المـدائح النبـــــوية
اصطلاحا: من فنون الشعر التى أذاعها التصوف.. فهى لون من ألوان التعبير عن العواطف الدينية.. وباب من الأدب الرفيع.. لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص(1).
وقد كان العرب متفرقين لا يجمعهم شمل.. ولا يخضعون لأمير واحد.. إلى أن جاء النبى e بدعوته إلى الإسلام فى قريش.. ودعا إلى وحدة العرب واتحادهم واجتماعهم تحت دين واحد.. وراية واحدة.. لينقذهم مما هم فيه من فوضى التفرق.. ودمار الحروب.. فهزت دعوته e قلوبهم.. وامتدت إلى الممالك المجاورة.. حتى إذا بلغها ما كان عليه الرسول e من تعلق بالحق، والوفاء، والقناعة، وعلو المرتبة.. فى البلاغة، والفصاحة، والبيان، والسياسة، ومن مكانة فى الشجاعة، وقيادة الجيوش.. هالها أمره .. وأذهلها خطره.. فانصرف بعضهم إليه.. وبعضهم عنه.. ووقف شعراء يتصدون للهجوم عليه.. كما وقف شعراء آخرون فى الدفاع عنه وامتداحه(2). وأكثر المدائح قيل بعد وفاة الرسول e .. إذ إن ما يقال فى حق الرسول بعد وفاته لا يسمى رثاء.. وإنما يسمى "مدحا" كأنهم لحظوا أن رسول الله e موصول الحياة.. وأنهم يخاطبونه.. كما يخاطبون الأحياء.
وقد كان هذا المديح أول الأمر يقتصر على امتداح خصاله وشمائله e ورسالته وهو حى.. فلما قضى انصرف الشعراء إلى الثناء عليه، وتعداد صفاته، والإشادة بالدين الإسلامى.. وهذا يعد من المدائح.. لأنه يتوجه به إلى النبى e كأنه موجود حى .. يناديه المادح ويناجيه.. فيسمعه ويلبيه.. ولأنه يحقق مبادئ هذا الفن من تمدح بشجاعته، واستحسان لأخلاقه ومزاياه، وإعجاب بصباحة وجهه.. فالقصائد التى قيلت بعد وفاته هى مديح.. وكان النابغة الجعدى من المادحين.. إذ مدح الرسول e فى قصيدة طويلة فقال:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى..
ويتلو كتابا كالمجرة نيرا
كما مدحه الأعشى بداليته.. ولكن قريشا صرفته عن لقاء النبى e فانصرف وبقيت قصيدته.. وجاء كعب بن زهير ومدح النبى e فى قصيدته المشهورة فقال(3):
أنبئت أن رسول الله أوعدنى..
والعفو عند رسول الله مأمول
وكان حسان بن ثابت شاعر النبى e حقا.. حيث امتدحه لصفاته النبيلة.. وفى ديوانه نماذج كثيرة للمدح النبوى(4). وسار كثير من الشعراء على نهج حسان مستمرين عليه حتى جاء القرن السابع الهجرى، فوضع محمد بن سعيد البوصيرى عددا من القصائد فى مدح النبى e وأطال فيها.. وقصيدته "البردة" مشهورة فى جميع الأقطار الإسلامية.. رتلتها فى مناسباتها الدينية، وتولتها المطابع فى الشرق والغرب وشرحها الشارحون شروحا عدة(5). ولم يقف الأمر عند حد الشرح.. بل تعداه إلى أن شطروها، وخمسوها، وسبعوها، وعارضوها على مر العصور.
وفى العصر الحديث كانت قصيدة البارودى "كشف الغمة فى مدح سيد الأمة" بداية لمرحلة جديدة فى فن المدائح.. إذ رسمت الطريق لعدد من الشعراء تابعوا المسيرة المدحية لخير البرية.. وكان أحمد شوقى من أبرزهم فى هذا المجال(6).
وقد نظم الشاعر محمد عبد الغنى حسن ديوانا كاملا فى المديح النبوى سماه "من وحى النبوة" وكذلك فعل "مختار الوكيل" فى ديوانه "على باب طه ".
ففن المدائح النبوية لون من الأدب العالى، لم ينقطع فى الشعر العربى منذ حسان بن ثابت ورفاقه- إلى الآن(7).
أ. د/ صفوت زيد
المراجع
1- المدائح النبوية فى الأدب العربى، د. زكى مبارك 17- دار الكتاب العربى للطباعة والنشر- القاهرة- بدون تاريخ.
2- المديح، د. سامى الدهان، 71- 72- دار المعارف، طبعة خامسة.
3- السابق 73- 74.
4- انظر: شرح ديوان حسان بن ثابت، ضبط وتصحيح: عبد الرحمن البرقوقى- دار الأندلس، بيروت، بدون تاريخ.
5- انظر ديوان البوصيرى، تحقيق: محمد كيلانى، 49- 77 ، مطبعة عيسى البابى الحلبى، ط ثانية، 1973 م، وشرح البردة، للشيخ/ إبراهيم الباجورى- تحقيق وضبط وتعليق: عبد الرحمن حسن محمود، مكتبة الآداب.
6- الشوقيات 1/32- 39- 63- 67- 150- 0 16، دار الكتب العلمية، بيروت- ط أولى، 1985 م.
7- المديح 83.
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر