دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com

دارة السادة الأشراف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أنساب , مشجرات , مخطوطات , وثائق , صور , تاريخ , تراجم , تعارف , دراسات وأبحاث , مواضيع متنوعة

Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 79880579.th
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 78778160
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 16476868
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 23846992
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 83744915
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 58918085
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 99905655
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 16590839.th
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Resizedk
الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع 20438121565191555713566

2 مشترك

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:33


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد للَّه القديم فلا أول لوجوده، الدائم الكريم فلا آخر لبقائه ولا نهاية لجوده، الملك حقًا فلا تدرك العقول حقيقة كنهه، أحمده على ما أولى من نعمه، وأصلي على رسوله محمد سيد العرب والعجم، المبعوث إلى جميع الأمم، وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى ومصابيح الظُّلم، صلى الله عليه وسلم، وشرّف وكرّم وعظّم.
    وبعد: فهذه نبذة من ترجمة الولي الشريف عامر أبي السباع، يقول العلامة سدات ابن الشيخ المصطف : هذا ما تيسر لي تقييده من ذاكرتي ومما عثرت عليه في الكتب من أخبار وأحوال وتاريخ الولي الشريف عامر أبي السباع ومن الحكايات المتواترة عن كراماته الخارقة للعادة في حياته وبعد وفاته، التـي أخذت الكثير منها عمن اجتمعت به من علماء مدينة فاس المغربية وعن العلماء من ذريته وغيرهم ممن أثق بروايته من أهل العلم والصلاح وأهل التاريخ ولاشك أن ما تطرقت إليه من ترجمتـي هذه له من علم التاريخ الذي قيل فيه إنه عمر آخر للناظرين فيه زيادة على أعمارهم أو مع أعمارهم قال أبو الحسن بن الحسين: قالوا لولا تقييد العلماء خواطرهم بالاخبار وكتبهم للآثار لبطل أول العلم وضاع آخره إذ كان كل علم من الأخبار يستخرج وكل حكمة منها تستنبط والفكر منها تشتار والفصاحة منها تستفاد وأصحاب القياس عليها يبنون وأهل المقالات بها يحتجون ومعرفة الناس منها توخذ وأمثال الحكماء فيها توجد ومكارم الأخلاق ومعاليها منها تقتبس وآداب سياسة الملوك منها تلتمس انتهى كلامه. وهو علم يستمتع بسماعه العالم ويستعذب موقعه الأحمق والعاقل يانس مكانه وينزع إليه الخاصي والعامي ويميل إلى روايته العربي والعجمي ويتجمل به في كل مشهد. ويحتاج إليه في كل محفل. فلا يصبر على علمه ويتقن ما فيه من إيراده وإصداره إلا إنسان قد تجرد للعلم وفهم معناه وذاق حلاوة ثمرته فإن علم النسب والأخبار من علوم الملوك وذوي الأخطار تسمو إليهما النفوس الشريفة،ولا ياباهما إلا العقول السخيفة. قال عبيد الله بن محمد بن عائشة القرشي: الأخبار تصلح للدين والدنيااهـ وقال عبد الله بن المقفع: ثم انظر الأخبار الرائعة فَتَحَفَّظْ منها فإن من شأن الإنسان الحرص على الاخبار ولا سيما ما يرتاح له الناس اهـ وقال الصحابي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: ليس ينبغي للقرشي ولا للرجل أن يستغرق شيئا من العلم إلا الأخبار اهـ ومجمل القول في الأخبار لا سيما أخبار الأولياء والعلماء والصلحاء الشرفاء وغيرهم ان في قصص أخبارهم عبرا يعتبر بها أولوا الألباب. قال الله تبارك وتعالى مخبرا عن قصة يوسف وإخوته {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الالباب} وقال جل من قائل في كتابه العزيز {كذلك نقص عليك من انباء ما قد سبق} وقال الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة: أجموا هذه القلوب التمسوا لها طرائف الحكمة فإنها تمل كما تمل الأبدان انتهى. انظر الجزء الأول من كتاب معجم الأدباء تأليف ياقوت الحموي.


    وأحوال الولي الشريف عامر أبي السباع في التصوف والكرامات سأذكر منها ما أذكر للتبرك بنشر مناقبه الحسان قال الولي العالم العلامة صاحب التصانيف المفيدة الشيخ الصوفي المربي الرباني الشيخ محمد بن محمد العيدي الأبييري في كتابه شفاء المريد:
    * وَعِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ الْبَرَكَهْ ... تَنْزِلُ وَالْغَيْرُ بِضِدٍّ اتْرُكَــهْ *


    وللتنصح وللحصول على ملكة التجارب بالوقوف على تصريف المالك في ملكه بالخوارق الدالة على قدرة الله تعالى قال الإمام الغزالي في الكتاب السابع من ربع العبادات من كتاب إحياء علوم الدين ما نصه: ينبغي لكل مسلم طالب للفضل والخيرات أن يلتمس البركات والنفحات واستجابة الدعوات ونزول الرحمات في حضرات الأولياء ومجالسهم وجمعهم أحياء وأمواتا وعند قبورهم وحال ذكرهم وعند كثرة الجموع في زيارتهم وعند مذاكرة فضلهم ونشر مناقبهم اهـ انتهى الغرض من كلامه. وذكرت ما ذكرت من تاريخه لأنال به ما فيه من الفضل والخير لي في الدنيا وفي الآخرة ولمن وقف عليه وقرأه وانتفع به فجهل تاريخه وتاريخ أضرابه من العلماء الاولياء الشرفاء والصالحين لا ينبغي لمثلي ولا لغيري من الفقهاء وأصحاب الهمم السامية بل يستقبح على أهل الفضل والمعرفة لأن تاريخ العلماء والأولياء والصلحاء فيه إحياء ذكرهم وأخذ الحكمة والموعظة من سيرهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أرخ مومنا فكأنما أحياه» أورده الشيخ مصطفى التركي في كشف الظنون وقال الشيخ جار الله المكي في كتابه تحقيق الصفا في تراجم بني الوفا ما نصه: قد ورد في الآثار عن سيد البشر أنه قال «من أرخ مومنا فكأنما أحياه وقرأ تاريخه وزاره ومن زاره استوجب رضوان الله وحق على المزور أن يكرم زائره» انتهى.

    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:76. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:37


    ........... تابع ...........


    أقول: الولي الشريف أبو السباع هو عامر بن أحريز الملقب بالهامل المكنى بأبي السباع الإدريسي الحسني أبو الشرفاء أولاد أبي السباع ولد في القرن الهجري الثامن بمدينة فاس المغربية التـي أول من اختطها جده إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر في أواخر القرن الهجري الثاني وأوائل القرن الثالث واتخذها عاصمة للدولة الإدريسية التـي اعتلى عرش الملك فيها بعد موته ابنه مـحمـد بن إدريس الأصغر جد الشريف الولي عامر أبي السباع الأعلى ودفن الشريف عامر أبو السباع بأعلى جبل (إضوضان مدن) بسوس من بلاد المغرب الأقصى. قال صاحب المعسول ج15 صفحة 265 ما نصه: عامر الملقب بأبي السباع دفين جبل (إضوضان مدن) بسوس وهو من أهل القرن الثامن الهجري على ما يظهر انتهى المراد من كلامه. ومـمــا يشـير إلى أنـه مــن أهـل القـرن الثامن الهجري ذكر الحافظ السيوطي له ولعمود نسبه في كتاب شجرات الأنساب فالسيوطي من اهل القرن التاسع الهجري.

    وقد نشأ الولي الشريف عامر أبو السباع في دار والده وتربى فيها أحسن تربية وتعلم الحروف الهجائية والقراءة والكتابة والقرآن العظيم ومبادئ علم التوحيد والفقه المالكي في بيت أبيه في مدينة فاس من أسرته الأدارسة ولما بلغ الحلم فضل العزلة عن جميع الناس والبعد من المدن للتبتل لعبادة الله تعالى في الخلوة ولم يطب له الثواء إلا في الانحاء البدوية.

    قلت: اختار ذلك لأن أهل البدو أقرب للخير وأيسر للخلوة وأقرب للعزلة من اهل الحضر لأن الغالب في أحوال أهل البدو فطرتهم الأولى التـي تقبل ما يرد عليها وما ينطبع فيها من خير أو شر وبقدر ما سبق إليها من أحد الخلقين تبتعد عن الآخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» اهـ فمن سبقت إلى نفسه عوائد الخير حصل على ملكته وابتعد عن الشر وأما أهل الحضر فإنهم أقرب إلى الشر بكثير من أهل البداوة وذلك لانكبابهم على الملاذ وعوائد السرف الموجودة بكثرة عندهم وإقبالهم على الدنيا والإدمان على أنواع شهواتهم التـي منها تلوثت أنفسهم وتكاثفت الريون والطخاء على قلوبهم فاتصفوا وعرفوا بمذمومات الخلق وكثرة الشر فذهب حياؤهم فكثر فيهم القذع وفي أقوالهم الفحشاء في المجالس بحضرة آبائهم وكبرائهم وتظاهروا بأعمال الفسق وارتكاب البدع لأنه لا يصدهم وازع الحشمة والدين لما ذهبوا إليه من عوائد السوء في التظاهر بالفواحش قولا وعملا. وأما أهل البدو وإن كانوا منكبين على الدنيا فإنهم في المقدار الضروري لا في السرف في الترف ولا في شيء من أسباب الشهوات واللذات ودواعيها لقلتها في البادية فعوائدهم على ما يحصل فيهم من مذمومات الخلق بالنسبة إلى أهل الحضر أقل بكثير فهم أقرب إلى الفطرة وأبعد عما ينطبع في النفس من سيء العوائد المذمومة فتبين مما ذكرنا أن أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر والله يحب المتقين. ومن أجل ما ذكرت اختار الولي الشريف عامر أبو السباع العزلة في البدو عن السكنى في الحضر واقتدى بما فعل جده محمد صلى الله عليه وسلم من الذهاب من داره بمكة إلى الخلاء والتحنث في غار حراء بأعلى جبل خارج مكة في عزلة عن الناس حتى نزل عليه الوحي وأرسله الله تعالى إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا فقد ذهب الولي الشريف عامر من دار أبيه بفاس مسقط رأسه على رسم السياحة كسائح من السائحين في البلاد ليعتبر ببقية آثار الأولين ويسلك طريق أهل العزلة عن الناس فقد ورد في الأثر عن السادات ممن غبر قول عيسى بن مريم الدنيا محل مثلة ومنزل نقلة فكونوا فيها سياحين واعتبروا ببقية الأولين اهـ وقال قس بن ساعدة الإيادي الذي حكم له النبي صلى الله عليه وسلم بالفصاحة وبأنه يبعث أمة وحده: أبلغ العظات السير في الفلوات والنظر إلى محل الأموات اهـ وقد مدح الشعراء الخلفاء والملوك والأمراء بالسير في البلاد والتطواف بين السهل والوادي قال أحد الأدباء يمدح المعتصم بالله الخليفة العباسي:
    * تَنَاوَلْتَ أَطْرَافَ الْبِلاَدِ بِقُدْرَةٍ ... كَأَنَّكَ فِيهَا تَبْتَغِي أَثَرَ الْخَضِرْ *


    وكانت السياحة والعزلة والفرار من سكنى المدن والتعبد في الخلوة من فعل وعمل الكثير من الصالحين والأولياء من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقت الولي الشريف عامر أبي السباع ومن بعده إلى الآن فقد اختار لنفسه العزلة عن الناس وعدم السكنى في المدن وعبادة الله في الخلوة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه واسمه جندب بن جنادة فقد خرج من المدينة المنورة في عهد خلافة عثمان بن عفان ونزل بالربذة بفتح الراء والباء الموحدة التحتانية وهي قرية من قرى المدينة المنورة على مسافة ثلاثة أيام منها فأقام بها يعبد الله في انفراد حتى توفي سنة 32 هجرية ودفن بها. وفي سنة 319 هجرية خربت قرية الربذة بسبب اتصال الحروب بين أهلها وبين ضرية ثم استأمن أهل ضرية إلى القرامطة فاستنجدوا بهم عليهم فارتحل عن الربذة أهلها فخربت وكانت أحسن منزل في طريق مكة كذا قاله شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي البغدادي المتوفى سنة 626 هجرية في باب الراء والباء في المجلد الثالث من كتابه معجم البلدان ومن الأولياء العارفين الذين دخلوا الخلوة لعبادة الله نحو أربعة عشر عاما الشيخ الجزولي. كذا قاله الشيخ محمد المهدي بن أحمد بن علي بن يوسف الفاسي في كتابه مطالع المسرات بجلاء دلائل الخيرات اهـ.


    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:78. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:39


    ........... تابع ...........
    والولي الشريف عامر أبو السباع من الأولياء العارفين بالله السائحين وهم الذين يمشون في الأرض للاعتبار برؤية آثار القرون الماضية ومن هلك من الأمم السالفة وذلك لأن الولي العارف الشريف عامر أبا السباع لما علم أن الأرض تزهو وتفتخر بذكر الله عليها وهو من أهل الإيثار والسعي في حق الغير أي أن المعمور من الأرض لا يخلو من ذاكر لله فيه من عامة الناس ورأى أن المفاوز المهلكة المهملة البعيدة من العمران لا يكون فيها ذاكر لله من البشر فلزم السياحة واختارها في البيد التـي لا يطرقها إلا هو ومن قبله ومن بعده من أمثاله من الأولياء العارفين بالله وسكن بطون الأودية وتارة قمم الجبال وتارة بطون الشعاب من البلاد التـي لا يعبد الله فيها. هذا وبدأ الولي الشريف عامر أبو السباع سياحته بالتنقل من مدينة فاس مسقط رأسه على رسم السياحة والعزلة في الخلوة ليلا يشغله شاغل عن النوافل وغيرها من عبادة الله تعالى وتابع أسفاره وتفرده حتى نزل مدينة تلمسان المغربية فأقام بها برهة من الزمن يتعلم العلم على علمائها ويخصص أياما وليالي لصلاة النوافل وتلاوة القرآن في الخلاء وللصيام تطوعا ولكنه لم يطب له الثواء بتلسمان. قال العلامة الفقيه المفتـي الشريف سيدي عبد الله بن عبد المعطي الإدريسي الحسني السباعي في كتابه الدفاع وقطع النزاع عن نسب الشرفاء أبناء أبي السباع في الفصل الخامس في التعريف بأبي السباع ما لفظه: أما مولانا عامر فقد خرج من مدينة فاس مسقط رأسه ومنبت شجرة جدوده سائحا كما هو عادة أهل الله يعبد الله في الخلوات ويتحنث في الفلوات لكي ترتفع له عند الله بذلك المقامات إلى أن وصل إلى تلمسان فلبث فيها مدة انتهى الغرض من كلامه.
    قلت: ثم ارتحل ولي الله الشريف عامر من تلمسان في سياحته متوجها صوب مدينة توات من بلاد الجزائر حتى وصل إليها ولبث بها وبضواحيها نحو عامين يتعلم علم الكلام والفقه المالكي وقواعده وعلم الأصول وعلم تجويد كتاب الله القرآن العزيز على علمائها وفي آخر مدة سكناه بتوات ونواحيها أخذ أوراد القادرية عن الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد التواتي ولقنه الصالح الشيخ سالم أبو اعلام البعض من علم سر الحرف. ثم بعد ذلك جدد أخذ أوراد الطريقة القادرية الصوفية عن شيخه أبي عمران الجراري نسبة إلى قبيلة من قبائل بلاد المغرب. وحدثني من أثق به من أشياخ الطريقة التجانية بفاس وأستاذي في النحو واللغة محمد الامين بن يحيى السباعي بأن أبا عمران شيخ الولي الشريف عامر أبي السباع أخذ الطريقة القادرية عن شيخه أبي صالح وأبو صالح أخذ عن أبي مدين التلمساني وأبو مدين التلمساني عن ابن حازم وابن حازم عن علي بن أبي حامد الغزالي وعلي بن أبي حامد الغزالي عن أبي طالب المكي وأبو طالب المكي عن أبي يحيى الغزالي وأبو يحيى الغزالي عن أبي المعالي وأبو المعالي عن أبي القاسم الحتيم وأبو القاسم الحتيم عن خالد الصحراوي وخالد الصحراوي عن معروف الكرخي ومعروف الكرخي عن داود الهادي وداود الهادي عن أبي القاسم وأبو القاسم عن الحسن بن علي بن أبي طالب والحسن السبط عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم انتهى. وقرأت مثل هذا السند حرفا بحرف ونقلته من خط الشريف محمد الإمام بن سيد امبارك بن الشيخ المختار السباعي يرجع تاريخه إلى اليوم الثامن عشر من ربيع الثاني عام ألف وثلاثمائة وخمسة وثمانين من الهجرة النبوية.
    ولقب الولي الشريف عامر بالهامل لإهماله السكنى والإقامة في المدن وإهماله حب الرياسة ومواظبته على الزهد في جميع حطام الدنيا ودوام تنقله في الفيافي وانقطاعه لعبادة الله في الخلوات ومن ذلك التاريخ عرف بعامر الهامل واعترف العامة والخاصة بصلاحه وبركته.
    هذا ملخص ما سمعته ووعيته وجمعته من علماء فاس عن اشتقاق هذا اللقب وذكر هذا اللقب في الأشعار وفي المنظومات والأراجيز قال الفقيه الشريف أحمد محمود المعروف بحمود ابن عمر (بن اعرير) السباعي في شرح ديباجة منظومته في أحكام التركة ما نصه: سبب تسمية عامر بأبي السباع أنه بعد خروج الأدارسة من إمارة المغرب الأقصى لما ساح عامر في الأرض يعبد الله في الفيافي وقد كره العمارة فصار لقبه عامر الهامل إلى أن قدم إلى أرض البرابيش قبيلة من العرب. إلى أن قال: نظم بعض الناس قدما خبر سياحته من أولها إلى أن أتاه وفد البرابيش وقصته معهم وسبب كنيته بأبي السباع قال:
    دُونَكَ مَا قَدْ نَقَلُوا مِنْ خَبَرِ ... أَبِي السِّبَاعِ عَامِرِ الْمُشْتَهِرِ
    خَرَجَ مِنْ فَاسَ لِتِلْمِسَانَا ... فَعَبَدَ اللهَ بِهَا زَمَانَا
    وَلَمْ تَطِبْ لَهُ كَرِيمَ الذَّاتِ ... خَرَجَ مِنْهَا قَاصِداً لاِتْوَاتِ
    أَقَامَ فِيهَا سَنَتَيْنِ فَخَرَجْ ... لِقَصْدِهِ لِلْوَادِ دَفْعًا لِلْحَرَجْ
    وقال أحد العلماء ناظما أسماء آباء السيد الفتى السخي المضياف الشريف حبيبنا أحمد سالم ابن عبد الودود السباعي يتوسل بهم إلىالله تعالى لقضاء حاجته:
    وَسَيِّدُ السَّادَاتِ ذَاكَ عَامِرُ ... مَنْ قَلْبُهُ بِاللهِ دَوْمًا عَامِرُ
    ذَاكَ الْمُكَنَّى بِأَبِي السِّبَاعِ ... الْحَسَنُ الأَخْلاَقِ وَالطِّبَاعِ
    لَقَبُهُ أَيْضًا أَتَى بِالْهَامِلِ ... الْفَاضِلِ الْكَامِلِ وَابْنِ الْكَامِلِ
    وقال محمد الامين بن اخليفه في قصيدة له يرثي بها الشريف محمد الأمين بن محمد عبد الله ابن عبد الودود السباعي والد الفتى الظريف الكريم العفيف الشريف أحمد سالم ابن عبد الودود السباعي:
    إِلَى عَامِرِ السَّامِي الْمُكَنَّى بِهَامِلٍ ... تَنَاهَى الْعُلَى إِذْ كَانَ لِلشُّرَفَا جَدَّا
    وفي قصيدة طويلة لأحمدو بن ابراهيم الحسني يمدح بها الشرفاء أولاد أبي السباع قال بعد أن عدد بطونها وأفخاذها:
    وَكُلُّ جَمِيعِ الْقَوْمِ أَبْنَاءُ عَامِرٍ ... هُوَ الْهَامِلُ الْمَشْهُورُ إِنْ كُنْتَ عَازِيَا


    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:81. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:43


    ........... تابع ...........


    قلت: قوله: يكنى ثانيا بالهامل وقول الآخر: إلى عامر السامي المكنى بهامل إلخ فيه تسامح منهما فالهامل لقب لا كنية لأن اللقب ضابطه عند علماء اللغة والنحو هو كل ما أشعر برفعة المسمى أو ضعته كزين العابدين وأنف الناقة فزين العابدين لقب لعلي بن الحسين بن علي كرم الله وجهه بمدحه بزين عبادته وأنف الناقة لقب مشعر بالذم وضابط الكنية عندهم كل مركب إضافي في أوله أب أو أم مثل أبي بكر وأبي قحافة وأم كلثوم وأم الحويرث قال:
    وَكُنْيَةٌ لِلأَبِ أَوْ لِلأُمِّ ... وَلَقَبٌ بِالْمَدْحِ أَوْ بِالذَّمِّ


    وضابط الاسم عندهم ما عداهما وهو الغالب مثل عمرو وزيد. ولفظة الهامل ليس في أولها أب ولا أم وعليه فهي لقب لقبت به الناس الولي الشريف عامر يشعر بمدحه بإهماله الاشتغال بالدنيا وجمع الأموال وإهمال السكنى في المنازل من الدور الجميلة والقصور المنيفة بين أهله وذويه ليفرغ لعبادة الله رب العالمين عملا منه بقوله تعالى {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} وعمل الولي الشريف عامر هذا بإهمال الدنيا والزهد في حطام المال مدح عند أهل التصوف. وحكم اللقب أن يؤخر عن الاسم الذي صاحبه قال محمد بن مالك الطائي نسبا الجياني مولدا الأندلسي إقليما الدمشقي دارا ومدفنا في كتابه الخلاصة في علم النحو والصرف ما نصه:
    وَاسْمًا أَتَى وَكُنْيَةً وَلَقَبَا... وَأَخِّرَنْ ذَا إِنْ سِوَاهُ صَحِبَا


    يعني ابن مالك أن اللقب يجب تأخيره عما يصاحبه من اسم فإذا صحب اللقب الاسم وجب تقديم الاسم وتأخير اللقب أما إذا صحب اللقب الكنية فيجب تقديم الكنية وتأخير اللقب وهذا هو اختيار محمد بن مالك ومن وافقه وأما مذهب الجمهور إذا اجتمع اللقب والكنية فهو جواز تقديم الكنية على اللقب وجواز تقديم اللقب على الكنية بدليل اتفاق النحويين على جواز تقديم الكنية على الاسم واتفاقهم أيضا على جواز تقديم الاسم على الكنية ومن شواهد تقديم الكنية على الاسم قول الشاعر الاعرابي في رجزه:
    * أَقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ ... مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلاَ دَبَرْ *
    * فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ *


    فأبو حفص كنية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقدم الشاعر هنا الكنية التـي هي أبو حفص على الاسم الذي هو عمر لجواز ذلك في لغة العرب.

    هذا وإذا كانوا يجوزون تقديم الكنية على الاسم مع أن الاسم يجب عند الاكثر كما قدمنا تقديمه على اللقب فإنهم يجوزون تقديم الكنية على اللقب من باب أولى فيجوز أن تقول: هذا أبو حفص الفاروق كما يجوز أن تقول هذا الفاروق أبو حفص. والحفص في اللغة الأسد وكني عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك إيماء إلى جراءته وشجاعته وقيل كني بحفصة ابنته أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم والأول أشهر وسبب إنشاء هذا الرجز أن أعرابيا كان قد وفد على أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثاني وأحد العشرة المبشرين بالجنة فقال له إني على ناقة دبراء عجفاء نقباء وطلب منه أن يعطيه من بيت مال المسلمين ناقة سليمة قوية يرتحلها إلى مقصده فأبى عمر بن الخطاب ذلك وقال له ما أرى بناقتك من نقب ولا دبر فأنشأ الأعرابي يقول: أقسم بالله أبو حفص عمر الخ والنقب رقة أخفاف البعير حتى ينبثق منها الدم فيصعب عليه السير والدبر بفتح الدال والباء الجرح الذي يكون في ظهر الجمل بسبب حمل الأثقال عليه يقال بعير أنقب وناقة نقباء وبعير أدبر وناقة دبراء. وقوله فجر يعني أنه كذب ومال عن الصدق انتهى. انظر شرح محمد محيي الدين المصري على أوضح المسالك وغيره من شروح ألفية ابن مالك. ومن شواهد تقديم الاسم على الكنية قول الشاعر:
    وَمَا اهْتَزَّ عَرْشُ اللهِ مِنْ أَجْلِ هَالِكٍ ... سَمِعْنَا بِهِ إِلاَّ لِسَعْدٍ أَبِي عَمْرِو


    فقدم الشاعر العربي الاسم وهو سعد على الكنية وهي قوله أبي عمرو لجواز ذلك عند العرب وهذا البيت من الطويل وقد نسبه الكثير من النحاة مثل ابن هشام الأنصاري وغيره إلى حسان بن ثابت الأنصاري الصحابي شاعر النبي صلى الله عليه وسلم ولكنا طالعنا ديوان حسان المطبوع ولم نجد هذا البيت فيه. وقد أورد هذا البيت مع بعض تغيير فيه أبو عمر يوسف بن عبد البر المالكي في كتابه الاستيعاب في أسماء الأصحاب في ترجمة سعد بن معاذ الأنصاري سيد الأوس ونسبه إلى رجل من الأنصار ولكنه لم يعينه وعلى كل فالبيت في رثاء سعد بن معاذ الأنصاري الصحابي رضي الله عنه انتهى.

    هذا ولمحمد بن مالك آراء في النحو قد خالفت مذهب الجمهور منها قوله في الخلاصة:
    كَذَاكَ خِلْتَنِيهِ وَاتِّصَالاَ ... أَخْتَارُ غَيْرِي اخْتَارَ الاِنْفِصَالاَ


    هذا والحق أن من غير القياس تقديم اللقب على الاسم مع أنه ورد في قول الشاعر العربي أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم الخزرجي الأنصاري الصحابي الذي شهد بدرا والمشاهد كلها وهو ممن نزلت فيه آية الظهار في الإسلام:
    أَنَا ابْنُ مُزَيْقِيَا عَمْرٌو وَجَدِّي ... أَبُوهُ مُنْذِرٌ مَاءُ السَّمَاءِ


    فجمع في بيته هذا بين اللقب الذي هو مزيقيا بضم الميم وفتح الزاي وسكون الياء وكسر القاف لقب لعمرو بن مالك من ملوك اليمن وهو جد الأنصار ولقبته الناس بمزيقيا مدحا له لأنه كان يمزق كل يوم حلة فيخلعها على أصحابه ورواية النحاة لهذا البيت تدل على أن قوله: أبوه منذر لا تتفق مع نسب أوس بن الصامت رضي الله عنه لأنه ليس من آبائه من اسمه المنذر ورواية اللغوي محمد بن منظور صاحب اللسان وطائفة من علماء الرواة الاثبات هي أبوه عامر وهي الموافقة لنسب مزيقيا عمرو ومن العلماء من صحح رواية النحاة على أن المنذر في نسب مزيقيا من جهة أمه وذلك أن عامرا تزوج ببنت عمرو بن المنذر ماء السماء فولدت له عمرا بن عامر مزيقيا وسمته عامرا باسم أبيها فيكون المراد بقوله جدي هو مزيقيا نفسه الذي ذكره ولا يكون المراد بقوله أبوه أبا أمه وقد مشى على هذا التفسير خالد الازهري في شرحه لألفية محمد بن مالك المسمى بالتصريح ففسر رواية النحاة بقوله ومنذر من أجداده لأمه. ثم قال وأراد أوس بذلك أنه كريم الطرفين نسيب الجهتين انتهى. انظر شرح الأستاذ محمد محيي الدين المصري على توضيح ابن هشام وغيره من شروح الألفية.


    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:84. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:46


    ........... تابع ...........


    هذا ولنرجع إلى ما نحن بصدده من ترجمة الولي الشريف عامر أبي السباع، فأقول: ثم سافر الولي الشريف عامر من توات ونواحيها مواصلا سياحته ومر ببلدة البرابيش وتوجه منها قاصدا بلاد سوس الأقصى حتى نزل بالوادي منها وبنى بموضع يقال له (تزك السباع) بكاف معقودة ببلدة (امريبيط) واتخذ تلك البناية مقرا لخلوته التـي يتعبد فيها ومكث داخلا في خلوته هذه أكثر من عشر سنوات ثم خرج منها لينتفع الناس به فأخذ في تربية المريدين وهدى الله على يده الكثير من العصاة والفساق والجهلة ثم شاع في الناس ذكره وظهرت له كرامات خارقة للعادة حارت فيها أذهان العلماء وغيرهم من الثقاة وكان رحمه الله واقفا عند حدود الله تعالى متبعا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين لا يرضى لأحد من أتباعه بالحيف عنها وكان من النوع من أولياء الله السياحين في الأرض الذين قال فيهم أهل الوصول من أهل التصوف: السياحون في الأرض في مقام يقال له المخدع لا يعلمه القطب ولا يطلع على مقامهم وشيخ هذا المقام هو الخضر عليه السلام وهؤلاء لا ينقصون عن العدد المحدود لهم إلى أن يختموا بخليفة الله المهدي المنتظر آخر ولي من هذه الأمة انتهى. انظر كتاب الفوز والنجاة تأليف محمد السيد التجاني وغيره من أمهات كتب التصوف المعتمدة وقد حدثني غير واحد ممن أثق به من علماء الصوفية وعلماء وفقهاء فاس أن الولي الشريف عامر أبا السباع كان من أشهر رجال القوم المعروفين بالسياحين الذين ذكرنا مقامهم عند أهل التصوف ومن اشهر كراماته الشهيرة ومناقبه الفخمة كرامته التـي ظهرت على يده وهو في خلوته يوم استضافته وفد البرابيش إحدى قبائل العرب من بني حسان فذبح شاة من غنمه وطهى لحمها وقدمه إليهم كقرى لهم وقال لهم ألا تاكلون فقال له قوم من ذلك الوفد يجب عليك أن تذبح لكل فرد منا شاة لأنك تعلم أن شاة واحدة لا تغني شيئا عن ضيافتنا وهدده أولئـك السفهاء الجهلة بالفتك به إذا لم يفعل لهم ما أمروه به من ذبح شاة لكل واحد منهم فقال لهم كلوا هذا اللحم الحنيذ الطيب السمين يبارك الله لكم فيه فامتنعوا عن أكله ولم يقبلوا منه غير ذبح شاة لكل واحد مع قلة غنمه وعدم حاجتهم إلى ذبح هذا العدد الكبير من رؤوس الغنم فصمت عنهم رافضا مطلبهم ثم تنفس الصعداء وقال (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) بما شاء من جنوده وذهب عنهم إلى تل مرتفع رملي بالقرب من بناية خلوته وصلى ركعتين ودعا الله منيبا إليه أن يدافع عنه القوم الظالمين فبينما هو يبتهل إلى الله فإذا بليوث من السباع المفترسة مقبلة نحوه حتى وقفت تحت يديه تتمسح بثيابه فذهب بها إلى وفد البرابيش فلما رأوه والسباع تمشي خلفه صب الله في قلوب رجال ذلك الوفد الرعب والذعر خوفا من أن يرسل عليهم السباع فتفترسهم فبادروا يهرعون إليه يكررون يا أبا السباع إنا لائذون بك فاكفنا بأس افتراس سباعك فإننا من هذا الوقت من شيعتك وتلاميذك وأتباعك نحن وقبيلتنا ما بقي منا أحد على وجه الأرض وتحت طاعتك فالتفت إلى السباع وقال انصرفي فانصرفت من حينها فدعاه القوم وغيرهم بأبي السباع وعرف في تلك البلاد وغيرها من نواحي المغرب الاقصى بأبي السباع وشاع في الناس خبر كرامته هذه ومن ذلك التاريخ أذعنت له الجبابرة واتقته اللصوص وهابه أصحاب الشوكة من كل الناس وخضعوا لأمره وكثر أتباعه وهذا هو اشتقاق تكنيته بأبي السباع كما حققته من حكايات وروايات نقلها العلماء في مؤلفاتهم نقلا متواترا تواترا معنويا يفيد علم اليقين بصحتها وذكرها الشعراء والفقهاء في منظوماتهم. فقد ذكر الفقيه المفتـي الشريف سيدي عبد الله بن عبد المعطي السباعي قصة كرامة الولي الشريف عامر أبي السباع مع البرابيش وعقد لها فصلا في كتابه الدفاع وقطع النزاع عن نسب الشرفاء أبناء أبي السباع قال: أما سبب تكنية جدنا مولاي عامر الأكبر الماجد الأغر بأبي السباع فهو أنه لما اشتهر أمره في خلوته التـي كان فيها بعد ظهور كراماته وطار صيته وسمعت بذلك القبائل وجاءوا إليه أفواجا فتحققوا أمره وعرفوا فضله فعظموه وأجلوا قدره فصاروا يخدمونه ويهدون إليه نفائس ذخائرهم فسمعت قبيلة البرابيش بشأن القبائل معه فوجهوا إليه تسعة وتسعين رجلا وقالوا لهم ضيقوا عليه وامتحنوه فإن أبدى لكم برهانا على صلاحه وولايته فكونوا كغيركم أو أكثر معه وإلا فاقبضوا عليه فلما جاؤوه سألوه الضيافة فرحب بهم وأنزلهم وذبح شاة من صريمة كانت عنده وصنع لهم طعاما وقربه إليهم فنظروا إليه وقالوا له: لقد قصرت في ضيافتنا ولم تقدرنا والآن لا بد أن تذبح لكل واحد منا شاة وإلا فتكنا بك فراودهم على الأكل مما قدم إليهم وأن فيه كفاية لهم بعون الله وبركته فامتنعوا وأغلظوا عليه القول فلما علم مقصودهم نادى بأعلى صوته يا ميمون فحضر سبع هائل ثم نادى كذلك فحضر آخر وكلما نادى حضر سبع إلى أن بلغت السباع عدد القوم اهـ وفي رواية استحالت الغنم سباعا بإذن الله. ثم أمر مولانا عامر السباع أن تهر ولا تضر فصار القوم يلوذون به ويقولون يا أبا السباع كف عنا سباعك ونحن تائبون إلى الله ووضعوا أسلحتهم أمامه ثم أمر السباع فتفرقت وذهبت فكني من حينها بأبي السباع ثم قال وسئل الأستاذ العلامة المقرئ النسابة أبو العباس مولاي أحمد بن الفضيل السباعي عما ذا يعني الشريف عامر أبو السباع بندائه يا ميمون فقال هو القطب في ذلك الزمان في بلاد السودان وكلما ناداه رمى له سبعا انتهى المراد من كلامه. وقال الفقيه الشريف أحمد محمود المعروف بحمود بن عمر الملقب اعريره السباعي في أول شرح منظومته في أحكام التركة عند قوله:
    قَالَ الْمُسَمَّى أَحْمَدٌ مَحْمُودُ ... وَلَقَبًا لَهُ غَدَا حَمُّودُ
    مِنْ نَسْلِ عَامِرٍ أَبِي السِّبَاعِ ... مَنْ هُوَ لِلشَّرَفِ ذُو ارْتِفَاعِ
    مِنْ نَسْلِ إِدْرِيسَ بِنَقْلِ الرَّاوِي .................... الخ


    ما نصه: سبب تسمية عامر بأبي السباع أنه بعد خروج الأدارسة من إمارة المغرب الأقصى ساح عامر في الأرض يعبد الله في الفيافي وقد كره أرض العمارة فصار لقبه عامر الهامل إلى أن قدم إلى أرض البرابيش قبيلة من العرب (وهي في هذا التاريخ عام 1374هـ في أزواد) وسمع بقدومه أميرهم فقال له من لقيه إنه ذو كرامات كثيرة ليست لغيره فبعث وفدا كبيرا وقال لهم ضيقوا عليه فإن ظهرت لكم منه كرامة فارجعوا إلي لأمضي إليه بهدية وأتبرك به وأطلب منه القرب وإن لم يكن كذلك فأتوني به أسيرا فقد أضل كثيرا من الناس وعدد الوفد في أشهر الأقوال تسعون فألموا به واستضافوه فدفع لهم طعاما وقال كلوه يكفيكم إن شاء الله فغضبوا عليه وأغلظوا عليه الكلام وقالوا لا بد أن تذبح لكل واحد منا شاة فارتفع من بين أيديهم وطلع تلا مرتفعا هناك ونادى يا ميمون فأحاطت به السباع فصارت تناهشهم حتى تعلقوا بظهر الولي عامر يطلبون به النجاة من السباع فأشار للسباع فرجعت عنهم وذهبوا من عنده وقدموا على أميرهم فقصوا عليه خبره معهم فذهب إليه الأمير بهدية جزيلة وقدم عليه وطلب منه المقاربة والمصاهرة فقبل منه المصاهرة وصاهره ببنته انتهى المراد من كلامه.


    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:88. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:49


    ........... تابع ...........
    وقد نظم بعضهم خبر سياحة الولي الشريف عامر وقصة وفد البرابيش معه وسبب تكنيته بأبي السباع قال:
    دُونَكَ مَا قَدْ نَقَلُوا مِنْ خَبَرِ ... أَبِي السِّبَاعِ عَامِرِ الْمُشْتَهِرِ
    خَرَجَ مِنْ فَاسَ لِتِلْمِسَانَا ... فَعَبَدَ اللهَ بِهَا زَمَانَا
    وَلَمْ تَطِبْ لَهُ كَرِيمَ الذَّاتِ ... خَرَجَ مِنْهَا قَاصِداً لاِتْوَاتِ
    أَقَامَ فِيهَا سَنَتَيْنِ فَخَرَجْ ... لِقَصْدِهِ لِلْوَادِ دَفْعًا لِلْحَرَجْ
    أَقَامَ فِيهِ أَمَدَ التَّعْمِيرِ ... مُشْتَغِلاً بِطَاعَةِ الْقَدِيرِ
    فَبَيْنَمَا هُوَ هُنَاكَ يَعْبُدُ ... أَتَاهُ وَفْدٌ ظَالِمٌ مُعَانِدُ
    مِنَ الْبَرَابِيشِ فَقَدَّمَ الطَّعَامْ ... إِلَيْهِمُ فَامْتَنَعُوا مِنْهُ اللِّئَامْ
    فَكَلَّفُوهُ جُمْلَةُ الظُّلاَّمِ ... مَا لاَ يُطِيقُهُ مِنَ الطَّعَامِ
    فَطَلَعَ الْوَلِيُّ تَلاًّ مُرْتَفِعْ ... وَقَالَ يَا مَيْمُونُ حِينَمَا طَلَعْ
    فَجَاءَتِ السِّبَاعُ بِالنَّفِيرِ ... مَيْمُونُهَا كَشَرَرِ السَّعِيرِ
    مِنْ فَزَعٍ تَعَلَّقُوا بِظَهْرِهِ ... فَاسْتَنْجَدُوهُ الأَمْنَ مِنْ شَرَرِهِ
    فَقَالَ لاَ تَضُرِّي لِلسِّبَاعِ ... مِنْ أَجْلِ ذَا يُدْعَى أَبَا السِّبَاعِ
    وقال القاضي عبد الله بن محمذن ولد حامد ولد محمذن ولد محنض بابه الديماني من قصيدة طويلة له تسمى الزينبية:
    وَقَدْ طَابَ أَصْلُ الْهَامِلِ الْقَرْمِ عَامِرٍ ... وَمَنْ طَابَ مِنْهُ الأَصْلُ فَالْفَرْعُ طَيِّبُ
    وَكُنْيَةُ هَذَا بِالسِّبَاعِ شَهِيرَةٌ ... وَقَدْ أَفْصَحَ الْكُتَّابُ عَنْهَا وَأَعْرَبُوا
    يُوَافِيهِ أَضْيَافٌ أَرَادُوا اخْتِبَارَهُ ... فَيُبْدِي لَهُمْ بِشْرًا بِهِمْ وَيُرَحِّبُ
    وَيَذْبَحُ شَاةً فِي قِرَى عَدِّ تِسْعَةٍ ... وَتِسْعِينَ ضَيْفًا وَالطَّعَامَ يُقَرِّبُ
    فَيُبْدُونَ إِغْلاَظًا فَيَدْعُو سِبَاعَهُ ... فَيَحْضُرُ مِنْهَا مَا بِهِ الضَّيْفُ يُرْعَبُ
    فَيَطْلُبُ كَفَّ الأُسْدِ عَنْهُمْ ضُيُوفُهُ ... وَمَنْ كَانَ مَوْلاَهُ لَهُ لَيْسَ يُغْلَبُ
    وفي ذلك أيضا يقول الراجز:
    وَعَامِرٌ ذَا سَارَ فِي حَالِ الصِّغَرْ ... جَرَّا عِبَادَةِ الْعَلِي حَتَّى بَهَرْ
    لِذَاكَ قَدْ لَقَّبَهُ بِالْهَامِلِ ... أَهْلُ بِلاَدِهِ وَإِذْ لِلْعَامِلِ
    علَى الْبَرَابِشِ أَتَتْ أَخْبَارُهُ ... بِأَنْهُ قُطْبٌ سَطَعَتْ أَنْوَارُهُ
    أَخُو كَرَامَاتٍ عَلَى سِوَاهُ ... تَعَذَّرَتْ فَمَا لَهُ أَشْبَاهُ
    حِينَئِذٍ أَرْسَلَ ذَا وَفْدًا إِلَيْهْ ... وَقَالَ إِنْ جِئْتُمْ فَضَيِّقُوا عَلَيْهْ
    إِنْ لَمْ تَرَوْا كَرَامَةً تُبَرْهِنُ ... عَنْهُ وَإِنْ رَأَيْتُمُوهَا فَانْثَنُوا
    وَلاَ تُصِيبُوهُ بِسُوءٍ وَدَعُوا ... عَلِّي بِإِتْيَانٍ لَهُ أَنْتَفِعُ
    أَوْلاَ فَجِـيئُونِي بِهِ أَسِيرَا ... فَقَدْ أَضَلَّ جَمَّنَا الْغَفِيرَا
    وَعَدَدُ الْوَفْدِ عَلَى الْمَـشْهُورِ ... تِسْعُونَ شَخْصًا قَدْ سَعَتْ فيِ الْجُورِ
    وَقِيلَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ عَدَدْ ... ذَا الْوَفْدِ وَالدِّفَاعُ لِي فِي ذَا سَنَدْ
    فَجَاءَ ذَاكَ الْوَفْدُ فَاسْتَضَافَا ... مُعَجِّزًا ذَا الصَّالِحَ الْمِضْيَافَا
    فَهَيَّأَ الطَّعَامَ ثُمَّ قَالاَ ... كُلُوا سَيَكْفِيكُمْ وَلَوْ قُلاَلاَ
    فَغَضِبُوا وَكَلَّفُوا بِذَبْحِ ... شَاةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ ذَا الصَّفْحِ
    فَارْتَفَعَ الْوَلِيُّ ثُمَّ طَلَعَا ... تَلاًّ هُنَاكَ عَالِيًا فَصَدَعَا
    مُنَادِيًا يَقُولُ يَا مَيْمُونُ ... فَجَاءَهُ أَسْرَعَ مَا يَكُونُ
    جُنْدُ السِّبَاعِ وَعَلَيْهِمْ صَالاَ ... لِيَجْذِبَ الثِّيَابَ وَالأَوْصَالاَ
    بِظَهْرِ عَامِرٍ إِذًا تَعَلَّقُوا ... وَسَأَلُوهُ كَفَّهَا إِذْ فَرِقُوا
    فَعِنْدَ ذَا أَشَارَ ذَا الْمُطَاعُ ... إِلَى السِّبَاعِ فَمَضَى السِّبَاعُ
    فَصَارَ ذُو السِّبَاعِ بَعْدُ لَقَبَا ... لَهُ وَبِاللَّهِ الْعَدُوَّ غَلَبَا
    وَأَخْبَرَ الْوَفْدُ الأَمِيرَ عَنْهُ ... بِكُلِّ مَا قَدْ شَاهَدُوهُ مِنْهُ
    فَسَارَ نَحْوَهُ وَأَهْدَى مَالاَ ... جَمًّا لَهُ وَطَلَبَ اتِّصَالاَ
    بِهِ فَكَانَ صِهْرَهُ وَهْوَ عَلَى ... بِنْتٍ لَهُ عَلَتْ بِهِ كُلَّ الْعَلاَ
    فَهِيَ أُمُّ ابْنَيْهِ عِمْرَانَ الْعَلِي ... وَأُعْمُرٍ بِذَا فَخَارُهَا جَلِي
    وقال محمد الامين بن اخليفه في قصيدة له نظم فيها آباء وأجداد الفتى الكريم السخي الشريف أحمد سالم ابن عبد الودود السباعي الإدريسي الحسني :
    إِلَى عَامِرِ السَّامِي الْمُكَنَّى بِهَامِلٍ ... تَنَاهَى الْعُلَى إِذْ كَانَ لِلشُّرَفَا جَدَّا
    وَتُنْمَى لَهُ هَذِي السِّبَاعُ كَرَامَةً ... إِذَا رَامَهُ الأَعْدَا تَكُونُ لَهُ جُنْدَا
    وقال الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي الأبييري في مناسبة ميلاد الشريف محمد الامين بن محمد الحسن بن سيدي عال السباعي في أبيات ذكر فيها بعض أجداده وبعض مناقبهم وبعض كراماتهم الخارقة للعادة:
    مِنْ جَعْفَرٍ وَعَلِيٍّ أَصْلُ عُنْصُرِهِ ... مُقَابَلَ الطَّرَفَيْنِ الأَشْرَفَيْنِ مَعَا
    وَجَدُّهُ مِنْ عَلِيٍّ نَجْلُهُ حَسَنٌ ... مِنْ بَضْعَةِ الْمُصْطَفَى خَيْرِ النِّسَا جُمَعَا
    وَجَدُّهُ مِنْهُ إِدْرِيسٌ لِطَاعَتِهِ ... دَعَا فَلَبَّاهُ أَهْلُ الْغَرْبِ حِينَ دَعَا
    كَذَا الَّذِي لَمْ يَدَعْ فِي أَرْضِ خَلْوَتِهِ ... إِلاَّ أَتَى طَائِعاً لَيْثاً وَلاَ سَبُعَا
    مِنْ جَعْفَرٍ جَدُّهُ مَنْ جُودُهُ مَثَلٌ ... وَسَائِرُ الأَسْخِيَا كَانُوا لَهُ تَبَعَا

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:92. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:51


    ........... تابع ...........
    هذا وبعد وقوع هذه الكرامة للولي الشريف عامر أبي السباع رجع إلى الانقطاع عن لقاء الناس وواظب على عبادة الله تعالى ثم شاع في الناس خبر كرامته هذه الخارقة للعادة فأقبلت عليه الناس تتوافد عليه من كل ناحية من أنحاء ربوع المغرب الأقصى وكثر تلاميذه وأتباعه وأنصاره ثم وفد عليه أمير البرابيش في جماعة من قومه وقدم له هدايا جزيلة وعرض عليه ابنته ليتزوج بها رجاء منه أن ينال هو وقبيلته بمصاهرته حظوة وعزا واحتراما عنده وعند تلاميذه وعند غيرهم من الناس فاستشار الولي الشريف عامر شيخه في مقرإ القرآن وفي قواعد الفقه المالكي وفي التصوف أبا عمران الجراري والجراري نسبة إلى جرار كشداد اسم قبيلة من قبائل العرب بالسوس الأقصى كما قاله الفقيه أحمد بابا التنبكتـي في كتابه تطريز الديباج استشاره في شأن التزويج بالمرأة البربوشية فقال له تزوج بهذه البربوشية فإني أرى لك خيرا وولدا صالحا منها فتزوج الولي الشريف عامر بها ثم أنجبت له ولدين وثلاث بنات وهم: اعْمُر وعمران ورقية وعائشة ومسعودة. ثم تزوج بعدها بامرأة من قبيلة السماليل إحدى قبائل جزولة وولدت له ابنه محمد النومر. وفي آخر عمره ساح في الأرض مرة ثالثة وفي سياحته هذه نزل على قمة جبل شاهق في غاية الارتفاع يسمى (إضوضان مدن) واتخذ منه مقرا لخلوته وانقطع عن الناس لعبادة ربه واستمر في دخول خلوته هذه سنة وسبعة أشهر ثم توافدت عليه تلاميذه وأتباعه بل والناس المجاورة لبلدة جبله للنيل من بركاته وفيوضاته الروحية ثم خرج من خلوته لينتفع به فطفق يعلم العلوم الشرعية لطلاب العلم وتربية تلاميذه من أهل التصوف وانتفع به خلق كثير وكان يبذل أمواله الطائلة للعلماء والمعوزين وانتشر ذكره في الآفاق وظهرت له الخوارق التـي حارت عقول الناس في أمرها واستقام أمره على هذه الحال من تربية الأرواح وإرشاد الناس إلى هدي محمد صلى الله عليه وسلم فأشرقت للناس بوارق بركته وظهرت لهم معالم أنوار أسراره وشاهدوا ما حصل عليه تلاميذه وأشياعه من العلوم الشرعية النافعة وإصلاح القلوب فتزاحم الناس على الدخول في طريقته الصوفية وكثر طلاب العلم في مدرسته الأهلية فحييت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الناحية من بلاد المغرب الأقصى وامحت به أمية العباد وقد حدثني من أثق به من علماء الصوفية بمسجد مدينة فاس أن الولي الشريف عامرا قد اجتمع عنده من المريدين المتصوفين وطلاب العلم وأصحاب الحاجات والعلماء والفقراء والعفاة والمسنتين ثلاثة عشر ألفا ومائة وعشرا فنالوا منه كلهم خيرا على قدر مراتبهم وأغراضهم وأنه رحمه الله تعالى كان مشهورا بالسخاء وإكرام العلماء وأهل الفضل وحدثني أستاذي محمد الامين بن يحيى السباعي وغيره من اهل فاس أن الولي الشريف عامر أبا السباع كان يشاور العلماء ويستفتيهم ويناقش معهم غوامض المسائل الفقهية وغريب ومتشابه القرآن حتى تنحل المشاكل التـي تجري للناس في أيامه وأنه كان من أجلة أئمة الصوفية وكان واسع الاطلاع خبيرا بما تعلم وبما فتح الله تعالى عليه به من مشاهد ومقامات وأحوال القوم. ويشهد له بذلك من عاصره ومن لقيه ومن درس تاريخ حياته وكان يكثر الثناء على أرباب التصوف ويذب بلسانه عنهم ويؤول كلامهم في شطحاتهم وينشد قول القائل:
    * إِذَا تَغَلْغَلَ فِكْرُ الْمَرْءِ فِي طَرَفٍ ... مِنْ بَحْرِهِ غَرِقَتْ فِيهِ خَوَاطِرُهُ *
    وكان ذات يوم يحدث جلاسه ببعض مناقب شيخه في التصوف فأكثر في الثناء عليه فقال له أحد الفقهاء هذا الذي ذكرت لنا عن شيخك من الخصال الحميدة الدنيوية والدينية والكرامات الخارقة للعادة أيمكن أن يجتمع في غير نبي مرسل فأجابه قائلا هذا الذي حدثتكم به قليل مما شاهدته وقليل مما أعتقده في شيخي وليس بمستحيل على الله أن يوتي لعبد من عباده وولي من أوليائه ما أعطى لنبي من أنبيائه غير الرسالة وما يتعلق بها مما خص الله به أنبياءه المرسلين. هذا ولم يزل الولي الشريف عامر أبو السباع معتكفا مكبا على التعبد على مذهب الإمـام مـالك بن أنس رحمه الله وعلى عقيدة أهل السنة المحمدية من السلف الصالح وعلى طريق أهل الحق والصفاء من اهل العلم والتصوف على طريق القطب الشريف سيدي عبد القادر الجيلاني البغدادي إلى أن توفاه الله تعالى بعد ان عاش ما يزيد على السبعين من العمر كما قال أبو عبد الله محمد الفاسي ثم دفن في مكان مصلاه من خلوته الأخيرة التـي كان يتعبد بها بأعلى جبل شاهق يقال له جبل (إضوضان مدن) بسوس من بلاد المغرب الاقصى كذا قاله صاحب المعسول وغيره ممن حدثني عنه من ذريته ومن علماء فاس ثم شهر ضريحه أولاده البررة وتلاميذه ببناية من الحجارة. ومن اليوم الذي دفن فيه بذلك الموضع والناس من أهل المغرب يتواردون على قبره لزيارته والتماس البركة منه ثم اتخذ أهل المغرب قبره مزارا معهودا إلى الآن وذلك لكثرة ما شاهدوا وجربوا من استجابة الدعاء عند قبره وفائدة التوسل به إلى الله تعالى في قضاء حوائجهم وشفاء مرضاهم. ومما زاد الناس في كثرة الزيارة لقبره ودوام أسفارهم إليه من كل فج ما يحكى عن الكثير من زواره من أنهم إذا جـاءوا إلى قبره يسوقون الهدي لذبحه عند قبره تعظيما له فإذا وصلوا إلى أسفل الجبل الذي يوجد ضريحه بأعلاه يقول صاحب الهدي لهديه من الغنم أو من الإبل ولهداياه من الجماد الصامت الموعد بيني وبينك رأس قبر سيدنا ومولانا الشريف الولي عامر الهامل أبي السباع ويدع الهدي والهدايا بأسفل الجبل ويشتغل بالصعود مع جدد صعبة وعرة معوجة كثيرة العثرات في الجبل يتوصل بها سالكوها إلى قبر الشريف عامر وعندما يصل إلى سطح قمة الجبل ويقف عند رأس الولي الشريف عامر يجد الهدي واقفا عند رأس القبر والهدايا مبثوثة حول الضريح اهـ وهذه كرامة ظهرت للولي الشريف عامر أبي السباع بعد موته شاهدها الزوار وغيرهم والزوار لقبره يصعب عليهم بل يستحيل حمل الهدي والهدايا في مرتقاهم وفي تسلقهم لذلك الجبل الشاهق وهم لا يحبون ذبح ذبائحهم إلا عند قبر الشريف عامر الذي يقيلون ويبيتون عنده ولا يمكن عندهم ترك الهدايا الجزيلة التـي تكون مالا طائلا إلا عند قبره لأنهم يتخذونها هدايا منهم له لا لغيره وغيرهم من الناس يرى صعود الهدايا من الجماد والهدي من البهائم بدون سلم وبدون مشرف من الناس على عملية التسلق والصعود مسألة خارقة للعادة من كرامات أولياء الله تعالى الكمل. وبعد ظهور هذه الكرامة للولي الشريف عامر بعد موته تعاظم وقوي اعتقاد الناس في فائدة بركته. هكذا جمعته مما جمعت من الحكايات المتواترة التـي أخذتها عمن أثق به من علماء وصلحاء ذرية الولي الشريف عامر وغيرهم ممن اجتمعت به من علماء مسجد فاس العتيق ويقويها كلام الفقيه المفتـي الشريف عبد الله بن عبد المعطي السباعي في كتابه الدفاع وقطع النزاع قال في قصة كرامة الولي الشريف عامر جده ما لفظه: تجرد للسياحة فجاء لبلاده بعقيلته واتخذ خلوة على رأس جبل شاهق ولازم العبادة إلى أن أجاب دعوة ربه وصار إلى عفوه وشامل رحمته ودفن في محل خلوته وذاك المحل يسمى (إضوضان مدن) ومعناه بالعربية أصابع الناس وقد بني عليه وشهر ضريحه وصار مزارا للناس يزدحمون على مشاهدته والتبرك بتربته وقد ظهر على تربته من البركة والكرامة ما كان يعهد في حياته. ويشتغلون بالصعود فإذا وصلوا الضريح وجدوا الهدي واقفا أمامهم والله أعلم بحقيقة الحال ولا ينكر هذا من كرامات الأولياء. انتهى المراد من كلامه.
    قلت: وقد كان لقبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع عدة مزارات شهيرة
    يقصدها الناس من جميع الأنحاء ومعظمها في المغرب كضريح الجد الجامع لهذه القبيلة الولي السائح عامر الهامل المكنى أبا السباع وهو عند (إضوضان مدن) وكأضرحة اعمر وعمران والنومر وهؤلاء في (لكْصابِ) وأضرحة أبناء أبي السباع السبعة في وادي الساقية الحمراء، يقول المختار بن حامدن:
    * بِضَجِيعِ ضَاضٍ مِدِّنٍ وَابْنَيْهِ فِي ... لِكْصَابِ وَالأَبْنَاءِ فِي الْحَمْرَاءِ *
    وقال العالم الجليل محمدن بن محمد عبدالله التندغي:
    أعْمُرْ وَعُمْرَانُ لَدَى لِكْصَابَا ... قَدْ دُفِنَا وَإِنْ تَخِي انْتِسَابَا
    لأُمِّ ذَيْنِ فَالْهِلاَلِيَةُ لِلْـ ... ـبَرَابِشِ الْغُرِّ انْتِسَابُهَا نُقِلْ
    أَخُوهُمَا النُّومُرُ لَيْسَ بِشَقِيقْ ... وَنَسْلُهُ بِالْغَرْبِ كُلُّهُ عَرِيقْ
    وَالأُمُّ سِمْلاَلِيَةٌ غَرَّاءُ ... تَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الأَنْبَاءُ
    وَالْجَامِعُ الْكُلَّ بِلاَ نِزَاعِ ... عَامِرٌ الْهَامِلُ ذُو السِّبَاعِ
    مَسْقَطُ رَأْسِهِ بِمِصْرِ فَاسَ كَانْ ... وَشَرُفَتْ بِالْقَبْرِ مِنْهُ (إِضُضَانْ
    مِدِّنْ) وَتِي بِاللَّهْجَةِ الشِّلْحِيَّةِ ... أَصَابِعُ النَّاسِ بِدُونِ مِرْيَةِ
    وَزُرْ لَدَى السَّاقِيَّةِ الْحَمْرَاءِ ... أَبْنَاءَهُ السَّبْعَةَ لِلْحَوْجَاءِ


    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:94. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:53


    ........... تابع ...........
    وهذه المزارات لها شهرة واسعة ويقصدها الناس من جميع الأنحاء وخاصة أبناء أبي السباع الذين يفدون إليها فرادى وجماعات في كل وقت يتوسلون ببركتها وينشدون الأشعار ومن أمثلة ذلك نورد هنا قصائد أنشدها بعض الزائرين السباعيين لهذه المزارات وهي على سبيل المثال لا الحصر:
    1-قصيدة لمولاي البشير بن محمد علي بن شاش بن البخاري بن مسكه بن سيدي عبد الله بن الحاج امحمد بن الحاج أحمد...
    2-قصيدتان للسيد أحمد شرف الدين السباعي مندوب وزارة التربية بالجنوب (المملكة المغربية)
    يقول مولاي البشير بمناسبة زيارته لضريح الولي عامر الهامل المكنى أبا السباع تحت عنوان: (رحلة ود ورعاية)
    خَلِيلَيَّ هَيَّا شَمِّرَا وَتَقَدَّمَا ... إِلَى عَامِرٍ نَأْتِي ضَرِيحَ مَنُ الْهِمَا
    أَبُونَا الْمُكَنَّى بِالسِّبَاعِ الَّذِي ثَوَى ... هُنَا رَاضِيًا مَرْضِيَّ عَيْشٍ مُنَعَّمَا
    وَمَنْ صَانَهُ مَوْلَى الْبَرِيَّةِ مِنْ هَوَى ... نَعِيمٍ يَرَاهُ زَائِلاً عَنْهُ أَحْجَمَا
    بِذِي حِجَّةٍ مِنْ فَاتِحٍ نَحْوَ (ضَاضِنٍ ... مِدِنْ) أَدْلَجَ الأَحْفَادُ مِنْ مَعْشَرٍ سَمَا
    وَقَدْ شَمَّرُوا عَنْ سَاعِدِ الْجِدِّ شَطْرَ مَنْ ... نَمَاهُمْ فَزَارُوا الْجَدَّ ذَاكَ الْمُعَظَّمَا
    إِلَى قَبْرِهِ يَسَّابَقُونَ لِقِمَّةٍ ... لِكَيْ يَصِلُوا عَهْدًا تَلِيدًا تَقَدَّمَا
    مُرُورًا بِسَفْحٍ قَدْ كَسَتْهُ بِحُلَّةٍ ... رَيَاحِينُ أَزْهَارٍ إِذَا غَيْثُهَا هَمَى
    وَأَشْجَارُ طِيبٍ عَابِقٍ ثَمَّ زَهْرُهَا ... تَزِيدُ ابْتِهَاجاً مَنْ رَأَى وَتَنَعَّمَا
    يَهُبُّ نَسِيمٌ لِلطَّبِيعَةِ مِنْ صَبًا ... يُغَذِّي نُفُوساً ثُمَّ يُنْعِشُ نُوَّمَا
    وَزَوْرَتُنَا فِيهَا ارْتِيَاحُ نُفُوسِنَا ... وَوِجْدَانُ أَلْبَابٍ يَزِيدُ تَفَهُّمَا
    إَلَى قِمَّةٍ فِيهَا السَّعَادَةُ نَرْتَقِي ... بِهَا مَسْجِدٌ قَدْ شَادَهُ مَنْ تَقَدَّمَا
    وَأَمَّ الضَّرِيحَ الْكُلُّ ثَمَّ تَبَرُّكاً ... وَمُسْتَفْتِحًا بِالذِّكْرِ كَيْ يَتَرَحَّمَا
    بِكُلِّ خُشُوعٍ حَوْلَهُ وَتَأَثُّرٍ ... بِذَاكَ الْفِنَا يَعْلُو الدُّعَاءُ تَرَنُّمَا
    وَقَدْ خَتَمَتْ فِي مُصْحَفٍ بِتَمَامِهِ ... لَهُ فِئَةُ الْحُفَّاظِ مَعْ مَنْ تَعَلَّمَا
    وَقَدْ وَدَّعُوا ذَاكَ الضَّرِيحَ لِيَرْجِعُوا ... لأَهْلِهِمُ وَالْبِشْرَ كُلٌّ تَوَسَّمَا
    أَلاَ أَيُّهَا الزُّوَّارُ قَدْ نِلْتُمُ الْمُنَى ... بِزَوْرِكُمُ ذَاكَ الضَّرِيحَ الْمُكَرَّمَا
    وَلَمْ يَثْنِكُمْ عَنْ عَزْمِكُمْ أَيُّ شَامِتٍ ... وَلاَ حَاسِدٍ بِالْمَكْرِ يَهْدِمُ سُلَّمَا
    فَبِالرِّفْقِ فِي الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ فَلَمْ يَكُنْ ... لِيَنْدَمَ ذُو رِفْقٍ وَلَيْسَ مُذَمَّمَا
    وَلَيْسَ يَسُودُ الْقَوْمَ مَنْ فَازَ بِالْغِنَى ... وَلاَ عَائِلٌ لَمْ يَحْوِ فِي الْكَفِّ دِرْهَمَا
    وَلَكِنْ سَرَاةُ الْقَوْمِ حَقًّا أَئِمَّةٌ ... إذَا الْتَزَمُوا خُلْقًا لَدَى النَّفْسِ قَيِّمَا
    وللشريف السباعي أحمد شرف الدين تحت عنوان: ذكرى وأمجاد:
    سَبِيلُ الْهُدَى بِالْعَالَمِينَ جَدِيرُ ... وَغَيْرُ الْهُدَى لَوْ يَعْلَمُونَ يَضِيرُ
    وَبَيْنَ الْهُدَى وَالْغَيِّ بَعْضُ تَشَابُهٍ ... فُؤَادُ اللَّبِيبِ النَّدْبِ فِيهِ خَبِيرُ
    وَنُورُ الْهُدَى بَيْنَ الْمَسَالِكِ وَاضِحٌ ... فَلَيْسَ لِغَيْرِ الْحَقِّ فِيهِ مَسِيرُ
    رَحَلْتُمْ بَنِي قَوْمِي لِخَيْرِ مَبَرَّةٍ ... وَهَدْيُ السَّمَا لِلْمُتَّقِينَ كَثِيرُ
    رَحَلْتُمْ إِلَى أَرْضِ الْجُدُودِ تَبَرُّكًا ... مَوَاكِبُكُمْ لِلْمَكْرُمَاتِ تَسِيرُ
    تَلَوْتُمْ كِتَابَ اللهِ خَيْرَ تِلاَوَةٍ ... وَغَيْرُ كِتَابِ اللهِ لَيْسَ يُجِيرُ
    وَمَدْحُ رَسُولِ اللهِ مَا انْفَكَّ رَائِقًا ... رَوَائِعُهُ لِلْمُحْسِنِينَ تُشِيرُ
    هُنَا الْفَضْلُ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُيَسَّرٌ ... هُنَا السَّعْدُ وَالأَمْجَادُ كَيْفَ تَصِيرُ
    نَعَمْ هِيَ لِلْمَجْدِ التَّلِيدِ تَحِيَّةٌ ... نَعَمْ هِيَ سَعْيٌ بِالرَّجَاءِ مُنِيرُ
    نَعَمْ هِيَ ذِكْرَى لِلْجِهَادِ نُقِيمُهَا ... نَعَمْ هِي يَوْمٌ بِالرَّخَاءِ بَشِيرُ
    بَنُو الْعُرْبِ مِنْ آلِ السِّبَاعِ شَجَاعَةً ... يُرَدِّدُهَا عَبْرَ الزَّمَانِ قَدِيرُ
    بَنُو الْعُرْبِ مِنْ كُلِّ الْقَبَائِلِ هَاهُنَا ... نُسُورٌ إِلَى قَلْبِ الْعُدَاةِ تَطِيرُ
    هُمُ الرُّعْبُ فِي نَفْسِ الطُّغَاةِ أَزِيزُهَا ... هُمُ الْمَوْجُ لاَ يَنْفَكُّ مِنْهُ هَدِيرُ
    هُمُ الْجُنْدُ لِلأَقْصَى بِكُلِّ بَسَالَةٍ ... يُعَزِّزُهُمْ يَوْمَ اللِّقَاءِ نَصِيرُ
    هُمُ الْبَدْرُ فِي كُلِّ الدَّيَاجِرِ نُورُهُ ... وَكُلُّهُمُ بِالطَّيِّبَاتِ بَصِيرُ
    فَسَلْ عَنْهُمُ الأَيَّامَ يَوْمَ جِهَادِهِمْ ... وَسَلْ عَنْهُمُ الأَوْطَانَ وَهْيَ تَثُورُ
    بَنِي وَطَنِي غَدْرُ الْمُجِيرِ مُصِيبَةٌ ... وَغَدْرُ الْعِدَا شَرٌّ كَذَاكَ خَطِيرُ
    لَقَدْ هَضَمُوا حَقَّ الإِخَاءِ صَرَاحَةً ... وَظُلْمُهُمُ لِلأَقْرَبِينَ نَذِيرُ
    وَقَدْ جَنَّدُوا لِلشَّرِّ كُلَّ جُهُودِهِمْ ... فَلَيْسَ لَهُمْ فِي الأَرْذَلِينَ نَظِيرُ
    وَمَا عَلِمُوا أَنَّ الدِّيَارَ مَنِيعَةٌ ... وَمَا عَلِمُوا أَنَّ الْوُصُولَ عَسِيرُ
    فَسُحْقًا لَهُمْ مِنْ مَارِقِينَ تَنَكَّرُوا ... وَسُحْقًا لَهُمْ حَبْلُ الأَثِيمِ قَصِيرُ
    وَقُلْ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّنَا ... جُنُودُ جِهَادٍ لَيْسَ فِيهِ نَكِيرُ
    فَلَيْسَ لَنَا إِلاَّ الْكِفَاحَ وَسِيلَةٌ ... وَلَيْسَ إِلَى غَيْرِ الْجِهَادِ نَسِيرُ
    وَوَحْدَتُنَا رَغْمَ الْعُدَاةِ مَكِينَةٌ ... وَوِحْدَتُنَا رَغْمَ الْجُحُودِ مَصِيرُ
    فَفِي الشَّعْبِ عَزْمٌ فيِ الصُّمُودِ مُوَطَّدٌ ... وَفِي الْعَرْشِ عَزْمٌ لاَ يُقَاسُ كَبِيرُ
    وقال الشريف أحمد شرف الدين مندوب وزارة التربية بالجنوب السباعي يحيي مواكب آل أبي السباع عند زيارتها لقبور أجدادها: أبناء أبي السباع السبعة بناحية السمارة في الساقية الحمراء بتاريخ: 3/12/1982
    مَرْحَى بِيَوْمِ تَجَمُّعٍ وَلِقَاءِ ... وَبِيَوْمِ آلِ الْبَيْتِ فِي الصَّحْرَاءِ
    يَوْمٌ بِهِ تَمَّ انْتِظَامُ قَلاَئِدٍ ... مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ لأْلاَءِ
    يَوْمٌ بِهِ كُلُّ الْوُجُوهِ تَهَلَّلَتْ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ بِسَائِرِ الأَرْجَاءِ
    وَاسْتَبْشَرَتْ كُلُّ النُّفُوسِ مَحَبَّةً ... بِزِيَارَةِ الأَجْدَادِ وَالأَبْنَاءِ
    وَتَرَنَّمَتْ لِجَلاَلِهِ كُلُّ الْوَرَى ... وَازَّيَّنَتْ بِالْفَضْلِ وَالنَّعْمَاءِ
    يَا حُسْنَ مَا فَازَتْ بِهِ مِنْ نِعْمَةٍ ... يَا طِيبَ مَا حَازَتْ مِنَ الإِرْوَاءِ
    يَوْمٌ بِهِ تَمَّ اجْتِمَاعُ أَحِبَّةٍ ... وَعَلَى النَّدَى جُبِلُوا وَكُلِّ سَخَاءِ
    فُطِرُوا عَلَى حُبِّ الْجِهَادِ وَهَذِهِ ... آيَاتُهُ تَبْدُو بِكُلِّ جَلاَءِ
    فِي السَّاقِيَ الْحَمْرَا تَزُورُ جُدُودَهَا ... سَبْعًا هُمُ لِلْمَجْدِ وَالإِرْضَاءِ
    سَبْعُ الْمَثَانِي فِي السَّمَاءِ تَحُفُّهُمْ ... سَبْعُ الْمَثَانِي فِي دُنَا الأَحْيَاءِ
    طُوبَى لآِلِ أَبِي السِّبَاعِ وَمَنْ بِهِمْ ... زَانَ الإِلَهُ مَجَالِسَ الشُّرَفَاءِ
    بِبُنَاةِ مَجْدٍ فِي الزَّمَانِ مُخَلَّدٍ ... وَحُمَاةِ عَهْدٍ طَابَ فِيهِ ثَنَائِي
    كَمْ جَاهَدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ ... تِلْكَ الْفَضَائِلُ شِيمَةُ الآبَاءِ
    كَانُوا عَلَى مَرِّ السِّنِينَ أَعِزَّةً ... أَقْدَارُهُمْ فِي النَّهْرِ فِي الْجَوْزَاءِ
    يَتَسَابَقُونَ إِلَى الْمَعَالِي جُمْلَةً ... كَتَسَابُقِ الأَنْدَا إِلَى الأَنْدَاءِ
    مَرْحَى فَهَذِي بُيُوتُكُمْ وَدِيَارُكُمْ ... آلَ الرَّسُولِ دُعَاءَكُمْ بِسَخَاءِ
    لِمَلِيكِنَا الْحَسَنِ الْعَظِيمِ وَآلِهِ ... وَلِوِحْدَةِ الأَوْطَانِ وَالأَنْحَاءِ
    وَلِشَعْبِهِ وَجُيُوشِهِ وَجِهَادِهِ ... وَلِنَجْلِهِ ذِي الْهِمَّةِ الْقَعْسَاءِ
    وَوَلِيِّهِ بِعُيُونِنَا وَرِجَالِهِ ... وَوَلِيِّهِ بِسَمَارَةِ الْفَيْحَاءِ
    وَلِكُلِّ جُزْءٍ فِي الْبِلاَدِ جَمِيعِهَا ... بِجِبَالِهَا وَبِطاَحِهَا الْخَضْرَاءِ
    تَحْيَى مَوَدَّتُنَا وَوِحْدَةُ شَعْبِنَا ... وَكِفَاحُنَا لِلسِّلْمِ وَالإِنْمَاءِ
    وَلْيَهْنَإِ الْوَطَنُ الْكَرِيمُ فَهَذِهِ ... كُلُّ الْقَبَائِلِ جُنَّةُ الصَّحْرَاءِ
    وَالْوَيْلُ لِلأَعْدَا لِكُلِّ مُجَاحِدٍ ... وَلْيَخْسَ كُلُّ مُنَافِقٍ مَشَّاءِ

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:99. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 22:56


    ........... تابع ...........


    وأما سوق الهدي إلى القبور سواء كانت للاولياء أو للصالحين أو للعلماء أو لغيرهم من أصحاب القبور فحرام على المشهور من مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى قال في المدونة ما نصه: سوق الهدي لغير مكة من الضلال اهـ ومن نذر هديا يذبحه أو ينحره عند قبر ولي أو صالح أو عالم فلا يلزمه ذلك النذر لأنه نذر لغير الله وذلك حرام والحرام لا تلزم تأديته قال الشيخ خليـــل بن إسحاق المالكي في مختصره عاطفا على ما لا يلزم الناذر فيه شيء.. (أو هدي لغير مكة). قال شارحه عبد الباقي الزرقاني عند هذا النص ما لفظه: فلا يلزمه شيء لا بعثه لمن عينه له ولا ذكاته بموضع الهدي كما في الشرح الكبير ونحوه لابن عرفة اهـ وقال محشيه البناني: أي يمتنع بعثه إلى القبر هذا هو المشهور ومذهب المدونة قال في التوضيح لأن بعثه إليه شبيه بسوق الهدي لغير مكة اهـ وقال الشيخ التراد بن العباس الشريف الإدريسي الحسني المتوفى سنة 1946 ميلادية في منظومة له طويلة سماها تصفية الطريق:
    * وَلاَ تَسُقْ إِلَيْهِمَا لِلذَّبْحِ ... شَاةً وَغَيْــرَهَا فَهَاكَ نُصْحِي *
    * حَرَّمَ ذَا أَئِمَّةٌ كَالنَّوَوِي ... وَالأَكْلُ مِنْهُ عَنْهُ مَنْعُهُ رُوِي *


    ومقابل المشهور قول لمالك في الموازية وبه قال أشهب لأن إطعام المساكين طاعة ومن نذر أن يطيع الله فيما أباح فليطعه اهـ. وأما من وهب ثوبا أو دراهم أو طعاما أو غير ذلك من أنواع المال لقبر ولي أو صالح أو عالم أو غيرهم وطرحه عند ذلك القبر فإنه فعل بدعة لم أقف على نص فيها يبيح فعلها.

    قلت: والبدع هي الأمور التـي أحدثتها الناس في الدين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الحديث «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» اهـ والبدع كلها ضلالة إن لم تقع داخلة تحت دليل شرعي أي إن لم يتناولها دليل شرعي وقد قسم ابن عبد السلام وغيره البدعة إلى أحكام الشرع الخمسة ومعرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشرع فأي حكم دخلت فيه فهي منه وهذه أمثلتها فمن البدع التـي تناولها دليل شرعي للوجوب: تدوين القرآن في المصحف والحديث النبوي حين خيف عليهما الضياع لأن التبليغ لمن بعدنا واجب علينا إجماعا وإهماله حرام علينا إجماعا وهو لا يمكن إلا بالتدوين في الكتب وكذلك تدوين الفقه وتعلم علم النحو واللغة اللذين يفهم القرآن بهما وتعرف السنة بهما أيضا. ومن البدع التـي تناولها دليل الندب إحداث الاجتماع لصلاة التراويح وبناء المدارس والزوايا لعبادة الله تعالى واتخاذ الأئمة والقضاة وولاة الأمور المراكب النفيسة والثياب العلية واحتجاب الملوك خلاف ما كان عليه علماء الصحابة وأمراؤهم بسبب أن المقاصد والمصالح الشرعية لا تحصل إلا بعظمة الولاة في نفوس الناس وأول من فعل هذه البدعة معاوية بن أبي سفيان في خلافة عمر بن الخطاب. ومن البدع المندوبة أيضا وضع التآليف في العلوم الشرعية. ومن البدع التـي تناولها دليل الإباحة: المصافحة بعد الصلاة واتخاذ المناخل للدقيق لتليين العيش ففي الأثر أول شيء أحدثته الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذ المناخل لأن تليين العيش من المباحات فوسائله مباحة. ومن البدع التـي تناولها دليل الكراهة تخصيص الأيام الفاضلة وغيرها بنوع من العبادات ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيص يوم الجمعة بصيام أو ليلته بقيام وكالزيادة في المندوبات على المحدود كما ورد في التسبيح عقب الفريضة ثلاثا وثلاثين فيفعل هو مائة وكالزيادة على الصاع في زكاة الفطر فإنها سوء أدب مع الشارع. ومن البدع التـي تناولها دليل تحريم اعتناق مذهب القدرية القائلين بنفي القدر الذي هو تعلق علم الله تعالى في سابق أزله أي قدمه بوجود جميع الكائنات وكأخذ المكوس وكالمحدثات من المظالم وكالمحدثات المنافية لقواعد الشريعة كتقديم الجهال على العلماء وتولية المناصب الشرعية من لا يصلح لها الخ وأما البدع التـي لم يتناولها دليل من أدلة أحكام الشرع الخمسة فإنها باقية على أصلها وهو الكراهة قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة الأصل في البدعة الكراهة إلا إذا تناولتها قاعدة غيرها من الأحكام من غير معارض يرد إلى الأصل فلتلحق بالمتناول إن اتحد وبأقوى المتناولين إن تعدد. انظر كتاب الدليل الماهر الناصح على المجاز الواضح تأليف محمد يحيى بن محمد المختار الداودي الولاتي وغيره من كتب القواعد كالمنجوري والسجلماسي. هذا وهبة الأموال لقبور الأموات لا تدخل تحت دليل إباحة بل هي داخلة تحت دليل حرمة لما فيها من فساد المال المجمع على حرمته لأن الميت ليست له ذمة تملك المال وتمنعه من الضياع والفساد لأنه لو كان يملك شيئا لملك ماله وعصمة زوجته وعليه فلا يجوز لأحد أن يطرح ماله عرضة للتلف والفساد عند قبور الأموات على وجه الهبة لميت والهبة لغير معين يملك باطلة مع أن صاحب ذلك المال الذي وهبه لغير معين يملك لا نصيب له من الثواب لأنه تسبب للمال في الضياع والفساد وذلك حرام قال العلامة الولي المربي الشيخ التراد بن العباس في منظومته تصفية الطريق ما نصه:
    * وَرَمْيُ الاَمْوَالِ لَدَى الْقَبْرِ بِلاَ ... تَعْيِينِ مَالِكٍ لَهُ مِنَ الْبَلاَ *


    وقال عبد الرحمن الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة ما نصه: يشترط في الموهوب له أن يكون أهلا للتملك اهـ ومما يدل على أن هبة الأموال لقبور الاموات باطلة كونها هبة غير تامة لفقدها بعض أركان الهبة كالقبول والحيازة ومن يكون أهلا للتملك وذلك لأن الميت لم يصدر منه قبول ولا رفض ولا حيازة لكل ما وهب له من المال. قال الدردير مسبوكا بنص خليل ما نصه: وحيز الشيء الموهوب لتتم الهبة أي تحصل الحيازة عن الواهب التـي هي شرط في تمامها اهـ وقال عبد الباقي الزرقاني ممزوجا بكلام خليل في المختصر ما نصه: بطلت الهبة إن تأخر حوزها اهـ وفي حاشية الدسوقي مثل ما قال الحطاب وعبد الباقي. وقال عبد الرحمن الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة ما نصه: يشترط في تمام الهبة القبض والحيازة فإن عدم القبض فإنها لا تلزم وإن كانت صحيحة اهـ وأركان الهبة عند المالكية أربعة نص عليها الحطاب في شرحه وعبد الباقي الزرقاني والدسوقي في حاشيته على شرح الدردير لمختصر خليل ونص كلامه: اعلم أن أركان الهبة أربعة: الموهوب له والركن الثاني هو الشيء الموهوب والركن الثالث هو الواهب والركن الرابع هو الصيغة اهـ والموهوب له هو الركن الرابع عند الحطاب. وقال في الذخيرة: الركن الرابع هو السبب الناقل. وفي الجواهر هو الصيغة وهي الإيجاب والقبول الدال على التمليك بغير عوض أو ما يقوم مقامها اهـ وقال بن شاس: الركن الأول السبب الناقل للملك وهي صيغة الإيجاب والقبول الدال على التمليك بغير عوض أو ما يقوم مقامها في الدلالة على تمليك من قول أو فعل اهـ وقال ابن عرفة الصيغة ما دل على التمليك اهـ والحائز هو الموهوب له قاله الحطاب وغيره وقال في المدونة في كتاب الهبة ما نصه: ولا يقضى بالحيازة إلا بمعاينة بينة لحوزه في حبس أو رهن أو هبة أو صدقة ولو أقر المعطي في صحته أن المعطى قد حاز وقبض وشهدت عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك إن أنكر ورثته حتى تعاين البينة الحوز اهـ وقال الحطاب عازيا للذخيرة: مذهب الشافعي القبول فورا وظاهر مذهبنا يجوز على التراخي من إرسال الهبة إلى الموهوب قبل القبول والشافعي يقول لا بد من توكيل الرسول في أن يهب له عنه ولأصحابنا أن للموهوب له التروي في القبول اهـ وقال عبد الرحمن الجزيري في كتابه الفقه على المذاهب الأربعة: لا تلزم الهبة عند أبي حنيفة إلا بالقبض. والميت لا يقبض الاشياء ومذهب الشافعي لا بد لملك الهبة من القبض ويشترط في الصيغة عنده شروط البيع التـي يصح بها. ومذهب الحنابلة يشترط فيه أن يكون الموهوب له أهلا للتصرف والاحسن عندهم أن لا تملك الهبة إلا بالقبض انتهى باختصار.

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:103. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:00

    ........... تابع ...........
    فبان بما ذكرنا من نصوص العلماء أن هبة المال للأموات وطرحها عند القبور هبة باطلة وبدعة مفسدة للمال وعمل من أعمال الجاهلية الأولى الذين كانوا يدفنون الأموال مع موتاهم ويضعونها عند قبورهم وليس لفاعلها شيء من ثواب الاخرة قال كنون في حاشيته على مختصر خليل: جميع المأثورات الشرعية لا يصح الثواب فيها إلا لمن قصد فعلها للامتثال اهـ وطرح الأموال عند القبور ليس من المأثورات الشرعية التـي يقصد فعلها للامتثال لأنه بدعة أحدثها بعض عوام المسلمين الجهال اهـ والهبة لغة التفضل على الغير ولو بغير مال قال تعالى {فهب لي من لدنك وليا} ومعناها في اصطلاح الفقهاء: تمليك مال بلا عوض من متبرع لا حجر عليه ولا تخلو من واحد من أربعة أوجه أولها أن يقصد بها وجه الله وثانيها أن يقصد بها وجه الناس وثالثها أن يقصد بها وجه الموهوب له ورابعها أن يقصد بها وجه الموهوب له ووجه الله فإذا قصد بها وجه الموهوب له وحده بلا عوض فتسمى هدية والميت لا ينتفع بما يهدى له من المال نفسه بل ينتفع بثواب ما تصدق به من المال على الأحياء المعينين وأهدي له ثوابه لأن الإنسان لا خلاف أنه يملك ثوابه. والهبة والهدية والصدقة والعطية بمعنى واحد عند الحنابلة وهي تمليك في الحياة بلا عوض إلا أنها تختلف بالنية عندهم فإذا كانت لثواب الاخرة فقط كانت صدقة وإذا قصد بها الإكرام والتودد والمكافأة كانت هدية تطلق عندهم على معنيين عام وخاص فالخاص هو الهبة ذات الأركان وهي تمليك تطوع في حياة لا لإكرام ولا ثواب بإيجاب وقبول. والعام هو تبرع متطوع بتمليك ماله من غير عوض حال الحياة ويقال له عندهم متصدق ومهد وواهب اهـ والواهب إذا كان يقصد بهبته وجه الموهوب له فإنه لا يخلو من أن يكون يريد بها محبته إياه ومودته له أو يقصد بها تجديد محبته ومودته أو يريد بها تأكيد ما بينهما من المودة والمحبة أو يقصد بها المودة والمكافأة أولا يتبين للناس قصده بها هل هو مجرد التودد إلى الموهوب له دون قصد المكافأة كالقرى أو يقصد بها الوجهين جميعا. فإذا كان يقصد بهبته الإكرام فهي هدية لأن القصد منها إكرام المهدى له والميت لا يصل إليه نفع من الهدايا إلا الدعاء وثواب من أعطاه ثوابا لا مالا بعينه أما الهبة لوجه الله أي لطلب الثواب من الله تعالى فهي صدقة لأن المقصود منها الثواب الاخروي قال الدسوقي في حاشيته على شرح الدردير لمختصر خليل: إذا قصد المعطي بالكسر بالعطية ثواب الاخرة مع وجه المعطى بالفتح فصدقة عند الاكثر وعند الأقل ما أعطى لهما معا فهو هبة اهـ والصدقة لا بد لها من حائز يقبضها ويقبلها ويحوزها كما قدمنا آنفا والميت لا يقبض ولا يقبل ولا يحوز كما هو مشاهد معلوم بالضرورة وأما الهبة التـي لم يعين واهبها من وهبها له بلفظ ولا بما يقوم مقامه من فعل بل طرح ما وهب عند قبر ميت وتركه من غير أن يسمع منه أن ماله هبة لصاحب القبر أو هبة لأولاده أو أقاربه أو زائريه وذهب عن ماله ملقى عند القبر فهذا القسم من أقسام الهبة أو الهدية باطل لما فيه من إضاعة المال وفساده بما بينا والله أعلم.
    وهذه الكرامة التـي ذكرت من كرامات الولي الشريف عامر أبي السباع ربما تنكرها عقول البعض من الناس وتنفر عنها طباعهم لبعدها عن العادات المألوفة وتنافيها للمشاهدات المعروفة وإن كان لا يستعظم شيء من قدرة الله وأنا كتبتها حرصا مني على إحراز الفوائد وتنويها بما جمع الله في هذا الشريف من الفضائل الفرائد مع أنها حق بالنقول المتواترة وإن قال قائل إنها باطلة فلها في الحق نصيب لأني نقلتها ورويتها كما وجدتها فأنا صادق في إيرادها كما أوردتها على سنن الأئمة من الحفاظ الذين يقتدى بهم في زماني وعليهم الاعتماد في فرائض الشرع الحنيف وسننه فلم يشترط أكثرهم في مسنده من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التـي تبتني عليها الأحكام ويفرق بها بين الحلال والحرام إيراد الصحيح دون الضعيف ولم يخرجهم ذلك عن أن يعدوا في أهل الصدق أو يتزحزحوا عن مراتب الأئمة أصحاب الحق لأنهم أوردوا ما سمعوا كما وعوه وإنما يسمى الكذاب من وضع الأحاديث أو حدث عمن لم يسمع منه أو روى عمن لم يرو عنه فأما من يروي ما سمع كما سمع أو ينقل ما وجد مسطورا في كتاب من كتبه مثل ما فعلت فهو من الصادقين والعهدة على من روينا عنه أو من نقلنا كلامه من كتابه والعلماء مصدقون فيما نقلوا مبحوث معهم فيما قالوا اهـ. والمتعنت تعبان متعب والمنصف مستريح مريح.
    قلت: ثم بنيت على قبري اعمر وعمران ابني الشريف الولي عامر أبي السباع قبة بموضع (وادي نون) بالمكان المسمى بـ(ـالاقصاب) وصارت الناس من أهل تلك النواحي المغربية تقيم عند قبريهما مواسم كالأسواق في فصل الصيف على عادة أهل المغرب من تعظيم الأولياء بإقامة المواسم عند قبورهم وكثرت هذه العادة وتواتر فعلها وظن من يقوم بفعلها أنه على شيء مما يقربه إلى رضى الله ورضى الولي الذي يقربه إليه والحق أنه كاذب وأنه ليس على شيء لأن المواسم التـي تقام من البدع المحرمة ومن المنكرات التـي لا يرضاها الله ورسوله ولا الاولياء ولا العلماء ولا الصالحون لما فيها من سفك الدماء المسفوحة النجسة القذرة عند قبورهم كما كان يفعل أهل الجاهلية الاولى فعقر البهائم وذبحها على القبور من عمل الجاهلية ومن البدع المحرمة بدليل ما روى أبو داوود عن أنس بن مالك مرفوعا: لا عقر في الإسلام اهـ قال العلماء العقر الذبح عند القبور اهـ وأما ما يذبح الإنسان في بيته ويطعمه الفقراء على وجه الصدقة بثوابه على الميت فلا بأس به ما لم يشتمل على رياء ولا سمعة ولا مفاخرة ولا اجتماع نسوة ورجال أجانب على ذلك الطعام. قال ابن الحاج في كتابه المدخل: وليحذر من هذه البدع وهي حمل الخرفان والخبز أمام الجنازة فإذا أتوا على القبر ذبحوا ما أتوا به بعد الدفن وفرقوه مع الخبز ويقع بسبب ذلك مزاحمة وحراب وياخذ ذلك من لا يستحقه ويحرمه المستحق في الغالب وذلك مخالف للسنة لأن ذلك فعل الجاهلية ولما فيه من الرياء والسمعة والمباهاة والفخر لأن السنة في أفعال القرب الاسرار بها دون الجهر فهو أسلم انتهى. فلو تصدق الإنسان في بيته على الميت بما شاء مما يمكن من الأجر سرا لكان عمل عملا صالحا سالما من البدع ومعلوم أن الخير في اتباع السنة والشر في البدعة قال المختار بن ابراهيم الشنجيطي الموريتاني في منظومة له:
    الذَّبْحُ عِنْدَ مَوْضِعِ الأَمْوَاتِ ... فَبِدْعَةٌ فِي شَرْعِنَا لَمْ تَاتِ
    كَذَاكَ جَمْعُنَا عَلَى طَعَامِهِمْ ... أَوْ حَمْلُنَا لَهُ إِلَى قُبُورِهِمْ
    وَالسُّنَّةُ الَّتِـي عَلَيْهَا مَنْ سَلَفْ ... إِطْعَامُهُ سِرًّا وَحَقٌّ لِلْخَلَفْ
    إتْبَاعُهُ بِفِعْلِ ذَا لِلسَّلَفِ ... لأَنَّهُ بِهِ الرِّيَاءُ يَنْتَفِي
    وسئل ابن سحنون عن طعام الجنائز فقال إن أوصى به الميت أو عمله الورثة وهم بالغون رشداء كلهم فهو حلال وإن كان فيهم يتامى فهو حرام أما ما صنعه أولياء الميت غير الورثة من أموالهم دفعا لعار الوافدين فمكروه اهـ وسئل الإمام الرباني سيدي محمد بن ناصر عن الطعام المصنوع للميت الذي تاكله الناس عند الدفن هل هو سائغ أم لا فإذا قلتم بالمنع والحالة أن ذلك الطعام يستجلب كثيرا من المصلين ويرفعون للميت الفداء وقراءة القرآن كان تركه سببا لفوت هذه المصالح فأجاب أنه لا يحل أكل طعام الموتى الذي عند الدفن ولا الذي يسمى العشاء ولا استعمال الفتائل من فضلة كفن الميت بمصباح المسجد إلا إن أوصى به الميت أو تطوع به ورثته وهم رشداء وإن كانوا كبارا وصغارا لم يجز إلا أن يحسبه الكبار من حظهم وجريان العادة بذلك في قطر من الأقطار ليس بمبيح ما دلت قواعد الشرع على منعه وما ذكرتم من الفتيا بأكله لاستجلاب الناس للصلاة عليه واستعطافهم على طلب الشفاعة له غير ظاهر إذ لا تنفعه شفاعة العاصي انتهى. ونقله برمته المفتـي الشريف عبد الله بن عبد المعطي السباعي في كتابه الدفاع فطالعه إن شئت؛ ولما في تلك المواسم التي تقع عند القبور من اختلاط النساء والرجال مع قبح فعالهم وسوء أقوالهم وكثرة معاصيهم برفع أصواتهم بالغناء والرقص الجماعي بالقرب من قبر الولي أو العالم أو الصالح من أجل قضاء حوائجهم والواقع أن ذلك الولي أو العالم أو الصالح لو كان حيا لأنكر عليهم ذلك كله وطردهم عن بلدته لما تشتمل عليه مواسمهم من البدع الممنوعة شرعا فيالله وياللمسلمين لهؤلاء الهمج الذين ضلوا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين وأضلوا من اقتدى بهم في مواسمهم هذه ممن معهم ومن بعدهم ولم يستقبحوا ما فعلوا من البدع بل دخلوا في وعيد قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» اهـ.
    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:107. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    عدل سابقا من قبل أحمد سالم السباعي في الجمعة 30 يوليو - 23:04 عدل 1 مرات (السبب : تغيير الخط)
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:13


    ........... تابع ...........
    وأما البناء على القبور فمكروه عند الإمام مالك رحمه الله قال في المدونة: كره مالك تجصيص القبور والبناء عليها لحديث النهي عن تجصيصها وقال ابن يونس وابن رشد البناء على نفس القبر مكروه. وأما البناء حواليه فإنما يكره من أجل التضييق على الناس به في الأملاك. وقال الحطاب يكره البناء على القبر والتحويز عليه وقال في العتبية ومن سماع ابن القاسم وكره مالك أن يرصص على القبر بالحجارة والطين أو يبنى عليه بطوب أو حجارة. وروي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ترفع القبور أو يبنى عليها ويكتب فيها. وقال خليل بن إسحاق في مختصره في الفقه المالكي في فصل في وجوب غسل الميت ما نصه: وتطيين قبر أو تبييضه أو بناء عليه أو تحويز وإن بوهي به حرم وجاز للتمييز كحجر أو خشبة بلا نقش. قال الدسوقي ممزوجا بكلام الدردير عند هذا النص: وكره تطيين قبر أي تلبيسه بالطين أو تبييضه بالجير. وعلة الكراهة ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا طين القبر لم يسمع صاحبه الأذان ولا الدعاء ولا يعلم من يزوره». وبناء عليه أي على القبر كقبة أو بيت أو مدرسة أو تحويز عليه بأن يبنى حوله حيطان تحدق به إن كان ذلك بأرض مملوكة له أو لغيره بإذنه أو موات لغير مباهاة ومن غير أن تصير مأوى للفساق ولا يهدم حينئذ وإن بوهي به أي بما ذكر من التطيين وما عطف عليه أو صار مأوى لأهل الفساد أو في أرض محبسة حرم ووجب هدمه لأنه من الضلال المجمع عليه. وقال اللخمي كره مالك تجصيص القبور لأن ذلك من المباهاة وزينة الحياة الدنيا وتلك منازل الآخرة وليست بموضع للمباهاة وإنما يزين الميت عمله اهـ وقال الولي الشريف الشيخ التراد بن العباس القلقمي الحسني الموريتاني المتوفى آخر ليلة السبت السادسة عشرة من شهر دجنبر سنة 1946 ميلادية بمدينة دكار العاصمة السينغالية في وصية له بشأن ما يفعل به إذا مات في منظومته المسماة بتصفية الطريق:


    وَإِنَّنِي أُوصِيكُمُ أَبْنَائِي ... لاَ تَجْعَلُوا عَلَيَّ مِنْ بِنَاءِ
    فَإِنَّنِي إِلَى الدُّعَاءِ أَحْوَجُ ... وَفِي الدُّعَا مَغْفِرَةٌ وَفَرَجُ
    نَسْأَلُهُ عِنْدَ الْمَمَاتِ حُسْنَى ... خَاتِمَةٍ وَنِعْمَةً وَأَمْنَا

    وأما تسنيم القبور فاختلف في تسنيمها وفي الحجارة التـي تبنى عليها وهذه الكراهة التـي ذكرنا كراهة تنزيه لا كراهة تحريم عند مالك وأصحابه. أما أهل الحديث فتسنيم القبور من السنة عندهم وكذلك الباجي من فقهاء المالكية ففي صحيح البخاري ما لفظه وكان قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما اهـ وقال الباجي ومن السنة تسنيم القبور ولا يرفع. وقال بقول الباجي هذا ابن حبيب من المالكية أيضا فظهر أن التسنيم المكروه هوالتسنيم المرتفع أما غير المرتفع فغير مكروه. وقال الحطاب في حاشيته على مختصر خليل إن قصد المباهاة بالبناء عليه والتبييض أو التطيين فذلك حرام. أما البناء على القبر للتمييز فيجوز إذا كان يسيرا لا إن كان كثيرا كالمدرسة وقبة وظاهره جواز البناء للتمييز ففي حاشية البناني على الزرقاني ما نصه: الذي اختاره الحطاب أن التحويز بالبناء اليسير لأجل تمييز القبور جائز في مقابر المسلمين قال وهو الذي يفهم من كلام اللخمي وابن بشير وابن عبد السلام. ومن أجوبة ابن رشد للقاضي عياض ونقل نصها ثم قال وهو الذي يفهم من آخر كلام التوضيح اهـ وقال المواق عند قول خليل وجاز للتمييز كحجر أو خشبة بلا نقش ما نصه: قال ابن القاسم في العتبية لا باس أن يجعل على القبر حجر أو خشبة أو عود يعرف به الرجل قبر وليه ما لم يكتب في ذلك وقال ابن حبيب لا باس أن يجعل في طرف القبر الحجر الواحد ليلا يختفي موضعه. وقال ابن عرفة قال الحاكم ليس العمل على أحاديث النهي عن البناء والكتب على القبر فإن أئمة المسلمين شرقا وغربا مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذه الخلف عن السلف اهـ.

    وأما تحويز موضع الدفن ببناء وهو بحاء مهملة إدارة بناء على القبر فقال فيه ابن رشد البناء على نفس القبر مكروه وأما البناء حواليه فإنما يكره من ناحية التضييق على الناس ولا باس به في الاملاك وقال ابن بشير إن كان القصد بالبناء تمييز القبر من غيره فحكى اللخمي فيه الجواز والكراهة وأخذها من اطلاق المدونة والظاهر أنه ما كره فيها إلا البناء الذي يقصد به العلامة. وإن بوهي به أي البناء المذكور من تطيين القبر أو تبييضه أو البناء عليه أوالتحويز حرم وفي المواق وأما تحويز موضع الدفن ببناء فقالوا إنه جائز إذا لم يرفع فيه إلى قدر ياوي إليه بسبب ذلك أهل الفساد وإن فعل ذلك فإنه يزال منه ما يستر أهل الفساد ويترك باقيه وقال أيضا والظاهر أن البناء لقصد التمييز غير مكروه وإنما كره في المدونة البناء الذي لا تقصد به العلامة وإلا فكيف يكره ما قصد به معرفة قبر وليه اهـ وفي الحطاب ما نصه: وجاز البناء على القبر والتحويز عليه للتمييز واختار هذا القول ابن بشير. وقد ضرب عمر بن الخطاب فسطاطا على قبر زينب بنت جحش وضرب محمد بن الحنفية قبة على قبر ابن عباس وأقام عليه ثلاثة أيام. وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرا بيده الكريمة عند رأس عثمان بن مظعون وقال «أعلم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي» اهـ وفي أواخر الباب الثالث عشر من منن الشعراني أن السيوطي أفتى بعدم هدم مشاهد الصالحين بالقرافة قياسا على أمره صلى الله عليه وسلم بسد كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر وهي فسحة في الجملة لكن مساقه بعد الوقوع والنزول انتهى من شرح المجموع اهـ.

    فتحصل مما ذكرنا من الأقوال أن تطيين وتبييض القبر ووضع الحجارة عليه مكروه إذا لم يقصد بذلك المباهاة فإن قصد به المباهاة حرم وجاز للتمييز بين القبور بكحجر وخشبة. وأما البناء على القبر أو حوله في الأراضي الثلاثة وهي المملوكة له ولغيره بالاذن والموات فحرام عند قصد المباهاة وجائز عند قصد التمييز وإن خلا عن ذلك كره. وأما البناء فوق القبر أو حوله في الارض المحبسة فحرام إلا بقصد التمييز بالبناء اليسير انظر الدسوقي في حاشيته على شرح الدردير ومنح الجليل على مختصر خليل لمحمد عليش وغيرهما من المصادر الفقهية التـي ذكر أسماءها.

    وأما الكتابة على القبور فمكروهة عند إمامنا مالك رضي الله عنه قال خليل في مختصره: وتطيين قبر أو تبييضه وبناء عليه أو تحويز وإن بوهي به حرم وجاز للتمييز كحجر أو خشبة بلا نقش اهـ قال الدردير ممزوجا بكلام خليل: وجاز للتمييز كحجر وخشبة يوضع على القبر بلا نقش لاسمه أو تاريخ موته وإلا كره وإن بوهي به حرم وينبغي تحريم نقش القرآن وأسماء الله تعالى مطلقا لتأديته إلى الامتهان وكذا نقشها على الحيطان [وقال] ابن القاسم لا بأس أن يجعل الرجل على القبر حجرا أو خشبة أو عودا يعرف به قبر وليه ما لم يكتب في ذلك ولا أرى قول عمر رضي الله عنه لا تجعلوا حجرا إلا أنه أراد من فوقه على معنى البناء [وقال] ابن حبيب لا باس أن يجعل في طرف القبر الحجر الواحد ليلا يخفى موضعه إذا عفي أثره. انتهى كلام محمد عليش في كتابه منح الجليل.

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:112. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:16


    ........... تابع ...........


    قلت: ومنشأ تلقيبه بعليش اسم جده الاعلى علوش أحد أجداد الغوث عبد العزيز الدباغ وأصل عليش جده الاعلى مغربي فاسي اهـ وقال عبد الباقي: بلا نقش فيكره به انتهى وقال ابن عرفة قال الحاكم: ليس العمل على أحاديث النهي عن البناء والكتب على القبر فإن أئمة المسلمين شرقا وغربا مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذه الخلف عن السلف انتهى وقال ابن العربي في كتابه العارضة: وأما الكتابة عليها فأمر قد عم الارض وإن كان النهي قد ورد عنه ولكنه لما لم يكن من طريق صحيح تسامح الناس فيه وليس له فائدة إلا التعليم للقبر ليلا يدثر اهـ وقال الحطاب: والتخفيف في الكتابة على قبور الصالحين اهـ.

    وأما حمل تراب قبر الميت ومس القبر ومسحه فإذا كان القبر من قبور الشهداء أو العلماء أو الصالحين أو الأولياء ففي حمل ترابه للتبرك خلاف بين الفقهاء فمنهم من حرمه ومنهم من أجازه فقال الشيخ زروق في شرحه على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ما نصه: من البدع اتخاذ المساجد على مقبرة الصالحين ووقد القنديل عليها دائما وفي زمان بعينه والتمسح بالقبر عند الزيارة وهو فعل النصارى وحمل تراب القبر تبركا به وكل ذلك ممنوع بل يحرم اهـ وقال البناني في حاشيته على شرح الزرقاني عند قول خليل وزيارة القبور بلا حد ما نصه: أن ما يفعله الناس من حمل تراب المقابر للتبرك به جائز قال ما زال الناس يحملونه ويتبركون بقبور العلماء والشهداء والصالحين اهـ وقال الرهوني في حاشيته على شرح الزرقاني على مختصر خليل عازيا لأحمد بن يتوك في جواب له مانصه: هو جائز ما زال الناس يتبركون بقبور العلماء والشهداء والصالحين وكان الناس يحملون تراب سيدي حمزة بن عبد المطلب في القديم من الزمن فإذا ثبت أن تراب قبر حمزة تحمل من قديم الزمان فكيف يتمالؤ أهل العلم بالمدينة على السكوت عن هذه البدعة المحرمة هذا من الأمر البعيد. قلت: ومن هذا القبيل ما جرى عليه عمل العوام من نقل تراب الشيخ أبي يعزى وضريح الشيخ أبي غالب السابوري للاستشفاء من الامراض والقروح المعضلة انتهى منه بحروفه.

    ومن هذا الخلاف الذي ذكرنا تظهر صحة القول بجواز حمل تراب قبور الشهداء والعلماء والصالحين والاولياء للتبرك لكثرة العاملين به ودوام المسلمين عليه وقول العلماء الاجلاء به.

    وأما مس المشاهد حال الزيارة فمكروه لا حرام عند بعض العلماء قال النووي: يكره مس القبر ومسحه. واعترض قوله هذا العز بن جماعة بقول الإمام أحمد لا باس به وبقول المحب الطبري وابن أبي الصيف يجوز تقبيل القبر ومسه وعليه عمل العلماء والصالحين وعلى القول بالكراهة قال الجمال الرملي في شرح الايضاح: علة الكراهة نفي الأدب قال فيعلم أن من قصد به التبرك فلا باس به قال فقد نص الإمام الشافعي على أن أي جزء قبله من أجزاء البيت فحسن قال فيكره الانحناء للقبر الشريف ما لم يقصد به التبرك اهـ. أما إن قصد بالانحناء تعظيم صاحب القبر فإنه يحرم وربما جره ذلك إلى الكفر إن استحل الركوع والسجود لغير الله. وقد ثبت أن الشيخ القطب الرباني الولي الشريف سيدي أحمد التجاني صاحب الطريقة التجانية قال لمن قبل الأرض بين يديه: كفرت قم وقل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وجدد نكاحك وقال صاحب غنية الأصحاب:
    * تَقْبِيلُ قَبْرِ مِنْبَرٍ ضَرِيـحِ ... يَجُوزُ أَوْ يُكْرَهُ فِي الصَّحِيـحِ *
    * أَمَّا سُجُودُهُمْ عَلَى الْجِبَاهِ ... فِي الأَرْضِ فَالْكُفْرُ بِلاَ اشْتِبَاهِ *


    انظر كتاب الدرة الخريدة للإمام النظيفي. وفي حواشي الحلبي على شرح لشيخ الإسلام زكرياء الأنصاري قال: أفتى والد شيخنا بعدم كراهة تقبيل نحو قبور الصالحين بقصد التبرك اهـ.

    وأما الذبح عند القبور فيرجع الحكم فيه إلى اعتقاد الذابح فإن كان الذابح يقصد التأثير في قضاء حوائجه بذبحه ما ذبح لولي فما ذبح حرام لأن عقر البهائم وذبحها على القبور بدعة من أعمال الجاهلية بدليل ما روي عن أنس بن مالك مرفوعا «لا عقر في الإسلام» أخرجه أبو داوود. قال العلماء: العقر الذبح عند القبور أما إن اعتقد أن التأثير إنما هو لله وما ذبح عند قبر الولي العالم ناويا به ثواب مذبوحه لذلك الولي فلا باس بأكل ما ذبح مع الكراهة لأن ما ذكر اسم الله عليه عند ذبحه للاولياء فهو مكروه الاكل فقط قال الدسوقي في حاشيته على شرح الدردير عند قول خليل بن إسحاق وما ذبح لصنم ما نصه: وأما ما ذبح للصنم قاصدا إهداء ثوابه له كذبح المسلمين لأوليائهم والحال أنه ذكر اسم الله عليه فهو المكروه الآتي في قوله: وذبح لصليب أو عيسى اهـ وقال عبد الباقي إذا ذبح باسم صنم وذكر عليه اسم الله أكل ولفظ كلامه: لا يوكل ذبح الكتابي لصنم لأنه مما أهل به لغير الله أي بأن قال باسم الصنم بدل باسم الله فإن ذكر اسم الله عليه أيضا أكل تغليبا لاسم الله مع أنه يبعد ذكر اسمه تعالى مع قصده اختصاصه بالصنم اهـ وقال كنون في حاشيته عند قول خليل: وما ذبح لصنم في باب الذكاة ما نصه: وأما ما ذبح على قبور الاولياء لقضاء الحوائج فينظر فيه لاعتقاد الذابح فإن اعتقد أن التأثير في قضائها لذلك الولي فمذبوحه حرام وإن اعتقد ان التاثير إنما هو لله وإنما ذبح على ذلك للولي ونوى ثواب مذبوحه له لجريان العادة بقضاء حاجة من فعل ذلك فهذا لا باس بأكله قاله بعضهم وهو ظاهر اهـ وقال في الزواجر قال العلماء لو ذبح مسلم ذبيحة وقصد بذبحها التقرب بها إلى غير الله صار مرتدا وذبيحته ذبيحة مرتد ومن ذبح للعبة فكأنما ذبح لصنم قال كنون في حاشيته: نقل ابن عطاء عن بعضهم أنه استفتي في امرأة مترفة نحرت جزرا للعبها فأفتى بأنه لا يحل أكلها لأنها ذبحت لصنم اهـ وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم عند حديث «لعن الله من ذبح لغير الله.. » الخ وأما الذبح لغير الله فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو لعيسى صلى الله عليهما أو للكعبة ونحو ذلك فكل هذا حرام ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا نص عليه الشافعي واتفق عليه أصحابنا فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرا فإن كان الذابح مسلما صار بالذبح مرتدا اهـ


    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:116. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:19


    ........... تابع ...........


    وأما ما يذبحه الإنسان في بيته ويطعمه للفقراء صدقة على الميت بإعطائه أجر ذلك الطعام فلا باس به لأن الشرع لم يمنع للمسلم إعطاء ما شاء مما يملكه من الأجر إذا لم يقصد رياء ولا سمعة ولا فخرا ولا جمع نساء ورجال أجانب على ذلك الطعام قال ابن الحاج في كتابه المدخل ما نصه: وليحذر من هذه البدع وهي حمل الخرفان والخبز أمام الجنازة فإذا أتوا على القبر ذبحوا ما أتوا به بعد الدفن وفرقوه مع الخبز ويقع بسبب ذلك مزاحمة وحراب وياخذ ذلك من لا يستحقه ويحرم المستحق في الغالب وذلك مخالف للسنة لأن ذلك من فعل الجاهلية لما روى أبو داوود عن أنس مرفوعا «لا عقر في الإسلام» ولما فيه من الرياء والسمعة والمباهاة والفخر لأن السنة في أفعال القرب الاسرار بها دون الجهر فهو أسلم انتهى فتصدق الإنسان في بيته على الميت بما شاء أفضل لأنه عمل صالح سليم من البدع المحرمة ومن المعلوم من الشرع أن الخير كله في السنة وأن الشر في البدعة اهـ وأما الذبح للجن فأبطله الشرع وهو أن يشتري الإنسان دارا ويخرج ذهبا أو فضة أو نحو ذلك من المعادن أو الركاز فيذبح ذبحا لواحد من هذه أو لأكثر من واحد منها للطيرة كما كانت الجاهلية تفعل فكانت الجاهلية تقول إن من ذبح شاة عند داره وقت شرائه لها أو وقت إخراجه لأي نوع من أنواع العين من المعدن وما أشبهه فإنه لا يضره الجن ونهى الشرع عن ذلك وأبطله لأنه لا نافع ولا ضار في الحقيقة إلا الله تعالى وأما من أوصى على أنه إذا مات يعمل طعام ويتصدق به على الفقراء والمساكين وينوى له ثواب ذلك فسئل ابن سحنــون عــن طعام الجنائــز فقــال إن أوصى بــه الميت أو عمله الورثة وهم بالغون رشداء كلهم فهو حلال وإن كان فيهم يتامى فهو حرام. وإن صنعه أولياء الميت غير الورثة من أموالهم دفعا لعار الوافدين للتعزية فهو مكروه اهـ وسئل الإمام الرباني سيدي محمد بن ناصر عن الطعام المصنوع للميت الذي ياكله الناس عند الدفن وغيره كعشاء الموتى وقد جرت العادة بذلك في أكثر هذه البلاد ولا يكاد يترك عندهم هل هو جائز أم لا وهل فيه تفصيل بين أن يوصى به أم لا فإذا قلتم بالمنع والحالة أن ذلك الطعام يستجلب كثيرا من المصلين ويرفعون للميت الفداء وقراءة القرآن كان تركه سببا لفوات هذه المصالح. فأجاب رحمه الله أنه لا يحل أكل طعام الموتى الذي عند الدفن ولا الذي يسمى العشاء ولا استعمال الفتائل من فضلة كفن الميت بمصباح المسجد ولا غيره إلا إن أوصى به الميت أو تطوع به ورثته وهم رشداء وإن كانوا كبارا وصغارا لم يجز إلا ان يحسبه الكبار من حظهم وجريان العادة بذلك في قطر من الأقطار ليس بمبيح ما دلت قواعد الشرع على منعه وما ذكرتم من الفتيا بأكله لاستجلاب الناس للصلاة عليه واستعطافهم على طلب الشفاعة له غير ظاهر إذ لا تنفعه شفاعة العاصي انتهى ما نقله المفتـي عبد الله بن عبد المعطي السباعي في كتابه الدفاع وقطع النزاع من هذا الجواب.

    أما الذبح عند استقبال السلطان تقربا إليه فقال المروزي إن أهل بخارى أفتوا بتحريمه لأنه مما أهل به لغير الله وقال الرافعي هذا لما يذبحونه استبشارا بقدومه فهو كذبح العقيقة لولادة المولود ومثل هذا لا يوجب التحريم والله أعلم وأما ما ذبحه أهل الكتاب لكنائسهم وأعيادهم فمكروه أكله عند الإمام مــالــك بن أنس رضي الله عنه قال عبد الباقي الزرقاني في شرحه على مختصر خليل عند قوله: وذبح لصنم ما نصه: كره مالك رحمه الله ما ذبحه أهل الكتاب لكنائسهم وأعيادهم لأنه رآه مضاهيا لقوله تعالى {أو فسقا أهل لغير الله به}. ولم يحرمه إذ لم ير الآية منافية له وإنما رآها مضاهية له لأن الآية عنده إنما معناها فيما ذبحوا لآلهتهم مما لا ياكلون قال وقد مضى هذا المعنى في سماع عبد الملك من كتاب الضحايا انتهى وقال في سماع عبد الملك عن أشهب وسألته عما ذبح للكنائس فقال لا باس بأكله انتهى فتبين مما ذكرنا أن ذبح أهل الكتاب إذا قصدوا به التقرب لآلهتهم فلا يجوز أكله لأنه ليس من طعامهم ولم يقصدوا بالذكاة إباحته وأما الكراهة في أكل ذبحهم للصليب فالمراد به ما ذبحوه لأنفسهم لكن سموا عليه اسم آلهتهم فهذا يوكل بكره لأنه من طعامهم انتهى من حاشية البناني على شرح الزرقاني لمختصر خليل. وفي روح البيان ما نصه: قال الفقهاء ولو سمى الذابح النبي صلى الله عليه وسلم فقال بسم الله ومحمد حرمت الذبيحة اهـ وقال عبد الباقي في شرحه على مختصر خليل: إن ما سمي عليه عند ذبحه اسم الله ومحمد صلى الله عليه وسلم مكروه فقط اهـ.

    وأما أصل جواز زيارة القبور وكونها مندوبة فمنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» رواه مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه وزاد الترمذي من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي: فإنها تذكر الآخرة وزاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود: وتزهد في الدنيا. وعن أبي هريرة عند مسلم وعن ابن مسعود عند ابن ماجه والحاكم وعن أبي سعيد عند أحمد بن حنبل والحاكم وعن علي عند أحمد بن حنبل وعن عائشة عند ابن ماجه والكل دال على مشروعية زيارة القبور. وبيان الحكمة فيها وأنها للاعتبار فإنه في لفظ حديث ابن مسعود «فإنها عبرة» وذكر الاخرة والتزهيد في الدنيا. وقوله صلى الله عليه وسلم فزوروها أمر ندب اتفاقا ويتأكد في حق الوالدين اهـ ومن الأحاديث الواردة في الحث على زيارة القبور وبالأخص زيارة الأولاد لقبور والديهم ما رواه الإمام مالك بن أنس رحمه الله في الموطإ عن سعيد بن المسيب إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده وقال بيده إلى السماء اهـ قال الحافظ ابن عبد البر المالكي مذهبا: هذا لا يقال بالرأي وقد ورد مرفوعا «إن الرجل ليرفع الدرجات فيقول يا رب من أين لي هذا فيقال بدعاء ولدك». وروى ابن عدي مرفوعا: «من زار والديه أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ عند قبره يس غفر له». وقال ابن عرفة زيارة القبور محمودة انتهى وروى الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين ما لفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من زار أبويه في كل جمعة غفر له وكتب بارا». وعن ابن سيرين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما ويدعو الله لهما من بعدهما فيكتبه الله عز وجل من البارين» اهـ وقال الدردير ممزوجا بكلام خليل ما نصه: وجاز زيارة القبور بل هي مندوبة بلا حد بيوم أو وقت أو في مقدار ما يمكث عندها أو فيما يدعى به الجميع وينبغي مزيد الاعتبار حال الزيارة والاشتغال بالدعاء والتضرع وعدم الأكل أو الشرب على القبور خصوصا لأهل العلم والعبادة. وليحذر من أخذ شيء من صدقات أهل المقابر فإنه أقبح ما يكون انتهى وقال عبد الباقي الزرقاني في شرحه على المختصر وجازت زيارة القبور بل هي مندوبة اهـ.

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:119. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:21



    ........... تابع ...........

    أما ما يقال عند زيارة القبور وما ينبغي لمن عزم على زيارتها فقال القرطبي ينبغي لمن عزم على زيارة القبور أن يتأدب بآدابها ويحضر قلبه في إتيانها ولا يكون حظه التطواف على الأجداث فإن هذه حالة تشارك فيها البهيمة بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى وإصلاح قلبه ونفع الميت بالدعاء وما يتلو عنده من القرآن ويسلم إذا دخل المقابر اهـ وقال القرافي الذي يتجه أنه يحصل لهم بركة القرآن كما تحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده ولا يعتمد في ذلك إلا على الله تعالى اهـ وعن ابن عباس رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال «السلام عليكم ياأهل القبور يغفر الله لنا ولكم وأنتم سلفنا ونحن بالأثر». رواه الترمذي وقال حسن قال في سبل السلام: فيه أنه يسلم عليهم إذا مر بالمقبرة وإن لم يقصد الزيارة لهم وفيه أنهم يعلمون بالمار بهم وسلامه عليهم وإلا كان إضاعة وظاهره في جمعة وغيرها وهذا دليل ان الإنسان إذا دعا لأحد واستغفر له يبدأ بالدعاء لنفسه والاستغفار لها وعليه وردت الأدعية القرآنية {ربنا اغفر لنا ولإخواننا} {واستغفر لذنبك وللمومنين}. وفيه أن هذه الأدعية ونحوها نافعة للميت بلا خلاف وأما غيرها من قراءة القرآن له فالشافعي يقول لا يصل ذلك إليه وذهب أحمد وجماعة من العلماء إلى وصول ذلك إليه وذهب جماعة من أهل السنة كالحنفية إلى أن للانسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة كان أو صـــوما أو حجا أو صدقة أو قراءة قرآن أو ذكرا أو أي أنواع القرب وهذا هو القول الأرجح دليلا. وقد أخرج الدارقطني أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يبر أبويه بعد موتهما فأجابه بأنه يصلي لهما مع صلاته ويصوم لهما مع صيامه. وأخرج أبو داود من حديث معقل بن يسار عنه صلى الله عليه وسلم اقرؤوا على موتاكم سورة يس وهو شامل للميت بل هو الحقيقة فيه. وأخرج الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم كان يضحي عن نفسه بكبش وعن أمته. وفيه إشارة إلى أن الإنسان ينفعه عمل غيره اهـ أما ما يقال عند دخول المقابر وصفة السلام على الأموات فأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال من دخل المقابر فقال لهم اللهم رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التـي خرجت من الدنيا وهي بك مومنة ادخل عليها روحا منك وسلاما مني استغفر له كل مومن مات منذ خلق الله آدم اهـ وأخرج ابن أبي الدنيا بلفظ كتب له بعدد من مات من ولد آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات اهـ وقال الحطاب في حاشيته على مختصر خليل: وصفة السلام على الأموات أن يقول السلام عليكم أهل الديار المومنين والمومنات والمسلمين والمسلمات ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية ثم يقول اللهم اغفر لنا ولهم ثم يجلس في قبلة الميت ويستقبله بوجهه ثم يثني على الله تعالى بما حضره ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة المشروعة ثم يدعو للميت اهـ.

    وقال كنون في حاشيته ما نصه: وصفة السلام على الأموات أن يقول السلام عليكم أهل الديار من المومنين والمومنات والمسلمين والمسلمات ويرحم الله المستقدمين منكم والمستاخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية ثم يقول اللهم اغفر لنا ولهم اهـ وقال في كتاب العلوم الفاخرة ما نصه عن أحمد بن حنبل إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا الفاتحة والمعوذتين والإخلاص واجعلوا ثواب ذلك لأهلها فإنه يصلهم ثم ذكر عن القرطبي حديث علي مرفوعا «من مـر

    على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات» اهـ.

    قلت: والخلاف في وصول ثواب القرآن للميت مشهور فمذهب مالك أن الميت لا ينتفع بالقرآن مستدلا بقوله تعالى {وأن ليس للانسان إلا ما سعى} وقال الأئمة الثلاثة وبعض من الفقهاء وأهل الصوفية أنه ينتفع به قال السيوطي في

    كتاب الإتقان ما نصه: مسألة الأئمة الثلاثة على وصول ثواب القرآن للميت ومذهبنا خلافه لقوله تعالى {وأن ليس للانسان إلا ما سعى} انتهى وقال كنون في حاشيته عازيا للغبريني: الميت ينتفع بقراءة القرآن هذا هو الصحيح والخلاف فيه مشهور. ونقل من خط سيد محمد بن الشيخ سيدي بن عبد القادر الفاسي أن انتفاع الميت بقراءة القرآن هو قول أحمد بن حنبل والصوفية وهو الحق وأجمعوا على أن الدعاء للأموات ينفعهم اهـ.

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:123. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:24


    ........... تابع ...........




    أما زيارة قبور الصالحين والاولياء والعلماء للتبرك بها وشد الرحـال إلى مواضع قبورهم فقد اختلف العلماء في جواز شد الرحال إليهم فمنهم من قال بالمنع ومنهم من قال بالجواز قال الولي المربي الشيخ التراد ابن العباس القلقمي الإدريسي الحسني الحوضي المتوفى في الساعة الأخيرة من ليلة السبت 16 دجنبر سنة 1946م في منظومته تصفية الطريق:

    * وَشَدُّ رَحْلِكَ إِلَى الأَمْوَاتِ ... مَنَعَهُ الْبَعْضُ مِنَ الْهُدَاةِ *
    * وَقَدْ أَجَازَهُ فُحُولُ الأُمَّهْ ... وَذَاعَ فِعْلُهُ عَنِ الأَئِمَّهْ *
    * وَكَرِهَ الشَّعْبِيُّ زَوْرًا مُطْلَقَا ... مَعَ ابْنِ سِيرِينَ لَهُ مُحَقِّقَا *
    * كَذَلِكَ الْكَرْخِيُّ وَالْكُرْهُ نُقِلْ ... عَنْ مَالِكٍ قَوْلاً وَمَا بِهِ عَمِلْ *
    * وَقَوْلَـةُ ابْنِ الْعَرَبِي بِالْمَنْعِ ... دَرْءًا لِمَفْسَدَةِ كُلِّ بِدْعِي *

    والظاهر أنها محبوبة عند أهل البصائر والاعتبار جائزة عند الكثير من العلماء الصالحين والفقهاء المحققين وكثر العمل بها في بلادنا وغيرها من بلاد الإسلام والاصل في الرحلة إلى زيارة القبور وشد الرحال إليها ما فعله البعض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من زيارة قبره صلى الله عليه وسلم فقد روي أن بلالا رضي الله عنه شد رحله من الشام لزيارته صلى الله عليه وسلم وفي رواية أن ذلك حصل لرؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له ما هذه الجفوة يا بلال أما آن أن تزورني فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي ويتمرغ عليه وتمنى الحسن والحسين رضي الله عنهما عند مجيء بلال سماع أذانه فأذن في المكان الذي كان يؤذن فيه من سطح المسجد النبوي وكانت زيارة بلال لقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم ينكر عليه هو ولا أحد من الصحابة رضي الله عنهم. ولو كان السفر وشد الرحال لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم مخالفا للسنة وإجماع الأمة لأنكروا على بلال لأنهم كانوا ينكرون أدنى شيء من المخالفات فكان عمر أشد الناس إنكارا لكل ما يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطشهم يدا وأحدهم لسانا وأشدهم وقوفا مع الحق. وكان أبو أيوب الأنصاري عندما يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم يضم صدره إليه فأنكر ذلك عليه مروان بن الحكم فوبخه أبو أيوب وقال في كلام له: ابكوا على هذا الأمر إذا وليه غير أهله. كذا ذكره أبو الحسين في كتابه أخبار المدينة. وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه وضع يده على موضع مقعد النبي صلى الله عليه وسلم من منبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم وضعها على وجهه وكان رضي الله عنه يتردد إلى الأماكن التـي كان يتردد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبراحلته لأجل التبرك. وكان عمر بن عبد العزيز يبرد البريد أي يرسل رسولا خاصا من الشام إلى المدينة ليقرئ النبي صلى الله عليه وسلم السلام ثم يرجع اهـ.

    فبما ذكرنا يتضح جهل من أنكر على زوار قبر الولي الشريف عامر أبي السباع للتبرك بقبره ولمسهم ضريحه فهذا بلال وأبو أيوب الأنصاري وعبد الله بن عمر بعضهم يمرغ وجهه على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم يضم صدره إليه وبعضهم يلمس المنبر ويتردد في الأماكن التـي كان صلى الله عليه وسلم يتردد عليها ولم ينكر الخلفاء ولا غيرهم من الصحابة ذلك عليهم وفعلهم هذا يحصل من كثير من الزائرين اليوم والزائرات للصالحين من الاولياء والعلماء. ونرى فرقا من المتنطعين يقولون إنما يفعله الزائرون شرك بالله ولم يعلموا أن فعل الزائرين حملهم عليه التبرك بما يجاور أولياء الله والعلماء الذين هم ورثة الأنبياء وفعلهم هذا من باب قول الشاعر:

    * أَمُرُّ عَلَى الدِّيَارِ دِيَـارِ لَيْلَى ... أُقَبِّلُ ذَا الْجَدَارَ وَذَا الْجِ تدَارَا *

    * وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ شَغَفْنَ قَلْبِي ... وَلَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيَارَا *

    فقصد أولئك الزوار المومنين في لمسهم ضريح الولي أو الصالح أو العالم يلتمسون به البركة ولا يقصدون به عبادة الولي ولا الصالح ولا العالم. ومعلوم من الشرع أن الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وقال الولي الشريف الشيخ المربي الشيخ التراد بن العباس في منظومته تصفية الطريق:

    * فَزُرْ قُبُورَ الْعُلَمَا وَالصُّلَحَا ... وَكَمْ لَهُمْ مِنْ زَائِرٍ قَدْ رَبِحَا *
    * وَانْوِ بِهَا تَذَكُّرًا أُخْرَاكَا ... مُعْتَبِرًا بِمَا تَرَى هُنَاكَا *
    * وَوَاصِلاً فِي السِّرِّ مَنْ قَدْ وَجَبَا ... عَلَيْكَ حَقُّهُ كَمَنْ كَانَ أَبَا *
    * وَسَلِّمَنْ عَلَيْهِمُ وَانْصَرِفِ ... فَذَاكَ لاِبْنِ عُمَرٍ فِعْلٌ قُفِي *
    * وَإِنْ تَشَأْ زِيَادَةً عَلَى السَّلاَمْ ... ذِكْرًا تِلاَوَةً دُعَاءً لاَ مَلاَمْ *
    * وَارْجُ مِنَ الإِلَهِ عَوْدَ الْبَرَكَهْ ... لَهُمْ وَمِنْهُمُ الدُّعَاءَ فَاتْرُكَهْ *

    وبما ذكرنا من الأدلة من عمل الصحابة يتضح جواز التبرك بآثار الصالحين أيا كانت انتهى انظر كتاب الفوز والنجاة في الهجرة إلى الله تعالى. تاليف محمد بن السيد التجاني وغيره. وقال الشيخ الإمام أبو عبد الله بن النعمان في كتابه سفينة النجاة ما نصه: تحقق لذوي البصائر والاعتبار أن زيارة قبور الصالحين محبوبة لأجل التبرك مع الاعتبار فإن بركة الصالحين جارية بعد مماتهم كما كانت في حياتهم والدعاء عند قبور الصالحين والتشفع بهم معمول به عند علمائنا المحققين من أئمة الدين اهـ وقال ابن الحاج في كتابه المدخل: لا يعترض على ما ذكر من أن من كانت له حاجة فليذهب إليهم بقوله عليه الصلاة والسلام «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» اهـ وقال الغزالي في كتاب آداب السفر من كتاب الاحياء ما نصه: القسم الثاني وهو أن يسافر لأجل العبادة إما لحج أو جهاد إلى أن قال: ويدخل في جملته زيارة قبور الانبياء وقبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والاولياء وكل من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته ويجوز شد الرحال لهذا الغرض ولا يمنع من هذا قوله صلى الله عليه وسلم «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى» لأن ذلك في المساجد لأنها متماثلة بعد هذه المساجد وإلا فلا فرق بين زيارة الأنبياء والاولياء والعلماء في أصل الفضل وإن كان يتفاوت في الدرجات تفاوتا عظيما بحسب اختلاف درجاتهم عند الله عز وجل انتهى وقال في المدخل ما لفظه: يدعو عند هذه القبور عند نازلة نزلت به أو بالمسلمين ويتضرع إلى الله تعالى في زوالها وكشفها عنهم. وإن كان الميت المزار ممن ترجى بركته ويتوسل إلى الله تعالى به. ويتوسل الزائر بمن ترجى بركته إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل يبدأ بالتوسل إلى الله بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ هو العمدة في التوسل والاصل في هذا كله والمشرع له فيتوسل به صلى الله عليه وسلم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ثم يتوسل بالصالحين من اهل المقابر في قضاء حوائجه ومغفرة ذنبه ثم يدعو لنفسه ولوالديه ولمشائخه ولأقاربه ولأهل تلك المقابر ولأموات المسلمين ولأحيائهم وذريتهم إلى يوم الدين. ويكثر التوسل بهم إلى الله لأن الله اجتباهم وشرفهم وكرمهم فكما نفع بهم في الدنيا ففي الاخرة أكثر. فمن أراد حاجة فليذهب إليهم ويتوسل بهم فإنهم الواسطة بين الله وخلقه وما زال العلماء والأكابر شرقا ومغربا يتبركون بزيارة قبور الصالحين والعلماء والاولياء ويجدون بركة ذلك حسا ومعنى اهـ.

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:125. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:29



    ........... تابع ...........

    قلت: ومن المواضع المباركة التـي يستجاب الدعاء عندها قبور الصالحين قال الإمام محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري الدمشقي المتوفى سنة 833 هجرية في كتابه الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين في فصل أماكن الإجابة وهي المواضع المباركة ما نصه: وجرب استجابة الدعاء عند قبور الصالحين: قال شارحه محمد بن علي بن محمد الشوكاني ما لفظه: أقول وجه ذلك أنه يكون في هذه المواضع المباركة مزيد اختصاص فقد يكون ما لها من الشرف والبركة مقتضيا لعود بركتها على الداعي فيها وفضل الله واسع وعطاؤه جم وفي الحديث «هم القوم لا يشقى جليسهم» فجعل جليس أولئك القوم مثلهم مع أنه ليس منهم وإنما عادت عليه بركتهم فصار كواحد منهم فلا يبعد أن تكون المواضع المباركة هكذا فيصير الكائن فيها الداعي لربه عندها مشمولا بالبركة التـي جعلها الله فيها فلا يشقى حينئذ بعدم قبول دعائه ثم قال ولكن ذلك بشرط أن لا تنشأ عن ذلك مفسدة وهي أن يعتقد في الميت ما لا يجوز اعتقاده كما يقع لكثير من المعتقدين في القبور فإنهم قد يبلغون الغلو بأهلها إلى ما هو شرك بالله عز وجل فينادونهم مع الله ويطلبون منهم ما لا يطلب إلا من الله عز وجل وهذا معلوم من أحوال كثير من العاكفين على القبور خصوصا العوام الذين لا يفطنون لدقائق الشرك انتهى كلامه. وقال في الحصن الحصين أيضا وممن يستجاب دعاؤه الرجل الصالح والإمام العادل والمسافر والمسلم لأخيه بظهر الغيب والمظلوم والوالد على ولده والولد البار بوالديه والصائم حتى يفطر والمضطر اهـ قال شارحه الشوكاني: يدل على ذلك الكتاب العزيز {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} وقوله صلى الله عليه وسلم «ثلاث دعوات لا شك في إجابتها دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده» أخرجه أبو داود والبزار. وقال صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم». أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك مثل ذلك» رواه مسلم من حديث أبي الدرداء وقال صلى الله عليه وسلم «إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب» رواه أبو داود والترمذي من حديث عبد الله بن عمر وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يدعو دعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث اما أن يعجل له دعوته واما أن يدخر له في الآخرة واما ان يصرف عنه من السوء مثلها». أخرجه أحمد والبزار وأبو يعلى من حديث أبي سعيد الخدري اهـ.

    قلت: فبان واتضح مما ذكرنا من نصوص العلماء والأحاديث الواردة في الحث على زيارة قبور الانبياء والأولياء والعلماء والصالحين أهل الخير وإجابة الدعاء عند قبورهم والمنفعة ببركتهم فائدة زيارة الرجال للقبور وجوازها لهم بالإجماع اهـ.

    وأما زيارة النساء للقبور فقد اختلف العلماء في خروج النساء إلى زيارة القبور على ثلاثة أقوال قول بالمنع ودليل القائلين به قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. «لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج». رواه أبو داود في سننه والترمذي في سننه والنسائي في سننه. والقول الثاني بالجواز على ما يعلم في الشرع من الستر والتحفظ ودليل القائلين به عموم قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا». وفي رواية أخرى «فإنها تذكرة الموت» والقول الثالث بالفرق بين المتجالة والشابة فتجوز زيارة القبور للمتجالة وتمنع للشابة. انظر كتاب المدخل لابن الحاج في فصل زيارة القبور وقال الشيخ التراد بن العباس في منظومته تصفية الطريق:

    * وَالْمَنْعُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ أَكَّدُوا ... وَتَرْكُهُنَّ لِلْخُرُوجِ أَحْمَـــدُ

    * فَكَيْفَ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمَشَاهِـدِ ... مِنْ بَعْدِ مَا مُنِعْنَ مِنْ مَسَاجِـدِ

    وقال الثعالبي: أما النساء فتباح للقواعد منهن زيارة القبور وتحرم على الشواب اللاتـي تخشى منهن الفتنة اهـ وأما اختلاط الرجال والنساء والغناء والضحك والرقص ورفع الاصوات عند المقابر فهذا ونحوه كله من البدع المستقبحة لحرمتها فقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال «إن الله يكره ثلاثا العبث في الصلاة والرفث في الصوم والضحك عند المقابر». ذكره ابن الحاج في المدخل وقال العلماء إن رفع الأصوات عند القبور يزعج الموتى حتى قال البعض منهم إنها تكون عليهم كصوت النفخة وصوت القيامة والمقابر مكان تواضع وانكسار ودعاء لأصحابها بالرحمة ودعاء الزائر لنفسه ولمن شاء لقضاء حوائجه.

    وأما الأوقات التـي تزار فيها القبور فليس فيها حد ففي أي وقت شاء الزائر أن يزور القبور له أن يزورها قال خليل ابن إسحاق المالكي في مختصره ما نصه: وزيارة القبور بلا حد اهـ وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: بلغني أن الارواح بفناء المقابر فلا تختص زيارتها بوقت بعينه وإنما يختص يوم الجمعة لفضله والفراغ فيه. كذا نقله الشيخ زروق. وقال الونشريسي في المعيار عازيا لابن طاووس أن السلف كانوا يفعلون تصبيح القبور. انظر حاشية الدسوقي على شرح الدردير لمختصر خليل وقال كنون في حاشيته عازيا للقرطبي ما نصه: وقيل إن الارواح تزور قبورها كل جمعة على الدوام ولذلك تستحب زيارة القبور ليلة الجمعة ويومها وتكره فيما ذكره العلماء رحمة الله عليهم يوم السبت اهـ وقال ابن رشد في البيان قد جاء أن الأرواح بأفنية القبور وأنها تطلع برؤيتها وأن أكثر اطلاعها يوم الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت اهـ وقال ابن القيم والسيوطي: الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور وسمع سلامه وأنس به ورد عليه وهذا عام في الشهداء وغيرهم وأنه لا توقيت في ذلك انظر بشرى الكئيب. وقال سيدي عبد الله العبدوسي: صح وثبت أن الميت يعرف الزائر ويرد السلام وهذا ما لم تطين القبور لما ورد مرفوعا إذا طين القبر لم يسمع صاحبه الأذان ولا الدعاء ولا يعلم من يزوره. انتهى انظر حاشية كنون اهـ.

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:129. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    ........... يتبع ...........


    عدل سابقا من قبل أحمد سالم السباعي في الجمعة 30 يوليو - 23:35 عدل 1 مرات (السبب : تصحيح كلمات)
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:38



    ........... تابع ...........

    هذا واعلم أن المومن يعلم أحوال الأحياء بعد موته قال ابن الحاج في كتابه المدخل ما نصه: إن كل من انتقل إلى الاخرة من المومنين فهم يعلمون أحوال الأحياء غالبا ويكون علمهم بذلك حين عرض أعمال الأحياء عليهم وهذه أشياء مغيبة عنا وقد أخبر الصادق عليه الصلاة والسلام بعرض الأعمال عليهم فلا بد من وقوع ذلك والكيفية فيه غير معلومة وكفى في هذا بيانا قوله صلى الله عليه وسلم «المومن ينظر بنور الله» اهـ ونور الله لا يحجبه شيء والاعمال تعرض على الله تعالى يوم الخميس ويوم الإثنين وعلى الانبياء والآباء والأمهات يوم الجمعة ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم تعرض عليه أعمال أمته غدوة وعشيا قال القرطبي في تذكرته ما نصه: ابن المبارك أخبرنا رجل من الأنصار عن المنهال بن عمرو حدثنا أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ليس من يوم إلا وتعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أعمال أمته غدوة وعشيا فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم قال تعالى (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) انتهى وأما أرواح الموتى من المومنين فمقرها عليون في الجنة قال الونشريسي في المعيار ما نصه: فمن جواب لابن برجان ما نصه: الحمد لله ذكر ابن حبيب من علمائنا أن المومن إذا دخل قبره يذهب بروحه إلى عليين وبها تجتمع أرواح المومنين وهي على صورة طير بيـض إلى يوم القيامة بالغداة والعشي ثم تاوي إلى جنة المأوى في ظل قناديل من نور معلقة بالعرش وإنما سميت جنة المأوى لأن أرواح المومنين تاوي إليها. وأما أرواح الكفار والفساق فيذهب بها بعد فتنتها وعذابها إلى سجين وهي صخرة عظيمة سوداء على شفير جهنم فيها تجتمع أرواح الاشقياء والفجار والكفار في أجواف طير سود تعرض على النار الغداة والعشي إلى يوم القيامة اهـ انظر حاشية الرهوني وقال ابن حبيب يذهب بروح المومن بعد فتنته في قبره إلى عليين وفيها مجتمع أرواح المومنين خاصة تطلع إلى قبورها ومواضع رميم أجسادها ذاهبة وراجعة ثم تاوي إلى جنة المأوى تكرمة من الله ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسليم على القبور وبزيارتها انتهى عن ابن يونس. وقال أبو عمر قدم عبد الله بن عمر من سفر فقام على باب عائشة فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك ياأبت. وكان عامر بن سعد إذا خرج إلى قبور الشهداء يقول لأصحابه ألا تسلمون على الشهداء فيردوا عليكم اهـ وقال كنون في حاشيته ناقلا من روح البيان: دعاء الاحياء للأموات واستغفارهم لهم هدايا لهم والموتى يعلمون بزوارهم عشية الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت إلى طلوع الشمس لفضل يوم الجمعة وينوي بما تصدق من ماله عن والديه إذا كانا مسلمين فإنه لا ينقص من أجره شيء ويكون لهما مثل أجره وكان بعض الكبراء يرمي بالحجر في الطريق عن يمينه مرة وينوي عن أبيه وبآخر عن يساره وينوي عن أمه وكان يكظم غيظه يريد برهما ففيه دليل على أن جميع حسنات العبد يمكن أن تجعل من بر والديه إذا وجدت النية فعلى الولد أن يبرهما حيين وميتين ولا يطيعهما في المعاصي وعن ابن واسع أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبلها ويوما بعدها اهـ وفي الإحياء للغزالي مرفوعا ما الميت في قبره إلا كالغريق المبهوت ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديق له فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها وإن هدايا الأحياء للأموات الدعاء والاستغفار اهـ وأما القصد من زيارة القبور فهو حصول النفع للزائر وللمزور معا قال الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين: القصد من زيارة القبور الاعتبار ونفع المزور والزائر بالدعاء فلا ينبغي أن يغفل الزائر عن الدعاء لنفسه وللميت ولا عن الاعتبار بحاله كيف تقطعت أوصاله وتفرقت أجزاؤه وكيف يبعث من قبره وإنه عما قريب يلحق به الحي اهـ وعن القرطبي كما في العلوم الفاخرة يقصد بزيارته وجه الله وإصلاح قلبه ونفع الميت بالدعاء وما يتلوه عنده من القرآن ويسلم إذا دخل المقبرة ويخاطبهم ويقول: «السلام عليكم ديار قوم مومنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون». رواه أبو داود.

    قلت: وجواز انتفاع الأحياء من الأموات بالزيارة لقبورهم جائز كما صرح به الفقهاء ومجرب نفعه قال التاودي عازيا لشرح الرافعي قال الفقيه راشد ويجوز أن ينتفع الحي من الميت بزيارته ويطلب من الله قضاء حاجته فمن أراد أن تقضى حاجته فليخرج إلى باب قبر سيدي محمد بن الحسن ويدعو الله بإزاء قبره فتقضى حاجته وقد جربناه فوجدناه صحيحا وتكون الزيارة عشية يوم الخميس انتهى ونقله كنون في حاشيته اهـ.

    هذا ولما سمعت الكثير من جهلة أهل عصرنا يتكلمون في البناء على قبر الولي الشريف عامر أبي السباع وغيره من أولياء الله ويقولون إن زيارة قبره وزيارة قبور غيره من الاولياء والعلماء والصالحين لا فائدة منها وانها بدعة وحرام ومنهم من يقول إن أولياء الله والصالحين والعلماء لا بركة لهم وان الاموات كلهم لا ينتفعون بزيارة الأحياء ودعائهم لهم اخترت أن أبين أحكام زيارة مقابر المومنين وأولياء الله والصالحين والعلماء العاملين وما يجوز من البناء على قبورهم وما يحرم وما يجوز أكله من الذبائح عندهم وما يحرم وفائدة الانتفاع بزيارة قبورهم وجواز السفر إلى زيارتهم وانتفاعهم بدعاء الزائرين لقبورهم وما يقال عند القبور وآداب زيارتها وما يتعلق بمعرفة الميت لمن يزوره من أولاده ومن غيرهم من المسلمين وما قيل في أوقات وأيام الزيارة للموتى واستجابة الدعاء عند قبور الصالحين ردا على أولئك الجهال بالضروري من الدين الذين يرتاب بعضهم في بعث الموتى وفي سؤال القبر ويخوضون فيما لا ينبغي الخوض فيه يتخبطون في ظلمات الجهل ويحرمون ما أحل الله تعالى ويبيحون ما حرم بآرائهم الفاسدة وينكرون وجود الكرامات للولي في حياته وبعد موته وسأتعرض لجواز الكرامة للولي في حياته وبعد موته وأذكر ما يتعلق بذلك من الخوارق.

    -------------
    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:133. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:42


    ........... تابع ...........
    فأقول: إن الولي الشريف عامر أبا السباع جد الشرفاء أولاد أبي السباع صح وثبت عندنا أنه عبد لله تعالى شريف النسب صالح وعالم وولي من أولياء الله تعالى فقد شاهد أهل عصره ظهور الكرامات الخارقة للعادة على يده ومن تجمعت فيه هذه الصفات فإنا نتوسل إلى الله بجاهه عنده في قضاء حوائجنا ونلتمس الانتفاع من بركاته ونامر المسلمين أن لا تفوتهم؛ وذلك لأن الصالح لا يطلق شرعا إلا على القائم بحقوق الله وحقوق العباد ولا يمكن ذلك بدون العلم قال أحد الفقهاء:
    * وَقَائِمٌ بِحَقِّ رَبِّهِ وَحَقْ ... عِبَادِهِ فَصَالِحًا قَدِ اسْتَحَقْ *
    فالصالح مرادف للعابد لأن عبادة العابد بدون علم لا تسمى عبادة لأن ما يفسده صاحبها أكثر مما يصلحه قال أحد الفقهاء:
    * إِنَّ الَّذِي بِدُونِ عِلْمٍ يَعْبُدُ ... لاَ يُحْسِنُ الْعَمَلَ لَكِنْ يُفْسِدُ *
    فأعماله ترد ولا تقبل لخلوها عن العلم قال العلامة الشيخ أحمد رسلان الشافعي في خطبة أرجوزته المسماة بالزبد:
    * وَكُلُّ مَنْ بِغَيْرِ عِلْمٍ يَعْمَلُ ... أَعْمَالُهُ مَرْدُودَةٌ لاَ تُقْبَلُ *
    فالعابد تطلق على العالم الذي غلب عمله على علمه ولم يشتغل بتعليم الناس والعالم بلا قيد هو الذي غلب عليه التعليم للناس والافتاء والتصنيف والولي الشريف عامر غلبت عليه عبادة الله تعالى وتعليم الناس وتربية القلوب حتى يصفي أصحابها من ريون الذنوب ويواظبوا على طاعة الله تعالى وترك معصيته. والعالم العامل بعلمه كالشريف عامر أفضل من العابد أما العالم الذي لم يعمل بعلمه فهو كالذي لا يعلم العلم قال الشاعر:
    * وَإِذَا الْفَتَى قَدْ نَالَ عِلْمًا ثُمَّ لَمْ ... يَعْمَلْ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمِ *
    وقال الفقيه ابن حمدون في حاشيته على ميارة الصغير: ولا يقال عالم على الحقيقة إلا إذا كان عاملا فغير الجاري على مقتضى علمه هو والجاهل سواء اهـ والعالم هو من اتصف بالعلم كالولي الشريف عامر. واختلف العلماء في العلم هل هو إدراك المسائل أو الملكة أو القواعد أنفسها فله إطلاقات ثلاث وشاع إطلاقه على الملكة الراسخة في النفس قال الفقيه النحوي اللغوي محمد الطالب بن حمدون بن الحاج الفاسي في أول حاشيته على شرح ميارة الصغير للمرشد المعين: العالم يطلق بلا قيد على من يعلم العلوم الشرعية وهي الفقه والحديث والتفسير ولا بد في إطلاقه عليه أن يعلم من كل باب ما يهتدي به للباقي انتهى كلامه. والتحقيق أن العالم يطلق في العرف على المتوسط في كل فن من العلوم الشرعية كالشريف عامر. والعلوم الشرعية الثلاثة لا بد أن تكون درايتها كاملة لأنها من المقصود بالذات إذ بها يعرف علم الحلال والحرام والعبادات أما علوم الشرع فهي آلات للعلوم الشرعية وبقدر رسوخ المرء فيها يكمل رسوخه في العلوم الشرعية المقصودة بالذات. والعالم العامل بعلمه بهذا المعنى أفضل من العابد ففي الحديث «من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم» ووجه فضل العالم على العابد يظهر في نفع العالم بعلمه لمن تعلم منه العلم كالشريف عامر فانتفاع الناس بتعليمه العلوم الشرعية وبتلاميذه الذين أخذوا عنه العلم الظاهر والعلم الباطن وبنشره للعلم وحثه العلماء على تعليمه للناس ونشر تلاميذه للعلم يكون له أجر ذلك كله ففي حديث رواه ابن ماجه عن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من علم علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل». وأخرج أبو نعيم في الحلية عن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» اهـ وقال العدوي في حاشيته على شرح أبي الحسن لرسالة ابن أبي زيد القيرواني: أراد بالعالم من صرف زمانه للتعليم والإفتاء والتصنيف ونحو ذلك. وبالعابد من انقطع للعبادة. والمراد بالفضل كثرة ثواب ما يعطيه الله للعبد في الاخرة من درجات الجنة ولذاتها ومأكلها ومشربها ونعيمها قال ابن الملقن: إن نور العلم يزيد على نور العبادة كما مثل بالقمر بالنسبة لسائر الكواكب اهـ والعابد إذا كان عاريا عن العلم لا يسمى في عرف الشرع عابدا بل يسمى فاسقا لأنه بدوام تركه تعلم فروض العين لا يزال فاسقا قال أحد علمائنا الأجلاء:
    * وَجَاهِلٌ لِفَرْضِ عَيْنٍ لَمْ يَجُـزْ ... إِطْلاَقُ عَابِدٍ عَلَيْهِ فَاحْـتَرِزْ *
    * لأَنَّـهُ بِتَرْكِـهِ التَّعَلُّمَـــا ... لَمْ يَنِ فَاسِقًا يَقُولُ الْعُلَمَـا *
    قوله لم ين فاسقا معناه لم يزل لأن وني تاتـي بمعنى زال أي ان العلماء لم يزالوا يقولون إنه فاسق بتركه تعلم الواجب عليه. وقد فضل طائفة من العلماء كالإمام مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وغيرهم العلماء العاملين بعلمهم وفضل جماعة منهم أخرى كأبي القاسم القشيري وأبي حامد الغزالي والبرزلي وعز الدين بن عبد السلام الاولياء العارفين على العلماء العاملين وذكر هذا الخلاف العلامة الجليل سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي المتوفى سنة 1233 هجرية بقوله:
    * فَكَمْ أَتَى بَيْنَ الَوَلِيِّ الْعَارِفِ ... وَالْعَالِمِ الْعَامِلِ مِنْ تَخَالُفِ *
    * فَاخْتَارَ بَعْضُ الْقَوْمِ تَفْضِيلَ الْوَلِي ... وَهْوَ الْقُشَيْرِي وَتَلاَهُ الْبُرْزُلِي *
    * كَذَا الْغَزَالِيُّ وَعِزُّ الدِّينِ ... لَكِنْ خِلاَفُ قَوْلِ الاَكْثَرِينِ *
    * كَابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعْهُ مَالِكْ ... سُفْيَانُ وَافَقَهُمَا فِي ذَلِكْ *
    * وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِ الْعُلَمَا ... حَكَى ابْنُ مَازُونَ إِمَامُ الْعُلَمَا *

    وقال البلقيني في وجه القول بتفضيل العلماء إن الفتوحات التـي يفتح بها على العلماء في الاهتداء كاستنباط المسائل المشكلة من الأدلة أعم نفعا وأكثر فائدة مما يفتح به على الأولياء العارفين من الاطلاع على بعض المغيبات فإن ذلك قد لا يحصل به نفع اهـ والحق أن علم العالم لا يتم ولا يثمر حتى يعمل بمقتضى علمه ويعرض عما يصده عن العمل لخالقه تبارك وتعالى اهـ.
    والولي الشريف عامر أبو السباع تعلم العلم حتى صار فقيها وعالما عاملا بعلمه وأخذ طريق الصوفية القادرية وتخلى عن الاشتغال بالدنيا وزخرفها وانقطع لعبادة خالقه سبحانه وتعالى في الخلوة حتى بدت عليه علامات الاولياء الكمل وظهرت له الكرامات الخارقة الدالة على أنه ولي من أولياء الله تعلى واشتغل بنشر العلم وتعليمه وواظب على أن يتخول الناس بالموعظة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والحض على التفقه في الدين الاسلامي وتضلع من علم الباطن وارتدى حليته.
    وعلم الباطن هو علم المكاشفة وذلك غاية العلوم قال بعض العارفين: من لم يكن له نصيب من هذا العلم أخاف عليه سوء الخاتمة وأدنى نصيب منه التصديق به وتسليمه له انظر كتاب العلم من إحياء علوم الدين للغزالي وشرح رسالة القشيري لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري وحاشية الأستاذ السيد مصطفى العروسي المسماة بنتائج الأفكار القدسية في بيان معاني شرح الرسالة القشيرية. وكتاب الدرة الخريدة شرح الياقوتة الفريدة تاليف محمد فتحا بن عبد الواحد السوسي النظيفي.
    ثم شاع في الناس خبر ولاية الشريف عامر وظهرت له الكرامة الخارقة للعادة وكملت له صفات الولي الكامل. ومن المعلوم أن الكرامات هي دلائل الولاية وتقدم في هذه الترجمة الكلام على كرامة الولي الشريف عامر التـي ظهرت له حين قدوم وفد البرابيش عليه يقصدون ظلمه. قال بعض العلماء كرامات الاولياء لاحقة بمعجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لأن كل رجل أمره غير صادق في الإسلام لا تظهر عليه الكرامة وكل نبي ظهرت كرامته على واحد من أمته فهي معدودة من جملة معجزاته ورتبة الاولياء لا تبلغ رتبة الانبياء عليهم الصلاة والسلام والاجماع منعقد على ذلك انتهى.
    والولي في عرف أهل الصوفية ومن وافقهم من الفقهاء هو العارف بالله تعالى المواظب على الطاعات المتجنب للمعاصي المعرض عن الانهماك في طلب الدنيا ولذاتها وشهواتها وأعظم الاولياء عندهم القطب وهو في مذهبهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يسمى قطبا إلا من علمه الله حقيقة الحروف وأطلعه على سر القدر. والعارف بالله هو الذي عرف الحلال والحرام من الشرع حتى خاف من الله تبارك وتعلى في علانيته وفي سره وذلك هو العالم العامل بعلمه قال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقال أحد العارفين بالله:
    * وَآمِنُ مَكْرِ اللهِ بِاللهِ جَاهِلٌ ... وَخَائِفُ مَكْرِ اللهِ بِاللهِ عَارِفُ *
    * وَلاَ جَاهِلٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ آمِنٌ ... وَلاَ عَارِفٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ خَائِفُ *
    وقال أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري في رسالته في علم التصوف: الولي من توالت طاعاته وتولى الحق سبحانه حفظه وحراسته فلا يخلق له الخذلان الذي هو قدرة العصيان وإنما يديم توفيقه الذي هو قدرة الطاعة قال الله تعالى (وهو يتولى الصالحين) ولا يكون معصوما كالانبياء بل يكون محفوظا حتى لا يصر على الذنوب اهـ ومن أراد الزيادة على تعريف القشيري للولي فليطالع شرح شيخ الإسلام زكريا الأنصاري لرسالة ابن أبي القاسم القشيري المسمى إحكام الدلالة، على تحرير الرسالة، وحاشية الأستاذ السيد مصطفى العروسي المسماة بنتائج الأفكار القدسية، في بيان معاني شرح الرسالة القشيرية.


    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:136. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:46



    ........... تابع ...........

    أما الولي في اللغة ففعيل مبالغة في الفاعل كالعليم والقدير ومعناه من توالت طاعاته بغير تخلل معصية. وقيل الولي فعيل بمعنى مفعول كقتيل وجريح بمعنى مقتول ومجروح وهو الذي يتولى الحق سبحانه حفظه وحراسته على التوالي عن كل أنواع المعاصي ويديم توفيقه على الطاعات. واسم الولي مأخوذ من قوله تعالى (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) سورة البقرة الآية 257 وقوله تعالى (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) سورة الاعراف الآية 196 وقوله تعالى (أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) وقوله تعالى (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) وقوله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) سورة المائدة الآية 55 انظر كتاب كرامات الاولياء وغيره من كتب الصوفية. والولي في اللغة أيضا هو القريب فإذا كان العبد قريبا من حضرة الله بسبب كثرة طاعاته وكثر إخلاصه كالولي الشريف عامر أبي السباع وأضرابه كان الرب قريبا منه برحمته وفضله وإحسانه فتحصل له الولاية. وعن سهل بن عبد الله أنه قال من زهد في الدنيا أربعين يوما صادقا من قلبه مخلصا في ذلك ظهرت له كرامات فياخذ ما شاء كما شاء من حيث شاء اهـ والولي الشريف عامر أبو السباع ذكرنا فيما مر قريبا أنه كان يلبث في خلوته سنة وشهورا يعبد الله بقلب مخلص وظهرت الكرامات الخارقة على يده مع أنه عبد لله مومن بوحدانية الله وبكل ما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ولي العبد المومن وحبيبه والعبد المومن التواب المتطهر ولي الله قال الله تعالى (والذين آمنوا أشد حبا لله) وقال تعالى (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) من سورة البقرة آية 222.

    وحاصل القول أن الولي الشريف عامر أبا السباع عبد لله عابد متطهر تواب صالح عالم عامل بعلمه ومن أجل هذه الصفات الثابتة له قلنا إنه ولي من أولياء الله تعالى الكمل تشد الرحال إليه لزيارته وللنيل من بركته ويستغاث به في السراء والضراء ويتوسل به إلى الله لكشف الأضرار وجلب المصالح لأن العبد العالم العامل بعلمه حيث أطاع الله في كل ما أمر به وترك كل ما نهى عنه فهو ولي الله حقا لأن العبد المومن الذي أعطاه الله العلم بعلوم الشرع كالولي الشريف عامر حتى فقه في الدين الاسلامي ولي. أما الكرامة فهي أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوءة ولا هو مقدمة لها تظهر على يد عبد من عباد الله ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبي كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح علم بها أو لم يعلم اهـ.

    واعلم أنه إذا ظهر فعل خارق للعادة على الإنسان فذلك إما أن يكون مقرونا بالدعوى أولا. والدعوى إما أن تكون دعوى الإلهية أودعوى النبوة أو دعوى الولاية أو دعوى السحر وطاعة الشيطان أما ادعاء الإلهية فجوز قوم ظهور خوارق العادات على يد من ادعاه من غير معارضة كما نقل أن فرعون كان يدعي الالهية وكانت تظهر خوارق العادات على يده قال تعالى حكاية عن فرعون (أنا ربكم الاعلى) وكما نقل من الأحاديث الصحيحة الثابتة في جامع البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من أصحاب السنن أنه سيقع على يد المسيح الدجال من خرق العادة. وإنما جاز ذلك لأن شكله وخلقته تدل على كذبه فظهور الخوارق على يده لا يفضي إلى التلبيس إلا على من طمس الله تعالى بصيرته بالعمى وأضله عن الصراط المستقيم. وأما ادعاء النبوة فإما أن يكون مدعيه صادقا أو كاذبا فإن كان صادقا وجب ظهور المعجزات الخارقة للعادة على يده وهذا متفق عليه بين كل من أقر بصحة نبوة الانبياء. وإن كان كاذبا لم يجز ظهور الخوارق على يده وبتقدير أن تظهر وجب حصول المعارضة. وأما ادعاء الولاية والقائلون بكرامات الاولياء فاختلفوا هل يجوز أن يدعي الكرامات ثم إنها تحصل على وفق دعواه أم لا. وأما ادعاء السحر وطاعة الشيطان فيجوز ظهور خوارق العادات على يده وعند المعتزلة لا يجوز. وكل ساحر كافر مرتد عن الإسلام إذا كان مسلما. وأما الإنسان الذي تظهر خوارق العادات على يده من غير شيء من الدعاوي فإن يكن صالحا مرضيا عنــد الله يكــن ما ظهــر على يده من كرامات أولياء الله الجائزة لهم والولي الذي أقصد في كلامي هذا هو عبد الله العارف به العالم العامل المواظب على الطاعات لله تعالى المجتنب جميع المعاصي المعرض عن الانهماك بالاشتغال في طلب الدنيا المشغل عن عبادة الله التارك للكثير من ملاذ الدنيا وشهواتها.

    قلت: وهذه النعوت كلها ثابتة بالنقول المتواترة موجودة في الولي الشريف عامر أبي السباع كما ذكرنا قريبا في ترجمتنا له هذه. وقد حدثني أستاذي محمد الامين بن يحيى السباعي وهو عدل مبرز وعالم سني جليل وثلاثة من مشائخ مدينة فاس أن الولي الشريف عامر أبا السباع حصل في آخر عمره على القطبانية والقطب في قول أكثر أهل التصوف هو من شأنه أن يتلقى أنفاسه إذا دخلت أو خرجت بأحسن الأدب لأنها رسل ربه لترجع شاكرة بلا تكلف لذلك. وقال لي في بحوثي عن تاريخ حياته الشيخ محمد المجتبى البوساتـي الانصاري أصلا الموريتاني إقليما أنه سمع من شيخه الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل بأن أولاد أبي السباع شرفاء وأبناء عامر أبي السباع الذي هو وتد من الأوتاد اهـ. والوتد في مصطلح أهل التصوف: هو الذي يحفظ الله بهديه دين من اقتدى به اهـ.

    والكرامات للاولياء لا شك عند أحد من أهل السنة في وقوعها لأولياء الله تعالى لصحة دليلها من السنة الصحيحة الصريحة ونصوص العلماء المجتهدين والفقهاء البارزين المحققين نثرا ونظما وقد استدل علماء الصوفية على إثبات كرامات الاولياء وجوازها لهم بآيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة) وقوله تعالى (لهم ما يشاءون عند ربهم) وبما قص الله في القرآن من أخبار أصحاب الكهف وهم من أشراف الروم خافوا بعد عيسى عليه السلام على إيمانهم من ملكهم فخرجوا من ديارهم ودخلوا كهفا في جبل فلبثوا فيه بلا طعام ولا شراب وبقوا في النوم أحياء سالمين من الآفات مدة ثلاثمائة سنة وتسع سنين والله يعصمهم من حر الشمس قال تعالى في سورة الكهف (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود) إلى قوله (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين) وبما قال في الإخبار عن مريم بنت عمران ونص الآية (كلما دخل عليها زكرياء المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) الآية. قال المفسرون وكان زكرياء لا يدخل عليها غيره وكان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف اهـ. وقوله تعالى (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) الآية. قال المفسرون وكان في غير أوان الرطب. وبما أخبر به الله تعالى من قصة آصف وزير سليمان عليه السلام في قوله تعالى (قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتـيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) اهـ. واحتج علماء الصوفية بهذه الآيات على صحة القول بالكرامات وهو استدلال ظاهر. واستدل أهل السنة وطائفة الفقهاء على جواز الكرامة للأولياء بأحاديث صحيحة منها ما أخرجه البخاري: «أن رجلين خرجا من عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا فتفرق النور معهما»، والرجلان همـا أسيد بن حضير وعباد بن بشر، والحديث الذي أخرجه البخاري أيضا في كرامة خبيب قال فيه قالت والله ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب فوالله لقد وجدته يوما ياكل قطفا من عنب في يده وإنه لـمـوثق بالحديــــد وما بمكة من ثـمـرة. وكـانت تقــول إنـه لـرزق رزقـه الله خبيـبا اهــ. والـحـديـث الـذي أخرجـه البخــاري ومسلم في صحيحيهما في كرامة أبي بكر الصديق عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن أبا بكر جاء بثلاثة يعني أضيافا وذهب يتعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يلبث فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله فقالت له امرأته ما حبسك عن أضيافك قال أوما عشيتهم قالت أبوا حتى تجيء قال والله لا أطعمه أبدا ثم قال كلوا قال قائلهم وايم الله ما كنا ناخذ من لقمة إلا ربا من اسفلها أكثر منها فشبعنا وصارت أكثر مما كانت قبل فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي وأكثر فقال لامرأته يا أخت بني فارس ما هذا قالت لا وقرة عيني لهي الآن أكثر مما كانت قبل ذلك بثلاث مرات فأكل منها أبو بكر وقال إنما كان ذلك من الشيطان يعني يمينه ثم حملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده وكان بيننا وبين قوم عهد فمضى الأجل فتفرقنا اثنى عشر رجلا مع كل رجل منهم ناس الله أعلم كم مع كل رجل غير أنه بعثهم فأكلوا منها أجمعون اهـ. وقال الفخر الرازي في تفسيره سورة الكهف وقد ذكر قليلا من كرامات الصحابة فقال أما أبو بكر رضي الله عنه فمن كراماته أنه لما حملت جنازته إلى باب قبر النبي صلى الله عليه وسلم ونودي السلام عليك يا رسول الله هذا أبو بكر بالباب فإذا بالباب قد انفتح وإذا بهاتف يهتف من القبر أدخلوا الحبيب على الحبيب اهـ. والحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما في كلام البقرة التـي حمل عليها ربها فالتفتت إليه فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث الخ وجواز وقوع خوارق العادة في معرض الكرامات لأولياء الله تعالى قال به جماعة كثيرة من أجلاء أئمة أهل السنة كأبي المعالي إمام الحرمين وأبي بكر الباقلاني وأبي بكر ابن فورك وحجة الإسلام أبي حامد الغزالي وفخر الدين الرازي وناصر الدين البيضاوي ومحمد بن عبد الملك السلمي وناصر الدين الطوسي وحافظ الدين النسفي وأبي القاسم القشيري فهؤلاء الأئمة من أهل السنة لهم تآليف محققة وكلام معتبر في العقائد فانظر تصانيفهم وما نقل عنهم وعن غيرهم من أمثالهم ومن أئمة المذاهب كالإمام الشافعي في كتابه نشر المحاسن الغالية والإمام أحمد بن حنبل تر ثبوت جواز وقوع الكرامات الخارقة للعادة لأولياء الله تعالى. قال أبو القاسم القشيري في رسالته ما نصه: ظهور الكرامات على الاولياء جائز لأنه أمر موهوم حدوثه في العقل لا يؤدي حصوله إلى رفع أصل من الأصول فواجب وصفه سبحانه وتعالى بالقدرة على إيجاده وإذا وجب كونه مقدورا لله تعالى فلا شيء يمنع جواز حصوله وظهور الكرامات علامة صدق من ظهرت عليه أحواله ولا بد أن تكون الكرامة فعلا ناقضا للعادة في أيام التكيف ظاهرا على موصوف بالولاية في معنى تصديقه في حاله اهـ.



    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:141. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:48



    ........... تابع ...........

    وبالجملة فأصح الأقوال القول بجواز ظهور الكرامة على الاولياء بدليل اتفاق جمهور أهل المعرفة من أهل العلم على جوازها والتواتر على أجناسها من الأخبار والحكايات بل ومشاهدة الناس لوقوعها صار العلم بها قويا ينفي عنها شكوك المتشككين. ومما يقوي القول بوقوع الكرامة للاولياء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون فإن يك في أمتـي أحد فإنه عمر». رواه البخاري في الجامع الصحيح في كتاب بدء الخلق في الباب الذي يلي حديث الغار وفي كتاب المناقب في باب مناقب عمر وفي كتاب فضائل الصحابة في فضل عمر رضي الله عنه ولفظه: عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن من أمتـي منهم أحد فعمر» اهـ. قال أستاذي في الحديث الشيخ محمد حبيب الله بن سيدي عبد الله بن ما يابى الجكني المتوفى سنة 1363هـ هجرية في كتابه زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم ما نصه: اختلف في تفسير العلماء للمراد بقوله: محدثون فقال ابن وهب ملهمون وقيل مصيبون إذا ظنوا فكأنهم حدثوا بشيء فظنوا وقيل تكلمهم الملائكة. وقوله محدثون هو بتشديد الدال المهملة المفتوحة ملهمون أو يلقى في روعهم الشيء قبل الإعلام به فيكون كالذي حدثه غيره به أو يجري الصواب على لسانهم من غير قصد. وفي رواية للبخاري في مناقب عمر عن أبي قال قال رسول الله e «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يكن من أمتـي فعمر». وقوله يكلمون الخ هو بفتح اللام المشددة أي تكلمهم الملائكة والمعنى يكلمون في أنفسهم وإن لم يروا متكلما في الحقيقة وحينئذ يرجع إلى الإلهام اهـ. وقال القسطلاني يجري على ألسنتهم الصواب من غير نبوة. وقال الخطابي: يلقى الشيء في روعه أي قلبه فكأنه قد حدث به يظن فيصيب ويخطر الشيء بباله ويكون وهو منزلة رفيعة من منازل الاولياء. ويدل لكون هذا الكشف ليس مقصورا على عمر رضي الله عنه لفظ مسلم في صحيحه فإن لفظه قد يكون في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتـي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم اهـ. فلفظ منهم للتبعيض وظاهر أن الكشف غير مختص به. وإذا ثبت أن هذا الحديث الذي هو الإلهام وجد في غير هذه الأمة من الأمم المفضولة فوجوده في هذه الأمة الفاضلة أحرى. وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم وفيه إثبات الكرامة للولي الشريف عامر أبي السباع وغيره من الاولياء. وهذا من الدليل على وقوع الكرامة له ولغيره من أولياء الله تعالى.

    قلت: وإنكار الكرامة للاولياء من الجهلة وأهل البدع والأهواء الذين طبع الله على قلوبهم حتى صاروا لا يفقهون شيئا ليس بعجيب ولا بغريب ولكن إنكارهم لا ينقص من كرامات الاولياء ولا يضر الأولياء بشيء لأنه لا يلتفت إليه شرعا ولا عقلا لأن الجاهل قوله متروك عند أهل الشرع لا يحكم به. قال اللقاني في شرح مقاصد المقاصد للدلجي ما نصه: ليس إنكار الكرامة من البدعي بعجيب إذ لم يشهدوا ذلك من أنفسهم ولم يسمعوا به من رؤسائهم فوقعوا في أولياء الله تعالى أهل الكرامات ياكلون لحومهم جاهلين كون أمر الاولياء مبنيا على صفاء العقيدة ونقاء السريرة واتباع طريق الحق واصطفاء الحقيقة اهـ. وقصة أبي بكر من إطلاع الله له على أن ما في بطن زوجته أنثى فأوصى عليها أبناءه في مرض موته.وقصة عمر مع سارية ونيل مصر وقصة عثمان بن عفان مع الرجل الذي دخل عليه وقد نظر امرأة أجنبية في الطريق فقال له أيدخل علي أحدكم وفي عينيه أثر الزنى فقال الرجل أوحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقال عثمان رضي الله عنه: لا ولكن فراسة المومن. وما وقع لعلي بن أبي طالب من إخباره للناس بأنه يموت قبل موت معاوية رضي الله عنهما فكان الأمر كذلك وما وقع لكثير من أكابر الصحابة غير الخلفاء من الكشف وسائر أنواع الكرامات مثل ما وقع لخبيب وقد ذكرنا خبر كرامته قريبا وغيره كلها دليل على جواز وقوع الكرامات لأولياء الله تعالى وإنما لم تظهر كرامات الصحابة كثيرا مثل ما وقع لكثير من أولياء هذه الأمة بعدهم وذلك لكون كراماتهم كانت بالاستقامة والاعراض عن درجات الدنيا زهدا فيها تأسيا منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاعراض عن الدنيا وظهور الكرامات فيها من جملة ما يستلذ به من وقعت له فلربما يشغله ذلك عن الدار الاخرة ولتزداد درجاتهم في الاخرة لكون مشربه e الزهد في الدنيا والاعراض عنها. قال أحمد البدوي المجلسي الموريتاني في نظمه عمود النسب في كون كرامات الصحابة كانت بالاستقامة غالبا:
    * لاَ يَتَشَـوَّفُـونَ لِلْكَـرَامَـهْ ... بِالْكَشْفِ بَلْ لِنَيْلِ الاِسْتِقَامَـهْ *
    * وَقَلَّ مَنْ بِالْكَشْفِ مِنْهُمُ اشْتَهَرْ ... وَبَعْدَهُمْ عَلَى الْخَلاَئِقِ ابْذَعَرْ *


    فبعد الصحابة رضوان الله عليهم ابذعرت الكرامات أي انتشرت في الخلائق مثل ما وقع منها لإبراهيم بن أدهم. وما وقع من الكرامات لمعروف والسري والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبي الحسن الشاذلي والشريف عامر أبي السباع جد الشرفاء أولاد أبي السباع. وما وقع من الكرامات للولي الشريف أبي العباس سيدي احمد التجاني وما وقع لأضرابهم من الاولياء والأقطاب والأوتاد والأبدال.

    وبما ذكرنا في هذه الترجمة من النصوص الشرعية وأقوال العلماء يتضح لمن له أدنى معرفة بالعلم أن الذين ينكرون وقوع كرامة الولي الشريف عامر أبي السباع وغيرها من كرامات أولياء الله تعالى التـي تقع على أيديهم لا يلتفت لما يقولون من الإنكار لأنهم محجوبون عن مقامات الأولياء ومن جهل شيئا أنكره، وجحد عن نفسه تصوره، قال الشاعر:
    * وَإِذَا كُنْتَ فِي الْمَسَائِلِ غِرًّا ... ثُمَّ أَبْصَرْتَ حَاذِقًا لاَ تُمَارِ *
    * وَإِذَا لَمْ تَرَ الْهِلاَلَ فَسَلِّـمْ ... لأُنَاسٍ رَأَوْهُ بِالأَبْصَـــارِ *


    ومن نصوص العلماء في إثبات الكرامات لأولياء الله تعالى قول عبد الرحمان السيوطي في خاتمة كتابه المسمى الكوكب الساطع:
    * حَقُّ كَرَامَاتٍ لِلاَوْلِيَـاءِ ... قَالَ الْقُشَيْرِيُّ بِـلاَ انْتِهَاءِ *
    * لِوَلَدٍ بِدُونِ وَالِدٍ وَمَـا ... أَشْبَهَهُ قِيلَ وَهَذَا الْمُعْتَمَى *


    والمعتمى المختار وقال اللقاني في جوهرته:
    * وَأَثْبِتَنْ لِلاَوْلِيَا الْكَرَامَهْ ... وَمَنْ نَفَاهَا فَانْبُذَنْ كَلاَمَهْ *


    وقال المقري في كتابه إضاءة الدجنه:
    * وَلاَ تَصِخْ لِمَنْ أَبَى الْكَرَامَهْ ... لِلاَوْلِيَاءِ وَاجْتَنِبْ مَرَامَهْ *


    وقال العلامة المختار بن بونا الجكني المتوفى سنة 1220 هجرية بعد أن عاش مائة وعشرين سنة في منظومته المسماة وسيلة السعادة ما نصه:
    * كَرَامَةُ الْوَلِيِّ حَقٌّ وَظَهَرْ ... مِنْهَا كَثِيـرٌ كَرِسَالَةِ عُمَـرْ *
    * لِنِيلِ مِصْرَ وَسَمَاعِ سَارِيَهْ ... مِنْهُ كَلاَمًا فِي الْبِلاَدِ النَّائِيَهْ *


    قوله كرسالة عمر إلخ يعني رسالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص في شأن عادة جاهلية كانت عند أهل مصر حيث كانوا يلقون جارية في نيل مصر لياتـي الماء فأرسل عمر بن الخطاب كتابا مختوما وقال لعمرو بن العاص الق هذا الكتاب في النيل فإنه ياتـي بإذن الله تعالى دون إلقاء الجارية فيه ففك عمرو الكتاب قبل أن يلقيه في النيل فوجد فيه من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى نيل مصر إن كنت آتيا بإذنك فلا حاجة لنا بك وإن كنت آتيا بإذن الله تعالى فأت إن شاء الله فأتى النيل بلا إلقاء جارية فيه. وقوله سارية يعني تصرف عمــــر بن الخطاب رضي الله عنه بإسماع الله تعالى صوته لسارية بن زنيم بالتصغير لما أراد اسماعه من بعيد ففي الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في خطبته على المنبر يوم الجمعة وهو في المدينة: يا سارية الجبل ..الحديث اهـ. وسارية بِنَهَاوَندَ يقاتل العدو وأراد العدو أن يكيده ويسبقه إلى الجبل فكشف الله لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فناداه فسمع سارية نداءه وعرف أنه صوت عمر فاتخذ العدة للعدو فانتصر عليه بفضل الله وعونه فكان لعمر بن الخطاب في ذلك كرامتان إحداهما ما كشف له عن حال سارية ومن معه من الجيوش وحال العدو والثانية بلوغ صوته إلى سارية وهو بِنَهَاوَندَ اهـ. انظر فتح الباري بشرح البخاري للحافظ بن حجر العسقلاني وتفسير ابن كثير وغيرهما تر هذه القصة بتمامها اهـ.



    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:147. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:52

    ........... تابع ...........
    وهذا الذي أوردنا من أدلة الكتاب والسنة ونصوص الفقهاء في جواز وقوع الكرامة وإثباتها للاولياء يتبين منه بطلان قول بعض المعاصرين المثقفين باللغات الأجنبية العجمية الذين لا يعتمدون إلا على العقل وحده ولا يلتفتون إلى ما نقل من الشرع الاسلامي عن الكتاب والسنة إذا كان مما لا يوافق نظرياتهم من أن كرامات الاولياء أساطير وحكايات كاذبة وأن كرامة الولي الشريف عامر أبي السباع التـي وقعت على يده من ندائه للسباع وإجابتها له بالاتيان إليه ومطاوعتها له ونوعها من الكرامات مستحيل في نظر أولئك الجهال بأحوال أولياء الله تعالى الذين يومنون بالله وبما جاءت به الرسل أو لم يعلموا أن الكرامة التـي وقعت للولي الشريف عامر أبي السباع من تسخير الله تعالى له السباع تدافع عنه الظلمة وطاعتها له من أنواع الكرامات الكثيرة التـي تقع لأولياء الله ولأنبيائه معجزات وما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي والكرامات لها أنواع كطاعة الحيوانات للاولياء وكإخبارهم بالمغيبات وكاستجابة الدعاء لهم وكإحياء الموتى وككلام الموتى معهم. وكانفلاق البحر وجفافه. وكالمشي على الماء وكإبراء الأمراض المعدية الضارة. وككلام الجمادات وغير ذلك. فكرامة طاعة الحيوانات ودفاعها عن الاولياء منها كرامة الولي الشريف عامر أبي السباع التـي تقدم ذكرها في هذه الترجمة ومنها ما وقع من دفاع الحية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال المناوي في طبقاته الكبرى ناقلا عن الفقيه الزنجاني قال حدثني الشيخ أبو إسحاق الشيرازي عن القاضي أبي الطيب قال كنا في حلقة المناظرة فجاء شاب خراساني يسأل عن المصراة ويطلب الدليل فاحتج عليه بخبر الشيخين عن أبي هريرة فقال أبو هريرة غير مقبول الحديث فما أتم كلامه حتى سقطت عليه حية فتفرق الناس هاربين فتبعت الشاب دون غيره فقال ثبت ثبت فلم ير لها أثرا. انظر كتاب جامع كرامات الاولياء للشيخ يوسف بن اسماعيل النبهاني ومنها ما وقع للشيخ سيدي أحمد البكاء بن سيدي محمد الكنتـي المتوفى في حدود سنة 920 هجرية جد قبيلة كنته ليلة نزوله بالقرب من مدينة ولاته الحالية هو وتلاميذه وكانت السباع تفترس كل إنسان وكل حيوان أهلي بات خارجا عن دار أو حائط من ولاته فنادى سباع تلك الناحية فاجتمعت عليه وتمسحت بثيابه فأمرها بالانتقال من بلدة ولاته إلى واد من أودية الحوض الشرقي على مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة من ولاته فأطاعت أمره السباع ومن الغد شاهدها أهل ولاته تحمل أجراءها بأفواهها ذاهبة إلى الوادي. انظر كتاب الطرائف والتلائد للشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدالمختار الكنتـي. ومنها ما وقع لعمنا الشيخ باب احمد بن الشيخ المصطفى ابن العربي الأبييري عندما ظلمه رجل فأرسل الله عليه سبعا وافترسه ضحوة بين يدي قومه ولا غرابة في دفاع الله ببعض جنوده عن عباده المومنين من أوليائه قال تعالى في الكتاب (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) ومن دفاع الله عن أوليائه ما روى النجم عمر بن فهد قال عزم أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي الثاني على الحج وكان يريد قتل الإمام المجتهد سفيان الثوري فلما وصل إلى بير ميمون بعث إلى الخشابين وقال لهم إن رأيتم سفيان الثوري فاصلبوه فجاءوا ونصبوا الخشب وكان سفيان الثوري جالسا بفناء الكعبة ومعه فضيل بن عياض وسفيان بن عيينة فقيل له قم واختف ولا تشمت بنا الأعداء فتقدم إلى أستار الكعبة فأخذها وقال برئت من هذه البنية إن دخلها أبو جعفر سالما وعاد إلى مكان جلوسه فركب المنصور من بير ميمون فلما كان بين الحجازين سقط عن فرسه فاندقت عنقه فمات. انظر كتاب الفوز والنجاة. ومنها ما روي من قصة الشيخ ابراهيم الجعبري مع سلطان مصر ونصها: كان الشيخ ابراهيم الجعبري يكتب لسلطان مصر من ابراهيم الجعبري إلى الكلب الزوبري فعقد علماء مصر مجلسا وأفتوا بتعزير الشيخ ابراهيم الجعبري فحبس الله أبوالهم وبول السلطان في مثاناتهم وبعد أن عجزوا عن إطلاقها بكل حيلة نزلوا عند الشيخ ابراهيم الجعبري خاضعين لطاعته فأمرهم بالاستنجاء من إبريقه فأطلق الله أبوالهم انتهى. من كتاب الفوز والنجاة. ومن دفاع الله عن أوليائه ما روى جعفر الدبيلي قال دخل النووي الماء ليغتسل فجاء لص فأخذ ثيابه ثم إنه جاء ومعه الثياب وقد شلت يده فقال النووي قد رد علينا الثياب فرد عليه يده فعوفي من حينه اهـ. وقال تاج الدين السبكي في الطبقات الكبرى مانصه للكرامات أنواع الأولى إحياء الموتى كقصة أبي عبيد البسري إذ دعا الله في الغزو أن يحيي دابته فأحياها الله له وركبها حتى رجع من غزوه وقصة مفرج الدماميني إذ قال للفراخ المشوية طيري فطارت وقصة الشيخ الاهدلي إذ نادى الهرة الميتة فجاءت إليه تمشي. وما وقع للشيخ عبد القادر لما قال للدجاجة بعد أكل لحمها قومي بإذن الذي يحيي العظام وهي رميم والنوع الثاني كلام الموتى والثالث انفلاق البحر وجفافه والمشي على الماء وإبراء العلل وكلام الجمادات والحيوانات وطاعة الحيوانات لهم واستجابة الدعاء والإخبار ببعض المغيبات اهـ. وخرق العادة للاولياء في الحيوانات منه أن الولي الشيخ الصالح المعروف بآكل الحيات كان ممن تقلب له الاعيان وياكل الحيات وغيرها من الهوام كالخنافس وما في معناها فيرى الخنافس زبيبا والحيات قثاء اهـ.
    أما الكرامات التـي ظهرت للولي الشريف عامر أبي السباع بعد موته لتلاميذه وللزائرين لقبره من الناس من خرق العادة في أمور شاهدوها وفي انتفاعهم باستجابة دعائهم عند قبره وعند قربهم منه وغير ذلك مما جرب نفعه وفائدته رحمه الله تعالى فلا سبيل إلى إنكاره شرعا عندنا لأن جواز وقوع خوارق العادات في معرض الكرامات لأولياء الله تعالى قال به كثير من أجلاء أئمة أهل السنة كإمام الحرمين وأبي بكر الباقلاني وابن فورك والغزالي وفخر الدين الرازي والبيضاوي ومحمد بن عبد الملك السلمي وناصر الدين الطوسي وحافظ الدين النسفي وأبو القاسم القشيري. قال النسفي: نقض العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة من قطع المسافة البعيدة في المدة القليلة من الزمان وقد رتب على ذلك الفقهاء الحنفية والشافعية كثيرا من المسائل الشرعية. وقال ابن حجر الهيثمي الشافعي في فتاويه انه إذا غربت عليه الشمس في بلدة وكان صاحب خطوة فحضر مطلعا آخر لم تغرب فيه بعد ما صلى المغرب في البلد الأول لا يلزمه إعادتها وظهور الطعام والشراب واللباس من الغيب عند الحاجة إلى شيء من ذلك كما وقع لكثير من الاولياء والطيران في الهواء كما وقع لجعفر بن أبي طالب بعد موته من الطيران مع الملائكة بجناحين وما وقع للقمان السرخسي وغيرهما والمشي على الماء وكلام الجماد والبهيمة والطير وغير ذلك من انواع الخوارق للعادة الواقع للأولياء تكريما لهم من الله تعالى في حياتهم وبعد موتهم اهـ. وقال أبو بكر الاشعري إن المعجزات تختص بالانبياء والكرامات تكون للأولياء اهـ. وقال محيي الدين بن عربي الحاتمي في الباب 186 في معرفة مقام خرق العادات:
    * خَرْقُ الْعَوَائِدِ أَقْسَامٌ مُقَسَّمَةٌ ... أَتَى بِهَا النَّظَرُ الْفِكْرِيُّ مَحْصُورَهْ *
    * مِنْهَا مُعَيَّنَةٌ بِالْحَقِّ قَائِمَةٌ ... كَالْمُعْجِزَاتِ عَلَى الإِرْسَالِ مَقْصُورَهْ *
    * وَمَا سِوَاهَا مِنَ الأَقْسَامِ مُحْتَمَلٌ ... وَلَيْسَ لِلْعِلْمِ فِي تَعْيِينِهِ صُورَهْ *
    * وَكُلُّهَا فِي كِتَابِ اللهِ بَيِّنَةٌ ... فَقِفْ عَلَيْهِ تَجِدْهَا فِيهِ مَسْطُورَهْ *
    * بُشْرَى وَسِحْرٌ وَمَكْرٌ اوْ عَلاَمَتُهُ ... وَكُلُّهَا فِي كِتَابِ اللهِ مَذْكُورَهْ *
    * فَهَذِهِ خَمْسَةٌ أَقْسَامُهَا انْحَصَرَتْ ... لِلنَّاظِرِينَ وَفِي الأَكْوَانِ مَشْهُورَهْ *
    وقال أبو العباس الحضرامي: وكرامة الله تعالى لأوليائه لا تنقطع بموتهم بل ربما زادت كما هو معلوم في كثير منهم اهـ. وقال أبو إسحاق ابراهيم التازي نزيل وهران من الجزائر وهو أحد العلماء العاملين:
    * زِيَارَةُ أَرْبَابِ التُّقَى مَرْهَمٌ يُبْرِي ... وَمِفْتَاحُ أَبْوَابِ الْهِدَايَةِ وَالْخَيْرِ *
    * وَتَحْدُثُ فِي الصَّدْرِ الْحَيِيِّ إِرَادَةٌ ... وَتَشْرَحُ صَدْرًا ضَاقَ مِنْ شِدَّةِ الْوِزْرِ *
    * وَتَنْصُرُ مَظْلُومًا وَتَرْفَعُ خَامِلاً ... وَتُكْسِبُ مَعْدُومًا وَتُجْبِرُ ذَا كَسْرِ *
    * وَتُبْسِطُ مَقْبُوضاً وَتُضْحِكُ بَاكِيًا ... وَتُرْفِدُ بِالْبَذْلِ الْجَزِيلِ وَبِالأَجْرِ *
    إلى أن قال:
    * عَلَيْكَ بِهَا فَالْقَوْمُ بَاحُوا بِسِرِّهَا ... وَوَصَّوْا بِهَا يَا صَاحِ فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ *
    * فَزُرْ وَتَأَدَّبْ بَعْدَ تَصْحِيحِ نِيَةٍ ... تَأَدُّبَ مَمْلُوكٍ مَعَ الْمَالِكِ الْحُرِّ *
    * وَلاَ فَرْقَ فِي أَحْكَامِهَا بَيْنَ سَالِكٍ ... مُرَبٍّ وَمَجْذُوبٍ وَحَيٍّ وَذِي قَبْرِ *
    * وَذِي الزُّهْدِ وَالْعُبُّادِ فَالْكُلُّ مُنْعَمٌ ... عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَيْسَتِ الشَّمْسُ كَالْبَدْرِ *
    وفي كتاب محبة الصالحين ببذل المناصحة ما نصه: قال الشيخ زروق إن روح الإسلام حب الله تعالى وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب الاخرة وحب الصالحين اهـ وقال أبو نعيم في الحلية: إن أفضل ما تعبد به المتعبدون التحبب إلى أولياء الله تعالى بما يحبون وإن علامة محبة الله تعالى محبة أوليائه اهـ. وقال الإمام عبد الوهاب الشعراني: إن بعض مشائخه ذكر له أن الله تعالى يوكل بقبر كل ولي ملكا يقضي حوائج من توسل به اهـ. وفي سنن المهتدين للقاني أن سيدي المنثوري كان ينشد:
    * اسْرُدْ حَدِيثَ الصَّالِحِينَ وَسَمِّهِمْ ... فَبِذِكْرِهِمْ تَتَنَزَّلُ الْبَرَكَـاتُ *
    * وَاحْضُرْ مَجَالِسَهُمْ تَنَلْ بَرَكَاتِهِـمْ ... وَقُبُورَهُمْ زُرْهَا إِذَا مَا مَاتُوا *
    وقال الشيخ أبو عبد الله بن النعمان في كتاب سفينة النجاة ما نصه: إن زيارة قبور الصالحين والتشفع بهم معمول بها عند علمائنا المحققين من أئمة الدين فمن أراد حاجة فليتوسل بهم إلى الله تعالى فإنهم الواسطة بين الله وخلقه اهـ. وقال أبو عبد الله بن الحاج في كتابه المدخل مانصه: وزيارتهم في الحقيقة مواصلة للنبي صلى الله عليه وسلم وكذا التوسل بهم واستحضر هذا المعنى عند زيارتهم والتوسل بهم يكمل حالك وتحصل آمالك، وفي أجوبة الشيخ أبي المحاسن ما نصه: إن زيارة الأولياء والعلماء مواصلة له صلى الله عليه وسلم إذ كل خير وبركة قلت أو جلت منه حصلت وبطاعته ظهرت لأن سائر الأولياء والعلماء صورة تفضيله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه فهو الجامع لما افترق فلا زائر ولا مزور إلا له صلى الله عليه وسلم فجميع الاولياء وجميع الانبياء منسوبون إليه ومستمدون منه فلا ترى على التحقيق كرامة ولا آية ولا خرق عادة إلا وهي له صلى الله عليه وسلم اهـ. وأما القرب من الولي ففصل فيه الاجهوري تفصيلا شافيا فقال هل يجوز القرب من الولي عند الزيارة أم لا: الظاهر أن ذلك يختلف باختلاف مقامات الزائرين ومقامات المزورين قال وأجاز بعضهم تقبيل الاعتاب والمقاصير إذا كان عند الزائر حسن اعتقاد ولم يكن مقتدى به انتهى.


    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:152. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:55



    ........... تابع ...........

    وأما الاستغاثة والتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالاولياء والصالحين وبالعلماء العاملين فجوز ذلك العلماء فالتوسل ورد لفظه في القرآن والسنة وأشعار العرب ونثر كلامهم بمعنى التقرب إلى المطلوب والتوصل إليه برغبة قال ابن الأثير في النهاية: الواسل الراغب والوسيلة القربة والواسطة وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به وجمعها وسائل قال الشاعر:
    * إِذَا غَفَلَ الْوَاشُونَ عُدْنَا لِوَصْلِنَا ... وَعَادَ التَّصَافِي بَيْنَنَا وَالْوَسَائِلُ *


    وقال مجد الدين الفيروز ابادي في كتابه القاموس المحيط: وَسَلَ إلى الله تعالى توسيلا عمل عملا تقرب به إليه كتوسل. وقال ابن فارس في معجم المقاييس الوسيلة الرغبة والطلب يقال وسل إذا رغب والواسل الراغب إلى الله عز وجل قال لبيد بن ربيعة العامري الصحابي رضي الله عنه:
    أَرَى النَّاسَ لاَ يَدْرُونَ مَا قَدْرُ أَمْرِهِمْ بَلَى كُلُّ ذِي لُبٍّ إِلَى اللهِ وَاسِلُ


    والوسيلة أخص من الوصيلة قال الراغب الاصبهاني في المفردات: الوسيلة الوصل إلى الشيء برغبة وهي أخص من الوصيلة لتضمنها معنى الرغبة قال تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون) الآية 35 من سورة المائدة. وقال تعالى (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة) الآية 57 من سورة الإسراء ونقل ابن حجر وابن كثير عن ابن عباس أن معنى الوسيلة فيها القربة وقال أحد العلماء من الوسيلة إلى الله مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحري مكارم الشريعة ونقل هذا المعنى ابن جرير وقد وردت الوسيلة في الحديث الصحيح بمعنى أعلى المنزلة في الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة». رواه مسلم في صحيحه وأصحاب السنن وغيرهم.

    فالتوسل المشروع لا خلاف فيه عند أهل الحديث وعند شيخ الإسلام ابن

    تيمية وغيره من أهل العلم فالمتوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العليا كأن تقول اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الرحمن الرحيم اللطيف الخبير أن تعافيني أو تقول ترحمني وتغفر لي أو تقول اللهم إني أسألك بحبك لمحمد صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فإن الحب من صفاته تعالى. ومن دليل مشروعية التوسل من الكتاب قوله تعالى: (ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها) الآية 180 من سورة الاعراف. والمعنى ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى ولا ريب أن صفاته العليا داخلة في هذا الطلب لأن أسماءه سبحانه صفات له خصت به. ومن دليل مشروعية التوسل من السنة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الثابت عنه قبل السلام من صلاته «اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي». رواه النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وكذلك التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي كأن تقول: اللهم إني أسألك بحبي لمحمد صلى الله عليه وسلم وإيماني به أن تفرج عني أو تدعو الله بعمل صالح قد فعلته فيه خوف من الله أو تقواه أو إيثار رضاه أو طاعته قال تعالى: (الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار) الآية 16 من سورة آل عمران. وقال تعالى ( إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الابرار) الآية 193 من سورة آل عمران. وروى بريدة بن الحصيب ما نصه: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد. فقال: «قد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب». رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه وغيرهما وإسناده صحيح. ولا ريب أن الاعمال الصالحة وسيلة مقربة إلى الله تعالى. والعمل الصالح هو الذي يتوفر فيه أمران: الأول أن يكون صاحبه قد قصد به وجه الله عز وجل والثاني أن يكون موافقا لما شرعه الله وكل عمل اختل فيه واحد من هذين الشرطين لم يكن صالحا بل ولا مقبولا قال تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) الآية 110 من سورة الكهف. قال ابن كثير في تفسيره: العمل المقبول لا بد أن يكون خالصا لله صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي مثل هذا عن القاضي عياض وغيره. والتوسل بالانبياء والرسل والاولياء والصالحين وشد الرحال إليهم قال فيه السيد بن محمد التجاني في كتابه الفوز والنجاة ما نصه: اعلم أن التوسل بالانبياء والمرسلين والاولياء والصالحين وشد الرحال إليهم سبب في قضاء الحاجات ونيل الكرامات وكذا التوسل بأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لكرامتهم عند الله تعالى اهـ. وقال الشيخ زروق في قواعده عند ذكر المقابر ما نصه: كل من جاز التبرك به حيا جاز التبرك به ميتا اهـ. وكذا قال الغزالي في كتاب آداب السفر وقال: ويجوز شد الرحال لهذا الغرض ولا يعارضه حديث «لا تشد الرحال إلا للمساجد الثلاثة». لتساوي المساجد في الفضل دون الثلاثة وتفاوت العلماء والصلحاء في الفضل فتجوز الرحلة عن الفاضل للأفضل. ويعرف ذلك من كراماته وعلمه وعمله سيما من ظهرت كراماته بعد موته. أو من جرب إجابة الدعاء عند قبره وقد أشار إليه الإمام الشافعي حيث قال: قبر موسى الكاظم الترياق المجرب اهـ. وقال أبو عبد الله القديري: إذا كانت الرحمة تنزل عند ذكرهم فما ظنك بمواطن اجتماعهم عند ربهم. فزيارتهم تهنئة لهم فتوسل بالصالحين والاولياء والعلماء التابعين من أهل المقابر في قضاء الحوائج وادع لنفسك ولوالديك ولمشائخك ولأقاربك ولأهل تلك القبور. وكثر من التوسل بهم إلى الله تعالى لأن الله تعالى اجتباهم وكرمهم فكما نفع بهم في الدنيا ففي الاخرة أكثر فمن أراد حاجة فليذهب إليهم ويتوسل إلى الله تعالى بهم فإنهم الواسطة بين الله وخلقه كما اتفق كثير من أهل العلم على ذلك. وما زال العلماء والأكابر شرقا وغربا يتبركون بزيارة قبور الاولياء والصالحين والعلماء ويجدون بركة ذلك على الدوام. فالاستغاثة بالانبياء والاولياء والصالحين والعلماء العاملين وردت بها الأخبار وعمل بها العلماء فقول العامي عند الشدائد الشيخ فلان أو رسول الله ونحو ذلك من الاستغاثة بالانبياء والاولياء والعلماء والصالحين جائز في حياتهم وبعد موتهم قال الرملي في فتاويه: إن الاستغاثة بالانبياء والمرسلين والاولياء والعلماء جائزة وللرسل والانبياء والاولياء والصالحين إغاثة بعد موتهم لأن معجزة الانبياء وكرامات الاولياء لا تنقطع بموتهم أما الأنبياء فلأنهم أحياء في قبورهم كما وردت به الأخبار وتكون الإغاثة منهم معجزة لهم وأما الأولياء فهي كرامة لهم فإن أهل الحق على أنه يقع من الاولياء بقصد وبغير قصد أمور خارقة للعادة يجريها الله تعالى بسببهم. ومن الدليل على جوازها أنها أمور ممكنة لا يلزم من جوازها وقوع محال وكل ما كان هذا شأنه فهو جائز الوقوع. وعلى جواز الوقوع دلت قصة مريم ورزقها من عند الله التـي في القرآن وقصة أبي بكر الصديق وأضيافه التـي وردت في الحديث الصحيح وجريان النيل بكتابة عمر بن الخطاب ورؤيته سارية وهو على المنبر وسماع سارية كلام عمر وبينهما مسافة شهرين وشرب خالد السم من غير تضرر به وقد تقدم ذكر أكثر هذه القصص في هذه الترجمة وقد جرت خوارق على أيدي الصحابة والتابعــين ومـــن

    بعدهم لا يمكن إنكارها لتواتر مجموعها.

    ومن الأدلة التـي استدل بها العلماء على جواز التوسل والاستغاثة قوله تعالى (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) قال ابن عباس إن الوسيلة هي كل ما يتقرب به إلى الله تعالى. وقوله تعالى (ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) فقد علق تعالى قبول استغفارهم باستغفاره عليه الصلاة والسلام. وذلك صريح في الدلالة على جواز التوسل به كما يفهم من قوله تعالى (لوجدوا الله توابا رحيما) وأنتم تعلمون أن استغفاره صلى الله عليه وسلم لأمته لا يتقيد بحال حياته. فقد روى البزار بسند صحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «حياتـي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتـي خيرا لكم تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيرا حمدت الله وإن رأيت شرا استغفرت لكم».صححه المناوي في الشرح الكبير على الجامع الصغير وصححه الحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«حياتـي خير لكم ومماتـي خير لكم قالوا يا رسول الله قد عرفنا أن حياتك خير لنا فكيف تكون وفاتك خيرا قال: أما حياتـي فإنكم كلما أحدثتم حدثا أحدث الله لكم المخرج منه بي فإذا مت فلا أزال أجاب أربعين سنة حتى ينفخ الاخرى وتعرض علي أعمالكم فما كان من حسن شكرت الله عليه وما كان من سيئ دعوت الله أن يغفره».رواه الإمام هبة الله في كتابه توثيق عرى الإيمان. ورواه غيره فرسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة لنا في حياته وبعد وفاته فكيف لا نتوسل به إلى الله تعالى.وقال الله تعالى (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) فنسب الله الاستغاثة إلى غيره من المخلوقين.فإن قيل إن المستغاث به في هذه الآية حي وله قدرة أجيب بأن نسبة القدرة إليه إن كانت استقلالا فهي كفر، وإن كانت بقدرته تعالى على أن يكون هو السبب والوسيلة ليس إلا فلا فرق بين الحي والميت فإن الميت له كرامة فنسبة الاستغاثة إلى الله تعالى حقيقة وإلى غيره مجاز اهـ. وأما القول بأن التوسل والاستغاثة كفر فباطل بما ذكرنا من الأدلة على جوازه شرعا والشرك هو أن تطلب من غير الله على أنه إله مع الله يعطي ويمنع بغير إذنه، ولا يتصور أن يكون من أحد من المومنين فكيف بالعلماء الاجلاء السنيين الذين واظبوا على الاستغاثة والتوسل بالاولياء والصلحاء والعلماء في حياة الولي وبعد مماته لأنه لا شك أن من استغاث بالولي أو النبي صلى الله عليه وسلم أوالعالم لم يستغث به على أنه شريك لله أو يفعل بغير إذن الله حتى لو فرضنا أن ذلك لم يكن حاضرا في نفسه فهو كامن فيها بمقتضى قوله لا إله إلا الله فالمتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والولي معتقد في توسله أن المعطي والمانع والنافع والضار إنما هو الله وحده اهـ.



    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:157. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    أحمد سالم السباعي
    أحمد سالم السباعي
    مشرف
    مشرف


    عدد الرسائل : 425
    البلد : موريتانيا
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6977
    تاريخ التسجيل : 15/04/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف أحمد سالم السباعي الجمعة 30 يوليو - 23:57



    ........... تابع ...........

    أما التبرك بالآثار فجائز ومن الدليل على جوازه بردة النبي صلى الله عليه وسلم التي أعطاها لكعب بن زهير حين مدحه في القصيدة التي أنشأها يعتذر فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويمدحه ومطلعها:
    * بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ ... مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُـولُ *


    فكان الصحابي كعب بن زهير يتبرك بها وكذلك أولاده حتى اشتراها معاوية بن أبي سفيان الصحابي الجليل من أولاد كعب بثلاثين ألف درهم لأجل التبرك بها وبعد وفاة معاوية رضي الله عنه تداولها خلفاء الدولة الأموية يتبركون بها ولم ينكر الصحابة ولا التابعون ولا من بعدهم من العلماء التبرك بها وكذلك التبرك بقلنسوة خالد بن الوليد الصحابي رضي الله عنه وكانت في تلك القلنسوة شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم حملها معه تبركا. انظر الشفاء للقاضي عياض تر ما ذكرت لك. وقد ورد في القرآن الكريم حكاية عن يوسف عليه السلام قوله (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يات بصيرا) إلى قوله (فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا) فهذا من نوع التبرك بالآثار وقال القطب عبد الله بن أبي بكر العبدوسي ما نصه: ثياب الاولياء ملامسة لأبدانهم وأبدانهم ملامسة لأرواحهم عند مليك مقتدر فيتبرك بثيابهم. وكان الإمام السبكي يمرغ خده في دار الحديث ويقول لعلي أن أمس بحر وجهي مكانا مسه قدم النووي. وذكر ابن حجر في شرح الحديث الثالث عشر من الاربعين للإمام النووي أن أنس ابن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى ثابتا البناني أن يجعل تحت لسانه شعرة كانت عنده من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، وفي صحيح البخاري عن أم عطية قالت دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: «اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الأخيرة كافورا أو شيئا من كافور فإذا فرغتن فآذنني» فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال: «أشعرنها إياه» تعني إزاره أي اجعلن إزاره صلى الله عليه وسلم شعارها أي ثوبها الذي يلي جسدها لتنالها بركة ثوبه صلى الله عليه وسلم وفيه التبرك بآثار الصالحين ولباسهم اهـ.

    قلت: فبان شرعا بوضوح مما ذكرنا في هذه الترجمة أن من أنكر فائدة زيارة الولي الشريف عامر أبي السباع ووقوع الكرامات الخارقة للعادة عند قبره وحرم التبرك بآثاره والجلوس عند قبره وزعم أن الانتفاع به مقصور على حياته وأنه بعد وفاته لا ينتفع الزائرون لقبره به ولا يستجاب لهم دعاء وربما صدر منه سب للأموات والعياذ بالله من ذلك فإنه ما حمله على هذا كله إلا جهله بالشرع الاسلامي ثم جهله بما أكرم الله تعالى به أولياءه وحملة علم الدين الاسلامي والصالحين وخص به آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أيها القارئ مما ذكرنا آنفا أنه ثبت وصح بالنقل المتواتر من الشرع أن الشريف الولي عامر أبا السباع ولي من أقطاب أولياء الله وأنه شريف من ذرية إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر وأنه من ذرية الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه فقيه وعالم وانه صوفي ومرب ومن كانت هذه صفاته فإننا أهل السنة المحمدية نزوره حيا وميتا ونعتقد فيه البركة ولا نعتقد فيه الألوهية بل ندعو الله له بالرحمة ونتوسل به إلى الله في قضاء حوائجنا ونجالسه حيا وميتا لأن روحه باقية بعد الموت كما ذكرنا قريبا؛ فالارواح عند المسلمين باقية بعد الموت وفي إمكاننا أن ندعو لروح الولي الشريف عامر ونطلب من الله قضاء حوائجنا عند قبره.

    ومن الأدلة الشرعية على بقاء الأرواح ما ورد في حديث الإسراء عن موسى وآدم وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام فانظره في صحيح البخاري وما ورد في الأحاديث النبوية المتواترة في عذاب القبر ونعيمه. والتوسل قد قدمنا ما يكفي من الدليل الشرعي على جوازه ومن أدلته أيضا قسم الله تعالى بحياة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال عز وجل (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) قيل في تفسير هذه الآية: أقسم الله عز وجل في الأزل بحياته صلى الله عليه وسلم ليظهر شرفه وعلو قدره ودنو منزلته عنده ليتوسل المتوسلون به إليه قبل بروزه إلى الوجود وفي حياته وبعد وفاته. وكان أهل الكتاب لهم علم من ذلك فكانوا يتوسلون به قبل وجوده فيستجاب لهم، استدل أهل العلم على ذلك بقوله تعالى (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) قال ابن عباس كان أهل خيبر يقاتلون غطفان وكلما التقوا هزمت غطفان يهود خيبر فعاذت يهود بهذا الدعاء: اللهم إنا نسألك بحق النبي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا تنصرنا عليهم فكانوا إذا التقوا ودعوا بهذا الدعاء هزمت يهود غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفرت يهود به فأنزل الله (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) أي يدعون بك يا محمد وإذا كان الله تبارك وتعالى يستجيب لأعدائه بالتوسل به صلى الله عليه وسلم إليه سبحانه مع علمه تعالى بأنهم يكفرون به ويوذونه فمن العجب العجيب أن ينكر أحد يومن بالله واليوم الآخر أن يستجيب الله لأحبائه من عباده إذا توسلوا به بعد وجوده صلى الله عليه وسلم. وجواز التوسل بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم من أولياء الله والعلماء العاملين والصالحين جائز كذلك. هذا وقد ذكرنا قريبا أننا إذا توسلنا بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الانبياء والاولياء والصالحين لم يكن توسلنا بهم عبادة لهم كما كان المشركون يعبدون أصنامهم لتقربهم إلى الله تعالى. بل إننا لم نقصد إلا التبرك بهم واستجابة الدعاء بالتوسل بهم إلى الله ولم نخرج بتوسلنا عن توحيد الله تبارك وتعالى وأنه هو النافع وهو الضار سبحانه وتعالى. أما مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء فمستحبة شرعا قال مسلم بن الحجاج القشيري في جامعه الصحيح: باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء. وروى بعد هذه الترجمة ما لفظه: عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة» اهـ. قال النووي في شرحه لهذا الحديث ما نصه: فيه تمثيله صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك والجليس السوء بنافخ الكير وفيه فضيلة مجالسة الصالحين أهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثر فجره وبطالته ونحو ذلك من الأنواع المذمومة اهـ. وكان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يجالس الصوفية ويقول: يحتاج الفقيه إلى معرفة اصطلاح الصوفية ليفيدوه من العلم ما لم يكن عنده اهـ. وكان الإمام أحمد بن حنبل يقول لولده عبد الله يا ولدي عليك بالحديث وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية فإنه ربما كان أحدهم جاهلا بأحكام دينه، فلما صحب أبا حمزة البغدادي وعرف أحوال القوم من أهل الصوفية كان يقول لولده ياولدي عليك بمجالسة هؤلاء فإنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمة اهـ. وكان الإمامان الشافعي وأحمد بن حنبل يترددان إلى مجالس الصوفية ويحضران معهم في مجالس ذكرهم فقيل لهما مالكما تترددان إلى مثل هؤلاء الجهال فقالا: إن هؤلاء عندهم رأس الأمر كله وهو تقوى الله عز وجل ومحبته ومعرفته اهـ.

    وأما سب الأموات فالشرع الإسلامي ينهى عنه كما في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ولفظه: قالت عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» رواه البخاري في الجامع الصحيح. وقال صاحب سبل السلام: الحديث دليل على تحريم سب الأموات وظاهره العموم للمسلمين. وقوله قد أفضوا إلى ما قدموا أي وصلوا إلى ما قدموا من الأعمال معناه أنه لا فائدة من سبهم والتفكه بأعراضهم اهـ. والشريف عامر أبو السباع ولي من أولياء الله بلا ريب والكلام فيه حيا وميتا بما يوذيه حرام وملعون قائله ومبارز ومحارب لله رب العالمين بدليل ما ورد في الحديث القدسي ولفظه: «من آذى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة» اهـ. ويوخذ من هذا الحديث أن الله تبارك وتعالىجعل إيذاء أوليائه قائما مقام إيذائه وعليه فإن هذا المعنى قريب من قوله تعالى: (إن الذين يوذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة) اهـ.

    قلت: كرامة الولي الشريف عامر أبي السباع التـي ظهرت له عند قدوم البرابيش عليه في خلوته وكرامته التـي ظهرت له أوقات زيارة تلاميذه لقبره بعد موته حين يقصدون الصعود إلى قبره وقد ذكرتهما بتفصيل فيما تقدم من ترجمته هذه انهما لمن أعظم كرامات أولياء الله.



    -------------

    المراجع: كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع، لمؤلفه سيداتي ابن الشيخ المصطفى . الجزء الأول/ ص:163. الطبعة : 1422هـ / 2001م. وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي - مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين ( م. ح. ح. س ) .
    أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.


    ........... يتبع ...........
    الشريف محمود صبري
    الشريف محمود صبري
    مشرف
    مشرف


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 357
    البلد : المحروسه بآل البيت
    العمل : باحث متخصص فى الدراسات والعلوم الاستراتيجيه ومقارونة الاديان والمذاهب
    الهوايات : القنص ولسفاري والقراءة فى كتب التراث والتاريخ
    تقييم القراء : 4
    النشاط : 6501
    تاريخ التسجيل : 22/06/2010

    الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع Empty رد: الولي السائح عامر الهامل الملقب بأبي السباع

    مُساهمة من طرف الشريف محمود صبري الثلاثاء 3 أغسطس - 16:22

    حيثما ذكر ال البيت ذكر التبرك وحينما ذكر التبرك ذكر اهل الصلاح والزهد واهل الله


    سلمت يمناك شيخ احمد وجزيت عنا كل خير فيما نقلت

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر - 21:09