بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للَّه القديم فلا أول لوجوده، الدائم الكريم فلا آخر لبقائه ولا نهاية لجوده، الملك حقًا فلا تدرك العقول حقيقة كنهه، أحمده علي ما أولى من نعمه، وأصلي على رسوله محمد سيد العرب والعجم، المبعوث الى جميع الأمم، وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى ومصابيح الظُّلم، صلى الله عليه وسلم، وشرّف وكرّم وعظّم.
وبعد فهذه نبذة تحت عنوان:
نماذج من مراثي الشريف محمد الأمين الإدريسي
قبل تقديم هذه المراثي نقدم نبذة موجزة عن الشرفاء الأدارسة.
لقد عمل الأدارسة في مجال تركيز الحضارة الإسلامية، والعربية عملا يفوق كل ما قامت به دول الإسلام في المنطقة من قبلهم، ومن بعدهم، فقد نشروا الإسلام الصحيح، ومذهب أهل السنة في جميع المناطق الذي سيطروا عليها منذ وصول الإمام إدريس الأكبر إلى المغرب الأقصى، وقد بلغت دولة الأدارسة أوج عظمتها في عهد إدريس الثاني.
وقد خلف إدريس الأزهر من الأولاد الذكور اثني عشر ذكرا، هم: محمد، وعبد الله، وعيسى ، وأحمد، وجعفر، ويحي، والقاسم، وعمر ، وعلي، وداود، وحمزة؛حسب رواية صاحب روض القرطاس، وغيره، وزاد ابن حزم ولدين هما: الحسن والحسين.
وولي الأمر منهم من بعد إدريس الأزهر مباشرة المولى محمد بعهد منه، وهو أكبر إخوته.
وقد أنجب محمد على الراجح ثمانية أبناء هم : علي, واحمد، وإبراهيم, وعبد الله, وموسي, والقاسم , والمهدي , ويحيى.
ومن أبناء عبد الله بن محمد بن إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر: عامر الهامل الملقب أبا السباع فهو عامر بن احريز واسمه (أحمد) بن محرز واسمه (محمد) بن عبد الله بن إبراهيم بن إدريس بن محمد بن يوسف بن زيد بن عبد المنعم ابن عبد الواسع بن عبد الدائم بن عمر بن سعيد بن عبد الرحمان بن سالم بن عزوز بن عبد الكريم بن خالد بن سعيد بن عبد الله بن زيد بن رحمون بن زكريا بن عامر بن محمد بن عبد الحميد بن علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إدريس الأزهر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط.
ومن ذرية عامر الهامل الملقب أبا السباع: ادميس بن عبد الوهاب ابن عبد النعيم بن سيد أعماره بن إبراهيم بن أعمر بن الولي عامر الهامل الملقب أبا السباع.
ومن ذرية ادميس: عبد الودود بن عبد الوهاب بن لحبيب بن الحاج احمد بن الحاج امحمد بن الحاج بن ادميس. ومن ذرية عبد الودود: محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود.
(من كتاب: إماطة القناع، عن شرف أولاد أبي السباع،
لمؤلفه العلامة سدات ابن الشيخ المصطف الأبييري)
هو الشريف محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود بن عبد الوهاب بن حبيب بن الحاج أحمد بن الحاج امحمد بن الحاج بن ادميس بن عبد الوهاب بن عبد النعيم بن سيد أعماره بن إبراهيم بن أعمر بن الولي عامر الهامل الملقب أبا السباع...
وأمه: الشريفة مُنِّينَهْ بنت محمد بن المراكشي بن مسكهْ بن سيدي عبد الله بن الحاج امحمد الحاج أحمد بن الحاج امحمد بن الحاج بن ادميس بن عبد الوهاب ابن عبد النعيم بن سيد أعماره بن إبراهيم بن أعمر بن الولي عامر الهامل الملقب أبا السباع الإدريسي الحسني.
وأم منينه المذكورة: فاطمهْ العزيزة بنت البخاري بن مسكهْ بن سيد عبد الله بن الحاج امحمد بن الحاج أحمد الجد الجامع لأم محمد الأمين وأبيه.
وأم فاطمه العزيزة المذكورة: افَّيْطِمَّاتْ بنت شاشْ بن إبراهيم بن سيد عبد الله بن الحاج امحمد بن الحاج أحمد الجد الجامع.
وأم افيطمات بنت شاش المذكورة: اعزيزه بنت عبد الرحمن (الملقب بنانْ) بن أحمد بن محمد بن حبيب بن الحاج أحمد الجد الجامع وهو أيضا الجد الجامع لمحمد الامين المذكور معهن من الطرفين.قال الراجز:
* بِنْتُ مُحَمَّدٍ إِلَى الْمَرَّاكِشِي ... مَنْ رَأْيُهُ فِي الْخَيْرِ غَيْرُ طَائِشِ *
* وَفَاطِمٌ لِعْزِيزَ لِلْـبُخَارِي ... تُنْمَى وَهِي جَدَّةُ ذِي الْفَخَارِ *
* مِنْ أَهْلِ مِسْكَهْ أُمُّهَا أُفَّيْطِمَّاتْ ... تُنْمَى لِشَاشٍ يَا لَهَا نِعْمَ الْفَتَاةْ *
* مِنْ أَهْلِ إِبْرَاهِيمَ أَزْكَى الشُّرَفَا ... بُنُوَّةً إِلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى *
ميلاده ونشأته: ولد الشريف محمد الأمين سنة 1337هـ/1918م بمدينة الجديدة المغربية (منطقة دكاله) التي تسكنها عدة قبائل من بينها مجموعات من السباعيين مثل(لمدادحه وغيرهم...).
وفي السادسة من عمره انتقل مع والده من المغرب إلى موريتانيا، وكان ذلك في سنة:1924م. وأقاما فيها مدة قصيرة، ومنها توجها تلقاء السينغال، للمتاجرة فيه، حيث ألقى والده رحمه الله عصا ترحاله بمدينة "اللوگ" التي افتتح بها متجرا، حيث بدأ فيها لابنه بدراسة القرآن العظيم ومبادئ علوم الشريعة كفروض العين، وفروض الكفاية من العلوم اللِّسانية.
وهكذا نشَّأه والده الطموح في هذه الفترة القصيرة على التدين المتفوق، والأخلاق الفاضلة، وحب العلم، وأهله، وعوده على فعل الخيرات، والمسارعة في تلبية رغبات المسلمين، ودربه على العطف على الفقراء، والمساكين، وعلى التواضع، والابتعاد عن الكبر، والعجب.
وبعد مضي فترة من الزمن، بعد رحيل والده إلى الرفيق الأعلى في اللوگ بالسنغال، نقل محمد الأمين مقر تجارته وإدارته إلى موريتانيا، واتخذ مدينة القوارب (روصو) مقرا رسميا لها، حيث طار صيته فيها، وشاع مجده، وانتشر، وعم فضله شتى الأصقاع الموريتانية وغيرها من الدول المجاورة، حتى ملأ الدنيا، وشغل الناس، وحرك تيار أياديه الجسام، وجاذبية فضائله العظام، شاعرية الشعراء، وأقلام الأدباء، وملك ألباب الجميع، ولم يكن لهم شغل سوى نظم مآثره الحميدة، وتدوين فضائله الجمة، حيث جمع ديوان مدحه في مجلد ضخم.
وفاته رحمه الله:
توفي الشريف محمد الأمين رحمه الله تعالى سنة 1371هـ/1951م، المعروف بعام سيل القوارب، تاركا وراءه عالما نادبا مؤبنا لاهجا بتلك المآثر الحسنة، والخصال الحميدة العالية، وقد كان عمره الذي لا يتجاوز 33 سنة، مليئا بالأعمال المثمرة الخالدة في جميع المجالات العلمية والأدبية والاقتصادية...
لقد كانت وفاة الشريف محمد الأمين فاجعة، وحدثا عظيما، هز مشاعر الجميع ممن عرفوه، أو سمعوا عنه، وبوفاته تحولت الملكات الشعرية، والعبقريات الأدبية، التي ظل شغلها الشاغل مدحه- وذكر فعاله الحميدة والإشادة بخصاله الفريدة نظما ونثرا- إلى حوك المراثي بكل ألوانها.
وقد تشرفت مدينة القوارب (روصو) وخصوصا مقبرتها المعروفة بإيوائها لضريحه الطاهر، ومنذ ذلك اليوم استنار أفقها وازدهرت أجواؤها بوجود قبر هذا الشريف فأصبحت مزارا لجميع الناس من مختلف الجهات والأجناس الذين يفدون من كل حدب وصوب للتوسل به وبالصالحين معه لقضاء حوائجهم.
وقد نوه العديد من الشعراء الذين رثوه بمقبرة القوارب ورددوها في أشعارهم، ومن ذلك قول أحدهم:
وقال آخر:
وقد أرخ أحد العلماء لوفاته بقوله:
***
* كَانَ الْقَوَارِبُ بُقْعَةً مَبْغُوضَةً ... فَغَدَتْ بِه مُحْبَوبَةَ الْعُمْرَانِ *
* وَلَقَدْ كَفَاهَا الْيَوْمَ فَخْرًا أَنَّهَا ... خُصَّتْ بِهِ عَنْ سَائِرِ الْبُلْدَانِ *
وقد خلف من الأبناء ولدين وبنتا هم: أحمد سالم، محمد المصطفى، المامية، وقد كان هؤلاء الأبناء البررة خير خلف لخير سلف، عملا بمقتضى الحديث الشريف: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ». صحيح مسلم - (ج 8 / ص 405).
وقد كتب الأستاذ الأديب الكبير السيد/ محمد الحافظ بن أحمدو التندغي من حلة أربعين جوادا، رسالته الشهيرة التي عبر فيها عن إعجابه بما قام به ابنه الأكبر، في سبيل بر والديه وتأدية حقوقهم، والرسالة هي:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛
عَلَى الأَمِينِ أيَا عَيْنَ الْعُلَى جُودِي ... مَنْ لَيْسَ يَوْمًا لَهُ مِثْلٌ بِمَوْجُودِ
حَلَّ ابْنُ عَبْدِ الْوَدُودِ اللَّحْدَ مُلْتَحِفًا ... بِالْعِزِّ وَالْفَضْلِ وَالتَّقْوَى وَبِالْجُودِ
نَجْلُ الْفَتَى الْحَاجِ أحْمَدْ غُرَّةِ الشُّرَفَا ... أكَرِمْ بِهِ مِنْ حَمِيدِ السَّعْيِ مَحْمُودِ
فَمَنْ لِمُخْتَبِطٍ ضَاقَتْ مَذَاهِبُهُ ... عَافٍ غَرِيبٍ قَلِيلِ الزَّادِ مَزْؤُودِ
وَمَنْ لِمُسْنِتَةٍ عَجْفَا وَصِبْيَتِهَا ... وَمُدْنَفٍ مُنْحَنِى الْمَتْنَيْنِ مَفْؤُودِ
مَنْ لِلأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ إنْ جُهِدُوا ... وَمَنْ لِطَاِرقِ لَيْلٍ جَاءَ مَجْهُودِ
صَبْرًا فَنَوْمُ رَسُولِ اللهِ تَعْزِيَةٌ ... مَنْ هُوَّ سَلْوَتُنَا عَنْ كُلِّ مَوْدُودِ
يَا رَبِّ وَسِّعْ وَنَوِّرْ قَبْرَهُ وَبِهِ ... أنِّسْهُ يَا رَبِّ بِالرُّسْلِ الأَمَاجِيدِ
وَأزْلِفِ الْجَنَّةَ الْفَيْحَا لَهُ نُزُلاً ... وَاجْنُبْهُ رَوْعَاتِ مَرْهُوبِ الْمَنَاكِيدِ
وَأوْلِهِ نِعْمَةَ الْبَارِي وَرُؤْيَتَهُ ... وَالْفَوْزَ وَالأَمْنَ فِي تِلْكَ الْمَشَاهِيدِ
جَادَ الأَمِينَ مِنَ الرِّضْوَانِ مُنْهَمِرٌ ... يَحْتَثُّ بِالْعَفْوِ تَهْتَانَ التَّجَاوِيدِ
وَاسْتَقْبَلَتْهُ أمَالِيدٌ مُنَعَّمَةٌ ... مِنْ خُرَّدِ الْجَنَّةِ الْحُورِ الرَّخَاوِيدِ
حَظِيرَةُ الْخُلْدِ مُمْسَاهُ وَمُصْبَحُهُ ... فِي ظِلِّ سِدْرٍ مِنَ الْفِرْدَوْسِ مَخْضُودِ
مِنْ قَرْقَرِيرِ حَمَامِ الرَّوْضِ أطْرَبَهُ ... شَادٍ بِطَلْحٍ عَلَى عَلْيَاءَ مَنْضُودِ
يُسْقَى مِنَ الْكَوْثَرِ الْفَيَّاضِ مُصْطَبَحًا ... مِنْهُ وَمُغْتَبَقًا مِنْ بِنْتِ عُنْقُودِ
لَنْ يُنْجِيَ الْمَرْءَ مِنْ آتِي مَنِيَّتِهِ ... رَكْضُ الْجِيَادِ وَنَصُّ الضُّمَّرِ الْقُودِ
يَا آلَ عَبْدِ الْوَدُودِ الصَّبْرَ وَاحْتَسِبُوا ... ذُخْرَ الْجَزَاءِ غَدًا فِي خَيْرِ مَفْقُودِ
وَاللهُ يُخْلِفُكُمْ خَيْرًا وَيَكْلَؤُكُمْ ... يَا هَامَةَ الشُّرَفَا الصِّيدِ الصَّنَادِيدِ
مَنْ أدْرَكُوا الْمَجْدَ إذْ ألْوَى بِسَادَتِهِ ... مُلْوِي تَغَايُرِ طِيَّاتٍ عَبَادِيدِ
نِعْمَ الثِّمَالُ لِمُعْتَرٍّ وَأرْمَلَةٍ ... شَعْثَاءَ حَاسِرَةِ الْخَدَّيْنِ وَالْجِيدِ
نِعْمَ الْكُمَاةُ أُبَاةُ الضَّيْمِ مَنْ وَسَمُوا ... غُرَّ الْمَعَالِي بِتَحْبِيرٍ وَتَنْجِيدِ
الْمُرْتَجَوْنَ إذَا مَا أزْمَةٌ أزَمَتْ ... فِي جَاحِمٍ رَضْفَةِ الرَّمْضَاءِ صَيْخُودِ
فِي السِّرِّمِنْ غُرِّ أبْنَاذِي السِّبَاعِ ذُرَى ... صُيّابَةِ الشُّرَفَا أهْلِ النَّدَى الصِّيدِ
دَامَتْ بُرُوجُ سُعُودِ الْيُمْنِ مَطْلَعَهُمْ ... وَحُقِّقَتْ لَهُمُ كُلُّ الْمَقَاصِيدِ
بِجَاهِ طَهَ صَلاَةُ اللهِ عَاطِرَةً ... عَلَيْهِ تُكْثِرُ فِي الْخَيْرَاتِ مَحْصُودِي
وَتَمْلأُ الْقَلْبَ إيمَانًا وَمَعْرِفَةً ... وَتَفْتَحُ الدَّهْرَ مِنْ أَغْلاَقِ مَوْصُودِ
وَآلِهِ وَالصِّحَابِ الْغُرِّ مَنْ قَعَدُوا ... دَأْبًا لأَعْدَاءِ دِينِي بِالْمَرَاصِيدِ
وبعد وفاة الشريف محمد الأمين، تفنن الأدباء والكتاب في مراثيه، وقد دونت مراثيه في أكثر من أربعمائة وخمسين صفحة. وقد شملت هذه المراثي جميع بحور الشعر العربي والشعبي، كما شملت جميع الحروف الابجدية.
وهنا نورد نماذج من هذه المراثي مرتبة حسب الحروف الأبجدية، مشيرين إلى أن كل حرف دونت فيه مجموعة من القصائد في مختلف البحور، إلا أننا هنا نورد نموذجا أو اثنين من كل حرف، ولمن أراد الإطلاع على الجميع أن يراجع كتاب المرحوم الأستاذ سداتي ابن الشيخ المصطفى الأبييري: إماطة القناع... المتقدم ذكره.
--- يتبع ---
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر