1
الكاتب : فيصل بن على البعداني
أمر الله تعالى
عباده باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأوجب عليهم طاعته . وسبيل العبد
للوصول إلى تحقيق ذلك هو التعرف على هديه صلى الله عليه وسلم ،
والحال
التي كان عليها صلى الله عليه وسلم في شأنه كافة . وليس بخاف على مسلم أن
الهدي النبوي هو أكمل ما عُرف من هدي وأعظمه ، وأنه بمقدار قرب العبد منه صلى الله عليه وسلم وعمله بمثل عمله صلى الله عليه وسلم يتدرج في سلم الوصول إلى العلا ، ويصعد في مراقي الكمال البشري .
ولما
كان شهر رمضان من أعظم مواسم الإسلام وأجلها ، ومن أكثر الفرص السانحة
أمام العبد لكي يتقرب من الله تعالى وينال رضاه ، كانت هذه المحاولة للتعرف
على هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان ، علّها تكون دليلاً للعاملين
ونبراساً للسائرين ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب .
وخشية من طول الموضوع
[*]، ولأن المراد الإشارة مع نوع تركيز على الجوانب التي تهم المسلم عملاً ودعوة فسأجعل الموضوع مقتصراً على محاور أربعة :
أولاً : حاله صلى الله عليه وسلم مع رمضان قبل قدومه :
كان
صلى الله عليه وسلم شديد الزهد في الدنيا عظيم الرغبة فيما عند الله تعالى
والدار الآخرة ، وخير دليل على ذلك : قيامه صلى الله عليه وسلم عملياً
بالاستعداد للأمر وتهيئته النفس لاستقبال رمضان مقبلة على الخير ، نشيطة
في الطاعات ؛ لتغتنم الفرصة كاملة ، وتهتبل الموسم كله . هكذا كان هدي سيد
الورى صلى الله عليه وسلم مع رمضان ؛ إذ قام صلى الله عليه وسلم بالعديد
من الأمور قبله ، لعل من أبرزها :
* إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان [1]. قالت عائشة : « لم أره صائماً من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان ، كان يصوم شعبان كله ، كان
يصوم شعبان إلا قليلاً » [2].
*
تبشيره صلى الله عليه وسلم أصحابه بقدومه وتهيئتهم للاجتهاد فيه بذكر بعض
خصائصه وتضاعف الأجور فيه ؛ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
«
إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب
النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وينادي
منادٍ : يا باغي الخير أقبل ! ويا باغي الشر أقصر ! ولله عتقاء من النار ، وذلك كل ليلة » [3].
* بيانه صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام : وفي هذه المقالة جملة من ذلك .
*
عدم دخوله صلى الله عليه وسلم في صيام رمضان إلا برؤية شاهد أو إتمام عدة
شعبان ثلاثين ، عن ابن عمر قال : « تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله
صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه ، وأمر الناس بصيامه » [4].
فأين
أنت من التهيؤ لرمضان قبل نزوله ، فهو ضيف غنيمة لهذه الأمة ، ينزل عليهم
، فيذكر غافلهم ، ويعين ذاكرهم ، وينشِّط عالمهم ، ويشحذ همهم
للطاعات ، فتمتلئ مساجدهم ، وتجود نفوسهم ، وينتصر مجاهدهم .. فما أحقه بأن تعدّ العدة لاستقباله !
ثانياً : أحواله صلى الله عليه وسلم مع ربه في رمضان :
كان
نبي الهدى عليه الصلاة والسلام أعرف الخلق بربه سبحانه ، وأعظمهم قياماً
بحقه .. تدرج في سلم الكمال البشري فبلغ مبلغاً يعجز عن فهمه أكثر
العالمين ،
فقد
غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ! ثم هو يقوم من الليل حتى تنتفخ
وتتفطر قدماه . كان له صلى الله عليه وسلم بكاء المذنبين وأنين العاصين
ودعاء
المكروبين
. وأحواله مع ربه في رمضان أنموذج حي يصوِّر عبادته صلى الله عليه وسلم
وأشكال خضوعه لبارئه فينطق محدِّداً جوانب عدة ، أبرزها :
*
صيامه صلى الله عليه وسلم لشهر رمضان : وهذا بيِّن ، والمراد من إيراده مع
بداهته التذكير بشيء من صفة صيامه صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك :
1
- سحوره صلى الله عليه وسلم ، وتأخيره للسحور ، حيث كان صلى الله عليه
وسلم يتناوله قبل أذان الفجر الثاني بقليل ، وكذا إفطاره ، وتعجيله
للإفطار ،
حيث
كان صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي المغرب ، وكان يفطر على رطب أو
تمر أو ماء . وأيضاً : تواضع إفطاره وسحوره صلى الله عليه وسلم .
ندرك
هنا أن التكلف الذي نشهده اليوم في إفطار الناس وسحورهم هو أبعد شيء عن
هديه صلى الله عليه وسلم ؛ ذلك أنه يوسّع حظ النفس بما يلهي ويثقل عن
الطاعة
. فحري بالكيس الحازم أن يضبط الأمر ويحدَّ منه ، دون التذرع بالواهي من
الحجج ، من تناول الطيب وإكرام الضيف .. بما يفوت خيراً كثيراً . وليتأس
بنبيه صلى الله عليه وسلم فيما عرف من أحواله .
2 - دعاؤه صلى الله عليه وسلم عند الإفطار ، بقوله : « ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله » [5].
3
- سواكه صلى الله عليه وسلم في حال الصيام ، لما رُوِيَ عن عامر بن ربيعة
قال : « رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم » [6].
4
- صبه صلى الله عليه وسلم الماء على رأسه وهو صائم ، لحديث أبي بكر ابن
عبد الرحمن قال : « عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرْج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر » [7].
5 - وصاله صلى الله عليه وسلم الصيام أحياناً ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة [8]. عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تواصلوا .
قالوا : إنك تواصل ، قال : لست كأحد منكم ، إني أُطعم وأُسقى أو إني أبيت أُطعم وأُسقى » [9].
6
- سفره صلى الله عليه وسلم في رمضان ، وصومه صلى الله عليه وسلم في حين
وفطره في آخر . عن طاوس عن ابن عباس قال : « سافر رسول الله
صلى
الله عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان ، ثم دعا بإناء من ماء فشرب
نهاراً ليريه الناس فأفطر حتى قدم مكة ، قال : وكان ابن عباس يقول : صام
رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر ، فمن شاء صام ومن شاء أفطر [10]. قال ابن القيم : « ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة
التي
يفطر فيها الصائم بحدِّ ، ولا صح عنه في ذلك شيء ... وكان الصحابة حين
ينشئون السفر يفطرون من غير اعتبار مجاوزة البيوت ، ويخبرون أن ذلك
سنته
وهديه صلى الله عليه وسلم ... قال محمد بن كعب : أتيت أنس بن مالك في
رمضان وهو يريد سفراً ، وقد رُحِّلت له راحلته ، ولبس ثياب السفر ، فدعا
بطعام فأكل ، فقلت له : سنة ؟ قال : سنة ، ثم ركب » [11]. ومهما نقل عن أئمة الفقه ، وأهل العلم في الأفضل من الفطر ، أو الصوم في السفر فيبقى أن الصوم
والفطر
في السفر ، كل ذلك من هديه صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما ينبغي أن يراعيه
المتعجلون بالإنكار على المفطرين أو الصائمين في السفر .. فلكل مأخذه
وحجته .
7
- خروجه صلى الله عليه وسلم من الصيام برؤية محققة أو بإتمام الشهر ثلاثين
، يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم : « صوموا لرؤيته ، وأفطروا
لرؤيته ، وانسكوا لها ، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين ، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا » [12].
هذه
بعض الجوانب التي تجلي للمسلم شيئاً من صفة صومه صلى الله عليه وسلم ،
والتي يظهر صلى الله عليه وسلم من خلالها حريصاً على الإتيان بمستحبات
الصوم
وآدابه . وهذا ما يدفع المسلم إلى أن يتأمل في صيامه ، ويعمل على تحسين
حاله ، ليكون أشد تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأكثر قرباً منه .
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر