نبذة عن حياة الإدريسي الحسني
الشريف محمد الأمين ابن عبد الودود السباعي
هو الشريف محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود بن عبد الوهاب بن لحبيب بن الحاج أحمد بن الحاج امحمد بن الحاج بن ادميس بن عبد الوهاب ابن عبد النعيم بن سيد أعماره بن إبراهيم بن أعمر بن الولي عامر الهامل الملقب أبا السباع الإدريسي الحسني.
وأمه: الشريفة مُنِّينَهْ بنت محمد بن المراكشي بن مسكهْ بن سيدي عبد الله بن الحاج امحمد الحاج أحمد بن الحاج امحمد بن الحاج بن ادميس بن عبد الوهاب ابن عبد النعيم بن سيد أعماره بن إبراهيم بن أعمر بن الولي عامر الهامل الملقب أبا السباع الإدريسي الحسني.
وأم منينه المذكورة: فاطمهْ العزيزة بنت البخاري بن مسكهْ بن سيد عبد الله بن الحاج امحمد بن الحاج أحمد الجد الجامع لأم محمد الأمين وأبيه.
وأم فاطمه العزيزة المذكورة: افَّيْطِمَّاتْ بنت شاشْ بن إبراهيم بن سيد عبد الله بن الحاج امحمد بن الحاج أحمد الجد الجامع.
وأم افيطمات بنت شاش المذكورة: اعزيزه بنت عبد الرحمن (الملقب بنانْ) بن أحمد بن محمد بن حبيب بن الحاج أحمد الجد الجامع وهو أيضا الجد الجامع لمحمد الامين المذكور معهن من الطرفين.قال الراجز:
* بِنْتُ مُحَمَّدٍ إِلَى الْمَرَّاكِشِي ... مَنْ رَأْيُهُ فِي الْخَيْرِ غَيْرُ طَائِشِ *
* وَفَاطِمٌ لِعْزِيزَ لِلْـبُخَارِي ... تُنْمَى وَهِي جَدَّةُ ذِي الْفَخَارِ *
* مِنْ أَهْلِ مِسْكَهْ أُمُّهَا أُفَّيْطِمَّاتْ ... تُنْمَى لِشَاشٍ يَا لَهَا نِعْمَ الْفَتَاةْ *
* مِنْ أَهْلِ إِبْرَاهِيمَ أَزْكَى الشُّرَفَا ... بُنُوَّةً إِلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى *
ميلاده ونشأته: ولد الشريف محمد الأمين سنة 1337هـ/1918م بمدينة الجديدة المغربية (منطقة دكاله) التي تسكنها عدة قبائل من بينها مجموعات من السباعيين مثل(لمدادحه وغيرهم...).
وفي السادسة من عمره انتقل مع والده من المغرب إلى موريتانيا، وكان ذلك في سنة:1924م. وأقاما فيها مدة قصيرة، ومنها توجها تلقاء السينغال، للمتاجرة فيه، حيث ألقى والده رحمه الله عصا ترحاله بمدينة "اللوك" التي افتتح بها متجرا، وحيث بدأ فيها دراسة القرآن لابنه الحبيب محمد الامين.
وبعد مرور تسع سنين من قدومهما من المغرب توفي والده سنة 1352هـ/1933م، أي عام تساقط النجوم، وفي هذه الفترة القصيرة، التي عاشها مع والده الحبيب درس فروض العين في الفقه المالكي، وفروض الكفاية من العلوم اللِّسانية، إلى جانب دراسته للقرآن العظيم الآنفة الذكر.
وهكذا نشَّأه والده الطموح في هذه الفترة القصيرة على التدين المتفوق، والأخلاق الفاضلة، وحب العلم، وأهله، وعوده على فعل الخيرات، والمسارعة في تلبية رغبات المسلمين، ودربه على العطف على الفقراء، والمساكين، وعلى التواضع، والابتعاد عن الكبر، والعجب.
ولم تشكل وفاة والده رحمه الله حجر عثرة في سبيل طموحه لتنفيذ ما يكمُن في شخصيته من عظمة دينية، وعلمية، وأخلاقية، وإباء، وكرم، وشهامة، مما ظهر للعيان لتوه مباشرة، وبرز في سلوكه المثالي، وأخلاقه الفاضلة، وعاش بعده محمد الأمين ثماني عشرة سنة وخلال هذه الفترة القصيرة سجل محمد الأمين شهرة وصيتا لم يعرفهما أحد في ذلك العصر وقد مارس التجارة الثابتة والمتنقلة في كل من السنغال موريتانيا والمغرب والجزائر وشارك في المواسم التجارية التي كانت تقام آنذاك وتسمى (آمُكَّارْ) ، وقد التقى بكثير من المشاهير والزعماء في عصره مما أعطاه شهرة واسعة. وإلى جانب التجارة مارس التنمية الحيوانية وانتجاع المراعي في جميع أنحاء موريتانيا وخاصة إينشيري وتيجريت وتيرس وضواحي ولاية اترارز، متنقلا بين الجنوب والشمال. وما لبث أن أصبح تاجرا كبيرا، وسيدا فاضلا، وجوادا كريما منفقا في سبيل الله تعالى، وبعد مضي عشر سنوات نقل مقر تجارته وإدارته إلى موريتانيا، واتخذ مدينة القوارب (روصو) مقرا رسميا لها، حيث طار صيته فيها، وشاع مجده، وانتشر، وعم فضله في شتى الأصقاع الموريتانية الغربية، والشمالية، والجنوبية، وامتد إلى بلاد المغرب، حتى ملأ الدنيا، وشغل قلوب الناس، وأسر عقول الجميع، وجذب تيار أياديه الجسام، وجاذبية فضائله العظام شاعرية الشعراء، وأقلام الأدباء، وملك ألباب الجميع، ولم يكن للجميع شغل سوى نظم مآثره الحميدة، وتدوين فضائله الجمة، وحق لهم ذلك.
حكايات عجيبة تدل على طيب سجاياه وخلقه:
تؤثر عنه حكايات صحت أسانيدها، مدارها الصدق، والصلاح، والكرم والأخلاق الفاضلة، والنخوة، والوفاء بالعهد، والتحلي بالعطف على المساكين، وكلها عجيبة، وإن دلت على شيء فإنما تدل على الشهامة المطلبية، والأريحية الهاشمية، منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر:
أ- حدث ذات مرة أنه كان في بعض رحلاته التجارية بين غامبي، والسينغال صحبة بعض زملائه، ويرافقهم رجل من سكان ولاية الترارزه، وعرسوا ليلة بمكان من فيافي إقليم "غامبي" وأطلقوا مطاياهم ترعى، وفجأة جاءهم من أنذرهم بأن الجمارك الإنجليزيين في طلبهم، فما كان منهم إلا أن يهرعوا نحو مطيهم لإحضارها، وبعد إحضارها شرعوا في حمل الأمتعة، إلا الشريف محمد الأمين، فإنه رفض الارتحال قبل أن يحضر التروزي مطيته، التي تأخر إحضاره لها، وبعد عجز زملائه عن إقناعه بوجوب مغادرة مكان الخطر، ارتحلوا، وسلكوا سبيل النجاة، وبقي صاحبنا في انتظار رفيقهم، وبعد فترة من الزمن حضر الرجل ومطيته، فحملا أمتعتهما، وقفيا أثر رفاقهما، والتحقا بهم، فألفياهم في مكان آمن من الطلب، وأدركاهم قبل أن يبدأوا في تحضير الشاي، فنجا الجميع من فرقة الجمارك التي كانت تبحث عنهم، وفاز صاحبنا بالوفاء بالعهد، وحفظ ذمام المرافقة، والشجاعة، وقوة الثقة بالله والتوكل عليه.
ب- كان ذات مرة في إحدى رحلاته التجارية بين أطار، واكليميم، وتيندوف، صحبة رفيقه الأمين، وصديقه الحميم، محمد الحافظ بن بزيد الترجمان الشهير بن "لاَلَّيَّ" اليعقوبي، وشاء الله تعالى أن يبيع محمد الحافظ اليعقوبي بضاعته قبله، وعاد إلى أطار، وبقي الشريف محمد الأمين ينتظر بيع بقية بضائعه، وأرسل معه مبلغ عشرين ألف أوقية ورقية، لفه في خرقة،ثم خبأها في خف، وشاء الله تعالى أن يتوفى زميله محمد الحافظ قبل أن يعود محمد الأمين من المغرب، وبعد عودته منه وتقديم التعازي الحارة لذوي الفقيد، سأل عن الأمانة التي سبق أن أرسلها مع زميله الراحل؛ ولما سئل عن البينة عليها ذكر أمارة ما أودعاها فيه ففتش متاع الفقيد فألفيت فيه كما ذكرها.
هذه الحادثة تمثل صدقه، وأمانته، ووفاؤه، وأمانة صديقه الراحل الذي يرثيه الشاعر الشعبي ممن كانت تربطه به صداقة وطيدة بقوله:
* "نَشْهَـدْ بِيـهَا وَالْحَـكْ زَيْنْ ... يَانَ بَعْـدَ الَّ نَـــافَظْ *
* مِـنْ لَحْبَـابَ الْمَتْعَدْلِــينْ ... عَاكَبْ مُحَمْـدَ الْحَافَظْ" *
* مَـحَـدُّ حَـيْ أَلاَّ اصْلِيـحْ ... وُالْخَاسِـرْ مِـنُّ مَا إِطِيحْ *
* أُكْبَـلْ يَعْـطِ شِ مَـا إِرِيـحْ ... وُالْمَالْ الْعِـرْضُ حَافِـظْ *
* مَـا يَعْـطِ مَـاهُ شِي امْلِيـحْ ... اسْغِيـرْ السِّـنْ أُحَافِـظْ *
ج- حدث ذات ليلة أنه أناخ راحلته أمام خباء أسرة من سكان البدو، ولم تعبأ به، بل صرح أهلها بعدم استقباله، فتنحى عنها غير بعيد، ونزل بكنف شجرة، وأناخ مطيته، وبسط فراشه، وكان الفصل فصل الشتاء، لكنه كان مزودا بأنواع الزاد الممتاز، الكافئ بما في ذلك الماء، ومعه كساء مغربية ممتازة، فقضى أمام تلك الشجرة ليلة مريحة، وهادئة، لم يزعج أحدا ولم يلحقه من طرفه ضرر.
وفي الصباح الباكر استيقظ رب ذلك المنزل، فألفى ثلاث بقرات ميتات كلهن حلوب، وما كان منه إلا أن يهرع مرتاعا هو وزوجته، التي أفزعها حادث هذا الانتقام الإلهي المفاجئ منهما، إلى الشريف، وطفقا يترضيانه، ويقبلان الأرض خنوعا من تحت قدميه، ويقدمان له اعتذارهما مما جرى تلك الليلة المشؤومة عليهما، فرد عليهما بأنه لم يفعل شيئا، ولم يقله ضدهما، وأنه لا حاجة له في الخلق، ثم أهدى لهما بعض السكر والشاي، وارتحل.
تفانيه في كسب الحسنات:
ومن مظاهر كرمه، وتفانيه في كسب الحسنات، ونيل المحامد، أنه كان ينصب خيمته الفسيحة في منتجعات "إينشيري" على حافة الطريق الرابط بين القوارب، واكجوجت وأطار، جاعلا منها مأوى للضيوف والمحتاجين وأبناء السبيل، القادمين من كل صوب، وفج، ومن انقطعت بهم السبل وقد وصف أحد الشعراء هذه الخيمة العربية المصنوعة من الوبر بقوله:
* بَعِيدَةُ مَا بَيْنَ الْجَنَاحَيْنِ فَخْمَـةٌ ... مُمَدَّدَةُ الأَطْنَابِ وَارِفَةُ الظِّـلِّ *
ومعلوم أن منطقة "إينشيري" غير آهلة بالسكان، ويعز في معظمها وجود الماء، وترتفع فيها درجة الحرارة في فصلي الصيف، والربيع، كما يشتد فيها البرد القارس، مما جعل الجواد الكريم محمد الأمين يختار منها حافة الطريق بحثا عمن يسعفه، أو يحسن إليه، كسبا لحسنات المعاد، وتخليدا لمآثر الأجداد، وحفظا لما تركوه من أمجاد، وتجديدا لعهود أولئك الأسياد، وكان هو وزوجه الشريفة الدرجالها بنت إبراهيم بن حمزه العزوزي طرفي رهان في جميع الفضائل فهي بحق كما وصفها الشاعر حين قال:
* كَرِيمَةُ أَصْلٍ مِنْ بَنِي عَمِّهِ الأُلَى ... لَهُمْ شَرَفٌ عَالٍ عَلَى غَيْرِهِمْ يُعْلِي *
وهذا ما جعل من هذه الأسرة الشريفة معقلا للمجد، والفضائل، همها الوحيد كسب المحامد، وديدنها السعي من أجل الحصول على خيري الدنيا والآخرة.
ويصدق على الشريف محمد الأمين في عنايته بالعلم، والعلماء، وزهده، وصبره، وشجاعته، إلى غير ذلك من الخصال الحميدة، قول الشاعر محمدو بن محمدي العلوي في الشرفاء السباعيين من قصيدة له:
**إِلَى حَيْثُ يُلْفَى الْعِلْمُ وَالْحِلْمُ وَالنَّدَى ... وَحَوْزُ الْمَعَالِي وَاجْتِنَابُ الْمَآثِمِ**
**إِلَى حَيْثُ تُلْفَى الْكُتْبُ شَتَّى مُعَدَّةً ... لِتَدْرِيسِ أَقْوَالِ الإِمَامِ ابْنِ قَاسِمِ**
**وَأَشْهَبَ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَزِيزَةٍ ... وَيُونَسَ وَابْنِ الْمَاجَشُونِ وَسَالِمِ**
إلى أن يقول:
وكما يقول الشيخ سيد محمد (سيدن) بن الشيخ سيديا:
**أَبُوهُ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي صِغَر ..ٍ. وَالْعِلْمَ فِي كِبَرٍ وَالدِّينَ وَالْوَرَعَا**
وهو في الزهد كما قال الشافعي:
**إِنَّ للهِ عِبَادًا فُطَنَا ... طَلَّقُوا الدُّنْيَا وَخَافُوا الْفِتَنَا**
**فَكَّرُوا فِيهَا فَلَمَّا عَلِمُوا ... أَنَّهَا لَيْسَتْ لِحَيٍّ وَطَنَا**
**جَعَلُوهَا لُجَّةً وَاتَّخَذُوا ... صَالِحَ الأَعْمَالِ فِيهَا سُفُنَا**
وهو في الصبر والقناعة متصف بقول الشاعر:
**الدَّهْرُ أَدَّبَنِي وَالصَّبْرُ رَبَّانِي ... وَالْقُوتُ أَقْنَعَنِي وَالْيَأْسُ أَغْنَانِي**
**وَحَنَّكَتْنِي مِنَ الأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ ... حَتَّى نَهَيْتُ الَّذِي قَدْ كَانَ يَنْهَانِي**
وقول الآخر:
**إِنِّي رَأَيْتُ الصَّبْرَ خَيْرَ مُعَوَّلٍ ... فِي النَّائِيَاتِ لِمَنْ أَرَادَ مُعَوَّلا**َ**وَرَأَيْتُ أَسْبَابَ الْقَنَاعَةِ أُكِّدَتْ ... بِعُرَى الْغِنَى فَجَعَلْتُهَا لِي مَعْقِلاَ**
**فَإِذَا نَبَا بِي مَنْزِلٌ جَاوَزْتُهُ ... وَجَعَلْتُ مِنْهُ غَيْرَهُ لِي مَنْزِلاَ**
**وَإِذَا غَلاَ شَيْءٌ عَلَيَّ تَرَكْتُهُ ... فَيَكُونُ أَرْخَصَ مَا يَكُونُ إِذَا غَلاَ**
وقول الآخر:
**لإِنْ صَبَرَتْ نَفْسِي لَقَدْ أُمِرَتْ بِهِ ... وَخَيْرُ عِبَادِ اللهِ مَنْ كَانَ أَصْبَرَا**
**وَكُنْتُ ابْنَ أَحْذَارٍ وَلَوْ كُنْتُ خَائِفًا ... لَكُنْتُ مِنَ الْعَصْمَاءِ فيِ الطَّوْدِ أَحْذَرَا**
وهو في شجاعته عند اللقاء، وكرمه عند العطاء، كما يقول سيدن بن الشيخ سيديا:
*فَبِهَذِهِ كَانَ الْقَضَاءُ مُسَلَّـطًا ... وَبِهَذِهِ كَانَ الْعَطَاءُ مُعَـوَّدَا*
........ يتبع .........
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر