[size=21]التاريخ الوطنى لابناء
[center]محمد بك طه ابوزيد
عميد عموم الغربياب
نائب النوبة (1925 - 1938)
------------------------------------
[color=blue]المهندس حسين طه أبو زيد
المتهم بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء المصرى
اسماعيل صدقي
يسجل دفتر ذكريات مصر أن اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء الأشهر. كان صاحب ضربة قوية سددها في صدر الوطن. عندما استصدر مرسوماً ملكياً في نهاية اكتوبر 1930 بإلغاء الدستور وتم ابطال الحياة النيابية! وكان اسماعيل باشا صدقي قد نجح في خلق حالة عداء وكراهية بين الشعب المصري وبينه. أدت فيما بعد إلي احداث وحوادث خطيرة سجلها المؤرخ المصري في فصل صفحات الوطنية..
وتذكر هذه الصفحات من تاريخ مصر محاولة اغتيال اسماعيل صدقي باشا. خلال عودته بالقطار من الاسكندرية إلي القاهرة. والمحاولة سمع بها كثيرون. والمقصود بها شخصية سياسية كان لها دور في الأحداث. أياً كان هذا الدور. أما صاحب المحاولة وهو شاب مصري من أصل نوبي ، وقد كانت نهايته درامية مؤلمة ومثيرة.
صدرت مجلة اللطائف المصورة تحمل علي صدر عددها 812 عدة صور فوتوغرافية مثيرة عن المحاولة الفاشلة لاغتيال اسماعيل صدقي باشا في القطار. وقالت »اللطائف«: إنه لم يكن حديث الناس خاصتهم وعامتهم، في مجالسهم ومجتمعاتهم في الاسبوع المنصرم، إلا ذلك الحادث الغريب الذي وقع في صالون دولة رئيس الوزراء، أثناء قدوم دولته من الاسكندرية إلي مصر يوم الاثنين 25 أغسطس الماضي.
وتفصيل ذلك علي ما شاع وذاع. وروته الصحف اليومية أنه بعد تحرك القطار من محطة سيدي جابر. بنحو 12 دقيقة. رأي الصول محمد أفندي عيسي. أحد المرافقين لدولة رئيس الوزراء. رجلاًً بملابس سفرجي. واقفاً علي بعد نحو متر ونصف متر. من باب غرفة الجلوس في الصالون. فارتاب في أمره واستدعي الكونستابل »فليتشر« وكاشفه بظنونه.
وبينما هما يتفقان علي مراقبته خرج الصول حسين فخري من الغرفة التي كان دولة رئيس الوزراء ـ اسماعيل صدقي باشا ـ جالساً فيها مع معالي علي ماهر باشا وزير الحقانية. وطلب إلي ذلك السفرجي احضار الفطور لدولته.
وكرر الطلب عليه دون أن يتحرك. بل ظل واقفاً مبهوتاً. ينظر بعينيه نحو الغرفة التي جلس رئيس الوزراء ووزير الحقانية فيها. فازدادت ريبة الحراس فيه. واقتادوه إلي غرفة الأمتعة في مؤخرة الصالون. وفتشوه فوجدوا تحت ملابسه بلطة حادة. معلقة بخيط دقيق في عنقه!
فأبلغوا الخبر لدولة رئيس الوزراء. وكبل المقبوض عليه بالحديد. عند وصول القطار إلي محطة طنطا. وتولت النيابة التحقيق معه بعد وصول القطار إلي مصر.
ومضت »اللطائف المصورة« تصف صاحب محاولة اغتيال رئيس الوزراء قائلة: وقد تظاهر المقبوض عليه بالبله أولاً، ثم أجاب عن الأسئلة الموجهة اليه. فاتضح أن اسمه حسين محمد طه. وهو نجل صاحب العزة محمد بك طه أبو زيد. نائب الدر ً. وهو مستخدم بوظيفة مساعد رسام في قسم هندسة السكة الحديد.
وقد ادعي أنه تنكر بملابس سفرجي. ليستطيع السفر إلي مصر بدون تذكرة لنفاد النقود التي كانت معه. وأنه يحمل بلطة للدفاع عن نفسه!
وقد اتضح من التحقيق أنه اشتري البلطة يوم 16 أغسطس الماضي، من محل نيشان يعقوبيان بمصر بمبلغ 26 قرشاً. وقد شحذها جيداً حتي أصبحت حادة جداً.
وقد حققت النيابة مع مستخدمي استراحة السكة الحديد. التي كان يقيم فيها المتهم. وسألت كثيرين من زملائه في العمل. وقبضت علي أحدهم. وهو المهندس عبد الحميد أفندي درويش. الذي كان يعمل علي طريق السويس.
ولايزال الاثنان في السجن والتحقيق مستمر معهما. ولم يعلن شيء من نتائجه. يستدل منه علي وجود اتفاق جنائي. وظهور حقائق جديدة غير التي تقدم ذكرها.
وقد كان لاكتشاف هذا الرجل والقبض عليه. قبل أن ينفذ سوء نيته. ارتياح عام. وقد شمل جلالة الملك دولة الرئيس بعطفه. فأمر معالي كبير الأمناء بتهنئة دولته باسم جلالته.
وتلقي دولته رسائل التهنئة من المندوب السامي بالنيابة. وغيره من العظماء والكبراء !
في نفس العدد احتلت صورة المتهم حسين محمد طه صورتين كبيرتين علي الصفحة الأولي. والصورة الأولي كما كتبت تحتها »اللطائف«: صورة المتهم حسين محمد طه أبو زيد بين حراسه. أثناء نزوله من السيارة التي أقلته من سجن الأجانب إلي دار محكمة الاستئناف الأهلية بمصر للتحقيق معه. وقد كبلت يداه بالحديد. وتراه مرتدياًَ الجلابية البيضاء. التي كان متنكراً بها منذ القبض عليه في صالون حضرة صاحب الدولة اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء !
ونشرت »اللطائف« صورة لوالد المتهم قالت تحتها: »والد المتهم صاحب العزة محمد بك طه أبو زيد باشصراف مالية حكومة السودان. ونائب الدر. وقد اشتهر بين جميع عارفيه بطيبة أخلاقه. وهو من حزب الاتحاد.
وإلي جوار هاتين الصورتين نشرت صورة للمتهم قالت عنها »اللطائف«: المتهم حسين محمد طه بملابسه العادية. وهو نوبي أسمر اللون قوي البنية مفتول العضل. في الثامنة والعشرين من العمر. وتخرج مهندساً ميكانيكياً من كلية غوردن في السودان. واستخدم بالسكة الحديد السودانية. وتوصل إلي الحصول علي وظيفة مساعد رسام في هندسة السكة الحديد المصرية. براتب شهري قدره تسعة جنيهات !
ولم تكتف »اللطائف« المصورة بهذه الصور. بل أفردت صفحة أخري داخلية. نشرت فيها عدة صور من »مسرح الحادث«، وهو قطار رئيس الوزراء. أو العربة المخصصة لرئيس الوزراء اسماعيل صدقي باشا في القطار. فنشرت صورة »ممر صالون حضرة صاحب الدولة رئيس الوزراء. المؤدي إلي الغرفة التي كان دولته جالساً بها مع معالي علي ماهر باشا وزير الحقانية. ويري فراش الصالون واقفاً في المكان الذي شوهد المتهم حسين طه واقفاً فيه قبل ضبطه. وقد وقف بعده شخص آخر مشيراً بيمينه إلي غرفة الأمتعة التي فتش المتهم فيها.
ونشرت صورة أخري قالت عنها: غرفة الجلوس في صالون دولة رئيس الوزراء ويري محرر المجلة جالساً علي الفوتيل الذي كان دولته جالساً عليه. وصورة ثالثة للصول محمد عيسي »الذي كان أول من ارتاب في السفرجي المزيف حسين محمد طه ولفت الأنظار اليه«!
وعادت اللطائف لتنشر صورة ثانية لوالد المتهم قالت عنها: صورة أخري لحضرة محمد بك طه ابوزيد. تمثله بأوسمته التي نالها جزاء خدماته الجليلة في حكومة السودان.
. وقد أرسل برقية إلي دولة رئيس الوزراء هنأه فيها بنجاته
وبعد أسبوع عادت اللطائف المصورة لتكشف الجانب الخفي في حياة بطل محاولة اغتيال رئيس وزراء مصر وقالت: ان حياة حسين طه الرجل المقبوض عليه. كانت عبارة عن سلسلة غرائب من أشقائه الستة عامة. وصابر وصالح خاصة وكانت سبباً لمتاعب ومصاعب عاناها والدهم صاحب العزة محمد بك طه. صراف الحملة المصرية لفتح السودان. ثم رئيس صيارفة السودان. ونائب الدر في مجلس النواب
وحسين طه هو رابع إخوته. ولد عام 1902 ويذكر والده موعد ميلاده بالضبط. بسبب حادث تاريخي. وهو وجود الخديو السابق عباس باشا حلمي في الخرطوم في زيارة وقتها.
وقد نشأ حسين طه قوي العضلات. متين البنية. وكان يتباهي بقوته. ولم يكن يكف عن تجربة عضلاته في معاملة الذين اختلط بهم خصوصاً الذين زاملوه في مدة التعليم. ولم يكن يمضي يوم من غير أن تقدم في حقه لوالده شكوي من سوء معاملته وقسوته.
ولم يكن من السهل علي ناظر كلية غوردن معاقبته لشدة عناده. وكم كانت مهمة تأديبه شاقة علي والده محمد بك طه. ومع أن حسين طه وسط إخوته في السن. إلا أنه كان صاحب نفوذ عليهم وكلمته مسموعة بينهم. في تدبير معاكسات لوالدهم من أجل أسباب عائلية. ويرجع السبب فيما كان له من كلمة مسموعة بين إخوته. إلي نبوغه الفائق خصوصاً في التصوير ـ الرسم ـ وكان يقضي كل وقته في الكلية في رسم كل ما تقع عليه عينه. وشهد له القانون بالأمر في الكلية بهذا النبوغ. فألحقوه بقسم الهندسة.
وكان ذا نزعة وطنية قويت فيه لوجودها عند شقيقيه الكبيرين صابر وصالح اللذين اتفقا مع بعض الشبان علي السفر إلي طرابلس. للانخراط في سلك الجيش العثماني ضد الايطاليين. وعولوا علي تنفيذ هذا الاتفاق بالخروج متنكرين من الخرطوم في ثياب متسولين. وخرجوا من المدينة تحت جنح الليل. ولما ظهر اختفاؤهم أبلغ أهلوهم الأمر إلي رجال البوليس. فصدر الأمر بالبحث عنهم في كل مكان. وبعد سير ثلاثة أيام من الخرطوم أرادوا ركوب القطار. فلقيهم أحد الموظفين وازداد دهشة من ارتدائهم الملابس الرثة. وزعموا أنهم ذاهبون في رحلة علمية. لكنه ارتاب فيهم. وحجزهم البوليس وتسلمتهم قوة من الخرطوم وعادت بهم إلي أهلهم.
وقد التحق حسين طه بخدمة الحكومة في السودان. لكن لما قامت مظاهرات عام 1924 كان من طليعة المتظاهرين حاملاً الراية. وقد دفعت أسماء زعماء المظاهرات إلي السلطات في السودان. فرأت شطب اسم حسين طه من القائمة والصفح عنه. إكراماً لوالده الذي خدم السودان ربع قرن كاملة.
لكنه خطب بكلمات شديدة اللهجة ضد السلطات البريطانية في احدي الحفلات. ولم تشأ السلطات معاقبته مرة أخري. وتم نقله إلي بورسودان من أجل خاطر والده. لكنه بعد أن أقام في بلدته الأهلية »كروسكو«. جاء إلي مصر.
وتصف »اللطائف« المصورة قصة لقاء حسين طه بوالده في القاهرة فتقول: ذهب علي اثر وصوله إلي القاهرة ثم فندق بريستول الذي يقيم به والده. ولما تقابل الوالد والولد. لم يكن هناك شو أو سلام. بل عتاب وملام. إذ كان محمد بك طه قد أحيط علماً بكل ما حدث . تابع الرأي العام في مصر أخبار التحقيق مع حسين طه. لكن نهاية القصة المؤلمة استغرقت عامين. بعد أن أحيل إلي المحاكمة وصدر الحكم عليه بالسجن سبع سنوات.
وتم نقل حسين طه إلي سجن 5 قرة ميدان لتنفيذ الحكم.
لكن الذي حدث أنه تم وضعه في زنزانة مع السجناء العاديين من اللصوص والمجرمين.
وطالب حسين طه بأن تتم معاملته كسجين سياسي.
لكن أحداً لم يهتم بطلب السجين المتهم بمحاولة اغتيال رئيس وزراء مصر.
وأعلن حسين طه اضرابه عن الطعام حتي تتم معاملته كسجين سياسي.
ولم يتحرك أحد..
وساءت حالة حسين طه بعد أن استمر اضرابه عن الطعام أكثر من شهرين واسبوع !
وفي النهاية صدرت »اللطائف المصورة« يوم الاثنين 25 يناير 1932 وهي تحمل علي صفحتها الأولي صورة لحسين طه. وإلي جوارها خبر قصير: »حسين طه يموت في سجنه.. في منتصف الساعة الخامسة من مساء يوم 14 يناير الجاري. توفي في سجن قرة ميدان بمصر. السجين حسين محمد طه أبو زيد. المحكوم عليه بالسجن سبع سنوات في حادثة اتهامه بالشروع في قتل دولة رئيس الوزراء. لوجوده متنكراً في صالونه. يخفي تحت ملابسه بلطة حادة علي ما علم القراء في حينه«.
وقد كانت وفاته مسببة عن انقطاعه عن الطعام 68 يوماً لامتناع ادارة السجن عن اجابة طلبه. في معاملته معاملة استثنائية تختلف عن معاملة المسجونين العاديين. لأنه مسجون سياسي
بقلم : خليل صالح
رئيس نادي القبيلة الغربية
تم اعادة نشر هذا المقال بجريدة المصري اليوم العدد رقم 740 بتاريخ 23/06/2006 والعدد 747 بتاريخ 30/06/2006
الراسل
اخوكم د. مهندس /أسلام أبوزيد الغربى
حفيد طه بك أبوزيد
واشنطن / الولايات المتحدة
[center]محمد بك طه ابوزيد
عميد عموم الغربياب
نائب النوبة (1925 - 1938)
------------------------------------
[color=blue]المهندس حسين طه أبو زيد
المتهم بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء المصرى
اسماعيل صدقي
يسجل دفتر ذكريات مصر أن اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء الأشهر. كان صاحب ضربة قوية سددها في صدر الوطن. عندما استصدر مرسوماً ملكياً في نهاية اكتوبر 1930 بإلغاء الدستور وتم ابطال الحياة النيابية! وكان اسماعيل باشا صدقي قد نجح في خلق حالة عداء وكراهية بين الشعب المصري وبينه. أدت فيما بعد إلي احداث وحوادث خطيرة سجلها المؤرخ المصري في فصل صفحات الوطنية..
وتذكر هذه الصفحات من تاريخ مصر محاولة اغتيال اسماعيل صدقي باشا. خلال عودته بالقطار من الاسكندرية إلي القاهرة. والمحاولة سمع بها كثيرون. والمقصود بها شخصية سياسية كان لها دور في الأحداث. أياً كان هذا الدور. أما صاحب المحاولة وهو شاب مصري من أصل نوبي ، وقد كانت نهايته درامية مؤلمة ومثيرة.
صدرت مجلة اللطائف المصورة تحمل علي صدر عددها 812 عدة صور فوتوغرافية مثيرة عن المحاولة الفاشلة لاغتيال اسماعيل صدقي باشا في القطار. وقالت »اللطائف«: إنه لم يكن حديث الناس خاصتهم وعامتهم، في مجالسهم ومجتمعاتهم في الاسبوع المنصرم، إلا ذلك الحادث الغريب الذي وقع في صالون دولة رئيس الوزراء، أثناء قدوم دولته من الاسكندرية إلي مصر يوم الاثنين 25 أغسطس الماضي.
وتفصيل ذلك علي ما شاع وذاع. وروته الصحف اليومية أنه بعد تحرك القطار من محطة سيدي جابر. بنحو 12 دقيقة. رأي الصول محمد أفندي عيسي. أحد المرافقين لدولة رئيس الوزراء. رجلاًً بملابس سفرجي. واقفاً علي بعد نحو متر ونصف متر. من باب غرفة الجلوس في الصالون. فارتاب في أمره واستدعي الكونستابل »فليتشر« وكاشفه بظنونه.
وبينما هما يتفقان علي مراقبته خرج الصول حسين فخري من الغرفة التي كان دولة رئيس الوزراء ـ اسماعيل صدقي باشا ـ جالساً فيها مع معالي علي ماهر باشا وزير الحقانية. وطلب إلي ذلك السفرجي احضار الفطور لدولته.
وكرر الطلب عليه دون أن يتحرك. بل ظل واقفاً مبهوتاً. ينظر بعينيه نحو الغرفة التي جلس رئيس الوزراء ووزير الحقانية فيها. فازدادت ريبة الحراس فيه. واقتادوه إلي غرفة الأمتعة في مؤخرة الصالون. وفتشوه فوجدوا تحت ملابسه بلطة حادة. معلقة بخيط دقيق في عنقه!
فأبلغوا الخبر لدولة رئيس الوزراء. وكبل المقبوض عليه بالحديد. عند وصول القطار إلي محطة طنطا. وتولت النيابة التحقيق معه بعد وصول القطار إلي مصر.
ومضت »اللطائف المصورة« تصف صاحب محاولة اغتيال رئيس الوزراء قائلة: وقد تظاهر المقبوض عليه بالبله أولاً، ثم أجاب عن الأسئلة الموجهة اليه. فاتضح أن اسمه حسين محمد طه. وهو نجل صاحب العزة محمد بك طه أبو زيد. نائب الدر ً. وهو مستخدم بوظيفة مساعد رسام في قسم هندسة السكة الحديد.
وقد ادعي أنه تنكر بملابس سفرجي. ليستطيع السفر إلي مصر بدون تذكرة لنفاد النقود التي كانت معه. وأنه يحمل بلطة للدفاع عن نفسه!
وقد اتضح من التحقيق أنه اشتري البلطة يوم 16 أغسطس الماضي، من محل نيشان يعقوبيان بمصر بمبلغ 26 قرشاً. وقد شحذها جيداً حتي أصبحت حادة جداً.
وقد حققت النيابة مع مستخدمي استراحة السكة الحديد. التي كان يقيم فيها المتهم. وسألت كثيرين من زملائه في العمل. وقبضت علي أحدهم. وهو المهندس عبد الحميد أفندي درويش. الذي كان يعمل علي طريق السويس.
ولايزال الاثنان في السجن والتحقيق مستمر معهما. ولم يعلن شيء من نتائجه. يستدل منه علي وجود اتفاق جنائي. وظهور حقائق جديدة غير التي تقدم ذكرها.
وقد كان لاكتشاف هذا الرجل والقبض عليه. قبل أن ينفذ سوء نيته. ارتياح عام. وقد شمل جلالة الملك دولة الرئيس بعطفه. فأمر معالي كبير الأمناء بتهنئة دولته باسم جلالته.
وتلقي دولته رسائل التهنئة من المندوب السامي بالنيابة. وغيره من العظماء والكبراء !
في نفس العدد احتلت صورة المتهم حسين محمد طه صورتين كبيرتين علي الصفحة الأولي. والصورة الأولي كما كتبت تحتها »اللطائف«: صورة المتهم حسين محمد طه أبو زيد بين حراسه. أثناء نزوله من السيارة التي أقلته من سجن الأجانب إلي دار محكمة الاستئناف الأهلية بمصر للتحقيق معه. وقد كبلت يداه بالحديد. وتراه مرتدياًَ الجلابية البيضاء. التي كان متنكراً بها منذ القبض عليه في صالون حضرة صاحب الدولة اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء !
ونشرت »اللطائف« صورة لوالد المتهم قالت تحتها: »والد المتهم صاحب العزة محمد بك طه أبو زيد باشصراف مالية حكومة السودان. ونائب الدر. وقد اشتهر بين جميع عارفيه بطيبة أخلاقه. وهو من حزب الاتحاد.
وإلي جوار هاتين الصورتين نشرت صورة للمتهم قالت عنها »اللطائف«: المتهم حسين محمد طه بملابسه العادية. وهو نوبي أسمر اللون قوي البنية مفتول العضل. في الثامنة والعشرين من العمر. وتخرج مهندساً ميكانيكياً من كلية غوردن في السودان. واستخدم بالسكة الحديد السودانية. وتوصل إلي الحصول علي وظيفة مساعد رسام في هندسة السكة الحديد المصرية. براتب شهري قدره تسعة جنيهات !
ولم تكتف »اللطائف« المصورة بهذه الصور. بل أفردت صفحة أخري داخلية. نشرت فيها عدة صور من »مسرح الحادث«، وهو قطار رئيس الوزراء. أو العربة المخصصة لرئيس الوزراء اسماعيل صدقي باشا في القطار. فنشرت صورة »ممر صالون حضرة صاحب الدولة رئيس الوزراء. المؤدي إلي الغرفة التي كان دولته جالساً بها مع معالي علي ماهر باشا وزير الحقانية. ويري فراش الصالون واقفاً في المكان الذي شوهد المتهم حسين طه واقفاً فيه قبل ضبطه. وقد وقف بعده شخص آخر مشيراً بيمينه إلي غرفة الأمتعة التي فتش المتهم فيها.
ونشرت صورة أخري قالت عنها: غرفة الجلوس في صالون دولة رئيس الوزراء ويري محرر المجلة جالساً علي الفوتيل الذي كان دولته جالساً عليه. وصورة ثالثة للصول محمد عيسي »الذي كان أول من ارتاب في السفرجي المزيف حسين محمد طه ولفت الأنظار اليه«!
وعادت اللطائف لتنشر صورة ثانية لوالد المتهم قالت عنها: صورة أخري لحضرة محمد بك طه ابوزيد. تمثله بأوسمته التي نالها جزاء خدماته الجليلة في حكومة السودان.
. وقد أرسل برقية إلي دولة رئيس الوزراء هنأه فيها بنجاته
وبعد أسبوع عادت اللطائف المصورة لتكشف الجانب الخفي في حياة بطل محاولة اغتيال رئيس وزراء مصر وقالت: ان حياة حسين طه الرجل المقبوض عليه. كانت عبارة عن سلسلة غرائب من أشقائه الستة عامة. وصابر وصالح خاصة وكانت سبباً لمتاعب ومصاعب عاناها والدهم صاحب العزة محمد بك طه. صراف الحملة المصرية لفتح السودان. ثم رئيس صيارفة السودان. ونائب الدر في مجلس النواب
وحسين طه هو رابع إخوته. ولد عام 1902 ويذكر والده موعد ميلاده بالضبط. بسبب حادث تاريخي. وهو وجود الخديو السابق عباس باشا حلمي في الخرطوم في زيارة وقتها.
وقد نشأ حسين طه قوي العضلات. متين البنية. وكان يتباهي بقوته. ولم يكن يكف عن تجربة عضلاته في معاملة الذين اختلط بهم خصوصاً الذين زاملوه في مدة التعليم. ولم يكن يمضي يوم من غير أن تقدم في حقه لوالده شكوي من سوء معاملته وقسوته.
ولم يكن من السهل علي ناظر كلية غوردن معاقبته لشدة عناده. وكم كانت مهمة تأديبه شاقة علي والده محمد بك طه. ومع أن حسين طه وسط إخوته في السن. إلا أنه كان صاحب نفوذ عليهم وكلمته مسموعة بينهم. في تدبير معاكسات لوالدهم من أجل أسباب عائلية. ويرجع السبب فيما كان له من كلمة مسموعة بين إخوته. إلي نبوغه الفائق خصوصاً في التصوير ـ الرسم ـ وكان يقضي كل وقته في الكلية في رسم كل ما تقع عليه عينه. وشهد له القانون بالأمر في الكلية بهذا النبوغ. فألحقوه بقسم الهندسة.
وكان ذا نزعة وطنية قويت فيه لوجودها عند شقيقيه الكبيرين صابر وصالح اللذين اتفقا مع بعض الشبان علي السفر إلي طرابلس. للانخراط في سلك الجيش العثماني ضد الايطاليين. وعولوا علي تنفيذ هذا الاتفاق بالخروج متنكرين من الخرطوم في ثياب متسولين. وخرجوا من المدينة تحت جنح الليل. ولما ظهر اختفاؤهم أبلغ أهلوهم الأمر إلي رجال البوليس. فصدر الأمر بالبحث عنهم في كل مكان. وبعد سير ثلاثة أيام من الخرطوم أرادوا ركوب القطار. فلقيهم أحد الموظفين وازداد دهشة من ارتدائهم الملابس الرثة. وزعموا أنهم ذاهبون في رحلة علمية. لكنه ارتاب فيهم. وحجزهم البوليس وتسلمتهم قوة من الخرطوم وعادت بهم إلي أهلهم.
وقد التحق حسين طه بخدمة الحكومة في السودان. لكن لما قامت مظاهرات عام 1924 كان من طليعة المتظاهرين حاملاً الراية. وقد دفعت أسماء زعماء المظاهرات إلي السلطات في السودان. فرأت شطب اسم حسين طه من القائمة والصفح عنه. إكراماً لوالده الذي خدم السودان ربع قرن كاملة.
لكنه خطب بكلمات شديدة اللهجة ضد السلطات البريطانية في احدي الحفلات. ولم تشأ السلطات معاقبته مرة أخري. وتم نقله إلي بورسودان من أجل خاطر والده. لكنه بعد أن أقام في بلدته الأهلية »كروسكو«. جاء إلي مصر.
وتصف »اللطائف« المصورة قصة لقاء حسين طه بوالده في القاهرة فتقول: ذهب علي اثر وصوله إلي القاهرة ثم فندق بريستول الذي يقيم به والده. ولما تقابل الوالد والولد. لم يكن هناك شو أو سلام. بل عتاب وملام. إذ كان محمد بك طه قد أحيط علماً بكل ما حدث . تابع الرأي العام في مصر أخبار التحقيق مع حسين طه. لكن نهاية القصة المؤلمة استغرقت عامين. بعد أن أحيل إلي المحاكمة وصدر الحكم عليه بالسجن سبع سنوات.
وتم نقل حسين طه إلي سجن 5 قرة ميدان لتنفيذ الحكم.
لكن الذي حدث أنه تم وضعه في زنزانة مع السجناء العاديين من اللصوص والمجرمين.
وطالب حسين طه بأن تتم معاملته كسجين سياسي.
لكن أحداً لم يهتم بطلب السجين المتهم بمحاولة اغتيال رئيس وزراء مصر.
وأعلن حسين طه اضرابه عن الطعام حتي تتم معاملته كسجين سياسي.
ولم يتحرك أحد..
وساءت حالة حسين طه بعد أن استمر اضرابه عن الطعام أكثر من شهرين واسبوع !
وفي النهاية صدرت »اللطائف المصورة« يوم الاثنين 25 يناير 1932 وهي تحمل علي صفحتها الأولي صورة لحسين طه. وإلي جوارها خبر قصير: »حسين طه يموت في سجنه.. في منتصف الساعة الخامسة من مساء يوم 14 يناير الجاري. توفي في سجن قرة ميدان بمصر. السجين حسين محمد طه أبو زيد. المحكوم عليه بالسجن سبع سنوات في حادثة اتهامه بالشروع في قتل دولة رئيس الوزراء. لوجوده متنكراً في صالونه. يخفي تحت ملابسه بلطة حادة علي ما علم القراء في حينه«.
وقد كانت وفاته مسببة عن انقطاعه عن الطعام 68 يوماً لامتناع ادارة السجن عن اجابة طلبه. في معاملته معاملة استثنائية تختلف عن معاملة المسجونين العاديين. لأنه مسجون سياسي
بقلم : خليل صالح
رئيس نادي القبيلة الغربية
تم اعادة نشر هذا المقال بجريدة المصري اليوم العدد رقم 740 بتاريخ 23/06/2006 والعدد 747 بتاريخ 30/06/2006
الراسل
اخوكم د. مهندس /أسلام أبوزيد الغربى
حفيد طه بك أبوزيد
واشنطن / الولايات المتحدة
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر