من كتاب الغنية لسيدي عبد القادر الجيلاني (قدس الله سره)
[B][size=18]قال الله عز وجل (( حم و الكتاب المبين إنا أنزلنا في ليلة مباركة )) قال ابن عباس رضي الله عنهما حم يعنى قضى الله ما هو كائن إلى يوم القيامة والكتاب المبين يعني القرآن إنا أنزلنا يعني القرآن في ليلة مباركة هي ليلة النصف من شعبان وهى ليلة (( البراءة )) وقال ذلك أكثر المفسرين سوي عكرمة فإنه قال هي ليلة القدر
قد سمي الله تعالى شيئا كثيراً في القرآن مباركاً
منها سمى القرآن مباركاً قال وهذا ذكر مبارك أنزلنا من بركته أن من قرأه وآمن به اهتدى وتخلص من النار وتمطى حتى يتعدى ذلك إلى الآباء والأبناءقال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن نظراً في المصحف خفف الله عز وجل عن أبويه العذاب وإن كانا كافرين
ومنها أنه عز وجل سمى الماء مباركاً قال (( وأنزلنا من السماء ماء مباركا )) فمن بركته إن حياة الأشياء به كما قال الله عز وجل (( وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون)) وقيل فيه عشرة لطائف الرقة اللين والقوة واللطافة والصفاء والحركة والرطوبة والبرودة والتواضع والحياة وجعل الله تعالى هذه اللطائف في المؤمن اللبيب رقة القلب ولين الخلق وقوة الطاعة ولطافة النفس وصفاوة العمل والحركة في الخير والرطوبة في العين والبرودة في المعاصي والتواضع عند الخلق والحياة عند استماع الحق
ومنها أنه عز وجل سمى الزيتون مباركاً في قوله تعالى (( من شجرة مباركة زيتونة )) وهي أول شجرة أكل منها آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض وفيها طعام واستضاءة كما قال الله تعالى (( وصبغ للأكلين )) وقيل الشجرة المباركة هي ابراهيم عليه السلام وقيل هي القرآن وقيل هي الإيمان وقيل هي نفس المؤمن المطمئنة الأمارة بالخير الممتثلة للأمر المنتهية للنهي المسلمة للقدر الموافقة للرب فيما قضى وسطر
ومنها أنه عز وجل سمى عيسى عليه السلام مباركاً قال تعالى (( وجعلني مباركاً أينما كنت )) فمن بركته عليه السلام ظهور الثمر من النخلة اليابسة لأمه الصديقة مريم عليهما السلام ونبع الماء من تحته قال عز وجل (( فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك من تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلي واشربي وقري عيناً )) وابراء الأكمه والأبرص وأحياء الموتى بدعوته وغير ذلك من الخيرات والمعجزات
ومنها أنه عز وجل سمى الكعبة مباركاً قال عز وجل (( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً )) ومن بركتها أن من دخلها وعليه أثقال من الذنوب خرج مغفوراً له قال تعالى (( ومن دخله كان آمنا )) فمن دخل البيت وهو مؤمن ومحتسب تائب آمنه الله عذابه وقبل توبته وغفر له وقيل من دخله كان آمنا من أن يؤذى في الحرم حتى يخرج منه ولهذا يحرم قتل صيده وقطع شجره لحرمة الكعبة فحرمة الكعبة لحرمة الله وحرمة المسجد لحرمة الكعبة وحرمة مكة لحرمة المسجد وحرمة الحرم لحرمة مكة كما قيل إن الكعبة قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل مكة ومكة قبلة قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض وإنما سناها بكة لأن الأقدام يبك بعضها بعضاً أي يدفع ويدرأ وبكة ومكة واحد تدل احداهما بالأخرى ككمد وكبد ولازم ولازب
ومنها سمى ليلة البراءة مباركة لما فيها من نزول الرحمة والبركة والخير والعفو والغفران لأهل الأرض ومن ذلك أخبرنا الشيخ أبو نصر عن والده قال أخبرنا محمد قال أخبرنا عبد الله بن محمد أخبرنا اسماعيل بن عمر البجلي أخبرنا عمر بن موسى الوجهي عن زيد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ينزل الله في ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل مسلم إلا لمشرك أو مشاحن أو قاطع رحم أو امرأ متبغي في فرجها وأخبرنا أبو نصر عن والده بإسناده عن يحي بن سعيد عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت لما كانت ليلة النصف من شعبان أنسل النبي صلى الله عليه وسلم من مرطي ثم قالت والله ما كان مرطي من حرير ولا فزولا كتان ولا خز ولا صوف قال قلت لها سبحان الله فمن أي شئ كان قالت كان سداؤه من شعر وكانت لخمه من وبر و حسبت نفسى أن يكون صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض نسائه فقمت فالتمسته في البيت فوقعت يدى على قدميه هو ساجد فحفظت من دعائه صلى الله عليه وسلم وهو يقول ( سجد لك سوادي وخيالي وآمن بك فؤادي أبوء لك بالنعم وأعترف لك بالذنب ظملت نفسي فاغفر لي انه لا يغفر الذنوب إلا أنت أعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ برحمتك من نقمتك و أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك ضنك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) قالت فما زال صلى الله عليه وسلم قائماً وقاعداً حتى أصبح وقد أصعد ت قدماه وأنا أغمز هما وأقول بأبي أنت وأمى أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر أليس قد فعل الله بك أليس أليس قال صلى الله عليه وسلم يا عائشة أفلا أكون عبدا شكور أهل تدرين ما في هذه الليلة قالت قلت وما فيها قال فيها يكتب كل مولود في هذه السنة وفيها يكتب كل ميت وفيها تنزل أرزاقهم فيها ترفع أعمالهم وأفعالهم قلت يا رسول الله ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله قال صلى الله عليه وسلم ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله قلت ولا أنت قال صلى الله عليه وسلم ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه فسح يده على هامته على وجه
وأخبرني أبو نصر قال أنبأني والدي حدثنا محمد بن أحمد الحافظ أنبأنا عبد الله بن محمد أنبأنا أبو العباس الهروي وابراهيم ابن محمد بن الحسن قالا أخبرنا أبو عامر الدمشقي أنبأنا الوليد بن مسلم أخبرني هشام بن ألغاو سلمان بن مسلم وغيره عن مكحول عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة أية ليلة هي قالت الله ورسوله أعلم فقال ليلة النصف من شعبان فيها ترفع أعمال الدنيا وأعمال العباد ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعر غنم بني كلب فهل أنت أذنت لي الليل قالت قلت نعم فصلى فخفف القيام وقرأ الحمد وسورة خفيفة ثم سجد إلى شطر الليل ثم قام في الركعة الثانية فقرأ فيها نحوا من قراءة الأولى فكان سجوده إلى الفجر قالت عائشة رضي الله عنها وكنت أنظره حتى ظننت أن الله تعالى قد قبض رسوله صلى الله عليه وسلم فلما طال على دنوت منه حتى مسست أخص قدميه فتحرك فسمعته يقول في سجوده ( أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل ثناؤك لا أحصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) قلت يا رسول الله قد سمعتك تذكر في سجودك الليلة شيئا ما سمعتك تذكره قط قال صلى الله عليه وسلم وعلمت ذلك قلت نعم قال صلى الله عليه وسلم تعليمهن وعلميهن فان جبريل عليه السلام أمرني أن أذكرهن في السجود وأخبرني أبو نصر عن والده قال أنبأنا عبد الله بن محمد أنبأنا اسحق بن احمد الفارسي أنبأنا أحمد بن الصباح بن أبى شريح أنبأنا يزيد بن هرون حدثنا الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبى كثير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع رأسه إلى السماء فقال لي أكنت تخافين أن يحيف الله ورسوله عليك فقلت له يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك فقال صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى ينزل ليلة النص من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لا كثر من عدد شعر غنم بني كلب وعن عكرمة مولى ابن عباس رحمه الله ورضي عنهما في قول الله تعالى (( فيها يفرق كل أمر حكيم )) قال هي ليلة النصف من شعبان يدبر الله تعالى أمر السنة وينسخ الأحياء إلى الأموات ويكتب حاج بيت الله فلا يزيد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد
وقال حكيم بن كيسان يطلع الله تعالى إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فمن طهره في تلك الليلة زكاه إلى مثلها
وعن عطا بن يسار يعرض عمل السنة في ليلة النصف من شعبان فيخرج الرجل مسافر أو قد نسخ من الأحياء إلى الأموات ويتزوج وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات *
وأخبرني أبو نصر عن والده بإسناده عن مالك بن أنس عن هشام عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يسح الله الخير في أربع ليال سحا ليلة الأضحى وليلة الفطر وليلة نصف من شعبان ينسخ الله فيها الآجال والأرزاق ويكتب الحاج وليلة عرفة إلى الأذان *
قال سعيد وقال إبراهيم بن أبى نجيح خمس فيها ليلة الجمعة
وقال أبو هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال جاءني جبريل عليه السلام ليلة النصف شعبان وقال لي يا محمد ارفع رأسك إلى السماء قال قلت له ما هذه ا لليلة قال هذه ليلة يفتح الله سبحانه فيها ثلاث مائه باب من أبواب الرحمة يغفر لكل من لا يشرك به شيئاً إلا أن يكون ساحرا أو كاهنا أو مدمن خمر أو مصرا على الربا و الزنا فان هؤلاء لا يغفر لهم حتى يتوبوا فلما كان ربع الليل نزل جبريل عليه السلام وقال يا محمد ارفع رأسك فرفع رأسه فإذا أبواب الجنة مفتوحة وعلى الباب الأول ملك ينادى طوبى لمن ركع في هذه الليلة
وعلى الباب الثاني ملك ينادى طوبى لمن سجد في هذه الليلة
وعلى الباب الثالث ملك ينادى طوبى لمن دعا في هذه الليلة
وعلى الباب الرابع ملك ينادى طوبى للذاكرين في هذه الليلة
وعلى الباب الخامس ملك ينادى طوبى لمن بكى من خشية الله في هذه الليلة
وعلى الباب السادس ملك ينادى طوبى للمسلمين في هذه الليلة
وعلى الباب السابع ملك ينادى هل من سائل فيعطى سؤله
وعلى الباب الثامن ملك ينادى هل من مستغفر فيغفر له
فقلت يا جبريل إلى متى تكون هذه الأبواب مفتوحة قال إلى طاوع الفجر من أول الليل ثم قال يا محمد إن لله تعالى فيها عتقاء من النار بعد شعر غنم بني كلب
وقيل إنما سميت ليلة البراءة لان فيها براء تين براءة للأشقياء من الرحمن براءة للأولياء من الخذلان وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال إذا كانت ليلة النصف من شعبان
أطلع الله على خلقه إطلاعه فيغفر للمؤمنين ويمهل للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه *
قيل أن للملائكة ليلتي عيد في السماء كما أن للمسلمين يومي عيد الأرض فعيد الملائكة ليلة البراءة وليلة القدر وعيد المؤمنين يوم الفطر ويوم الأضحى وعيد الملائكة بالليل لأنهم لا ينامون وعيد المؤمنين بالنهار لأنهم ينامون
وقيل إن الحكمة في أن الله تعالى أظهر ليلة البراءة وأخفى ليلة القدر لأنها ليلة القدر ليلة الرحمة والغفران والعتق من النيران أخفاها الله عز وجل لئلا يتكلوا عليها وأظهر ليلة البراءة لأنها ليلة الحكم والقضاء وليلة السخط والرضا وليلة القبول والرد والوصول والسد ليلة السعادة والشقاء والكرامة والنقاء فواحد فيها يسعد والآخر فيها يبعد وواحد يجزي وواحد يخزي وواحد يكرم وآخر يحرم وواحد يؤجر وآخر يهجر فكم من كفن مغسول وصاحبه في السوق مشغول وكم من قبر محفور وصاحبه بالسرور مغرور وكم من فم ضاحك وهو عن قريب هالك وكم من منزل كمل بناؤه وصاحبه قد أزف فناؤه وكم من عبد يرجو الثواب فيبدو له العقاب وكم من عبد يرجو البشارة فتبدو له الخسارة وكم من عبد يرجو الجنان فيبدو له النيران وكم من عبد يرجو الوصل فيبدو له الفصل وكم من عبد يرجو العطاء فيبدو له البلاء وكم من عبد يرجو الملك فيبدو له الهلك
وقيل أن الحسن البصري رحمه الله كان يخرج من داره يوم النصف من شعبان وكان وجهه قد قبر ودفن ثم أخرج من قبره فقيل له في ذلك فقال والله ما الذي انكسرت سفينته بأعظم مصيبة مني قبل له ولم ذلك قال لأني من ذنوبي على يقين ومن حسناتي على وجل فلا أدري أتقبل منى أم ترد علي *
فأما الصلاة الواردة في ليلة النصف من شعبان فهي مائة ركعة بألف مرة قل هو الله أحد في كل ركعة عشر مرات وتسمى هذه الصلاة صلاة الخير وتتفرق بركتها وكان السلف الصالح يصلونها جماعة مجتمعين لها وفيها فضل كثير وثواب جزيل
وروى عن الحسن رحمة الله انه قال حدثني ثلاثون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة وقضي له بكل نظرة سبعين حاجه أدناها ليجوز بها المصلى هذه الكرامة وهذه الفضيلة والمثوبة
منقول
(فصل في ليلة البراءة وما خصت به من الرحمة والكرامة والفضائل)
[B][size=18]قال الله عز وجل (( حم و الكتاب المبين إنا أنزلنا في ليلة مباركة )) قال ابن عباس رضي الله عنهما حم يعنى قضى الله ما هو كائن إلى يوم القيامة والكتاب المبين يعني القرآن إنا أنزلنا يعني القرآن في ليلة مباركة هي ليلة النصف من شعبان وهى ليلة (( البراءة )) وقال ذلك أكثر المفسرين سوي عكرمة فإنه قال هي ليلة القدر
قد سمي الله تعالى شيئا كثيراً في القرآن مباركاً
منها سمى القرآن مباركاً قال وهذا ذكر مبارك أنزلنا من بركته أن من قرأه وآمن به اهتدى وتخلص من النار وتمطى حتى يتعدى ذلك إلى الآباء والأبناءقال النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن نظراً في المصحف خفف الله عز وجل عن أبويه العذاب وإن كانا كافرين
ومنها أنه عز وجل سمى الماء مباركاً قال (( وأنزلنا من السماء ماء مباركا )) فمن بركته إن حياة الأشياء به كما قال الله عز وجل (( وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون)) وقيل فيه عشرة لطائف الرقة اللين والقوة واللطافة والصفاء والحركة والرطوبة والبرودة والتواضع والحياة وجعل الله تعالى هذه اللطائف في المؤمن اللبيب رقة القلب ولين الخلق وقوة الطاعة ولطافة النفس وصفاوة العمل والحركة في الخير والرطوبة في العين والبرودة في المعاصي والتواضع عند الخلق والحياة عند استماع الحق
ومنها أنه عز وجل سمى الزيتون مباركاً في قوله تعالى (( من شجرة مباركة زيتونة )) وهي أول شجرة أكل منها آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض وفيها طعام واستضاءة كما قال الله تعالى (( وصبغ للأكلين )) وقيل الشجرة المباركة هي ابراهيم عليه السلام وقيل هي القرآن وقيل هي الإيمان وقيل هي نفس المؤمن المطمئنة الأمارة بالخير الممتثلة للأمر المنتهية للنهي المسلمة للقدر الموافقة للرب فيما قضى وسطر
ومنها أنه عز وجل سمى عيسى عليه السلام مباركاً قال تعالى (( وجعلني مباركاً أينما كنت )) فمن بركته عليه السلام ظهور الثمر من النخلة اليابسة لأمه الصديقة مريم عليهما السلام ونبع الماء من تحته قال عز وجل (( فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك من تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلي واشربي وقري عيناً )) وابراء الأكمه والأبرص وأحياء الموتى بدعوته وغير ذلك من الخيرات والمعجزات
ومنها أنه عز وجل سمى الكعبة مباركاً قال عز وجل (( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً )) ومن بركتها أن من دخلها وعليه أثقال من الذنوب خرج مغفوراً له قال تعالى (( ومن دخله كان آمنا )) فمن دخل البيت وهو مؤمن ومحتسب تائب آمنه الله عذابه وقبل توبته وغفر له وقيل من دخله كان آمنا من أن يؤذى في الحرم حتى يخرج منه ولهذا يحرم قتل صيده وقطع شجره لحرمة الكعبة فحرمة الكعبة لحرمة الله وحرمة المسجد لحرمة الكعبة وحرمة مكة لحرمة المسجد وحرمة الحرم لحرمة مكة كما قيل إن الكعبة قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل مكة ومكة قبلة قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض وإنما سناها بكة لأن الأقدام يبك بعضها بعضاً أي يدفع ويدرأ وبكة ومكة واحد تدل احداهما بالأخرى ككمد وكبد ولازم ولازب
ومنها سمى ليلة البراءة مباركة لما فيها من نزول الرحمة والبركة والخير والعفو والغفران لأهل الأرض ومن ذلك أخبرنا الشيخ أبو نصر عن والده قال أخبرنا محمد قال أخبرنا عبد الله بن محمد أخبرنا اسماعيل بن عمر البجلي أخبرنا عمر بن موسى الوجهي عن زيد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ينزل الله في ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لكل مسلم إلا لمشرك أو مشاحن أو قاطع رحم أو امرأ متبغي في فرجها وأخبرنا أبو نصر عن والده بإسناده عن يحي بن سعيد عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت لما كانت ليلة النصف من شعبان أنسل النبي صلى الله عليه وسلم من مرطي ثم قالت والله ما كان مرطي من حرير ولا فزولا كتان ولا خز ولا صوف قال قلت لها سبحان الله فمن أي شئ كان قالت كان سداؤه من شعر وكانت لخمه من وبر و حسبت نفسى أن يكون صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض نسائه فقمت فالتمسته في البيت فوقعت يدى على قدميه هو ساجد فحفظت من دعائه صلى الله عليه وسلم وهو يقول ( سجد لك سوادي وخيالي وآمن بك فؤادي أبوء لك بالنعم وأعترف لك بالذنب ظملت نفسي فاغفر لي انه لا يغفر الذنوب إلا أنت أعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ برحمتك من نقمتك و أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك ضنك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) قالت فما زال صلى الله عليه وسلم قائماً وقاعداً حتى أصبح وقد أصعد ت قدماه وأنا أغمز هما وأقول بأبي أنت وأمى أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر أليس قد فعل الله بك أليس أليس قال صلى الله عليه وسلم يا عائشة أفلا أكون عبدا شكور أهل تدرين ما في هذه الليلة قالت قلت وما فيها قال فيها يكتب كل مولود في هذه السنة وفيها يكتب كل ميت وفيها تنزل أرزاقهم فيها ترفع أعمالهم وأفعالهم قلت يا رسول الله ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله قال صلى الله عليه وسلم ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله قلت ولا أنت قال صلى الله عليه وسلم ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه فسح يده على هامته على وجه
وأخبرني أبو نصر قال أنبأني والدي حدثنا محمد بن أحمد الحافظ أنبأنا عبد الله بن محمد أنبأنا أبو العباس الهروي وابراهيم ابن محمد بن الحسن قالا أخبرنا أبو عامر الدمشقي أنبأنا الوليد بن مسلم أخبرني هشام بن ألغاو سلمان بن مسلم وغيره عن مكحول عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة أية ليلة هي قالت الله ورسوله أعلم فقال ليلة النصف من شعبان فيها ترفع أعمال الدنيا وأعمال العباد ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعر غنم بني كلب فهل أنت أذنت لي الليل قالت قلت نعم فصلى فخفف القيام وقرأ الحمد وسورة خفيفة ثم سجد إلى شطر الليل ثم قام في الركعة الثانية فقرأ فيها نحوا من قراءة الأولى فكان سجوده إلى الفجر قالت عائشة رضي الله عنها وكنت أنظره حتى ظننت أن الله تعالى قد قبض رسوله صلى الله عليه وسلم فلما طال على دنوت منه حتى مسست أخص قدميه فتحرك فسمعته يقول في سجوده ( أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل ثناؤك لا أحصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) قلت يا رسول الله قد سمعتك تذكر في سجودك الليلة شيئا ما سمعتك تذكره قط قال صلى الله عليه وسلم وعلمت ذلك قلت نعم قال صلى الله عليه وسلم تعليمهن وعلميهن فان جبريل عليه السلام أمرني أن أذكرهن في السجود وأخبرني أبو نصر عن والده قال أنبأنا عبد الله بن محمد أنبأنا اسحق بن احمد الفارسي أنبأنا أحمد بن الصباح بن أبى شريح أنبأنا يزيد بن هرون حدثنا الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبى كثير عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع رأسه إلى السماء فقال لي أكنت تخافين أن يحيف الله ورسوله عليك فقلت له يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك فقال صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى ينزل ليلة النص من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لا كثر من عدد شعر غنم بني كلب وعن عكرمة مولى ابن عباس رحمه الله ورضي عنهما في قول الله تعالى (( فيها يفرق كل أمر حكيم )) قال هي ليلة النصف من شعبان يدبر الله تعالى أمر السنة وينسخ الأحياء إلى الأموات ويكتب حاج بيت الله فلا يزيد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد
وقال حكيم بن كيسان يطلع الله تعالى إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فمن طهره في تلك الليلة زكاه إلى مثلها
وعن عطا بن يسار يعرض عمل السنة في ليلة النصف من شعبان فيخرج الرجل مسافر أو قد نسخ من الأحياء إلى الأموات ويتزوج وقد نسخ من الأحياء إلى الأموات *
وأخبرني أبو نصر عن والده بإسناده عن مالك بن أنس عن هشام عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يسح الله الخير في أربع ليال سحا ليلة الأضحى وليلة الفطر وليلة نصف من شعبان ينسخ الله فيها الآجال والأرزاق ويكتب الحاج وليلة عرفة إلى الأذان *
قال سعيد وقال إبراهيم بن أبى نجيح خمس فيها ليلة الجمعة
وقال أبو هريرة رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال جاءني جبريل عليه السلام ليلة النصف شعبان وقال لي يا محمد ارفع رأسك إلى السماء قال قلت له ما هذه ا لليلة قال هذه ليلة يفتح الله سبحانه فيها ثلاث مائه باب من أبواب الرحمة يغفر لكل من لا يشرك به شيئاً إلا أن يكون ساحرا أو كاهنا أو مدمن خمر أو مصرا على الربا و الزنا فان هؤلاء لا يغفر لهم حتى يتوبوا فلما كان ربع الليل نزل جبريل عليه السلام وقال يا محمد ارفع رأسك فرفع رأسه فإذا أبواب الجنة مفتوحة وعلى الباب الأول ملك ينادى طوبى لمن ركع في هذه الليلة
وعلى الباب الثاني ملك ينادى طوبى لمن سجد في هذه الليلة
وعلى الباب الثالث ملك ينادى طوبى لمن دعا في هذه الليلة
وعلى الباب الرابع ملك ينادى طوبى للذاكرين في هذه الليلة
وعلى الباب الخامس ملك ينادى طوبى لمن بكى من خشية الله في هذه الليلة
وعلى الباب السادس ملك ينادى طوبى للمسلمين في هذه الليلة
وعلى الباب السابع ملك ينادى هل من سائل فيعطى سؤله
وعلى الباب الثامن ملك ينادى هل من مستغفر فيغفر له
فقلت يا جبريل إلى متى تكون هذه الأبواب مفتوحة قال إلى طاوع الفجر من أول الليل ثم قال يا محمد إن لله تعالى فيها عتقاء من النار بعد شعر غنم بني كلب
(فصــــــــل)
وقيل إنما سميت ليلة البراءة لان فيها براء تين براءة للأشقياء من الرحمن براءة للأولياء من الخذلان وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال إذا كانت ليلة النصف من شعبان
أطلع الله على خلقه إطلاعه فيغفر للمؤمنين ويمهل للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه *
قيل أن للملائكة ليلتي عيد في السماء كما أن للمسلمين يومي عيد الأرض فعيد الملائكة ليلة البراءة وليلة القدر وعيد المؤمنين يوم الفطر ويوم الأضحى وعيد الملائكة بالليل لأنهم لا ينامون وعيد المؤمنين بالنهار لأنهم ينامون
وقيل إن الحكمة في أن الله تعالى أظهر ليلة البراءة وأخفى ليلة القدر لأنها ليلة القدر ليلة الرحمة والغفران والعتق من النيران أخفاها الله عز وجل لئلا يتكلوا عليها وأظهر ليلة البراءة لأنها ليلة الحكم والقضاء وليلة السخط والرضا وليلة القبول والرد والوصول والسد ليلة السعادة والشقاء والكرامة والنقاء فواحد فيها يسعد والآخر فيها يبعد وواحد يجزي وواحد يخزي وواحد يكرم وآخر يحرم وواحد يؤجر وآخر يهجر فكم من كفن مغسول وصاحبه في السوق مشغول وكم من قبر محفور وصاحبه بالسرور مغرور وكم من فم ضاحك وهو عن قريب هالك وكم من منزل كمل بناؤه وصاحبه قد أزف فناؤه وكم من عبد يرجو الثواب فيبدو له العقاب وكم من عبد يرجو البشارة فتبدو له الخسارة وكم من عبد يرجو الجنان فيبدو له النيران وكم من عبد يرجو الوصل فيبدو له الفصل وكم من عبد يرجو العطاء فيبدو له البلاء وكم من عبد يرجو الملك فيبدو له الهلك
وقيل أن الحسن البصري رحمه الله كان يخرج من داره يوم النصف من شعبان وكان وجهه قد قبر ودفن ثم أخرج من قبره فقيل له في ذلك فقال والله ما الذي انكسرت سفينته بأعظم مصيبة مني قبل له ولم ذلك قال لأني من ذنوبي على يقين ومن حسناتي على وجل فلا أدري أتقبل منى أم ترد علي *
(فصــــــــل)
فأما الصلاة الواردة في ليلة النصف من شعبان فهي مائة ركعة بألف مرة قل هو الله أحد في كل ركعة عشر مرات وتسمى هذه الصلاة صلاة الخير وتتفرق بركتها وكان السلف الصالح يصلونها جماعة مجتمعين لها وفيها فضل كثير وثواب جزيل
وروى عن الحسن رحمة الله انه قال حدثني ثلاثون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة وقضي له بكل نظرة سبعين حاجه أدناها ليجوز بها المصلى هذه الكرامة وهذه الفضيلة والمثوبة
منقول
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر