16 - خير الخصلتين لك أبغضهما إليك - 17 - ذل قوم أسندوا رأيهم إلى امرأة - 18 - رحم الله أمرأ أعان أخاه بنفسه - 19 - صنائع المعروف تقي مصارع السوء - 20 - لا خير في خير بعده نار ولا شر في شر بعده الجنة - 21 - لا دين لأحد لا إيمان له ولا أجر لمن لا حسبة له ولا عمل لمن نية له - 22 - لا يكونن قولك لغوا في عفو ولا عقوبة - 23 - ليتني كنت شجرة تعضد ثم تؤكل - 24 - ليست مع العزاء مصيبة - 25 - الموت أهون مما بعده وأشد مما قبله وكان يأخذ بطرف لسانه ويقول : - 26 - ( هذا الذي أوردني الموارد ) - 27 - قال رجل لأبي بكر رضي الله عنه : ( والله لأسبنك سبا يدخل القبر معك ) فقال : ( معك يدخل لا معي وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 22 جمادى الآخرة سنة 13ه ( 23 آب أغسطس سنة 634 م ) - توفي أبو بكر رضي الله عنه لثمان بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان قد سمه اليهود في أرز وقيل في حريرة وهي الحساء فأكل هو والحارث بن كلدة وقال لأبي بكر أكلنا طعاما مسموما سم سنة فماتا بعده بسنة وقيل إنه اغتسل وكان يوما باردا فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى الصلاة فأمر عمر أن يصلي بالناس ( 1 ) ولما مرض قال له الناس ألا ندعو الطبيب ؟ فقال : أتاني وقال لي أنا فاعل ما أريد فعلموا مراده وسكتوا عنه ثم مات وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن ( 2 ) وأن يكفن في ثوبيه ويشتري معهما ثوب ثالث . وقال : الحي أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة والصديد . غسلت أبا بكر زوجته أسماء ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت إني صائمة وهذا يوم شديد البرد فهل علي غسل ؟ قالوا لا ( 3 ) وقد روي أنه اغتسل في يوم بارد فحم فمن ذلك يتبين أن الجو كان باردا في هذه الأيام فإنه حم بسبب استحمامه في يوم بارد . كذلك غسل في يوم بارد لذلك نرجح سبب وفاته كان تأثره بالبرد لا بسبب السم الذي قيل إن اليهود دسوه له في الحساء لأن حادثة السم المزعومة كانت قبل وفاته بسنة . ودفن ليلة وفاته وصلى عليه عمر بن الخطاب وكبر عليه أربعا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القبر والمنبر ودخل قبره ابنه عبد الرحمن وعمر وعثمان وطلحة وجعل رأسه عند كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وألصقوا لحده بلحد النبي صلى الله عليه وسلم وجعل قبره مثل قبره مسطحا وناحت عليه عائشة والنساء فنهاهن عن البكاء عمر فأبين فقال لهشام بن الوليد ادخل فأخرج علي ابنة أبي قحافة . فأخرج إليه أم فروة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر فعلاها بالدرة ( السوط ) ضربات فتفرق النوح حين سمعن ذلك . وكان آخر ما تكلم به ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) وكانت عائشة رضي الله عنها تمرضه _________ ( 1 ) اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة . عن عبد الرحمن بن أبي بكر ( 2 ) وفي نزهة النواظر أن الذي غسله علي رضي الله عنه وهذا غير ثابت والصواب أن أسماء زوجته هي التي غسلته ( 3 ) راجع طبقات ابن سعد " أبو بكر "
هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي . يلتقي مع رسول الله في مرة بن كعب . أبو بكر الصديق بن أبي قحافة . واسم أبي قحافة عثمان . وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وهي ابنة عم أبي قحافة أسلم أبو بكر ثم أسلمت أمه بعده وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال العلماء : لا يعرف أربعة متناسلون بعضهم من بعض صحبوا رسول الله إلا آل أبي بكر الصديق وهم : عبد الله بن الزبير أمه أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة . فهؤلاء الأربعة صحابة متناسلون . وأيضا أبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم ولقب عتيقا لعتقه من النار وقيل لحسن وجهه . وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أبو بكر عتيق من النار ) فمن يومئذ سمي ( عتيقا ) . وقيل سمي عتيقا لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به . وأجمعت الأمة على تسميته صديقا . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( إن الله تعالى هو الذي سمى أبا بكر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم صديقا ) وسبب تسميته أنه بادر إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازم الصدق فلم تقع منه هنات ولا كذبة في حال من الأحوال . وعن عائشة أنها قالت : ( لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان آمن وصدق به وفتنوا به . فقال أبو بكر : إني لأصدقه في ما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء غدوة وروحة فلذلك سمي أبا بكر الصديق ) وقال أبو محجن الثقفي : وسميت صديقا وكل مهاجر ... سواك يسمى باسمه غير منكر سبقت إلى الإسلام والله شاهد ... وكنت جليسا في العريش المشهر ولد أبو بكر سنة 573 م بعد الفيل بثلاث سنين تقريبا وكان رضي الله عنه صديقا لرسول الله قبل البعث وهو أصغر منه سنا بثلاث سنوات وكان يكثر غشيانه في منزله ومحادثته . وقيل كنى بأبي بكر لابتكاره الخصال الحميدة . فلما أسلم آزر النبي صلى الله عليه وسلم في نصر دين الله تعالى بنفسه وماله . وكان له لما أسلم 40 . 000 درهم أنفقها في سبيل الله مع ما كسب من التجارة قال تعالى { وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى } . الليل 17 - 19 وقد أجمع المفسرون على أن المراد به أبو بكر . وقد رد الفخر الرازي على من قال إنها نزلت في حق علي رضي الله عنه كان أبو بكر رضي الله عنه من رؤساء قريش في الجاهلية محببا فيهم مؤلفا لهم وكان إليه الأشناق ( 1 ) في الجاهلية . كان إذا عمل شيئا صدقته قريش وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه وإن احتملتها غيره خذلوه ولم يصدقوه . فلما جاء الإسلام سبق إليه وأسلم من الصحابة بدعائه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم : عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وأسلم أبواه وولداه وولد ولده من الصحابة فجاء بالخمسة الذين أسلموا بدعائه إلى رسول الله فأسلموا وصلوا وقد ذهب جماعة إلى أنه أول من أسلم قال الشعبي : سألت ابن عباس من أول من أسلم ؟ قال : أبو بكر أما سمعت حسان يقول : إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبي وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس قدما صدق الرسلا وكان أعلم العرب بأنساب قريش وما كان فيها من خير وشر . وكان تاجرا ذو ثروة طائلة حسن المجالسة عالما بتعبير الرؤيا وقد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية هو وعثمان بن عفان . ولما أسلم جعل يدعو الناس إلى الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أبي بكر رضي الله عنه ما علم عنه حين ذكرته له ) أي أنه بادر إليه . ونزل فيه وفي عمر { وشاورهم في الأمر } آل عمران 159 فكان أبو بكر بمنزلة الوزير من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يشاوره في أموره كلها وقد أصاب أبا بكر من إيذاء قريش شئ كثير . فمن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل دار الأرقم ليعبد الله ومن معه من أصحابه سرا ألح أبو بكر رضي الله عنه في الظهور فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إنا قليل . فلم يزل به حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم وقام أبو بكر في الناس خطيبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ودعا إلى رسول الله فهو أول خطيب دعا إلى الله تعالى فثار المشركون على أبي بكر رضي الله عنه وعلى المسلمين يضربونهم فضربوهم ضربا شديدا . ووطئ أبو بكر بالأرجل وضرب ضربا شديدا . وصار عتبة بن ربيعة يضرب أبا بكر بنعلين مخصوفتين ويحرفهما إلى وجهه حتى صار لا يعرف أنفه من وجهه فجاءت بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبي بكر إلى أن أدخلوه منزله ولا يشكون في موته ثم رجعوا فدخلوا المسجد فقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة ثم رجعوا إلى أبي بكر وصار والده أبو قحافة وبنو تيم يكلمونه فلا يجيب حتى آخر النهار ثم تكلم وقال : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فعذلوه فصار يكرر ذلك فقالت أمه : والله ما لي علم بصاحبك . فقال اذهبي إلى أم جميل فاسأليها عنه وخرجت إليها وسألتها عن محمد بن عبد الله فقالت : لا أعرف محمدا ولا أبا بكر ثم قالت : تريدين أن أخرج معك ؟ قالت : نعم . فخرجت معها إلى أن جاءت أبا بكر فوجدته صريعا فصاحت وقالت : إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وإني لأرجو أن ينتقم الله منهم فقال لها أبو بكر رضي الله عنه : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : هذه أمك قال فلا عين عليك منها أي أنها لا تفشي سرك . قالت : سالم هو في دار الأرقم . فقال : والله لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت أمه فأمهلناه حتى إذا هدأت الرجل وسكن الناس خرجنا به يتكئ علي حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق له رقة شديدة وأكب عليه يقبله وأكب عليه المسلمون كذلك فقال بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما بي من بأس إلا ما نال الناس من وجهي وهذه أمي برة بولدها فعسى الله أن يستنقذها من النار فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام فأسلمت ( 2 ) ولما اشتد أذى كفار قريش لم يهاجر أبو بكر إلى الحبشة مع المسلمين بل بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركا عياله وأولاده وأقام معه في الغار ثلاثة أيام قال الله تعالى { ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا } . التوبة 41 ولما كانت الهجرة جاء رسول الله صلى الله عليه إلى أبي بكر وهو نائم فأيقظه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أذن لي في الخروج قالت عائشة : فلقد رأيت أبا بكر يبكي من الفرح ثم خرجا حتى دخلا الغار فأقاما فيه ثلاثة أيام ( 3 ) . وأن رسول الله لولا ثقته التامة بأبي بكر لما صاحبه في هجرته فاستخلصه لنفسه . وكل من سوى أبي بكر فارق رسول الله وإن الله تعالى سماه ( ثاني اثنين ) قال رسول صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت : هل قلت في أبي بكر شيئا ؟ فقال : نعم . فقال : قل وأنا أسمع . فقال : وثاني اثنين في الغار المنيف وقد ... طاف العدو به إذ صعد الجبلا وكان حب رسول الله قد علموا ... من البرية لم يعدل به رجلا فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه ثم قال : صدقت يا حسان هو كما قلت وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه ويجله ويثني عليه في وجهه واستخلفه في الصلاة وشهد مع رسول الله بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان بالحديبية وخيبر وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك وحجة الوداع . ودفع رسول الله رايته العظمى يوم تبوك إلى أبي بكر وكانت سوداء وكان فيمن ثبت معه يوم أحدا وحين ولى الناس يوم حنين . وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله . ودفع أبو بكر عقبة بن معيط عن رسول الله لما خنق رسول الله وهو يصلي عند الكعبة خنقا شديدا . وقال { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم } . المؤمن 28 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ) . رواه البخاري ومسلم وأعتق أبو بكر سبعة ممن كانوا يعذبون في الله وهم : بلال وعامر بن فهيرة وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية بني مؤمل وأم عبيس . وكان أبو بكر إذا مدح قال : ( اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم . اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون ) قال عمر رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالا عندي . فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته فجئت بنصف مالي . فقال : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت مثله . وجاء أبو بكر بكل ما عنده . فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله . قلت : لا أسبقه إلى شئ أبدا روي لأبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 142 حديثا اتفق البخاري ومسلم منها على ستة وانفرد البخاري بأحد عشر ومسلم بحديث واحد . وسبب قلة رواياته مع تقدم صحبته وملازمته النبي صلى الله عليه وسلم أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الأحاديث واعتناء التابعين بسماعها وتحصيلها وحفظها بعض الأحاديث المصرحة بفضل أبي بكر : عن عمرو بن العاص : أن النبي عليه السلام بعثه على جيش ذات السلاسل قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ فقال : عائشة . فقلت : من الرجال ؟ فقال : أبوها . فقلت ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب . فعد رجالا . رواه البخاري ومسلم وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقال أبو بكر : إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنك لست تصنع ذلك خيلاء ) رواه البخاري وعن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أصبح منكم اليوم صائما ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟ قال أبو بكر : أنا . قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟ قال أبو بكر : أنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرئ إلا ودخل الجنة ) رواه مسلم وهن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير . فتحركت الصخرة فقال النبي عليه السلام : ( اهدأ فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد ) رواه مسلم وعن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ) رواه الترمذي وعن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر ( أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار ) رواه الترمذي وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله عليه وسلم ( ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر ) فبكى أبو بكر وقال : وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله ومن فضائله رضي الله عنه : أن عمر بن الخطاب كان يتعاهد عجوزا كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل فيستقي لها ويقوم بأمرها . فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها فأصلح ما أرادت . فجاءها غير مرة كيلا يسبق إليها فرصده عمر فإذا الذي يأتيها هو أبو بكر الصديق وهو خليفة . فقال عمر : أنت هو لعمري وهو أول خليفة في الإسلام وأول أمير أرسل على الحج حج بالناس سنة تسع هجرية وأول من جمع القرآن وأول من سمى مصحف القرآن مصحفا وكان يفتي الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر توفي أبو بكر يوم الاثنين 22 جمادى الآخرة سنة 13ه - 23 أب - أغسطس سنة 634 وتوفي أبوه بعده بنحو ستة أشهر وله 63 سنة كرسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب حديث السقيفة وبيعة أبي بكر الصديق توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة ( 9 حزيران يونيه سنة 632 م ) فهب الأنصار يطالبون بالخلافة قبل أن يدفن رسول الله مع أم المهاجرين لم يكونوا قد فكروا في الخلافة بل كان كبار الصحابة مشغولين بتجهيز رسول الله ودفنه وطمع سعد بن أبي عبادة في أن يكون خليفة ويكنى أبا ثابت وكان نقيب بني سعادة والسيد المطاع في الخزرج اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ( 1 ) وجاؤوا بسعد بن أبي عبادة وهو مريض بالحمى ليبايعوه وطلبوا إليه أن يخطب . فقال لابنه أو بعض بني عمه : إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي ولكن تلق مني قولي فأسمعهم فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع صوته فيسمع أصحابه _________ ( 1 ) سقيفة بني ساعدة بالمدينة وهي ظلة كانوا يجلسون تحتها . أما بنو ساعدة الذين أضيفت إليهم السقيفة فهم حي من الأنصار وهم بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج وكانت دار سعد مما يلي سوق المدينة وعندها السقيفة - قال سعد بعد أن حمد الله وأثنى عليه : ( يا معشر الأنصار لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب . إن محمدا عليه السلام لبث بضع عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد والأوثان فما آمن به من قومه إلا رجال قليل ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسول الله ولا أن يعزوا دينه ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به حتى إذا أراد بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة وخصكم بالنعمة فرزقكم الإيمان به وبرسوله والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ولدينه والجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس على عدوه حتى استقامة العرب لأمر الله طوعا وكرها وأعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض ودانت بأسيافكم له العرب وتوفاه الله وهو عنكم راض وبكم قرير عين استبدوا بالأمر دون الناس فإنه لكم دون الناس ( 1 ) ) هذه خطبة سعد بن عبادة . فقد كان يرى أن المهاجرين استبدوا بالأمر وأن الأنصار أحق بالولاية للأسباب التي ذكرها مع أن المهاجرين لم يكونوا قد اجتمعوا ولم يتشاوروا في أمر الخلافة ولم يقرروا شيئا . ولا شك في أن هذه الخطبة حازت استحسان الأنصار ولا سيما الخزرج فأجابوا بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول ولن نعدو ما رأيت نوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضا وطبيعي أن يحتج المهاجرون على هذا الكلام . فقالوا : نحن المهاجرون وأصحاب رسول الله الأولون وعشيرته وأولياؤه . فقال الأنصار : ( منا أمير ومنكم أمير ) ولن نرضى بدون هذا أبدا . فقال سعد : ( هذا أول الوهن ) بلغ عمر بن الخطاب ما كان من خطبة سعد وما وقع من خلاف بين الأنصار الذين أثاروا هذا الموضوع وبين المهاجرين فجاء إلى منزل رسول الله وأرسل إلى أبي بكر أن أخرج إلي فأرسل إليه أني مشتغل فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره . فخرج فأعلمه الخبر فمضيا مسرعين إلى السقيفة ومعهما أبو عبيدة بن الجراح وأراد عمر رضي الله عنه أن يبدأ بالكلام فأسكته أبو بكر قائلا : ( رويدا حتى أتكلم ) ثم تكلم بكل ما أراد أن يقول عمر _________ ( 1 ) تاريخ الطبري الجزء الثالث - بدأ أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( إن الله بعث محمدا رسولا إلى خلقه وشهيدا على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ولهم نافعة وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور . ثم قرأ : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } يونس 18 { وقالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } الزمر 3 . فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم وتكذيبهم إياهم وكل الناس لهم مخالف . زار عليهم فلم يستوحشوا لقلة عددهم وشنف الناس لهم ( 1 ) وإجماع قومهم عليهم فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله والرسول وهم أولياؤه وعشيرته وأحق الناس بهذا الأمر من عبده ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام . رضيكم الله أنصارا لدينه ولرسوله وجعل إليكم هجرته وفيكم جلة أزواجه وأصحابه فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا تفتانون بمشورة ولا تقضى دونكم الأمور _________ ( 1 ) بغض الناس لهم فقام الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي السلمي ويكنى أبا عمر وكان يقال له ذو الرأي . فقال : ( يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في فيئكم وفي ظلكم ولن يجتري مجترئ على خلافكم ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم أنتم أهل العز والثروة وأولو العدة والمنعة والتجربة ذوو البأس والنجدة وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون ولا تختلفوا فيفسد رأيكم وينتقض عليكم أمركم أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير ) ورد عمر بن الخطاب على الحباب فقال : ( هيهات لا يجتمع اثنان في قرن ( 1 ) والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم وولي أمرهم فيهم ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين من ذا ينازعنا سلطان محمد وإمارته ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم ( 2 ) أو متورط في هلكة ) . فقام الحباب بن المنذر فقال : ( يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا علكم ما سألتموه فأجلوهم عن هذه البلاد وتولوا عليهم هذه الأمور فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من دان ممن لم يكن يدين أنا جذيلها ( 3 ) المحكك وعذيقها المرجب أما والله لو شئتم لنعيدنها جذعة ) لقد لج الحباب في الخصومة واستعمل في خطبته ألفاظا شديدة وحرض الأنصار على إجلاء المهاجرين من المدينة إذا لم يولوهم الخلافة وتوعدهم بالشر لذلك قال له عمر محتدا إذن يقتلك الله . قال : بل إياك يقتلك قال أبو عبيدة : ) يا معشر الأنصار إنكم أول من نصر وآزر فلا تكونوا أول من غير وبدل ) وعندئذ قام بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس الخزرجي الأنصاري ويكنى أبا النعمان فقال : ( يا معشر الأنصار إنا والله كنا أولى فضيلة في جهاد المشركين وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا . فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ألا إن محمدا صلى الله عليه وسلم من قريش وقومه به أحق وأولى وايم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر أبدا فاتقوا الله ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم ) فأراد أبو بكر بحكمته أن يضع حدا لهذا الخلاف خشية استحكامه فرشح للخلافة اثنين من المهاجرين قائلا : ( هذا عمر وهذا أبو عبيدة فأيهما شئتم فبايعوا ) فقالا : ( لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك فإنك أفضل المهاجرين وثاني إثنين إذ هما في الغار وخليفة رسول الله على الصلاة والصلاة أفضل دين المسلمين فمن ذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك أبسط يدك نبايعك ) . فلما ذهبا ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فهو على ذلك أول من بايع أبا بكر الصديق ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد وما تدعو إليه قريش وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن حضير ( الذي كان رئيس الأوس يوم بعاث ومن أحسن الناس صوتا بالقرآن وكان أحد المشهود لهم بالعقل وأحد النقباء ) : والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيبا أبدا فقاموا إليه فبايعوه فأنكر على سعد بن عبادة وعلى الخزرج ما كانوا أجمعواه له من أمرهم ولم يلق الرأي الذي قاله الأنصار ( منا أمير ومنكم أمير ) قبولا حتى سعد نفسه فإنه لما سمع به قال : ( هذا أول الوهن ) لأن انقسام القوة موهن لها و كذا رفضه عمر حيث قال : ( هيهات لا يجتمع اثنان في قرن ) وأسرع عمر في مبايعة أبي بكر علما منه بمكانته واعترافا بفضله أقبل الناس يبايعون أبا بكر من كل جانب وأقبلت أسلم بجماعاتها حتى تضايقت بهم السكك فبايعوا فكان عمر يقول : ( ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر ) وكاد الناس من شدة الزحام يطأون سعد بن عبادة الذي كان يومئذ مريضا ولا يستطيع النهوض وحدثت بينه وبين عمر مشادة وأخيرا حمل سعد وأدخل في داره وترك أياما ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس وبايع قومك فقال : ( أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ومن أطاعني من قومي فلا أفعل . وايم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي ) هذا ما أجاب به سعد من دعوه إلى مبايعة أبي بكر بعد أن علم أن البيعة قد تمت ولكن ماذا يفيد امتناعه عن البيعة وليس له أنصار ولا أغلبية لقد طمع في الخلافة وظن أن قومه سيقاومون ويتمسكون به إلى آخر رمق من حياتهم . إنه توعد وهدد بمفرده لذلك لم يكترث به أحد فتركوه وشأنه فلما علم أبو بكر بما قال سعد قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع . فقال له بشير بن سعد : إنه قد لج وأبى وليس بمبايعتكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته فاتركوه فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد . فتركوه عملا برأي بشير _________ ( 1 ) القرن : الجبل ولا يقال للجبل قرن حتى يقرن فيه بعيران ( 2 ) متجانف لإثم : أي مائل متعمد ( 3 ) الجذل : أصل الشجرة وعود ينصب لتحتك به الجربى من الإبل فتستشفى به والعذق : النخلة بحملها وقول الحباب : " أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب " مثل يضرب لمن يستشفى برأيه ويعتمد عليه أي قد جربتني الأمور ولي رأي وعلم يستشفى بهما كما تستشفى هذه الإبل بهذه الجذل . وصغره على جهة المدح وصغر الغذق على جهة المدح أو التعظيم . والترجيب : أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تتكسر أغصانها . وقيل ترجيبها هو أن يوضع الشوك حوالي الأعذاق لئلا يصل إليها فلا تسرق . وقد أراد بالترجيب التعظيم تخلف علي رضي الله عنه عن البيعة قال الزهري : ( بقي علي وبنو هاشم والزبير ستة أشهر لم يبايعوا أبا بكر حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها فبايعوه ( 1 ) ) وكانت فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ( 2 ) وما بقي من خمس خيبر فأبى أبو بكر أن يدفع إليها شيئا لأن رسول الله قال : ( لا نورث ما تركناه صدقة ) فوجدت فاطمة على أبي بكر الصديق في ذلك ولم تكلمه حتى توفيت وقد كان علي رضي الله عنه يرى أنه أحق بالخلافة من أبي بكر لقرابته من رسول الله لذلك فقد تخلف عن البيعة ( 3 ) مع أن رسول الله لما مرض وتعذر عليه الخروج إلى الصلاة . قال مروا أبا بكر فليصل بالناس . فقالت له عائشة : يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . فعاودته مثل مقولتها . فقال : إنكن صواحبات يوسف . مروا أبا بكر فليصل بالناس . وفي تقديمه أبا بكر إلى الصلاة إشارة إلى أنه الخليفة بعده قال الزبير : لا أغمد سيفا حتى يبايع علي . فقال عمر : خذوا سيفه واضربوا به الحجر . ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة . وقيل لما سمع علي ببيعة أبي بكر خرج في قميصه ما عليه إزار ولا رداء عجلا حتى يبايعه ثم استدعى إزاره ورداءه فتجلله . قال ابن الأثير : والصحيح أن أمير المؤمنين ما بايع إلا بعد ستة أشهر وممن تخلف عن بيعة أبي بكر عتبة بن أبي لهب وخالد بن سعيد والمقداد بن عمرو وسلمان الفارسي وأبو ذر وعمار بن ياسر والبراء بن عازب وأبي بن كعب ومالوا مع علي وتخلف أيضا أبو سفيان من بني أمية _________ ( 1 ) أصح الأقوال أن فاطمة توفيت بعد رسول الله بستة أشهر ( 2 ) قرية بخيبر ( 3 ) وفي أسد الغابة رواية عن يحيى بن عروة المرادي قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول قبض النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أرى أني أحق بهذا الأمر . فاجتمع المسلمون على أبي بكر فسمعت وأطعت . ثم إن أبا بكر أصيب فظننت أنه لا يعدلها عني . فجعلها في عمر فسمعت وأطعت . ثم إن عمر أصيب فظننت أنه لا يعدلها عني فجعلها في ستة أنا أحدهم فولوها عثمان فسمعت وأطعت . ثم إن عثمان قتل فجاءوا فبايعوني طائعين غير مكرهين . الخ بعد أن بويع أبو بكر جهز رسول الله ودفن ليلة الأربعاء وقد غسل في قميصه وغسله العباس والفضل وقثم ابنا العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله وحضرهم أوس بن خولى الأنصاري من بئر يقال لها الغرس لسعد بن خثيمة بقباء وكان العباس وابناه يقلبونه وأسامة وشقران يصبان الماء وعلي يغسله وعليه قميصه وهو يقول ( بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ) . وكفن في ثلاثة أثواب يمانية ( 1 ) بيض من كرسف ( قطن ) ليس في كفنه قميص ولا عمامة ولا عروة وبعد أن غسل رسول الله وكفن وضع على سرير وأدخل عليه المسلمون أفواجا يقومون ويصلون عليه ثم يخرجون ويدخل آخرون ولم يؤمهم في الصلاة عليه إمام حتى إذا فرغت الرجال دخلت النساء ثم دخل الصبيان وكان أول من دخل أبو بكر وعمر . فقالا : ( السلام عليك أيها النبي . . ورحمة الله وبركاته ) ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت فسلموا كما سلم أبو بكر وعمر وصفوا صفوفا لا يؤمهم عليه أحد فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله : ( اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل عليه ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلماته فآمن به وحده لا شريك له . فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما . لا نبتغي بالإيمان بديلا ولا نشتري به ثمنا أبدا ) فيقول الناس آمين آمين ثم يخرجون ويدخل غيرهم . ولما فرغوا نادى عمر حلوا الجنازة وأهلها ولما اختلفوا في موضع دفنه قال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما مات نبي قط إلا يدفن حيث تقبض روحه ) قال علي : وأنا أيضا سمعته فرفع فراشه ودفن . ولما أرادوا أن يحفروا لرسول الله كان بالمدينة رجلان أبو عبيدة بن الجراح يضرح لأهل مكة وكان أبو طلحة الأنصاري هو الذي يلحد لأهل المدينة . فجاء أبو طلحة وألحد لرسول الله وجعل في قبره قطيفة حمراء كان يلبسها فبسطت تحته وكانت الأرض ندية ورش قبره صلى الله عليه وسلم بلال بتربة بدا من قبل رأسه وجعل عليه من حصباء العرصة ( 2 ) حمرا وبيضا ورفع قبره عن الأرض قدر شبر ونزل قبره علي والفضل وقثم ابنا العباس وشقران وأوس بن خولى الأنصاري _________ ( 1 ) وقيل : في ثلاثة أثواب سحولية . وسحول - مثل رسول - بلدة باليمن يجلب منها الثياب ( 2 ) عرصة الدار : ساحتها وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء والجمع عراص وعرصات بعد أن تمت بيعة أبي بكر بيعة عامة صعد المنبر وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه : ( أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له حقه والقوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى لا يدع أحد منكم الجهاد فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله ( 1 ) ) فيا لها من كلمات جامعة حوت الصراحة والعدل مع التواضع والفضل والحث على الجهاد لنصرة الدين وإعلاء شأن المسلمين _________ ( 1 ) الجزء الثاني من تاريخ الكامل لابن الأثير - يوم الأربعاء 14 ربيع الأول سنة 11ه ( 11 حزيران - يونيه 6م ) كان رسول الله قد استعمل أسامة بن زيد وأمره بالتوجه إلى حدود الشام للأخذ بثأر من قتل في غزوة مؤتة وقد كان رسول الله قد ضرب البعث على أهل المدينة ومن حولها وفيهم عمر بن الخطاب وعسكر جيش أسامة بالجرف ( 2 ) فاشتكى رسول الله ثم وجد من نفسه راحة فخرج رسول الله عاصبا رأسه فقال : ( أيها الناس أنفذوا جيش أسامة ) ثلاث مرات . وقال : ( إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله وايم الله إنه كان خليقا للإمارة وايم الله إنه لمن أحب الناس إلي من بعده ) وذلك لأن الناس طعنوا في إمارة أسامة لأنه كان شابا لم يتم العشرين من عمره توفي رسول الله ولم يسر الجيش وارتد كثير من العرب ونجم النفاق واشرأبت أعناق اليهود والنصارى وبققي المسلمون لا يدرون ماذا يصنعون لوفاة نبيهم وقلة عددهم وكثرة عدوهم . فقال الناس لأبي بكر : إن جيش أسامة جند المسلمين والعرب قد انتقضت بك فلا ينبغي أن تفرق عنك جماعة المسلمين فماذا يصنع أبو بكر ؟ إنهم يعترضون على إمارة أسامة لصغر سنه ويعترضون على إرسال جيش المسلمين لارتداد العرب وقلة عدد المسلمين وخزفهم على مركزهم بالمدينة . غير أن رسول الله كان يشدد في إرسال جيش أسامة وقد أخذ أبو بكر عهدا على نفسه بأن لا يعصي الله ورسوله . فهل يخالف أمر رسول الله ؟ كلا فإن ذلك ليس من طبيعته ولا من خلقه وإنما خلقه الثبات إلى آخر لحظة وتنفيذ أوامر رسول الله بكل دقة في كل كبيرة وصغيرة مهما كلفه ذلك لقوة إيمانه وثبات يقينه وعملا بواجب الصداقة . لهذا كانت إجابته للمعترضين في غاية القوة حيث قال : ( و الذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته ) وقال لعمر لما أرسله أسامة يستأذنه في الرجوع وطلب إليه الأنصار إن أبى أن يولي عليه من هو أقدم سنا من أسامة : ( لو خطفتني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فقال عمر : إن الأنصار أمروني أن أبلغك وأنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة . فوثب أبو بكر وكان جالسا يأخذ بلحية عمر فقال له : ( ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمرني أن أنزعه ) فخرج عمر إلى الناس بعد أم سمع ورأى من أبي بكر ما رأى . فقالوا له : ما صنعت ؟ فقال : امضوا ثكلتكم أمهاتكم ما لقيت في سببكم من خليفة رسول الله وإجابة أبي بكر بهذه القوة تذكرنا بما قاله رسول الله لعمه أبي طالب حين ظن أنه قد خذله وضعف عن نصرته : ( يا عماه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه فيه ما تركته ) خرج أبو بكر حتى أتى الجيش وأشخصهم وشيعهم وهو ماش وأسامة راكب وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر فقال له أسامة : يا خليفة رسول الله والله لتركبن أو لأنزلن . فقال ( و الله لا تنزل ووالله لا أركب وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة . فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة تكتب له وسبعمائة درجة ترفع له وترفع عنه سبعمائة خطيئة ) حتى إذا انتهى قال إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل ومعنى ذلك أنه يستأذن أسامة - قائد الجيش - أن يترك له عمر لأنه كان في الجيش فأذن له ( 3 ) وكان إرسال الجيش بعد بيعة أبي بكر بيوم أعني يوم الأربعاء 14 من ربيع الأول _________ ( 1 ) هو أسامة بن زيد بن حارثة أمه أم أيمن وكان أسود أفطس . أردفه رسول الله خلفه يوم الفتح على راحلته القصواء واستعمله وهو ابن ثماني عشرة سنة . روي له عن رسول الله 128 حديثا وروى عنه ابن عباس وجماعة من كبار التابعين وكانت وفاته بالمدينة وقيل بوادري القرى وحمل إلى المدينة سنة 54 ه ( 2 ) الجرف : موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام . انظر خريطة مكة والمدينة من ( كتاب محمد رسول الله ) للمؤلف ( 3 ) ودع أبو بكر أسامة من الجرف ورجع . والجرف موضع قريب من المدينة حكم أبي بكر وكلماته - 1 - احرص على الموت توهب لك الحياة - 2 - إذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة ولا تحزن عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك - 3 - إذا فاتك خير فأدركه وإن أدركك فاسبقه - 4 - أربع من كن فيه كان من خيار عباد الله : من فرح بالتائب واستغفر للمذنب ودعا المدبر وأعان المحسن - 5 - أصلح نفسك يصلح لك الناس - 6 - أكيس الكيس التقوى وأحمق الحمق الفجور وأصدق الصدق الأمانة وأكذب الكذب الخيانة - 7 - إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق - 8 - إن الله قرن وعده بوعيده ليكون العبد راغبا راهبا - 9 - إن الله يرى من باطنك ما يرى من ظاهرك - 10 - إن العبد إذا دخله العجب بشيء من زينة الدنيا مقته الله تعالى حتى يفارق تلك الزينة - 11 - إن عليك من الله عيونا تراك - 12 - إن كثير الكلام ينسى بعضه بعضا - 13 - إن كل من لم يهده الله ضال . وكل من لم يعافه الله مبتلي . وكل من لم يعنه الله مخذول . فمن هدى الله كان مهتديا . ومن أضله الله كان ضالا - 14 - ثلاث من كن فيه كن عليه : البغي والنكث والمكر - 15 - حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا وحث لميزان يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا - 16 - خير الخصلتين لك أبغضهما إليك - 17 - ذل قوم أسندوا رأيهم إلى امرأة - 18 - رحم الله أمرأ أعان أخاه بنفسه - 19 - صنائع المعروف تقي مصارع السوء - 20 - لا خير في خير بعده نار ولا شر في شر بعده الجنة - 21 - لا دين لأحد لا إيمان له ولا أجر لمن لا حسبة له ولا عمل لمن نية له - 22 - لا يكونن قولك لغوا في عفو ولا عقوبة - 23 - ليتني كنت شجرة تعضد ثم تؤكل - 24 - ليست مع العزاء مصيبة - 25 - الموت أهون مما بعده وأشد مما قبله وكان يأخذ بطرف لسانه ويقول : - 26 - ( هذا الذي أوردني الموارد ) - 27 - قال رجل لأبي بكر رضي الله عنه : ( والله لأسبنك سبا يدخل القبر معك ) فقال : ( معك يدخل لا معي وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه 22 جمادى الآخرة سنة 13ه ( 23 آب أغسطس سنة 634 م ) - توفي أبو بكر رضي الله عنه لثمان بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء وهو ابن ثلاث وستين سنة وكان قد سمه اليهود في أرز وقيل في حريرة وهي الحساء فأكل هو والحارث بن كلدة وقال لأبي بكر أكلنا طعاما مسموما سم سنة فماتا بعده بسنة وقيل إنه اغتسل وكان يوما باردا فحم خمسة عشر يوما لا يخرج إلى الصلاة فأمر عمر أن يصلي بالناس ( 1 ) ولما مرض قال له الناس ألا ندعو الطبيب ؟ فقال : أتاني وقال لي أنا فاعل ما أريد فعلموا مراده وسكتوا عنه ثم مات وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال وأوصى أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس وابنه عبد الرحمن ( 2 ) وأن يكفن في ثوبيه ويشتري معهما ثوب ثالث . وقال : الحي أحوج إلى الجديد من الميت إنما هو للمهلة والصديد . غسلت أبا بكر زوجته أسماء ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت إني صائمة وهذا يوم شديد البرد فهل علي غسل ؟ قالوا لا ( 3 ) وقد روي أنه اغتسل في يوم بارد فحم فمن ذلك يتبين أن الجو كان باردا في هذه الأيام فإنه حم بسبب استحمامه في يوم بارد . كذلك غسل في يوم بارد لذلك نرجح سبب وفاته كان تأثره بالبرد لا بسبب السم الذي قيل إن اليهود دسوه له في الحساء لأن حادثة السم المزعومة كانت قبل وفاته بسنة . ودفن ليلة وفاته وصلى عليه عمر بن الخطاب وكبر عليه أربعا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القبر والمنبر ودخل قبره ابنه عبد الرحمن وعمر وعثمان وطلحة وجعل رأسه عند كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وألصقوا لحده بلحد النبي صلى الله عليه وسلم وجعل قبره مثل قبره مسطحا وناحت عليه عائشة والنساء فنهاهن عن البكاء عمر فأبين فقال لهشام بن الوليد ادخل فأخرج علي ابنة أبي قحافة . فأخرج إليه أم فروة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر فعلاها بالدرة ( السوط ) ضربات فتفرق النوح حين سمعن ذلك . وكان آخر ما تكلم به ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) وكانت عائشة رضي الله عنها تمرضه _________ ( 1 ) اغتسل يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة . عن عبد الرحمن بن أبي بكر ( 2 ) وفي نزهة النواظر أن الذي غسله علي رضي الله عنه وهذا غير ثابت والصواب أن أسماء زوجته هي التي غسلته ( 3 ) راجع طبقات ابن سعد " أبو بكر "
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر