+3
الامير اشرف ماضى
النورابى
محمود محمدى العجوانى
7 مشترك
الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 1
الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 2
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الرد الميسر على بطلان
التوسل (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا
هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[ آل عمران
: 102] . { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [
النساء : 1] . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً } [ الأحزاب : 70-71 ]
.أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة
وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخوة الإسلام
أولا لابد من معرفة
بعض الأمور
الأمر الأول :
العبادة
ماهى العبادة
؟
العبادة في اللغة : الذل
والخضوع ، يقال : بعير معبد ، أي : مذلل ، وطريق معبد : إذا كان مذللا قد وطئته
الأقدام .
وشرعا : هي اسم جامع لكل
ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
وهي تبنى على
ثلاثة أركان :
الأول : كمال الحب
للمعبود سبحانه ، كما قال تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }
(البقرة : 165) .
الثاني : كمال الرجاء ،
كما قال تعالى : { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } (الإسراء : 57) .
الثالث : كمال الخوف من
الله سبحانه ، كما قال تعالى : { وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } (الإسراء : 57) .
وقد جمع الله سبحانه بين
هذه الأركان الثلاثة العظيمة في فاتحة الكتاب في قوله سبحانه : { الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }{ مَالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ } ، فالآية الأولى فيها المحبة ؛ فإن الله منعم ، والمنعم يُحبُّ على قدر
إنعامه ، والآية الثانية فيها الرجاء ، فالمتصف بالرحمة ترجى رحمته ، والآية
الثالثة فيها الخوف ، فمالك الجزاء والحساب يخاف عذابه .
ولهذا قال تعالى عقب ذلك
: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، أي : أعبدك يا رب هذه الثلاث : بمحبتك التي دل عليها :
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، ورجائك الذي دل عليه : { الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ } ، وخوفك الذي دل عليه : { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } .
والعبادة لا
تقبل إلا بشرطين :
1 - الإخلاص فيها
للمعبود ؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الخالص لوجهه سبحانه ، قال تعالى : {
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } (البينة
: 5) ، وقَال تعالى : { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } (الزمر : 3) ، وقال
تعالى : { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي } (الزمر : 14) .
2 - المتابعة للرسول صلى
الله عليه وسلم ؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الموافق لهدي الرسول صلى الله
عليه وسلم ، قال الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } (الحشر : 7) ، وقَال تعالى : { فَلَا وَرَبِّكَ
لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (النساء :
65) .
وقوله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ
رَدٌّ (أي مردود عليه) . [1]
وقوله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ .[2]
فلا عبرة بالعمل ما لم
يكن خالصا لله صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الفضيل بن عياض
رحمه الله في قوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } (هود :
7 ، الملك : 2) : " أخلصه وأصوبه " ، قيل : يا أبا علي ، وما أخلصه
وأصوبه ؟ قال : " إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان
صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص ما كان لله ، والصواب
ما كان على السنة " [3]
ومن الآيات الجامعة
لهذين الشرطين قوله تعالى في آخر سورة الكهف : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ
يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } (الكهف : 110) .
الأمر الثانى :
أنه لا يجوز العدول عن سنة النبى صلى الله عليه وسلم لقول أى أحد كائنا من كان .
قال علي رضي الله عنه :]اعْرِفْ الرِّجَالَ بِالْحَقِّ وَلَا تَعْرِفْ الْحَقَّ بِالرِّجَالِ
واعرف الحق تعرف أهله ]
وما أحسن قول أرسطو لما
خالف أستاذه أفلاطون (( تخاصم الحق وأفلاطون وكلاهما صديق لي والحق أصدق منه))
وقال الشيخ أحمد زروق في
عمدة المريد الصادق ما نصه ((قال أبو إسحاق الشاطبي كل ما عمل به المتصوفة
المعبرون في هذا الشأن - يعني كالجنيد وأمثاله - لا يخلو إما أن يكون مما ثبت له
أصل في الشريعة فهم خلفاؤه كما أن السلف من الصحابة والتابعين خلفاء بذلك وإن لم
يكن له أصل في الشريعة فلا أعمل عليه لأن السنة حجة على جميع الأمة وليس عمل أحد
من الأمة حجة على السنة ولأن السنة معصومة عن الخطأ وصاحبها معصوم وسائر الأمة لم
تثبت لهم العصمة إلا مع إجماعهم خاصة وإذا أجمعوا تضمن إجماعهم دليلاً شرعياً
والصوفية والمجتهدون كغيرهم ممن لم يثبت لهم العصمة ويجوز عليهم الخطأ والنسيان
والمعصية كبيرها وصغيرها والبدعة محرمها ومكروهها ولذا قال العلماء كل كلام منه
مأخوذ ومنه متروك إلا ما كان من كلامه عليه الصلاة والسلام قال وقد قرر ذلك
القشيري رحمه الله تعالى أحسن تقرير فقال فإن قيل فهل يكون الولي معصوماً قيل أما
وجوباً كما يكون للأنبياء فلا وأما أن يكون محفوظاً حتى لا يصر على الذنوب وإن
حصلت منهيات أو زلات في أوقات فلا يمنع في وصفهم قال ولقد قيل للجنيد رحمه الله
((العارف يزني)) فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال ((وكان أمر الله قدراً مقدوراً ))
وقال فهذا كلام منصف فكما يجوز على غيرهم المعاصي بالابتداع وغير ذلك يجوز عليهم
البدع فالواجب علينا أن نعرض ما جاء عن الأئمة على الكتاب والسنة فما قبلاه قبلناه
وما لم يقبلاه تركناه .
الأمر الثالث
: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (( اتِّبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتُم ))
رواه الدارمي
وحدَّ الشاطبي للبدعة
الشرعية حداً ضبطها به ، فقال " هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد
بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه " . [4]
ثم شرح الحدّ ، وذكر في
شرحه أن قوله " في الدين " أخرج المبتدعات الدنيوية ، وقوله "
تضاهي الشرعية " أي تشابه الطريقة المشروعة من حيث إن المبتدع جعل لبدعته
رسوماً وهيئة واجتماعاً وخصها بخصائص كما للسنن الشرعية ، فمن أمثلة البدع التي
التزم أصحابها هيئة وكيفية معينة لم يرد بها الشرع : الذكر الجماعي بصوت واحد ،
واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً .
وعن محمد بن عجلان عن عبيدالله بن عمر أن عمر بن
الخطاب قال اتقوا الرأي في دينكم قال سحنون يعني البدع .
وعن ابن عجلان عن صدقة
بن أبي عبدالله أن عمر بن الخطاب كان يقول إن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم أن
يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها واستحيوا حين يسألوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا
السنن برأيهم فإياكم وإياهم .
عن عمرو بن حريث قال قال
عمر رضي الله عنه إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن
يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا .
قال أبو بكر بن أبي داود
في قصيدته في السنة
ودع عنك آراء الرجال
وقولهم *** فقول رسول الله أزكى وأشرح
وعن مسروق عن ابن مسعود
قال ليس عام إلا والذي بعده شر منه ولا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخصب من عام
ولا أمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم
فيهدم الإسلام ويثلم
وقال مالك بن أنس : قبض
رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد تم هذا الأمر واستكمل فإنما ينبغي أن نتبع آثار
رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا نتبع الرأي فإنه متى أتبع الرأي جاء رجل آخر
أقوى في الرأي منك فأتبعته فأنت كلما جاء رجل غلبك اتبعته أرى هذا لا يتم
وعن الأوزاعي قال عليك
بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول .
ومن أكبر مصائب هذا
الزمان هو تقديس الرجال ويكاد الكثيرين يعتقدون بعصمة عالم معين ، وهذا مما لا شك
فيه خطر كبير ،فأخذوا يتحاججون بقول فلان وفلان ولا يحاججونك بقال الله قال رسوله
والله المستعان فأقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها ، لذلك كله، وتسهيلاً لطالب
الحق، ولطالب العلم، وتبياناً للحق، وتنويراً لهؤلاء أعددنا هذه الرسالة المختصرة
حول خطورة التقليد .
فقد أمرنا الله تعالى
باتباع كتابه وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من القرآن ، فقال
تعالى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، وقال
تعالى : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } ، وقال تعالى : {
فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، وقال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ
تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ
يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ
الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } الآية .
وقد قال الله تعالى
حاكياً عن بعض المقلدين على الضلال :- { يوم تقلب وجوهم في النار يقولون يا ليتنا
أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا
السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً } ( ) .
فسوء عاقبة التقليد
الأعمى خطيرة للغاية
قال الله تعالى : { أم
آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا
على آثارهم مهتدون *
وكذلك ما أرسلنا من قبلك
في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا على آثارهم
مقتدون } ( ) .
وكما قيل في الاثر :-
ما الفرق بين
مقلدٍ في دينه وبهيمة عمياء قاد زمامها
راضٍ بقائده
الجهول الحائر أعمى على عوج الطريق
الجائر
ويرحم الله الإمام
الشوكاني إذ يقول بعد تفسير الآيات المتقدمة : " وهذا من أعظم الأدلة الدالة
على بطلان التقليد وقبحه ، فإن هؤلاء المقلده في الإسلام إنما يعملون بقول أسلافهم
بغير دليل نير ولا حجة واضحة بل مجرد قال وقيل ... الخ كلامه " .
وأوصى الأئمة رحمهم الله
أصحابهم بعدم التقليد وأوجبوا عليهم الأخذ بالدليل لأنه الفرض واللازم على جميع
المسلمين ، فمن ظهر له الدليل وجب عليه اتباعه وترك ما عداه ، قال تعالى : {
اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ
دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ } .
وقد شهد الله تعالى
بالهداية لمن أطاع رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما في سورة النور : { وَإِنْ
تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } .
ومن ترك الدليل لقول أبي
حنيفة أو مالك والشافعي أو أحمد فقد خالف الأصل الذي أجمع عليه المسلمون .
أما يفعله بعض الناس من
التعصب لإمام مذهب من ينتسبون إليه فهذا مخالف لهدي السلف ومخالف لما عليه أئمة
المذاهب ، فإنهم متفقون على ذم التقليد وذم التعصب ، فالواجب على المسلم أن ينصر
الدليل وأن يأخذ به ، سواء كان مع المالكي أو الحنفي أو الشافعي أو الحنبلي
أوالظاهري أو مع غيرهم ، فلم يحصر الله تعالى الحق في هذه المذاهب ، فاصحابها بشر
يخطئون ويصيبون وليسوا بمعصومين من الزلل والخطأ .
وقد قال
الله عز وجل { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }
. وقال سفيان : الفتنة أن يطبع الله على قلوبهم .
وأمر
الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان : أمر ظاهر بعمل الجوارح ، كالصلاة والصيام والحج
والجهاد ونحو ذلك .
وأمر باطن
تقوم به القلوب ، كالإيمان بالله ومعرفته ومحبته وخشيته وإجلاله وتعظيمه والرضا
بقضائه والصبر على بلائه .
ولقد حرص الصحابة
والسلف من بعدهم على امتثال أمره صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفته لمعرفتهم بما
يترتب على ذلك . ** فقد أفتى عمر السائل الثقفي في المرأة التي حاضت بعد أن زارت
البيت يوم النحر ألا تنفر، فقال له الثقفي : إن رسول الله أفتاني في مثل هذه
المرأة بغير ما أفتيت به ، فقام عمر إليه يضربه بالدرة ويقول له :لم تستفتيني في
شيء قد أفتى فيه رسول الله ؟
** وكان ابن مسعود
أفتى بأشياء فأخبره بعض الصحابة عن النبي ( بخلافه ، فانطلق عبد الله إلى الذين
أفتاهم فأخبرهم أنه ليس كذلك .
** وقال عمر بن عبد
العزيز : لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله .
وقد قال العلامة
الألبانى فى كتابه (الحديث حجة بنفسه - (1 / 73) )
** والخلاصة أنه يجب
على المسلم أن يؤمن بكل حديث ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم
به سواء كان في العقائد أو الأحكام وسواء أكان متواترا أم آحادا وسواء أكان الآحاد
عنده يفيد القطع واليقين أو الظن الغالب على ما سبق بيانه فالواجب في كل ذلك
الإيمان به والتسليم له وبذلك يكون قد حقق في نفسه الاستجابة المأمور بها في قول
الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما
يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون }
التقليد
واتخاذه مذهبا ودينا
حقيقة التقليد والتحذير منه : إن التقليد في
اللغة مأخوذ من القلادة التي يقلد الإنسان غيره بها ومنه تقليد الهدي فكأن المقلد
جعل ذلك الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنق من قلده .
واصطلاحا هو العمل
بقول الغير من غير حجة فيخرج العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعمل
بالإجماع ورجوع العامي إلى المفتي ورجوع القاضي إلى شهادة العدول فإنها قد قامت
الحجة في ذلك . وقد أفادنا هذا النص الأصولي أمرين هامين :
الأول : أن التقليد
ليس بعلم نافع
والآخر : أنه وظيفة
العامي الجاهل
ولا بد لبيان حقيقة هذين الأمرين من الوقوف
عندهما قليلا والنظر إلى كل منهما على ضوء الكتاب والسنة مستشهدين على ذلك بأقوال
الأئمة ثم نتبع ذلك بالنظر في أحوال المتبعين لهم بزعمهم ومدى صحة اتباعهم
لأقوالهم .
أما أن التقليد ليس
بعلم فلأن الله تعالى قد ذمه في غير ما آية في القرآن الكريم ولذلك تتابعت كلمات
الأئمة المتقدمين على النهي عنه وقد عقد إمام الأندلس ابن عبد البر رحمه الله
تعالى في كتابه الجليل ( جامع بيان العلم وفضله ) بابا خاصا في تحقيق ذلك فقال ما
ملخصه ( 2 / 109 - 114 ) : باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع :
قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال : [ اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله ] وروي عن حذيفة وغيره قالوا : " لم يعبدوهم من
دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم " وقال عدي بن حاتم :
" أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقي صليب فقال لي : " يا
عدي ألق هذا الوثن من عنقك وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة ( براءة ) حتى أتى على هذه
الآية : [ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ] قال : قلت : يا رسول الله
إنا لم نتخذهم أربابا قال بلى أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون ما أحل
الله لكم فتحرمونه ؟ فقلت : بلى فقال : تلك عبادتهم . وقال عز وجل : [ وكذلك ما أرسلنا
من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على
آثارهم مقتدون . قال : أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ؟ ] فمنعهم
الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا : [ إنا بما أرسلتم به كافرون ] وقال جل
وعز عائبا لأهل الكفر وذاما لهم : [ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟ قالوا
: وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ] . ومثل هذا في القرآن كثير من ذمه تقليد الآباء
والرؤساء . وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك
من الاحتجاج بها لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر وإنما وقع
التشبيه بين التقليدين ( في كونهما اتباعا ) بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجلا فكفر
وقلد آخر فأذنب وقلد آخر في مسألة فأخطأ وجهها كان كل واحد ملوما على التقليد بغير
حجة لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الآثام فيه "
ثم روي عن ابن مسعود أنه كان يقول : " اغد
عالما أو متعلما ولا تغد إمعة فيما بين ذلك "
ومن طريق أخرى عنه قال
: " كنا ندعوا الإمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيذهب معه بغيره وهو
فيكم اليوم المحقب دينه الرجال " يعني المقلد .
وعن ابن عباس
رضي الله عنهما قال: "ويل للأتباع من عثرات العالم". قيل: وكيف ذاك يا
أبا العباس؟، قال : "يقول العالم من قبل رأيه، ثم يسمع الحديث عن النبي صلى
الله عليه وسلم فيدع ما كان عليه" وفي لفظ: "فيلقى من هو أعلم برسول
الله صلى الله عليه وسلم منه فيخبره فيرجع ويقضي الأتباع بما حكم".
ثم قال ابن عبد البر : " وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " تذهب العلماء ثم
تتخذ الناس رؤوسا جهالا يسألون فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون " وهذا كله نفي
للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده . . . . . ولا خلاف بين أئمة الأمصار في
فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار ونقله ابن القيم في " الإعلام " ( 2
/ 294 - 298 )
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : " لا
يجوز الفتوى بالتقليد لأنه ليس بعلم والفتوى بغير علم حرام ولا خلاف بين الناس أن
التقليد ليس بعلم وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم " ( الإعلام 1 / 51 ) .
وكذلك قال السيوطي :
إن المقلد لا يسمى عالما كما نقله أبو الحسن السندي الحنفي في أول حاشيته على ابن
ماجه وجزم به الشوكاني في " إرشاد الفحول " ( ص 236 ) فقال : " إن التقليد جهل وليس
بعلم " وهذا يتفق مع ما جاء في كتب الحنفية
أنه لا يجوز تولية
الجاهل على القضاء . ففسر العلامة ابن الهمام ( الجاهل ) بالمقلد .
نهي الأئمة
عن التقليد :
جاء فى كتاب صفة
الصلاة - (1 / 45) للعلامة الألبانى
أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم
المخالفة لها
ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو
بعضها لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم - بل يقلد من دونهم بدرجات تقليدا أعمى -
ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء والله عز وجل يقول : اتبعوا
ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون .
أ - أبو
حنيفة رحمه الله
فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه
الله وقد روي عنه أصحابه أقوالا شتى وعبارات متنوعة كلها تؤدي إلى شيء واحد وهو
وجوب الأخذ بالحديث وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة لها :
1 - ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) . ( ابن عابدين
في " الحاشية " 1 / 63 )
2 - ( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من
أين أخذناه ) . ( ابن عابدين في " حاشيته على البحر الرائق " 6 / 293 )
وفي رواية : ( حرام
على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي )
زاد في رواية : ( فإننا بشر نقول القول اليوم
ونرجع عنه غدا )
وفي أخرى : ( ويحك يا يعقوب ( هو أبو يوسف ) لا
تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا وأرى الرأي غدا وأتركه
بعد غد )
3 - ( إذا قلت قولا
يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي ) ( الفلاني
في الإيقاظ ص 50 )
4- وقال أبو حنيفة: ( لا
يحلُّ لمن يُفتي من كُتُبي أن يُفتي حتى يعلم من أين قلتُ ).
ب - مالك بن
أنس رحمه الله وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال :
1 - ( إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي
فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ) . ( ابن
عبد البر في الجامع 2 / 32 )
2 - ( ليس أحد بعد
النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم )
. ( ابن عبد البر في الجامع 2 / 91 ) وقال
أيضا : كل منا يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر وأشار بيده إلى قبر النبي ـ
صلى الله عليه وسلم
3 - قال ابن وهب :
سمعت مالكا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال : ليس ذلك على الناس . قال
: فتركته حتى خف الناس فقلت له : عندنا في ذلك سنة فقال : وما هي قلت : حدثنا
الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد
الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه . فقال : إن هذا الحديث حسن وما سمعت به قط
إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع . ( مقدمة الجرح والتعديل
لابن أبي حاتم ص 31 - 32 )
ج - الشافعي رحمه الله
وأما الإمام الشافعي رحمه الله فالنقول عنه في
ذلك أكثر وأطيب
وأتباعه أكثر عملا بها
وأسعد فمنها :
1 - ( ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله
صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لخلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
قولي ) . ( تاريخ دمشق لابن عساكر 15 / 1 / 3 )
2 - ( أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد ) . ( الفلاني ص 68
)
3 - ( إذا وجدتم في
كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ودعوا ما قلت ) . ( وفي رواية ( فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد ) . (
النووي في المجموع 1 / 63 )
4 - ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) . ( النووي 1 /
63 )
5 - ( أنتم أعلم
بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به أي شيء يكون : كوفيا أو
بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا ) . ( الخطيب في الاحتجاج بالشافعي 8
/ 1 )
6 - ( كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي ) .
( أبو نعيم في الحلية 9 / 107 )
7 - ( إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي
صلى الله عليه وسلم خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب ) . ( ابن عساكر بسند صحيح 15 /
10 / 1 )
8 - ( كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه
وسلم خلاف قولي مما يصح فحديث النبي أولى فلا تقلدوني ) . ( ابن عساكر بسند صحيح
15 / 9 / 2 )
9 - ( كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو
قولي وإن لم تسمعوه مني ) . ( ابن أبي حاتم 93 - 94 )
د - أحمد بن حنبل رحمه الله
وأما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة جمعا للسنة
وتمسكا بها حتى ( كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي ) ولذلك قال :
1 - ( لا تقلدني ولا
تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا ) . ( ابن القيم
في إعلام الموقعين 2 / 302 )
وفي رواية : ( لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير )
وقال مرة : ( الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن
النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير ) . ( أبو داود
في مسائل الإمام أحمد ص 276 - 277 )
2 - ( رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة
كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار ) . ( ابن عبد البر في الجامع 2 /
149 )
3 - ( من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهو على شفا هلكة ) . ( ابن الجوزي في المناقب ( ص 182 )
4- وقال أيضا: ( عجبت
لأناس يعرفون الحديث وأسناده ويأخذون برأي سفيان) ويقصد برأي سفيان الثوري الذي هو
خير علماء السلف وليس أي عالم فما بالك في فلان وعلان في عصرنا !!
5- وقال الإمام أحمد: (
من قِلة علم الرجل أن يقلِّد دينه علوم الرجال ).
تلك هي أقوال الأئمة
رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث والنهي عن تقليدهم دون بصيرة وهي من
الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلا ولا تأويلا وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في
السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة لا يكون مباينا لمذهبهم ولا خارجا عن طريقتهم بل
هو متبع لهم جميعا ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها وليس كذلك من ترك
السنة الثابتة لمجرد مخالتفها لقولهم بل هو بذلك عاص لهم ومخالف لأقوالهم المتقدمة
والله تعالى يقول : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في
أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما .
وقال تعالى : فليحذر
الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى :
( فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله
عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف ذلك رأي
عظيم من الأمة فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأى
أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل
مخالف سنة صحيحة وربما أغلظوا في الرد لا بغضا له بل هو محبوب عندهم معظم في
نفوسهم لكن رسول الله أحب إليهم وأمره فوق أمر كل مخلوق فإذا تعارض أمر الرسول
وأمر غيره فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن
كان مغفورا له بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر
الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه
قلت : كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما
مر وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة بل إن الشافعي رحمه الله أمر
أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها أو أخذ بخلافها ولذلك لما
جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة
الأربعة الحديث فيها انفرادا واجتماعا في مجلد ضخم قال في أوله : ( إن نسبة هذه المسائل
إلى الأئمة المجتهدين حرام وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها لئلا يعزوها
إليهم فيكذبوا عليهم )
ترك الأتباع بعض أقوال أئمتهم اتباعا للسنة
ولذلك كله كان أتباع
الأئمة ثلة من الأولين . وقليل من الآخرين لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها بل قد
تركوا كثيرا منها لما ظهر لهم مخالفتها للسنة حتى أن الإمامين : محمد بن الحسن
وأبا يوسف رحمهما الله قد خالفا شيخهما أبا حنيفة ( في نحو ثلث المذهب ) وكتب
الفروع كفيلة ببيان ذلك ونحو هذا يقال في الإمام المزني وغيره من أتباع الشافعي
وغيره ولو ذهبنا نضرب على ذلك الأمثلة لطال بنا الكلام ولخرجنا به عما قصدنا إليه
في هذا البحث من الإيجاز فلنقتصر على مثالين اثنين :
1 - قال الإمام محمد في " موطئه " ( ص
158 ) : ( قال محمد : أما أبو حنيفة رحمه الله فكان لا يرى في الاستسقاء صلاة وأما
في قولنا فإن الإمام يصلي بالناس ركعتين ثم يدعو ويحول رداءه ) إلخ
2 - وهذا عصام بن يوسف البلخي من أصحاب الإمام
محمد ومن الملازمين للإمام أبي يوسف ( كان يفتي بخلاف قول الإمام أبي حنيفة كثيرا
لأنه لم يعلم الدليل وكان يظهر له دليل غيره فيفتي به " ولذلك ( كان يرفع
يديه عند الركوع والرفع منه ) كما هو في السنة المتواترة عنه صلى الله عليه وسلم
فلم يمنعه من العمل بها أن أئمته الثلاثة قالوا بخلافها وذلك ما يجب أن يكون عليه
كل مسلم بشهادة الأئمة الأربعة وغيرهم كما تقدم
وصدق أحمد المعلم حينما
قال
الله أكْبَرَ فِي
الدِّفَاعِ سَأَبْتَدِي ... وَهُوَ المُعِينُ عَلَى نَجَاحِ المَقْصَدِ
وَهُوَ الذِي نَصَرَ
النَّبِيَّ مُحَمَّدًا ... وَسَيَنْصُرُ المُتَّبِعِينَ لأَحْمَدَ
وَبِهِ أَصُولُ عَلَى
جَمِيعِ خُصُومِنَا ... وَأَعُدُّهُ عَوْنًا عَلَى مَنْ يَعْتَدِي
سَأَسُلُّ سَهْمًا فِي
كِنَانِةِ وَحْيِهِ ... وَبِهِ أَشُدُّ عَلَى كَتائبِ حُسَّدِي
وَبِهِ سَأَجْدَعُ
أَنْفَ كُلِّ مُكَابِرٍ ... وَبِهِ سَأَرْصُدُ لِلْكَفُورِ المُلْحِدِ
وَسَأَسْتَجِيرُ بِذِي
الجَلالِ وَذِي العُلا ... فَلَنْ أُضَامَ إِذَا اسْتَجَرْتُ بِسَيِّدِي
وَسَأَسْتمِدُّ العَوْنَ
مِنْهُ عَلَى الذِي ... لَمَزَ الأَحِبَّةَ بِالكَلامِ المُفْسِدِ
حَتَّى أُشّتِّتَ
شَمْلَهُمْ بِأَدِلَّةٍ ... مِثْلَ الصَّوَاعِقِ فِي السَّحِابِ الأَسْوَدِ
وَبِنُورِ وَحْي الله
أَكْشِفُ جَهْلَهُمْ ... حَتَّى يُبَيِّنَ عَلَى رُؤُوسِ المَشْهَدِ
لا تَلْمِزُونَا يَا
خَفَافِيشَ الدُّجَا ... بِتَطَرُّفٍ وَتَسَرُّعٍ وَتَشَدُّدِ
لا تَقْذِفُونَا
بِالشُّذُوذِ فَإِنَّنَا ... سِرْنَا عَلَى نَهْجِِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَلِكُلِّ قَوْل
نَسْتَدِلُّ بِآيَةٍ ... أَوْ بِالحَدِيثِ المُسْتَقِيمِ المُسْنَدِ
وَالنَّسْخَ نَعْرِفُ
وَالعُمُومَ وَأَنَّنَا ... مُتَفَطِّنُونَ لِمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدِ
وَنُصُوصُ وَحْي اللهِ
نُتْقِنُ فَهْمَهَا ... لا تَحْسِبُونَ الفَهْمَ كَالرأْي الرَّدِي
وَإِذَا تَعَارَضَتِ
النُّصُوصُ فَإِنَّنَا ... بِأُصُولِ سَادَتِنَا الأئمةِ نَهْتَدِي
وَنُحَارِبُ
التَّقْلِيدَ طُولَ زَمَانِنَا ... مَعُ حُبِّنَا لِلْعَالِمِ المُتَجَرَّدِ
وَكَذَا الأَئِمَّةُ
حُبُّهُم مُتَمَكَّنٌ ... مِنْ كُلِّ نَفْسٍ يَا بَرِيَّةُ فَاشْهَدِي
وَتَرِقُّ أَنْفُسُنَا
لِرُؤْيَةِ مَنْ غَدَا ... فِي رِبْقَةِ التَّقْلِيدِ شِبْهَ مُقَيَّدِ
إِنَّا نَرِى
التَّقْلِيدَ دَاءً قَاتِلاً ... حَجَبَ العُقُولَ عَنِ الطَّرِيقِ الأَرْشَدِ
جَعَلَ الطَّرِيقَ عَلَى
المُقَلِّدَ حَالِكًا ... فَتَرَى المُقَلَّدَ تِائِهًا لا يَهْتَدِي
فَلِذَا بَدَأْنَا فِي
اجْتِثَاثِ جُذُورِهِ ... مِنْ كُلِّ قَلْبٍ خَائِفٍ مُتَرَدِّدِ
وَلَسَوْفَ نَدْمُلُ
دَاءَهُ وَجِرَاحَهُ ... بِمَرِاهِمِ الوَحْيِ الشَّرِيفِ المُرْشِدِ
نَدْعُو إِلَى
التَّوْحِيدِ طُولَ حَيَاتِنَا ... فِي كُلِّ حِينٍ فِي الخَفَا وَالمَشْهَدِ
وَنُحَارِبُ الشِّرْكِ
الخَبِيثَ وَأَهْلَهُ ... حَرْبًا ضَرُوسًا بِاللَّسِانِ وَبِاليدِ
وَكَذَلِكَ البِدَعُ
الخَبِيثَةُ كُلَّهَا ... نَقْضِي عَلَيْهَا دونَ بَابِ المَسْجِدِ
هَذِي طَرِيقَتُنَا
وَهَذَا نَهْجُنَا ... فَعَلامَ أَنْتُمْ دُونَنَا بِالمَرْصَدِ
لِمَا تَطْعَنُونَا
وَتَلْمِزُونَا كَأَنَّنَا ... جِئْنَا بِرَأْيٍ لِلْعَقِيدَةِ مُفْسِدِ
أَلِمَذْهَبٍ
وَلِعَادَةٍ وَحُكُومَةٍ ... تَتَهَرَّبُونُ مِنَ الحَدِيثِ المُسْنَدِ
هَذَا الحَدِيثُ
تَلألأتْ أَنْوَارُهُ ... رَغْمَ الجَهُولِ وَرَغْمَ كُلِّ مُقَلِّدِ
إِنْ كُنْتُمْ
تَتَضَرَّرُونَ بِنُورِهِ ... فَالشَّمْسُ تَطْلَعُ رَغْمَ أَنْفِ الأَرْمَدِ
بِاللهِ قُولُوا مَا
الذِي أَنْكَرْتُمُوا ... عَلَى البَرِيَّةَ لِلْحَقِيقَةِ تَهْتَدِي
هَدَّدْتُمونَا
بِالمَذَاهِبِ بِعْدَ مَا ... وَضَحَ الدَّلِيلُ فَبِئْسَ مِِنْ مُتَهَدِّدِ
وَبهتُمُونَا
بِالقَبَائِحِ كُلِّهَا ... وَعَرَضْتُمُونَا بِالقَنَاعِ الأَسْوَدِ
وَرَفَعْتَمُونَا
لِلْوُلاةِ تَشَفِّيًا ... وَفَرَحْتُمُوا بِتَهَدُّدٍ وَتَوَعُّدِ
لاكِنَّنَا لُذْنَا
بِبَابِ إِلَهِنَا ... فَأَرَاحَنَا مِنْ كُلِّ خِصْمٍ مُعَْتَدِ
وَجَلا الحقيقةَ
لِلْمَلأ فَخَسَأْتُمُوا ... وَالسُّوءُ يَظْهَرُ مِنْ خَبِيثِ المَقْصَدِ
يَا مَعْشَرِ
الإِخْوَانِ سِيرُوا ... وَأَبْشِرُوا وَثِقُوا بِنَصْرِ الوَاحِدِ المُتَفَرِّدِ
وَلِتُعْلِنُوهَا
لِلْبَرِيَّةِ كُلِّهَا ... إِنَّا بِغَيْرِ مُحَمَّدٍ لا نَقْتَدِي
لا نَطْلُبُ الدُّنْيَا
وَلا نَسْعَى لَهَا ... اللهُ مَقْصَدُنَا وَنِعمَ المَقْصَدِ
لَيْسَ المَنَاصِبُ
هَمَّنَا وَمُرَادُنَا ... كَلا وَلا ثَوْبِ الخَدِيعَةِ نَرْتَدِي
إِنَّا لنَسعْى فِي
صَلاحِ نُفُوسِنَا ... بِعلاجِ أَنْفُسِنَا المَرِيضَةِ نَبْتَدِي
وَنُحِبُّ أَنْ نَهْدِي
البَرِيَّةِ كُلِّهَا ... نَدَعُ الْقَرِيب قَبِيلَ نُصْحِ الأَبْعَدِ
وَبِوَاجِبِ المعروفِ
نأْمر قَوْمَنَا ... وَنَقُومُ صَفَّا في الطَّرِيقِ المُفْسِدِ
لَو تُبْصِرُ الإِخْوانَ
في حَلَقَاتِنَا ... مِنْ عَالِمٍ أَوْ طالب مسترشدِ
لَرَأَيْتَ عِلْمًا
وَإِتِّبَاعًا صَادِقًا ... لِلسُّنَّةِ الغَرَّاءِ دُونَ تَرَدُّدِي
أَنْعِمْ بطلاب الحديثِ
وأَهْلِهِ ... وَأجِلُّهُم عن كل قَوْلِ مُفْسِدِ
هُمْ زِينةُ الدُّنْيَا
مَصَابِيحُ الهُدَى ... طُلَعُوا عَلَى الدُّنْيَا طُلُوع الغَرْقَدِ
وَرِثُوا النَّبِيِّ
فَأَحْسَنُوا فِي إِرْثِهِ ... وَحَمَوْهُ مِنْ كَيْدِ الخَبِيثِ المُعْتَدِي
سَعِدُوا بِهَدْي
مُحَمَّدٍ وَكَلامِهِ ... وَسِوَاهُمُ بِكَلامِهِ لَمْ يَسْعُدِ
وَالدِّينُ قَالَ اللهُ
قَالَ رَسُوله ... وَهُمْ لِدِينِ اللهِ أَفْضَلُ مُرْشِدِ
وَالفِقْهُ فَهْمُ
النَّصِ فَهْمًا وَاضِحًا ... مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَتَأْوِيلٍ رَدِيْ
لا تَحْسَبَنَّ الفَقْه
مَتْنًا خَالِيًا ... مِنْ كُلِّ قَولٍ لِلْمُشَرِّعِ مُسْنَدِ
فَعَلَيْكَ
بِالوَحْيَيْنِ لا تَعْدُوهُمَا ... وَاسْلُكْ طَرِيقهُمَا بِفهْمِ جَيِّدِ
فَإِذَا تَعَذَّرَ
فَهْمُ نَصٍّ غَامِضٍ ... فَاسْتَفْتِ أَهْلَ الذِّكْرِ كَالمُسْتَرْشِدِ
بِالبَيَّنَاتِ
وَالزَّبُورِ فَإِنَّهُ ... مِنْ أَمْرِ رَبَّكَ فِي الكِتابِ فَجَوِّدِ
وَاعلم بأنَّ مَن
اقْتَدَى بِمُحَمَّدٍ ... سَيَنَاله كَيْدُ الغُوَاةِ الحُسَّدِ
وَيَذوق أَنْواعَ
العَدَاوةِ وَالأَذَى ... مِنْ جَاهِلٍ وَمُكَابِرٍ وَمُقَلَّدِ
فَاصْبِرْ عَلَيْهِ
وَكُنْ بِرَبَّكَ وَاثِقًا ... هَذَا الطَّرِيقُ إِلَى الهُدَى وَالسُّؤْدَدِ [5]
وصدق شاعر اخر:
العلم قال الله قال
رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف
سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
وقال بعضهم:
كل العلوم سوى القرآن
مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال
حدّثنا وما سوى ذاك فوسواس الشياطين
فالموفق من جعل كتاب
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حكماً على قول كل أحد ، وإن خالفه من خالفه أو
بدّعه من بدّعه ، فقد جرت عادة المقلدين والمتعصبين في تبديع مخالفيهم وتضليلهم ،
وهذا شأن كل مبطل ومنحرف عن الحق والصراط المستقيم إذا عجز عن إقامة الحجة والدليل
، لجأ إلى مثل هذه الأفاعيل .
قال ابن عباس رضي الله
عنهما: "ما من عام إلا والناس يحيون فيه بدعة ويميتون فيه سنة حتى تحيا البدع
وتموت السنن".
وعن جابر بن زيد أن ابن
عمر لقيه في الطواف فقال: "يا أبا الشعثاء إنك من فقهاء البصرة فلا تفت إلا
بقرآن ناطق أو سنة ماضية فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت".
وعن عبد الله بن عباس
رضي الله عنهما أنه قال : "والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحدا أحب إلى
الشيطان هلاكا مني . فقيل: كيف؟ فقال: والله إنه ليحدث البدعة في مشرق أو مغرب
فيحملها الرجل إلي فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنة فترد عليه".
وعنه رضي الله عنه أنه
قال : "عليكم بالاستقامة والأثر وإياكم والتبدع".
وعن معاذ بن جبل رضي
الله عنه قال : "أوشك قائل من الناس يقول : قد قرأت القرآن ولا أرى الناس
يتبعوني، ما هم متبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدُع فإن كل ما ابتدُع
ضلالة".
وعنه أنه قال :
"أيها الناس عليكم بالعلم قبل أن يرفع ألا وإن رفعه ذهاب أهله، وإياكم والبدع
والتبدع والتنطع وعليكم بأمركم العتيق".
وعن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".
وعن الحسن البصري قال :
"صاحب البدعة لا يزداد اجتهادا صياما وصلاة إلا ازداد من الله بعدا".
وعنه قال: "لا
تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك".
وعن أيوب السختيانى أنه
كان يقول : "ما ازداد صاحب بدعة اجتهادا إلا ازداد من الله بعدا".
وعن سفيان الثوري قال :
"من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث: إما أن يكون فتنة لغيره. وإما أن
يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله في النار . وإما أن يقول والله ما أبالي ما
تكلموا وإني واثق بنفسي فمن أمن الله على دينه طرفة عين سلبه إياه".
وقال : "البدعة أحب
إلى إبليس من المعصية، فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها".
وعن أبي قلابة أنه قال :
"لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو
يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون".
وهذا ابن
مسعود ينكر على قوم يذكرون الله ولكن ليس على طريقة وهدى النبى ص
التوسل (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ
بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا
هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }[ آل عمران
: 102] . { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [
النساء : 1] . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً
عَظِيماً } [ الأحزاب : 70-71 ]
.أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة
وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إخوة الإسلام
أولا لابد من معرفة
بعض الأمور
الأمر الأول :
العبادة
ماهى العبادة
؟
العبادة في اللغة : الذل
والخضوع ، يقال : بعير معبد ، أي : مذلل ، وطريق معبد : إذا كان مذللا قد وطئته
الأقدام .
وشرعا : هي اسم جامع لكل
ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
وهي تبنى على
ثلاثة أركان :
الأول : كمال الحب
للمعبود سبحانه ، كما قال تعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }
(البقرة : 165) .
الثاني : كمال الرجاء ،
كما قال تعالى : { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } (الإسراء : 57) .
الثالث : كمال الخوف من
الله سبحانه ، كما قال تعالى : { وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } (الإسراء : 57) .
وقد جمع الله سبحانه بين
هذه الأركان الثلاثة العظيمة في فاتحة الكتاب في قوله سبحانه : { الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }{ مَالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ } ، فالآية الأولى فيها المحبة ؛ فإن الله منعم ، والمنعم يُحبُّ على قدر
إنعامه ، والآية الثانية فيها الرجاء ، فالمتصف بالرحمة ترجى رحمته ، والآية
الثالثة فيها الخوف ، فمالك الجزاء والحساب يخاف عذابه .
ولهذا قال تعالى عقب ذلك
: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، أي : أعبدك يا رب هذه الثلاث : بمحبتك التي دل عليها :
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، ورجائك الذي دل عليه : { الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ } ، وخوفك الذي دل عليه : { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } .
والعبادة لا
تقبل إلا بشرطين :
1 - الإخلاص فيها
للمعبود ؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الخالص لوجهه سبحانه ، قال تعالى : {
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } (البينة
: 5) ، وقَال تعالى : { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } (الزمر : 3) ، وقال
تعالى : { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي } (الزمر : 14) .
2 - المتابعة للرسول صلى
الله عليه وسلم ؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الموافق لهدي الرسول صلى الله
عليه وسلم ، قال الله تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } (الحشر : 7) ، وقَال تعالى : { فَلَا وَرَبِّكَ
لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (النساء :
65) .
وقوله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ
رَدٌّ (أي مردود عليه) . [1]
وقوله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ .[2]
فلا عبرة بالعمل ما لم
يكن خالصا لله صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الفضيل بن عياض
رحمه الله في قوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } (هود :
7 ، الملك : 2) : " أخلصه وأصوبه " ، قيل : يا أبا علي ، وما أخلصه
وأصوبه ؟ قال : " إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان
صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص ما كان لله ، والصواب
ما كان على السنة " [3]
ومن الآيات الجامعة
لهذين الشرطين قوله تعالى في آخر سورة الكهف : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ
يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } (الكهف : 110) .
الأمر الثانى :
أنه لا يجوز العدول عن سنة النبى صلى الله عليه وسلم لقول أى أحد كائنا من كان .
قال علي رضي الله عنه :]اعْرِفْ الرِّجَالَ بِالْحَقِّ وَلَا تَعْرِفْ الْحَقَّ بِالرِّجَالِ
واعرف الحق تعرف أهله ]
وما أحسن قول أرسطو لما
خالف أستاذه أفلاطون (( تخاصم الحق وأفلاطون وكلاهما صديق لي والحق أصدق منه))
وقال الشيخ أحمد زروق في
عمدة المريد الصادق ما نصه ((قال أبو إسحاق الشاطبي كل ما عمل به المتصوفة
المعبرون في هذا الشأن - يعني كالجنيد وأمثاله - لا يخلو إما أن يكون مما ثبت له
أصل في الشريعة فهم خلفاؤه كما أن السلف من الصحابة والتابعين خلفاء بذلك وإن لم
يكن له أصل في الشريعة فلا أعمل عليه لأن السنة حجة على جميع الأمة وليس عمل أحد
من الأمة حجة على السنة ولأن السنة معصومة عن الخطأ وصاحبها معصوم وسائر الأمة لم
تثبت لهم العصمة إلا مع إجماعهم خاصة وإذا أجمعوا تضمن إجماعهم دليلاً شرعياً
والصوفية والمجتهدون كغيرهم ممن لم يثبت لهم العصمة ويجوز عليهم الخطأ والنسيان
والمعصية كبيرها وصغيرها والبدعة محرمها ومكروهها ولذا قال العلماء كل كلام منه
مأخوذ ومنه متروك إلا ما كان من كلامه عليه الصلاة والسلام قال وقد قرر ذلك
القشيري رحمه الله تعالى أحسن تقرير فقال فإن قيل فهل يكون الولي معصوماً قيل أما
وجوباً كما يكون للأنبياء فلا وأما أن يكون محفوظاً حتى لا يصر على الذنوب وإن
حصلت منهيات أو زلات في أوقات فلا يمنع في وصفهم قال ولقد قيل للجنيد رحمه الله
((العارف يزني)) فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال ((وكان أمر الله قدراً مقدوراً ))
وقال فهذا كلام منصف فكما يجوز على غيرهم المعاصي بالابتداع وغير ذلك يجوز عليهم
البدع فالواجب علينا أن نعرض ما جاء عن الأئمة على الكتاب والسنة فما قبلاه قبلناه
وما لم يقبلاه تركناه .
الأمر الثالث
: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (( اتِّبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتُم ))
رواه الدارمي
وحدَّ الشاطبي للبدعة
الشرعية حداً ضبطها به ، فقال " هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد
بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه " . [4]
ثم شرح الحدّ ، وذكر في
شرحه أن قوله " في الدين " أخرج المبتدعات الدنيوية ، وقوله "
تضاهي الشرعية " أي تشابه الطريقة المشروعة من حيث إن المبتدع جعل لبدعته
رسوماً وهيئة واجتماعاً وخصها بخصائص كما للسنن الشرعية ، فمن أمثلة البدع التي
التزم أصحابها هيئة وكيفية معينة لم يرد بها الشرع : الذكر الجماعي بصوت واحد ،
واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً .
وعن محمد بن عجلان عن عبيدالله بن عمر أن عمر بن
الخطاب قال اتقوا الرأي في دينكم قال سحنون يعني البدع .
وعن ابن عجلان عن صدقة
بن أبي عبدالله أن عمر بن الخطاب كان يقول إن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم أن
يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها واستحيوا حين يسألوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا
السنن برأيهم فإياكم وإياهم .
عن عمرو بن حريث قال قال
عمر رضي الله عنه إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن
يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا .
قال أبو بكر بن أبي داود
في قصيدته في السنة
ودع عنك آراء الرجال
وقولهم *** فقول رسول الله أزكى وأشرح
وعن مسروق عن ابن مسعود
قال ليس عام إلا والذي بعده شر منه ولا أقول عام أمطر من عام ولا عام أخصب من عام
ولا أمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم
فيهدم الإسلام ويثلم
وقال مالك بن أنس : قبض
رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد تم هذا الأمر واستكمل فإنما ينبغي أن نتبع آثار
رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا نتبع الرأي فإنه متى أتبع الرأي جاء رجل آخر
أقوى في الرأي منك فأتبعته فأنت كلما جاء رجل غلبك اتبعته أرى هذا لا يتم
وعن الأوزاعي قال عليك
بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول .
ومن أكبر مصائب هذا
الزمان هو تقديس الرجال ويكاد الكثيرين يعتقدون بعصمة عالم معين ، وهذا مما لا شك
فيه خطر كبير ،فأخذوا يتحاججون بقول فلان وفلان ولا يحاججونك بقال الله قال رسوله
والله المستعان فأقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها ، لذلك كله، وتسهيلاً لطالب
الحق، ولطالب العلم، وتبياناً للحق، وتنويراً لهؤلاء أعددنا هذه الرسالة المختصرة
حول خطورة التقليد .
فقد أمرنا الله تعالى
باتباع كتابه وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من القرآن ، فقال
تعالى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، وقال
تعالى : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ } ، وقال تعالى : {
فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، وقال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ
تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ
يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ
الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } الآية .
وقد قال الله تعالى
حاكياً عن بعض المقلدين على الضلال :- { يوم تقلب وجوهم في النار يقولون يا ليتنا
أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا
السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً } ( ) .
فسوء عاقبة التقليد
الأعمى خطيرة للغاية
قال الله تعالى : { أم
آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا
على آثارهم مهتدون *
وكذلك ما أرسلنا من قبلك
في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا على آثارهم
مقتدون } ( ) .
وكما قيل في الاثر :-
ما الفرق بين
مقلدٍ في دينه وبهيمة عمياء قاد زمامها
راضٍ بقائده
الجهول الحائر أعمى على عوج الطريق
الجائر
ويرحم الله الإمام
الشوكاني إذ يقول بعد تفسير الآيات المتقدمة : " وهذا من أعظم الأدلة الدالة
على بطلان التقليد وقبحه ، فإن هؤلاء المقلده في الإسلام إنما يعملون بقول أسلافهم
بغير دليل نير ولا حجة واضحة بل مجرد قال وقيل ... الخ كلامه " .
وأوصى الأئمة رحمهم الله
أصحابهم بعدم التقليد وأوجبوا عليهم الأخذ بالدليل لأنه الفرض واللازم على جميع
المسلمين ، فمن ظهر له الدليل وجب عليه اتباعه وترك ما عداه ، قال تعالى : {
اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ
دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ } .
وقد شهد الله تعالى
بالهداية لمن أطاع رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما في سورة النور : { وَإِنْ
تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا } .
ومن ترك الدليل لقول أبي
حنيفة أو مالك والشافعي أو أحمد فقد خالف الأصل الذي أجمع عليه المسلمون .
أما يفعله بعض الناس من
التعصب لإمام مذهب من ينتسبون إليه فهذا مخالف لهدي السلف ومخالف لما عليه أئمة
المذاهب ، فإنهم متفقون على ذم التقليد وذم التعصب ، فالواجب على المسلم أن ينصر
الدليل وأن يأخذ به ، سواء كان مع المالكي أو الحنفي أو الشافعي أو الحنبلي
أوالظاهري أو مع غيرهم ، فلم يحصر الله تعالى الحق في هذه المذاهب ، فاصحابها بشر
يخطئون ويصيبون وليسوا بمعصومين من الزلل والخطأ .
وقد قال
الله عز وجل { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }
. وقال سفيان : الفتنة أن يطبع الله على قلوبهم .
وأمر
الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان : أمر ظاهر بعمل الجوارح ، كالصلاة والصيام والحج
والجهاد ونحو ذلك .
وأمر باطن
تقوم به القلوب ، كالإيمان بالله ومعرفته ومحبته وخشيته وإجلاله وتعظيمه والرضا
بقضائه والصبر على بلائه .
ولقد حرص الصحابة
والسلف من بعدهم على امتثال أمره صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفته لمعرفتهم بما
يترتب على ذلك . ** فقد أفتى عمر السائل الثقفي في المرأة التي حاضت بعد أن زارت
البيت يوم النحر ألا تنفر، فقال له الثقفي : إن رسول الله أفتاني في مثل هذه
المرأة بغير ما أفتيت به ، فقام عمر إليه يضربه بالدرة ويقول له :لم تستفتيني في
شيء قد أفتى فيه رسول الله ؟
** وكان ابن مسعود
أفتى بأشياء فأخبره بعض الصحابة عن النبي ( بخلافه ، فانطلق عبد الله إلى الذين
أفتاهم فأخبرهم أنه ليس كذلك .
** وقال عمر بن عبد
العزيز : لا رأي لأحد مع سنة سنها رسول الله .
وقد قال العلامة
الألبانى فى كتابه (الحديث حجة بنفسه - (1 / 73) )
** والخلاصة أنه يجب
على المسلم أن يؤمن بكل حديث ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم
به سواء كان في العقائد أو الأحكام وسواء أكان متواترا أم آحادا وسواء أكان الآحاد
عنده يفيد القطع واليقين أو الظن الغالب على ما سبق بيانه فالواجب في كل ذلك
الإيمان به والتسليم له وبذلك يكون قد حقق في نفسه الاستجابة المأمور بها في قول
الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما
يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون }
التقليد
واتخاذه مذهبا ودينا
حقيقة التقليد والتحذير منه : إن التقليد في
اللغة مأخوذ من القلادة التي يقلد الإنسان غيره بها ومنه تقليد الهدي فكأن المقلد
جعل ذلك الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنق من قلده .
واصطلاحا هو العمل
بقول الغير من غير حجة فيخرج العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعمل
بالإجماع ورجوع العامي إلى المفتي ورجوع القاضي إلى شهادة العدول فإنها قد قامت
الحجة في ذلك . وقد أفادنا هذا النص الأصولي أمرين هامين :
الأول : أن التقليد
ليس بعلم نافع
والآخر : أنه وظيفة
العامي الجاهل
ولا بد لبيان حقيقة هذين الأمرين من الوقوف
عندهما قليلا والنظر إلى كل منهما على ضوء الكتاب والسنة مستشهدين على ذلك بأقوال
الأئمة ثم نتبع ذلك بالنظر في أحوال المتبعين لهم بزعمهم ومدى صحة اتباعهم
لأقوالهم .
أما أن التقليد ليس
بعلم فلأن الله تعالى قد ذمه في غير ما آية في القرآن الكريم ولذلك تتابعت كلمات
الأئمة المتقدمين على النهي عنه وقد عقد إمام الأندلس ابن عبد البر رحمه الله
تعالى في كتابه الجليل ( جامع بيان العلم وفضله ) بابا خاصا في تحقيق ذلك فقال ما
ملخصه ( 2 / 109 - 114 ) : باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع :
قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال : [ اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله ] وروي عن حذيفة وغيره قالوا : " لم يعبدوهم من
دون الله ولكنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم " وقال عدي بن حاتم :
" أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي عنقي صليب فقال لي : " يا
عدي ألق هذا الوثن من عنقك وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة ( براءة ) حتى أتى على هذه
الآية : [ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ] قال : قلت : يا رسول الله
إنا لم نتخذهم أربابا قال بلى أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ويحرمون ما أحل
الله لكم فتحرمونه ؟ فقلت : بلى فقال : تلك عبادتهم . وقال عز وجل : [ وكذلك ما أرسلنا
من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها : إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على
آثارهم مقتدون . قال : أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ؟ ] فمنعهم
الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا : [ إنا بما أرسلتم به كافرون ] وقال جل
وعز عائبا لأهل الكفر وذاما لهم : [ ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟ قالوا
: وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ] . ومثل هذا في القرآن كثير من ذمه تقليد الآباء
والرؤساء . وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك
من الاحتجاج بها لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر وإنما وقع
التشبيه بين التقليدين ( في كونهما اتباعا ) بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجلا فكفر
وقلد آخر فأذنب وقلد آخر في مسألة فأخطأ وجهها كان كل واحد ملوما على التقليد بغير
حجة لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الآثام فيه "
ثم روي عن ابن مسعود أنه كان يقول : " اغد
عالما أو متعلما ولا تغد إمعة فيما بين ذلك "
ومن طريق أخرى عنه قال
: " كنا ندعوا الإمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيذهب معه بغيره وهو
فيكم اليوم المحقب دينه الرجال " يعني المقلد .
وعن ابن عباس
رضي الله عنهما قال: "ويل للأتباع من عثرات العالم". قيل: وكيف ذاك يا
أبا العباس؟، قال : "يقول العالم من قبل رأيه، ثم يسمع الحديث عن النبي صلى
الله عليه وسلم فيدع ما كان عليه" وفي لفظ: "فيلقى من هو أعلم برسول
الله صلى الله عليه وسلم منه فيخبره فيرجع ويقضي الأتباع بما حكم".
ثم قال ابن عبد البر : " وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " تذهب العلماء ثم
تتخذ الناس رؤوسا جهالا يسألون فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون " وهذا كله نفي
للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده . . . . . ولا خلاف بين أئمة الأمصار في
فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار ونقله ابن القيم في " الإعلام " ( 2
/ 294 - 298 )
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : " لا
يجوز الفتوى بالتقليد لأنه ليس بعلم والفتوى بغير علم حرام ولا خلاف بين الناس أن
التقليد ليس بعلم وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم " ( الإعلام 1 / 51 ) .
وكذلك قال السيوطي :
إن المقلد لا يسمى عالما كما نقله أبو الحسن السندي الحنفي في أول حاشيته على ابن
ماجه وجزم به الشوكاني في " إرشاد الفحول " ( ص 236 ) فقال : " إن التقليد جهل وليس
بعلم " وهذا يتفق مع ما جاء في كتب الحنفية
أنه لا يجوز تولية
الجاهل على القضاء . ففسر العلامة ابن الهمام ( الجاهل ) بالمقلد .
نهي الأئمة
عن التقليد :
جاء فى كتاب صفة
الصلاة - (1 / 45) للعلامة الألبانى
أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم
المخالفة لها
ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو
بعضها لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم - بل يقلد من دونهم بدرجات تقليدا أعمى -
ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء والله عز وجل يقول : اتبعوا
ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون .
أ - أبو
حنيفة رحمه الله
فأولهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه
الله وقد روي عنه أصحابه أقوالا شتى وعبارات متنوعة كلها تؤدي إلى شيء واحد وهو
وجوب الأخذ بالحديث وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة لها :
1 - ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) . ( ابن عابدين
في " الحاشية " 1 / 63 )
2 - ( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من
أين أخذناه ) . ( ابن عابدين في " حاشيته على البحر الرائق " 6 / 293 )
وفي رواية : ( حرام
على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي )
زاد في رواية : ( فإننا بشر نقول القول اليوم
ونرجع عنه غدا )
وفي أخرى : ( ويحك يا يعقوب ( هو أبو يوسف ) لا
تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا وأرى الرأي غدا وأتركه
بعد غد )
3 - ( إذا قلت قولا
يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي ) ( الفلاني
في الإيقاظ ص 50 )
4- وقال أبو حنيفة: ( لا
يحلُّ لمن يُفتي من كُتُبي أن يُفتي حتى يعلم من أين قلتُ ).
ب - مالك بن
أنس رحمه الله وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال :
1 - ( إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي
فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ) . ( ابن
عبد البر في الجامع 2 / 32 )
2 - ( ليس أحد بعد
النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم )
. ( ابن عبد البر في الجامع 2 / 91 ) وقال
أيضا : كل منا يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر وأشار بيده إلى قبر النبي ـ
صلى الله عليه وسلم
3 - قال ابن وهب :
سمعت مالكا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء فقال : ليس ذلك على الناس . قال
: فتركته حتى خف الناس فقلت له : عندنا في ذلك سنة فقال : وما هي قلت : حدثنا
الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد
الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه . فقال : إن هذا الحديث حسن وما سمعت به قط
إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع . ( مقدمة الجرح والتعديل
لابن أبي حاتم ص 31 - 32 )
ج - الشافعي رحمه الله
وأما الإمام الشافعي رحمه الله فالنقول عنه في
ذلك أكثر وأطيب
وأتباعه أكثر عملا بها
وأسعد فمنها :
1 - ( ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله
صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لخلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
قولي ) . ( تاريخ دمشق لابن عساكر 15 / 1 / 3 )
2 - ( أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد ) . ( الفلاني ص 68
)
3 - ( إذا وجدتم في
كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم ودعوا ما قلت ) . ( وفي رواية ( فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد ) . (
النووي في المجموع 1 / 63 )
4 - ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) . ( النووي 1 /
63 )
5 - ( أنتم أعلم
بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به أي شيء يكون : كوفيا أو
بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا ) . ( الخطيب في الاحتجاج بالشافعي 8
/ 1 )
6 - ( كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي ) .
( أبو نعيم في الحلية 9 / 107 )
7 - ( إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي
صلى الله عليه وسلم خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب ) . ( ابن عساكر بسند صحيح 15 /
10 / 1 )
8 - ( كل ما قلت فكان عن النبي صلى الله عليه
وسلم خلاف قولي مما يصح فحديث النبي أولى فلا تقلدوني ) . ( ابن عساكر بسند صحيح
15 / 9 / 2 )
9 - ( كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو
قولي وإن لم تسمعوه مني ) . ( ابن أبي حاتم 93 - 94 )
د - أحمد بن حنبل رحمه الله
وأما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة جمعا للسنة
وتمسكا بها حتى ( كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي ) ولذلك قال :
1 - ( لا تقلدني ولا
تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا ) . ( ابن القيم
في إعلام الموقعين 2 / 302 )
وفي رواية : ( لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير )
وقال مرة : ( الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن
النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير ) . ( أبو داود
في مسائل الإمام أحمد ص 276 - 277 )
2 - ( رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة
كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار ) . ( ابن عبد البر في الجامع 2 /
149 )
3 - ( من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهو على شفا هلكة ) . ( ابن الجوزي في المناقب ( ص 182 )
4- وقال أيضا: ( عجبت
لأناس يعرفون الحديث وأسناده ويأخذون برأي سفيان) ويقصد برأي سفيان الثوري الذي هو
خير علماء السلف وليس أي عالم فما بالك في فلان وعلان في عصرنا !!
5- وقال الإمام أحمد: (
من قِلة علم الرجل أن يقلِّد دينه علوم الرجال ).
تلك هي أقوال الأئمة
رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث والنهي عن تقليدهم دون بصيرة وهي من
الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلا ولا تأويلا وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في
السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة لا يكون مباينا لمذهبهم ولا خارجا عن طريقتهم بل
هو متبع لهم جميعا ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها وليس كذلك من ترك
السنة الثابتة لمجرد مخالتفها لقولهم بل هو بذلك عاص لهم ومخالف لأقوالهم المتقدمة
والله تعالى يقول : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في
أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما .
وقال تعالى : فليحذر
الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى :
( فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صلى الله
عليه وسلم وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف ذلك رأي
عظيم من الأمة فإن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأى
أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل
مخالف سنة صحيحة وربما أغلظوا في الرد لا بغضا له بل هو محبوب عندهم معظم في
نفوسهم لكن رسول الله أحب إليهم وأمره فوق أمر كل مخلوق فإذا تعارض أمر الرسول
وأمر غيره فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن
كان مغفورا له بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر
الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه
قلت : كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما
مر وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة بل إن الشافعي رحمه الله أمر
أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها أو أخذ بخلافها ولذلك لما
جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة
الأربعة الحديث فيها انفرادا واجتماعا في مجلد ضخم قال في أوله : ( إن نسبة هذه المسائل
إلى الأئمة المجتهدين حرام وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها لئلا يعزوها
إليهم فيكذبوا عليهم )
ترك الأتباع بعض أقوال أئمتهم اتباعا للسنة
ولذلك كله كان أتباع
الأئمة ثلة من الأولين . وقليل من الآخرين لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها بل قد
تركوا كثيرا منها لما ظهر لهم مخالفتها للسنة حتى أن الإمامين : محمد بن الحسن
وأبا يوسف رحمهما الله قد خالفا شيخهما أبا حنيفة ( في نحو ثلث المذهب ) وكتب
الفروع كفيلة ببيان ذلك ونحو هذا يقال في الإمام المزني وغيره من أتباع الشافعي
وغيره ولو ذهبنا نضرب على ذلك الأمثلة لطال بنا الكلام ولخرجنا به عما قصدنا إليه
في هذا البحث من الإيجاز فلنقتصر على مثالين اثنين :
1 - قال الإمام محمد في " موطئه " ( ص
158 ) : ( قال محمد : أما أبو حنيفة رحمه الله فكان لا يرى في الاستسقاء صلاة وأما
في قولنا فإن الإمام يصلي بالناس ركعتين ثم يدعو ويحول رداءه ) إلخ
2 - وهذا عصام بن يوسف البلخي من أصحاب الإمام
محمد ومن الملازمين للإمام أبي يوسف ( كان يفتي بخلاف قول الإمام أبي حنيفة كثيرا
لأنه لم يعلم الدليل وكان يظهر له دليل غيره فيفتي به " ولذلك ( كان يرفع
يديه عند الركوع والرفع منه ) كما هو في السنة المتواترة عنه صلى الله عليه وسلم
فلم يمنعه من العمل بها أن أئمته الثلاثة قالوا بخلافها وذلك ما يجب أن يكون عليه
كل مسلم بشهادة الأئمة الأربعة وغيرهم كما تقدم
وصدق أحمد المعلم حينما
قال
الله أكْبَرَ فِي
الدِّفَاعِ سَأَبْتَدِي ... وَهُوَ المُعِينُ عَلَى نَجَاحِ المَقْصَدِ
وَهُوَ الذِي نَصَرَ
النَّبِيَّ مُحَمَّدًا ... وَسَيَنْصُرُ المُتَّبِعِينَ لأَحْمَدَ
وَبِهِ أَصُولُ عَلَى
جَمِيعِ خُصُومِنَا ... وَأَعُدُّهُ عَوْنًا عَلَى مَنْ يَعْتَدِي
سَأَسُلُّ سَهْمًا فِي
كِنَانِةِ وَحْيِهِ ... وَبِهِ أَشُدُّ عَلَى كَتائبِ حُسَّدِي
وَبِهِ سَأَجْدَعُ
أَنْفَ كُلِّ مُكَابِرٍ ... وَبِهِ سَأَرْصُدُ لِلْكَفُورِ المُلْحِدِ
وَسَأَسْتَجِيرُ بِذِي
الجَلالِ وَذِي العُلا ... فَلَنْ أُضَامَ إِذَا اسْتَجَرْتُ بِسَيِّدِي
وَسَأَسْتمِدُّ العَوْنَ
مِنْهُ عَلَى الذِي ... لَمَزَ الأَحِبَّةَ بِالكَلامِ المُفْسِدِ
حَتَّى أُشّتِّتَ
شَمْلَهُمْ بِأَدِلَّةٍ ... مِثْلَ الصَّوَاعِقِ فِي السَّحِابِ الأَسْوَدِ
وَبِنُورِ وَحْي الله
أَكْشِفُ جَهْلَهُمْ ... حَتَّى يُبَيِّنَ عَلَى رُؤُوسِ المَشْهَدِ
لا تَلْمِزُونَا يَا
خَفَافِيشَ الدُّجَا ... بِتَطَرُّفٍ وَتَسَرُّعٍ وَتَشَدُّدِ
لا تَقْذِفُونَا
بِالشُّذُوذِ فَإِنَّنَا ... سِرْنَا عَلَى نَهْجِِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَلِكُلِّ قَوْل
نَسْتَدِلُّ بِآيَةٍ ... أَوْ بِالحَدِيثِ المُسْتَقِيمِ المُسْنَدِ
وَالنَّسْخَ نَعْرِفُ
وَالعُمُومَ وَأَنَّنَا ... مُتَفَطِّنُونَ لِمُطْلَقٍ وَمُقَيَّدِ
وَنُصُوصُ وَحْي اللهِ
نُتْقِنُ فَهْمَهَا ... لا تَحْسِبُونَ الفَهْمَ كَالرأْي الرَّدِي
وَإِذَا تَعَارَضَتِ
النُّصُوصُ فَإِنَّنَا ... بِأُصُولِ سَادَتِنَا الأئمةِ نَهْتَدِي
وَنُحَارِبُ
التَّقْلِيدَ طُولَ زَمَانِنَا ... مَعُ حُبِّنَا لِلْعَالِمِ المُتَجَرَّدِ
وَكَذَا الأَئِمَّةُ
حُبُّهُم مُتَمَكَّنٌ ... مِنْ كُلِّ نَفْسٍ يَا بَرِيَّةُ فَاشْهَدِي
وَتَرِقُّ أَنْفُسُنَا
لِرُؤْيَةِ مَنْ غَدَا ... فِي رِبْقَةِ التَّقْلِيدِ شِبْهَ مُقَيَّدِ
إِنَّا نَرِى
التَّقْلِيدَ دَاءً قَاتِلاً ... حَجَبَ العُقُولَ عَنِ الطَّرِيقِ الأَرْشَدِ
جَعَلَ الطَّرِيقَ عَلَى
المُقَلِّدَ حَالِكًا ... فَتَرَى المُقَلَّدَ تِائِهًا لا يَهْتَدِي
فَلِذَا بَدَأْنَا فِي
اجْتِثَاثِ جُذُورِهِ ... مِنْ كُلِّ قَلْبٍ خَائِفٍ مُتَرَدِّدِ
وَلَسَوْفَ نَدْمُلُ
دَاءَهُ وَجِرَاحَهُ ... بِمَرِاهِمِ الوَحْيِ الشَّرِيفِ المُرْشِدِ
نَدْعُو إِلَى
التَّوْحِيدِ طُولَ حَيَاتِنَا ... فِي كُلِّ حِينٍ فِي الخَفَا وَالمَشْهَدِ
وَنُحَارِبُ الشِّرْكِ
الخَبِيثَ وَأَهْلَهُ ... حَرْبًا ضَرُوسًا بِاللَّسِانِ وَبِاليدِ
وَكَذَلِكَ البِدَعُ
الخَبِيثَةُ كُلَّهَا ... نَقْضِي عَلَيْهَا دونَ بَابِ المَسْجِدِ
هَذِي طَرِيقَتُنَا
وَهَذَا نَهْجُنَا ... فَعَلامَ أَنْتُمْ دُونَنَا بِالمَرْصَدِ
لِمَا تَطْعَنُونَا
وَتَلْمِزُونَا كَأَنَّنَا ... جِئْنَا بِرَأْيٍ لِلْعَقِيدَةِ مُفْسِدِ
أَلِمَذْهَبٍ
وَلِعَادَةٍ وَحُكُومَةٍ ... تَتَهَرَّبُونُ مِنَ الحَدِيثِ المُسْنَدِ
هَذَا الحَدِيثُ
تَلألأتْ أَنْوَارُهُ ... رَغْمَ الجَهُولِ وَرَغْمَ كُلِّ مُقَلِّدِ
إِنْ كُنْتُمْ
تَتَضَرَّرُونَ بِنُورِهِ ... فَالشَّمْسُ تَطْلَعُ رَغْمَ أَنْفِ الأَرْمَدِ
بِاللهِ قُولُوا مَا
الذِي أَنْكَرْتُمُوا ... عَلَى البَرِيَّةَ لِلْحَقِيقَةِ تَهْتَدِي
هَدَّدْتُمونَا
بِالمَذَاهِبِ بِعْدَ مَا ... وَضَحَ الدَّلِيلُ فَبِئْسَ مِِنْ مُتَهَدِّدِ
وَبهتُمُونَا
بِالقَبَائِحِ كُلِّهَا ... وَعَرَضْتُمُونَا بِالقَنَاعِ الأَسْوَدِ
وَرَفَعْتَمُونَا
لِلْوُلاةِ تَشَفِّيًا ... وَفَرَحْتُمُوا بِتَهَدُّدٍ وَتَوَعُّدِ
لاكِنَّنَا لُذْنَا
بِبَابِ إِلَهِنَا ... فَأَرَاحَنَا مِنْ كُلِّ خِصْمٍ مُعَْتَدِ
وَجَلا الحقيقةَ
لِلْمَلأ فَخَسَأْتُمُوا ... وَالسُّوءُ يَظْهَرُ مِنْ خَبِيثِ المَقْصَدِ
يَا مَعْشَرِ
الإِخْوَانِ سِيرُوا ... وَأَبْشِرُوا وَثِقُوا بِنَصْرِ الوَاحِدِ المُتَفَرِّدِ
وَلِتُعْلِنُوهَا
لِلْبَرِيَّةِ كُلِّهَا ... إِنَّا بِغَيْرِ مُحَمَّدٍ لا نَقْتَدِي
لا نَطْلُبُ الدُّنْيَا
وَلا نَسْعَى لَهَا ... اللهُ مَقْصَدُنَا وَنِعمَ المَقْصَدِ
لَيْسَ المَنَاصِبُ
هَمَّنَا وَمُرَادُنَا ... كَلا وَلا ثَوْبِ الخَدِيعَةِ نَرْتَدِي
إِنَّا لنَسعْى فِي
صَلاحِ نُفُوسِنَا ... بِعلاجِ أَنْفُسِنَا المَرِيضَةِ نَبْتَدِي
وَنُحِبُّ أَنْ نَهْدِي
البَرِيَّةِ كُلِّهَا ... نَدَعُ الْقَرِيب قَبِيلَ نُصْحِ الأَبْعَدِ
وَبِوَاجِبِ المعروفِ
نأْمر قَوْمَنَا ... وَنَقُومُ صَفَّا في الطَّرِيقِ المُفْسِدِ
لَو تُبْصِرُ الإِخْوانَ
في حَلَقَاتِنَا ... مِنْ عَالِمٍ أَوْ طالب مسترشدِ
لَرَأَيْتَ عِلْمًا
وَإِتِّبَاعًا صَادِقًا ... لِلسُّنَّةِ الغَرَّاءِ دُونَ تَرَدُّدِي
أَنْعِمْ بطلاب الحديثِ
وأَهْلِهِ ... وَأجِلُّهُم عن كل قَوْلِ مُفْسِدِ
هُمْ زِينةُ الدُّنْيَا
مَصَابِيحُ الهُدَى ... طُلَعُوا عَلَى الدُّنْيَا طُلُوع الغَرْقَدِ
وَرِثُوا النَّبِيِّ
فَأَحْسَنُوا فِي إِرْثِهِ ... وَحَمَوْهُ مِنْ كَيْدِ الخَبِيثِ المُعْتَدِي
سَعِدُوا بِهَدْي
مُحَمَّدٍ وَكَلامِهِ ... وَسِوَاهُمُ بِكَلامِهِ لَمْ يَسْعُدِ
وَالدِّينُ قَالَ اللهُ
قَالَ رَسُوله ... وَهُمْ لِدِينِ اللهِ أَفْضَلُ مُرْشِدِ
وَالفِقْهُ فَهْمُ
النَّصِ فَهْمًا وَاضِحًا ... مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَتَأْوِيلٍ رَدِيْ
لا تَحْسَبَنَّ الفَقْه
مَتْنًا خَالِيًا ... مِنْ كُلِّ قَولٍ لِلْمُشَرِّعِ مُسْنَدِ
فَعَلَيْكَ
بِالوَحْيَيْنِ لا تَعْدُوهُمَا ... وَاسْلُكْ طَرِيقهُمَا بِفهْمِ جَيِّدِ
فَإِذَا تَعَذَّرَ
فَهْمُ نَصٍّ غَامِضٍ ... فَاسْتَفْتِ أَهْلَ الذِّكْرِ كَالمُسْتَرْشِدِ
بِالبَيَّنَاتِ
وَالزَّبُورِ فَإِنَّهُ ... مِنْ أَمْرِ رَبَّكَ فِي الكِتابِ فَجَوِّدِ
وَاعلم بأنَّ مَن
اقْتَدَى بِمُحَمَّدٍ ... سَيَنَاله كَيْدُ الغُوَاةِ الحُسَّدِ
وَيَذوق أَنْواعَ
العَدَاوةِ وَالأَذَى ... مِنْ جَاهِلٍ وَمُكَابِرٍ وَمُقَلَّدِ
فَاصْبِرْ عَلَيْهِ
وَكُنْ بِرَبَّكَ وَاثِقًا ... هَذَا الطَّرِيقُ إِلَى الهُدَى وَالسُّؤْدَدِ [5]
وصدق شاعر اخر:
العلم قال الله قال
رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف
سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه
وقال بعضهم:
كل العلوم سوى القرآن
مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال
حدّثنا وما سوى ذاك فوسواس الشياطين
فالموفق من جعل كتاب
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حكماً على قول كل أحد ، وإن خالفه من خالفه أو
بدّعه من بدّعه ، فقد جرت عادة المقلدين والمتعصبين في تبديع مخالفيهم وتضليلهم ،
وهذا شأن كل مبطل ومنحرف عن الحق والصراط المستقيم إذا عجز عن إقامة الحجة والدليل
، لجأ إلى مثل هذه الأفاعيل .
قال ابن عباس رضي الله
عنهما: "ما من عام إلا والناس يحيون فيه بدعة ويميتون فيه سنة حتى تحيا البدع
وتموت السنن".
وعن جابر بن زيد أن ابن
عمر لقيه في الطواف فقال: "يا أبا الشعثاء إنك من فقهاء البصرة فلا تفت إلا
بقرآن ناطق أو سنة ماضية فإنك إن فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت".
وعن عبد الله بن عباس
رضي الله عنهما أنه قال : "والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحدا أحب إلى
الشيطان هلاكا مني . فقيل: كيف؟ فقال: والله إنه ليحدث البدعة في مشرق أو مغرب
فيحملها الرجل إلي فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنة فترد عليه".
وعنه رضي الله عنه أنه
قال : "عليكم بالاستقامة والأثر وإياكم والتبدع".
وعن معاذ بن جبل رضي
الله عنه قال : "أوشك قائل من الناس يقول : قد قرأت القرآن ولا أرى الناس
يتبعوني، ما هم متبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدُع فإن كل ما ابتدُع
ضلالة".
وعنه أنه قال :
"أيها الناس عليكم بالعلم قبل أن يرفع ألا وإن رفعه ذهاب أهله، وإياكم والبدع
والتبدع والتنطع وعليكم بأمركم العتيق".
وعن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : "كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة".
وعن الحسن البصري قال :
"صاحب البدعة لا يزداد اجتهادا صياما وصلاة إلا ازداد من الله بعدا".
وعنه قال: "لا
تجالس صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك".
وعن أيوب السختيانى أنه
كان يقول : "ما ازداد صاحب بدعة اجتهادا إلا ازداد من الله بعدا".
وعن سفيان الثوري قال :
"من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث: إما أن يكون فتنة لغيره. وإما أن
يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله في النار . وإما أن يقول والله ما أبالي ما
تكلموا وإني واثق بنفسي فمن أمن الله على دينه طرفة عين سلبه إياه".
وقال : "البدعة أحب
إلى إبليس من المعصية، فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها".
وعن أبي قلابة أنه قال :
"لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو
يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون".
وهذا ابن
مسعود ينكر على قوم يذكرون الله ولكن ليس على طريقة وهدى النبى ص
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 3
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
تابع الرد الميسر على بطلان التوسل
ذكر بعض أنواع
العبادة
العبادة أنواعها كثيرة ،
فكل عمل صالح يحبه الله ويرضاه قولي أو فعلي ظاهر أو باطن فهو نوع من أنواعها وفرد
من أفرادها ، وفيما يلي ذكر بعض الأمثلة على ذلك :
1 - فمن أنواع
العبادة : الدعاء ، بنوعيه دعاء المسألة ، ودعاء العبادة .
قال الله تعالى : {
فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } (غافر : 14) ، وقال تعالى : {
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } (الجن : 18)
، وقال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا
يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ
}{ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ
كَافِرِينَ } (الأحقاف : 5- 6) .
فمن دعا غير الله عز وجل
بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كافر سواء كان المدعو حيا أو ميتا ، ومن دعا
حيا بما يقدر عليه مثل أن يقول : يا فلان أطعمني ، أو يا فلان اسقني ، ونحو ذلك
فلا شيء عليه ، ومن دعا ميتا أو غائبا بمثل هذا فإنه مشرك ؛ لأن الميت والغائب لا
يمكن أن يقوم . بمثل هذا .
والدعاء نوعان : دعاء
المسألة ودعاء العبادة .
فدعاء المسألة ، هو سؤال
الله من خيري الدنيا والآخرة ، ودعاء العبادة يدخل فيه كل القربات الظاهرة
والباطنة ؛ لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله من ربه قبول تلك العبادة
والإثابة عليها .
وكل ما ورد في القرآن من
الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله والثناء على الداعين يتناول دعاء المسألة
ودعاء العبادة .
2 ، 3 ، 4 -
ومن أنواع العبادة : المحبة والخوف والرجاء ، وقد تقدم الكلام عليها وبيان أنها
أركان للعبادة .
5 - ومن
أنواعها : التوكل ، وهو الاعتماد على الشيء .
والتوكل على الله : هو
صدق تفويض الأمر إلى الله تعالى اعتمادا عليه وثقة به مع مباشرة ما شرع وأباح من
الأسباب لتحصيل المنافع ودفع المضار ، قال الله تعالى : { وَعَلَى اللَّهِ
فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (المائدة : 23) ، وقال تعالى : {
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } (الطلاق : 3) .
6 ، 7 ، 8-
ومن أنواع العبادة : الرغبة والرهبة والخشوع .
فأما الرغبة : فمحبة
الوصول إلى الشيء المحبوب ، والرهبة : الخوف المثمر للهرب من المخوف ، والخشوع :
الذل والخضوع لعظمة الله بحيث يستسلم لقضائه الكوني والشرعي ، قال الله تعالى في
ذكر هذه الأنواع الثلاثة من العبادة : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }
(الأنبياء : 90) .
9 - ومن أنواع
العبادة : الخشية ، وهي الخوف المبني على العلم بعظمة من يخشاه وكمال سلطانه ، قال
الله تعالى : { فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي } (البقرة
: 150) .
{ فَلَا تَخْشَوْهُمْ
وَاخْشَوْنِ } (المائدة : 3) .
10- ومنها الإنابة ، وهي
الرجوع إلى الله تعالى بالقيام بطاعته واجتناب معصيته ، قال الله تعالى : {
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } (الزمر : 54) .
11 - ومنها :
الاستعانة ، وهي طلب العون من الله في تحقيق أمور الدين والدنيا ، قال الله تعالى
:{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ، وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس : « إذا استعنت فاستعن
بالله » .
12 - ومنها :
الاستعاذة ، وهي طلب الإعاذة والحماية من المكروه ، قال الله
تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }{ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وقال تعالى
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }{ مَلِكِ النَّاسِ }{ إِلَهِ النَّاسِ }{ مِنْ
شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ } .
13 - ومنها
الاستغاثة ، وهو طلب الغوث ، وهو الإنقاذ من الشدة والهلاك
، قال الله تعالى : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ }
(الأنفال : 9) .
14 - ومنها
الذبح ، وهو إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه الخصوص
تقربا إلى الله ، قال الله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الأنعام : 162) ، وقال تعالى : {
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } (الكوثر : 2) .
15 - ومنها
النذر ، وهو إلزام المرء نفسه بشيء ما ، أو طاعة لله
غير واجبة ، قال الله تعالى : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ
شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } (الإنسان : 7) .
فهذه بعض الأمثلة على
أنواع العبادة ، وجميع ذلك حق لله وحده لا يجوز صرف أى شيء منه لغير الله .
والعبادة بحسب ما تقوم
به من الأعضاء على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : عبادات
القلب ، كالمحبة والخوف والرجاء والإنابة والخشية والرهبة والتوكل ونحو ذلك .
القسم الثاني : عبادات
اللسان ، كالحمد والتهليل والتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن والدعاء ونحو ذلك .
القسم الثالث : عبادات
الجوارح ، كالصلاة والصيام والزكاة والحج والصدقة والجهاد ، ونحو ذلك .
الأمر الخامس
: حماية النبى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد من أى شائبة من شوائب الشرك صغيره
وكبيره جليه وخفيه
لقد كان النبي صلى الله
عليه وسلم حريصا أشد الحرص على أمته ؛ لتكون عزيزة منيعة محققة لتوحيد الله عز وجل
، مجانبة لكل الوسائل والأسباب المفضية لما يضاده ويناقضه ، قال الله تعالى : {
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } (التوبة : 128) .
وقد أكثر صلى الله عليه
وسلم في النهي عن الشرك وحذر وأنذر وأبدأ وأعاد وخص وعم في حماية الحنيفية السمحة
ملة إبراهيم التي بعث بها من كل ما قد يشوبها من الأقوال والأعمال التي يضمحل معها
التوحيد أو ينقص ، وهذا كثير في السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ، فأقام
الحجة ، وأزال الشبهة ، وقطع المعذرة ، وأبان السبيل .
وفي المطالب التالية عرض
يتبين من خلاله حماية النبى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده كل طريق يفضي إلى
الشرك والباطل .
المطلب الأول
: الرقى .
أ- تعريفها : الرقى جمع
رقية ، وهي القراءة والنفث طلبا للشفاء والعافية ، سواء كانت من القرآن الكريم أو
من الأدعية النبوية المأثورة .
ب- حكمها : الجواز ، ومن
الأدلة على ذلك ما يلي :
عَنْ عَوْفِ بْنِ
مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا
رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا
بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ .[1]
عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقْيَةِ مِنْ
الْعَيْنِ [2]وَالْحُمَةِ
[3]وَالنَّمْلَةِ[4] .[5]
وعن جابر بن عبد الله
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من استطاع أن ينفع أخاه
فليفعل » [6]
وعن عائشة رضي الله عنها
قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ثم
قال : (أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر
سقما) » ،.[7]
ج- شروطها : ولجوازها
وصحتها شروط ثلاثة :
الأول : أن لا يعتقد
أنها تنفع لذاتها دون الله ، فإن اعتقد أنها تنفع بذاتها من دون الله فهو محرم ، بل
هو شرك ، بل يعتقد أنها سبب لا تنفع إلا بإذن الله .
الثاني : أن لا تكون بما
يخالف الشرع كما إذا كانت متضمنة دعاء غير الله أو استغاثة بالجن وما أشبه ذلك ،
فإنها محرمة ، بل شرك .
الثالث : أن تكون مفهومة
معلومة ، فإن كانت من جنس الطلاسم والشعوذة فإنها لا تجوز .
وقد سئل الإمام مالك
رحمه الله : أيرقي الرجل ويسترقي ؟ فقال : " لا بأس بذلك ، بالكلام الطيب
" .
د- الرقية الممنوعة : كل
رقية لم تتوفر فيها الشروط المتقدمة فإنها محرمة ممنوعة ، كأن يعتقد الراقي أو
المرقي أنها تنفع وتؤثر بذاتها ، أو تكون مشتملة على ألفاظ شركية وتوسلات كفرية
وألفاظ بدعية ، ونحو ذلك ، أو تكون بألفاظ غير مفهومة كالطلاسم ونحوها .
المطلب
الثاني : التمائم .
أ- تعريفها : التمائم
جمع تميمة ، وهي ما يعلق على العنق وغيره من تعويذات أو خرزات أو عظام أو نحوها
لجلب نفع أو دفع ضر ، وكان العرب في الجاهلية يعلقونها على أولادهم يتقون بها
العين بزعمهم الباطل .
ب- حكمها : التحريم ، بل
هي نوع من أنواع الشرك ؛ لما فيها من التعلق بغير الله ؛ إذ لا دافع إلا الله ،
ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله وأسمائه وصفاته .
عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الرقى والتمائم والتولة
شرك » [8]
وقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ . [9]
وعن عُقْبَةَ بْنَ
عَامِرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ
وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ .[10]
وعن عقبة بن عامر رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من علق تميمة فقد أشرك »[11]
فهذه النصوص وما في
معناها في التحذير من الرقى الشركية التي كانت هي غالب رقى العرب فنهي عنها لما
فيها من الشرك والتعلق بغير الله تعالى .
ج- وإذا كان المعلق من
القرآن الكريم ، فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم ، فذهب بعضهم إلى جواز ذلك ،
ومنهم من منع ذلك ، وقال لا يجوز تعليق القرآن للاستشفاء ، وهو الصواب لوجوه أربعة
:
1- عموم النهي عن تعليق
التمائم ، ولا مخصص للعموم .
2- سدا للذريعة ، فإنه
يفضي إلى تعليق ما ليس من القرآن . وقد حدث ذلك فى كثير من بلاد المسلمين .
3- أنه إذا علق فلا بد
أن يمتهن المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ، ونحو ذلك .
4- أن الاستشفاء بالقرآن
ورد على صفة معينة ، وهي القراءة به على المريض فلا تتجاوز .
المطلب
الثالث : لبس الحلقة والخيط ونحوها .
أ- الحلقة قطعة مستديرة
من حديد أو ذهب أو فضة أو نحاس أو نحو ذلك ، والخيط معروف ، وقد يجعل من الصوف أو
الكتان أو نحوه ، وكانت العرب في الجاهلية تعلق هذا ومثله لدفع الضر أو جلب النفع
أو اتقاء العين ، والله تعالى يقول : { قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ
أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ
اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } (الزمر : 38) ، ويقول تعالى : {
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ
الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا } (الإسراء : 56) .
وعن حذيفة بن اليمان رضي
الله عنه : (أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى : { وَمَا
يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } (يوسف : 106)
ب- حكم لبس الحلقة
والخيط ونحو ذلك ، محرم فإن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله فهو مشرك
شركا أكبر في توحيد الربوبية ؛ لأنه اعتقد وجود خالق مدبر مع الله تعالى الله عما
يشركون .
وإن اعتقد أن الأمر لله
وحده وأنها مجرد سبب ، ولكنه ليس مؤثرا فهو مشرك شركا أصغر لأنه جعل ما ليس سببا
سببا والتفت إلى غير ذلك بقلبه ، وفعله هذا ذريعة للانتقال للشرك الأكبر إذا تعلق
قلبه بها ورجا منها جلب النعماء أو دفع البلاء . وإن لم يتعلق بها قلبه تعلق بها
قلب من بعده .
المطلب
الرابع : التبرك بالأشجار والأحجار ونحوها .
التبرك هو طلب البركة ،
وطلب البركة لا يخلو من أمرين :
1 - أن يكون التبرك بأمر
شرعي معلوم ، مثل القرآن ، قال الله تعالى : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ
مُبَارَكٌ } (الأنعام : 92 ، 155) ، فمن بركته هدايته للقلوب وشفاؤه للصدور
وإصلاحه للنفوس وتهذيبه للأخلاق ، إلى غير ذلك من بركاته الكثيرة .
2 - أن يكون التبرك بأمر
غير مشروع ، كالتبرك بالأشجار والأحجار والقبور والقباب والبقاع ونحو ذلك ، فهذا
كله من الشرك .
فعَنْ أَبِي وَاقِدٍ
اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا
خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ
أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ
اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ
مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ . [12]
فقد دل هذا الحديث على
أن ما يفعله من يعتقد في الأشجار والقبور والأحجار ونحوها من التبرك بها والعكوف
عندها والذبح لها هو الشرك ، ولهذا أخبر في الحديث أن طلبهم كطلب بني إسرائيل لما
قالوا لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فهؤلاء طلبوا سدرة يتبركون بها كما
يتبرك المشركون ، وأولئك طلبوا إلها كما لهم آلهة ، فيكون في كلا الطلبين منافاة
للتوحيد ؛ لأن التبرك بالشجر نوع من الشرك ، واتخاذ إله غير الله شرك واضح .
وفي قوله صلى الله عليه
وسلم في الحديث : « لتركبن سننة من كان قبلكم » إشارة إلى أن شيئا من ذلك سيقع في
أمته صلى الله عليه وسلم ، وقد قال ذلك عليه الصلاة والسلام ناهيا ومحذرا .
المطلب
الخامس : النهي عن أعمال تتعلق بالقبور .
هل بعث النبى
صلى الله عليه وسلم ليربط الناس بالأموات والمقبورين أم ليربطهم بالله عز وجل ؟
ولما كان التوسل
بأصحاب القبور خاصة يفضى إلى الشرك بالله فقد أغلق الله ورسوله هذا الباب ونهوا
عنه فى غير موضع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سدا لزريعة الشرك
لقد كان الأمر في صدر
الإسلام على منع زيارة القبور لقرب عهدهم بالجاهلية حماية لحمى التوحيد وصيانة لجنابه
، ولما حسن الإيمان وعظم شأنه في الناس ورسخ في القلوب واتضحت براهين التوحيد
وانكشفت شبهة الشرك جاءت مشروعية زيارة القبور محددة أهدافها موضحة مقاصدها .
عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَيْتُكُمْ
عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ
فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ
إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا
مُسْكِرًا .[13]
عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا
تَذْكِرَةً .[14]
وعن بريدة - رضي الله
عنه - ، قَالَ : كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُهُمْ إِذَا
خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ أنْ يَقُولَ قَائِلُهُمْ : (( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ
أهلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنينَ وَالمُسلمينَ ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ
للاَحِقونَ ، أسْألُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ )) [15]
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا
تَقُولُوا هُجْرًا .[16]
فهذه الأحاديث وما جاء
في معناها تدل على أن مشروعية زيارة القبور بعد المنع من ذلك إنما كانت لهدفين
عظيمين وغايتين جليلتين :
الأولى : التزهيد في الدنيا بتذكر الآخرة والموت والبلى ، والاعتبار بأهل القبور
مما يزيد في إيمان الشخص ويقوي يقينه ويعظم صلته بالله ، ويذهب عنه الإعراض
والغفلة .
الثانية : الإحسان إلى الموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم وطلب المغفرة لهم وسؤال
الله العفو عنهم .
هذا الذي دل عليه الدليل
، ومن ادعى غير ذلك طولب بالحجة والبرهان .
ثم إن السنة قد جاءت
بالنهي عن أمور عديدة متعلقة بالقبور وزيارتها ، صيانة للتوحيد وحماية لجنابه ،
يجب على كل مسلم تعلمها ليكون في أمنة من الباطل وسلامة من الضلال ، ومن ذلك :
1 - النهي عن
قول الهجر عند زيارة القبور .
وقد تقدم قوله صلى الله
عليه وسلم : « ولا تقولوا هجرا » ، والمراد بالهجر كل أمر محظور شرعا ، ويأتي في
مقدمة ذلك الشرك بالله بدعاء المقبورين وسؤالهم من دون الله والاستغاثة بهم وطلب
المدد والعافية منهم ، فكل ذلك من الشرك البواح والكفر الصراح ، وقد ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة صريحة في المنع من ذلك والنهي عنه ولعن فاعله ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الْحَارِثِ النَّجْرَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي جُنْدَبٌ قَالَ سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ
وَهُوَ يَقُولُ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ
خَلِيلًا وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا
بَكْرٍ خَلِيلًا أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ
قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا
الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ .[17]
فدعاء الأموات وسؤالهم الحاجات وصرف شيء من
العبادة لهم شرك أكبر ، أما العكوف عند القبور وتحري إجابة الدعاء عندها ومثله
الصلاة في المساجد التي فيها القبور فهو من البدع المنكرة .
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ لَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ
غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَوْ خُشِيَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا .[18]
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا
قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ
قَبْرُهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا .[19]
2 - الذبح والنحر عند القبور .
فإن كان ذلك تقربا إلى
المقبورين ليقضوا حاجة للشخص فهو شرك أكبر وإن كان لغير ذلك فهو من البدع الخطيرة
التي هي من أعظم وسائل الشرك لما روى عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ . قَالَ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً .[20]
3 ، 4 ، 5 ، 6
، 7- رفعها زيادة على التراب الخارج منها ، وتجصيصها ، والكتابة عليها ، والبناء
عليها ، والقعود عليها .
فكل ذلك من البدع التي
ضلت بها اليهود والنصارى وكانت من أعظم ذرائع الشرك
فعَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ
وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ .[21]
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ
أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ يُجَصَّصَ زَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَوْ
يُكْتَبَ عَلَيْهِ .[22]
8 - الصلاة
إلى القبور وعندها .
عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ
الْغَنَوِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا .[23]
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ .[24]
وعبادة الله تعالى عند
قبور الصالحين، أو تحري الدعاء عند قبورهم، من محدثات الأمور التي نهينا عنها، وسيلة
من وسائل
الشرك، ولو كان هذا
الفعل خيراً لسنه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة؛ فإنه بلغ البلاغ المبين؛ وأدى
الأمانة، ونصح للأمة، فلم يدع شيئاً يقرب إلى الجنة إلا وبينه لنا صلى الله عليه
وسلم.
فلو كانت العبادة مشروعة
عند قبور الصالحين، أو تحري الدعاء عند قبورهم له مزية وفيه فضل؛ لبينه النبي صلى
الله عليه وسلم بياناً عاماً،ولفعله الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، الذين هم أحرص
الناس على الخير، وأسرعهم مبادرة إليه، فلما لم يفعلوه؛علم أنه بدعة وضلالة ووسيلة
من وسائل الشرك.
والعبادات أيضا مبناها
على التوقيف لا على الرأي والاستحسان، و إلا؛ لقال من شاء ما شاء، وانفتحت أبواب
المحدثات من كل جانب.
وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ
بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ{ وَقَالَ
رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }قَالَ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ
وَقَرَأَ{ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ
دَاخِرِينَ }[25]
فكيف يأمرنا ربنا جل
جلاله أن ندعوه وشرط فى الإستجابة أن ندعوه وحده ثم يأتى من يقول الدعاء عند القبر
الفلانى مستجاب فمن أين لك هذا ؟ هل جاء هذا فى كتاب الله أو فى سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم أو عن الصحابة رضى الله عنهم من بعده .
والميت فى أمس الحاجة
إلى دعاء الحى ولو كان هذا الحى أقل من صلاحا . فالحى هو الذى يستطيع أن يفيد الميت
بالدعاء له وليس العكس . فهؤلاء الصحابة مع أن الله قد رضى عنهم ومع ذلك كانوا فى
حاجة إلى دعاء الأحياء فكيف بمن دونهم . وقد شرعت صلاة الجنازة للدعاء للميت .
فعن عائشة - رضي الله
عنها - قالت : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لو نجا أحد من ضمة
القبر لنجا سعد بن معاذ و لقد ضم ضمة ثم روخي عنه .[26]
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ ، رَضِيَ الله عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
صَلَّى عَلَى صَبِيَّةٍ - أَوْ صَبِيٍّ - فَقَالَ : لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ
ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا هَذَا الصَّبِيُّ.[27]
وصدق القائل
الناصح الأمين لهذا المتوسل بالأموات حيث قال
لقد أسمعتَ
لو ناديتَ حياً ... ولكن لا حياةَ لمن تنادي
ولو ناراً
لانفختَ بها أضاءتْ ... ولكن أنتَ تنفخُ في رمادِ
والحاصل أن تحري الدعا
عند القبر معروف أو غيره من الصالحين بدعة ووسيلة من وسائل الشرك، ولا يبعد أن
يأتي جاهل من الجهلة فيسأل صاحب القبر، خصوصا في البلاد التي يكثر فيها الجهل !!
وقد خيم الجهل على معظم
البلاد في هذا الزمان، واستحكمت غربة الدين، وتسلط الحكام الظلمة المجرمون على
عباد الله المؤمنين، وأرخوا العنان لأهل البدع والملحدين؛ فعثوا في الأرض فسادا؛
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
9 - بناء
المساجد عليها .
وهو بدعة من ضلالات
اليهود والنصارى فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا
قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ .[28]
10 - اتخاذها
عيدا .
وهو من البدع التي جاء
النهي الصريح عنها لعظم ضررها ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا [29]وَلَا
تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ
صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي . [30]
11 - شد
الرحال إليها .
وهو أمر منهي عنه لأنه
من وسائل الشرك وقد نهينا أن نشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا
تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى .[31]
فكيف ننهى عن شد الرحال
إلى المساجد ثم نؤمر بشدها إلى القبور؟ ترى هل يستقيم هذا مع أصحاب الفطر والعقول
السليمة.
الرد الميسر على بطلان
التوسل (3)
المطلب
السادس : التوسل .
أ- تعريفه : التوسل
مأخوذ في اللغة من الوسيلة ، والوسيلة والوصيلة معناهما متقارب ، فالتوسل هو
التوصل إلى المراد والسعي في تحقيقه .
وفي الشرع يراد به
التوصل إلى رضوان الله والجنة ؛ بفعل ما شرعه وترك ما نهي عنه .
ب- معنى الوسيلة في
القرآن الكريم :
وردت لفظة "
الوسيلة " في القرآن الكريم في موطنين :
1 - قوله تعالى : { يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ
وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (المائدة : 35) .
2 - قوله تعالى : {
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } (الإسراء : 57) .
والمراد بالوسيلة في
الآيتين ، أي : القربة إلى الله بالعمل بما يرضيه ، فقد نقل الحافظ ابن كثير رحمه
الله في تفسيره للآية الأولى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معنى الوسيلة فيها
القربة ، ونقل مثل ذلك عن مجاهد وأبي وائل والحسن البصري وعبد الله بن كثير والسدي
وابن زيد وغير واحد .[32]
وأما الآية الثانية فقد
بين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مناسبة نزولها التي توضح
معناها فقال :
قَالَ نَزَلَتْ فِي
نَفَرٍ مِنْ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ فَأَسْلَمَ
الْجِنِّيُّونَ وَالْإِنْسُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
فَنَزَلَتْ
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ } [33]
وهذا صريح في أن المراد
بالوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة والعبادات الجليلة ،
ولذلك قال : { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } أي يطلبون ما يتقربون
به إلى الله وينالون به مرضاته من الأعمال الصالحة المقربة إليه .
ج- أقسام التوسل :
ينقسم التوسل إلى قسمين
: توسل مشروع ، وتوسل ممنوع .
1 - التوسل المشروع : هو
التوسل إلى الله بالوسيلة الصحيحة المشروعة ، والطريق الصحيح لمعرفة ذلك هو الرجوع
إلى الكتاب والسنة ومعرفة ما ورد فيهما عنها ، فما دل الكتاب والسنة على أنه وسيلة
مشروعة فهو من التوسل المشروع ، وما سوى ذلك فإنه توسل ممنوع .
والتوسل المشروع يندرج
تحته ثلاثة أنواع :
الأول : التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العظيمة ،
كأن يقول المسلم في دعائه : اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم أن تعافيني ، أو
يقول : أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي وترحمني ، ونحو ذلك .
ودليل مشروعية هذا
التوسل قوله تعالى : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }
(الأعراف : 180) .
الثاني : التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به العبد ، كأن يقول : اللهم بإيماني
بك ، ومحبتي لك ، واتباعي لرسولك اغفر لي ، أو يقول : اللهم إني أسألك بحبي لنبيك
محمد صلى الله عليه وسلم وإيماني به أن تفرج عني ، أو أن يذكر الداعي عملا صالحا
ذا بال قام به فيتوسل به إلى ربه ، كما في قصة أصحاب الغار الثلاثة التي سيرد
ذكرها .
ويدل على مشروعيته قوله
تعالى : { الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا
ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (آل عمران : 16) ، وقوله تعالى : {
رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ
الشَّاهِدِينَ } (آل عمران : 53) .
ومن ذلك ما تضمنته قصة
أصحاب الغار الثلاثة كما يرويها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم
مطر ، فأووا إلى غار فانطبق عليهم ، فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا
ينجيكم إلا الصدق ، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه ، فقال واحد منهم :
اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز فذهب وتركه ، وأني عمدت
إلى ذلك الفرق فزرعته ، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا ، وأنه أتاني يطلب أجره
، فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فسقها ، فقال لي : إنما لي عندك فرق من أرز ، فقلت
له : اعمد إلى تلك البقر ، فإنها من الفرق ، فساقها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك
من خشيتك ففرج عنا ، فانساخت [34] عنهم الصخرة
، فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت آتيهما كل
ليلة بلبن غنم لي ، فأبطأت عليهما ليلة ، فجئت وقد رقدا ، وأهلي وعيالي يتضاغون من
الجوع ، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما ، وكرهت أن أدعهما
فيستكنا لشربتهما ، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من
خشيتك ففرج عنا ، فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء ، فقال الآخر : اللهم
إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم من أحب الناس إلي ، وإني راودتها عن نفسها فأبت
إلا أن آتيها بمائة دينار ، فطلبتها حتى قدرت ، فأتيتها بها فدفعتها إليها
فأمكنتني من نفسها ، فلما قعدت بين رجليها فقالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا
بحقه ، فقمت وتركت المائة
دينار ، فإن كنت تعلم
أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، ففرج الله عنهم فخرجوا » . [35]
الثالث : التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح الحى الذي ترجى إجابة دعائه فيما
أقدره الله عليه ، كأن يذهب المسلم إلى رجل يرى فيه الصلاح والتقوى والمحافظة على
طاعة الله ، فيطلب منه أن يدعو له ربه ليفرج كربته وييسر أمره .
ويدل على مشروعية هذا
النوع أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو
لهم بدعاء عام ودعاء خاص .
ففي الصحيحين من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه : « أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب ، فاستقبل رسول صلى الله عليه وسلم قائما
فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا ، قال : فرفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم
اسقنا ، قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة [36]ولا شيئا
، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ، قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس ،
فلما توسطت السماء انتشرت ، ثم أمطرت ، قال : والله ما رأينا الشمس ستا ، ثم دخل
رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة- ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب-
فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله
يمسكها ، قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال : اللهم حوالينا
ولا علينا ، اللهم على الآكام والجبال والظراب ومنابت الشجر ، قال : فانقطعت ،
وخرجنا نمشي في الشمس » . قال شريك : فسألت أنسا : أهو الرجل الأول ؟ قَال : لا
أدري .[37]
وفي الصحيحين أن النبي صلى
الله عليه وسلم لما « ذكر أن في أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب
وقال : ( هم الذي لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) قام
عكاشة بن محصن فقال : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال : (أنت منهم) » [38]
ومن ذلك حديث ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم أويسا القرني وفيه قال : « فاسألوه أن يستغفر لكم » .
وهذا النوع من التوسل
إنما يكون في حياة من يطلب منه الدعاء ، أما بعد موته فلا يجوز ؛ لأنه لا عمل له .
ولو كان الميت نافعا أحدا لنفع نفسه فدفع عن نفسه ضمة القبر ولجعل قبره روضة من رياض
الجنة . ولو كان الميت نافعا أحدا لنفع أولاده الذين صارت أحوالهم بعد موته ضنكا
وعيشهم كدا وضلوا بعد ما اهتدوا . أليس هذا من باب أولى ؟
2 - التوسل الممنوع : هو
التوسل إلى الله تعالى بما لم يثبت في الشريعة أنه وسيلة ، وهو أنواع بعضها أشد
خطورة من بعض ، منها :
1 - التوسل إلى الله
تعالى بدعاء الموتى والغائبين والاستغاثة بهم وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات
ونحو ذلك ، فهذا من الشرك الأكبر الناقل من الملة .
2 - التوسل إلى الله
بفعل العبادات عند القبور والأضرحة بدعاء الله عندها ، والبناء عليها ، ووضع
القناديل والستور ونحو ذلك ، وهذا من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد ، وهو
ذريعة مفضية إلى الشرك الأكبر .
3 - التوسل إلى الله
بجاه الأنبياء والصالحين ومكانتهم ومنزلتهم عند الله ، وهذا محرم ، بل هو من البدع
المحدثة ؛ لأنه توسل لم يشرعه الله ولم يأذن به . قال تعالى : { آللَّهُ أَذِنَ
لَكُمْ } (يونس : 59) ولأن جاه الصالحين ومكانتهم عند الله إنما تنفعهم هم ، كما
قال الله تعالى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } (النجم : 39)
، ولذا لم يكن هذا التوسل معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقد
نص على المنع منه وتحريمه غير واحد من أهل العلم :
قال أبو حنيفة رحمه الله
: (( يكره أن يقول الداعي : أسألك بحق فلان أو بحق أوليائك ورسلك أو بحق البيت
الحرام والمشعر الحرام )) .
4- التوسل بالأحياء فيما
لايقدر عليه إلا الله وفيما لا يطلب إلا من الله .
د- شبهات وردها في باب
التوسل .
قد يورد المخالفون لأهل
السنة والجماعة بعض الشبهات والاعتراضات في باب التوسل ؛ ليتوصلوا بها إلى دعم
تقريراتهم الخاطئة ، وليوهموا عوام المسلمين بصحة ما ذهبوا إليه ، ولا تخرج شبهات
هؤلاء عن أحد أمرين :
الأول : إما أحاديث ضعيفة أو موضوعة يستدل بها هؤلاء على ما ذهبوا إليه ، وهذه
يفرغ من أمرها بمعرفة عدم صحتها وثبوتها ، ومن ذلك :
1 - حديث : « توسلوا
بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم » ، أو « إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند
الله عظيم » ، وهو حديث باطل لم يروه أحد من أهل العلم ، ولا هو في شيء من كتب
الحديث .
2 - حديث : « إذا أعيتكم
الأمور فعليكم بأهل القبور » ، أو « فاستغيثوا بأهل القبور » ، وهو حديث مكذوب
مفترى على النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق العلماء . هل
إذا أعى الإنسان أمر فعليه باللجوء إلى الله أم يلجئ إلى أهل القبور ؟ ترى
أى الأمرين
يكون مقبولا عقلا ونقلا ؟
من الذى يحتاج
إلى الآخر ؟ هل الميت هو الذى يحتاج إلى الحى أمن الحى هو الذى يحتاج إلى الميت ؟
أين أصحاب العقول ؟
هل يملك الميت
لنفسه نفعا أو ضرا فضلا من أن يملك لغيره ؟ لو كان هذا الميت حيا فهل يملك لنفسه
نفعا أو ضرا فضلا من أن يملك لغيره ؟ فكيف وهو ميت ؟
أَلَمْ
يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا
نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ
فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
(16)
3 - حديث : « لو أحسن
أحدكم ظنه بحجر لنفعه » ، وهو حديث باطل مناقض لدين الإسلام ، وضعه بعض المشركين .
لو أحسن
الإنسان نيته فى حجر فلو أننا أقررنا هذا الكلام أليس هذا إقرارا منا على عبادة
الأوثان ؟ وكيف يدعو النبى صلى الله عليه وسلم الناس إلى عبادة الله وتوحيد الله
وهو يقول لهم لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه ؟ أليس هذا تناقض ممن يدعوا الناس إلى
توحيد الله ثم هو يقول لهم لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه ؟ وإذا انتفع الإنسان بالحجر فهل
يتوجه هذا الإنسان بعد ذلك فى حاجاته إلى الله أم إلى الحجر ؟ لا شك أن العاقل
يقول أنه يتجه إلى من أسدى إليه المنافع .
4 - حديث : « لما اقترف
آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال : يا آدم وكيف عرفت
محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت ف
ذكر بعض أنواع
العبادة
العبادة أنواعها كثيرة ،
فكل عمل صالح يحبه الله ويرضاه قولي أو فعلي ظاهر أو باطن فهو نوع من أنواعها وفرد
من أفرادها ، وفيما يلي ذكر بعض الأمثلة على ذلك :
1 - فمن أنواع
العبادة : الدعاء ، بنوعيه دعاء المسألة ، ودعاء العبادة .
قال الله تعالى : {
فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } (غافر : 14) ، وقال تعالى : {
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } (الجن : 18)
، وقال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا
يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ
}{ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ
كَافِرِينَ } (الأحقاف : 5- 6) .
فمن دعا غير الله عز وجل
بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كافر سواء كان المدعو حيا أو ميتا ، ومن دعا
حيا بما يقدر عليه مثل أن يقول : يا فلان أطعمني ، أو يا فلان اسقني ، ونحو ذلك
فلا شيء عليه ، ومن دعا ميتا أو غائبا بمثل هذا فإنه مشرك ؛ لأن الميت والغائب لا
يمكن أن يقوم . بمثل هذا .
والدعاء نوعان : دعاء
المسألة ودعاء العبادة .
فدعاء المسألة ، هو سؤال
الله من خيري الدنيا والآخرة ، ودعاء العبادة يدخل فيه كل القربات الظاهرة
والباطنة ؛ لأن المتعبد لله طالب بلسان مقاله ولسان حاله من ربه قبول تلك العبادة
والإثابة عليها .
وكل ما ورد في القرآن من
الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله والثناء على الداعين يتناول دعاء المسألة
ودعاء العبادة .
2 ، 3 ، 4 -
ومن أنواع العبادة : المحبة والخوف والرجاء ، وقد تقدم الكلام عليها وبيان أنها
أركان للعبادة .
5 - ومن
أنواعها : التوكل ، وهو الاعتماد على الشيء .
والتوكل على الله : هو
صدق تفويض الأمر إلى الله تعالى اعتمادا عليه وثقة به مع مباشرة ما شرع وأباح من
الأسباب لتحصيل المنافع ودفع المضار ، قال الله تعالى : { وَعَلَى اللَّهِ
فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (المائدة : 23) ، وقال تعالى : {
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } (الطلاق : 3) .
6 ، 7 ، 8-
ومن أنواع العبادة : الرغبة والرهبة والخشوع .
فأما الرغبة : فمحبة
الوصول إلى الشيء المحبوب ، والرهبة : الخوف المثمر للهرب من المخوف ، والخشوع :
الذل والخضوع لعظمة الله بحيث يستسلم لقضائه الكوني والشرعي ، قال الله تعالى في
ذكر هذه الأنواع الثلاثة من العبادة : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي
الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }
(الأنبياء : 90) .
9 - ومن أنواع
العبادة : الخشية ، وهي الخوف المبني على العلم بعظمة من يخشاه وكمال سلطانه ، قال
الله تعالى : { فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي } (البقرة
: 150) .
{ فَلَا تَخْشَوْهُمْ
وَاخْشَوْنِ } (المائدة : 3) .
10- ومنها الإنابة ، وهي
الرجوع إلى الله تعالى بالقيام بطاعته واجتناب معصيته ، قال الله تعالى : {
وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } (الزمر : 54) .
11 - ومنها :
الاستعانة ، وهي طلب العون من الله في تحقيق أمور الدين والدنيا ، قال الله تعالى
:{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ، وقال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس : « إذا استعنت فاستعن
بالله » .
12 - ومنها :
الاستعاذة ، وهي طلب الإعاذة والحماية من المكروه ، قال الله
تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }{ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وقال تعالى
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }{ مَلِكِ النَّاسِ }{ إِلَهِ النَّاسِ }{ مِنْ
شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ } .
13 - ومنها
الاستغاثة ، وهو طلب الغوث ، وهو الإنقاذ من الشدة والهلاك
، قال الله تعالى : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ }
(الأنفال : 9) .
14 - ومنها
الذبح ، وهو إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه الخصوص
تقربا إلى الله ، قال الله تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الأنعام : 162) ، وقال تعالى : {
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } (الكوثر : 2) .
15 - ومنها
النذر ، وهو إلزام المرء نفسه بشيء ما ، أو طاعة لله
غير واجبة ، قال الله تعالى : { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ
شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا } (الإنسان : 7) .
فهذه بعض الأمثلة على
أنواع العبادة ، وجميع ذلك حق لله وحده لا يجوز صرف أى شيء منه لغير الله .
والعبادة بحسب ما تقوم
به من الأعضاء على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : عبادات
القلب ، كالمحبة والخوف والرجاء والإنابة والخشية والرهبة والتوكل ونحو ذلك .
القسم الثاني : عبادات
اللسان ، كالحمد والتهليل والتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن والدعاء ونحو ذلك .
القسم الثالث : عبادات
الجوارح ، كالصلاة والصيام والزكاة والحج والصدقة والجهاد ، ونحو ذلك .
الأمر الخامس
: حماية النبى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد من أى شائبة من شوائب الشرك صغيره
وكبيره جليه وخفيه
لقد كان النبي صلى الله
عليه وسلم حريصا أشد الحرص على أمته ؛ لتكون عزيزة منيعة محققة لتوحيد الله عز وجل
، مجانبة لكل الوسائل والأسباب المفضية لما يضاده ويناقضه ، قال الله تعالى : {
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } (التوبة : 128) .
وقد أكثر صلى الله عليه
وسلم في النهي عن الشرك وحذر وأنذر وأبدأ وأعاد وخص وعم في حماية الحنيفية السمحة
ملة إبراهيم التي بعث بها من كل ما قد يشوبها من الأقوال والأعمال التي يضمحل معها
التوحيد أو ينقص ، وهذا كثير في السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ، فأقام
الحجة ، وأزال الشبهة ، وقطع المعذرة ، وأبان السبيل .
وفي المطالب التالية عرض
يتبين من خلاله حماية النبى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده كل طريق يفضي إلى
الشرك والباطل .
المطلب الأول
: الرقى .
أ- تعريفها : الرقى جمع
رقية ، وهي القراءة والنفث طلبا للشفاء والعافية ، سواء كانت من القرآن الكريم أو
من الأدعية النبوية المأثورة .
ب- حكمها : الجواز ، ومن
الأدلة على ذلك ما يلي :
عَنْ عَوْفِ بْنِ
مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا
رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا
بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ .[1]
عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَخَّصَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقْيَةِ مِنْ
الْعَيْنِ [2]وَالْحُمَةِ
[3]وَالنَّمْلَةِ[4] .[5]
وعن جابر بن عبد الله
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من استطاع أن ينفع أخاه
فليفعل » [6]
وعن عائشة رضي الله عنها
قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ثم
قال : (أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر
سقما) » ،.[7]
ج- شروطها : ولجوازها
وصحتها شروط ثلاثة :
الأول : أن لا يعتقد
أنها تنفع لذاتها دون الله ، فإن اعتقد أنها تنفع بذاتها من دون الله فهو محرم ، بل
هو شرك ، بل يعتقد أنها سبب لا تنفع إلا بإذن الله .
الثاني : أن لا تكون بما
يخالف الشرع كما إذا كانت متضمنة دعاء غير الله أو استغاثة بالجن وما أشبه ذلك ،
فإنها محرمة ، بل شرك .
الثالث : أن تكون مفهومة
معلومة ، فإن كانت من جنس الطلاسم والشعوذة فإنها لا تجوز .
وقد سئل الإمام مالك
رحمه الله : أيرقي الرجل ويسترقي ؟ فقال : " لا بأس بذلك ، بالكلام الطيب
" .
د- الرقية الممنوعة : كل
رقية لم تتوفر فيها الشروط المتقدمة فإنها محرمة ممنوعة ، كأن يعتقد الراقي أو
المرقي أنها تنفع وتؤثر بذاتها ، أو تكون مشتملة على ألفاظ شركية وتوسلات كفرية
وألفاظ بدعية ، ونحو ذلك ، أو تكون بألفاظ غير مفهومة كالطلاسم ونحوها .
المطلب
الثاني : التمائم .
أ- تعريفها : التمائم
جمع تميمة ، وهي ما يعلق على العنق وغيره من تعويذات أو خرزات أو عظام أو نحوها
لجلب نفع أو دفع ضر ، وكان العرب في الجاهلية يعلقونها على أولادهم يتقون بها
العين بزعمهم الباطل .
ب- حكمها : التحريم ، بل
هي نوع من أنواع الشرك ؛ لما فيها من التعلق بغير الله ؛ إذ لا دافع إلا الله ،
ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله وأسمائه وصفاته .
عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الرقى والتمائم والتولة
شرك » [8]
وقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ . [9]
وعن عُقْبَةَ بْنَ
عَامِرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ وَمَنْ تَعَلَّقَ
وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ .[10]
وعن عقبة بن عامر رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من علق تميمة فقد أشرك »[11]
فهذه النصوص وما في
معناها في التحذير من الرقى الشركية التي كانت هي غالب رقى العرب فنهي عنها لما
فيها من الشرك والتعلق بغير الله تعالى .
ج- وإذا كان المعلق من
القرآن الكريم ، فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم ، فذهب بعضهم إلى جواز ذلك ،
ومنهم من منع ذلك ، وقال لا يجوز تعليق القرآن للاستشفاء ، وهو الصواب لوجوه أربعة
:
1- عموم النهي عن تعليق
التمائم ، ولا مخصص للعموم .
2- سدا للذريعة ، فإنه
يفضي إلى تعليق ما ليس من القرآن . وقد حدث ذلك فى كثير من بلاد المسلمين .
3- أنه إذا علق فلا بد
أن يمتهن المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ، ونحو ذلك .
4- أن الاستشفاء بالقرآن
ورد على صفة معينة ، وهي القراءة به على المريض فلا تتجاوز .
المطلب
الثالث : لبس الحلقة والخيط ونحوها .
أ- الحلقة قطعة مستديرة
من حديد أو ذهب أو فضة أو نحاس أو نحو ذلك ، والخيط معروف ، وقد يجعل من الصوف أو
الكتان أو نحوه ، وكانت العرب في الجاهلية تعلق هذا ومثله لدفع الضر أو جلب النفع
أو اتقاء العين ، والله تعالى يقول : { قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ
أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ
اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } (الزمر : 38) ، ويقول تعالى : {
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ
الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا } (الإسراء : 56) .
وعن حذيفة بن اليمان رضي
الله عنه : (أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى : { وَمَا
يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } (يوسف : 106)
ب- حكم لبس الحلقة
والخيط ونحو ذلك ، محرم فإن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله فهو مشرك
شركا أكبر في توحيد الربوبية ؛ لأنه اعتقد وجود خالق مدبر مع الله تعالى الله عما
يشركون .
وإن اعتقد أن الأمر لله
وحده وأنها مجرد سبب ، ولكنه ليس مؤثرا فهو مشرك شركا أصغر لأنه جعل ما ليس سببا
سببا والتفت إلى غير ذلك بقلبه ، وفعله هذا ذريعة للانتقال للشرك الأكبر إذا تعلق
قلبه بها ورجا منها جلب النعماء أو دفع البلاء . وإن لم يتعلق بها قلبه تعلق بها
قلب من بعده .
المطلب
الرابع : التبرك بالأشجار والأحجار ونحوها .
التبرك هو طلب البركة ،
وطلب البركة لا يخلو من أمرين :
1 - أن يكون التبرك بأمر
شرعي معلوم ، مثل القرآن ، قال الله تعالى : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ
مُبَارَكٌ } (الأنعام : 92 ، 155) ، فمن بركته هدايته للقلوب وشفاؤه للصدور
وإصلاحه للنفوس وتهذيبه للأخلاق ، إلى غير ذلك من بركاته الكثيرة .
2 - أن يكون التبرك بأمر
غير مشروع ، كالتبرك بالأشجار والأحجار والقبور والقباب والبقاع ونحو ذلك ، فهذا
كله من الشرك .
فعَنْ أَبِي وَاقِدٍ
اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا
خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا ذَاتُ
أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ
اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ
مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ . [12]
فقد دل هذا الحديث على
أن ما يفعله من يعتقد في الأشجار والقبور والأحجار ونحوها من التبرك بها والعكوف
عندها والذبح لها هو الشرك ، ولهذا أخبر في الحديث أن طلبهم كطلب بني إسرائيل لما
قالوا لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فهؤلاء طلبوا سدرة يتبركون بها كما
يتبرك المشركون ، وأولئك طلبوا إلها كما لهم آلهة ، فيكون في كلا الطلبين منافاة
للتوحيد ؛ لأن التبرك بالشجر نوع من الشرك ، واتخاذ إله غير الله شرك واضح .
وفي قوله صلى الله عليه
وسلم في الحديث : « لتركبن سننة من كان قبلكم » إشارة إلى أن شيئا من ذلك سيقع في
أمته صلى الله عليه وسلم ، وقد قال ذلك عليه الصلاة والسلام ناهيا ومحذرا .
المطلب
الخامس : النهي عن أعمال تتعلق بالقبور .
هل بعث النبى
صلى الله عليه وسلم ليربط الناس بالأموات والمقبورين أم ليربطهم بالله عز وجل ؟
ولما كان التوسل
بأصحاب القبور خاصة يفضى إلى الشرك بالله فقد أغلق الله ورسوله هذا الباب ونهوا
عنه فى غير موضع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سدا لزريعة الشرك
لقد كان الأمر في صدر
الإسلام على منع زيارة القبور لقرب عهدهم بالجاهلية حماية لحمى التوحيد وصيانة لجنابه
، ولما حسن الإيمان وعظم شأنه في الناس ورسخ في القلوب واتضحت براهين التوحيد
وانكشفت شبهة الشرك جاءت مشروعية زيارة القبور محددة أهدافها موضحة مقاصدها .
عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَيْتُكُمْ
عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ
فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ النَّبِيذِ
إِلَّا فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلَا تَشْرَبُوا
مُسْكِرًا .[13]
عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا
تَذْكِرَةً .[14]
وعن بريدة - رضي الله
عنه - ، قَالَ : كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُهُمْ إِذَا
خَرَجُوا إِلَى المَقَابِرِ أنْ يَقُولَ قَائِلُهُمْ : (( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ
أهلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنينَ وَالمُسلمينَ ، وَإنَّا إنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ
للاَحِقونَ ، أسْألُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ )) [15]
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ
بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا
تَقُولُوا هُجْرًا .[16]
فهذه الأحاديث وما جاء
في معناها تدل على أن مشروعية زيارة القبور بعد المنع من ذلك إنما كانت لهدفين
عظيمين وغايتين جليلتين :
الأولى : التزهيد في الدنيا بتذكر الآخرة والموت والبلى ، والاعتبار بأهل القبور
مما يزيد في إيمان الشخص ويقوي يقينه ويعظم صلته بالله ، ويذهب عنه الإعراض
والغفلة .
الثانية : الإحسان إلى الموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم وطلب المغفرة لهم وسؤال
الله العفو عنهم .
هذا الذي دل عليه الدليل
، ومن ادعى غير ذلك طولب بالحجة والبرهان .
ثم إن السنة قد جاءت
بالنهي عن أمور عديدة متعلقة بالقبور وزيارتها ، صيانة للتوحيد وحماية لجنابه ،
يجب على كل مسلم تعلمها ليكون في أمنة من الباطل وسلامة من الضلال ، ومن ذلك :
1 - النهي عن
قول الهجر عند زيارة القبور .
وقد تقدم قوله صلى الله
عليه وسلم : « ولا تقولوا هجرا » ، والمراد بالهجر كل أمر محظور شرعا ، ويأتي في
مقدمة ذلك الشرك بالله بدعاء المقبورين وسؤالهم من دون الله والاستغاثة بهم وطلب
المدد والعافية منهم ، فكل ذلك من الشرك البواح والكفر الصراح ، وقد ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة صريحة في المنع من ذلك والنهي عنه ولعن فاعله ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الْحَارِثِ النَّجْرَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي جُنْدَبٌ قَالَ سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ
وَهُوَ يَقُولُ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ
خَلِيلًا وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا
بَكْرٍ خَلِيلًا أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ
قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا
الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ .[17]
فدعاء الأموات وسؤالهم الحاجات وصرف شيء من
العبادة لهم شرك أكبر ، أما العكوف عند القبور وتحري إجابة الدعاء عندها ومثله
الصلاة في المساجد التي فيها القبور فهو من البدع المنكرة .
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ لَوْلَا ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ
غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَوْ خُشِيَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا .[18]
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا
قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ قَالَتْ عَائِشَةُ لَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ
قَبْرُهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا .[19]
2 - الذبح والنحر عند القبور .
فإن كان ذلك تقربا إلى
المقبورين ليقضوا حاجة للشخص فهو شرك أكبر وإن كان لغير ذلك فهو من البدع الخطيرة
التي هي من أعظم وسائل الشرك لما روى عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ . قَالَ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً .[20]
3 ، 4 ، 5 ، 6
، 7- رفعها زيادة على التراب الخارج منها ، وتجصيصها ، والكتابة عليها ، والبناء
عليها ، والقعود عليها .
فكل ذلك من البدع التي
ضلت بها اليهود والنصارى وكانت من أعظم ذرائع الشرك
فعَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ
وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ .[21]
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ
أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ أَوْ يُجَصَّصَ زَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَوْ
يُكْتَبَ عَلَيْهِ .[22]
8 - الصلاة
إلى القبور وعندها .
عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ
الْغَنَوِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ لَا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا .[23]
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ .[24]
وعبادة الله تعالى عند
قبور الصالحين، أو تحري الدعاء عند قبورهم، من محدثات الأمور التي نهينا عنها، وسيلة
من وسائل
الشرك، ولو كان هذا
الفعل خيراً لسنه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة؛ فإنه بلغ البلاغ المبين؛ وأدى
الأمانة، ونصح للأمة، فلم يدع شيئاً يقرب إلى الجنة إلا وبينه لنا صلى الله عليه
وسلم.
فلو كانت العبادة مشروعة
عند قبور الصالحين، أو تحري الدعاء عند قبورهم له مزية وفيه فضل؛ لبينه النبي صلى
الله عليه وسلم بياناً عاماً،ولفعله الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، الذين هم أحرص
الناس على الخير، وأسرعهم مبادرة إليه، فلما لم يفعلوه؛علم أنه بدعة وضلالة ووسيلة
من وسائل الشرك.
والعبادات أيضا مبناها
على التوقيف لا على الرأي والاستحسان، و إلا؛ لقال من شاء ما شاء، وانفتحت أبواب
المحدثات من كل جانب.
وعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ
بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ{ وَقَالَ
رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }قَالَ الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ
وَقَرَأَ{ وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِلَى قَوْلِهِ
دَاخِرِينَ }[25]
فكيف يأمرنا ربنا جل
جلاله أن ندعوه وشرط فى الإستجابة أن ندعوه وحده ثم يأتى من يقول الدعاء عند القبر
الفلانى مستجاب فمن أين لك هذا ؟ هل جاء هذا فى كتاب الله أو فى سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم أو عن الصحابة رضى الله عنهم من بعده .
والميت فى أمس الحاجة
إلى دعاء الحى ولو كان هذا الحى أقل من صلاحا . فالحى هو الذى يستطيع أن يفيد الميت
بالدعاء له وليس العكس . فهؤلاء الصحابة مع أن الله قد رضى عنهم ومع ذلك كانوا فى
حاجة إلى دعاء الأحياء فكيف بمن دونهم . وقد شرعت صلاة الجنازة للدعاء للميت .
فعن عائشة - رضي الله
عنها - قالت : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : لو نجا أحد من ضمة
القبر لنجا سعد بن معاذ و لقد ضم ضمة ثم روخي عنه .[26]
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ ، رَضِيَ الله عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم
صَلَّى عَلَى صَبِيَّةٍ - أَوْ صَبِيٍّ - فَقَالَ : لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ
ضَمَّةِ الْقَبْرِ لَنَجَا هَذَا الصَّبِيُّ.[27]
وصدق القائل
الناصح الأمين لهذا المتوسل بالأموات حيث قال
لقد أسمعتَ
لو ناديتَ حياً ... ولكن لا حياةَ لمن تنادي
ولو ناراً
لانفختَ بها أضاءتْ ... ولكن أنتَ تنفخُ في رمادِ
والحاصل أن تحري الدعا
عند القبر معروف أو غيره من الصالحين بدعة ووسيلة من وسائل الشرك، ولا يبعد أن
يأتي جاهل من الجهلة فيسأل صاحب القبر، خصوصا في البلاد التي يكثر فيها الجهل !!
وقد خيم الجهل على معظم
البلاد في هذا الزمان، واستحكمت غربة الدين، وتسلط الحكام الظلمة المجرمون على
عباد الله المؤمنين، وأرخوا العنان لأهل البدع والملحدين؛ فعثوا في الأرض فسادا؛
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
9 - بناء
المساجد عليها .
وهو بدعة من ضلالات
اليهود والنصارى فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا
قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ .[28]
10 - اتخاذها
عيدا .
وهو من البدع التي جاء
النهي الصريح عنها لعظم ضررها ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا [29]وَلَا
تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ
صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي . [30]
11 - شد
الرحال إليها .
وهو أمر منهي عنه لأنه
من وسائل الشرك وقد نهينا أن نشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا
تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَمَسْجِدِ
الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى .[31]
فكيف ننهى عن شد الرحال
إلى المساجد ثم نؤمر بشدها إلى القبور؟ ترى هل يستقيم هذا مع أصحاب الفطر والعقول
السليمة.
الرد الميسر على بطلان
التوسل (3)
المطلب
السادس : التوسل .
أ- تعريفه : التوسل
مأخوذ في اللغة من الوسيلة ، والوسيلة والوصيلة معناهما متقارب ، فالتوسل هو
التوصل إلى المراد والسعي في تحقيقه .
وفي الشرع يراد به
التوصل إلى رضوان الله والجنة ؛ بفعل ما شرعه وترك ما نهي عنه .
ب- معنى الوسيلة في
القرآن الكريم :
وردت لفظة "
الوسيلة " في القرآن الكريم في موطنين :
1 - قوله تعالى : { يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ
وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (المائدة : 35) .
2 - قوله تعالى : {
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ
رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } (الإسراء : 57) .
والمراد بالوسيلة في
الآيتين ، أي : القربة إلى الله بالعمل بما يرضيه ، فقد نقل الحافظ ابن كثير رحمه
الله في تفسيره للآية الأولى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معنى الوسيلة فيها
القربة ، ونقل مثل ذلك عن مجاهد وأبي وائل والحسن البصري وعبد الله بن كثير والسدي
وابن زيد وغير واحد .[32]
وأما الآية الثانية فقد
بين الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مناسبة نزولها التي توضح
معناها فقال :
قَالَ نَزَلَتْ فِي
نَفَرٍ مِنْ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ فَأَسْلَمَ
الْجِنِّيُّونَ وَالْإِنْسُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
فَنَزَلَتْ
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ } [33]
وهذا صريح في أن المراد
بالوسيلة ما يتقرب به إلى الله تعالى من الأعمال الصالحة والعبادات الجليلة ،
ولذلك قال : { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } أي يطلبون ما يتقربون
به إلى الله وينالون به مرضاته من الأعمال الصالحة المقربة إليه .
ج- أقسام التوسل :
ينقسم التوسل إلى قسمين
: توسل مشروع ، وتوسل ممنوع .
1 - التوسل المشروع : هو
التوسل إلى الله بالوسيلة الصحيحة المشروعة ، والطريق الصحيح لمعرفة ذلك هو الرجوع
إلى الكتاب والسنة ومعرفة ما ورد فيهما عنها ، فما دل الكتاب والسنة على أنه وسيلة
مشروعة فهو من التوسل المشروع ، وما سوى ذلك فإنه توسل ممنوع .
والتوسل المشروع يندرج
تحته ثلاثة أنواع :
الأول : التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى أو صفة من صفاته العظيمة ،
كأن يقول المسلم في دعائه : اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم أن تعافيني ، أو
يقول : أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي وترحمني ، ونحو ذلك .
ودليل مشروعية هذا
التوسل قوله تعالى : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }
(الأعراف : 180) .
الثاني : التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح قام به العبد ، كأن يقول : اللهم بإيماني
بك ، ومحبتي لك ، واتباعي لرسولك اغفر لي ، أو يقول : اللهم إني أسألك بحبي لنبيك
محمد صلى الله عليه وسلم وإيماني به أن تفرج عني ، أو أن يذكر الداعي عملا صالحا
ذا بال قام به فيتوسل به إلى ربه ، كما في قصة أصحاب الغار الثلاثة التي سيرد
ذكرها .
ويدل على مشروعيته قوله
تعالى : { الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا
ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (آل عمران : 16) ، وقوله تعالى : {
رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ
الشَّاهِدِينَ } (آل عمران : 53) .
ومن ذلك ما تضمنته قصة
أصحاب الغار الثلاثة كما يرويها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : « بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم
مطر ، فأووا إلى غار فانطبق عليهم ، فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا
ينجيكم إلا الصدق ، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه ، فقال واحد منهم :
اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز فذهب وتركه ، وأني عمدت
إلى ذلك الفرق فزرعته ، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا ، وأنه أتاني يطلب أجره
، فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فسقها ، فقال لي : إنما لي عندك فرق من أرز ، فقلت
له : اعمد إلى تلك البقر ، فإنها من الفرق ، فساقها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك
من خشيتك ففرج عنا ، فانساخت [34] عنهم الصخرة
، فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكنت آتيهما كل
ليلة بلبن غنم لي ، فأبطأت عليهما ليلة ، فجئت وقد رقدا ، وأهلي وعيالي يتضاغون من
الجوع ، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أوقظهما ، وكرهت أن أدعهما
فيستكنا لشربتهما ، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من
خشيتك ففرج عنا ، فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء ، فقال الآخر : اللهم
إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم من أحب الناس إلي ، وإني راودتها عن نفسها فأبت
إلا أن آتيها بمائة دينار ، فطلبتها حتى قدرت ، فأتيتها بها فدفعتها إليها
فأمكنتني من نفسها ، فلما قعدت بين رجليها فقالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا
بحقه ، فقمت وتركت المائة
دينار ، فإن كنت تعلم
أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ، ففرج الله عنهم فخرجوا » . [35]
الثالث : التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح الحى الذي ترجى إجابة دعائه فيما
أقدره الله عليه ، كأن يذهب المسلم إلى رجل يرى فيه الصلاح والتقوى والمحافظة على
طاعة الله ، فيطلب منه أن يدعو له ربه ليفرج كربته وييسر أمره .
ويدل على مشروعية هذا
النوع أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو
لهم بدعاء عام ودعاء خاص .
ففي الصحيحين من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه : « أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب ، فاستقبل رسول صلى الله عليه وسلم قائما
فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا ، قال : فرفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم
اسقنا ، قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة [36]ولا شيئا
، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ، قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس ،
فلما توسطت السماء انتشرت ، ثم أمطرت ، قال : والله ما رأينا الشمس ستا ، ثم دخل
رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة- ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب-
فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله
يمسكها ، قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال : اللهم حوالينا
ولا علينا ، اللهم على الآكام والجبال والظراب ومنابت الشجر ، قال : فانقطعت ،
وخرجنا نمشي في الشمس » . قال شريك : فسألت أنسا : أهو الرجل الأول ؟ قَال : لا
أدري .[37]
وفي الصحيحين أن النبي صلى
الله عليه وسلم لما « ذكر أن في أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب
وقال : ( هم الذي لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) قام
عكاشة بن محصن فقال : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال : (أنت منهم) » [38]
ومن ذلك حديث ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم أويسا القرني وفيه قال : « فاسألوه أن يستغفر لكم » .
وهذا النوع من التوسل
إنما يكون في حياة من يطلب منه الدعاء ، أما بعد موته فلا يجوز ؛ لأنه لا عمل له .
ولو كان الميت نافعا أحدا لنفع نفسه فدفع عن نفسه ضمة القبر ولجعل قبره روضة من رياض
الجنة . ولو كان الميت نافعا أحدا لنفع أولاده الذين صارت أحوالهم بعد موته ضنكا
وعيشهم كدا وضلوا بعد ما اهتدوا . أليس هذا من باب أولى ؟
2 - التوسل الممنوع : هو
التوسل إلى الله تعالى بما لم يثبت في الشريعة أنه وسيلة ، وهو أنواع بعضها أشد
خطورة من بعض ، منها :
1 - التوسل إلى الله
تعالى بدعاء الموتى والغائبين والاستغاثة بهم وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات
ونحو ذلك ، فهذا من الشرك الأكبر الناقل من الملة .
2 - التوسل إلى الله
بفعل العبادات عند القبور والأضرحة بدعاء الله عندها ، والبناء عليها ، ووضع
القناديل والستور ونحو ذلك ، وهذا من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد ، وهو
ذريعة مفضية إلى الشرك الأكبر .
3 - التوسل إلى الله
بجاه الأنبياء والصالحين ومكانتهم ومنزلتهم عند الله ، وهذا محرم ، بل هو من البدع
المحدثة ؛ لأنه توسل لم يشرعه الله ولم يأذن به . قال تعالى : { آللَّهُ أَذِنَ
لَكُمْ } (يونس : 59) ولأن جاه الصالحين ومكانتهم عند الله إنما تنفعهم هم ، كما
قال الله تعالى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } (النجم : 39)
، ولذا لم يكن هذا التوسل معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقد
نص على المنع منه وتحريمه غير واحد من أهل العلم :
قال أبو حنيفة رحمه الله
: (( يكره أن يقول الداعي : أسألك بحق فلان أو بحق أوليائك ورسلك أو بحق البيت
الحرام والمشعر الحرام )) .
4- التوسل بالأحياء فيما
لايقدر عليه إلا الله وفيما لا يطلب إلا من الله .
د- شبهات وردها في باب
التوسل .
قد يورد المخالفون لأهل
السنة والجماعة بعض الشبهات والاعتراضات في باب التوسل ؛ ليتوصلوا بها إلى دعم
تقريراتهم الخاطئة ، وليوهموا عوام المسلمين بصحة ما ذهبوا إليه ، ولا تخرج شبهات
هؤلاء عن أحد أمرين :
الأول : إما أحاديث ضعيفة أو موضوعة يستدل بها هؤلاء على ما ذهبوا إليه ، وهذه
يفرغ من أمرها بمعرفة عدم صحتها وثبوتها ، ومن ذلك :
1 - حديث : « توسلوا
بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم » ، أو « إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند
الله عظيم » ، وهو حديث باطل لم يروه أحد من أهل العلم ، ولا هو في شيء من كتب
الحديث .
2 - حديث : « إذا أعيتكم
الأمور فعليكم بأهل القبور » ، أو « فاستغيثوا بأهل القبور » ، وهو حديث مكذوب
مفترى على النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق العلماء . هل
إذا أعى الإنسان أمر فعليه باللجوء إلى الله أم يلجئ إلى أهل القبور ؟ ترى
أى الأمرين
يكون مقبولا عقلا ونقلا ؟
من الذى يحتاج
إلى الآخر ؟ هل الميت هو الذى يحتاج إلى الحى أمن الحى هو الذى يحتاج إلى الميت ؟
أين أصحاب العقول ؟
هل يملك الميت
لنفسه نفعا أو ضرا فضلا من أن يملك لغيره ؟ لو كان هذا الميت حيا فهل يملك لنفسه
نفعا أو ضرا فضلا من أن يملك لغيره ؟ فكيف وهو ميت ؟
أَلَمْ
يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا
نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ
فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
(16)
3 - حديث : « لو أحسن
أحدكم ظنه بحجر لنفعه » ، وهو حديث باطل مناقض لدين الإسلام ، وضعه بعض المشركين .
لو أحسن
الإنسان نيته فى حجر فلو أننا أقررنا هذا الكلام أليس هذا إقرارا منا على عبادة
الأوثان ؟ وكيف يدعو النبى صلى الله عليه وسلم الناس إلى عبادة الله وتوحيد الله
وهو يقول لهم لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه ؟ أليس هذا تناقض ممن يدعوا الناس إلى
توحيد الله ثم هو يقول لهم لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه ؟ وإذا انتفع الإنسان بالحجر فهل
يتوجه هذا الإنسان بعد ذلك فى حاجاته إلى الله أم إلى الحجر ؟ لا شك أن العاقل
يقول أنه يتجه إلى من أسدى إليه المنافع .
4 - حديث : « لما اقترف
آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال : يا آدم وكيف عرفت
محمدا ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت ف
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 4
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
اللهم بحق سيدنا محمد واله
تثبت ايماننا يارب العالمبن
تثبت ايماننا يارب العالمبن
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 5
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
اثبات ان التوسل والاستغاثة بالانبياء والاولياء
جائز وانه ليس شركا كما تدعي الوهابية
عْلَم أنَّه لا دَليل حَقِيْقيٌّ يَدلُّ على عَدَمِ جَواز التوسل بالانبياء والاولياء في حَالِ الغَيْبة أو بَعْدَ وفَاتِهم بدَعْوى أنَّ ذَلكَ عِبَادة لغَيْرِ الله، لأنَّهُ لَيْسَ عِبادَةً لغَيْرِ الله مُجَرَّدُ النّداءِ لحَيّ أو مَيّتٍ ولا مُجَرَّدُ التعظيم ولا مُجرَّدُ الاستغاثة بغير الله، ولا مُجَرَّدُ قصد قبر ولي للتبرك، ولا مُجرَّدُ طلب ما لم تجر به العادة بينَ النَّاسِ، ولا مُجرَّدُ صِيغَةِ الاستعانة بغَيرِ الله تَعالى، أي لَيْسَ ذلكَ شِرْكًا لأنَّهُ لا يَنْطبِقُ علَيْهِ تَعْرِيفُ العبادة عِنْدَ اللُّغَوِيّيْنَ، لأنَّ العِبَادةَ عِنْدَهُم الطَّاعةُ معَ الخُضوعِ
1- ما هي العبادة عند اللغويين ؟
العبادة عِنْدَ اللُّغَوِيّيْنَ الطاعة معَ الخضوع.قالَ الأَزْهَرِيُّ الذي هُوَ أحَدُ كِبارِ اللُّغَوِيّيْنَ في كتَابِ تَهذِيبِ اللُّغَةِ نَقْلاً عَن الزَّجَّاجِ الذي هوَ مِنْ أشْهَرِهِم: العبادة في لُغَةِ العَربِ الطاعة مَعَ الخضوع، وقالَ مثلَهُ الفَرّاءُ كما في لسانِ العَرَبِ لابنِ منظور. وقَالَ بَعْضُهُم: أقْصَى غَايَةِ الخشوع والخضوع، وقالَ البَعْضٌ: نِهَايةُ التذلل كَما يُفْهَم ذَلكَ مِن كَلامِ شَارحِ القَاموسِ مُرتَضى الزَّبيدِيّ خَاتِمَةِ اللّغَوِيّين، وهَذا الذي يَسْتَقِيمُ لُغَةً وعُرْفًا.
2- ما الدليل على أن مجرد التذلّل ليس عبادة لغير الله؟
مُجَردُ التذلل لَيْسَ عبادة لِغَيرِ الله وإلا لَكَفَر كُلُّ مَن يتذلل لِلْمُلُوكِ والعُظَماءِ. وَقَد ثبَتَ أنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ لمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ سجد لِرَسُولِ الله صلى الله عليه و سلم، فَقالَ الرَّسُولُ: "مَا هَذَا" فَقالَ: يَا رَسُولَ الله إنّي رَأَيتُ أهْلَ الشّام يسجدون لبَطارِقَتِهم وأسَاقِفتهم وأنتَ أوْلَى بذَلِكَ، فَقَالَ: "لا تَفْعَلْ، لَو كُنْتُ ءامرُ أَحدًا أَن يَسْجُدَ لأحَدٍ لأمَرتُ المَرأةَ أنْ تسْجُدَ لِزَوْجِها"، رَواهُ ابنُ حِبّانَ وابنُ مَاجَه وغَيْرُهُما. ولَم يَقُلْ لهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كفَرْتَ، ولا قالَ لهُ أشْرَكْتَ مَع أنَّ سجُودَهُ للنَّبِي مَظْهَرٌ كَبِيرٌ مِنْ مَظاهِرِ التذلل.
3- ما هو التوسل؟
التوسل هو طَلَبُ حصولِ منفعة أو اندفاعِ مضرة من الله بِذِكرِ اسم نبيّ أو ولي إكراما للمتوسل به.
4- ما معنى قوله تعالى {وابتغوا إليه الوسيلة}؟
قال تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} [سورة المائدة] أي كلّ شىءٍ يُقربكم إليه اطلبوهُ يعني هذه الأسباب، اعملوا الأسباب فنحقّقُ لكم المسببات، نحقّقُ لكم مطالبكم بهذهِ الأسبابِ، وهو قادرٌ على تحقيقِها بدونِ هذه الأسباب.
5- لمَ نقول " اللهم إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرّج كربتي" ؟
جَعَلَ الله سبحانه وتعالى من الأسباب المعينة لنا لتحقيق مطالب لنا، التوسل بالأنبياء والأولياء في حال حياتهم وبعد مماتهم، فنحنُ نسأل الله بهم رجاء تحقيق مطالبنا، فنقول: اللهم إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرج كربي، أو نقول: اللهم بجاه عبد القادر الجيلاني ونحو ذلك، فإن ذلك جائز وإنما حرم ذلك الوهابية فشذوا بذلك عن أهل السنة.
6- ما معنى قوله تعالى {إيَّاك نعبد}؟
قالَ إمام اللغويينَ، الذين ألَّفوا في لغةِ العَرب، الفرَّاءُ: العبادة الطاعة مع الخضوع وبهذا فسَّروا قوله تعالى:{إيَّاك نعبُدُ} أي نطيعُكَ الطّاعَةَ التي مَعَها الخضوع، والخضوع معناهُ التذلل.
7- اذكر دليلاً على جواز التوسل؟
من الأدلّةِ على جواز التوسل الحديثُ الذي رواهُ الطبرانيُّ وصحَّحَهُ والذي فيه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم عَلَّم الأعمى أن يتوسل به فذهَبَ فتوسل به في حالة غيبته وعادَ إلى مجلس النبي وقد أَبصر، وكانَ مما علّمَهُ رسولُ الله أن يقول: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي (ويسمي حاجته) لتقضى لي".
8- ما هو الحديث الذي يدل على جواز التوسل بغير الحي الحاضر؟
التوسل بالأنبياء والأولياء جائز في حال حضرتهم وفي حال غيبتهم، ومناداتهم جائزة في حال غيبتهم وفي حال حضرتهم كما دل على ذلك الأدلة الشرعية.
ومن الأدلة على جواز التوسل الحديث الذي رواه الطبراني وصححه والذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم الأعمى أن يتوسل به فذهب فتوسل به في حالة غيبته وعاد إلى مجلس النبي وقد أَبصر، وكان مما علمه رسول الله أن يقول: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي (ويسمي حاجته) لتقضى لي".
فبهذا الحديث بطل زعمهم أنه لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، لأن هذا الأعمى لم يكن حاضرا في المجلس حين توسل برسول الله بدليل أن راوي الحديث عثمان بن حنيف قال لما روى حديث الأعمى: "فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أَبصر".
فمن قوله: "حتى دخل علينا"، علمنا أن هذا الرجل لم يكن حاضرا في المجلس حين توسل برسول الله.
9- ما الدليل على جواز التوسل برسول الله بعد وفاته؟
الدليل على جواز التوسل برسول الله بعد وفاته فيؤخذ أيضا من حديث عثمان بن حنيف الذي رواه الطبراني وصححه فإن فيه أنه علم رجلا هذا الدعاء الذي فيه توسل برسول الله لأنه كان له حاجة عند سيدنا عثمان بن عفان في خلافته وما كان يتيسر له الاجتماع به حتى قرأ هذا الدعاء، فتيسر أمره بسرعة وقضى له سيدنا عثمان بن عفان حاجته.
10- ما الدليل على جواز زيارة قبور الأنبياء والأولياء وبطلان دعوى ابن تيمية أن هذه الزيارة شركية؟
هؤلاء الذين يكفرون الشخص لأنه قصد قبر الرسول أو غيره من الأولياء للتبرك فهم جهلوا معنى العبادة، وخالفوا ما عليه المسلمون، لأن المسلمين سلفا وخلفا لم يزالوا يزورون قبر النبي، وليس معنى الزيارة للتبرك أن الرسول يخلق لهم البركة بل المعنى أنهم يرجون أن يخلق الله لهم البركة بزيارتهم لقبره. والدليل على ذلك ما رواه البيهقي بإسْنادٍ صَحِيح عن مالك الدار وكانَ خازن عمر قال: أصاب الناس قحط (أي وَقَعت مَجاعَةٌ، تِسْعَةَ أشْهُرٍ انقَطعَ المطَرُ عَنْهُم) في زمان عمر (أي في خِلافَتِه) فجاء رجل (أي مِنَ الصّحابةِ) إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسول الله استسق لأمتك فَإنَّهُم قَدْ هلكوا فأتي الرجل في المنام (أي أُرِيَ في المنام أن رسول الله يكلّمه) فقيل له: أقرىء عمر السلامَ (أي سلّم لي عليه) وأخبره أنَّهُم يسقون،وقُلْ لَهُ: عَليكَ الكيس الكيس .فأتى الرجل عمر فأَخْبرَهُ، فبكى عمر وقَالَ: يا رب مَا ءالوا إلا ما عجزت.وقَد جاءَ في تَفْسِيرِ هذَا الرجل أنّهُ بلال بن الحارث المزني الصحابي. فهذَا الصحابي قد قصد قبر الرسول للتبرك فَلَم ينكر علَيهِ عمر ولا غَيْرُهُ فَبطَلت دَعْوى ابن تيمية أنَّ هذهِ الزيارة شركية.
11- ما معنى قول الصحابي:"يا رسول الله استسق لأمتك فأنهم قد هلكوا" ؟
معناهُ اطلُب منَ الله المَطَرَ لأُمّتِكَ فَإنَّهُم قَدْ هَلَكُوا.
12- ما معنى ما جاء في الحديث:" : أقْرِىء عُمرَ السَّلامَ وأخْبِرْهُ أنَّهُم يُسْقَوْنَ" ؟
أي سلّم لي عليه وأخْبِرْهُ أنَّهُم سَيأْتيْهِم المَطَرُ، ثم سَقَاهُم الله تعالى حتَّى سُمِّيَ ذلكَ العامُ عام الفتق مِنْ شِدَّةِ ما ظهَرَ منَ الأعْشَابِ وسَمِنَتِ المواشِي حتّى تَفتَّقَتْ بالشَّحْمِ.
13- ما معنى قول الرسول :"عليك الكيس الكيس" ؟
أي عَليكَ بالاجْتِهادِ بالسَّعْي في خِدْمَةِ الأُمَّةِ.
14- ما معنى قول عمر :"يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت" ؟
أي لا أُقَصِّرُ إلا ما عَجَزْتُ، أي سَأفْعَلُ مَا في وُسْعِي لخدْمَةِ الأُمَّةِ.
15- ما الرد على قول بعض الوهابية "إن مالك الدار مجهول" ؟
قول بعض الوهابية إن مالك الدار مجهول يرده أن عمر لا يتخذ خازنا إلا خازنا ثقة.
16- ما الرد على بعض الوهابية في محاولتهم تضعيف حديث مالك الدار وكان خازن عمر؟
محاولتهم لتضعيف هذا الحديث بعدما صححه الحافظ ابن حجر لغوٌ لا يُلتفت إليه. ويقال لهذا المدعي: لا كلام لك بعد تصحيح أهل الحفظ أنت ليس لك في اصطلاح أهل الحديث حق. على أن التصحيح والتضعيف خاص بالحافظ وأنت تعرف نفسك أنك بعيد من هذه المرتبة بعد الأرض من السماء.
س: ما الرد على قول الوهابية "إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك" ؟
رَوى البيهقي بإسناد صَحِيح عن مالك الدار وكانَ خازن عمر قالَ: أصاب الناس قحط في زمان عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فَإنَّهُم قَدْ هلكوا فأتي الرجل في المنام فقِيْلَ لَهُ: أقرىء عمر السلام وأخبره أنهم يسقون، وقُلْ لَهُ: عليك الكيس الكيس. فأَتَى الرجل عمر فأَخْبرَهُ، فَبكَى عمر وقَالَ: يا رَبّ مَا ءَالُو إلا مَا عَجَزْتُ. وقَد جاءَ في تَفْسِيرِ هذَا الرجل أنّهُ بلال بن الحارث المزني الصحابي. فما حصل من هذا الصحابي استغاثة وتوسل. وبهذا الأثر يبطل أيضًا قول الوهابية إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك.
17- ماذا قال الحافظ تقي الدين السبكي عن التوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه ؟
قال الحافظ الفقيه اللغوي تقي الدين السبكي إن التوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه بمعنى واحد ذكر ذلك في كتابه شفاء السقام الذي ألَّفه في الرد على ابن تيمية بإنكاره سنية السفر لزيارة قبر الرسول وتحريمه قصر الصلاة في ذلك السفر.
18- ما الدليل على استحباب معرفة قبور الصالحين لزيارتها والقيام بحقها ؟
قَالَ الحافظ ولي الدين العراقي في حديث أبي هريرة أنَّ موسى قالَ: "رب أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر"، وأنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "والله لَو أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر": فيهِ استحباب معرفة قبور الصالحين لزيارتها والقيام بحقها. اهـ.
فيفهمُ من قول رسول الله عن قبر موسى عليه السلام "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر" والذي هو قرب أريحا الإشارة إلى أن زيارة قبور الأنبياء والصالحين للتبرك بهم مطلوبة وعلى هذا كانَ الأكابر وعلى ذلك نصوا.
19- ماذا يستحب أن يقال عند زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وقد ذَكَرَ الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي الذي هو من أعمدة المذهب الحنبلي أنه مما يستحب قوله عند زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك صلى الله عليه وسلم:{ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسَهم جاءوك فاستغفروا اللهَ واستغفرَ لهم الرسولُ لوجدوا اللهَ توابًا رحيمًا} [سورة النساء]، وإني قد أتيت نبيك تائبا مستغفرا فأسألكَ أن توجب لي المغفرةَ كما أوجَبتَهَا لمن أتاه في حياته، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم نبي الرحمةِ، يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي"، فبعد هذا كيف يقول بعضهم إن زيارة قبر النبي للتبرك به والتوسل به زيارة شركية، فما أَبعد هؤلاء عن الحق.
20- ماذا قال الحافظ سراج الدين بن الملقن عن قبر معروف الكرخي؟
إنَّ أحدَ حفاظ الحديث واسمه الحافظ سراج الدين بن الملقن هذا توفي بعد ابن تيمية بنحو ستين سنة وهو من الفقهاء الشافعيين ذَكَرَ عن نفسِهِ في كتابِهِ طبقات الأولياء وهو كتاب يذكر فيه تراجم أولياء من السلف والخلف فقال: "ذهبت إلى قبر معروف الكرخي وقفت ودعوت الله عدة مرات، فالأمر الذي كان يصعب علي ينقضي لما أدعو الله هناك عند قبره"، هذا معروف الكرخي من الأولياء البارزين المشهورين في بغداد، معروف عند العامة والخاصة، يقصدون قبره للتبرك.
21- ماذا جاء عن الحسن بن إبراهيم الخلال في أمر التوسل والزيارة؟
ذكرَ الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن الحسن بن إبراهيم الخلال أنه قال: "ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب" اهـ.
22- ماذا قال إبراهيم الحربي عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن بعض أكابر السلف ممن كان في زمن الإمام أحمد بن حنبل واسمه إبراهيم الحربي أبو إسحق وكان حافظا فقيها مجتهدا يشبه بأحمد بن حنبل، وكان الإمام أحمد يرسل ابنه ليتعلم عنده الحديث أنه قالَ: "قبر معروف الترياق المجرب"، والترياق هو دواء مركب من أجزاء وهو معروف عند الأطباء القدامى من كثرةِ منافِعِهِ، وهو عندهم أنواع، شبه الحربي قبر معروف بالترياق في كثرةِ الانتفاع فكأنَّ الحربي قال: أيها الناس اقصدوا قبر معروف تبركا به من كثرة منافعه.
23- ماذا قال عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الأزهري عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري أنه قال: سمعت أبي يقول: "قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج، ويقالُ: إنه مَن قَرَأَ عندَهُ مائةَ مرَّةٍ: {قُل هوَ اللهُ أحَد} (سورة الإخلاص/1) وسَأَلَ الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته".
24- ماذا قال أبو عبد الله المحاملي عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في تاريخِ بغدادَ عن أبي عبد الله المحاملي أنه قالَ: "أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة، ما قصده مهموم إلا فرج الله همه".
25- ماذا يروى عن الشافعي أنه كان يقول عن أبي حنيفة وقبره؟
ورُويَ عن الشافعي أنه كان يقول: "إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم ـ يعني زائرا ـ فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى".
26-ماذا قال الحافظ الجزري عن قبور الصالحين ؟
وقد ذكر الحافظ الجزري وهو شيخ القراء وكان من حفاظ الحديث في كتاب له يسمى الحصن الحصين وكذلك ذكر في مختصره قال: "من مواضع إجابة الدعاء قبور الصالحين" ا.هـ، وهذا الحافظ جاء بعد ابن تيمية بِنحوِ مائة سنة، ولم ينكر عليه العلماء إلا أن يكون بعض الشاذين الذين لَحِقوا نفاة التوسل من أتباع ابن تيمية.
27- أذكر قول الإمام مالك للخليفة المنصور لما حجّ فزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟
ونختِمُ هذا المقالَ بقول الإمام مالك للخليفة المنصور لما حج فزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسأل مالكا قائلا: "يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك ءادم عليه السلام إلى الله تعالى؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله" ذكره القاضي عياض في كتاب الشفا.
28- ما دليل أن إثم تكفير الوهابية للمسلمين لمجرد قصد قبور الأنبياء والصالحين وهم يعتقدون أن الأنبياء والأولياء أسباب فقط يكون في صحائف ابن تيمية لأنه أوّل من سنَّ هذا؟
كيفَ تجرأَ ابن تيمية على تحريم ذلك وتكفير من يفعلُ ذلكَ والحكم عليه بالشرك، ثم كيفَ تجرأَ على دعوى أنه متفق عليهِ بين العلماءِ، ولو قالَ هذا ما أراهُ وأعتقده لكانَ ذلكَ إبداءَ رأيهِ الخاص لكنه أوهَمَ أن هذا الذي يراهُ متفق عليهِ عند علماءِ الإسلام تلبيسا على الناسِ وهو يعلمُ أن الأمرَ ليسَ كذلكَ، فما أعظم ما ترتَّبَ من كلام ابن تيمية هذا من تكفير أتباعه الوهابية للمسلمين لمجرد قصد قبور الأنبياء والصالحين وهم يعتقدون أن الأنبياء والأولياء أسباب فقط لا يخلقون منفعة ولا مضرة، فكل إثم تكفير هؤلاءِ المسلمين يكونُ في صحائف ابن تيمية لأنه أولُ من سَنَّ هذا، فقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شىء" وهو حديثٌ مشهورٌ رواه مسلمٌ وغيرُهُ.
29- أذكر ما حدّث به الشيخ أحمد ذاكر من عجائب تكفير الوهابية للمسلمين.
ومن عجائِبِ تكفير الوهابية للمسلمين ما حدث به الشيخ أحمد ذاكر قالَ: كنتُ في ناحية بني غامد في الحجاز جالسًا تحت شجرة أدعو الله رافعا يدي فأقبلَ إليَّ واحدٌ وقال بصوتٍ عالٍ: لم تعبد الشجرة، وهذا الإنكار منه وتكفيره له ناشئ من مجرد سوء الظن بالرجل كفره من غير أن يسمع منه ما يقول، ولم يكن هذا في بلد من بلاد المسلمين قبل ظهور محمد بن عبد الوهاب في نجد الحجاز، ثم ازداد أتباعه غلوا ولا يزالون يزدادون غلوا إلى يومِنَا هذا.
30- ما الدليل على أن الاستعاذة بغير الله ليست شركا ؟
أخْرجَ أحمد في المسند بإسناد حسن كَما قَالَ الحافظ ابن حجر أنَّ الحارث بن حسان البكري، قَالَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أَعوذ بالله ورسوله أَن أَكون كوافد عاد، الحديث بطُولِهِ دليل يبطل قول الوهابية: الاستعاذة بغير الله شرك.
31-أذكر قصة الحارث بن حسان البكري لما قدم إلى رسول الله وقال له "أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد" ؟
الحارث بن حسان البكري قالَ: "خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حاجة فهلا أنت مبلغي إليه، قال: فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق وبلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: ما شأن الناس، قالوا: يريد أن يبعث عمرو ابن العاص وجها، قال: فجلست، قال: فدخل منزله أو قال رحله، قال: فاستأذنت عليه فأَذن لي فدخلت فسلمت، فقال: "هل كان بينكم وبين بني تميم شىء"، قال: فقلت: نعم، قال: وكانت لنا الدبرة عليهم، ومررت بعجوزٍ من بني تميم منقطعٍ بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب، فأذن لها فدخلت فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزا فاجعل الدهناء، فحميت العجوز واستوفزت، قالت: يا رسول الله فإلى أين تضطر مضرك، قال: قلت: إنما مثلي ما قال الأول: معزاء حملت حتفها، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد، قال: "هيه وما وافد عاد" وهو أعلم بالحديث منه ولكن يستطعمه، قلت: إن عادا قحطواـ أي انقطع عنهم المطر ـ فبعثوا وافدا لهم يقال له قيل، فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرا يسقيه خمرا وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامةـ يطلب المطر من الله، لأن هؤلاء كانوا مع شركهم يعظمون مكة ـ فنادى: اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود ـ والغالب أن السحابة السوداء هي التي تحمل المطر، فرح فقال الآن ينزل المطرـ فنودي منها ـ أي ناداه الملك قائلا ـ: اختر، فأومأَ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها: خذها رمادا رمدِدًا لا تبقي من عاد أحدا، قال: فما بلغني أنه بعثَ عليهم من الريحِ إلا قدر ما يَجري في خاتَمي هذا حتى هلكوا، قالَ أبو وائل: وصدق، قال: فكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد" ا.هـ
32- ما وجه الدليل في قول الحارث بن حسان البكري لرسول الله "أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد" على جواز الاستعاذة بغير الله ؟
وجهُ الدليل في هذا الحديثِ أنَّ الرسول لم يَقُل للحارث أشركت لقولِكَ "ورسوله"، حيثُ استعذت بي وقد جَمَعَ الحارث الاستعاذة بالرسول مع الاستعاذة بالله وذلكَ لأن الله هو المستعاذ به على الحقيقة وأما الرسول فمستعاذ به على معنى أنه سبب، فتبينَ للحارثِ أن حاجتَها مثلُ حاجتِهِ، هو جاءَ ليطلُبَ مِنَ الرسولِ أرضًا من الأراضي وهي نفس الشَّىء كانَ في قلبِهَا أن تطلُبَ من الرَّسولِ، فلما أوصَلَهَا إلى الرَّسولِ فإذا بها تذكُرُ للرّسولِ ما عندَها ما كانَ في ضميرِها أي في قلبِهَا، فقالَ الصَّحابي: أعوذ بالله ورسوله أن أكونَ كوافد عاد، يعني أعوذ بالله أن أكونَ خائبًا في أملي الذي أمَّلتهُ، معناهُ هذه المرأةُ تريدُ أن تَسبِقَني إلى ما هو حاجتي.
33- ما الرد على من قال "نحن لا ننكر الاستعاذة بالرسول في حياته في حضرته إنما ننكر الاستعاذة به بعد موته" ؟
الاستعاذة معنى واحد إن كان طلبُها من حي حاضر أو غائب فكيفَ يكونُ طلبها من الحاضر جائزا ومن الغائب شركا هذا غيرُ معقولٍ، فإنَّ المؤمِنَ إن استعاذ بحي أو ميت فإنّهُ يرَى المستعاذ به سببا أي أنه ينفع المستعيذ به إن شاء الله أي إن كتب الله أنه ينفعه، وهذا المعنى لا فرقَ به بينَ أن يكونَ المستعاذ به حيا حاضرا أو ميتا غائبا، فلا الحي الحاضر المستعاذ به خالق للإعاذة ولا الميت قالَ الله تعالى:{هل من خالقٍ غير الله}، وأينَ معنى عبادة غير الله في هذا أليسَ معنَى العبادة لغةً وشرعًا نهاية التذلل يا مكفرين لأمة الهُدَى بلا سببٍ، افهَموا معنَى العبادة ثم تَكَلَّموا.
34- أذكر دليلا من الحديث على جواز الاستغاثة بغير الله.
عن ابنِ عبَّاس أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ لله مَلائِكةً في الأرْضِ سِوَى الحَفَظَةِ يَكتُبونَ مَا يَسْقُطُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ فَإذَا أصَابَ أحدَكُم عَرْجَةٌ بأرْضٍ فَلاةٍ فلْيُنَادِ أعينوا عباد الله"، رَواهُ الطَّبَرانيُّ، وقَالَ الحَافِظُ الهَيْثَميُّ: رجَالُهُ ثِقَاتٌ.
هذا الحديثُ فيه دلالَةٌ واضِحَةٌ على جواز الاستغاثَة بغير الله لأن فيهِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا أن نقولَ إذا أصابَ أحدنا مشكلة في فلاةٍ من الأرضِ أي برّيّةٍ "يا عباد الله أعينوا" فإنَّ هذا ينفعهُ. وهذا الحديث حسَّنَهُ الحافظُ ابن حجر، ونصُّ الحديث كما أخرجَهُ الحافظُ ابن حجرٍ في الأماليّ عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ لله ملائكةً سِوَى الحفظَةِ سَيَّاحينَ في الفَلاةِ يكتبونَ ما يسقُطُ من وَرَقِ الشَّجَرِ فإذا أصابَ أحدكُم عرجةٌ في فلاةٍ فَليُنَادِ يا عبادَ الله أعينوا"، الله تعالى يُسمِعُ هَؤلاءِ المَلائِكَةَ الذين وُكلوا بأن يكتبوا ما يَسقُطُ من ورقِ الشجرِ في البريَّةِ نداءَ هذا الشَّخص لو كانَ على مسافةٍ بعيدةٍ منهم. الملك الحي الحاضر إذا استغيث بهِ: يا مَلِكَنَا ظَلَمَني فلانٌ أنقذني، يا مَلِكَنَا أصابني مجاعةٌ فأنقذني، هذا المَلِكُ لا يُغيثُ إلا بإذنِ الله، كذلكَ هؤلاءِ المَلائِكَة لا يُغيثونَ إلا بإذنِ الله، كذلكَ الأولياء والأنبياء إذا إنسان استغاث بهم بعد وفاتهم يغيثونه بإذن الله، فإذًا هؤلاءِ سببٌ، وكِلا الأمرينِ جائزٌ.
35- يقول ابن تيمية " قول أغثني يا رسول الله شرك إن كان في غيابه أو بعد وفاته". فما الرد على ابن تيمية والوهابية القائلين "لم تستغيث بغير الله، الله لا يحتاج إلى واسطة" ؟
أما ابن تيمية فيقولُ: قول أغثني يا رسول الله شرك إن كانَ في غيابه أو بعد وفاته، عنده لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، يقول ابن تيمية والوهابية لِمَ تستغيث بغير الله تعالى، الله تعالى لا يحتَاجُ إلى واسطة، فيقالُ في الرَّدّ عليهم: كذلكَ المَلِكُ الله تعالى لا يحتاجُ إليه ليغيثك وكذلكَ الملائكة الله لا يحتاجُ إليهم ليغيثوك، فما أبعد ابن تيمية وأتباعه عن الحَقّ حيثُ إنهم وَضَعوا شروطًا لصِحَّةِ الاستغاثة والاستعانة بغيرِ الله ليست في كتابِ الله ولا في سنّةِ رسولِ الله، وكلُّ شرطٍ ليسَ في كتابِ الله فهو باطِلٌ وإن كانَ مائَة شرطٍ. هذا والعجبُ من ابن تيمية ثَبَتَ عنه أمرانِ متناقضانِ وهو أن القولَ المشهورَ عنه المذكور في أكثرِ كتبِهِ تحريم الاستغاثة بغير الحي الحاضر، وصرَّحَ في كتابه الكلم الطيب باستحسان أن يقولَ من أصابَهُ خدر في رجلِهِ "يا محمد"، وكتابُهُ هذا الكلم الطيب ثابِتٌ أنه من تأليفِهِ فما أثبَتَهُ في هذا الكتابِ هو موافِقٌ لِعَمَلِ المسلمينَ السلف والخلف، وأما مشبهة العَصرِ الوهابية الذين هم أتباعُ ابن تيمية مجمعونَ على أن قول يا محمد شرك وكفر.
وهذا الكتاب الذي عقد فيه ابن تيمية فصلا لاستحباب أن يقولَ من أصابَه الخدر يا محمد ثابت عنه توجدُ منه نسخٌ خطيةٌ ونسخٌ مطبوعةٌ. وقد اعترفَ بصحةِ هذا الكتابِ أنه لابن تيمية زعيم الوهابية ناصر الدين الألباني وهذا مذكور في مقدمة النسخة التي طبعها الوهابي تلميذ الألباني زهير الشاويش، فهم وقعوا في حيرة لما أُوردَ عليهم هذا السؤال: "هذا ابن تيمية قال في كتابهِ هذا فصل في الرَّجلِ إذا خدرت وأوردَ أن عبد الله بن عمر خدرت رجله فقيل له اذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد فاستقامت رجله كأنه نشط من عقال. هذا فيه استحباب الكفر والشرك عندكم وقائل هذا زعيمكم الذي أخذتم منه أكثر عقائدِكم، فماذا تقولون كفر لهذا أم لم يكفر، فإن قلتم كفر لهذا وأنتم تسمونَه شيخ الإسلام فهذا تناقضٌ تكفرونه وتسمونه شيخ الإسلام وإن قلتم لم يكفر نقضتم عقيدتَكُم تكونون قلتم قول يا رسول الله استغاثة به بعد وفاته جائز وإن لم تكفروه جِهارًا فإنكم معتقدون أن قولَه هذا شرك فلماذا لا تتبرءون منه إن كنتم على ما كنتم عليه. والآن وقد وضَح لكم الأمر لكنكم لا تزالون تخالفونه فيما وافقَ فيه الحق وتتبعونه فيما ضلَّ وزاغَ فيه وهل لكم مستندٌ لتحريم التوسل بغير الحي الحاضر سوى ما أخذتم من كتبه وزعمتم أن ذلك حجة، وهو أمر انفرد به ابن تيمية من بين المسلمين لم يسبقه أحدٌ في تحريم التوسل بالنبي والولي بعد الوفاة أو في غير حضرة النبي والولي في الحياة وظهرَ وثبتَ أنكم لستم مع السلف ولا مع الخلف". هؤلاء السلف كتبهُم تشهدُ بأنهم كانوا يتبركون بالأنبياء والأولياء بالتوسل بهم وبزيارة قبورهم وهؤلاء الذين ألفوا من السلف وذكروا في مؤلفاتهم هذا الأثر من قول عبد الله بن عمر لما خدرت رجله يا محمد كان مقررا عند السلف كإبراهيم الحربي صاحب أحمد بن حنبل ذكره في كتابه غريب الحديث أي إبراهيم الحربي، والبخاري في كتابه الأدب المفرد وهذا الأثر له أكثر من إسنادَين أحدهما فيه راوٍ ضعيف. ولو فرض أنه ليس له إسنادٌ صحيحٌ لكن هؤلاء أوردوه في كتبهِم مستحسنين ليعمل الناس به فماذا تحكمون عليهم هل تحكمون عليهم بالشرك والكفر حيث إنهم تركوا للناس ما فيه شرك في تآليفهم وكذلك علماء الخلف من حفاظ الحديث ذكروا هذا في مؤلفاتهِم فأنتم تكونون كفرتم السلف والخلف فمن المسلم على زعمكم إن كان السلف والخلف كفارا على مُوجَب كلامكم، وهذا الإمام أحمد بن حنبل الذي تعتزُّون به أجاز تقبيل قبر النبي ومسه للتبرك وذلك في كتاب العلل ومعرفة الرجال.
36- ما الدليل على أن الميت ينفع بعد موته ؟
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم"، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
هذا الحديثُ يدلُّ على أن النبي ينفع بعد موته خلافا للوهابية القائلينَ بأنهُ لا ينفع أحد بعد موته، فإنهُ عليه الصلاةُ والسلامُ لما قال: "ومماتي خير لكم" أَفهَمَنَا أنه ينفعنا بعد موته أيضًا بإذنِ الله عزَّ وجلَّ، كما نفعنا موسى عليه السّلامُ ليلة المعراج لما سألَ النَّبيَّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ: ماذا فرض الله على أمتك؟، فقال له: "خمسين صلاة"، قال: ارجع وسل التخفيف فإني جربت بني إسرائيل فرض عليهم صلاتان فلم يقوموا بهما، فَرجعَ فطلَبَ التَّخفيفَ مرَّةً بعد مرَّةٍ وفي كلّ مرَّةٍ كانَ موسى عليهِ السلامُ يقولُ لهُ: ارجِع فَسَل التّخفيفَ، إلى أن صاروا خمس صلواتٍ بأجرِ خمسينَ، فهل يشكُّ عاقلٌ بنفع موسى عليه السَّلام لهذهِ الأمة هذا النفع العظيم، وقد كانَ موسى توفيَ قبل ليلة المعراج بأكثر من ألف سنة، فهذا عمل بعد الموت نفع به أمةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
وأما قولُهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "تُحدِثُونَ ويُحدَثُ لكُم" فمعناهُ يحصلُ منكم أمورٌ ثم يأتي الحكمُ بطريقِ الوحي مِن رسولِ الله.
ثم يؤكّدُ النبيُّ عليه الصلاةُ والسّلامُ نفعه لأمته بعد وفاته بقولِهِ: "ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم". ويدل على ذلك ما رواهُ مسلمٌ في حديث المعراج أن كلًّا من الأنبياء الذين لقيَهُم في السماءِ دعا للرسولِ بخيرٍ وهم ثمانية ءادم في الأولى وعيسى ويحيى في الثانيةِ ويوسف في الثالثةِ وإدريس في الرابعةِ وهارون في الخامسةِ وموسى في السادسةِ وإبراهيم في السابعةِ وكل ذلك نفع بعد الموت، فبطل تعلق الوهابية بالاستدلال بحديث البخاري: "إذا مات ابن ءادم انقطع عمله إلا من ثلاث" فإنه بزعمِهِم يمنع الانتفاع بزيارة قبور الأنبياء والأولياء والتوسل بهم. يقال لهم المرادُ بقولهِ عليه السلام "انقطع عمله" أي العمل التكليفي وليس فيه تعرض لما سوى ذلك من نحو نفع التوسل بهم بل فيه ما يدل على خلافِ دعواهم حيث إن فيه أن دعوة الولد الصالح تنفع أباه وليس مراد الرسول بذلك أنه لا ينفع دعاء غير ولده الصالح للميت.
37- ما الدليل على بطلان قول ابن تيمية: لا يجوز التوسل إلاّ بالحي الحاضر؟
أَخْرجَ الطَّبرانيُّ في مُعْجَمَيهِ الكَبِيرِ والصَّغيرِ عَن عُثمانَ بنِ حُنَيفٍ أنَّ رَجُلاً كانَ يَخْتلِفُ ـ أي يتَردَّدُ ـ إلى عثمانَ بنِ عَفّانَ، فكَانَ عُثْمانُ لا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ ولا يَنْظُرُ في حَاجَتِه، فَلقِي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك، فقَالَ: ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، ثم رح حتى أروح معك. فانطلق الرجل ففعل ما قال، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب فأخذ بيده فأَدخله على عثمان بن عفان فأجلسه على طنفسته ـ أي سجادته ـ فقال: ما حاجتك؟ فذكر له حَاجَتَهُ، فقَضى لَهُ حاجَتَهُ وقَالَ: مَا ذَكَرْتُ حاجتك حتّى كانت هذه الساعة، ثُمّ خَرجَ مِنْ عِنْده فلَقِيَ عثمان بن حنيف فَقالَ: جزاك الله خَيْرًا، مَا كانَ يَنْظُر في حَاجَتي ولا يَلْتَفِتُ إلَيَّ حَتَّى كلَّمْتَهُ فِيَّ، فَقالَ عثمان بن حنيف: والله ما كَلّمْتُهُ ولكِنْ شَهِدْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَدْ أتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره، فَقالَ: إن شئت صبرت وإنْ شئت دعوت لكَ، قالَ: يا رسول الله إنه شق علي ذهاب بصري وإنه ليس لي قائد فقال له: ائت الميضأة فتوضأ وصل ركعتين ثمّ قل هؤلاء الكلمات، ففعل الرجل ما قال، فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر كأنه لم يكن به ضر قط قالَ الطبراني في "معجمه": والحديث صحيح، والطبراني من عَادَتِهِ أنَّهُ لا يُصَحّحُ حَديثًا معَ اتّسَاع كِتابِه المعجَمِ الكَبيرِ، ما قالَ عن حدِيثٍ أوْردَهُ ولو كَانَ صَحِيْحًا: الحَدِيثُ صَحِيْحٌ، إلا عن هَذَا الحَدِيْثِ، وكذلكَ أخرجه في الصغيرِ وصححهُ.
فَفِيهِ دليل أنَّ الأعمى توسل بالنبي في غير حضرته بدليل قول عثمان بن حنيف: "حَتَّى دخل علينا الرجل"، وفيْهِ أنَّ التوسل بالنبي جائز في حالة حياته وبعْدَ مماته فبَطَل قَوْلُ ابن تيمية: لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، وكل شرط ليس في كتاب الله فهُوَ باطل وإنْ كَانَ مِائَةَ شَرطٍ.
هذا الحديثُ فيه دلالةٌ واضحةٌ على جواز التوسل بالنبي في حياته وبعد مماته في حضرته أو في غير حضرته.
38- ما الدليل على أن قول ابن تيمية "ليس التوسل الوارد في حديث الأعمى توسلاً بذات النبي بل بدعائِه" مخالف للأصول ؟
وأما قول ابن تيمية ليسَ التوسل الوارد في الحديثِ توسلا بذات النبي بل بدعائِهِ فهوَ دعوى باطلةٌ، لأنَّ التوسل نوعٌ من أنواعِ التبرك، الرسول ذاته مباركة وءاثاره أي شعره وقلامة ظفره والماء الذي توضأَ به ونخامته وريقه مبارك، لأنَّ الصحابةَ كانوا يتبركون بذلكَ كما وَرَدَ في الصحيحِ فكأنَّ قولَ ابن تيمية هذا ينادي بأنَّ الصحابةَ ما كانوا يعرفونَ الحقيقةَ بل كانُوا جاهلينَ وما قَالهُ مخالفٌ للأصولِ، فإنَّ علماءَ الأصولِ لا يُسَوّغونَ التأويل إلا لدليلٍ عقلي قاطعٍ أو سمعي ثابتٍ، وكلامُ ابن تيمية معناهُ أنه يجبُ تقديرُ محذوفٍ فالحديثُ عندهُ يُقدَّرُ فيهِ محذوفٌ فيكونُ التقديرُ على موجَبِ دَعْوَاهُ اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بدعاء نبينا وكذلك يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي يلزم منهُ التقديرُ إني أتوجه بدعائك إلى رَبّي، والأصلُ في النصوصِ عدمُ التقديرِ والتقديرُ لا يُصارُ إليه إلا لدليلٍ وَهَذَا المعروفُ عندَ علماءِ الأصولِ فابن تيمية حُبّبَ إليهِ الشذوذُ وخَرْقُ الإجماعِ من شدّةِ إعجابِهِ بنفسِهِ.
39- لِمَ انحرفَ أبو حيان الأندلسي عن ابن تيمية بعد أن كان يحبّه وقد امتدحه ؟
ابن تيمية حُبّبَ إليهِ الشذوذُ وخَرْقُ الإجماعِ من شدّةِ إعجابِهِ بنفسِهِ، ومنْ فَرْط إعْجَابهِ بِنفسِهِ أنه ذُكِرتْ مسئلةٌ نحْوِيةٌ عندَهُ فقيلَ له هكذا قالَ سيبويهِ فقالَ سيبويهِ يكذبُ، ومَن ابن تيمية في النَّحوِ حتى يكذّبَ إمامَ النحوِ لأنهُ خَالَفَ رأيَهُ، وهذا خفيفٌ بالنسبةِ لتخطئة علي بن أبي طالب في سبعَ عَشرَة مسئلةً، فلهذا انحرَفَ عنه أبو حيان النحوي بعد أنْ كَانَ يحبُّهُ وقد امتدَحَهُ بقصيدةٍ ثم لما رَأَى منهُ تكذيبَ سيبويهِ ورأى كتابَهُ الذي سَمَّاهُ كتاب العرش الذي ذَكَرَ فيه أنَّ الله قاعد على الكرسي وأَنَّهُ أخلى موضعا للرسول ليقعده فيه زادت كراهيتُهُ له فَصَارَ يلعنه حتَّى ماتَ، ذكرَ ذلكَ الحافظ محمد مرتضى الزبيدي، وأبو حيان إمام في القراءات والنحو والتفسير وله سماع من شيوخ الحديث.
40- لِمَ وَصَفَ الذهبي ابن تيمية في رسالتِهِ "بيان زغل العلم والطلب" بأنه أهلكه فرط الغرام في رئاسة المشيخة والازدراء بالأكابر؟
وَصَفَ الذهبي ابن تيمية في رسالتِهِ بيان زغل العلم والطلب بأنّهُ أهلَكَهُ فَرْطُ الغرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءُ بالأكابرِ وما قالَهُ الذهبي صحيحٌ لأنَّ ابن تيمية انتقصَ سَيّدَنَا عليا بقولِهِ إنّ حروبه ما نفعت المسلمين بل ضرتهم في دينهم ودنياهم، وبقوله إن القتال معه ليسَ بواجبٍ ولا مستحب، وابن تيمية يعلم أن الله تَعالى قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} وعليٌّ داخلٌ في هذِهِ الآيةِ بلْ هو أولُ من امتَثَلَ الأمرَ الذي في هذِهِ الآيةِ فقاتَلَ من بَغَى عَليه، وقد أجمعَ أهلُ السنةِ على أن عَليًّا مصيبٌ في حروبِهِ الثلاثةِ وقعةِ الجملِ ووقعة صفين ووقعة النهروان، ويؤيدُ ذلك حديثُ رسول الله: "إن منكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله"، فقيلَ: مَنْ هُوَ؟ فقالَ: "خاصف النعل"، وكانَ علي يخصف نعله. ففي هذا الحديثِ تصويبُ قتالِ عليّ وهذا الحديثُ صحيحٌ ثابتٌ أخْرَجَهُ ابنُ حبانَ وغيرُه،وحديثُ أبي يعلى والبزار عن عليّ رضي الله عنه عَهِدَ إليّ النبي صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين اهـ. ورسالة الذهبي بيان زغل العلم والطلب صحيحة النسبة إليه لأنَّ الحافظ السخاوي نَسَبَهَا للذهبي في كتابِهِ "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" وَنَقَلَ فيه بعضَ ما مَرَّ ذكرُهُ مِنْ وَصْفِهِ لابن تيمية بأن فرط الغرام في رئاسة المشيخة والازدراء بالأكابر أهلكه، فلا التفاتَ إلى مَنْ يَنفي صحتَهَا ونسبَتَهَا إلى الذهبي بلا دليلٍ بل ليرضيَ أتباع ابن تيمية الوهابية لأجلِ المَالِ.
41- ما الدليل على أن رسالة الذهبي "بيان زغل العلم والطلب" صحيحة بالنسبة إليهِ؟
رسالة الذهبي بيان زغل العلم والطلب صحيحة النسبةِ إليه لأنَّ الحافظ السخاوي نَسَبَهَا للذهبي في كتابِهِ "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" وَنَقَلَ فيه بعضَ ما مَرَّ ذكرُهُ مِنْ وَصْفِهِ لابن تيمية بأنَّ فرطَ الغَرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءَ بالأكابرِ أهلكهُ، فلا التفاتَ إلى مَنْ يَنفي صحتَهَا ونسبَتَهَا إلى الذهبي بلا دليلٍ بل ليرضيَ أتباع ابن تيمية الوهابية لأجل المَالِ.
42- ما الرد على تمسّك بعض الوهابية لدعوى ابن تيمية في رواية حديث الترمذي الذي فيه :"اللهم شفعه في وشفعني في نفسي" بأنَّه لا يتبرك بذات النبي؟
وأما تمسكُ بعضِ الوهابية لدعوى ابن تيمية هذه في روايةِ حديثِ الترمذيِ الذي فيه: "اللهم شفعه في وشفعني في نفسي"، فلا يفيدُ أنه لا يتبرك بذات النبي، بل التبرك بذات النبي إجماع لم يخالفه إلا ابن تيمية، والرسول هو الذي قال فيه القائل:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
أَوْرَدَهُ البُخَاريُّ.
43- ما الدليل على أن ترك التوسل بالنبي بعد موته ليس فيه دلالة على منع التوسل بغير الحي الحاضر؟
وأمَّا توسل عمر بالعباس بعدَ موت النبي صلى الله عليه وسلم فليسَ لأَنَّ الرّسُولَ قدْ مَاتَ، بلْ كانَ لأجْلِ رِعَايةِ حَقّ قَرابَتِه مِنَ النَّبي صلى الله عليه وسلم، بدَليلِ قَولِ العبّاسِ حِينَ قَدَّمَهُ عُمَرُ: "اللّهُمَّ إنّ القَوْمَ تَوجَّهُوا بي إلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبيّكَ"، فَتَبيَّنَ بُطْلانُ رأْيِ ابن تيمية ومَنْ تَبِعَهُ مِنْ منكري التوسل. رَوى هذا الأَثَرَ الزُّبَيرُ بنُ بكَّار كما قالَ الحافظُ ابن حجر، ويُسْتَأنسُ لَهُ أَيضًا بِما رَواهُ الحاكِمُ في المستَدْرَكِ أنَّ عُمرَ رَضِيَ الله عَنْهُ خَطَب النَّاسَ فقالَ: "أيُّها النَّاسُ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَرَى للعَبّاسِ مَا يَرَى الولَدُ لِوَالدِه، يُعَظّمُهُ ويُفَخّمُهُ ويَبَرُّ قَسَمَهُ، فاقْتَدُوا أيُّها النّاسُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم في عَمّهِ العبَّاسِ واتّخِذُوه وسِيلةً إلى الله فِيما نَزَلَ بكُم"، فَهذا يُوضِحُ سَببَ توسل عمر بالعباس.
يُفهَمُ من هذا أن توسل عمر بالعباس كانَ لرعايةِ حَقّ قرابتِهِ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فتركُ عمرَ التوسل بالنبي في ذلكَ الموضِعِ ليسَ فيه دلالةٌ على منعِ التوسل بغير الحي الحاضر، فقد تَرَكَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها؟ وقد ذَكَرَ العلماءُ في كتبِ الأصولِ أن ترك الشىء لا يدل على منعه. وقد أرادَ سيدنا عمرُ بفعلِهِ ذلكَ أن يبيّنَ جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم من أهلِ الصلاحِ ممَّن ترجى بركته، ولذا قالَ الحافظُ ابن حجرٍ في فتحِ الباري عَقِبَ هذه القصَّة ما نصُّه: "يستفادُ من قصةِ العبّاسِ استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهلِ بيتِ النبوة".اهـ.
44- ما الردّ على دعوى بعض المشوشين أنّ الحديث المذكورَ في إسنادِه أبو جعفر هو رجل مجهول؟
لا التِفَاتَ بَعْدَ هَذا إلى دَعْوَى بَعْضِ هَؤلاءِ المُشَوّشِيْنَ أنَّ الحدِيثَ المذْكُورَ في إسنَادِهِ أبو جَعْفَرٍ وهوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، ولَيْسَ كَما زَعَمُوا بل أبو جَعْفرٍ هَذا هُوَ أبو جعفر الخطمي ثقة.
45- ما الردّ على دعوى ناصر الدين الألباني أن مراد الطبرانيّ بقوله:"والحديث صحيح" القدر الأصلي وهو ما فعله الرجل الأعمى في حياة رسول الله فقط وليس مراده ما فعله الرجل أيام عثمان بن عفان بعد وفاة الرسول؟
وكذلكَ دَعْوَى بَعْضِهم وهوَ ناصر الدين الألباني أنَّ مُرادَ الطَّبرَانيّ بقَولِه: "والحدِيْثُ صَحِيْحٌ" القَدْرُ الأَصْلِيُّ وهوَ مَا فَعلَهُ الرجل الأعمى في حياة رسول الله فَقَط، وَلَيْسَ مُرادُه ما فَعلَهُ الرجل أيّامَ عثمان بن عفان بَعْدَ وفاة الرسولِ وهذا مردودٌ، لأَنَّ عُلَماءَ المُصْطَلح قَالُوا: الحَدِيْثُ يُطلَقُ علَى المَرْفُوعِ إلى النّبيّ والمَوقُوفِ على الصَّحابَةِ، أي أنَّ كَلامَ الرسولِ يُسَمَّى حَدِيْثًا وقَولَ الصَّحابِيّ يُسَمَّى حَدِيثًا، ولَيسَ لَفْظُ الحَدِيثِ مَقْصُورًا على كلامِ النّبيِ فَقط في اصطلاحهم، وهَذا المُمَوِّهُ كلامُهُ لا يُوافِقُ المُقَرَّرَ في عِلْمِ المُصْطَلَحِ فَليَنْظُرْ مَنْ شَاءَ في كِتَابِ تَدْرِيْبِ الرَّاوِي والإفْصَاحِ وغَيرِهما مِن كُتُبِ المُصْطَلَحِ، فإنَّ الألباني لم يجرهُ إلى هذهِ الدَّعوى إلا شِدة تعصبهِ لهواهُ وعَدم مبالاتِهِ مخالفة العلماءِ كَسَلَفِهِ ابن تيمية.
وقَد نَصَّ على ذلكَ غَيرُ وَاحدٍ مِنْ عُلَماءِ الحَديثِ، مِنْهُم الحافظ ابن حجر العسقلاني كما نقلَ عنه السيوطي في تدريب الراوي، وابن الصلاح في مقدمته في علوم الحديث.
46- حديث :"إذا سألْت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" ليس فيه دليل على منع التوسل بالأنبياء والأولياء. اشرح ذلك.
أَمَّا حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ لهُ: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" فلََيسَ فيهِ دَليلٌ أيْضًا علَى مَنْعِ التوسل بالأَنبياءِ والأَوْلياءِ لأنَّ الحديثَ معناهُ أن الأوْلى بأن يسأل ويستعان به الله تَعالى، وليسَ مَعناهُ لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله. نَظِيْرُ ذَلِكَ قَولُه صلى الله عليه وسلم: "لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي"، فكَما لا يُفهَمُ مِنْ هَذا الحَديثِ عَدَمُ جواز صُحْبَةِ غَيرِ المُؤمنِ وإطْعامِ غَيرِ التَّقِيّ، وإنَّما يُفْهَمُ مِنهُ أنَّ الأَوْلَى في الصُّحبَةِ المُؤمنُ وأنَّ الأَوْلَى بالإطْعامِ هُوَ التَّقيُّ، كذلكَ حَديثُ ابنِ عبَّاسٍ لا يُفهَمُ مِنهُ إلا الأوْلَوِيّةُ وأمّا التحريم الذي يدعونه فلَيسَ في هَذا الحَدِيثِ.
47- ما الدليل على أنّ حديث ابن عباس لو ورد بلفظ النهي فليس كل أداة نهي للتحريم؟
المتوسل القائل "اللهم إني أسألك بنبيك أو بأبي بكر أو بأويس القرني أو نحوِ ذلك سأَلَ الله لم يسأل غيره فأينَ الحديث وأين دعواهُم، ثم إن الحديثَ ليس فيه أدَاة نهي لم يَقُل الرسولُ لابنِ عبّاسٍ لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، ولو وَرَدَ بلفظِ النهي فليسَ كل أداة نهي للتحريمِ كحديثِ الترمذي وابنِ حبانَ: "لا تُصَاحِب إلا مؤمنًا ولا يَأكُل طعامَكَ إلا تَقيٌّ"، فهذا الحديثُ مع وجودِ أداةِ النهي فيه ليسَ دليلاً على تحريمِ أن يطعمَ الرجلُ غير تقي، وإنما المعنَى أن الأولى أن تطعمَ طعامَكَ التقيَّ. فكيفَ تَجَرأت الوهابية على الاستدلالِ بهذا الحديثِ لمنع التوسل بالأنبياء والأولياء، ما أجرأَهُم على التحريم والتكفير بغيرِ سببٍ، ومن عَرَفَ حقيقتَهُم لا يَجعل لكلامِهِم وزنًا.
48- ما الدليل عل أنّ وضع الكف على الشبيكة ليس شركا؟
ثَبَتَ عن أبي أيوب الأنصاري أنه جَاءَ إلى قبر الرسول فوضع وجهه عليه للتبرك وهذا لا شَك عندهُم من أكبرِ الكفر والشرك، وحاشا لله أن يكون أبو أيوب أشرك بالله لذلكَ ولا يَخطُرُ هذا ببالِ مسلمٍ، فلم ينكر عليهِ أحدٌ من الصحابَةِ ولا أحدٌ من أهلِ العلمِ من السلفِ بل ولا مِنَ الخلفِ، فإذا كانَ وضع الوجه على قبر الرسول للتبرك لا يُعَدُّ شركا فكيف وضع الكف على الشبيكة التي هي بينَ القبر وبينَ الزائر، فإنا لله وإنا إليه راجعونَ اللهم إليكَ المُشتَكَى.
49- ما الدليل على أن التوسل يسمى استغاثة ؟
لا فَرقَ بينَ التوسل والاستغاثة، فالتوسل يُسَمَّى استغاثة كمَا جاءَ في حَدِيْثِ البُخَاريّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ الشَّمسَ تَدْنُو يَومَ القِيامةِ حَتّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ فبَيْنَما هُمْ كذَلكَ استغاثوا بآدم ثمَّ موسى ثمَّ بمحمد صلى الله عليه وسلم" الحديث في روايةِ عبدِ الله ابن عمرَ لحديثِ الشفاعة يوم القيامَةِ، وفي روايةِ أنسٍ رُوِيَ بلفظِ الاستشفاع وكلتَا الروايتينِ في الصحيحِ فَدَلَّ ذلك على أن الاستشفاع والاستغاثة بمعنًى واحدٍ فسَمَّى الرّسُولُ صلى الله عليه وسلم هذا الطلب مِنْ ءادَمَ أَن يشفع لَهُم إلى رَبّهِمُ استغاثة.
هذا الحديثُ فيه دليلٌ على أن التوسل يأتي بمعنَى الاستغاثة وفي بعض الرّواياتِ لهذا الحديثِ: "يا ءادم أنتَ أبو البشرِ اشفع لنا إلى رَبّنا" وفي هذا ردٌّ على من جَعَلَ التوسل بغير الله شركا. الاستشفاع والتوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه بمعنى واحد، وقد قالَ الحافظُ تقيُّ الدّين السُّبكيُّ في شفاءِ السَّقَامِ: الاستشفاع والتوسل والتوجه والاستغاثة والاستعانة بمعنى واحدٍ. والتقي السبكيّ محدث حافظ فقيه
اثبات ان التوسل والاستغاثة بالانبياء والاولياء
جائز وانه ليس شركا كما تدعي الوهابية
عْلَم أنَّه لا دَليل حَقِيْقيٌّ يَدلُّ على عَدَمِ جَواز التوسل بالانبياء والاولياء في حَالِ الغَيْبة أو بَعْدَ وفَاتِهم بدَعْوى أنَّ ذَلكَ عِبَادة لغَيْرِ الله، لأنَّهُ لَيْسَ عِبادَةً لغَيْرِ الله مُجَرَّدُ النّداءِ لحَيّ أو مَيّتٍ ولا مُجَرَّدُ التعظيم ولا مُجرَّدُ الاستغاثة بغير الله، ولا مُجَرَّدُ قصد قبر ولي للتبرك، ولا مُجرَّدُ طلب ما لم تجر به العادة بينَ النَّاسِ، ولا مُجرَّدُ صِيغَةِ الاستعانة بغَيرِ الله تَعالى، أي لَيْسَ ذلكَ شِرْكًا لأنَّهُ لا يَنْطبِقُ علَيْهِ تَعْرِيفُ العبادة عِنْدَ اللُّغَوِيّيْنَ، لأنَّ العِبَادةَ عِنْدَهُم الطَّاعةُ معَ الخُضوعِ
1- ما هي العبادة عند اللغويين ؟
العبادة عِنْدَ اللُّغَوِيّيْنَ الطاعة معَ الخضوع.قالَ الأَزْهَرِيُّ الذي هُوَ أحَدُ كِبارِ اللُّغَوِيّيْنَ في كتَابِ تَهذِيبِ اللُّغَةِ نَقْلاً عَن الزَّجَّاجِ الذي هوَ مِنْ أشْهَرِهِم: العبادة في لُغَةِ العَربِ الطاعة مَعَ الخضوع، وقالَ مثلَهُ الفَرّاءُ كما في لسانِ العَرَبِ لابنِ منظور. وقَالَ بَعْضُهُم: أقْصَى غَايَةِ الخشوع والخضوع، وقالَ البَعْضٌ: نِهَايةُ التذلل كَما يُفْهَم ذَلكَ مِن كَلامِ شَارحِ القَاموسِ مُرتَضى الزَّبيدِيّ خَاتِمَةِ اللّغَوِيّين، وهَذا الذي يَسْتَقِيمُ لُغَةً وعُرْفًا.
2- ما الدليل على أن مجرد التذلّل ليس عبادة لغير الله؟
مُجَردُ التذلل لَيْسَ عبادة لِغَيرِ الله وإلا لَكَفَر كُلُّ مَن يتذلل لِلْمُلُوكِ والعُظَماءِ. وَقَد ثبَتَ أنَّ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ لمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ سجد لِرَسُولِ الله صلى الله عليه و سلم، فَقالَ الرَّسُولُ: "مَا هَذَا" فَقالَ: يَا رَسُولَ الله إنّي رَأَيتُ أهْلَ الشّام يسجدون لبَطارِقَتِهم وأسَاقِفتهم وأنتَ أوْلَى بذَلِكَ، فَقَالَ: "لا تَفْعَلْ، لَو كُنْتُ ءامرُ أَحدًا أَن يَسْجُدَ لأحَدٍ لأمَرتُ المَرأةَ أنْ تسْجُدَ لِزَوْجِها"، رَواهُ ابنُ حِبّانَ وابنُ مَاجَه وغَيْرُهُما. ولَم يَقُلْ لهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كفَرْتَ، ولا قالَ لهُ أشْرَكْتَ مَع أنَّ سجُودَهُ للنَّبِي مَظْهَرٌ كَبِيرٌ مِنْ مَظاهِرِ التذلل.
3- ما هو التوسل؟
التوسل هو طَلَبُ حصولِ منفعة أو اندفاعِ مضرة من الله بِذِكرِ اسم نبيّ أو ولي إكراما للمتوسل به.
4- ما معنى قوله تعالى {وابتغوا إليه الوسيلة}؟
قال تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} [سورة المائدة] أي كلّ شىءٍ يُقربكم إليه اطلبوهُ يعني هذه الأسباب، اعملوا الأسباب فنحقّقُ لكم المسببات، نحقّقُ لكم مطالبكم بهذهِ الأسبابِ، وهو قادرٌ على تحقيقِها بدونِ هذه الأسباب.
5- لمَ نقول " اللهم إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرّج كربتي" ؟
جَعَلَ الله سبحانه وتعالى من الأسباب المعينة لنا لتحقيق مطالب لنا، التوسل بالأنبياء والأولياء في حال حياتهم وبعد مماتهم، فنحنُ نسأل الله بهم رجاء تحقيق مطالبنا، فنقول: اللهم إني أسألك بجاه رسول الله أو بحرمة رسول الله أن تقضي حاجتي وتفرج كربي، أو نقول: اللهم بجاه عبد القادر الجيلاني ونحو ذلك، فإن ذلك جائز وإنما حرم ذلك الوهابية فشذوا بذلك عن أهل السنة.
6- ما معنى قوله تعالى {إيَّاك نعبد}؟
قالَ إمام اللغويينَ، الذين ألَّفوا في لغةِ العَرب، الفرَّاءُ: العبادة الطاعة مع الخضوع وبهذا فسَّروا قوله تعالى:{إيَّاك نعبُدُ} أي نطيعُكَ الطّاعَةَ التي مَعَها الخضوع، والخضوع معناهُ التذلل.
7- اذكر دليلاً على جواز التوسل؟
من الأدلّةِ على جواز التوسل الحديثُ الذي رواهُ الطبرانيُّ وصحَّحَهُ والذي فيه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم عَلَّم الأعمى أن يتوسل به فذهَبَ فتوسل به في حالة غيبته وعادَ إلى مجلس النبي وقد أَبصر، وكانَ مما علّمَهُ رسولُ الله أن يقول: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي (ويسمي حاجته) لتقضى لي".
8- ما هو الحديث الذي يدل على جواز التوسل بغير الحي الحاضر؟
التوسل بالأنبياء والأولياء جائز في حال حضرتهم وفي حال غيبتهم، ومناداتهم جائزة في حال غيبتهم وفي حال حضرتهم كما دل على ذلك الأدلة الشرعية.
ومن الأدلة على جواز التوسل الحديث الذي رواه الطبراني وصححه والذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم علم الأعمى أن يتوسل به فذهب فتوسل به في حالة غيبته وعاد إلى مجلس النبي وقد أَبصر، وكان مما علمه رسول الله أن يقول: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي (ويسمي حاجته) لتقضى لي".
فبهذا الحديث بطل زعمهم أنه لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، لأن هذا الأعمى لم يكن حاضرا في المجلس حين توسل برسول الله بدليل أن راوي الحديث عثمان بن حنيف قال لما روى حديث الأعمى: "فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أَبصر".
فمن قوله: "حتى دخل علينا"، علمنا أن هذا الرجل لم يكن حاضرا في المجلس حين توسل برسول الله.
9- ما الدليل على جواز التوسل برسول الله بعد وفاته؟
الدليل على جواز التوسل برسول الله بعد وفاته فيؤخذ أيضا من حديث عثمان بن حنيف الذي رواه الطبراني وصححه فإن فيه أنه علم رجلا هذا الدعاء الذي فيه توسل برسول الله لأنه كان له حاجة عند سيدنا عثمان بن عفان في خلافته وما كان يتيسر له الاجتماع به حتى قرأ هذا الدعاء، فتيسر أمره بسرعة وقضى له سيدنا عثمان بن عفان حاجته.
10- ما الدليل على جواز زيارة قبور الأنبياء والأولياء وبطلان دعوى ابن تيمية أن هذه الزيارة شركية؟
هؤلاء الذين يكفرون الشخص لأنه قصد قبر الرسول أو غيره من الأولياء للتبرك فهم جهلوا معنى العبادة، وخالفوا ما عليه المسلمون، لأن المسلمين سلفا وخلفا لم يزالوا يزورون قبر النبي، وليس معنى الزيارة للتبرك أن الرسول يخلق لهم البركة بل المعنى أنهم يرجون أن يخلق الله لهم البركة بزيارتهم لقبره. والدليل على ذلك ما رواه البيهقي بإسْنادٍ صَحِيح عن مالك الدار وكانَ خازن عمر قال: أصاب الناس قحط (أي وَقَعت مَجاعَةٌ، تِسْعَةَ أشْهُرٍ انقَطعَ المطَرُ عَنْهُم) في زمان عمر (أي في خِلافَتِه) فجاء رجل (أي مِنَ الصّحابةِ) إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسول الله استسق لأمتك فَإنَّهُم قَدْ هلكوا فأتي الرجل في المنام (أي أُرِيَ في المنام أن رسول الله يكلّمه) فقيل له: أقرىء عمر السلامَ (أي سلّم لي عليه) وأخبره أنَّهُم يسقون،وقُلْ لَهُ: عَليكَ الكيس الكيس .فأتى الرجل عمر فأَخْبرَهُ، فبكى عمر وقَالَ: يا رب مَا ءالوا إلا ما عجزت.وقَد جاءَ في تَفْسِيرِ هذَا الرجل أنّهُ بلال بن الحارث المزني الصحابي. فهذَا الصحابي قد قصد قبر الرسول للتبرك فَلَم ينكر علَيهِ عمر ولا غَيْرُهُ فَبطَلت دَعْوى ابن تيمية أنَّ هذهِ الزيارة شركية.
11- ما معنى قول الصحابي:"يا رسول الله استسق لأمتك فأنهم قد هلكوا" ؟
معناهُ اطلُب منَ الله المَطَرَ لأُمّتِكَ فَإنَّهُم قَدْ هَلَكُوا.
12- ما معنى ما جاء في الحديث:" : أقْرِىء عُمرَ السَّلامَ وأخْبِرْهُ أنَّهُم يُسْقَوْنَ" ؟
أي سلّم لي عليه وأخْبِرْهُ أنَّهُم سَيأْتيْهِم المَطَرُ، ثم سَقَاهُم الله تعالى حتَّى سُمِّيَ ذلكَ العامُ عام الفتق مِنْ شِدَّةِ ما ظهَرَ منَ الأعْشَابِ وسَمِنَتِ المواشِي حتّى تَفتَّقَتْ بالشَّحْمِ.
13- ما معنى قول الرسول :"عليك الكيس الكيس" ؟
أي عَليكَ بالاجْتِهادِ بالسَّعْي في خِدْمَةِ الأُمَّةِ.
14- ما معنى قول عمر :"يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت" ؟
أي لا أُقَصِّرُ إلا ما عَجَزْتُ، أي سَأفْعَلُ مَا في وُسْعِي لخدْمَةِ الأُمَّةِ.
15- ما الرد على قول بعض الوهابية "إن مالك الدار مجهول" ؟
قول بعض الوهابية إن مالك الدار مجهول يرده أن عمر لا يتخذ خازنا إلا خازنا ثقة.
16- ما الرد على بعض الوهابية في محاولتهم تضعيف حديث مالك الدار وكان خازن عمر؟
محاولتهم لتضعيف هذا الحديث بعدما صححه الحافظ ابن حجر لغوٌ لا يُلتفت إليه. ويقال لهذا المدعي: لا كلام لك بعد تصحيح أهل الحفظ أنت ليس لك في اصطلاح أهل الحديث حق. على أن التصحيح والتضعيف خاص بالحافظ وأنت تعرف نفسك أنك بعيد من هذه المرتبة بعد الأرض من السماء.
س: ما الرد على قول الوهابية "إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك" ؟
رَوى البيهقي بإسناد صَحِيح عن مالك الدار وكانَ خازن عمر قالَ: أصاب الناس قحط في زمان عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فَإنَّهُم قَدْ هلكوا فأتي الرجل في المنام فقِيْلَ لَهُ: أقرىء عمر السلام وأخبره أنهم يسقون، وقُلْ لَهُ: عليك الكيس الكيس. فأَتَى الرجل عمر فأَخْبرَهُ، فَبكَى عمر وقَالَ: يا رَبّ مَا ءَالُو إلا مَا عَجَزْتُ. وقَد جاءَ في تَفْسِيرِ هذَا الرجل أنّهُ بلال بن الحارث المزني الصحابي. فما حصل من هذا الصحابي استغاثة وتوسل. وبهذا الأثر يبطل أيضًا قول الوهابية إن الاستغاثة بالرسول بعد وفاته شرك.
17- ماذا قال الحافظ تقي الدين السبكي عن التوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه ؟
قال الحافظ الفقيه اللغوي تقي الدين السبكي إن التوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه بمعنى واحد ذكر ذلك في كتابه شفاء السقام الذي ألَّفه في الرد على ابن تيمية بإنكاره سنية السفر لزيارة قبر الرسول وتحريمه قصر الصلاة في ذلك السفر.
18- ما الدليل على استحباب معرفة قبور الصالحين لزيارتها والقيام بحقها ؟
قَالَ الحافظ ولي الدين العراقي في حديث أبي هريرة أنَّ موسى قالَ: "رب أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر"، وأنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "والله لَو أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر": فيهِ استحباب معرفة قبور الصالحين لزيارتها والقيام بحقها. اهـ.
فيفهمُ من قول رسول الله عن قبر موسى عليه السلام "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر" والذي هو قرب أريحا الإشارة إلى أن زيارة قبور الأنبياء والصالحين للتبرك بهم مطلوبة وعلى هذا كانَ الأكابر وعلى ذلك نصوا.
19- ماذا يستحب أن يقال عند زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وقد ذَكَرَ الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي الذي هو من أعمدة المذهب الحنبلي أنه مما يستحب قوله عند زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنك قلت في كتابك لنبيك صلى الله عليه وسلم:{ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسَهم جاءوك فاستغفروا اللهَ واستغفرَ لهم الرسولُ لوجدوا اللهَ توابًا رحيمًا} [سورة النساء]، وإني قد أتيت نبيك تائبا مستغفرا فأسألكَ أن توجب لي المغفرةَ كما أوجَبتَهَا لمن أتاه في حياته، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم نبي الرحمةِ، يا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي"، فبعد هذا كيف يقول بعضهم إن زيارة قبر النبي للتبرك به والتوسل به زيارة شركية، فما أَبعد هؤلاء عن الحق.
20- ماذا قال الحافظ سراج الدين بن الملقن عن قبر معروف الكرخي؟
إنَّ أحدَ حفاظ الحديث واسمه الحافظ سراج الدين بن الملقن هذا توفي بعد ابن تيمية بنحو ستين سنة وهو من الفقهاء الشافعيين ذَكَرَ عن نفسِهِ في كتابِهِ طبقات الأولياء وهو كتاب يذكر فيه تراجم أولياء من السلف والخلف فقال: "ذهبت إلى قبر معروف الكرخي وقفت ودعوت الله عدة مرات، فالأمر الذي كان يصعب علي ينقضي لما أدعو الله هناك عند قبره"، هذا معروف الكرخي من الأولياء البارزين المشهورين في بغداد، معروف عند العامة والخاصة، يقصدون قبره للتبرك.
21- ماذا جاء عن الحسن بن إبراهيم الخلال في أمر التوسل والزيارة؟
ذكرَ الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن الحسن بن إبراهيم الخلال أنه قال: "ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب" اهـ.
22- ماذا قال إبراهيم الحربي عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن بعض أكابر السلف ممن كان في زمن الإمام أحمد بن حنبل واسمه إبراهيم الحربي أبو إسحق وكان حافظا فقيها مجتهدا يشبه بأحمد بن حنبل، وكان الإمام أحمد يرسل ابنه ليتعلم عنده الحديث أنه قالَ: "قبر معروف الترياق المجرب"، والترياق هو دواء مركب من أجزاء وهو معروف عند الأطباء القدامى من كثرةِ منافِعِهِ، وهو عندهم أنواع، شبه الحربي قبر معروف بالترياق في كثرةِ الانتفاع فكأنَّ الحربي قال: أيها الناس اقصدوا قبر معروف تبركا به من كثرة منافعه.
23- ماذا قال عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الأزهري عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد الزهري أنه قال: سمعت أبي يقول: "قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج، ويقالُ: إنه مَن قَرَأَ عندَهُ مائةَ مرَّةٍ: {قُل هوَ اللهُ أحَد} (سورة الإخلاص/1) وسَأَلَ الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته".
24- ماذا قال أبو عبد الله المحاملي عن قبر معروف الكرخي؟
ذكرَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في تاريخِ بغدادَ عن أبي عبد الله المحاملي أنه قالَ: "أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة، ما قصده مهموم إلا فرج الله همه".
25- ماذا يروى عن الشافعي أنه كان يقول عن أبي حنيفة وقبره؟
ورُويَ عن الشافعي أنه كان يقول: "إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم ـ يعني زائرا ـ فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى".
26-ماذا قال الحافظ الجزري عن قبور الصالحين ؟
وقد ذكر الحافظ الجزري وهو شيخ القراء وكان من حفاظ الحديث في كتاب له يسمى الحصن الحصين وكذلك ذكر في مختصره قال: "من مواضع إجابة الدعاء قبور الصالحين" ا.هـ، وهذا الحافظ جاء بعد ابن تيمية بِنحوِ مائة سنة، ولم ينكر عليه العلماء إلا أن يكون بعض الشاذين الذين لَحِقوا نفاة التوسل من أتباع ابن تيمية.
27- أذكر قول الإمام مالك للخليفة المنصور لما حجّ فزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟
ونختِمُ هذا المقالَ بقول الإمام مالك للخليفة المنصور لما حج فزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسأل مالكا قائلا: "يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك ءادم عليه السلام إلى الله تعالى؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله" ذكره القاضي عياض في كتاب الشفا.
28- ما دليل أن إثم تكفير الوهابية للمسلمين لمجرد قصد قبور الأنبياء والصالحين وهم يعتقدون أن الأنبياء والأولياء أسباب فقط يكون في صحائف ابن تيمية لأنه أوّل من سنَّ هذا؟
كيفَ تجرأَ ابن تيمية على تحريم ذلك وتكفير من يفعلُ ذلكَ والحكم عليه بالشرك، ثم كيفَ تجرأَ على دعوى أنه متفق عليهِ بين العلماءِ، ولو قالَ هذا ما أراهُ وأعتقده لكانَ ذلكَ إبداءَ رأيهِ الخاص لكنه أوهَمَ أن هذا الذي يراهُ متفق عليهِ عند علماءِ الإسلام تلبيسا على الناسِ وهو يعلمُ أن الأمرَ ليسَ كذلكَ، فما أعظم ما ترتَّبَ من كلام ابن تيمية هذا من تكفير أتباعه الوهابية للمسلمين لمجرد قصد قبور الأنبياء والصالحين وهم يعتقدون أن الأنبياء والأولياء أسباب فقط لا يخلقون منفعة ولا مضرة، فكل إثم تكفير هؤلاءِ المسلمين يكونُ في صحائف ابن تيمية لأنه أولُ من سَنَّ هذا، فقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شىء" وهو حديثٌ مشهورٌ رواه مسلمٌ وغيرُهُ.
29- أذكر ما حدّث به الشيخ أحمد ذاكر من عجائب تكفير الوهابية للمسلمين.
ومن عجائِبِ تكفير الوهابية للمسلمين ما حدث به الشيخ أحمد ذاكر قالَ: كنتُ في ناحية بني غامد في الحجاز جالسًا تحت شجرة أدعو الله رافعا يدي فأقبلَ إليَّ واحدٌ وقال بصوتٍ عالٍ: لم تعبد الشجرة، وهذا الإنكار منه وتكفيره له ناشئ من مجرد سوء الظن بالرجل كفره من غير أن يسمع منه ما يقول، ولم يكن هذا في بلد من بلاد المسلمين قبل ظهور محمد بن عبد الوهاب في نجد الحجاز، ثم ازداد أتباعه غلوا ولا يزالون يزدادون غلوا إلى يومِنَا هذا.
30- ما الدليل على أن الاستعاذة بغير الله ليست شركا ؟
أخْرجَ أحمد في المسند بإسناد حسن كَما قَالَ الحافظ ابن حجر أنَّ الحارث بن حسان البكري، قَالَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أَعوذ بالله ورسوله أَن أَكون كوافد عاد، الحديث بطُولِهِ دليل يبطل قول الوهابية: الاستعاذة بغير الله شرك.
31-أذكر قصة الحارث بن حسان البكري لما قدم إلى رسول الله وقال له "أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد" ؟
الحارث بن حسان البكري قالَ: "خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حاجة فهلا أنت مبلغي إليه، قال: فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق وبلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: ما شأن الناس، قالوا: يريد أن يبعث عمرو ابن العاص وجها، قال: فجلست، قال: فدخل منزله أو قال رحله، قال: فاستأذنت عليه فأَذن لي فدخلت فسلمت، فقال: "هل كان بينكم وبين بني تميم شىء"، قال: فقلت: نعم، قال: وكانت لنا الدبرة عليهم، ومررت بعجوزٍ من بني تميم منقطعٍ بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب، فأذن لها فدخلت فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزا فاجعل الدهناء، فحميت العجوز واستوفزت، قالت: يا رسول الله فإلى أين تضطر مضرك، قال: قلت: إنما مثلي ما قال الأول: معزاء حملت حتفها، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد، قال: "هيه وما وافد عاد" وهو أعلم بالحديث منه ولكن يستطعمه، قلت: إن عادا قحطواـ أي انقطع عنهم المطر ـ فبعثوا وافدا لهم يقال له قيل، فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرا يسقيه خمرا وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامةـ يطلب المطر من الله، لأن هؤلاء كانوا مع شركهم يعظمون مكة ـ فنادى: اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود ـ والغالب أن السحابة السوداء هي التي تحمل المطر، فرح فقال الآن ينزل المطرـ فنودي منها ـ أي ناداه الملك قائلا ـ: اختر، فأومأَ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها: خذها رمادا رمدِدًا لا تبقي من عاد أحدا، قال: فما بلغني أنه بعثَ عليهم من الريحِ إلا قدر ما يَجري في خاتَمي هذا حتى هلكوا، قالَ أبو وائل: وصدق، قال: فكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد" ا.هـ
32- ما وجه الدليل في قول الحارث بن حسان البكري لرسول الله "أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد" على جواز الاستعاذة بغير الله ؟
وجهُ الدليل في هذا الحديثِ أنَّ الرسول لم يَقُل للحارث أشركت لقولِكَ "ورسوله"، حيثُ استعذت بي وقد جَمَعَ الحارث الاستعاذة بالرسول مع الاستعاذة بالله وذلكَ لأن الله هو المستعاذ به على الحقيقة وأما الرسول فمستعاذ به على معنى أنه سبب، فتبينَ للحارثِ أن حاجتَها مثلُ حاجتِهِ، هو جاءَ ليطلُبَ مِنَ الرسولِ أرضًا من الأراضي وهي نفس الشَّىء كانَ في قلبِهَا أن تطلُبَ من الرَّسولِ، فلما أوصَلَهَا إلى الرَّسولِ فإذا بها تذكُرُ للرّسولِ ما عندَها ما كانَ في ضميرِها أي في قلبِهَا، فقالَ الصَّحابي: أعوذ بالله ورسوله أن أكونَ كوافد عاد، يعني أعوذ بالله أن أكونَ خائبًا في أملي الذي أمَّلتهُ، معناهُ هذه المرأةُ تريدُ أن تَسبِقَني إلى ما هو حاجتي.
33- ما الرد على من قال "نحن لا ننكر الاستعاذة بالرسول في حياته في حضرته إنما ننكر الاستعاذة به بعد موته" ؟
الاستعاذة معنى واحد إن كان طلبُها من حي حاضر أو غائب فكيفَ يكونُ طلبها من الحاضر جائزا ومن الغائب شركا هذا غيرُ معقولٍ، فإنَّ المؤمِنَ إن استعاذ بحي أو ميت فإنّهُ يرَى المستعاذ به سببا أي أنه ينفع المستعيذ به إن شاء الله أي إن كتب الله أنه ينفعه، وهذا المعنى لا فرقَ به بينَ أن يكونَ المستعاذ به حيا حاضرا أو ميتا غائبا، فلا الحي الحاضر المستعاذ به خالق للإعاذة ولا الميت قالَ الله تعالى:{هل من خالقٍ غير الله}، وأينَ معنى عبادة غير الله في هذا أليسَ معنَى العبادة لغةً وشرعًا نهاية التذلل يا مكفرين لأمة الهُدَى بلا سببٍ، افهَموا معنَى العبادة ثم تَكَلَّموا.
34- أذكر دليلا من الحديث على جواز الاستغاثة بغير الله.
عن ابنِ عبَّاس أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ لله مَلائِكةً في الأرْضِ سِوَى الحَفَظَةِ يَكتُبونَ مَا يَسْقُطُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ فَإذَا أصَابَ أحدَكُم عَرْجَةٌ بأرْضٍ فَلاةٍ فلْيُنَادِ أعينوا عباد الله"، رَواهُ الطَّبَرانيُّ، وقَالَ الحَافِظُ الهَيْثَميُّ: رجَالُهُ ثِقَاتٌ.
هذا الحديثُ فيه دلالَةٌ واضِحَةٌ على جواز الاستغاثَة بغير الله لأن فيهِ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَنَا أن نقولَ إذا أصابَ أحدنا مشكلة في فلاةٍ من الأرضِ أي برّيّةٍ "يا عباد الله أعينوا" فإنَّ هذا ينفعهُ. وهذا الحديث حسَّنَهُ الحافظُ ابن حجر، ونصُّ الحديث كما أخرجَهُ الحافظُ ابن حجرٍ في الأماليّ عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ لله ملائكةً سِوَى الحفظَةِ سَيَّاحينَ في الفَلاةِ يكتبونَ ما يسقُطُ من وَرَقِ الشَّجَرِ فإذا أصابَ أحدكُم عرجةٌ في فلاةٍ فَليُنَادِ يا عبادَ الله أعينوا"، الله تعالى يُسمِعُ هَؤلاءِ المَلائِكَةَ الذين وُكلوا بأن يكتبوا ما يَسقُطُ من ورقِ الشجرِ في البريَّةِ نداءَ هذا الشَّخص لو كانَ على مسافةٍ بعيدةٍ منهم. الملك الحي الحاضر إذا استغيث بهِ: يا مَلِكَنَا ظَلَمَني فلانٌ أنقذني، يا مَلِكَنَا أصابني مجاعةٌ فأنقذني، هذا المَلِكُ لا يُغيثُ إلا بإذنِ الله، كذلكَ هؤلاءِ المَلائِكَة لا يُغيثونَ إلا بإذنِ الله، كذلكَ الأولياء والأنبياء إذا إنسان استغاث بهم بعد وفاتهم يغيثونه بإذن الله، فإذًا هؤلاءِ سببٌ، وكِلا الأمرينِ جائزٌ.
35- يقول ابن تيمية " قول أغثني يا رسول الله شرك إن كان في غيابه أو بعد وفاته". فما الرد على ابن تيمية والوهابية القائلين "لم تستغيث بغير الله، الله لا يحتاج إلى واسطة" ؟
أما ابن تيمية فيقولُ: قول أغثني يا رسول الله شرك إن كانَ في غيابه أو بعد وفاته، عنده لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، يقول ابن تيمية والوهابية لِمَ تستغيث بغير الله تعالى، الله تعالى لا يحتَاجُ إلى واسطة، فيقالُ في الرَّدّ عليهم: كذلكَ المَلِكُ الله تعالى لا يحتاجُ إليه ليغيثك وكذلكَ الملائكة الله لا يحتاجُ إليهم ليغيثوك، فما أبعد ابن تيمية وأتباعه عن الحَقّ حيثُ إنهم وَضَعوا شروطًا لصِحَّةِ الاستغاثة والاستعانة بغيرِ الله ليست في كتابِ الله ولا في سنّةِ رسولِ الله، وكلُّ شرطٍ ليسَ في كتابِ الله فهو باطِلٌ وإن كانَ مائَة شرطٍ. هذا والعجبُ من ابن تيمية ثَبَتَ عنه أمرانِ متناقضانِ وهو أن القولَ المشهورَ عنه المذكور في أكثرِ كتبِهِ تحريم الاستغاثة بغير الحي الحاضر، وصرَّحَ في كتابه الكلم الطيب باستحسان أن يقولَ من أصابَهُ خدر في رجلِهِ "يا محمد"، وكتابُهُ هذا الكلم الطيب ثابِتٌ أنه من تأليفِهِ فما أثبَتَهُ في هذا الكتابِ هو موافِقٌ لِعَمَلِ المسلمينَ السلف والخلف، وأما مشبهة العَصرِ الوهابية الذين هم أتباعُ ابن تيمية مجمعونَ على أن قول يا محمد شرك وكفر.
وهذا الكتاب الذي عقد فيه ابن تيمية فصلا لاستحباب أن يقولَ من أصابَه الخدر يا محمد ثابت عنه توجدُ منه نسخٌ خطيةٌ ونسخٌ مطبوعةٌ. وقد اعترفَ بصحةِ هذا الكتابِ أنه لابن تيمية زعيم الوهابية ناصر الدين الألباني وهذا مذكور في مقدمة النسخة التي طبعها الوهابي تلميذ الألباني زهير الشاويش، فهم وقعوا في حيرة لما أُوردَ عليهم هذا السؤال: "هذا ابن تيمية قال في كتابهِ هذا فصل في الرَّجلِ إذا خدرت وأوردَ أن عبد الله بن عمر خدرت رجله فقيل له اذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد فاستقامت رجله كأنه نشط من عقال. هذا فيه استحباب الكفر والشرك عندكم وقائل هذا زعيمكم الذي أخذتم منه أكثر عقائدِكم، فماذا تقولون كفر لهذا أم لم يكفر، فإن قلتم كفر لهذا وأنتم تسمونَه شيخ الإسلام فهذا تناقضٌ تكفرونه وتسمونه شيخ الإسلام وإن قلتم لم يكفر نقضتم عقيدتَكُم تكونون قلتم قول يا رسول الله استغاثة به بعد وفاته جائز وإن لم تكفروه جِهارًا فإنكم معتقدون أن قولَه هذا شرك فلماذا لا تتبرءون منه إن كنتم على ما كنتم عليه. والآن وقد وضَح لكم الأمر لكنكم لا تزالون تخالفونه فيما وافقَ فيه الحق وتتبعونه فيما ضلَّ وزاغَ فيه وهل لكم مستندٌ لتحريم التوسل بغير الحي الحاضر سوى ما أخذتم من كتبه وزعمتم أن ذلك حجة، وهو أمر انفرد به ابن تيمية من بين المسلمين لم يسبقه أحدٌ في تحريم التوسل بالنبي والولي بعد الوفاة أو في غير حضرة النبي والولي في الحياة وظهرَ وثبتَ أنكم لستم مع السلف ولا مع الخلف". هؤلاء السلف كتبهُم تشهدُ بأنهم كانوا يتبركون بالأنبياء والأولياء بالتوسل بهم وبزيارة قبورهم وهؤلاء الذين ألفوا من السلف وذكروا في مؤلفاتهم هذا الأثر من قول عبد الله بن عمر لما خدرت رجله يا محمد كان مقررا عند السلف كإبراهيم الحربي صاحب أحمد بن حنبل ذكره في كتابه غريب الحديث أي إبراهيم الحربي، والبخاري في كتابه الأدب المفرد وهذا الأثر له أكثر من إسنادَين أحدهما فيه راوٍ ضعيف. ولو فرض أنه ليس له إسنادٌ صحيحٌ لكن هؤلاء أوردوه في كتبهِم مستحسنين ليعمل الناس به فماذا تحكمون عليهم هل تحكمون عليهم بالشرك والكفر حيث إنهم تركوا للناس ما فيه شرك في تآليفهم وكذلك علماء الخلف من حفاظ الحديث ذكروا هذا في مؤلفاتهِم فأنتم تكونون كفرتم السلف والخلف فمن المسلم على زعمكم إن كان السلف والخلف كفارا على مُوجَب كلامكم، وهذا الإمام أحمد بن حنبل الذي تعتزُّون به أجاز تقبيل قبر النبي ومسه للتبرك وذلك في كتاب العلل ومعرفة الرجال.
36- ما الدليل على أن الميت ينفع بعد موته ؟
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم"، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
هذا الحديثُ يدلُّ على أن النبي ينفع بعد موته خلافا للوهابية القائلينَ بأنهُ لا ينفع أحد بعد موته، فإنهُ عليه الصلاةُ والسلامُ لما قال: "ومماتي خير لكم" أَفهَمَنَا أنه ينفعنا بعد موته أيضًا بإذنِ الله عزَّ وجلَّ، كما نفعنا موسى عليه السّلامُ ليلة المعراج لما سألَ النَّبيَّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ: ماذا فرض الله على أمتك؟، فقال له: "خمسين صلاة"، قال: ارجع وسل التخفيف فإني جربت بني إسرائيل فرض عليهم صلاتان فلم يقوموا بهما، فَرجعَ فطلَبَ التَّخفيفَ مرَّةً بعد مرَّةٍ وفي كلّ مرَّةٍ كانَ موسى عليهِ السلامُ يقولُ لهُ: ارجِع فَسَل التّخفيفَ، إلى أن صاروا خمس صلواتٍ بأجرِ خمسينَ، فهل يشكُّ عاقلٌ بنفع موسى عليه السَّلام لهذهِ الأمة هذا النفع العظيم، وقد كانَ موسى توفيَ قبل ليلة المعراج بأكثر من ألف سنة، فهذا عمل بعد الموت نفع به أمةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
وأما قولُهُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "تُحدِثُونَ ويُحدَثُ لكُم" فمعناهُ يحصلُ منكم أمورٌ ثم يأتي الحكمُ بطريقِ الوحي مِن رسولِ الله.
ثم يؤكّدُ النبيُّ عليه الصلاةُ والسّلامُ نفعه لأمته بعد وفاته بقولِهِ: "ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم". ويدل على ذلك ما رواهُ مسلمٌ في حديث المعراج أن كلًّا من الأنبياء الذين لقيَهُم في السماءِ دعا للرسولِ بخيرٍ وهم ثمانية ءادم في الأولى وعيسى ويحيى في الثانيةِ ويوسف في الثالثةِ وإدريس في الرابعةِ وهارون في الخامسةِ وموسى في السادسةِ وإبراهيم في السابعةِ وكل ذلك نفع بعد الموت، فبطل تعلق الوهابية بالاستدلال بحديث البخاري: "إذا مات ابن ءادم انقطع عمله إلا من ثلاث" فإنه بزعمِهِم يمنع الانتفاع بزيارة قبور الأنبياء والأولياء والتوسل بهم. يقال لهم المرادُ بقولهِ عليه السلام "انقطع عمله" أي العمل التكليفي وليس فيه تعرض لما سوى ذلك من نحو نفع التوسل بهم بل فيه ما يدل على خلافِ دعواهم حيث إن فيه أن دعوة الولد الصالح تنفع أباه وليس مراد الرسول بذلك أنه لا ينفع دعاء غير ولده الصالح للميت.
37- ما الدليل على بطلان قول ابن تيمية: لا يجوز التوسل إلاّ بالحي الحاضر؟
أَخْرجَ الطَّبرانيُّ في مُعْجَمَيهِ الكَبِيرِ والصَّغيرِ عَن عُثمانَ بنِ حُنَيفٍ أنَّ رَجُلاً كانَ يَخْتلِفُ ـ أي يتَردَّدُ ـ إلى عثمانَ بنِ عَفّانَ، فكَانَ عُثْمانُ لا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ ولا يَنْظُرُ في حَاجَتِه، فَلقِي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك، فقَالَ: ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي، ثم رح حتى أروح معك. فانطلق الرجل ففعل ما قال، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب فأخذ بيده فأَدخله على عثمان بن عفان فأجلسه على طنفسته ـ أي سجادته ـ فقال: ما حاجتك؟ فذكر له حَاجَتَهُ، فقَضى لَهُ حاجَتَهُ وقَالَ: مَا ذَكَرْتُ حاجتك حتّى كانت هذه الساعة، ثُمّ خَرجَ مِنْ عِنْده فلَقِيَ عثمان بن حنيف فَقالَ: جزاك الله خَيْرًا، مَا كانَ يَنْظُر في حَاجَتي ولا يَلْتَفِتُ إلَيَّ حَتَّى كلَّمْتَهُ فِيَّ، فَقالَ عثمان بن حنيف: والله ما كَلّمْتُهُ ولكِنْ شَهِدْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَدْ أتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره، فَقالَ: إن شئت صبرت وإنْ شئت دعوت لكَ، قالَ: يا رسول الله إنه شق علي ذهاب بصري وإنه ليس لي قائد فقال له: ائت الميضأة فتوضأ وصل ركعتين ثمّ قل هؤلاء الكلمات، ففعل الرجل ما قال، فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر كأنه لم يكن به ضر قط قالَ الطبراني في "معجمه": والحديث صحيح، والطبراني من عَادَتِهِ أنَّهُ لا يُصَحّحُ حَديثًا معَ اتّسَاع كِتابِه المعجَمِ الكَبيرِ، ما قالَ عن حدِيثٍ أوْردَهُ ولو كَانَ صَحِيْحًا: الحَدِيثُ صَحِيْحٌ، إلا عن هَذَا الحَدِيْثِ، وكذلكَ أخرجه في الصغيرِ وصححهُ.
فَفِيهِ دليل أنَّ الأعمى توسل بالنبي في غير حضرته بدليل قول عثمان بن حنيف: "حَتَّى دخل علينا الرجل"، وفيْهِ أنَّ التوسل بالنبي جائز في حالة حياته وبعْدَ مماته فبَطَل قَوْلُ ابن تيمية: لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر، وكل شرط ليس في كتاب الله فهُوَ باطل وإنْ كَانَ مِائَةَ شَرطٍ.
هذا الحديثُ فيه دلالةٌ واضحةٌ على جواز التوسل بالنبي في حياته وبعد مماته في حضرته أو في غير حضرته.
38- ما الدليل على أن قول ابن تيمية "ليس التوسل الوارد في حديث الأعمى توسلاً بذات النبي بل بدعائِه" مخالف للأصول ؟
وأما قول ابن تيمية ليسَ التوسل الوارد في الحديثِ توسلا بذات النبي بل بدعائِهِ فهوَ دعوى باطلةٌ، لأنَّ التوسل نوعٌ من أنواعِ التبرك، الرسول ذاته مباركة وءاثاره أي شعره وقلامة ظفره والماء الذي توضأَ به ونخامته وريقه مبارك، لأنَّ الصحابةَ كانوا يتبركون بذلكَ كما وَرَدَ في الصحيحِ فكأنَّ قولَ ابن تيمية هذا ينادي بأنَّ الصحابةَ ما كانوا يعرفونَ الحقيقةَ بل كانُوا جاهلينَ وما قَالهُ مخالفٌ للأصولِ، فإنَّ علماءَ الأصولِ لا يُسَوّغونَ التأويل إلا لدليلٍ عقلي قاطعٍ أو سمعي ثابتٍ، وكلامُ ابن تيمية معناهُ أنه يجبُ تقديرُ محذوفٍ فالحديثُ عندهُ يُقدَّرُ فيهِ محذوفٌ فيكونُ التقديرُ على موجَبِ دَعْوَاهُ اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بدعاء نبينا وكذلك يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي يلزم منهُ التقديرُ إني أتوجه بدعائك إلى رَبّي، والأصلُ في النصوصِ عدمُ التقديرِ والتقديرُ لا يُصارُ إليه إلا لدليلٍ وَهَذَا المعروفُ عندَ علماءِ الأصولِ فابن تيمية حُبّبَ إليهِ الشذوذُ وخَرْقُ الإجماعِ من شدّةِ إعجابِهِ بنفسِهِ.
39- لِمَ انحرفَ أبو حيان الأندلسي عن ابن تيمية بعد أن كان يحبّه وقد امتدحه ؟
ابن تيمية حُبّبَ إليهِ الشذوذُ وخَرْقُ الإجماعِ من شدّةِ إعجابِهِ بنفسِهِ، ومنْ فَرْط إعْجَابهِ بِنفسِهِ أنه ذُكِرتْ مسئلةٌ نحْوِيةٌ عندَهُ فقيلَ له هكذا قالَ سيبويهِ فقالَ سيبويهِ يكذبُ، ومَن ابن تيمية في النَّحوِ حتى يكذّبَ إمامَ النحوِ لأنهُ خَالَفَ رأيَهُ، وهذا خفيفٌ بالنسبةِ لتخطئة علي بن أبي طالب في سبعَ عَشرَة مسئلةً، فلهذا انحرَفَ عنه أبو حيان النحوي بعد أنْ كَانَ يحبُّهُ وقد امتدَحَهُ بقصيدةٍ ثم لما رَأَى منهُ تكذيبَ سيبويهِ ورأى كتابَهُ الذي سَمَّاهُ كتاب العرش الذي ذَكَرَ فيه أنَّ الله قاعد على الكرسي وأَنَّهُ أخلى موضعا للرسول ليقعده فيه زادت كراهيتُهُ له فَصَارَ يلعنه حتَّى ماتَ، ذكرَ ذلكَ الحافظ محمد مرتضى الزبيدي، وأبو حيان إمام في القراءات والنحو والتفسير وله سماع من شيوخ الحديث.
40- لِمَ وَصَفَ الذهبي ابن تيمية في رسالتِهِ "بيان زغل العلم والطلب" بأنه أهلكه فرط الغرام في رئاسة المشيخة والازدراء بالأكابر؟
وَصَفَ الذهبي ابن تيمية في رسالتِهِ بيان زغل العلم والطلب بأنّهُ أهلَكَهُ فَرْطُ الغرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءُ بالأكابرِ وما قالَهُ الذهبي صحيحٌ لأنَّ ابن تيمية انتقصَ سَيّدَنَا عليا بقولِهِ إنّ حروبه ما نفعت المسلمين بل ضرتهم في دينهم ودنياهم، وبقوله إن القتال معه ليسَ بواجبٍ ولا مستحب، وابن تيمية يعلم أن الله تَعالى قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} وعليٌّ داخلٌ في هذِهِ الآيةِ بلْ هو أولُ من امتَثَلَ الأمرَ الذي في هذِهِ الآيةِ فقاتَلَ من بَغَى عَليه، وقد أجمعَ أهلُ السنةِ على أن عَليًّا مصيبٌ في حروبِهِ الثلاثةِ وقعةِ الجملِ ووقعة صفين ووقعة النهروان، ويؤيدُ ذلك حديثُ رسول الله: "إن منكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله"، فقيلَ: مَنْ هُوَ؟ فقالَ: "خاصف النعل"، وكانَ علي يخصف نعله. ففي هذا الحديثِ تصويبُ قتالِ عليّ وهذا الحديثُ صحيحٌ ثابتٌ أخْرَجَهُ ابنُ حبانَ وغيرُه،وحديثُ أبي يعلى والبزار عن عليّ رضي الله عنه عَهِدَ إليّ النبي صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين اهـ. ورسالة الذهبي بيان زغل العلم والطلب صحيحة النسبة إليه لأنَّ الحافظ السخاوي نَسَبَهَا للذهبي في كتابِهِ "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" وَنَقَلَ فيه بعضَ ما مَرَّ ذكرُهُ مِنْ وَصْفِهِ لابن تيمية بأن فرط الغرام في رئاسة المشيخة والازدراء بالأكابر أهلكه، فلا التفاتَ إلى مَنْ يَنفي صحتَهَا ونسبَتَهَا إلى الذهبي بلا دليلٍ بل ليرضيَ أتباع ابن تيمية الوهابية لأجلِ المَالِ.
41- ما الدليل على أن رسالة الذهبي "بيان زغل العلم والطلب" صحيحة بالنسبة إليهِ؟
رسالة الذهبي بيان زغل العلم والطلب صحيحة النسبةِ إليه لأنَّ الحافظ السخاوي نَسَبَهَا للذهبي في كتابِهِ "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" وَنَقَلَ فيه بعضَ ما مَرَّ ذكرُهُ مِنْ وَصْفِهِ لابن تيمية بأنَّ فرطَ الغَرامِ في رئاسةِ المشيخةِ والازدراءَ بالأكابرِ أهلكهُ، فلا التفاتَ إلى مَنْ يَنفي صحتَهَا ونسبَتَهَا إلى الذهبي بلا دليلٍ بل ليرضيَ أتباع ابن تيمية الوهابية لأجل المَالِ.
42- ما الرد على تمسّك بعض الوهابية لدعوى ابن تيمية في رواية حديث الترمذي الذي فيه :"اللهم شفعه في وشفعني في نفسي" بأنَّه لا يتبرك بذات النبي؟
وأما تمسكُ بعضِ الوهابية لدعوى ابن تيمية هذه في روايةِ حديثِ الترمذيِ الذي فيه: "اللهم شفعه في وشفعني في نفسي"، فلا يفيدُ أنه لا يتبرك بذات النبي، بل التبرك بذات النبي إجماع لم يخالفه إلا ابن تيمية، والرسول هو الذي قال فيه القائل:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
أَوْرَدَهُ البُخَاريُّ.
43- ما الدليل على أن ترك التوسل بالنبي بعد موته ليس فيه دلالة على منع التوسل بغير الحي الحاضر؟
وأمَّا توسل عمر بالعباس بعدَ موت النبي صلى الله عليه وسلم فليسَ لأَنَّ الرّسُولَ قدْ مَاتَ، بلْ كانَ لأجْلِ رِعَايةِ حَقّ قَرابَتِه مِنَ النَّبي صلى الله عليه وسلم، بدَليلِ قَولِ العبّاسِ حِينَ قَدَّمَهُ عُمَرُ: "اللّهُمَّ إنّ القَوْمَ تَوجَّهُوا بي إلَيْكَ لِمَكَانِي مِنْ نَبيّكَ"، فَتَبيَّنَ بُطْلانُ رأْيِ ابن تيمية ومَنْ تَبِعَهُ مِنْ منكري التوسل. رَوى هذا الأَثَرَ الزُّبَيرُ بنُ بكَّار كما قالَ الحافظُ ابن حجر، ويُسْتَأنسُ لَهُ أَيضًا بِما رَواهُ الحاكِمُ في المستَدْرَكِ أنَّ عُمرَ رَضِيَ الله عَنْهُ خَطَب النَّاسَ فقالَ: "أيُّها النَّاسُ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَرَى للعَبّاسِ مَا يَرَى الولَدُ لِوَالدِه، يُعَظّمُهُ ويُفَخّمُهُ ويَبَرُّ قَسَمَهُ، فاقْتَدُوا أيُّها النّاسُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلم في عَمّهِ العبَّاسِ واتّخِذُوه وسِيلةً إلى الله فِيما نَزَلَ بكُم"، فَهذا يُوضِحُ سَببَ توسل عمر بالعباس.
يُفهَمُ من هذا أن توسل عمر بالعباس كانَ لرعايةِ حَقّ قرابتِهِ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فتركُ عمرَ التوسل بالنبي في ذلكَ الموضِعِ ليسَ فيه دلالةٌ على منعِ التوسل بغير الحي الحاضر، فقد تَرَكَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم كثيرًا من المباحات فهل دل تركه لها على حرمتها؟ وقد ذَكَرَ العلماءُ في كتبِ الأصولِ أن ترك الشىء لا يدل على منعه. وقد أرادَ سيدنا عمرُ بفعلِهِ ذلكَ أن يبيّنَ جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم من أهلِ الصلاحِ ممَّن ترجى بركته، ولذا قالَ الحافظُ ابن حجرٍ في فتحِ الباري عَقِبَ هذه القصَّة ما نصُّه: "يستفادُ من قصةِ العبّاسِ استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهلِ بيتِ النبوة".اهـ.
44- ما الردّ على دعوى بعض المشوشين أنّ الحديث المذكورَ في إسنادِه أبو جعفر هو رجل مجهول؟
لا التِفَاتَ بَعْدَ هَذا إلى دَعْوَى بَعْضِ هَؤلاءِ المُشَوّشِيْنَ أنَّ الحدِيثَ المذْكُورَ في إسنَادِهِ أبو جَعْفَرٍ وهوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، ولَيْسَ كَما زَعَمُوا بل أبو جَعْفرٍ هَذا هُوَ أبو جعفر الخطمي ثقة.
45- ما الردّ على دعوى ناصر الدين الألباني أن مراد الطبرانيّ بقوله:"والحديث صحيح" القدر الأصلي وهو ما فعله الرجل الأعمى في حياة رسول الله فقط وليس مراده ما فعله الرجل أيام عثمان بن عفان بعد وفاة الرسول؟
وكذلكَ دَعْوَى بَعْضِهم وهوَ ناصر الدين الألباني أنَّ مُرادَ الطَّبرَانيّ بقَولِه: "والحدِيْثُ صَحِيْحٌ" القَدْرُ الأَصْلِيُّ وهوَ مَا فَعلَهُ الرجل الأعمى في حياة رسول الله فَقَط، وَلَيْسَ مُرادُه ما فَعلَهُ الرجل أيّامَ عثمان بن عفان بَعْدَ وفاة الرسولِ وهذا مردودٌ، لأَنَّ عُلَماءَ المُصْطَلح قَالُوا: الحَدِيْثُ يُطلَقُ علَى المَرْفُوعِ إلى النّبيّ والمَوقُوفِ على الصَّحابَةِ، أي أنَّ كَلامَ الرسولِ يُسَمَّى حَدِيْثًا وقَولَ الصَّحابِيّ يُسَمَّى حَدِيثًا، ولَيسَ لَفْظُ الحَدِيثِ مَقْصُورًا على كلامِ النّبيِ فَقط في اصطلاحهم، وهَذا المُمَوِّهُ كلامُهُ لا يُوافِقُ المُقَرَّرَ في عِلْمِ المُصْطَلَحِ فَليَنْظُرْ مَنْ شَاءَ في كِتَابِ تَدْرِيْبِ الرَّاوِي والإفْصَاحِ وغَيرِهما مِن كُتُبِ المُصْطَلَحِ، فإنَّ الألباني لم يجرهُ إلى هذهِ الدَّعوى إلا شِدة تعصبهِ لهواهُ وعَدم مبالاتِهِ مخالفة العلماءِ كَسَلَفِهِ ابن تيمية.
وقَد نَصَّ على ذلكَ غَيرُ وَاحدٍ مِنْ عُلَماءِ الحَديثِ، مِنْهُم الحافظ ابن حجر العسقلاني كما نقلَ عنه السيوطي في تدريب الراوي، وابن الصلاح في مقدمته في علوم الحديث.
46- حديث :"إذا سألْت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" ليس فيه دليل على منع التوسل بالأنبياء والأولياء. اشرح ذلك.
أَمَّا حديث ابن عباس الذي رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ لهُ: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" فلََيسَ فيهِ دَليلٌ أيْضًا علَى مَنْعِ التوسل بالأَنبياءِ والأَوْلياءِ لأنَّ الحديثَ معناهُ أن الأوْلى بأن يسأل ويستعان به الله تَعالى، وليسَ مَعناهُ لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله. نَظِيْرُ ذَلِكَ قَولُه صلى الله عليه وسلم: "لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي"، فكَما لا يُفهَمُ مِنْ هَذا الحَديثِ عَدَمُ جواز صُحْبَةِ غَيرِ المُؤمنِ وإطْعامِ غَيرِ التَّقِيّ، وإنَّما يُفْهَمُ مِنهُ أنَّ الأَوْلَى في الصُّحبَةِ المُؤمنُ وأنَّ الأَوْلَى بالإطْعامِ هُوَ التَّقيُّ، كذلكَ حَديثُ ابنِ عبَّاسٍ لا يُفهَمُ مِنهُ إلا الأوْلَوِيّةُ وأمّا التحريم الذي يدعونه فلَيسَ في هَذا الحَدِيثِ.
47- ما الدليل على أنّ حديث ابن عباس لو ورد بلفظ النهي فليس كل أداة نهي للتحريم؟
المتوسل القائل "اللهم إني أسألك بنبيك أو بأبي بكر أو بأويس القرني أو نحوِ ذلك سأَلَ الله لم يسأل غيره فأينَ الحديث وأين دعواهُم، ثم إن الحديثَ ليس فيه أدَاة نهي لم يَقُل الرسولُ لابنِ عبّاسٍ لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، ولو وَرَدَ بلفظِ النهي فليسَ كل أداة نهي للتحريمِ كحديثِ الترمذي وابنِ حبانَ: "لا تُصَاحِب إلا مؤمنًا ولا يَأكُل طعامَكَ إلا تَقيٌّ"، فهذا الحديثُ مع وجودِ أداةِ النهي فيه ليسَ دليلاً على تحريمِ أن يطعمَ الرجلُ غير تقي، وإنما المعنَى أن الأولى أن تطعمَ طعامَكَ التقيَّ. فكيفَ تَجَرأت الوهابية على الاستدلالِ بهذا الحديثِ لمنع التوسل بالأنبياء والأولياء، ما أجرأَهُم على التحريم والتكفير بغيرِ سببٍ، ومن عَرَفَ حقيقتَهُم لا يَجعل لكلامِهِم وزنًا.
48- ما الدليل عل أنّ وضع الكف على الشبيكة ليس شركا؟
ثَبَتَ عن أبي أيوب الأنصاري أنه جَاءَ إلى قبر الرسول فوضع وجهه عليه للتبرك وهذا لا شَك عندهُم من أكبرِ الكفر والشرك، وحاشا لله أن يكون أبو أيوب أشرك بالله لذلكَ ولا يَخطُرُ هذا ببالِ مسلمٍ، فلم ينكر عليهِ أحدٌ من الصحابَةِ ولا أحدٌ من أهلِ العلمِ من السلفِ بل ولا مِنَ الخلفِ، فإذا كانَ وضع الوجه على قبر الرسول للتبرك لا يُعَدُّ شركا فكيف وضع الكف على الشبيكة التي هي بينَ القبر وبينَ الزائر، فإنا لله وإنا إليه راجعونَ اللهم إليكَ المُشتَكَى.
49- ما الدليل على أن التوسل يسمى استغاثة ؟
لا فَرقَ بينَ التوسل والاستغاثة، فالتوسل يُسَمَّى استغاثة كمَا جاءَ في حَدِيْثِ البُخَاريّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّ الشَّمسَ تَدْنُو يَومَ القِيامةِ حَتّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ فبَيْنَما هُمْ كذَلكَ استغاثوا بآدم ثمَّ موسى ثمَّ بمحمد صلى الله عليه وسلم" الحديث في روايةِ عبدِ الله ابن عمرَ لحديثِ الشفاعة يوم القيامَةِ، وفي روايةِ أنسٍ رُوِيَ بلفظِ الاستشفاع وكلتَا الروايتينِ في الصحيحِ فَدَلَّ ذلك على أن الاستشفاع والاستغاثة بمعنًى واحدٍ فسَمَّى الرّسُولُ صلى الله عليه وسلم هذا الطلب مِنْ ءادَمَ أَن يشفع لَهُم إلى رَبّهِمُ استغاثة.
هذا الحديثُ فيه دليلٌ على أن التوسل يأتي بمعنَى الاستغاثة وفي بعض الرّواياتِ لهذا الحديثِ: "يا ءادم أنتَ أبو البشرِ اشفع لنا إلى رَبّنا" وفي هذا ردٌّ على من جَعَلَ التوسل بغير الله شركا. الاستشفاع والتوسل والاستغاثة والتوجه والتجوه بمعنى واحد، وقد قالَ الحافظُ تقيُّ الدّين السُّبكيُّ في شفاءِ السَّقَامِ: الاستشفاع والتوسل والتوجه والاستغاثة والاستعانة بمعنى واحدٍ. والتقي السبكيّ محدث حافظ فقيه
الامير اشرف ماضى- عضو فعال
- عدد الرسائل : 1216
البلد : كوكب الارض
العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
تقييم القراء : 6
النشاط : 8003
تاريخ التسجيل : 13/04/2009
- مساهمة رقم 6
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
موضوع يستحق المناقشة والاجتهاد للوصول الى لب الحقيقة من القرأن والسنة وليس على خيالات لتعم الفائدة على المسلمين وفى سؤال الى العلامة سماحة الشيخ الشريف المرحوم عبدالعزيز بن باز مفتى السعودية بهذا الخصوص يقول الشؤال الذي يتوجه بالدعاء إلى الله عند قبور الصالحين فهذا هو التوسل بالأولياء والصالحين، والتوسل جائز شرعاً، وهو بطلب من الله متوسلاً إليه بهذا الولي، عسى أن يكون هذا الدعاء أو دعاء السائل مقبولاً، وليس في ذلك ما يتنافى مع العقيدة، لا فرق في ذلك بين الحي والميت، والدليل على ذلك بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه أعمى فقال له: يا رسول الله أطلب من الله أن يرد علي بصري؟ فقال له: اذهب فتوضأ وصلِّ لله ركعتين، ثم قل: اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا سيدي يا رسول الله! توسلنا بك إلى ربي ليرد علي بصري) فرد الله عليه بصره. ويقول أيضاً: بإنه يجوز الاستعانة بالأحياء والأموات؛ لأن السائل يسأل الله ببركة هذا الصالح من نبي أو ولي، وليس طالباً من ذات الشخص أن يفعل شيء، نرجو من سماحتكم الإفادة عن هذا الموضوع.
ويرد سماحتة يقول
هذا سؤالٌ جدير بالعناية، وفيه تفصيل: الحي الحاضر لا بأس أن يسأل أن يشفع للسائل، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يشفع لهم، إذا أجدبوا ويستغيث لهم، وكما سأله الأعمى فأمره أن يسأل ربه أن يقبل شفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن يتوضأ ويسأل ربه، هذا لا بأس به، سؤال الأحياء أن يشفعوا لك تقول: يا أخي ادع الله لي، اسأل الله لي أن الله يشفيني، اشفع لي أن الله يرزقني، أن الله يمنحني زوجة صالحة، ذرية طيبة، لا بأس، تقول لأخيك وهو يدعو ربه، يتضرع بين يديه ويقول: اللهم اشف فلان، اللهم يسر أمره، اللهم ارزقه الزوجة الصالحة، اللهم ارزقه الذرية الطيبة، لا بأس، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما كان الصحابة أيضاً فيما بينهم كل هذا لا بأس به، والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال لهم: (إنه يقدم عليكم رجلٌ برٌ بأمه يقال له: أويس القرني، كان براً بأمه فمن لقيه منكم فليطلبه أن يستغفر له)، فهذا حديث لا بأس به. أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم هذا شرك أكبر، هذا عمل الجاهلية هذا عمل قريش في جاهليتها، وعمل غيرهم من الكفرة، سؤال الأموات وأصحاب القبور والاستغاثة بهم والاستعانة بهم؛ هذا هو الشرك الأكبر، عبادة غير الله التي قال فيها جل وعلا، وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18)سورة الجن، وقال فيها- سبحانه وتعالى -:وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ(117) سورة المؤمنون، ومن دعا الأنبياء أو دعا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – بعد الموت، أو استغاث بالصديق أو بعمر أو بعثمان أو بعلي أو بغيرهم فقد اتخذهم آلهة، جعلهم آلهة مع الله، قال الله جل وعلا: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ سماه شرك، وقال - سبحانه وتعالى -: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ(5)سورة الأحقاف، فأخبر - سبحانه وتعالى – أنه لا أضل من هؤلاء، دعاة غير الله، فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن يحذر دعاء الأموات، أو الغائبين كالملائكة والجن يدعوهم، يسأل جبرائيل أو إسرافيل، أو جن في البلاد الفلانية، أو جن الجبل الفلاني هذا شرك أكبر، قال جل وعلا:وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ(40) سورة سبأ، وقال جل وعلا في سورة الجن:وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا(6) سورة الجن، فالواجب الحذر فلا يسأل الأموات ولا الغائبين من الملائكة وغيرهم، ولا يسأل الأصنام ولا الجمادات من أشجار أو أحجار لا، يسأل الله وحده، يسأل الله، يستعين بالله، يستغيث بالله، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ(23) سورة الإسراء، وقال- سبحانه وتعالى -:ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(60)سورة غافر، وقال جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء(5) سورة البينة، وقال - سبحانه وتعالى -: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ(186) سورة البقرة، وقال - سبحانه وتعالى -: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي – يعني ذبحي- وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 162) سورة الأنعام، قال - سبحانه وتعالى -:إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ سورة الكوثر، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فهذه أمورٌ عظيمة خطيرة، والجلوس عند القبور يدعو ربه عند القبور؛ هذه وسيلة للشرك، كونه يجلس عندها يقرأ أو يدعو هذه وسيلة، ما يجوز، من وسائل الشرك، أما إذا دعا المقبور واستغاث به هذا الشرك الأكبر، هذا الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة. أما الحي الحاضر يقول له: ادع الله لي، أو يسأل منه أن يعينه على كذا لا بأس، إذا كان حي حاضر قادر فلا بأس، مثل ما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو حاضر أن يعينهم وأن يواسيهم مما أعطاه الله من المال، وأن يدعو لهم فلا بأس، مثل ما قال الله عن موسى، في قصة موسى مع القبطي:فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ(15) سورة القصص، فأغاثه موسى وقتل القبطي؛ لأن موسى حاضر يسمع الكلام، وهكذا في الحرب، الإنسان مع إخوانه في الحرب في الجهاد يتعاونون في قتال الأعداء، هذا يعين بالسلاح، وهذا يعين بالسوط، وهذا يعين بالفرس، وهذا يعين بالدرقة إلى غير ذلك، وهكذا في الدنيا يتعاونون في المزرعة، يعينه في مزرعته، يعينه في بيعه وشراءه، حي قادر حاضر، يتعاونون في المزرعة في البيع والشراء في بناء البيت، لا بأس، حي حاضر قادر لا بأس، أما ميت أو غائب لا، لا يستعان به، شرك الأكبر، والمشركون ما كانوا يعتقدن أنهم يخلقون أو يرزقون، لا، المشركون يعبدونهم؛ لأنهم بزعمهم يشفعون لهم، يقربونهم إلى الله زلفى، هذا زعمهم، ما كانوا يعتقدون فيهم أنهم يخلقون أو يرزقون، قال الله جل وعلا: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ(87) سورة الزخرف، وقال - سبحانه وتعالى -: قل من يرزقكم – يعني قل لهم يا محمد- قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ(31) سورة يونس، يعترفون بهذا، وقال جل وعلا: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ(18) سورة يونس، ما قالوا: هؤلاء خالقونا أو رازقونا، لا، ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وهم يعلمون أن الخلاق والزراق هو الله، وإنما يعبدون الأصنام لأنها تشفع لهم بزعمهم، وقد أبطلوا في هذا، وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى(3) سورة الزمر، يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. قال الله جل وعلا:إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) سورة الزمر، سماهم كذبة، وسماهم كفرة، كذبة ما يقربونهم زلفى، وهم كفرة بهذا، بدعائهم إياهم، وذبحهم لهم، ونذرهم لهم، هم كفرة بهذا، سواءً كانوا أنبياء المعبودين أو صالحين أو ملائكة، من عبدهم كفر، بالاستغاثة بهم، بذبحه لهم، يقول أنهم يقرون إلى الله زلفى، أنهم يشفعون له، هذا دين المشركين، هذا دين عباد الأصنام يزعمون أنها تقربهم إلى الله وتشفع لهم، لا أنها تخلق و.... فالذي يأتي البدوي أو السيد الحسين أو غيره أو الجيلاني أو يأتي غيرهم يسألهم، يستغيث بهم، هذا قد جعلهم آلهة مع الله، وهذا هو الشرك الأكبر، وهكذا إذا أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه، يستغيث به، هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، الواجب على السائل وعلى غير السائل الحذر من هذه الشركيات وعدم الالتفات من دعاة الشرك من علماء السوء وقادة السوء نسأل الله العافية والسلامة. ولى رجعة للموضوع اخى النورابى
ويرد سماحتة يقول
هذا سؤالٌ جدير بالعناية، وفيه تفصيل: الحي الحاضر لا بأس أن يسأل أن يشفع للسائل، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يشفع لهم، إذا أجدبوا ويستغيث لهم، وكما سأله الأعمى فأمره أن يسأل ربه أن يقبل شفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن يتوضأ ويسأل ربه، هذا لا بأس به، سؤال الأحياء أن يشفعوا لك تقول: يا أخي ادع الله لي، اسأل الله لي أن الله يشفيني، اشفع لي أن الله يرزقني، أن الله يمنحني زوجة صالحة، ذرية طيبة، لا بأس، تقول لأخيك وهو يدعو ربه، يتضرع بين يديه ويقول: اللهم اشف فلان، اللهم يسر أمره، اللهم ارزقه الزوجة الصالحة، اللهم ارزقه الذرية الطيبة، لا بأس، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما كان الصحابة أيضاً فيما بينهم كل هذا لا بأس به، والنبي - صلى الله عليه وسلم – قال لهم: (إنه يقدم عليكم رجلٌ برٌ بأمه يقال له: أويس القرني، كان براً بأمه فمن لقيه منكم فليطلبه أن يستغفر له)، فهذا حديث لا بأس به. أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم هذا شرك أكبر، هذا عمل الجاهلية هذا عمل قريش في جاهليتها، وعمل غيرهم من الكفرة، سؤال الأموات وأصحاب القبور والاستغاثة بهم والاستعانة بهم؛ هذا هو الشرك الأكبر، عبادة غير الله التي قال فيها جل وعلا، وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا(18)سورة الجن، وقال فيها- سبحانه وتعالى -:وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ(117) سورة المؤمنون، ومن دعا الأنبياء أو دعا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم – بعد الموت، أو استغاث بالصديق أو بعمر أو بعثمان أو بعلي أو بغيرهم فقد اتخذهم آلهة، جعلهم آلهة مع الله، قال الله جل وعلا: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ سماه شرك، وقال - سبحانه وتعالى -: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ(5)سورة الأحقاف، فأخبر - سبحانه وتعالى – أنه لا أضل من هؤلاء، دعاة غير الله، فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن يحذر دعاء الأموات، أو الغائبين كالملائكة والجن يدعوهم، يسأل جبرائيل أو إسرافيل، أو جن في البلاد الفلانية، أو جن الجبل الفلاني هذا شرك أكبر، قال جل وعلا:وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ(40) سورة سبأ، وقال جل وعلا في سورة الجن:وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا(6) سورة الجن، فالواجب الحذر فلا يسأل الأموات ولا الغائبين من الملائكة وغيرهم، ولا يسأل الأصنام ولا الجمادات من أشجار أو أحجار لا، يسأل الله وحده، يسأل الله، يستعين بالله، يستغيث بالله، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ(23) سورة الإسراء، وقال- سبحانه وتعالى -:ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(60)سورة غافر، وقال جل وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء(5) سورة البينة، وقال - سبحانه وتعالى -: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ(186) سورة البقرة، وقال - سبحانه وتعالى -: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي – يعني ذبحي- وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 162) سورة الأنعام، قال - سبحانه وتعالى -:إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ سورة الكوثر، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فهذه أمورٌ عظيمة خطيرة، والجلوس عند القبور يدعو ربه عند القبور؛ هذه وسيلة للشرك، كونه يجلس عندها يقرأ أو يدعو هذه وسيلة، ما يجوز، من وسائل الشرك، أما إذا دعا المقبور واستغاث به هذا الشرك الأكبر، هذا الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة. أما الحي الحاضر يقول له: ادع الله لي، أو يسأل منه أن يعينه على كذا لا بأس، إذا كان حي حاضر قادر فلا بأس، مثل ما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو حاضر أن يعينهم وأن يواسيهم مما أعطاه الله من المال، وأن يدعو لهم فلا بأس، مثل ما قال الله عن موسى، في قصة موسى مع القبطي:فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ(15) سورة القصص، فأغاثه موسى وقتل القبطي؛ لأن موسى حاضر يسمع الكلام، وهكذا في الحرب، الإنسان مع إخوانه في الحرب في الجهاد يتعاونون في قتال الأعداء، هذا يعين بالسلاح، وهذا يعين بالسوط، وهذا يعين بالفرس، وهذا يعين بالدرقة إلى غير ذلك، وهكذا في الدنيا يتعاونون في المزرعة، يعينه في مزرعته، يعينه في بيعه وشراءه، حي قادر حاضر، يتعاونون في المزرعة في البيع والشراء في بناء البيت، لا بأس، حي حاضر قادر لا بأس، أما ميت أو غائب لا، لا يستعان به، شرك الأكبر، والمشركون ما كانوا يعتقدن أنهم يخلقون أو يرزقون، لا، المشركون يعبدونهم؛ لأنهم بزعمهم يشفعون لهم، يقربونهم إلى الله زلفى، هذا زعمهم، ما كانوا يعتقدون فيهم أنهم يخلقون أو يرزقون، قال الله جل وعلا: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ(87) سورة الزخرف، وقال - سبحانه وتعالى -: قل من يرزقكم – يعني قل لهم يا محمد- قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ(31) سورة يونس، يعترفون بهذا، وقال جل وعلا: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ(18) سورة يونس، ما قالوا: هؤلاء خالقونا أو رازقونا، لا، ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وهم يعلمون أن الخلاق والزراق هو الله، وإنما يعبدون الأصنام لأنها تشفع لهم بزعمهم، وقد أبطلوا في هذا، وقال جل وعلا: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى(3) سورة الزمر، يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. قال الله جل وعلا:إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) سورة الزمر، سماهم كذبة، وسماهم كفرة، كذبة ما يقربونهم زلفى، وهم كفرة بهذا، بدعائهم إياهم، وذبحهم لهم، ونذرهم لهم، هم كفرة بهذا، سواءً كانوا أنبياء المعبودين أو صالحين أو ملائكة، من عبدهم كفر، بالاستغاثة بهم، بذبحه لهم، يقول أنهم يقرون إلى الله زلفى، أنهم يشفعون له، هذا دين المشركين، هذا دين عباد الأصنام يزعمون أنها تقربهم إلى الله وتشفع لهم، لا أنها تخلق و.... فالذي يأتي البدوي أو السيد الحسين أو غيره أو الجيلاني أو يأتي غيرهم يسألهم، يستغيث بهم، هذا قد جعلهم آلهة مع الله، وهذا هو الشرك الأكبر، وهكذا إذا أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه، يستغيث به، هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، الواجب على السائل وعلى غير السائل الحذر من هذه الشركيات وعدم الالتفات من دعاة الشرك من علماء السوء وقادة السوء نسأل الله العافية والسلامة. ولى رجعة للموضوع اخى النورابى
الشريف- عضو فعال
- عدد الرسائل : 67
تقييم القراء : 7
النشاط : 6037
تاريخ التسجيل : 05/11/2008
- مساهمة رقم 7
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الامير اشرف ماضى كتب: العلامة سماحة الشيخ الشريف المرحوم عبدالعزيز بن باز مفتى السعودية
هل الشيخ عبدالعزيز بن باز ينتسب للسادة الأشراف ؟؟؟ !!!
ما سمعنا أبدا عن ذلك !!
ما هو مصدر معلوماتك أخي أشرف ماضي ؟
ما سمعنا أبدا عن ذلك !!
ما هو مصدر معلوماتك أخي أشرف ماضي ؟
إليك يا اخ أشرف ما قاله سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز عن نسبه :
( قال رحمه الله لجريدة الجزيرة مبتسما ، عندما سأله مندوب الجزيرة عن كلمة الباز أو لقب
العائلة . من أين جاء وفي أي منطقة ؟ :
لا أعرف حقيقة أصل هذه التسمية غير أنني أستطيع أن أقول : أن أصلهم ربما
يكونون من اليمن ،
والبعض الآخر يقولون : أن أصلهم من منطقة الحوطة ، ولست متيقنا من هذا الشئ ، ولكن هناك
جماعة اسمهم جماعة الباز في منطقة تهامة ، قد تكون جماعتنا منهم ، ولم أعرف بالضبط حقيقة
ذلك . وصدقني يا ولدي أن السؤال مطروح مني أيضا ، ولا يهمّ من تكون بقدر ما يكون الإنسان ) ا.هـ
عبدالعزيزبن باز ص31 جريدة الجزيرة عدد 3090 الجمعة 24/3/1401هـ
فكيف تنسبه يا أخ أشرف إلى السادة الأشراف.
أتقي الله سبحانه وتعالى فيما تقول.
أتقي الله سبحانه وتعالى فيما تقول.
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 8
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
جزاكم الله خيرا أخانا الفاضل الأمير أشرف ماضى على هذا الرد النافع والمفيد والذى جمعت فيه من الأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة والتى يتضح لمن قرأها وهو منصف للحق بطلان التوسل بالأموات
ولنا كذلك عودة
ولنا كذلك عودة
الهاشمي- عضو فعال
- عدد الرسائل : 82
تقييم القراء : 5
النشاط : 6171
تاريخ التسجيل : 11/07/2008
- مساهمة رقم 9
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
جزاك الله خيرا أخي النورابي
على ما قدمت من أدلة وبراهين
فقد بينت وأوضحت ووفيت وكفيت
على ما قدمت من أدلة وبراهين
فقد بينت وأوضحت ووفيت وكفيت
الهاشمي- عضو فعال
- عدد الرسائل : 82
تقييم القراء : 5
النشاط : 6171
تاريخ التسجيل : 11/07/2008
- مساهمة رقم 10
عدة أدلة عن جواز التبرك و التوسل
عدة أدلة عن جواز التبرك و التوسل
قال الله تعالى في سورة القصص{ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أحوال يوم القيامة "إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضى بين الخلق" رواه البخاري في كتاب الزكاة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم" رواه البزار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون".اهـ أورده الحافظ ابن حجر على أنه ثابت في الفتح وذلك لما التزمه أن ما يذكره من الأحاديث شرحا أو تتمة لحديث في متن البخاري فهو صحيح أو حسن ذكر ذلك في مقدمة الفتح.
روى الإمام مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى عليه السلام قال: حدثنا هدّابُ بنُ خالد وشيبانُ بنُ فَرّوخٍ قالا: حدّثنا حماد بنُ سَلَمةَ عن ثابتٍ البُناني وسُليمان التميمي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيتُ (وفي رواية هدّابٍ: مررتُ) على موسى ليلةَ أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يُصلي في قبره". اهـ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي من بعيد أُعلمته". قال الحافظ في الفتح وسنده جيد.اهـ
ورواه البيهقي في حياة الأنبياء بلفظ من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى عليَّ عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا منه أُبلغته".
وقال الإمام أحمد بن زيني دحلان في كتابه الدرر السُّنية في الرد على الوهابية: اعلم رحمك الله أن زيارة قبر نبينا صلى الله عليه وسلم مشروعة مطلوبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أما الكتاب فقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} دلت الآية على حث الأمة على المجيء إليه صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم وهذا لا ينقطع بموته.اهـ
فإن قال قائل: إن هذا خاص بحياته صلى الله عليه وسلم، قلنا: هذا تخصيص ودعوى التخصيص تحتاج إلى دليل، والدليل قائم على خلاف ذلك، والذي يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم". هذا الحديث رواه البزار ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ الهيثمي في مجمعه.
وقال الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى سنده صحيح وكذلك قال عنه الحافظ زين الدين العراقي إسناده جيد كما في طرح التثريب وكذلك ابنه ولي الدين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال إذا خرج إلى المسجد: اللهم اني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فاني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك".
رواه ابن ماجة وأحمد والطبراني والبيهقي
ألف علماء الإسلام الكتب في الاستشفاع والتوسل نذكر منها:
1-كتاب الوفاء في فضائل المصطفى لابن الجوزي، أفرد بابا حول التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبابا للإستشفاء بقبره الشريف.
2-شفاء السقام لتقي الدين السبكي حيث تعرض لمسئلة التوسل بشكل تحليلي معتبر.
3-مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام لمحمد بن نعمان المالكي وغيرهم كثير.
أخرج البزار من حديث عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لله ملائكة سياحين في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله"
بعض الناس لا يظهرون حبا للنبي، إنما يظهرون بغضا له والعياذ بالله . كالذين يزعمون أن النبي محمد ميتة، أو أنه لا ينفع، أو أن التبرك به وبأثاره شرك، أو أن زيارة قبره شرك أو أن التوسل به شرك والعياذ بالله، أو الذين يحرمون مدحه عليه السلام والإحتفال بمولده وغير ذلك، كله يظهر بغضا للنبي ولا يظهر حبا له صلى الله عليه وسلم ولا اتباعا له.
روى البخاري في الأدب المفرد ما نصه : حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي اسحق عن عبد الرحمن بن سعد قال : " خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد "ا.هـ . وقد ذكر البخاري هذا الحديث تحت عنوان: "باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله".
في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الذي تحبه الوهابية في المجلد الذي فيه الجزء السابع والثامن ص 104-105 يذكر فيه عن بلال ابن الحارث المزني الصحابي الذي قصد قبر النبي وطلب منه ما لم تجري به العادة وتوسل به، وفيه يقول: "إن أهله طلبوا منه أن يذبح لهم شاة فقال ليس فيهِنَّ شيء فألحوا عليه فذبح الشاة فإذا عظمها حُمُرٌ فقال: "يا محمداه"، ما كفر ولا كفره أحد من الصحابة.
روى مسلم في صحيحه أن ربيعة بن كعب الأسلمي الذي خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله من باب حُبّ المكافأة:"سلني"، فطلب من رسول الله أن يكون رفيقه في الجنة، فقال له: أسألك مرافقتك في الجنة، فلم يُنكر عليه رسول الله بل قال له من باب التواضع:"أو غير ذلك"، فقال الصحابي: هو ذاك، فقال له:"فأعني على نفسك بكثرة السجود".
وكذلك سيدنا موسى عليه السلام سألته عجوز من بني إسرائيل أن تكون معه في الجنة، ولم يُنكر عليها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها أي طلبها.. رواه ابن حبان والحاكم والهيثمي وصححوه.. ولفظ الحديث أنه قال:"دلوني على قبر يوسف، قالت: حتى تعطيني حكمي، قال: ما حكمك؟، قالت: أن أكون معك في الجنة، فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها". فماذا يقولون بعد هذا؟؟.
روى الإمام مرتضى الزبيدي في شرح الاحياء ( 10/ 333 ):عن الشعبي قال حضرت عائشة رضي الله عنها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا ولا أدري ما حالي عنده فلا تدفنوني معه، فاني أكره أن أجاور رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدري ما حالي عنده ثم دعت بخرقة من قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ضعوا هذه على صدري وادفنوها معي لعلي أنجو بها من عذاب القبر.
معنى بجاه محمد أي بكرامة محمد عندك، بمكانة محمد عندك، بفضل محمد عندك.
رورى الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه باسناده إلى علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم.
يعني زائرا. فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى. اهـ تاريخ بغداد -(1/123).
قال الإمامِ مالكٍ للخليفةِ المنصورِ لما حَجَّ فزارَ قبرَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسألَ مالكًا قائلاً: "يا أبا عبدِ الله أستقبلُ القِبلَةَ وأدعو أم أستقبلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وَلِمَ تَصرِفُ وجهَكَ عنه وهو وَسيلَتُكَ ووسيلةُ أبيكَ ءادم عليه السلام إلى الله تعالى؟ بل استقبِلهُ واستشفع بهِ فيشفّعهُ الله" ذكرهُ القاضي عياضٌ في كتابِ الشّفا.
في الحديثِ الذي رواه السيوطي وغيره أن ءادمَ عليه السلامُ لما أكلَ من الشجرةِ قالَ: "يا رب أسألُكَ بحقِّ محمدٍ إلا ما غفرتَ لي". قال: "وكيف عرفتَ محمداً ولم أخلقْهُ". قالَ : "رفعتُ رأسي إلى قوائِمِ العرشِ فوجَدْتُ مكتوباً: لا إله إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ فعَرَفتُ أَنَّكَ لم تُضِفْ إلى اسمِك إلا أحبَّ الخلقِ إليكَ". بهذا الحديثِ يُسْتَدَلُّ على التوسلِ ومشروعِيَّتِهِ.
روى الطبراني في المعجم الكبير والصغير أن الرسول علم رجل أعمى أن يتوسل به علمه أن يقول: "اللهم إني اسألك وأتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة.. يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي". قال الطبراني والحديث صحيح. فالتوسل بالرسول جائز.. في حياته وبعد موته.
قال السبكي: ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة.
عن مالك الدار خازن عمر قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فانهم قدهلكوا، فأتي الرجل في المنام فقيل له: أقريء عمر السلام وأخبره أنهم يسقون وقل له: عليك بالكيس الكيس، فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى عمر وقال: يا ربّ ما ءالو إلا ما عجزت. رواه البيهقي باسناد صحيح.
ثبت أن خبيبَ بن عدى الصحابي حين قُدّ م للقتل نادى: يا محمّد. رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني. وهذا د ليل على أن نداء النبي صلى الله عليه وسلم في غيبته بيا محمّد جائز.
وفي كتاب الأدب المفرد للبخاري ص/ 324 عن عبد الرحمن بن سعد قال:" خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : أُذكر احب الناس إليك فقال: يا محمد فذهب خدر رجله"ا.هـ. هذا حصل بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري ومسلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر قصة النفر الثلاثة الذين ءاواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فصار كل واحد منهم يدعو الله بصالح عمله حتى انفرجت الصخرة فانطلقوا يمشون.
خالد بن الوليد رضي الله عنه كان شعار كتيبته يوم اليمامة "يا محمداه" فخالد نادى بذلك ونادى بندائه الجيش فهل يكون هذا إلا إقرارًا من هذا الجيش الكريم على تصويب ما أمر به خالد رضي الله عنه وقد كان في الجيش من الحفاظ والعلماء والبدريين وعِليَة الصحابة رواه ابن الأثير في الكامل.
روى البيهقي في دلائل النبوة والحاكم في المستدرك وغيرهما بالإسناد أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له في يوم اليرموك فقال اطلبوها، فلم يجدوها، ثم طلبوها فوجدوها، فقال خالد: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس إلى جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أضلّ أحدكم شيئًا أو أراد عونًا وهو بأرضٍ ليس فيها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني" وفي رواية "أغيثوني"، "فإن لله عبادًا لا ترونهم".
وتوسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنه لما استسقى الناس وغير ذلك مما هو مشهور فلا حاجة إلى الإطالة بذكره والتوسل الذي في حديث الأعمى قد استعمله الصحابة السلف بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه لفظ "يا محمَّد"، وذلك نداء عند المتوسل.
ومن تتبع كلام الصحابةِ والتابعين يجد شيئًا كثيرًا من ذلكَ كقول بلال بن الحارث الصحابي رضي الله عنهُ عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم :"يا رسول الله استسق لأمّتك" كالنداء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور.
الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه :"اللهمّ إني أسألك بحقّ السائلين عليك" وهذا توسّل لا شكّ فيهِ وكان يُعلّم هذا الدّعاء أصحابَه ويأمرهم بالإتيانِ.
وصحّ عنه أنه صلى الله عليه وسلم لما ماتت فاطمة بنت أسد أمّ عليّ رضي الله عنها ألحدها صلى الله عليه وسلم في القبر بيده الشريفة وقال:" اللهمَّ اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسّعْ عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين".
وقد ذَكَرَ الحافظُ الجزريُّ وهو شيخُ القرَّاءِ وكانَ من حفَّاظِ الحديثِ في كتابٍ له يُسمَّى الحصن الحصين وكذلكَ ذكرَ في مختصرهِ قال: "مِن مواضِعِ إجابةِ الدُّعاءِ قبورُ الصّالحينَ" ا.هـ، وهذا الحافظُ جاءَ بعد ابن تيمية بِنحوِ مائةِ سنةٍ، ولم يُنكِر عليه العلماءُ إلا أن يكونَ بعض الشَّاذّين الذين لَحِقوا نفاةَ التَّوسُّلِ من أتباعِ ابن تيمية.
قال السيد محسن الأمين الحسيني العاملي واصفاً دخول الوهابية إلى الطائف، فقال: فدخلوا البلد عنوة في ذي القعدة سنة 1217هـ وقتلوا الناس قتلاً عاماً حتى الأطفال، وكانوا يذبحون الطفل الرضيع على صدر أمه، وكان جماعة من أهل الطائف خرجوا قبل ذلك هاربين، فأدركتهم الخيل وقتلت أكثرهم، وفتشوا على من توارى في البيوت وقتلوه، وقتلوا من في المساجد وهم في الصلاة.
قال الشيخ رضوان بيبرس الشافعي واصفاً دخول الوهابية إلى الطائف وما اقترفوه من جرائم فيها: ولما ملكوا الطائف سنة ألف ومائتين وسبع عشرة في ذي القعدة، قتلوا الكبير والصغير، والمأمور والآمر، ولم ينجُ منهم إلا من طال عمره، وكانوا يذبحون الصغير على صدر أمه، ونهبوا الأموال، وسبوا النساء، وفعلوا أشياء يطول ذكرها قبَّحهم الله ومن تبعهم. انتهى كلام الشيخ رضوان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أحوال يوم القيامة "إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضى بين الخلق" رواه البخاري في كتاب الزكاة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت لكم" رواه البزار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون".اهـ أورده الحافظ ابن حجر على أنه ثابت في الفتح وذلك لما التزمه أن ما يذكره من الأحاديث شرحا أو تتمة لحديث في متن البخاري فهو صحيح أو حسن ذكر ذلك في مقدمة الفتح.
روى الإمام مسلم في صحيحه كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى عليه السلام قال: حدثنا هدّابُ بنُ خالد وشيبانُ بنُ فَرّوخٍ قالا: حدّثنا حماد بنُ سَلَمةَ عن ثابتٍ البُناني وسُليمان التميمي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتيتُ (وفي رواية هدّابٍ: مررتُ) على موسى ليلةَ أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يُصلي في قبره". اهـ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي من بعيد أُعلمته". قال الحافظ في الفتح وسنده جيد.اهـ
ورواه البيهقي في حياة الأنبياء بلفظ من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى عليَّ عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا منه أُبلغته".
وقال الإمام أحمد بن زيني دحلان في كتابه الدرر السُّنية في الرد على الوهابية: اعلم رحمك الله أن زيارة قبر نبينا صلى الله عليه وسلم مشروعة مطلوبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أما الكتاب فقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً} دلت الآية على حث الأمة على المجيء إليه صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده واستغفاره لهم وهذا لا ينقطع بموته.اهـ
فإن قال قائل: إن هذا خاص بحياته صلى الله عليه وسلم، قلنا: هذا تخصيص ودعوى التخصيص تحتاج إلى دليل، والدليل قائم على خلاف ذلك، والذي يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم". هذا الحديث رواه البزار ورجاله رجال الصحيح كما قال الحافظ الهيثمي في مجمعه.
وقال الحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى سنده صحيح وكذلك قال عنه الحافظ زين الدين العراقي إسناده جيد كما في طرح التثريب وكذلك ابنه ولي الدين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال إذا خرج إلى المسجد: اللهم اني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فاني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك".
رواه ابن ماجة وأحمد والطبراني والبيهقي
ألف علماء الإسلام الكتب في الاستشفاع والتوسل نذكر منها:
1-كتاب الوفاء في فضائل المصطفى لابن الجوزي، أفرد بابا حول التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبابا للإستشفاء بقبره الشريف.
2-شفاء السقام لتقي الدين السبكي حيث تعرض لمسئلة التوسل بشكل تحليلي معتبر.
3-مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام لمحمد بن نعمان المالكي وغيرهم كثير.
أخرج البزار من حديث عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن لله ملائكة سياحين في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله"
بعض الناس لا يظهرون حبا للنبي، إنما يظهرون بغضا له والعياذ بالله . كالذين يزعمون أن النبي محمد ميتة، أو أنه لا ينفع، أو أن التبرك به وبأثاره شرك، أو أن زيارة قبره شرك أو أن التوسل به شرك والعياذ بالله، أو الذين يحرمون مدحه عليه السلام والإحتفال بمولده وغير ذلك، كله يظهر بغضا للنبي ولا يظهر حبا له صلى الله عليه وسلم ولا اتباعا له.
روى البخاري في الأدب المفرد ما نصه : حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي اسحق عن عبد الرحمن بن سعد قال : " خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد "ا.هـ . وقد ذكر البخاري هذا الحديث تحت عنوان: "باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله".
في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الذي تحبه الوهابية في المجلد الذي فيه الجزء السابع والثامن ص 104-105 يذكر فيه عن بلال ابن الحارث المزني الصحابي الذي قصد قبر النبي وطلب منه ما لم تجري به العادة وتوسل به، وفيه يقول: "إن أهله طلبوا منه أن يذبح لهم شاة فقال ليس فيهِنَّ شيء فألحوا عليه فذبح الشاة فإذا عظمها حُمُرٌ فقال: "يا محمداه"، ما كفر ولا كفره أحد من الصحابة.
روى مسلم في صحيحه أن ربيعة بن كعب الأسلمي الذي خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله من باب حُبّ المكافأة:"سلني"، فطلب من رسول الله أن يكون رفيقه في الجنة، فقال له: أسألك مرافقتك في الجنة، فلم يُنكر عليه رسول الله بل قال له من باب التواضع:"أو غير ذلك"، فقال الصحابي: هو ذاك، فقال له:"فأعني على نفسك بكثرة السجود".
وكذلك سيدنا موسى عليه السلام سألته عجوز من بني إسرائيل أن تكون معه في الجنة، ولم يُنكر عليها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها أي طلبها.. رواه ابن حبان والحاكم والهيثمي وصححوه.. ولفظ الحديث أنه قال:"دلوني على قبر يوسف، قالت: حتى تعطيني حكمي، قال: ما حكمك؟، قالت: أن أكون معك في الجنة، فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها". فماذا يقولون بعد هذا؟؟.
روى الإمام مرتضى الزبيدي في شرح الاحياء ( 10/ 333 ):عن الشعبي قال حضرت عائشة رضي الله عنها فقالت: إني قد أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا ولا أدري ما حالي عنده فلا تدفنوني معه، فاني أكره أن أجاور رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أدري ما حالي عنده ثم دعت بخرقة من قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ضعوا هذه على صدري وادفنوها معي لعلي أنجو بها من عذاب القبر.
معنى بجاه محمد أي بكرامة محمد عندك، بمكانة محمد عندك، بفضل محمد عندك.
رورى الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه باسناده إلى علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم.
يعني زائرا. فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى. اهـ تاريخ بغداد -(1/123).
قال الإمامِ مالكٍ للخليفةِ المنصورِ لما حَجَّ فزارَ قبرَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسألَ مالكًا قائلاً: "يا أبا عبدِ الله أستقبلُ القِبلَةَ وأدعو أم أستقبلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وَلِمَ تَصرِفُ وجهَكَ عنه وهو وَسيلَتُكَ ووسيلةُ أبيكَ ءادم عليه السلام إلى الله تعالى؟ بل استقبِلهُ واستشفع بهِ فيشفّعهُ الله" ذكرهُ القاضي عياضٌ في كتابِ الشّفا.
في الحديثِ الذي رواه السيوطي وغيره أن ءادمَ عليه السلامُ لما أكلَ من الشجرةِ قالَ: "يا رب أسألُكَ بحقِّ محمدٍ إلا ما غفرتَ لي". قال: "وكيف عرفتَ محمداً ولم أخلقْهُ". قالَ : "رفعتُ رأسي إلى قوائِمِ العرشِ فوجَدْتُ مكتوباً: لا إله إلا اللهُ محمدٌ رسولُ اللهِ فعَرَفتُ أَنَّكَ لم تُضِفْ إلى اسمِك إلا أحبَّ الخلقِ إليكَ". بهذا الحديثِ يُسْتَدَلُّ على التوسلِ ومشروعِيَّتِهِ.
روى الطبراني في المعجم الكبير والصغير أن الرسول علم رجل أعمى أن يتوسل به علمه أن يقول: "اللهم إني اسألك وأتوجه بنبيك محمد نبي الرحمة.. يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضي لي". قال الطبراني والحديث صحيح. فالتوسل بالرسول جائز.. في حياته وبعد موته.
قال السبكي: ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة.
عن مالك الدار خازن عمر قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فانهم قدهلكوا، فأتي الرجل في المنام فقيل له: أقريء عمر السلام وأخبره أنهم يسقون وقل له: عليك بالكيس الكيس، فأتى الرجل عمر فأخبره فبكى عمر وقال: يا ربّ ما ءالو إلا ما عجزت. رواه البيهقي باسناد صحيح.
ثبت أن خبيبَ بن عدى الصحابي حين قُدّ م للقتل نادى: يا محمّد. رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني. وهذا د ليل على أن نداء النبي صلى الله عليه وسلم في غيبته بيا محمّد جائز.
وفي كتاب الأدب المفرد للبخاري ص/ 324 عن عبد الرحمن بن سعد قال:" خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : أُذكر احب الناس إليك فقال: يا محمد فذهب خدر رجله"ا.هـ. هذا حصل بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري ومسلم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر قصة النفر الثلاثة الذين ءاواهم المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فصار كل واحد منهم يدعو الله بصالح عمله حتى انفرجت الصخرة فانطلقوا يمشون.
خالد بن الوليد رضي الله عنه كان شعار كتيبته يوم اليمامة "يا محمداه" فخالد نادى بذلك ونادى بندائه الجيش فهل يكون هذا إلا إقرارًا من هذا الجيش الكريم على تصويب ما أمر به خالد رضي الله عنه وقد كان في الجيش من الحفاظ والعلماء والبدريين وعِليَة الصحابة رواه ابن الأثير في الكامل.
روى البيهقي في دلائل النبوة والحاكم في المستدرك وغيرهما بالإسناد أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له في يوم اليرموك فقال اطلبوها، فلم يجدوها، ثم طلبوها فوجدوها، فقال خالد: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس إلى جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أضلّ أحدكم شيئًا أو أراد عونًا وهو بأرضٍ ليس فيها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني" وفي رواية "أغيثوني"، "فإن لله عبادًا لا ترونهم".
وتوسل عمر بن الخطاب بالعباس رضي الله عنه لما استسقى الناس وغير ذلك مما هو مشهور فلا حاجة إلى الإطالة بذكره والتوسل الذي في حديث الأعمى قد استعمله الصحابة السلف بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه لفظ "يا محمَّد"، وذلك نداء عند المتوسل.
ومن تتبع كلام الصحابةِ والتابعين يجد شيئًا كثيرًا من ذلكَ كقول بلال بن الحارث الصحابي رضي الله عنهُ عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم :"يا رسول الله استسق لأمّتك" كالنداء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة القبور.
الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان من دعائه :"اللهمّ إني أسألك بحقّ السائلين عليك" وهذا توسّل لا شكّ فيهِ وكان يُعلّم هذا الدّعاء أصحابَه ويأمرهم بالإتيانِ.
وصحّ عنه أنه صلى الله عليه وسلم لما ماتت فاطمة بنت أسد أمّ عليّ رضي الله عنها ألحدها صلى الله عليه وسلم في القبر بيده الشريفة وقال:" اللهمَّ اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسّعْ عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي إنك أرحم الراحمين".
وقد ذَكَرَ الحافظُ الجزريُّ وهو شيخُ القرَّاءِ وكانَ من حفَّاظِ الحديثِ في كتابٍ له يُسمَّى الحصن الحصين وكذلكَ ذكرَ في مختصرهِ قال: "مِن مواضِعِ إجابةِ الدُّعاءِ قبورُ الصّالحينَ" ا.هـ، وهذا الحافظُ جاءَ بعد ابن تيمية بِنحوِ مائةِ سنةٍ، ولم يُنكِر عليه العلماءُ إلا أن يكونَ بعض الشَّاذّين الذين لَحِقوا نفاةَ التَّوسُّلِ من أتباعِ ابن تيمية.
قال السيد محسن الأمين الحسيني العاملي واصفاً دخول الوهابية إلى الطائف، فقال: فدخلوا البلد عنوة في ذي القعدة سنة 1217هـ وقتلوا الناس قتلاً عاماً حتى الأطفال، وكانوا يذبحون الطفل الرضيع على صدر أمه، وكان جماعة من أهل الطائف خرجوا قبل ذلك هاربين، فأدركتهم الخيل وقتلت أكثرهم، وفتشوا على من توارى في البيوت وقتلوه، وقتلوا من في المساجد وهم في الصلاة.
قال الشيخ رضوان بيبرس الشافعي واصفاً دخول الوهابية إلى الطائف وما اقترفوه من جرائم فيها: ولما ملكوا الطائف سنة ألف ومائتين وسبع عشرة في ذي القعدة، قتلوا الكبير والصغير، والمأمور والآمر، ولم ينجُ منهم إلا من طال عمره، وكانوا يذبحون الصغير على صدر أمه، ونهبوا الأموال، وسبوا النساء، وفعلوا أشياء يطول ذكرها قبَّحهم الله ومن تبعهم. انتهى كلام الشيخ رضوان.
وإن عدتم عدنا
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 11
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
اشكر اخى الهاشمى واخى الشريف واخى اشرف ماضى
واقول للاخ اشرف ليس ليس الشيخ الباز من البازتيه الاشراف
واقول للجميع افكارك مسمومه ياشيخ محمود العجوانى
نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس لك مكان بيننا
تركنا لك منتدى انسابكم عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم
على ال البيت وانت طبعا تعرف لما نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب وانسابنا وليس
انساب احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده
من مثلنا لرسول الله ينتسب ليت الملوك لها من جدنا نسب
منهجنا منهج ال البيت وعقيدتنا عقيدة ال البيت لا نغيرها ولانبدلها ارجو ان تكون فهمت القصد
اشكر اخى الهاشمى واخى الشريف واخى اشرف ماضى
واقول للاخ اشرف ليس ليس الشيخ الباز من البازتيه الاشراف
واقول للجميع افكارك مسمومه ياشيخ محمود العجوانى
نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس لك مكان بيننا
تركنا لك منتدى انسابكم عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم
على ال البيت وانت طبعا تعرف لما نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب وانسابنا وليس
انساب احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده
من مثلنا لرسول الله ينتسب ليت الملوك لها من جدنا نسب
منهجنا منهج ال البيت وعقيدتنا عقيدة ال البيت لا نغيرها ولانبدلها ارجو ان تكون فهمت القصد
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 12
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
النورابى كتب: بسم الله الرحمن الرحيم
اشكر اخى الهاشمى واخى الشريف واخى اشرف ماضى
واقول للاخ اشرف ليس ليس الشيخ الباز من البازتيه الاشراف
واقول للجميع افكارك مسمومه ياشيخ محمود العجوانى
نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس لك مكان بيننا
تركنا لك منتدى انسابكم عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم
على ال البيت وانت طبعا تعرف لما نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب وانسابنا وليس
انساب احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده
من مثلنا لرسول الله ينتسب ليت الملوك لها من جدنا نسب
منهجنا منهج ال البيت وعقيدتنا عقيدة ال البيت لا نغيرها ولانبدلها ارجو ان تكون فهمت القصد
الأخ
الفاضل المحترم النورابى
أولا : جزاك الله خيرا
ثانيا
: ما هى الأفكار المسمومة ؟
فأنا
لم آتيك بأفكار أيها الحبيب ولكن أتيتك بما صح من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلم فهل صار ما صح من الكتاب والسنة أفكارا مسمومة أيها
الحبيب النورابى .
وأتيتك
بما بُعث به النبى صلى الله عليه وسلم من التوحيد الخالص الذى يجب علينا وعلى كل
مسلم خاصة آل بيت النبى صلى الله عليه
وسلم أن يحافظوا عليه . فإن لم يحافظ آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم على
ما بعث به النبى صلى الله عليه وسلم فمن يحافظ بالله عليك ؟ ألست تتفق معى أن آل
بيت النبى صلى الله عليه وسلم أولى بذلك من غيرهم
. أم أنهم يكونوا إماما للمخالفين .
ثالثا
: قولك نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس لك مكان
بيننا
فأعتقد أنك لاترضى أن تكون هذه أخلاق بيت النبوة لأن الله عز وجل
قال ( إنما المؤمنون إخوة ) فهل تنكر هذا أعتقد جازما أنك لا تنكره . وهذه دعوة لا
تنبغى من آل بيت النبوة أن يعايروا المسلمين بشرفهم وانتسابهم للدوحة النبوية .
ولماذا لا يكون للمسلم مكان بين آل بيت النبى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
إن طرده آل البيت فمن يسعه يا حبيب ! هل نُقل عن آل البيت أنهم لا
يسعون المسلمون بينهم ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله . إنا لله وإنا إليه راجعون .
والأخ أشرف ماضى حفظه الله ورعاه يؤيد ما ورد بعدم جواز التوسل
فلماذا لم تقل له أنه ليس له مكان هو الآخر ؟ فهل يا ترى لو أننى كنت من آل البيت
فهل ستسمح لى بمكان بينكم يا حبيب .
رابعا : قولك تركنا لك منتدى انسابكم عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم على ال البيت
فأقول لك أنك تركت منتدى أنسابكم وذلك لأنك لم تواجه الحجة بالحجة
والدليل بالدليل وظهرت لك الحقيقة التى لا تستطيع أن تواجهها وهى صحيح القرآن
والسنة .
وأقسم لك بالله أننا نحب
آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ونتقرب بحبهم لله . فلا ترمينا
بما ليس فينا . فإنك لم تعلم ما فى قلوبنا . فإن ما فى القلوب لا يعلمه إلا علام
الغيوب .
وقد يكون لنا نسب متصل بآل البيت ونحن لا نعلمه .
خامسا : قولك وانت طبعا تعرف لما نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب
وانسابنا وليس انساب
احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده
فأقسم لك بالله أنا لا أعرف لماذا تتكلمون عن الأنساب .
ولكن هذا شأنكم أن تتكلموا بما شئتم فى الأنساب . فهذا علمكم .
ونحن نتكلم بما نعلم .
فهذا باختصار شديد ما أردت أن أبينه لك أيها الحبيب النورابى
وأقول لك أن الدين النصيحة
والمؤمنون إخوة
ولذا فنحن نتناصح ولسنا نقاتل ولسنا نتنابز فإن كان الحق معك
اتبعناك وإن كان الحق معنا فأنت بالخيار إن شئت قبلت وإن شئت لا تقبل
نريدها كلمة خالصة لوجه الله تعالى
لا نريد جدالا ولا نريد قتالا ولا نريد سبابا ولا نريد شقاقا
دعوها فإنها منتنة
أخوكم ومحبكم فى الله
طالب العفو الربانى
محمود بن محمدى العجوانى
الامير اشرف ماضى- عضو فعال
- عدد الرسائل : 1216
البلد : كوكب الارض
العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
تقييم القراء : 6
النشاط : 8003
تاريخ التسجيل : 13/04/2009
- مساهمة رقم 13
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
السلام عليكم اخوانى اشكر الجميع على المناقشة الجادة والمفيدة للمسلمين الاخ الشريف هناك موضوع فى المنتدى طرف الشريف مجدى الصفتى زكرى فية بان فضيلة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز شريف ابحث جيدا فى المنتدى الاخ محمود بن محمدى العجوانى انا اعرف النورابى جيد ومعروف عنة انة رجل يملك الحجة ولايدخل نفسة فى نقاش عقبم مادام لايملك الحجة والنورابى غنى عن التعريف بالنسبة لى قد اختلف معة اويختلف معى لكن سرعان ما تجد الاتفاق بين بالحجة والنورابى صعيدى والصعيدى رجل مواقف لايهرب من مواجها وصدقنى اخى انت لم تعرف النورابى جيدا فهو عقلية متفتحة ولة تجارب كثيرة فى موضوع النقاش والحجة وانا ليس محامى عن النورابى بحكم انة ابن عمى فهو كفيل بالرد وببراعة افضل منى واتمنى من المشاركين فى الموضوع التعريف باسمائهم المعروفة وخاصة الاخ الشريف والاخ الهاشمى مع احترامى لهم بالنسبة لى لااحب التعامل مع القاب او ناس لا اعرفهم وجرت العادة عند العرب ان عندما يتناقش كبار القوم يسلم ثم يعرف بنفسة تحياتى للجميع
الشريف مجدي الصفتيالمدير العام
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 2853
البلد : مصر - الأسكندرية
الهوايات : القراءة والبحث
تقييم القراء : 42
النشاط : 10325
تاريخ التسجيل : 11/07/2008
- مساهمة رقم 14
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الامير اشرف ماضى كتب:السلام عليكم اخوانى اشكر الجميع على المناقشة الجادة والمفيدة للمسلمين الاخ الشريف هناك موضوع فى المنتدى طرف الشريف مجدى الصفتى زكرى فية بان فضيلة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز شريف ابحث جيدا فى المنتدى
أخي الأمير أشرف ماضي.
يبدو أن هناك سوء فهم حدث , فأنا لم أذكر أبدا أن فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز من الأشراف , ولا يمكن أن أقول ذلك أبدا , لأني أعلم جيدا إنه ليس من الأشراف.
فياليتك تذكرني بذلك أو أن تضع الرابط الذي ذكرت فيه انا هذا.مع خالص التقدير ,,,
الأخوة الأعزاء المتحاورون , لقد بدأ أخيكم محمود محمدي العجواني الموضوع , ورد عليه بعض الأخوة الأفاضل , وقد يختلف البعض في وجهات النظر , ولكلا منهم منهجه وادلته التي ساقها في الموضوع , وهذا الأختلاف لا شك سوف يستفيد منه القارئ , وفي النهاية سوف يحكم على الموضوع , وسوف يظهر له الحق جليا.
فلا تجعلوا الأختلاف سببا في التنافر والتباغض بينكم.
لا بد أن نختلف , ولكن ليس بالضرورة أن يكره بعضنا بعضا بسبب الأختلاف في المذاهب ووجهات النظر.
فلا تجعلوا الأختلاف سببا في التنافر والتباغض بينكم.
لا بد أن نختلف , ولكن ليس بالضرورة أن يكره بعضنا بعضا بسبب الأختلاف في المذاهب ووجهات النظر.
مع تمنياتي لكم جميعا بالتوفيق
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 15
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
التوسل بالأنبياء والأئمة عليهم السلام واولياء الله وعباده الصالحين يتمثل في ثلاث وجوه :
الوجه الأول : الحضور عندهم لطلب الحاجة ، سواء في ذلك الحضور عندهم احياء أو عند قبورهم ، وهذا مما ورد في الكتاب العزيز ؛ قال تعالى : ( ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجودوا الله تواباً رحيماً ) . فنفس الحضور عند الرسول يؤثر في استجابة الدعاء. والسر في ذلك ان الانسان يقرب من الله تعالى في مواضع وحالات.
فالمواضع منها : المساجد ، وكل موضع يصلي فيه المؤمنون وان لم يكن مسجداً ، كالمصلى في دائرة أو فندق ، فالانسان هناك اقرب الى الله في غيره ، فأولى به ان يكون اقرب إذا حضر عند الرسول أو الامام أو عالم متعبد يذكّر الانسان بالله تعالى ، فإن القرب والبعد انما هو من جانب الانسان والله تعالى اقرب الى كل انسان من نفسه ؛ قال تعالى : ( ونحن اقرب اليه من حبل الوريد ) . ونسب الاشياء إليه تعالى واحدة وانما البعد يحصل للانسان من جهة معاصيه وتوجهه الى الدنيا وملاهيها ، فكل موضع يشعر فيه بالقرب ويذكّره بالله تعالى يؤمّل فيه استجابة الدعاء ، قال تعالى : ( في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها الغدّو والآصال رجال لا تلهيهم تجاره ولا بيع عن ذكر الله... ) . بل هناك مواضع يشعر الانسان فيها بالقرب من الله وان لم تكن لها قدسية ، ككونه تحت السماء ، ولذلك أمر في بعض الصلوات والادعية ان يخرج الانسان بها من تحت السقوف الى ما تحت السماء والصحراء ، فإن الانسان يشعر فيها بقربه من الله ولذلك أمر في صلاة العيد والاستسقاء ان يصحروا بهما.
وهناك حالات للانسان تؤثر فيه بشعور القرب ، كالبعد عن زخارف الدنيا ، ولذلك أمر الحاج بلبس ثوبي الاحرام والتنعل وكشف الرأس.
كل ذلك للتأثير في الانسان ليشعر بالقرب ، والا فلا شيء يؤثر في الله تعالى. بل الدعاء والصلاة أيضاًللتأثير في الانسان ، فرحمة الله واسعة شاملة وعلى الانسان ان يصقل مرآة نفسه ليمكنه الاستضاءة من هذا النور الغامر ، والصلاة والدعاء وغيرهما من العبادات تحقق الارضية الصالحة لاستقبال انوار الرحمة الالهية. فكذلك التوسل والحضور لدى الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وكل من يذكّر الانسان بالله تعالى يؤثر في ذلك.
ولا فرق في ذلك بين ميتهم وحيهم وذلك لأن المفروض ان المراد تأثر الانسان بقدسية المكان وهو حأصل في كلا الموردين ، مع انهم لا يقصرون مقاماً عند الله من الشهداء في سبيله ، وقد قال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ) . بل حياة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام اقوى واعظم.
بل يظهر من بعض النصوص ان الانسان اقوى حياة بعد موته حتى الكفار ؛ ففي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله وقف على شفير قليب بدر وخاطب الكفار المقتولين بما معناه : قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ أو غير ذلك. فتعجّب اصحابه وقالوا : ان هؤلاء اموات فكيف تخاطبهم يا رسول الله ؟ أو كما قالوا. فقال لهم الرسول صلى الله عليه وآله : لستم باسمع منهم ولكنهم لا يقدرون على الجواب.
ويلحق بهذ الامر ـ اي : الحضور عند النبي والولي ـ التوسل بأسمائهم وأرواحهم وان لم يحضر عندهم ، وذلك بأن يدعو الله تعالى ويطلب منه حاجته مع الإستشفاع بذكر الرسول أو الامام ، وهذا أيضاًيؤثر في الانسان من جهة انه يرى نفسه تابعاً لهؤلاء ، مهتدياً بهداهم ، سالكاً سبيلهم محباً لهم ، وليس هذا الحب والولاء إلا المتابعة ؛ لانهم اولياء الله واصفياؤه ، وبذلك يوجب القرب من الله تعالى ويدخل في قوله سبحانه : ( يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ) . والامام هو من جعله الله تعالى مثلاً للناس يقتدون به فانه للطفه بعباده لم يكتف بارسال الشريعة والكتب بل جعل للناس من انفسهم مثُلا يستنّون بسنّتهم ويحتذون بسيرتهم ؛ قال تعالى : ( وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا ) ويوم القيامة تحاسب اعمال الناس بالقياس الى ائمتهم ، قال تعالى : ( يوم ندعو كل اناس بإمامهم فمن اوتي كتابه بيمينه... ) وعلى ذلك فلا استغراب ان يكون في ذكر الامام والتوسل به تقرباً الى الله تعالى ، فهو كما يذكّر الانسان بربه عملا وقولاً وشمائلاً كذلك يذكّره بربه إذا تذكّره وتذكّر افعاله وتعبده لله تعالى.
الوجه الثاني : ان يطلب من النبي أو الولي ان يدعو الله تعالى ليقضي حاجته. وهذا أيضاًمما ورد في الآية السابقة ؛ إذ قال تعالى : ( واستغفر لهم الرسول... ) بل هذا مما لا شك ولا خلاف في جوازه وتاثيره حتى بالنسبة لغير النبي والامام من عامة المؤمنين ، وقد وردت بذلك أحاديث كثيرة في كتب العامة والخاصة. ومما يلفت النظر في هذا الامر ان الله تعالى خلق ملائكة يدعونه تعالى ويستغفرون للمؤمنين ؛ قال سبحانه : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم... ) وغير ذلك من الآيات والروايات .
الوجه الثالث : ان يطلب الحاجة من نفس النبي أو الامام . وهذا هو الذي يقال انه شرك بالله العظيم. ولا شك انه لو اعتقد الانسان ان النبي أو الامام أو أي احد أو شيء في العالم يستقل في التأثير فيؤثر شيئاً من دون ان يأذن الله تعالى فهو نحو من الشرك وان كان خفياً ، والموحّد يعتقد بأن الله هو المؤثر في العالم وان كل شيء يحدث فانما هو بإذنه تعالى الا ان هذا لا يختلف بالنسبة الى العلل والاسباب الغيبية والعلل والاسباب الطبيعية ، فلو اعتقد احد ان الطبيب يستقل في المعالجة والشفاء فقد اشرك ، بل الشفاء من الله تعالى ، بل الصحيح ان العمل الطبيعي الذي يقوم به الطبيب أو من يباشر العلاج ، أو أي عمل آخر ، فإنما هو بإذن الله تعالى ، مع ان مراجعة الطبيب وغيره لا يعد شركاً ولا فسقاً.
وربما يقال ـ كما في تفسير المنار لمحمد رشيد رضا وغيره ـ بأن : هناك فرقاً بين التوسل بالعلل الطبيعية والتوسل بالعلل الغيبية ، والثاني يعدّ شركاً دون الاول ، ويستدل على ذلك بأن الله تعالى اعتبر المتوسلين بالملائكة وغيرهم مشركين ، والمشركون ما كانوا يعتقدون انهم يؤثرون بالاستقلال فليس ذلك الا للاعتقاد بتأثيرهم الغيبي.
والجواب : ان هذا الفرق تحكّم واضح ؛ اذ لا شك ان الاعتقاد بالتأثير المستقل لغير الله تعالى شرك ، وان كان طبيعياً. فالصحيح ان المشركين كانوا يعتقدون بنوع من الاستقلال للملائكة وغيرهم من العوامل الغيبية ، كما انه ربما يحصل هذا الاعتقاد لبعض المسلمين بالنسبة لبعض الأنبياء أو الأئمة أو الاولياء ولا شك ان هذا نوع من الشرك يجب تطهير القلب منه .
ونحن نعتقد ان الله تعالى أذِن لبعض عباده الصالحين ان يعملوا اعمالا لا يقدر عليها البشر العادي ، ولكن كل تاثيرهم بإذن الله تعالى ، ولا فرق بين هذا التأثير الغيبي وتأثير الصدقة مثلاً في دفع البلاء فهو أيضاًتأثير غيبي ، فقد جعل الله فيها هذا التأثير ولكنه لا يحدث ألا بإذنه تعالى ، كسائر العلل والاسباب الطبيعية وغير الطبيعية.
وقد اخبر الله سبحانه في كتابه العزيز ان عيسى عليها السلام كان يحيى الموتى ويبرئ الأكْمَه والابرص كل ذلك بإذنه تعالى ، ومن اللطيف ان الآية الكريمة تصرّح بأن كل عمله باذنه تعالى حتى ما كان طبيعياً ، إذ قال : ( واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيراً باذني... ) .
ولا شك ان صنع الطين كهيئة الطير عمل عادي طبيعي والنفخ فيه وجعله طيراً حياً عمل غير طبيعي وكل ذلك باذنه تعالى. فإذا توسل احد بعيسى عليه السلام حال حياته وطلب منه شفاء مريضه لم يكن ذلك شركاً بالله سبحانه كما هو واضح. وإذا كان كذلك فسيّد الأنبياء والمرسلين وعترته الطاهرين اولى بذلك. ولا فرق بين حيهم وميتهم كما مر ذكره.
نعم انما يصح التوسل إذا صح الاعتقاد بأن الله تعالى فوّض اليهم بعض الامر وهذا ما نعتقده للروايات القطعية المتواترة أو للتجربة. ولو فرضنا جدلاً عدم صحة هذا الاعتقاد فهذا لا يبرّر تهمة الشرك وانما يكون كمراجعة طبيب لا علم له. ونحن على ثقة وبصيرة من انهم عليهم السلام ابواب رحمته تعالى. وقد قال في كتابه العزيز : وما ارسلناك الا رحمة للعالمين .
وقد صح عنه صلى الله عليه وآله : مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى. ونحو ذلك من الروايات المتواترة معنىً. الحمد لله رب العالمين.
الوجه الأول : الحضور عندهم لطلب الحاجة ، سواء في ذلك الحضور عندهم احياء أو عند قبورهم ، وهذا مما ورد في الكتاب العزيز ؛ قال تعالى : ( ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجودوا الله تواباً رحيماً ) . فنفس الحضور عند الرسول يؤثر في استجابة الدعاء. والسر في ذلك ان الانسان يقرب من الله تعالى في مواضع وحالات.
فالمواضع منها : المساجد ، وكل موضع يصلي فيه المؤمنون وان لم يكن مسجداً ، كالمصلى في دائرة أو فندق ، فالانسان هناك اقرب الى الله في غيره ، فأولى به ان يكون اقرب إذا حضر عند الرسول أو الامام أو عالم متعبد يذكّر الانسان بالله تعالى ، فإن القرب والبعد انما هو من جانب الانسان والله تعالى اقرب الى كل انسان من نفسه ؛ قال تعالى : ( ونحن اقرب اليه من حبل الوريد ) . ونسب الاشياء إليه تعالى واحدة وانما البعد يحصل للانسان من جهة معاصيه وتوجهه الى الدنيا وملاهيها ، فكل موضع يشعر فيه بالقرب ويذكّره بالله تعالى يؤمّل فيه استجابة الدعاء ، قال تعالى : ( في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها الغدّو والآصال رجال لا تلهيهم تجاره ولا بيع عن ذكر الله... ) . بل هناك مواضع يشعر الانسان فيها بالقرب من الله وان لم تكن لها قدسية ، ككونه تحت السماء ، ولذلك أمر في بعض الصلوات والادعية ان يخرج الانسان بها من تحت السقوف الى ما تحت السماء والصحراء ، فإن الانسان يشعر فيها بقربه من الله ولذلك أمر في صلاة العيد والاستسقاء ان يصحروا بهما.
وهناك حالات للانسان تؤثر فيه بشعور القرب ، كالبعد عن زخارف الدنيا ، ولذلك أمر الحاج بلبس ثوبي الاحرام والتنعل وكشف الرأس.
كل ذلك للتأثير في الانسان ليشعر بالقرب ، والا فلا شيء يؤثر في الله تعالى. بل الدعاء والصلاة أيضاًللتأثير في الانسان ، فرحمة الله واسعة شاملة وعلى الانسان ان يصقل مرآة نفسه ليمكنه الاستضاءة من هذا النور الغامر ، والصلاة والدعاء وغيرهما من العبادات تحقق الارضية الصالحة لاستقبال انوار الرحمة الالهية. فكذلك التوسل والحضور لدى الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وكل من يذكّر الانسان بالله تعالى يؤثر في ذلك.
ولا فرق في ذلك بين ميتهم وحيهم وذلك لأن المفروض ان المراد تأثر الانسان بقدسية المكان وهو حأصل في كلا الموردين ، مع انهم لا يقصرون مقاماً عند الله من الشهداء في سبيله ، وقد قال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون ) . بل حياة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام اقوى واعظم.
بل يظهر من بعض النصوص ان الانسان اقوى حياة بعد موته حتى الكفار ؛ ففي الحديث ان رسول الله صلى الله عليه وآله وقف على شفير قليب بدر وخاطب الكفار المقتولين بما معناه : قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ أو غير ذلك. فتعجّب اصحابه وقالوا : ان هؤلاء اموات فكيف تخاطبهم يا رسول الله ؟ أو كما قالوا. فقال لهم الرسول صلى الله عليه وآله : لستم باسمع منهم ولكنهم لا يقدرون على الجواب.
ويلحق بهذ الامر ـ اي : الحضور عند النبي والولي ـ التوسل بأسمائهم وأرواحهم وان لم يحضر عندهم ، وذلك بأن يدعو الله تعالى ويطلب منه حاجته مع الإستشفاع بذكر الرسول أو الامام ، وهذا أيضاًيؤثر في الانسان من جهة انه يرى نفسه تابعاً لهؤلاء ، مهتدياً بهداهم ، سالكاً سبيلهم محباً لهم ، وليس هذا الحب والولاء إلا المتابعة ؛ لانهم اولياء الله واصفياؤه ، وبذلك يوجب القرب من الله تعالى ويدخل في قوله سبحانه : ( يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة ) . والامام هو من جعله الله تعالى مثلاً للناس يقتدون به فانه للطفه بعباده لم يكتف بارسال الشريعة والكتب بل جعل للناس من انفسهم مثُلا يستنّون بسنّتهم ويحتذون بسيرتهم ؛ قال تعالى : ( وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا ) ويوم القيامة تحاسب اعمال الناس بالقياس الى ائمتهم ، قال تعالى : ( يوم ندعو كل اناس بإمامهم فمن اوتي كتابه بيمينه... ) وعلى ذلك فلا استغراب ان يكون في ذكر الامام والتوسل به تقرباً الى الله تعالى ، فهو كما يذكّر الانسان بربه عملا وقولاً وشمائلاً كذلك يذكّره بربه إذا تذكّره وتذكّر افعاله وتعبده لله تعالى.
الوجه الثاني : ان يطلب من النبي أو الولي ان يدعو الله تعالى ليقضي حاجته. وهذا أيضاًمما ورد في الآية السابقة ؛ إذ قال تعالى : ( واستغفر لهم الرسول... ) بل هذا مما لا شك ولا خلاف في جوازه وتاثيره حتى بالنسبة لغير النبي والامام من عامة المؤمنين ، وقد وردت بذلك أحاديث كثيرة في كتب العامة والخاصة. ومما يلفت النظر في هذا الامر ان الله تعالى خلق ملائكة يدعونه تعالى ويستغفرون للمؤمنين ؛ قال سبحانه : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم... ) وغير ذلك من الآيات والروايات .
الوجه الثالث : ان يطلب الحاجة من نفس النبي أو الامام . وهذا هو الذي يقال انه شرك بالله العظيم. ولا شك انه لو اعتقد الانسان ان النبي أو الامام أو أي احد أو شيء في العالم يستقل في التأثير فيؤثر شيئاً من دون ان يأذن الله تعالى فهو نحو من الشرك وان كان خفياً ، والموحّد يعتقد بأن الله هو المؤثر في العالم وان كل شيء يحدث فانما هو بإذنه تعالى الا ان هذا لا يختلف بالنسبة الى العلل والاسباب الغيبية والعلل والاسباب الطبيعية ، فلو اعتقد احد ان الطبيب يستقل في المعالجة والشفاء فقد اشرك ، بل الشفاء من الله تعالى ، بل الصحيح ان العمل الطبيعي الذي يقوم به الطبيب أو من يباشر العلاج ، أو أي عمل آخر ، فإنما هو بإذن الله تعالى ، مع ان مراجعة الطبيب وغيره لا يعد شركاً ولا فسقاً.
وربما يقال ـ كما في تفسير المنار لمحمد رشيد رضا وغيره ـ بأن : هناك فرقاً بين التوسل بالعلل الطبيعية والتوسل بالعلل الغيبية ، والثاني يعدّ شركاً دون الاول ، ويستدل على ذلك بأن الله تعالى اعتبر المتوسلين بالملائكة وغيرهم مشركين ، والمشركون ما كانوا يعتقدون انهم يؤثرون بالاستقلال فليس ذلك الا للاعتقاد بتأثيرهم الغيبي.
والجواب : ان هذا الفرق تحكّم واضح ؛ اذ لا شك ان الاعتقاد بالتأثير المستقل لغير الله تعالى شرك ، وان كان طبيعياً. فالصحيح ان المشركين كانوا يعتقدون بنوع من الاستقلال للملائكة وغيرهم من العوامل الغيبية ، كما انه ربما يحصل هذا الاعتقاد لبعض المسلمين بالنسبة لبعض الأنبياء أو الأئمة أو الاولياء ولا شك ان هذا نوع من الشرك يجب تطهير القلب منه .
ونحن نعتقد ان الله تعالى أذِن لبعض عباده الصالحين ان يعملوا اعمالا لا يقدر عليها البشر العادي ، ولكن كل تاثيرهم بإذن الله تعالى ، ولا فرق بين هذا التأثير الغيبي وتأثير الصدقة مثلاً في دفع البلاء فهو أيضاًتأثير غيبي ، فقد جعل الله فيها هذا التأثير ولكنه لا يحدث ألا بإذنه تعالى ، كسائر العلل والاسباب الطبيعية وغير الطبيعية.
وقد اخبر الله سبحانه في كتابه العزيز ان عيسى عليها السلام كان يحيى الموتى ويبرئ الأكْمَه والابرص كل ذلك بإذنه تعالى ، ومن اللطيف ان الآية الكريمة تصرّح بأن كل عمله باذنه تعالى حتى ما كان طبيعياً ، إذ قال : ( واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيراً باذني... ) .
ولا شك ان صنع الطين كهيئة الطير عمل عادي طبيعي والنفخ فيه وجعله طيراً حياً عمل غير طبيعي وكل ذلك باذنه تعالى. فإذا توسل احد بعيسى عليه السلام حال حياته وطلب منه شفاء مريضه لم يكن ذلك شركاً بالله سبحانه كما هو واضح. وإذا كان كذلك فسيّد الأنبياء والمرسلين وعترته الطاهرين اولى بذلك. ولا فرق بين حيهم وميتهم كما مر ذكره.
نعم انما يصح التوسل إذا صح الاعتقاد بأن الله تعالى فوّض اليهم بعض الامر وهذا ما نعتقده للروايات القطعية المتواترة أو للتجربة. ولو فرضنا جدلاً عدم صحة هذا الاعتقاد فهذا لا يبرّر تهمة الشرك وانما يكون كمراجعة طبيب لا علم له. ونحن على ثقة وبصيرة من انهم عليهم السلام ابواب رحمته تعالى. وقد قال في كتابه العزيز : وما ارسلناك الا رحمة للعالمين .
وقد صح عنه صلى الله عليه وآله : مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى. ونحو ذلك من الروايات المتواترة معنىً. الحمد لله رب العالمين.
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 16
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الأخ الفاضل الشريف الحسيب النسيب النورابى
أرجو منكم أن تردوا على الرد السابق الذى أرسلته لكم
ثم إليك أخى الحبيب أقوال العلماء فى تفسير قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ} الآية.
قال فى أضواء
البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (1 / 402)
اعلم أن
جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال
أوامره، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك
لله تعالى، لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى، ونيل ما عنده من
خير الدنيا والآخرة.
وأصل
الوسيلة: الطريق التي تقرب إلى الشيء، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع
العلماء، لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى
هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جداً كقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وكقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} وقوله: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إلى غير ذلك من الآيات.
وروي عن ابن
عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة الحاجة، ولما سأله نافع الأزرق هل تعرف
العرب ذلك؟ أنشد له بيت عنترة:[الكامل]
إن الرجال
لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحلي وتخضبي
قال: يعني
لهم إليك حاجة، وعلى هذا القول الذي روي عن ابن عباس، فالمعنى: {وَابْتَغُوا
إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} ، واطلبوا حاجتكم من الله، لأنه وحده هو الذي يقدر على
إعطائها، ومما يبين معنى هذا الوجه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ
الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} ، وقوله: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} وفي الحديث
"إذا سألت فسأل الله" .
قال مقيده
عفا الله عنه: التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب إليه عامة العلماء من أنها
التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة، على وفق ما جاء به الرسول صلى الله
عليه وسلم، وتفسير ابن عباس داخل في هذا، لأن دعاء الله والابتهال إليه في طلب
الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته.
وبهذا
التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من الجهال من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ
الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه، أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين وتلاعب
بكتاب الله تعالى، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار، كما صرح به
تعالى في قوله عنهم :
{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وقوله: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا
عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ
وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}فيجب على كل مكلف
أن يعلم أن الطريق الموصلة إلى رضى الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله صلى الله
عليه وسلم، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}
وهذا الذي
فسرنا به الوسيلة هنا هو معناها أيضاً في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} وليس المراد بالوسيلة أيضاً المنزلة
التي في الجنة التي أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نسأل له الله أن يعطيه إياها،
نرجو الله أن يعطيه إياها، لأنها لا تنبغي إلا لعبد، وهو يرجو أن يكون هو.
وقال فى أيسر التفاسير للجزائري - (1 / 348)
{ وابتغوا
} : إطلبوا .
{ الوسيلة
} : تقربوا إليه بفعل محابه وترك مساخطه تظفروا بالقرب منه .
ومعنى {
ابتغوا إليه الوسيلة } اطلبوا إليه القربة ، أي تقربوا إليه بفعل ما يحب وترك ما
يكره تفوزوا بالقرب منه .
وقال فى التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي - (1 / 349)
{ وابتغوا
إِلَيهِ الوسيلة } أي ما يتوسل به ويتقرّب به إليه من الأعمال الصالحة والدعاء
وغير ذلك
وقال فى الدر المنثور - (3 / 373)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله {
وابتغوا إليه الوسيلة } قال : القربة .
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة في قوله { وابتغوا إليه الوسيلة } قال :
القربة .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { وابتغوا إليه
الوسيلة } قال : تقربوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه .
وأخرج عبد بن حميد عن أبي وائل قال { الوسيلة } في الإيمان .
وقال فى الكشف والبيان - (4 / 59)
ياأيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة ( واطلبوا إليه
القربة وهي ( في الأصل ما يتوصّل به إلى الشيء ويتقرّب به ، يقال : وسل إليه وسيلة
وتوسّل ) ، وجمعها وسائل .
قال عطاء : الوسيلة أفضل درجات الجنة . وقال رسول اللّه ( صلى الله عليه
وسلم ) ( الوسيلة أفضل درجات الجنة ) . وقال رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) (
سلوا الله لي الوسيلة فإنها أفضل درجة في الجنة لا ينالها إلاّ عبد واحد وأرجوا أن
أكون أنا هو ) .
وقال صاحب اللباب في علوم الكتاب - (6 / 60)
{ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ اتقوا الله وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة [
وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ ] } ، كأنه قيل : قد عَرَفْتُمْ كمال جَسَارَةِ
اليَهُودِ على المَعَاصِي والذُّنُوب ، وبُعْدهم عن الطَّاعَات الَّتِي هي الوَسَائِلُ
للعبد إلى الرَّبِّ ، فكُونُوا يا أيُّها المُؤمِنُون بالضَّدِّ من ذلك فاتَّقوا
معَاصِي اللَّه ، وتوسَّلُوا إليه بالطَّاعات .
والثاني : أنهم لما قالوا : { نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ } [
المائدة : 18 ] .
أي : أبْنَاء أنبياء الله فكان افتخارهم بأعْمَال آبَائِهِم كأنَّه تعالى
قال : « يا أيها الذين آمنوا [ اتّقوا الله ] ولتكن مفاخرتكم بأعمالكم لا بشرف
آبائكم وأسلافكم ، فاتّقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة » .
قال فى الوسيط لسيد طنطاوي - (1 / 1252)
وقوله : { وابتغوا } من الابتغاء وهو الاجتهاد في طلب الشيء .
و { الوسيلة } على وزن فعيلة بمعنى ما يتوصل به ويتقربي به إلى الله -
تعالى - ، من فعل الطاعات ، واجتناب المعاصي ، مأخوذة من وسل إلى كذا ، أي : تقرب
إليه بشيء . وقيل : الوسيلة الحاجة .
قال الراغب : الوسيلة : التوصل إلى الشيء برغبة ، وهي أخص من الوصيلة ،
لتضمنها معنى الرغبة ، وحقيقة الوسيلة إلى الله مراعاة سبيله بالعلم والعبادة
وتحري مكارم الشريعة ، وهي كالقربة . والواسل : الراغب إلى الله تعالى .
والمعنى : يأيها الذين آمنوا بالحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {
اتقوا الله } أي : خافوه وصونوا أنفسكم عن كل ما لا يرضيه { وابتغوا إِلَيهِ
الوسيلة } : أي : اطلبوا باجتهاد ونشاط الزلفى والقربى إليه عن طريق مداومتكم على
فعل الطاعات ، والتزود من الأعمال الصالحات ، واجتناب المعاصي والمنكرات .
أي : اطلبوا برغبة وشدة ما يقربكم إلى الله من الأعمال الصالحة ، ولا
تتقربوا إلى غيره إلا في ظل طلب رضاه - سبحانه - .
أو : اطلبوا متوجهين إليه - سبحانه - حاجتكم ، فإن بيده مقاليد السموات
والأرض ، ولا تطلبوها متوجهين إلى غيره .
وقد جاء لفظ الوسيلة في الأحاديث النبوية على أنه اسم لأعلى الدرجات في
الجنة ، وهذا المعنى متلاق مع أصل المعنى ، وهو التقرب إلى الله والتوسل إليه وحده
بالطاعات ، لأن من يفعل ذلك ينال من الله - تعالى - أسمى الدرجات .
وقد ساق الإِمام ابن كثير جملة من الأحاديث في هذا المعنى فقال ما ملخصه :
الوسيلة : القربة . كذا قال ابن عباس ومجاهد وأبووائل والحسن وقتادة وغير
واحد .
قال قتادة : أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه .
والوسيلة أيضاً : علم على أعلى منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وداره في الجنة ، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش . وقد ثبت في
صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من قال حين سمع النداء - أي الآذان - : اللهم رب هذه الدعوة التامة ،
والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته
حلت له شفاعتي يوم القيامة " .
وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم
يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على ، فإنه من صلى على
صلاة صلى الله عليه بها عشراً ، ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي
إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو . فمن سأل الوسيلة حلت له شفاعتي
" .
والمتأمل في هذه الآية الكريمة يراها قد أرشدت المؤمنين إلى ما يسعدهم بأن
ذكرت لهم ثلاث وسائل وغاية ، أو ثلاث مقدمات ونتيجة .
أما الوسائل الثلاث أو المقدمات الثلاث فهي : تقوى الله ، والتقرب إليه بما
يرضيه ، والجهاد في سبيله . وأما الغاية في أو النتيجة لكل ذلك فهي الفلاح والفوز
والنجاح .
ولو أن المسلمين تمسكوا بهذه الوسائل حق التمسك لو صلوا إلى ما يسعدهم في
دنياهم وفي آخرتهم .
قال الآلوسي ما ملخصه : واستدل بعض الناس بهذه الآية على مشروعية الاستغاثة
بالصالحين ، وجعلهم وسيلة بين الله - تعالى - وبين العباد والقسم على الله - تعالى
- بهم ، بأن يقال : اللهم إنا نقسم عليك بفلان أن تعطينا كذا . ومنهم من يقول للغائب أو للميت من عباد الله الصالحين :
يا فلان ادع الله أن يرزقني كذا وكذا ويزعمون أن ذلك من ابتغاء الوسيلة وكل ذلك
بعيد عن الحق بمراحل .
وقال فى تفسير ابن كثير - (3 / 103)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، وهي إذا قرنت بالطاعة كان المراد
بها الانكفاف عن المحارم وترك المنهيات، وقد قال بعدها: { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ } قال سفيان الثوري، حدثنا أبي، عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس: أي
القربة. وكذا قال مجاهد [وعطاء] وأبو وائل، والحسن، وقتادة، وعبد الله بن كثير،
والسدي، وابن زيد.
وقال قتادة: أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه. وقرأ ابن زيد: {
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ }
[الإسراء:57] وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه .
والوسيلة: هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود، والوسيلة أيضًا: علم على
أعلى منزلة في الجنة، وهي منزلة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وداره في الجنة، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش، وقد ثبت
في صحيح البخاري، من طريق محمد بن المُنكَدِر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة
التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودا الذي
وعدته، إلا حَلَّتْ له الشفاعة يوم القيامة".
حديث آخر في صحيح مسلم: من حديث كعب عن علقمة، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن
عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا
سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عَليّ، فإنه من صلى عَليّ صلاة صلى
الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي
إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حَلًّتْ عليه
الشفاعة." [1]
وورد فى تفسير الخازن - (2 / 275)
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } أي خافوا الله بترك
المنهيات { وابتغوا إليه الوسيلة } يعني واطلبوا إليه القرب بطاعته والعمل بما
يرضي وإنما قلنا ذلك ، لأن مجامع التكاليف محصورة في نوعين لا ثالث لهما . أحد النوعين
: ترك المنهيات وإليه الإشارة بقوله : اتقوا الله . والثاني : التقرب إلى الله
تعالى بالطاعات وإليه الإشارة بقوله : وابتغوا إليه الوسيلة .
وقيل : معنى الوسيلة المحبة أي تحببوا إلى الله عز وجل .
وورد فى تفسير السعدي - (1 / 230)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
هذا أمر من الله لعباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان من تقوى الله والحذر
من سخطه وغضبه، وذلك بأن يجتهد العبد، ويبذل غاية ما يمكنه من المقدور في اجتناب
ما يَسخطه الله، من معاصي القلب واللسان والجوارح، الظاهرة والباطنة. ويستعين
بالله على تركها، لينجو بذلك من سخط الله وعذابه. { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ } أي: القرب منه، والحظوة لديه، والحب له، وذلك بأداء فرائضه
القلبية، كالحب له وفيه، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل. والبدنية: كالزكاة
والحج. والمركبة من ذلك كالصلاة ونحوها، من أنواع القراءة والذكر، ومن أنواع
الإحسان إلى الخلق بالمال والعلم والجاه، والبدن، والنصح لعباد الله، فكل هذه
الأعمال تقرب إلى الله. ولا يزال العبد يتقرب بها إلى الله حتى يحبه الله، فإذا
أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي
يمشي [بها] ويستجيب الله له الدعاء.
ثم خص تبارك وتعالى من العبادات المقربة إليه، الجهاد في سبيله، وهو: بذل
الجهد في قتال الكافرين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي في نصر دين الله
بكل ما يقدر عليه العبد، لأن هذا النوع من أجل الطاعات وأفضل القربات.
ولأن من قام به، فهو على القيام بغيره أحرى وأولى { لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ } إذا اتقيتم الله بترك المعاصي، وابتغيتم الوسيلة إلى الله، بفعل
الطاعات، وجاهدتم في سبيله ابتغاء مرضاته.
والفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب، والنجاة من كل مرهوب، فحقيقته
السعادة الأبدية والنعيم المقيم.
وورد فى تفسير السلمي - (1 / 177)
قوله تعالى : ! ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) {
المائدة : ( 35 ) قال جعفر : اطلبوا منه القربة .
قال الواسطي رحمة الله عليه : في أداء الفرائض واجتناب المحارم السلامة من
النار ، والوسيلة : القربة بآداب الإسلام
إلى من وضعها وفرضها .
وقال محمد بن علي في قوله ! ( وابتغوا إليه الوسيلة ) ! قال : هو الرضا
بالقضية والصبر على الرزية والمجاهدة في
سبيله والصبر على عبادته .
وقال ابن عطاء : الوسيلة : القربة بآداب الإسلام وأداء الفرائض لدخول
الجنة والنجاة من النار .
قال فارس : اتقوه واجعلوا تقواكم سببا لقربكم إليه .
قال بعضهم : اتقوا الله في المخالفات ، وابتغوا إليه الوسيلة بالطاعات .
وقال الشعراوى فى الوسيلة فى تفسير الشعراوي - (1 /
2147)
وقوله سبحانه : { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } أي نبحث عن الوُصْلة التي
تُوصّلنا إلى طاعته ورضوانه وإلى محبّته . وهل هناك وسيلة إلا ما شرَّعه الله
سبحانه وتعالى؟ وهل يتقرَّب إنسان إلى أي كائن إلا بما يعلم أنه يُحبّه؟ .
وعلى المستوى البشري نحن نجد من يتساءل : ماذا يُحب فلان؟ فيقال له : فلان
يُحب ربطات العنق؛ فيُهديه عدداً من ربطات العُنق . إذن كل إنسان يتقرّب إلى أي
كائن بما يُحب ، فما بالنا بالتقرب إلى الله؟ . وما يُحبه سبحانه أوضحه لنا في
حديثه القدسي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ
آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ
مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي
يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا
وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ
اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ
تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ
مَسَاءَتَهُ .[2]
فالحق سبحانه وتعالى يفسح الطريق أمام العبد ، فيقول سبحانه في الحديث
القدسي : « ما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل »
أي أن العبد يتقرب إلى الله بالأمور التي لم يلزمه الحق بها ولكنها من جنس
ما افترضه سبحانه ، فلا ابتكار في العبادات
. إذن
فابتغاء الوسيلة من الله هي طاعته والقيام على المنهج في « افعل » و « لاتفعل » .
وخاض فى كلام كثير إلى أن قال فى آخر الكلام وحتى نخرج من الخلاف . نقول : إن العمل الصالح المتمثل في « افعل كذا » و «
لا تفعل كذا » هو الوسيلة الخالصة .وبذلك نخلص من الخلاف ولا ندخل في متاهات .
قلت محمود : فقد أقر أن الدخول فى التوسل متاهات وبتركه نخرج من هذه
المتاهات .
تفسير الطبري - (10 / 289)
القول في تأويل قوله عز ذكره : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله فيما
أخبرهم ووعَد من الثواب وأوعدَ من العقاب "اتقوا الله" يقول: أجيبوا
الله فيما أمركم ونهاكم بالطاعة له في ذلك، وحقِّقوا إيمانكم وتصديقكم ربَّكم
ونبيَّكم بالصالح من أعمالكم "وابتغوا إليه الوسيلة"، يقول: واطلبوا
القربة إليه بالعمل بما يرضيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
عن أبي وائل:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة في الأعمال.
عن عطاء:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة.
عن السدي:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة"،
قال: فهي المسألة والقربة.
عن قتادة قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، أي: تقربوا إليه بطاعته
والعملِ بما يرضيه.
عن مجاهد:"وابتغوا إليه الوسيلة"، القربة إلى الله جل وعزّ.
عن الحسن في قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة.
عن عبد الله بن كثير قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة.
قال ابن زيد في قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: المحبّة،
تحبّبوا إلى الله. وقرأ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى
رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) [سورة الإسراء: 57].
تفسير القرطبي - (6 / 159)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا
إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} الوسيلة هي القربة عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء
والسدى وابن زيد وعبدالله بن كثير .
والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها، والوسيلة درجة في الجنة، وهي التي
جاء الحديث الصحيح بها في قوله عليه الصلاة والسلام: "فمن سأل لي الوسيلة حلت
له الشفاعة" .
تفسير النسفي - (1 / 286)
{ يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ اتقوا الله } فلا تؤذوا عباد الله { وابتغوا
إِلَيهِ الوسيلة } هي كل ما يتوسل به أي يتقرب من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك ،
فاستعيرت لما يتوسل به إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك السيئات
تنوير المقباس - (1 / 121)
{ اتقوا الله } فيما أمركم { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } الدرجة الرفيعة
ويقال اطلبوا إليه القرب في الدرجات بالأعمال الصالحة
دقائق التفسير - (2 / 47)
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وابتغوا إليه الوسيلة } قال عامة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء والفراء الوسيلة
القربة
قال قتادة تقربوا إلى الله بما
يرضيه قال أبو عبيدة توسلت إليه أي تقربت
وقال عبد الرحمن بن زيد تحببوا إلى الله والتحبب والتقرب إليه إنما هو بطاعة رسوله
فالإيمان بالرسول وطاعته هو وسيلة الخلق إلى الله ليس لهم وسيلة يتوسلون بها البتة
إلا الإيمان برسوله وطاعته وليس لأحد من الخلق وسيلة إلى الله تبارك وتعالى إلا
توسله بالإيمان بهذا الرسول الكريم وطاعته وهذه يؤمر بها الإنسان حيث كان من
الأمكنة وفي كل وقت وما خص من العبادات
بمكان كالحج أو زمان كالصوم والجمعة فكل في مكانه وزمانه وليس لنفس الحجرة من داخل
فضلا عن جدارها من خارج اختصاص شيء في شرع العبادات ولا فعل شيء منها فالقرب من
الله أفضل منه بالبعد منه باتفاق المسلمين والمسجد خص بالفضيلة في حياته صلى الله
عليه وسلم قبل وجود القبر فلم تكن فضيلة مسجده لذلك ولا استحب هو صلى الله عليه
وسلم ولا أحد من أصحابه ولا علماء أمته أن يجاور أحد عند قبر ولايعكف عليه لا قبره
المكرم ولا قبر غيره ولا أن يقصد السكنى قريبا من قبر أي قبر كان وسكنى المدينة
النبوية هو أفضل في حق من تتكرر طاعته لله ورسوله فيها أكثر كما كان الأمر لما كان
الناس مأمورين بالهجرة إليها فكانت الهجرة إليها والمقام بها أفضل من جميع البقاع
مكة وغيرها بل كان ذلك واجبا من أعظم الواجبات فلما فتحت مكة قال النبي صلى الله
عليه وسلم
لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية
وكان من اتى من اهل مكة وغيرهم ليهاجر ويسكن المدينة يأمره أن يرجع إلى مدينته ولا
يأمره بسكناها كما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر الناس عقب الحج أن يذهبوا
إلى بلادهم لئلا يضيقوا على أهل مكة وكان يأمر كثيرا من أصحابه وقت الهجرة أن
يخرجوا إلى أماكن أخرى لولاية مكان وغيره وكانت طاعة الرسول بالسفر إلى غير
المدينة أفضل من المقام عنده بالمدينة حين كانت دار الهجرة فكيف بها بعد ذلك إذ
كان الذي ينفع الناس طاعة الله ورسوله وأما ما سوى ذلك فإنه لا ينفعهم لا قرابة
ولا مجاورة ولا غير ذلك كما ثبت عنه في الحديث الصحيح أنه قال يا فاطمة بنت محمد
لا أغني عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا عباس
عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا وقال صلى الله عليه وسلم إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله
وصالح المؤمنين وقال إن أوليائي المتقون حيث كانوا ومن كانوا
موسوعة الرد على الصوفية - (35 / 85)
وقد قال تعالى : { إن الله يدافع عن الذين آمنوا } فهو تبارك وتعالى يدافع
عن المؤمنين حيث كانوا . فالله هو الدافع والسبب هو الإيمان . وكان النبي صلى الله
عليه وسلم يقول في خطبته : { من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر
إلا نفسه ولن يضر الله شيئا } قال تعالى : { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين
أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا } . وأما ما يظنه بعض الناس من أن البلاء يندفع عن أهل بلد
أو إقليم بمن هو مدفون عندهم من الأنبياء والصالحين كما يظن بعض الناس أنه يندفع
عن أهل بغداد البلاء لقبور ثلاثة : أحمد بن حنبل وبشر الحافي ومنصور بن عمار ويظن
بعضهم أنه يندفع البلاء عن أهل الشام بمن عندهم من قبور الأنبياء الخليل وغيره
عليهم السلام . وبعضهم يظن أنه يندفع البلاء عن أهل مصر بنفيسة أو غيرها . أو
يندفع عن أهل الحجاز بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وأهل البقيع أو غيرهم . فكل
هذا غلو مخالف لدين الإسلام مخالف للكتاب والسنة والإجماع . فالبيت المقدس كان
عنده من قبور الأنبياء والصالحين ما شاء الله فلما عصوا الأنبياء وخالفوا ما أمر
الله به ورسله سلط عليهم من انتقم منهم .
والرسل الموتى ما عليهم إلا البلاغ المبين وقد بلغوا رسالة ربهم . وكذلك نبينا صلى
الله عليه وسلم قال الله تعالى في حقه : { إن عليك إلا البلاغ } وقال تعالى : {
وما على الرسول إلا البلاغ المبين } . وقد ضمن الله لكل من أطاع الرسول أن يهديه
وينصره . فمن خالف أمر الرسول استحق العذاب ولم يغن عنه أحد من الله شيئا . كما {
قال النبي صلى الله عليه وسلم يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا . يا
صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت رسول الله لا أغني عنك
من الله شيئا } . وقال صلى الله عليه وسلم لمن ولاه من أصحابه : { لا ألفين أحدكم
يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول : يا رسول الله أغثني . فأقول : لا
أملك لك من الله شيئا قد بلغتك }
زاد المسير - (2 / 206)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
قوله تعالى : { وابتغوا إِليه الوسيلة } في «الوسيلة» قولان .
أحدهما : أنها القربة ، قاله ابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، والفراء . وقال
قتادة : تقربوا إِليه بما يرضيه . قال أبو عبيدة : يقال توسلت إِليه ، أي : تقرّبت
إِليه .
والثاني : المحبة ، يقول : تحببوا إِلى الله ، هذا قول ابن زيد .
فتح القدير للشوكاني - (2 / 305)
{ ابتغوا } اطلبوا { إِلَيْهِ } : لا إلى غيره ، { وَ الوسيلة } فعيلة من
توسلت إليه : إذا تقربت إليه .
فالوسيلة : القربة التي ينبغي أن تطلب ، وبه قال أبو وائل والحسن ومجاهد ،
وقتادة والسدي وابن زيد . وروي عن ابن عباس ، وعطاء ، وعبد الله بن كثير . قال ابن
كثير في تفسيره : وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة ، لا خلاف بين المفسرين فيه .
والوسيلة أيضاً درجة في الجنة مختصة برسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد ثبت في
صحيح البخاري من حديث جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال حين
يسمع النداء : اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة
والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ، إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة »
وفي صحيح مسلم ، من حديث عبد الله بن عمرو ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : « إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليّ ، فإنه من صلى عليّ
صلاة صلى الله عليه عشراً ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة ، لا تنبغي
إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه
الشفاعة » وعطف { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } على { ياأيها الذين ءامَنُواْ اتقوا
الله } يفيد أن الوسيلة غير التقوى . وقيل هي التقوى ، لأنها ملاك الأمر ، وكل
الخير ، فتكون الجملة الثانية على هذا مفسرة للجملة الأولى . والظاهر أن الوسيلة :
هي القربة تصدق على التقوى ، وعلى غيرها من خصال الخير التي يتقرب العباد بها إلى
ربهم { وجاهدوا فِى سَبِيلِهِ } من لم يقبل دينه { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن
عباس في قوله : { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } قال : الوسيلة القربة . وأخرج الحاكم
وصححه ، عن حذيفة مثله . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في
قوله : { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } قال : تقرّبوا إلى الله بطاعته والعمل بما
يرضيه .
محاسن التأويل (تفسير القاسمي) - ( / 0)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ 35 ]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا } -أي
اطلبوا - : { إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } أي : القربة - كذا فسَّره ابن عباس ومجاهد
وأبو وائل والحسن وزيد وعطاء والثوري وغير واحد . وقال قتادة : أي : تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه . وقرأ ابن زيد : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } . قال ابن كثير : وهذا الذي قاله
هؤلاء الأئمة , لا خلاف بين المفسرين فيه . وفي " القاموس وشرحه " :
الوسيلة والواسلة , المنزلة عند الملك والدرجة والقربة والوصلة . وقال الجوهري :
الوسيلة , ما يتقرب به إلى الغير . والتوسيل والتوسل الواحد . يقال : وَسَّل إلى
الله تعالى توسيلاً , عمل عملاً تقرب به إليه , كتوسل . و ( إلى ) يجوز أن يتعلق
بـ ( ابتغوا ) وأن يتعلق بـ ( الوسيلة ) .
تنبيه :
ما ذكرناه في تفسير " الوسيلة " هو المعوّل عليه . وقد أوضح
إيضاَحاً لا مزيد عليه , تقي الدين
بن تيمية عليه الرحمة في " كتاب الوسيلة " فرأينا نقل شذرة منه , إذ لا
غنى للمُحَقِّقِ في علم التفسير عنه .
قال رحمه الله بعد مقدّمات :
إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدَ تَبَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ " الْوَسِيلَةِ
" وَ " التَّوَسُّلِ فِيهِ إجْمَالٌ وَاشْتِبَاهٌ يَجِبُ أَنْ تُعْرَفَ
مَعَانِيهِ وَيُعْطَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ . فَيُعْرَفُ مَا وَرَدَ بِهِ
الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ . وَمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ
الصَّحَابَةُ وَيَفْعَلُونَهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ . وَيُعْرَفُ مَا أَحْدَثَهُ
الْمُحْدِثُونَ فِي هَذَا اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ . فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ
اضْطِرَابِ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْ
الْإِجْمَالِ وَالِاشْتِرَاكِ فِي الْأَلْفَاظِ وَمَعَانِيهَا حَتَّى تَجِدَ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْرِفُ فِي هَذَا الْبَابِ فَصْلَ الْخِطَابِ . فَلَفْظُ
الْوَسِيلَةِ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } وَفِي
قَوْله تَعَالَى { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا
يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا } { أُولَئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ
مَحْذُورًا } . فَالْوَسِيلَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُبْتَغَى إلَيْهِ
وَأَخْبَرَ عَنْ مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ أَنَّهُمْ يَبْتَغُونَهَا إلَيْهِ
هِيَ مَا يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ والمستحبات فَهَذِهِ
الْوَسِيلَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِابْتِغَائِهَا تَتَنَاوَلُ
كُلَّ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَا مُسْتَحَبٍّ لَا
يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا .
فَالْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ هُوَ مَا شَرَعَهُ الرَّسُولُ فَأَمَرَ بِهِ أَمْرَ
إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ وَأَصْلُ ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ
الرَّسُولُ . فَجِمَاعُ الْوَسِيلَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ
بِابْتِغَائِهَا هُوَ التَّوَسُّلُ إلَيْهِ بِاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ
لَا وَسِيلَةَ لِأَحَدِ إلَى اللَّهِ إلَّا ذَلِكَ . وَالثَّانِي لَفْظُ "
الْوَسِيلَةِ " فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي
الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ
أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْعَبْدَ . فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ
عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ } وَقَوْلُهُ { مَنْ قَالَ حِينَ
يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ
وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ
وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ } . فَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً . وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ لَهُ
هَذِهِ الْوَسِيلَةَ وَأَخْبَرَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِعَبْدِ مِنْ عِبَادِ
اللَّهِ وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ
أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَهَا لِلرَّسُولِ وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ سَأَلَ لَهُ هَذِهِ
الْوَسِيلَةَ فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ
الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ فَلَمَّا دَعَوْا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحَقُّوا أَنْ يَدْعُوَ هُوَ لَهُمْ فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ
نَوْعٌ مِنْ الدُّعَاءِ كَمَا قَالَ إنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا.
وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالتَّوَجُّهُ بِهِ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ فَيُرِيدُونَ بِهِ التَّوَسُّلَ
بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ . وَالتَّوَسُّلُ بِهِ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ
الْمُتَأَخِّرِينَ يُرَادُ بِهِ الْإِقْسَامُ بِهِ وَالسُّؤَالُ بِهِ كَمَا
يُقْسِمُونَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَنْ يَعْتَقِدُونَ
فِيهِ الصَّلَاحَ . وَحِينَئِذٍ فَلَفْظُ التَّوَسُّلِ بِهِ يُرَادُ بِهِ
مَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَيُرَادُ بِهِ مَعْنًى
ثَالِثٌ لَمْ تَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ . فَأَمَّا الْمَعْنَيَانِ الْأَوَّلَانِ -
الصَّحِيحَانِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ : - فَأَحَدُهُمَا هُوَ أَصْلُ
الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ
. وَالثَّانِي دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ : فَهَذَانِ جَائِزَانِ
بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : "
اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا تَوَسَّلْنَا إلَيْك بِنَبِيِّنَا
فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا أَيْ
بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وقَوْله تَعَالَى { وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }
أَيْ الْقُرْبَةَ إلَيْهِ بِطَاعَتِهِ ؛ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ طَاعَتُهُ قَالَ تَعَالَى
: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } . فَهَذَا التَّوَسُّلُ
الْأَوَّلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ وَهَذَا لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ . وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ - كَمَا قَالَ
عُمَرُ - فَإِنَّهُ تَوَسَّلَ بِدُعَائِهِ لَا بِذَاتِهِ ؛ وَلِهَذَا عَدَلُوا
عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ وَلَوْ كَانَ
التَّوَسُّلُ هُوَ بِذَاتِهِ لَكَانَ هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّوَسُّلِ
بِالْعَبَّاسِ فَلَمَّا عَدَلُوا عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ
بِالْعَبَّاسِ : عُلِمَ أَنَّ مَا يُفْعَلُ فِي حَيَاتِهِ قَدْ تَعَذَّرَ
بِمَوْتِهِ ؛ بِخِلَافِ التَّوَسُّلِ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ بِهِ وَالطَّاعَةُ
لَهُ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ دَائِمًا .
فَلَفْظُ التَّوَسُّلِ يُرَادُ بِهِ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ : - ( أَحَدُهَا
التَّوَسُّلُ بِطَاعَتِهِ فَهَذَا فَرْضٌ لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إلَّا بِهِ . وَ
( الثَّانِي التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَهَذَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ
وَيَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَوَسَّلُونَ بِشَفَاعَتِهِ . وَ ( الثَّالِثُ
التَّوَسُّلُ بِهِ بِمَعْنَى الْإِقْسَامِ عَلَى اللَّهِ بِذَاتِهِ وَالسُّؤَالِ
بِذَاتِهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ تَكُنْ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ فِي
الِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ لَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَمَاتِهِ لَا عِنْدَ
قَبْرِهِ وَلَا غَيْرِ قَبْرِهِ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ
الْأَدْعِيَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا يُنْقَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ
فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ مَرْفُوعَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ أَوْ عَمَّنْ لَيْسَ قَوْلُهُ
حُجَّةً كَمَا سَنَذْكُرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَهَذَا هُوَ
الَّذِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ وَنَهَوْا
عَنْهُ حَيْثُ قَالُوا : لَا يُسْأَلُ بِمَخْلُوقِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ :
أَسْأَلُك بِحَقِّ أَنْبِيَائِك . قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ القدوري فِي كِتَابِهِ
الْكَبِيرِ فِي الْفِقْهِ الْمُسَمَّى بِشَرْحِ الْكَرْخِي فِي بَابِ الْكَرَاهَةِ
: وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ . قَالَ
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا
يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ إلَّا بِهِ . وَأَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ
" بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك " أَوْ " بِحَقِّ خَلْقِك
" . وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : بِمَعْقِدِ الْعِزِّ
مِنْ عَرْشِهِ هُوَ اللَّهُ فَلَا أَكْرَهُ هَذَا وَأَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ
فُلَانٍ أَوْ بِحَقِّ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك وَبِحَقِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ
وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ . قَالَ
القدوري : الْمَسْأَلَةُ بِخَلْقِهِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْخَلْقِ
عَلَى الْخَالِقِ فَلَا تَجُوزُ وِفَاقًا . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَنَّ
اللَّهَ لَا يُسْأَلُ بِمَخْلُوقِ لَهُ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا هُوَ مُوَافِقٌ
لِسَائِرِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَمْنَعُونَ أَنْ يُقْسِمَ أَحَدٌ
بِالْمَخْلُوقِ فَإِنَّ
أرجو منكم أن تردوا على الرد السابق الذى أرسلته لكم
ثم إليك أخى الحبيب أقوال العلماء فى تفسير قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ} الآية.
قال فى أضواء
البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (1 / 402)
اعلم أن
جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال
أوامره، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك
لله تعالى، لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى، ونيل ما عنده من
خير الدنيا والآخرة.
وأصل
الوسيلة: الطريق التي تقرب إلى الشيء، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع
العلماء، لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى
هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جداً كقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وكقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} وقوله: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} إلى غير ذلك من الآيات.
وروي عن ابن
عباس رضي الله عنهما أن المراد بالوسيلة الحاجة، ولما سأله نافع الأزرق هل تعرف
العرب ذلك؟ أنشد له بيت عنترة:[الكامل]
إن الرجال
لهم إليك وسيلة ... إن يأخذوك تكحلي وتخضبي
قال: يعني
لهم إليك حاجة، وعلى هذا القول الذي روي عن ابن عباس، فالمعنى: {وَابْتَغُوا
إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} ، واطلبوا حاجتكم من الله، لأنه وحده هو الذي يقدر على
إعطائها، ومما يبين معنى هذا الوجه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ
الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ} ، وقوله: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} وفي الحديث
"إذا سألت فسأل الله" .
قال مقيده
عفا الله عنه: التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب إليه عامة العلماء من أنها
التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة، على وفق ما جاء به الرسول صلى الله
عليه وسلم، وتفسير ابن عباس داخل في هذا، لأن دعاء الله والابتهال إليه في طلب
الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته.
وبهذا
التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من الجهال من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ
الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه، أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين وتلاعب
بكتاب الله تعالى، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار، كما صرح به
تعالى في قوله عنهم :
{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وقوله: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا
عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ
وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}فيجب على كل مكلف
أن يعلم أن الطريق الموصلة إلى رضى الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله صلى الله
عليه وسلم، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}
وهذا الذي
فسرنا به الوسيلة هنا هو معناها أيضاً في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} وليس المراد بالوسيلة أيضاً المنزلة
التي في الجنة التي أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نسأل له الله أن يعطيه إياها،
نرجو الله أن يعطيه إياها، لأنها لا تنبغي إلا لعبد، وهو يرجو أن يكون هو.
وقال فى أيسر التفاسير للجزائري - (1 / 348)
{ وابتغوا
} : إطلبوا .
{ الوسيلة
} : تقربوا إليه بفعل محابه وترك مساخطه تظفروا بالقرب منه .
ومعنى {
ابتغوا إليه الوسيلة } اطلبوا إليه القربة ، أي تقربوا إليه بفعل ما يحب وترك ما
يكره تفوزوا بالقرب منه .
وقال فى التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي - (1 / 349)
{ وابتغوا
إِلَيهِ الوسيلة } أي ما يتوسل به ويتقرّب به إليه من الأعمال الصالحة والدعاء
وغير ذلك
وقال فى الدر المنثور - (3 / 373)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله {
وابتغوا إليه الوسيلة } قال : القربة .
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة في قوله { وابتغوا إليه الوسيلة } قال :
القربة .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { وابتغوا إليه
الوسيلة } قال : تقربوا إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه .
وأخرج عبد بن حميد عن أبي وائل قال { الوسيلة } في الإيمان .
وقال فى الكشف والبيان - (4 / 59)
ياأيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وابتغوا إليه الوسيلة ( واطلبوا إليه
القربة وهي ( في الأصل ما يتوصّل به إلى الشيء ويتقرّب به ، يقال : وسل إليه وسيلة
وتوسّل ) ، وجمعها وسائل .
قال عطاء : الوسيلة أفضل درجات الجنة . وقال رسول اللّه ( صلى الله عليه
وسلم ) ( الوسيلة أفضل درجات الجنة ) . وقال رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) (
سلوا الله لي الوسيلة فإنها أفضل درجة في الجنة لا ينالها إلاّ عبد واحد وأرجوا أن
أكون أنا هو ) .
وقال صاحب اللباب في علوم الكتاب - (6 / 60)
{ يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ اتقوا الله وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة [
وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ ] } ، كأنه قيل : قد عَرَفْتُمْ كمال جَسَارَةِ
اليَهُودِ على المَعَاصِي والذُّنُوب ، وبُعْدهم عن الطَّاعَات الَّتِي هي الوَسَائِلُ
للعبد إلى الرَّبِّ ، فكُونُوا يا أيُّها المُؤمِنُون بالضَّدِّ من ذلك فاتَّقوا
معَاصِي اللَّه ، وتوسَّلُوا إليه بالطَّاعات .
والثاني : أنهم لما قالوا : { نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ } [
المائدة : 18 ] .
أي : أبْنَاء أنبياء الله فكان افتخارهم بأعْمَال آبَائِهِم كأنَّه تعالى
قال : « يا أيها الذين آمنوا [ اتّقوا الله ] ولتكن مفاخرتكم بأعمالكم لا بشرف
آبائكم وأسلافكم ، فاتّقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة » .
قال فى الوسيط لسيد طنطاوي - (1 / 1252)
وقوله : { وابتغوا } من الابتغاء وهو الاجتهاد في طلب الشيء .
و { الوسيلة } على وزن فعيلة بمعنى ما يتوصل به ويتقربي به إلى الله -
تعالى - ، من فعل الطاعات ، واجتناب المعاصي ، مأخوذة من وسل إلى كذا ، أي : تقرب
إليه بشيء . وقيل : الوسيلة الحاجة .
قال الراغب : الوسيلة : التوصل إلى الشيء برغبة ، وهي أخص من الوصيلة ،
لتضمنها معنى الرغبة ، وحقيقة الوسيلة إلى الله مراعاة سبيله بالعلم والعبادة
وتحري مكارم الشريعة ، وهي كالقربة . والواسل : الراغب إلى الله تعالى .
والمعنى : يأيها الذين آمنوا بالحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {
اتقوا الله } أي : خافوه وصونوا أنفسكم عن كل ما لا يرضيه { وابتغوا إِلَيهِ
الوسيلة } : أي : اطلبوا باجتهاد ونشاط الزلفى والقربى إليه عن طريق مداومتكم على
فعل الطاعات ، والتزود من الأعمال الصالحات ، واجتناب المعاصي والمنكرات .
أي : اطلبوا برغبة وشدة ما يقربكم إلى الله من الأعمال الصالحة ، ولا
تتقربوا إلى غيره إلا في ظل طلب رضاه - سبحانه - .
أو : اطلبوا متوجهين إليه - سبحانه - حاجتكم ، فإن بيده مقاليد السموات
والأرض ، ولا تطلبوها متوجهين إلى غيره .
وقد جاء لفظ الوسيلة في الأحاديث النبوية على أنه اسم لأعلى الدرجات في
الجنة ، وهذا المعنى متلاق مع أصل المعنى ، وهو التقرب إلى الله والتوسل إليه وحده
بالطاعات ، لأن من يفعل ذلك ينال من الله - تعالى - أسمى الدرجات .
وقد ساق الإِمام ابن كثير جملة من الأحاديث في هذا المعنى فقال ما ملخصه :
الوسيلة : القربة . كذا قال ابن عباس ومجاهد وأبووائل والحسن وقتادة وغير
واحد .
قال قتادة : أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه .
والوسيلة أيضاً : علم على أعلى منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وداره في الجنة ، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش . وقد ثبت في
صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من قال حين سمع النداء - أي الآذان - : اللهم رب هذه الدعوة التامة ،
والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته
حلت له شفاعتي يوم القيامة " .
وثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم
يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا على ، فإنه من صلى على
صلاة صلى الله عليه بها عشراً ، ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي
إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو . فمن سأل الوسيلة حلت له شفاعتي
" .
والمتأمل في هذه الآية الكريمة يراها قد أرشدت المؤمنين إلى ما يسعدهم بأن
ذكرت لهم ثلاث وسائل وغاية ، أو ثلاث مقدمات ونتيجة .
أما الوسائل الثلاث أو المقدمات الثلاث فهي : تقوى الله ، والتقرب إليه بما
يرضيه ، والجهاد في سبيله . وأما الغاية في أو النتيجة لكل ذلك فهي الفلاح والفوز
والنجاح .
ولو أن المسلمين تمسكوا بهذه الوسائل حق التمسك لو صلوا إلى ما يسعدهم في
دنياهم وفي آخرتهم .
قال الآلوسي ما ملخصه : واستدل بعض الناس بهذه الآية على مشروعية الاستغاثة
بالصالحين ، وجعلهم وسيلة بين الله - تعالى - وبين العباد والقسم على الله - تعالى
- بهم ، بأن يقال : اللهم إنا نقسم عليك بفلان أن تعطينا كذا . ومنهم من يقول للغائب أو للميت من عباد الله الصالحين :
يا فلان ادع الله أن يرزقني كذا وكذا ويزعمون أن ذلك من ابتغاء الوسيلة وكل ذلك
بعيد عن الحق بمراحل .
وقال فى تفسير ابن كثير - (3 / 103)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بتقواه، وهي إذا قرنت بالطاعة كان المراد
بها الانكفاف عن المحارم وترك المنهيات، وقد قال بعدها: { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ } قال سفيان الثوري، حدثنا أبي، عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس: أي
القربة. وكذا قال مجاهد [وعطاء] وأبو وائل، والحسن، وقتادة، وعبد الله بن كثير،
والسدي، وابن زيد.
وقال قتادة: أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه. وقرأ ابن زيد: {
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ }
[الإسراء:57] وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه .
والوسيلة: هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود، والوسيلة أيضًا: علم على
أعلى منزلة في الجنة، وهي منزلة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وداره في الجنة، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش، وقد ثبت
في صحيح البخاري، من طريق محمد بن المُنكَدِر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة
التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودا الذي
وعدته، إلا حَلَّتْ له الشفاعة يوم القيامة".
حديث آخر في صحيح مسلم: من حديث كعب عن علقمة، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن
عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا
سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عَليّ، فإنه من صلى عَليّ صلاة صلى
الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي
إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حَلًّتْ عليه
الشفاعة." [1]
وورد فى تفسير الخازن - (2 / 275)
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله } أي خافوا الله بترك
المنهيات { وابتغوا إليه الوسيلة } يعني واطلبوا إليه القرب بطاعته والعمل بما
يرضي وإنما قلنا ذلك ، لأن مجامع التكاليف محصورة في نوعين لا ثالث لهما . أحد النوعين
: ترك المنهيات وإليه الإشارة بقوله : اتقوا الله . والثاني : التقرب إلى الله
تعالى بالطاعات وإليه الإشارة بقوله : وابتغوا إليه الوسيلة .
وقيل : معنى الوسيلة المحبة أي تحببوا إلى الله عز وجل .
وورد فى تفسير السعدي - (1 / 230)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
هذا أمر من الله لعباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان من تقوى الله والحذر
من سخطه وغضبه، وذلك بأن يجتهد العبد، ويبذل غاية ما يمكنه من المقدور في اجتناب
ما يَسخطه الله، من معاصي القلب واللسان والجوارح، الظاهرة والباطنة. ويستعين
بالله على تركها، لينجو بذلك من سخط الله وعذابه. { وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ } أي: القرب منه، والحظوة لديه، والحب له، وذلك بأداء فرائضه
القلبية، كالحب له وفيه، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل. والبدنية: كالزكاة
والحج. والمركبة من ذلك كالصلاة ونحوها، من أنواع القراءة والذكر، ومن أنواع
الإحسان إلى الخلق بالمال والعلم والجاه، والبدن، والنصح لعباد الله، فكل هذه
الأعمال تقرب إلى الله. ولا يزال العبد يتقرب بها إلى الله حتى يحبه الله، فإذا
أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي
يمشي [بها] ويستجيب الله له الدعاء.
ثم خص تبارك وتعالى من العبادات المقربة إليه، الجهاد في سبيله، وهو: بذل
الجهد في قتال الكافرين بالمال، والنفس، والرأي، واللسان، والسعي في نصر دين الله
بكل ما يقدر عليه العبد، لأن هذا النوع من أجل الطاعات وأفضل القربات.
ولأن من قام به، فهو على القيام بغيره أحرى وأولى { لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ } إذا اتقيتم الله بترك المعاصي، وابتغيتم الوسيلة إلى الله، بفعل
الطاعات، وجاهدتم في سبيله ابتغاء مرضاته.
والفلاح هو الفوز والظفر بكل مطلوب مرغوب، والنجاة من كل مرهوب، فحقيقته
السعادة الأبدية والنعيم المقيم.
وورد فى تفسير السلمي - (1 / 177)
قوله تعالى : ! ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) {
المائدة : ( 35 ) قال جعفر : اطلبوا منه القربة .
قال الواسطي رحمة الله عليه : في أداء الفرائض واجتناب المحارم السلامة من
النار ، والوسيلة : القربة بآداب الإسلام
إلى من وضعها وفرضها .
وقال محمد بن علي في قوله ! ( وابتغوا إليه الوسيلة ) ! قال : هو الرضا
بالقضية والصبر على الرزية والمجاهدة في
سبيله والصبر على عبادته .
وقال ابن عطاء : الوسيلة : القربة بآداب الإسلام وأداء الفرائض لدخول
الجنة والنجاة من النار .
قال فارس : اتقوه واجعلوا تقواكم سببا لقربكم إليه .
قال بعضهم : اتقوا الله في المخالفات ، وابتغوا إليه الوسيلة بالطاعات .
وقال الشعراوى فى الوسيلة فى تفسير الشعراوي - (1 /
2147)
وقوله سبحانه : { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } أي نبحث عن الوُصْلة التي
تُوصّلنا إلى طاعته ورضوانه وإلى محبّته . وهل هناك وسيلة إلا ما شرَّعه الله
سبحانه وتعالى؟ وهل يتقرَّب إنسان إلى أي كائن إلا بما يعلم أنه يُحبّه؟ .
وعلى المستوى البشري نحن نجد من يتساءل : ماذا يُحب فلان؟ فيقال له : فلان
يُحب ربطات العنق؛ فيُهديه عدداً من ربطات العُنق . إذن كل إنسان يتقرّب إلى أي
كائن بما يُحب ، فما بالنا بالتقرب إلى الله؟ . وما يُحبه سبحانه أوضحه لنا في
حديثه القدسي : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ
آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ
مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي
يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا
وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ
اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ
تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ
مَسَاءَتَهُ .[2]
فالحق سبحانه وتعالى يفسح الطريق أمام العبد ، فيقول سبحانه في الحديث
القدسي : « ما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل »
أي أن العبد يتقرب إلى الله بالأمور التي لم يلزمه الحق بها ولكنها من جنس
ما افترضه سبحانه ، فلا ابتكار في العبادات
. إذن
فابتغاء الوسيلة من الله هي طاعته والقيام على المنهج في « افعل » و « لاتفعل » .
وخاض فى كلام كثير إلى أن قال فى آخر الكلام وحتى نخرج من الخلاف . نقول : إن العمل الصالح المتمثل في « افعل كذا » و «
لا تفعل كذا » هو الوسيلة الخالصة .وبذلك نخلص من الخلاف ولا ندخل في متاهات .
قلت محمود : فقد أقر أن الدخول فى التوسل متاهات وبتركه نخرج من هذه
المتاهات .
تفسير الطبري - (10 / 289)
القول في تأويل قوله عز ذكره : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك: يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله فيما
أخبرهم ووعَد من الثواب وأوعدَ من العقاب "اتقوا الله" يقول: أجيبوا
الله فيما أمركم ونهاكم بالطاعة له في ذلك، وحقِّقوا إيمانكم وتصديقكم ربَّكم
ونبيَّكم بالصالح من أعمالكم "وابتغوا إليه الوسيلة"، يقول: واطلبوا
القربة إليه بالعمل بما يرضيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
عن أبي وائل:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة في الأعمال.
عن عطاء:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة.
عن السدي:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة"،
قال: فهي المسألة والقربة.
عن قتادة قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، أي: تقربوا إليه بطاعته
والعملِ بما يرضيه.
عن مجاهد:"وابتغوا إليه الوسيلة"، القربة إلى الله جل وعزّ.
عن الحسن في قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة.
عن عبد الله بن كثير قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: القربة.
قال ابن زيد في قوله:"وابتغوا إليه الوسيلة"، قال: المحبّة،
تحبّبوا إلى الله. وقرأ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى
رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) [سورة الإسراء: 57].
تفسير القرطبي - (6 / 159)
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا
إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} الوسيلة هي القربة عن أبي وائل والحسن ومجاهد وقتادة وعطاء
والسدى وابن زيد وعبدالله بن كثير .
والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها، والوسيلة درجة في الجنة، وهي التي
جاء الحديث الصحيح بها في قوله عليه الصلاة والسلام: "فمن سأل لي الوسيلة حلت
له الشفاعة" .
تفسير النسفي - (1 / 286)
{ يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ اتقوا الله } فلا تؤذوا عباد الله { وابتغوا
إِلَيهِ الوسيلة } هي كل ما يتوسل به أي يتقرب من قرابة أو صنيعة أو غير ذلك ،
فاستعيرت لما يتوسل به إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك السيئات
تنوير المقباس - (1 / 121)
{ اتقوا الله } فيما أمركم { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } الدرجة الرفيعة
ويقال اطلبوا إليه القرب في الدرجات بالأعمال الصالحة
دقائق التفسير - (2 / 47)
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وابتغوا إليه الوسيلة } قال عامة المفسرين كابن عباس ومجاهد وعطاء والفراء الوسيلة
القربة
قال قتادة تقربوا إلى الله بما
يرضيه قال أبو عبيدة توسلت إليه أي تقربت
وقال عبد الرحمن بن زيد تحببوا إلى الله والتحبب والتقرب إليه إنما هو بطاعة رسوله
فالإيمان بالرسول وطاعته هو وسيلة الخلق إلى الله ليس لهم وسيلة يتوسلون بها البتة
إلا الإيمان برسوله وطاعته وليس لأحد من الخلق وسيلة إلى الله تبارك وتعالى إلا
توسله بالإيمان بهذا الرسول الكريم وطاعته وهذه يؤمر بها الإنسان حيث كان من
الأمكنة وفي كل وقت وما خص من العبادات
بمكان كالحج أو زمان كالصوم والجمعة فكل في مكانه وزمانه وليس لنفس الحجرة من داخل
فضلا عن جدارها من خارج اختصاص شيء في شرع العبادات ولا فعل شيء منها فالقرب من
الله أفضل منه بالبعد منه باتفاق المسلمين والمسجد خص بالفضيلة في حياته صلى الله
عليه وسلم قبل وجود القبر فلم تكن فضيلة مسجده لذلك ولا استحب هو صلى الله عليه
وسلم ولا أحد من أصحابه ولا علماء أمته أن يجاور أحد عند قبر ولايعكف عليه لا قبره
المكرم ولا قبر غيره ولا أن يقصد السكنى قريبا من قبر أي قبر كان وسكنى المدينة
النبوية هو أفضل في حق من تتكرر طاعته لله ورسوله فيها أكثر كما كان الأمر لما كان
الناس مأمورين بالهجرة إليها فكانت الهجرة إليها والمقام بها أفضل من جميع البقاع
مكة وغيرها بل كان ذلك واجبا من أعظم الواجبات فلما فتحت مكة قال النبي صلى الله
عليه وسلم
لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية
وكان من اتى من اهل مكة وغيرهم ليهاجر ويسكن المدينة يأمره أن يرجع إلى مدينته ولا
يأمره بسكناها كما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمر الناس عقب الحج أن يذهبوا
إلى بلادهم لئلا يضيقوا على أهل مكة وكان يأمر كثيرا من أصحابه وقت الهجرة أن
يخرجوا إلى أماكن أخرى لولاية مكان وغيره وكانت طاعة الرسول بالسفر إلى غير
المدينة أفضل من المقام عنده بالمدينة حين كانت دار الهجرة فكيف بها بعد ذلك إذ
كان الذي ينفع الناس طاعة الله ورسوله وأما ما سوى ذلك فإنه لا ينفعهم لا قرابة
ولا مجاورة ولا غير ذلك كما ثبت عنه في الحديث الصحيح أنه قال يا فاطمة بنت محمد
لا أغني عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا عباس
عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا وقال صلى الله عليه وسلم إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله
وصالح المؤمنين وقال إن أوليائي المتقون حيث كانوا ومن كانوا
موسوعة الرد على الصوفية - (35 / 85)
وقد قال تعالى : { إن الله يدافع عن الذين آمنوا } فهو تبارك وتعالى يدافع
عن المؤمنين حيث كانوا . فالله هو الدافع والسبب هو الإيمان . وكان النبي صلى الله
عليه وسلم يقول في خطبته : { من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر
إلا نفسه ولن يضر الله شيئا } قال تعالى : { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين
أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا } . وأما ما يظنه بعض الناس من أن البلاء يندفع عن أهل بلد
أو إقليم بمن هو مدفون عندهم من الأنبياء والصالحين كما يظن بعض الناس أنه يندفع
عن أهل بغداد البلاء لقبور ثلاثة : أحمد بن حنبل وبشر الحافي ومنصور بن عمار ويظن
بعضهم أنه يندفع البلاء عن أهل الشام بمن عندهم من قبور الأنبياء الخليل وغيره
عليهم السلام . وبعضهم يظن أنه يندفع البلاء عن أهل مصر بنفيسة أو غيرها . أو
يندفع عن أهل الحجاز بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وأهل البقيع أو غيرهم . فكل
هذا غلو مخالف لدين الإسلام مخالف للكتاب والسنة والإجماع . فالبيت المقدس كان
عنده من قبور الأنبياء والصالحين ما شاء الله فلما عصوا الأنبياء وخالفوا ما أمر
الله به ورسله سلط عليهم من انتقم منهم .
والرسل الموتى ما عليهم إلا البلاغ المبين وقد بلغوا رسالة ربهم . وكذلك نبينا صلى
الله عليه وسلم قال الله تعالى في حقه : { إن عليك إلا البلاغ } وقال تعالى : {
وما على الرسول إلا البلاغ المبين } . وقد ضمن الله لكل من أطاع الرسول أن يهديه
وينصره . فمن خالف أمر الرسول استحق العذاب ولم يغن عنه أحد من الله شيئا . كما {
قال النبي صلى الله عليه وسلم يا عباس عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا . يا
صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت رسول الله لا أغني عنك
من الله شيئا } . وقال صلى الله عليه وسلم لمن ولاه من أصحابه : { لا ألفين أحدكم
يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول : يا رسول الله أغثني . فأقول : لا
أملك لك من الله شيئا قد بلغتك }
زاد المسير - (2 / 206)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
قوله تعالى : { وابتغوا إِليه الوسيلة } في «الوسيلة» قولان .
أحدهما : أنها القربة ، قاله ابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، والفراء . وقال
قتادة : تقربوا إِليه بما يرضيه . قال أبو عبيدة : يقال توسلت إِليه ، أي : تقرّبت
إِليه .
والثاني : المحبة ، يقول : تحببوا إِلى الله ، هذا قول ابن زيد .
فتح القدير للشوكاني - (2 / 305)
{ ابتغوا } اطلبوا { إِلَيْهِ } : لا إلى غيره ، { وَ الوسيلة } فعيلة من
توسلت إليه : إذا تقربت إليه .
فالوسيلة : القربة التي ينبغي أن تطلب ، وبه قال أبو وائل والحسن ومجاهد ،
وقتادة والسدي وابن زيد . وروي عن ابن عباس ، وعطاء ، وعبد الله بن كثير . قال ابن
كثير في تفسيره : وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة ، لا خلاف بين المفسرين فيه .
والوسيلة أيضاً درجة في الجنة مختصة برسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد ثبت في
صحيح البخاري من حديث جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من قال حين
يسمع النداء : اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة
والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته ، إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة »
وفي صحيح مسلم ، من حديث عبد الله بن عمرو ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : « إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا عليّ ، فإنه من صلى عليّ
صلاة صلى الله عليه عشراً ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة ، لا تنبغي
إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه
الشفاعة » وعطف { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } على { ياأيها الذين ءامَنُواْ اتقوا
الله } يفيد أن الوسيلة غير التقوى . وقيل هي التقوى ، لأنها ملاك الأمر ، وكل
الخير ، فتكون الجملة الثانية على هذا مفسرة للجملة الأولى . والظاهر أن الوسيلة :
هي القربة تصدق على التقوى ، وعلى غيرها من خصال الخير التي يتقرب العباد بها إلى
ربهم { وجاهدوا فِى سَبِيلِهِ } من لم يقبل دينه { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن
عباس في قوله : { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } قال : الوسيلة القربة . وأخرج الحاكم
وصححه ، عن حذيفة مثله . وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في
قوله : { وابتغوا إِلَيهِ الوسيلة } قال : تقرّبوا إلى الله بطاعته والعمل بما
يرضيه .
محاسن التأويل (تفسير القاسمي) - ( / 0)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ
الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ 35 ]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا } -أي
اطلبوا - : { إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } أي : القربة - كذا فسَّره ابن عباس ومجاهد
وأبو وائل والحسن وزيد وعطاء والثوري وغير واحد . وقال قتادة : أي : تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه . وقرأ ابن زيد : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } . قال ابن كثير : وهذا الذي قاله
هؤلاء الأئمة , لا خلاف بين المفسرين فيه . وفي " القاموس وشرحه " :
الوسيلة والواسلة , المنزلة عند الملك والدرجة والقربة والوصلة . وقال الجوهري :
الوسيلة , ما يتقرب به إلى الغير . والتوسيل والتوسل الواحد . يقال : وَسَّل إلى
الله تعالى توسيلاً , عمل عملاً تقرب به إليه , كتوسل . و ( إلى ) يجوز أن يتعلق
بـ ( ابتغوا ) وأن يتعلق بـ ( الوسيلة ) .
تنبيه :
ما ذكرناه في تفسير " الوسيلة " هو المعوّل عليه . وقد أوضح
إيضاَحاً لا مزيد عليه , تقي الدين
بن تيمية عليه الرحمة في " كتاب الوسيلة " فرأينا نقل شذرة منه , إذ لا
غنى للمُحَقِّقِ في علم التفسير عنه .
قال رحمه الله بعد مقدّمات :
إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدَ تَبَيَّنَ أَنَّ لَفْظَ " الْوَسِيلَةِ
" وَ " التَّوَسُّلِ فِيهِ إجْمَالٌ وَاشْتِبَاهٌ يَجِبُ أَنْ تُعْرَفَ
مَعَانِيهِ وَيُعْطَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ . فَيُعْرَفُ مَا وَرَدَ بِهِ
الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِنْ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ . وَمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ
الصَّحَابَةُ وَيَفْعَلُونَهُ وَمَعْنَى ذَلِكَ . وَيُعْرَفُ مَا أَحْدَثَهُ
الْمُحْدِثُونَ فِي هَذَا اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ . فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ
اضْطِرَابِ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْ
الْإِجْمَالِ وَالِاشْتِرَاكِ فِي الْأَلْفَاظِ وَمَعَانِيهَا حَتَّى تَجِدَ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْرِفُ فِي هَذَا الْبَابِ فَصْلَ الْخِطَابِ . فَلَفْظُ
الْوَسِيلَةِ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ } وَفِي
قَوْله تَعَالَى { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا
يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا } { أُولَئِكَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ
مَحْذُورًا } . فَالْوَسِيلَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُبْتَغَى إلَيْهِ
وَأَخْبَرَ عَنْ مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ أَنَّهُمْ يَبْتَغُونَهَا إلَيْهِ
هِيَ مَا يُتَقَرَّبُ إلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ والمستحبات فَهَذِهِ
الْوَسِيلَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِابْتِغَائِهَا تَتَنَاوَلُ
كُلَّ وَاجِبٍ وَمُسْتَحَبٍّ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَا مُسْتَحَبٍّ لَا
يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا .
فَالْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ هُوَ مَا شَرَعَهُ الرَّسُولُ فَأَمَرَ بِهِ أَمْرَ
إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ وَأَصْلُ ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ
الرَّسُولُ . فَجِمَاعُ الْوَسِيلَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ
بِابْتِغَائِهَا هُوَ التَّوَسُّلُ إلَيْهِ بِاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ
لَا وَسِيلَةَ لِأَحَدِ إلَى اللَّهِ إلَّا ذَلِكَ . وَالثَّانِي لَفْظُ "
الْوَسِيلَةِ " فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا دَرَجَةٌ فِي
الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدِ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ
أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْعَبْدَ . فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ
عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ } وَقَوْلُهُ { مَنْ قَالَ حِينَ
يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ
وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ
وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ } . فَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً . وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ لَهُ
هَذِهِ الْوَسِيلَةَ وَأَخْبَرَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِعَبْدِ مِنْ عِبَادِ
اللَّهِ وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ
أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَهَا لِلرَّسُولِ وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ سَأَلَ لَهُ هَذِهِ
الْوَسِيلَةَ فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ
الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ فَلَمَّا دَعَوْا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحَقُّوا أَنْ يَدْعُوَ هُوَ لَهُمْ فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ
نَوْعٌ مِنْ الدُّعَاءِ كَمَا قَالَ إنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مَرَّةً صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا.
وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالتَّوَجُّهُ بِهِ فِي كَلَامِ الصَّحَابَةِ فَيُرِيدُونَ بِهِ التَّوَسُّلَ
بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ . وَالتَّوَسُّلُ بِهِ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ
الْمُتَأَخِّرِينَ يُرَادُ بِهِ الْإِقْسَامُ بِهِ وَالسُّؤَالُ بِهِ كَمَا
يُقْسِمُونَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَنْ يَعْتَقِدُونَ
فِيهِ الصَّلَاحَ . وَحِينَئِذٍ فَلَفْظُ التَّوَسُّلِ بِهِ يُرَادُ بِهِ
مَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَيُرَادُ بِهِ مَعْنًى
ثَالِثٌ لَمْ تَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ . فَأَمَّا الْمَعْنَيَانِ الْأَوَّلَانِ -
الصَّحِيحَانِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ : - فَأَحَدُهُمَا هُوَ أَصْلُ
الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَهُوَ التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِطَاعَتِهِ
. وَالثَّانِي دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ : فَهَذَانِ جَائِزَانِ
بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : "
اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا إذَا أَجْدَبْنَا تَوَسَّلْنَا إلَيْك بِنَبِيِّنَا
فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا أَيْ
بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وقَوْله تَعَالَى { وَابْتَغُوا إلَيْهِ الْوَسِيلَةَ }
أَيْ الْقُرْبَةَ إلَيْهِ بِطَاعَتِهِ ؛ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ طَاعَتُهُ قَالَ تَعَالَى
: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } . فَهَذَا التَّوَسُّلُ
الْأَوَّلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ وَهَذَا لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ . وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ - كَمَا قَالَ
عُمَرُ - فَإِنَّهُ تَوَسَّلَ بِدُعَائِهِ لَا بِذَاتِهِ ؛ وَلِهَذَا عَدَلُوا
عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ وَلَوْ كَانَ
التَّوَسُّلُ هُوَ بِذَاتِهِ لَكَانَ هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّوَسُّلِ
بِالْعَبَّاسِ فَلَمَّا عَدَلُوا عَنْ التَّوَسُّلِ بِهِ إلَى التَّوَسُّلِ
بِالْعَبَّاسِ : عُلِمَ أَنَّ مَا يُفْعَلُ فِي حَيَاتِهِ قَدْ تَعَذَّرَ
بِمَوْتِهِ ؛ بِخِلَافِ التَّوَسُّلِ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ بِهِ وَالطَّاعَةُ
لَهُ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ دَائِمًا .
فَلَفْظُ التَّوَسُّلِ يُرَادُ بِهِ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ : - ( أَحَدُهَا
التَّوَسُّلُ بِطَاعَتِهِ فَهَذَا فَرْضٌ لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إلَّا بِهِ . وَ
( الثَّانِي التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَهَذَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ
وَيَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَوَسَّلُونَ بِشَفَاعَتِهِ . وَ ( الثَّالِثُ
التَّوَسُّلُ بِهِ بِمَعْنَى الْإِقْسَامِ عَلَى اللَّهِ بِذَاتِهِ وَالسُّؤَالِ
بِذَاتِهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَمْ تَكُنْ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ فِي
الِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهِ لَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَ مَمَاتِهِ لَا عِنْدَ
قَبْرِهِ وَلَا غَيْرِ قَبْرِهِ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ
الْأَدْعِيَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا يُنْقَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ
فِي أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ مَرْفُوعَةٍ وَمَوْقُوفَةٍ أَوْ عَمَّنْ لَيْسَ قَوْلُهُ
حُجَّةً كَمَا سَنَذْكُرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَهَذَا هُوَ
الَّذِي قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ وَنَهَوْا
عَنْهُ حَيْثُ قَالُوا : لَا يُسْأَلُ بِمَخْلُوقِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ :
أَسْأَلُك بِحَقِّ أَنْبِيَائِك . قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ القدوري فِي كِتَابِهِ
الْكَبِيرِ فِي الْفِقْهِ الْمُسَمَّى بِشَرْحِ الْكَرْخِي فِي بَابِ الْكَرَاهَةِ
: وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ . قَالَ
بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لَا
يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ إلَّا بِهِ . وَأَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ
" بِمَعَاقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك " أَوْ " بِحَقِّ خَلْقِك
" . وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ : بِمَعْقِدِ الْعِزِّ
مِنْ عَرْشِهِ هُوَ اللَّهُ فَلَا أَكْرَهُ هَذَا وَأَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ بِحَقِّ
فُلَانٍ أَوْ بِحَقِّ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك وَبِحَقِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ
وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ . قَالَ
القدوري : الْمَسْأَلَةُ بِخَلْقِهِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْخَلْقِ
عَلَى الْخَالِقِ فَلَا تَجُوزُ وِفَاقًا . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَنَّ
اللَّهَ لَا يُسْأَلُ بِمَخْلُوقِ لَهُ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا هُوَ مُوَافِقٌ
لِسَائِرِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَمْنَعُونَ أَنْ يُقْسِمَ أَحَدٌ
بِالْمَخْلُوقِ فَإِنَّ
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 17
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الموسوعة الفقهية الكويتية الجزء الرابع عشر
د - التّوسّل بالنّبيّ بعد وفاته :
اختلف العلماء في مشروعيّة التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كقول القائل : اللّهمّ إنّي أسألك بنبيّك أو بجاه نبيّك أو بحقّ نبيّك ، على أقوال :
القول الأوّل :
11 - ذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة ومتأخّرو الحنفيّة وهو المذهب عند الحنابلة - إلى جواز هذا النّوع من التّوسّل سواء في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته . قال القسطلانيّ : وقد روي أنّ مالكا لمّا سأله أبو جعفر المنصور العبّاسيّ - ثاني خلفاء بني العبّاس - يا أبا عبد اللّه أأستقبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو ؟ فقال له مالك : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به فيشفّعه اللّه .
وقد روى هذه القصّة أبو الحسن عليّ بن فهر في كتابه " فضائل مالك " بإسناد لا بأس به وأخرجها القاضي عياض في الشّفاء من طريقه عن شيوخ عدّة من ثقات مشايخه .
وقال النّوويّ في بيان آداب زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ثمّ يرجع الزّائر إلى موقف قبالة وجه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيتوسّل به ويستشفع به إلى ربّه ، ومن أحسن ما يقول ( الزّائر ) ما حكاه الماورديّ والقاضي أبو الطّيّب وسائر أصحابنا عن العتبيّ مستحسنين له قال : كنت جالسا عند قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فجاءه أعرابيّ فقال : السّلام عليك يا رسول اللّه . سمعت اللّه تعالى يقول : { وَلو أَنَّهُم إذْ ظَلَمُوا أنْفسَهم جَاءوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لهم الرَّسُولُ لَوَجدُوا اللَّهَ تَوَّابَاً رَحِيمَاً } وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعا بك إلى ربّي . ثمّ أنشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه وطاب من طيبهنّ القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم وقال العزّ بن عبد السّلام : ينبغي كون هذا مقصوراً على النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه سيّد ولد آدم ، وأن لا يقسم على اللّه بغيره من الأنبياء والملائكة الأولياء ، لأنّهم ليسوا في درجته ، وأن يكون ممّا خصّ به تنبيهاً على علوّ رتبته .
وقال السّبكيّ : ويحسن التّوسّل والاستغاثة والتّشفّع بالنّبيّ إلى ربّه .
وفي إعانة الطّالبين : . . . وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربّي . ما تقدّم أقوال المالكيّة والشّافعيّة .
وأمّا الحنابلة فقد قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصّة العتبيّ مع الأعرابيّ : ويستحبّ لمن دخل المسجد أن يقدّم رجله اليمنى . . . إلى أن قال : ثمّ تأتي القبر فتقول . . . وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربّي . . . " . ومثله في الشّرح الكبير .
وأمّا الحنفيّة فقد صرّح متأخّروهم أيضاً بجواز التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم .
قال الكمال بن الهمام في فتح القدير : ثمّ يقول في موقفه : السّلام عليك يا رسول اللّه . . . ويسأل اللّه تعالى حاجته متوسّلا إلى اللّه بحضرة نبيّه عليه الصلاة والسلام .
وقال صاحب الاختيار فيما يقال عند زيارة النّبيّ صلى الله عليه وسلم . . . جئناك من بلاد شاسعة . . . والاستشفاع بك إلى ربّنا . . . ثمّ يقول : مستشفعين بنبيّك إليك .
ومثله في مراقي الفلاح والطّحاويّ على الدّرّ المختار والفتاوى الهنديّة .
ونصّ هؤلاء : عند زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم اللّهمّ . . . وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيّك إليك . وقال الشّوكانيّ : ويتوسّل إلى اللّه بأنبيائه والصّالحين . وقد استدلّوا لما ذهبوا إليه بما يأتي :
أ - قوله تعالى : { وَابْتَغُوا إليه الوَسِيلةَ } .
ب - حديث الأعمى المتقدّم وفيه : « اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة » . فقد توجّه الأعمى في دعائه بالنّبيّ عليه الصلاة والسلام أي بذاته .
ج - « قوله صلى الله عليه وسلم في الدّعاء لفاطمة بنت أسد : اغفر لأمّي فاطمة بنت أسد ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الّذين من قبلي فإنّك أرحم الرّاحمين » .
د - توسّل آدم بنبيّنا محمّد عليهما الصلاة والسلام : روى البيهقيّ في " دلائل النّبوّة " والحاكم وصحّحه عن عمر بن الخطّاب قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي فقال اللّه تعالى : يا آدم كيف عرفت محمّدا ولم أخلقه ؟ قال : يا ربّ إنّك لمّا خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه فعلمت أنّك لم تضف إلى اسمك إلا أحبّ الخلق إليك ، فقال اللّه تعالى : صدقت يا آدم ، إنّه لأحبّ الخلق إليّ ، وإذ سألتني بحقّه فقد غفرت لك ، ولولا محمّد ما خلقتك » .
هـ – حديث الرّجل الّذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفّان رضي الله عنه : روى الطّبرانيّ والبيهقيّ « أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفّان رضي الله عنه في زمن خلافته ، فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه في حاجته ، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف ، فقال له : ائت الميضأة فتوضّأ ، ثمّ ائت المسجد فصلّ ، ثمّ قل : اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك فيقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك ، فانطلق الرّجل فصنع ذلك ثمّ أتى باب عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، فجاء البوّاب فأخذ بيده ، فأدخله على عثمان رضي الله عنه فأجلسه معه وقال له : اذكر حاجتك ، فذكر حاجته فقضاها له ، ثمّ قال : ما لك من حاجة فاذكرها ثمّ خرج من عنده فلقي ابن حنيف فقال له : جزاك اللّه خيرا ما كان ينظر لحاجتي حتّى كلّمته لي ، فقال ابن حنيف ، واللّه ما كلّمته ولكن « شهدت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره » .
إلى آخر حديث الأعمى المتقدّم .
قال المباركفوري : قال الشّيخ عبد الغنيّ في إنجاح الحاجة : ذكر شيخنا عابد السّنديّ في رسالته والحديث - حديث الأعمى - يدلّ على جواز التّوسّل والاستشفاع بذاته المكرّم في حياته ، وأمّا بعد مماته فقد روى الطّبرانيّ في الكبير عن عثمان بن حنيف أنّ رجلا كان يختلف إلى عثمان . . إلى آخر الحديث .
وقال الشّوكانيّ في تحفة الذّاكرين : وفي الحديث دليل على جواز التّوسّل برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى اللّه عزّ وجلّ مع اعتقاد أنّ الفاعل هو اللّه سبحانه وتعالى وأنّه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن
د - التّوسّل بالنّبيّ بعد وفاته :
اختلف العلماء في مشروعيّة التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كقول القائل : اللّهمّ إنّي أسألك بنبيّك أو بجاه نبيّك أو بحقّ نبيّك ، على أقوال :
القول الأوّل :
11 - ذهب جمهور الفقهاء - المالكيّة والشّافعيّة ومتأخّرو الحنفيّة وهو المذهب عند الحنابلة - إلى جواز هذا النّوع من التّوسّل سواء في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته . قال القسطلانيّ : وقد روي أنّ مالكا لمّا سأله أبو جعفر المنصور العبّاسيّ - ثاني خلفاء بني العبّاس - يا أبا عبد اللّه أأستقبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو ؟ فقال له مالك : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به فيشفّعه اللّه .
وقد روى هذه القصّة أبو الحسن عليّ بن فهر في كتابه " فضائل مالك " بإسناد لا بأس به وأخرجها القاضي عياض في الشّفاء من طريقه عن شيوخ عدّة من ثقات مشايخه .
وقال النّوويّ في بيان آداب زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ثمّ يرجع الزّائر إلى موقف قبالة وجه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيتوسّل به ويستشفع به إلى ربّه ، ومن أحسن ما يقول ( الزّائر ) ما حكاه الماورديّ والقاضي أبو الطّيّب وسائر أصحابنا عن العتبيّ مستحسنين له قال : كنت جالسا عند قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فجاءه أعرابيّ فقال : السّلام عليك يا رسول اللّه . سمعت اللّه تعالى يقول : { وَلو أَنَّهُم إذْ ظَلَمُوا أنْفسَهم جَاءوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لهم الرَّسُولُ لَوَجدُوا اللَّهَ تَوَّابَاً رَحِيمَاً } وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعا بك إلى ربّي . ثمّ أنشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه وطاب من طيبهنّ القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم وقال العزّ بن عبد السّلام : ينبغي كون هذا مقصوراً على النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنّه سيّد ولد آدم ، وأن لا يقسم على اللّه بغيره من الأنبياء والملائكة الأولياء ، لأنّهم ليسوا في درجته ، وأن يكون ممّا خصّ به تنبيهاً على علوّ رتبته .
وقال السّبكيّ : ويحسن التّوسّل والاستغاثة والتّشفّع بالنّبيّ إلى ربّه .
وفي إعانة الطّالبين : . . . وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربّي . ما تقدّم أقوال المالكيّة والشّافعيّة .
وأمّا الحنابلة فقد قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصّة العتبيّ مع الأعرابيّ : ويستحبّ لمن دخل المسجد أن يقدّم رجله اليمنى . . . إلى أن قال : ثمّ تأتي القبر فتقول . . . وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعا بك إلى ربّي . . . " . ومثله في الشّرح الكبير .
وأمّا الحنفيّة فقد صرّح متأخّروهم أيضاً بجواز التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم .
قال الكمال بن الهمام في فتح القدير : ثمّ يقول في موقفه : السّلام عليك يا رسول اللّه . . . ويسأل اللّه تعالى حاجته متوسّلا إلى اللّه بحضرة نبيّه عليه الصلاة والسلام .
وقال صاحب الاختيار فيما يقال عند زيارة النّبيّ صلى الله عليه وسلم . . . جئناك من بلاد شاسعة . . . والاستشفاع بك إلى ربّنا . . . ثمّ يقول : مستشفعين بنبيّك إليك .
ومثله في مراقي الفلاح والطّحاويّ على الدّرّ المختار والفتاوى الهنديّة .
ونصّ هؤلاء : عند زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم اللّهمّ . . . وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيّك إليك . وقال الشّوكانيّ : ويتوسّل إلى اللّه بأنبيائه والصّالحين . وقد استدلّوا لما ذهبوا إليه بما يأتي :
أ - قوله تعالى : { وَابْتَغُوا إليه الوَسِيلةَ } .
ب - حديث الأعمى المتقدّم وفيه : « اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة » . فقد توجّه الأعمى في دعائه بالنّبيّ عليه الصلاة والسلام أي بذاته .
ج - « قوله صلى الله عليه وسلم في الدّعاء لفاطمة بنت أسد : اغفر لأمّي فاطمة بنت أسد ووسّع عليها مدخلها بحقّ نبيّك والأنبياء الّذين من قبلي فإنّك أرحم الرّاحمين » .
د - توسّل آدم بنبيّنا محمّد عليهما الصلاة والسلام : روى البيهقيّ في " دلائل النّبوّة " والحاكم وصحّحه عن عمر بن الخطّاب قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « لمّا اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي فقال اللّه تعالى : يا آدم كيف عرفت محمّدا ولم أخلقه ؟ قال : يا ربّ إنّك لمّا خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه فعلمت أنّك لم تضف إلى اسمك إلا أحبّ الخلق إليك ، فقال اللّه تعالى : صدقت يا آدم ، إنّه لأحبّ الخلق إليّ ، وإذ سألتني بحقّه فقد غفرت لك ، ولولا محمّد ما خلقتك » .
هـ – حديث الرّجل الّذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفّان رضي الله عنه : روى الطّبرانيّ والبيهقيّ « أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفّان رضي الله عنه في زمن خلافته ، فكان لا يلتفت ولا ينظر إليه في حاجته ، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف ، فقال له : ائت الميضأة فتوضّأ ، ثمّ ائت المسجد فصلّ ، ثمّ قل : اللّهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرّحمة يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك فيقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك ، فانطلق الرّجل فصنع ذلك ثمّ أتى باب عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، فجاء البوّاب فأخذ بيده ، فأدخله على عثمان رضي الله عنه فأجلسه معه وقال له : اذكر حاجتك ، فذكر حاجته فقضاها له ، ثمّ قال : ما لك من حاجة فاذكرها ثمّ خرج من عنده فلقي ابن حنيف فقال له : جزاك اللّه خيرا ما كان ينظر لحاجتي حتّى كلّمته لي ، فقال ابن حنيف ، واللّه ما كلّمته ولكن « شهدت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره » .
إلى آخر حديث الأعمى المتقدّم .
قال المباركفوري : قال الشّيخ عبد الغنيّ في إنجاح الحاجة : ذكر شيخنا عابد السّنديّ في رسالته والحديث - حديث الأعمى - يدلّ على جواز التّوسّل والاستشفاع بذاته المكرّم في حياته ، وأمّا بعد مماته فقد روى الطّبرانيّ في الكبير عن عثمان بن حنيف أنّ رجلا كان يختلف إلى عثمان . . إلى آخر الحديث .
وقال الشّوكانيّ في تحفة الذّاكرين : وفي الحديث دليل على جواز التّوسّل برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى اللّه عزّ وجلّ مع اعتقاد أنّ الفاعل هو اللّه سبحانه وتعالى وأنّه المعطي المانع ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 18
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الأخ الفاضل النورابى أرسلت لك
هذا الرد سابقا فلما لم تجيبنى
أجبنى أولا
الأخ الفاضل
المحترم النورابى
أولا : جزاك الله خيرا
ثانيا : ما
هى الأفكار المسمومة ؟
فأنا
لم آتيك بأفكار أيها الحبيب ولكن أتيتك بما صح
من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلم فهل صار ما صح من
الكتاب والسنة أفكارا مسمومة أيها
الحبيب النورابى .
وأتيتك
بما بُعث به النبى صلى الله عليه وسلم من
التوحيد الخالص الذى يجب علينا وعلى كل
مسلم خاصة آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم
أن يحافظوا عليه . فإن لم يحافظ آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم على ما بعث به النبى صلى الله عليه وسلم فمن يحافظ
بالله عليك ؟ ألست تتفق معى أن آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم أولى بذلك من
غيرهم . أم
أنهم يكونوا إماما للمخالفين
.
ثالثا : قولك
نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس
لك مكان بيننا
فأعتقد أنك لاترضى أن تكون هذه أخلاق
بيت النبوة لأن الله عز وجل قال ( إنما المؤمنون إخوة ) فهل
تنكر هذا أعتقد جازما أنك لا تنكره . وهذه دعوة لا تنبغى من آل بيت النبوة أن
يعايروا المسلمين بشرفهم وانتسابهم للدوحة النبوية .
ولماذا لا يكون للمسلم مكان بين
آل بيت النبى صلى الله عليه وآله وصحبه
وسلم .
إن طرده آل البيت فمن يسعه يا
حبيب ! هل نُقل عن آل البيت أنهم لا
يسعون المسلمون بينهم ؟ لا حول
ولا قوة إلا بالله . إنا لله وإنا إليه راجعون .
والأخ أشرف ماضى حفظه الله ورعاه
يؤيد ما ورد بعدم جواز التوسل فلماذا لم تقل له أنه ليس له مكان
هو الآخر ؟ فهل يا ترى لو أننى كنت من آل البيت فهل ستسمح لى بمكان بينكم يا حبيب .
رابعا : قولك تركنا لك منتدى انسابكم
عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم على ال البيت فأقول لك أنك تركت منتدى أنسابكم وذلك
لأنك لم تواجه الحجة بالحجة والدليل بالدليل وظهرت لك الحقيقة التى
لا تستطيع أن تواجهها وهى صحيح القرآن والسنة .
وأقسم لك بالله أننا نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وصحبه وسلم ونتقرب بحبهم لله . فلا ترمينا بما ليس فينا . فإنك لم تعلم ما
فى قلوبنا . فإن ما فى القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب .
وقد يكون لنا نسب متصل بآل البيت
ونحن لا نعلمه .
خامسا : قولك وانت طبعا تعرف لما
نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب وانسابنا وليس انساب
احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض
ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده فأقسم لك بالله أنا لا أعرف لماذا
تتكلمون عن الأنساب .
ولكن هذا شأنكم أن تتكلموا بما
شئتم فى الأنساب . فهذا علمكم . ونحن نتكلم بما نعلم .
فهذا باختصار شديد ما أردت أن
أبينه لك أيها الحبيب النورابى .
وأقول لك أن الدين النصيحة
والمؤمنون إخوة
ولذا فنحن نتناصح ولسنا نقاتل ولسنا
نتنابز فإن كان الحق معك اتبعناك وإن كان الحق معنا فأنت
بالخيار إن شئت قبلت وإن شئت لا تقبل .
نريدها كلمة خالصة لوجه الله تعالى .
لا نريد جدالا ولا نريد قتالا ولا
نريد سبابا ولا نريد شقاقا
دعوها فإنها منتنة
أخوكم ومحبكم فى الله
طالب العفو الربانى
محمود بن محمدى العجوانى
أرجو منك أيها الحبيب النورابى الرد على هذه
الرسالة التى أرسلتها لك ردا عليك .
وإن شاء الله سنكمل لك الرد على كا ما تريد فى
موضوع التوسل سائلين الله عز وجل أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه
هذا الرد سابقا فلما لم تجيبنى
أجبنى أولا
الأخ الفاضل
المحترم النورابى
أولا : جزاك الله خيرا
ثانيا : ما
هى الأفكار المسمومة ؟
فأنا
لم آتيك بأفكار أيها الحبيب ولكن أتيتك بما صح
من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلم فهل صار ما صح من
الكتاب والسنة أفكارا مسمومة أيها
الحبيب النورابى .
وأتيتك
بما بُعث به النبى صلى الله عليه وسلم من
التوحيد الخالص الذى يجب علينا وعلى كل
مسلم خاصة آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم
أن يحافظوا عليه . فإن لم يحافظ آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم على ما بعث به النبى صلى الله عليه وسلم فمن يحافظ
بالله عليك ؟ ألست تتفق معى أن آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم أولى بذلك من
غيرهم . أم
أنهم يكونوا إماما للمخالفين
.
ثالثا : قولك
نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس
لك مكان بيننا
فأعتقد أنك لاترضى أن تكون هذه أخلاق
بيت النبوة لأن الله عز وجل قال ( إنما المؤمنون إخوة ) فهل
تنكر هذا أعتقد جازما أنك لا تنكره . وهذه دعوة لا تنبغى من آل بيت النبوة أن
يعايروا المسلمين بشرفهم وانتسابهم للدوحة النبوية .
ولماذا لا يكون للمسلم مكان بين
آل بيت النبى صلى الله عليه وآله وصحبه
وسلم .
إن طرده آل البيت فمن يسعه يا
حبيب ! هل نُقل عن آل البيت أنهم لا
يسعون المسلمون بينهم ؟ لا حول
ولا قوة إلا بالله . إنا لله وإنا إليه راجعون .
والأخ أشرف ماضى حفظه الله ورعاه
يؤيد ما ورد بعدم جواز التوسل فلماذا لم تقل له أنه ليس له مكان
هو الآخر ؟ فهل يا ترى لو أننى كنت من آل البيت فهل ستسمح لى بمكان بينكم يا حبيب .
رابعا : قولك تركنا لك منتدى انسابكم
عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم على ال البيت فأقول لك أنك تركت منتدى أنسابكم وذلك
لأنك لم تواجه الحجة بالحجة والدليل بالدليل وظهرت لك الحقيقة التى
لا تستطيع أن تواجهها وهى صحيح القرآن والسنة .
وأقسم لك بالله أننا نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وصحبه وسلم ونتقرب بحبهم لله . فلا ترمينا بما ليس فينا . فإنك لم تعلم ما
فى قلوبنا . فإن ما فى القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب .
وقد يكون لنا نسب متصل بآل البيت
ونحن لا نعلمه .
خامسا : قولك وانت طبعا تعرف لما
نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب وانسابنا وليس انساب
احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض
ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده فأقسم لك بالله أنا لا أعرف لماذا
تتكلمون عن الأنساب .
ولكن هذا شأنكم أن تتكلموا بما
شئتم فى الأنساب . فهذا علمكم . ونحن نتكلم بما نعلم .
فهذا باختصار شديد ما أردت أن
أبينه لك أيها الحبيب النورابى .
وأقول لك أن الدين النصيحة
والمؤمنون إخوة
ولذا فنحن نتناصح ولسنا نقاتل ولسنا
نتنابز فإن كان الحق معك اتبعناك وإن كان الحق معنا فأنت
بالخيار إن شئت قبلت وإن شئت لا تقبل .
نريدها كلمة خالصة لوجه الله تعالى .
لا نريد جدالا ولا نريد قتالا ولا
نريد سبابا ولا نريد شقاقا
دعوها فإنها منتنة
أخوكم ومحبكم فى الله
طالب العفو الربانى
محمود بن محمدى العجوانى
أرجو منك أيها الحبيب النورابى الرد على هذه
الرسالة التى أرسلتها لك ردا عليك .
وإن شاء الله سنكمل لك الرد على كا ما تريد فى
موضوع التوسل سائلين الله عز وجل أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 19
إلى الشريف النورابى أرجو الإجابة
إلى السادة إدارة المنتدى الكرام حفظهم الله ورعاهم أرسلت هذه الرسالة إلى الأخ الشريف النورابى فأرجو منه اإجابة
الأخ الفاضل النورابى أرسلت لك
هذا الرد سابقا فلما لم تجيبنى
أجبنى أولا
الأخ الفاضل
المحترم النورابى
أولا : جزاك الله خيرا
ثانيا : ما
هى الأفكار المسمومة ؟
فأنا
لم آتيك بأفكار أيها الحبيب ولكن أتيتك بما صح
من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلم فهل صار ما صح من
الكتاب والسنة أفكارا مسمومة أيها
الحبيب النورابى .
وأتيتك
بما بُعث به النبى صلى الله عليه وسلم من
التوحيد الخالص الذى يجب علينا وعلى كل
مسلم خاصة آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم
أن يحافظوا عليه . فإن لم يحافظ آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم على ما بعث به النبى صلى الله عليه وسلم فمن يحافظ
بالله عليك ؟ ألست تتفق معى أن آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم أولى بذلك من
غيرهم . أم
أنهم يكونوا إماما للمخالفين
.
ثالثا : قولك
نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس
لك مكان بيننا
فأعتقد أنك لاترضى أن تكون هذه أخلاق
بيت النبوة لأن الله عز وجل قال ( إنما المؤمنون إخوة ) فهل
تنكر هذا أعتقد جازما أنك لا تنكره . وهذه دعوة لا تنبغى من آل بيت النبوة أن
يعايروا المسلمين بشرفهم وانتسابهم للدوحة النبوية .
ولماذا لا يكون للمسلم مكان بين
آل بيت النبى صلى الله عليه وآله وصحبه
وسلم .
إن طرده آل البيت فمن يسعه يا
حبيب ! هل نُقل عن آل البيت أنهم لا
يسعون المسلمون بينهم ؟ لا حول
ولا قوة إلا بالله . إنا لله وإنا إليه راجعون .
والأخ أشرف ماضى حفظه الله ورعاه
يؤيد ما ورد بعدم جواز التوسل فلماذا لم تقل له أنه ليس له مكان
هو الآخر ؟ فهل يا ترى لو أننى كنت من آل البيت فهل ستسمح لى بمكان بينكم يا حبيب .
رابعا : قولك تركنا لك منتدى انسابكم
عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم على ال البيت فأقول لك أنك تركت منتدى أنسابكم وذلك
لأنك لم تواجه الحجة بالحجة والدليل بالدليل وظهرت لك الحقيقة التى
لا تستطيع أن تواجهها وهى صحيح القرآن والسنة .
وأقسم لك بالله أننا نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وصحبه وسلم ونتقرب بحبهم لله . فلا ترمينا بما ليس فينا . فإنك لم تعلم ما
فى قلوبنا . فإن ما فى القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب .
وقد يكون لنا نسب متصل بآل البيت
ونحن لا نعلمه .
خامسا : قولك وانت طبعا تعرف لما
نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب وانسابنا وليس انساب
احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض
ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده فأقسم لك بالله أنا لا أعرف لماذا
تتكلمون عن الأنساب .
ولكن هذا شأنكم أن تتكلموا بما
شئتم فى الأنساب . فهذا علمكم . ونحن نتكلم بما نعلم .
فهذا باختصار شديد ما أردت أن
أبينه لك أيها الحبيب النورابى .
وأقول لك أن الدين النصيحة
والمؤمنون إخوة
ولذا فنحن نتناصح ولسنا نقاتل ولسنا
نتنابز فإن كان الحق معك اتبعناك وإن كان الحق معنا فأنت
بالخيار إن شئت قبلت وإن شئت لا تقبل .
نريدها كلمة خالصة لوجه الله تعالى .
لا نريد جدالا ولا نريد قتالا ولا
نريد سبابا ولا نريد شقاقا
دعوها فإنها منتنة
أخوكم ومحبكم فى الله
طالب العفو الربانى
محمود بن محمدى العجوانى
أرجو منك أيها الحبيب النورابى الرد على هذه
الرسالة التى أرسلتها لك ردا عليك .
وإن شاء الله سنكمل لك الرد على كا ما تريد فى
موضوع التوسل سائلين الله عز وجل أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه
الأخ الفاضل النورابى أرسلت لك
هذا الرد سابقا فلما لم تجيبنى
أجبنى أولا
الأخ الفاضل
المحترم النورابى
أولا : جزاك الله خيرا
ثانيا : ما
هى الأفكار المسمومة ؟
فأنا
لم آتيك بأفكار أيها الحبيب ولكن أتيتك بما صح
من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى
الله عليه وآله وصحبه وسلم فهل صار ما صح من
الكتاب والسنة أفكارا مسمومة أيها
الحبيب النورابى .
وأتيتك
بما بُعث به النبى صلى الله عليه وسلم من
التوحيد الخالص الذى يجب علينا وعلى كل
مسلم خاصة آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم
أن يحافظوا عليه . فإن لم يحافظ آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم على ما بعث به النبى صلى الله عليه وسلم فمن يحافظ
بالله عليك ؟ ألست تتفق معى أن آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم أولى بذلك من
غيرهم . أم
أنهم يكونوا إماما للمخالفين
.
ثالثا : قولك
نحن هنا ابناء عمومه واخوة وانت ليس
لك مكان بيننا
فأعتقد أنك لاترضى أن تكون هذه أخلاق
بيت النبوة لأن الله عز وجل قال ( إنما المؤمنون إخوة ) فهل
تنكر هذا أعتقد جازما أنك لا تنكره . وهذه دعوة لا تنبغى من آل بيت النبوة أن
يعايروا المسلمين بشرفهم وانتسابهم للدوحة النبوية .
ولماذا لا يكون للمسلم مكان بين
آل بيت النبى صلى الله عليه وآله وصحبه
وسلم .
إن طرده آل البيت فمن يسعه يا
حبيب ! هل نُقل عن آل البيت أنهم لا
يسعون المسلمون بينهم ؟ لا حول
ولا قوة إلا بالله . إنا لله وإنا إليه راجعون .
والأخ أشرف ماضى حفظه الله ورعاه
يؤيد ما ورد بعدم جواز التوسل فلماذا لم تقل له أنه ليس له مكان
هو الآخر ؟ فهل يا ترى لو أننى كنت من آل البيت فهل ستسمح لى بمكان بينكم يا حبيب .
رابعا : قولك تركنا لك منتدى انسابكم
عندما ظهرت حقيقه فكركم وحقدكم على ال البيت فأقول لك أنك تركت منتدى أنسابكم وذلك
لأنك لم تواجه الحجة بالحجة والدليل بالدليل وظهرت لك الحقيقة التى
لا تستطيع أن تواجهها وهى صحيح القرآن والسنة .
وأقسم لك بالله أننا نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه
وآله وصحبه وسلم ونتقرب بحبهم لله . فلا ترمينا بما ليس فينا . فإنك لم تعلم ما
فى قلوبنا . فإن ما فى القلوب لا يعلمه إلا علام الغيوب .
وقد يكون لنا نسب متصل بآل البيت
ونحن لا نعلمه .
خامسا : قولك وانت طبعا تعرف لما
نحن اخى الفاضل نتكلم عن الانساب وانسابنا وليس انساب
احد اخر وكلنا يعرف بعضنا البعض
ونحن ابناء بيت واحد ورجل واحد وام واحده فأقسم لك بالله أنا لا أعرف لماذا
تتكلمون عن الأنساب .
ولكن هذا شأنكم أن تتكلموا بما
شئتم فى الأنساب . فهذا علمكم . ونحن نتكلم بما نعلم .
فهذا باختصار شديد ما أردت أن
أبينه لك أيها الحبيب النورابى .
وأقول لك أن الدين النصيحة
والمؤمنون إخوة
ولذا فنحن نتناصح ولسنا نقاتل ولسنا
نتنابز فإن كان الحق معك اتبعناك وإن كان الحق معنا فأنت
بالخيار إن شئت قبلت وإن شئت لا تقبل .
نريدها كلمة خالصة لوجه الله تعالى .
لا نريد جدالا ولا نريد قتالا ولا
نريد سبابا ولا نريد شقاقا
دعوها فإنها منتنة
أخوكم ومحبكم فى الله
طالب العفو الربانى
محمود بن محمدى العجوانى
أرجو منك أيها الحبيب النورابى الرد على هذه
الرسالة التى أرسلتها لك ردا عليك .
وإن شاء الله سنكمل لك الرد على كا ما تريد فى
موضوع التوسل سائلين الله عز وجل أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 20
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الاخ محمد العجوانى لارد لك عندى سوى الذى قلته
ولكن لى سؤال لماذا منتديات الاشراف تحبوا ان تخترقوها
ولكن لى سؤال لماذا منتديات الاشراف تحبوا ان تخترقوها
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] اصول الفكر الوهابي -اصول الفكر الوهابى للفرقه الوهابيه اصل معلن واصل خفى.. اما الاصل المعلن، فهو: اخلاص التوحيد للّه، ومحاربه الشرك والاوثان. ولكن ليس لهذا الاصل ما يصدقه من واقع الحركه الوهابيه كما سترى. واما الاصل الخفى، فهو: تمزيق المسلمين واثاره الفتن والحروب فيما بينهم خدمه للمستعمر الغربى. وهذا هو المحور الذى دارت حوله جهود الوهابيه منذ نشاتها وحتى اليوم.. فهو الاصل الحقيقى الذى سخر له الاصل المعلن من اجل اغواء البسطاء وعوام الناس. فلا شك ان شعار (اخلاص التوحيد ومحاربه الشرك) شعار جذاب سيندفع تحته اتباعهم بكل حماس، وهم لا يشعرون انه ذريعه لتحقيق الاصل الخفى. ولقد اثبت المحققون فى تاريخ الوهابيه ان هذه الدعوه قد انشئت فى الاصل بامر مباشر من وزاره المستعمرات البريطانيه. انظر مثلا: (اعمده الاستعمار) لخيرى حماد، و(تاريخ نجد) لسنت جون فيلبى او عبداللّه فيلبى، و(مذكرات حاييم وايزمن) اول رئيس وزراء للكيان الصهيونى، و(مذكرات مستر همفر)، و(الوهابيه نقد وتحليل) للدكتور همايون همتى. |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] |
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 21
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
يا سماح الوجوه نظره
يا سماح الوجوه نظره ..... ياحمـــاتــى تـداركـونــى
والله إنـى لكــم محــب ..... وعبــد رقِ فأكـرمــونــى
أمـا كفاكـم أنــى محب ..... حتى إلى الغير تحوجونى
عـارٌ عليكم ألا تجيروا ..... صبـاً أتـاكـم باكـى العيونِ
بالله إن مـت فـى هواكم ..... بـدمــع عيـنى فغسـلـونــى
فـى حبكم أرجـو الوصال ..... ذنــوب قلـبى قـد أثقلـونـى
إلى النبى أصب وجدى ..... يا ســادتـى هيـا اضمنونى
يـوم القيـامة أتى الشفيع ..... إليــه هيــا فقــدمـــونــــى
على دربهم نادى المنادى ..... فإن أســـأت فســامحـونـى
على حبهم لا أخشى لائم ..... أهـل الحنـان هم عودونى
كل الجمال والحسن فيه ..... على دربهم نظرت عيونى
ياسـماح الوجــوه نظـره ..... يـا حمـاتـــى تـداركـونــى
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
http://www.4shared.com/file/179319648/f405dd89/__000.html</A>
يا سماح الوجوه نظره ..... ياحمـــاتــى تـداركـونــى
والله إنـى لكــم محــب ..... وعبــد رقِ فأكـرمــونــى
أمـا كفاكـم أنــى محب ..... حتى إلى الغير تحوجونى
عـارٌ عليكم ألا تجيروا ..... صبـاً أتـاكـم باكـى العيونِ
بالله إن مـت فـى هواكم ..... بـدمــع عيـنى فغسـلـونــى
فـى حبكم أرجـو الوصال ..... ذنــوب قلـبى قـد أثقلـونـى
إلى النبى أصب وجدى ..... يا ســادتـى هيـا اضمنونى
يـوم القيـامة أتى الشفيع ..... إليــه هيــا فقــدمـــونــــى
على دربهم نادى المنادى ..... فإن أســـأت فســامحـونـى
على حبهم لا أخشى لائم ..... أهـل الحنـان هم عودونى
كل الجمال والحسن فيه ..... على دربهم نظرت عيونى
ياسـماح الوجــوه نظـره ..... يـا حمـاتـــى تـداركـونــى
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
http://www.4shared.com/file/179319648/f405dd89/__000.html</A>
الدعم الفني- الدعم الفني
- عدد الرسائل : 48
تقييم القراء : 0
النشاط : 5859
تاريخ التسجيل : 06/05/2009
- مساهمة رقم 22
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
محمود محمدى العجوانى كتب:إلى السادة إدارة المنتدى الكرام حفظهم الله ورعاهم أرسلت هذه الرسالة إلى الأخ الشريف النورابى فأرجو منه اإجابة
الأخ الفاضل محمود محمدي العجواني
الإدارة ليس لها أن تجبر أحدا على المشاركة أو الأجابة على أسئلة الأعضاء , سواء كانوا أعضاء أو مشرفين , فهذا من قبيل الحرية الشخصية , يجيب أو لا يجيب , هذا الأمر راجع له , هو الذي يقرر إن كان يريد الأجابة أم لا.
مع خالص التقدير ,,
محمود محمدى العجوانى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 367
البلد : مصر
العمل : صاحب شركة سياحة
الهوايات : الدعوة إلى الله
تقييم القراء : 3
النشاط : 6698
تاريخ التسجيل : 10/04/2010
- مساهمة رقم 23
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
شكرا للإدارة الموقرة على الإهتمام وسرعة الرد
جزاكم الله حبرا
جزاكم الله حبرا
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 24
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
صنف الحافظ ابن حجر العسقلاني هذه الفتاوى، فقال:
افترق الناس فيه شيعا:
فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك، كقوله: إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية، وإنه مستو على العرش بذاته.
ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله: إن النبي (ص) لا يستغاث به.
ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي: إنه كان مخذولا حيثما توجه، وإنه حاول الخلافة مرارا فلم ينلها،وإنه قاتل للرئاسة لا للديانة. ولقوله: إنه كان يحب الرئاسة وإن عثمان كان يحب المال. ولقوله: علي أسلم صبيا والصبي لا يصح إسلامه، وبكلامه في خطبة بنت أبي جهل فإنه شنع في ذلك فألزموه بالنفاق لقوله (ص): " ولا يبغضك إلا منافق ".
ونسبه قوم إلى أنه كان يسعى في الإمامة الكبرى، فإنه كان يلهج بذكر ابن تومرت ويطريه. (الدرر الكامنة 1: 155)
وهذه أقوال متعددة بتعدد آرائه..
وأجمل القول فيه ابن حجر في " الفتاوى الحديثية " فقال:
ابن تيمية عبد خذله الله وأضله وأعماه وأصمه وأذله..
وبذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله.. ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي، وولده التاج، والشيخ الإمام العز بن جماعة، وأهل عصره وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية..
قال: والحاصل أن لا يقام لكلامه وزن، وأن يرمى في كل وعر وحزن.. ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال مضل غال، عامله
الله بعدله، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله، آمين.
(الفتاوى الحديثية: 86)
افترق الناس فيه شيعا:
فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك، كقوله: إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقية، وإنه مستو على العرش بذاته.
ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله: إن النبي (ص) لا يستغاث به.
ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي: إنه كان مخذولا حيثما توجه، وإنه حاول الخلافة مرارا فلم ينلها،وإنه قاتل للرئاسة لا للديانة. ولقوله: إنه كان يحب الرئاسة وإن عثمان كان يحب المال. ولقوله: علي أسلم صبيا والصبي لا يصح إسلامه، وبكلامه في خطبة بنت أبي جهل فإنه شنع في ذلك فألزموه بالنفاق لقوله (ص): " ولا يبغضك إلا منافق ".
ونسبه قوم إلى أنه كان يسعى في الإمامة الكبرى، فإنه كان يلهج بذكر ابن تومرت ويطريه. (الدرر الكامنة 1: 155)
وهذه أقوال متعددة بتعدد آرائه..
وأجمل القول فيه ابن حجر في " الفتاوى الحديثية " فقال:
ابن تيمية عبد خذله الله وأضله وأعماه وأصمه وأذله..
وبذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله.. ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي، وولده التاج، والشيخ الإمام العز بن جماعة، وأهل عصره وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية..
قال: والحاصل أن لا يقام لكلامه وزن، وأن يرمى في كل وعر وحزن.. ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال مضل غال، عامله
الله بعدله، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله، آمين.
(الفتاوى الحديثية: 86)
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 25
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
أخي في الله
اعتدنا في مشايخ الفكر القبوري المغلق ( الوهابي ) أنهم بلاحكمة وبلارحمة يقفون عند الصورة والشكل والمظهر في العبادات والمعاملات ويغفلون عن المضمون والحقيقة والجوهر...
وعندما يكرمنا الله بشيخ من تلك البيئة القاسية في عقله حكمة وفي قلبه رحمة رسول الله بعباد الله...أمثال الدكتور سلمان العودة ( حفظه الله )
فإن علماء الوهابية الذين نزع الله الرحمة من قلوبهم أحفاد أبي جهل يرجمونه بالحجارة ويكفرونه على ماجرت عليه العادة !!!
والسؤال الأهم :
ماهي ثمرة الفكر الوهابي الذي ولد قبل مئتي عام
إما صادق في تبنيه الفكر الوهابي متمسك بصورة الدين يكفر عباد الله وتكون نتيجته ( إرهابي )
أو منافق فاسق يقول مالايفعل
الفكر الوهابي مات حيث ولد
وقد تبرأ اليوم منه أهله
باستثناء بعض الحمقى الذين ينازعون في الرمق الأخير...
الحوار مفتوح مع الإخوة الوهابية
بالعقل والحكمة والرحمة
نحن لسنا ضدكم جملة وتفصيلا
نحن نقدر حفظكم لصورة الدين وندعوكم للجمع بين الصورة والمضمون وبين المظهر والجوهر ...
هذا رأيي الشخصي والموضوع مفتوح
للحوار الهادف والبناء
بدون سب أو شتم أوقذف أو تكفير
والله من وراء القصد
والله الموفق والميسر والمسهل والمساعد
اعتدنا في مشايخ الفكر القبوري المغلق ( الوهابي ) أنهم بلاحكمة وبلارحمة يقفون عند الصورة والشكل والمظهر في العبادات والمعاملات ويغفلون عن المضمون والحقيقة والجوهر...
وعندما يكرمنا الله بشيخ من تلك البيئة القاسية في عقله حكمة وفي قلبه رحمة رسول الله بعباد الله...أمثال الدكتور سلمان العودة ( حفظه الله )
فإن علماء الوهابية الذين نزع الله الرحمة من قلوبهم أحفاد أبي جهل يرجمونه بالحجارة ويكفرونه على ماجرت عليه العادة !!!
والسؤال الأهم :
ماهي ثمرة الفكر الوهابي الذي ولد قبل مئتي عام
إما صادق في تبنيه الفكر الوهابي متمسك بصورة الدين يكفر عباد الله وتكون نتيجته ( إرهابي )
أو منافق فاسق يقول مالايفعل
الفكر الوهابي مات حيث ولد
وقد تبرأ اليوم منه أهله
باستثناء بعض الحمقى الذين ينازعون في الرمق الأخير...
الحوار مفتوح مع الإخوة الوهابية
بالعقل والحكمة والرحمة
نحن لسنا ضدكم جملة وتفصيلا
نحن نقدر حفظكم لصورة الدين وندعوكم للجمع بين الصورة والمضمون وبين المظهر والجوهر ...
هذا رأيي الشخصي والموضوع مفتوح
للحوار الهادف والبناء
بدون سب أو شتم أوقذف أو تكفير
والله من وراء القصد
والله الموفق والميسر والمسهل والمساعد
النورابى- عضو فعال
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 175
البلد : مصر المؤمنه باهل الله
العمل : باحث انساب
الهوايات : الاطلاع
تقييم القراء : 10
النشاط : 6216
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
- مساهمة رقم 26
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
خواطري الشخصية عن الفرقة الوهابية
خواطري الشخصية عن السلفية بصفتي ايضاً وهابي تائب من مذهب الوهابية التكفيري اطلعت على الكثير من جرائم القوم قبل أن يمن الله على العبد الفقير بالشفاء من هذا المذهب الأثم.
وقد تطابقت خواطري مع الواقع المرير الذي يعيشه العالم الإسلامي في هذه الحقبة من ضعف وتمزيق لوحدتها وخير عبارة تعبر عن هذا الحال كمال قال الشيخ الغزالي.
فالسلفية الحديثة - بحسب الشيخ محمد الغزالي - تعاني من مساوئ منهجية كبيرة في خلفيتها الفكرية وبرامجها العملية جاء تحت عنوان "السلفية التي نعرف" في كتابه "هموم داعية":
"كان سلفنا أقلَّ عددا وأفقرَ مالا ويحيا على أرض قفر معزولة عن الحضارات الإنسانية الكبرى فكيف نجح وساد على حين أخفقنا وتخلفنا؟ في اعتقادي أن الثقافات المسمومة التي نتناولها والأحوال المعوجّة التي ألفناها هي التي أزرت بنا ... لماذا تحيون الخصومات العلمية القديمة؟ كانت هذه الخصومات ودولة الإسلام ممدودة السلطة، خفيفة الضرر، إنكم اليوم تجددونها ودولة الإسلام ضعيفة بل لا دولة له فلِمَ تعيدونها جَذَعة وتسكبون عليها من النفط ما يزيدها ضراما؟!".
فالملاحظ أن السلفية في عصرنا الحالي قد حادوا كثيرا عن منهج الإسلام الصحيح ومنهج سلفنا الصالح فأصبح شغلهم الشاغل إحياء مذهبهم والمحاربة من أجل رموزهم الدينية فابتعدوا عن الخط الديني المحدد.
وتعدوا في أقوالهم الخط الأخلاقي الإسلامي في رمي مخالفيهم بأبشع العبارات والجمل ويجبرون أهل الإسلام على اعتناق أفكارهم للانضمام إلى الطائفة الناجية على حسب تعبيرهم وفهمهم المغلوط.
فجعلوا أنفسهم مثل بابوات الفاتيكان وأعطوا الحق لأنفسهم بتملك وتوزيع صكوك الغفران على العباد وتملكوا مفاتيح الجنة يدخلونها هم وأتباعهم فقط والباقي في نار جهنم والعياذ بالله
بل وصورا الحياة الدنيا بأنها حياه للتشدد والتعصب والفتن فقط فتبنت جماعة السلفية أراء إن صح القول فهي آراء غريبة تدعو للريبة فترى عقولهم مولعة لتحريم كل شئ حتى أقل ذكرى للمسلمين لإحياء الضمائر والقلوب أصبحت في منهج السلفية من البدع.
(والامثلة كثيرة وسنكتفي بالاشارة إلى مثال)
ابتداء من الانتخابات في الدول الإسلامية والأحزاب التي بنظرهم هي بدعه تستوجب القصاص لانها تقود للشرك.
بل فنرى رسالة شيخهم مقبل بن هادي الوادعي
"الصواعق في تحريم الملاعق"
وهو تلميذ أكابر مشايخ الوهابية السلفية مثل ابن باز وابن عثيمين والألباني..
قد جعل من مجهوده وأعماله أداء لتحريم كل مظهر يفيد أهل الإسلام
ولا نعلم سر إهدار الوقت في تأليف كتيب ينشر ويباع لمحاربه المعالق ..
والأعجب هو قول مفتي المملكة السعودية بتحريم التليفونات الخلوية التي تحتوي على كاميرا..
ولا عجب إذا وجدنا يوما رسالة أو كتاب
بعنوان (القنابل النووية في تحريم الموبايلات الخلوية)
أو كتاب بعنوان
( الصواريخ الكيميائية في تحريم الأجهزة الكهربائية)
أو كتاب أخر بعنوان
( القول الأخير في تحريم النوم على السرير)
والأعجب تحريم الأناشيد الدينية الخالية حتى من الإيقاع فنرى الفوزان شيخ السلفية
يسميها بالبدعة والسبب هذه التسمية غير صحيحة و هي تسمية حادثة فليس هناك ما يسمى بالأناشيد الإسلامية في كتب السلف هذه التسمية لا صحة لها وعليه فلا يجوز اتخاذ هذه الأناشيد و ترويجها بين الناس
وكما معلوم فالأناشيد هي شعر ونثر يلقي وكتابات يلقيها المنشد فتأخذ اسم نشيد فما علاقة هذا بالمحدثات والضلالة..
وهل كان الشعر لا يلقي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين؟؟
ونرى الشيخ المنجد السلفي يصف تحيه العلم فيقول هذه التحية إذا قصد بها احترام تلك الخشبة وما عليها من الْخِرَقِ والأقمشة
فإن هذا لا يجوز لأنه احترام وتعظيم لهذا الجماد .
ولا نعلم كيف يعظم الجماد والخشبة والعلم.؟
وقوله وأَمَّا نشيد الوطن فإذا لم يكن فيه غُلُوٌّ ولا إطراءٌ زائدٌ ، وإنما فيه مدح مناسب ،
فلا بأس به
ولا نعلم كيف الغلو في نشيد الوطن هل سيجعل النشيد الوطن رب يعبد والعياذ بالله..
وفي يوم ميلاد الهادي عليه الصلاة والسلام تنطلق الرسائل الخلوية التي تكلف القوم الكثير ويقوم السلفية بتكريس جهودهم وطبع كتيبات ومجلدات وإنشاء مواقع عنكبوتية لذم هذه الاحتفالات وترى السيديهات تطرح وكل هذا بالمجان.
وما بال القوم يحاربون الله ورسوله بدون أن يشعرون فهذا اليوم يوم ميلاد سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام
وليس ميلاد ابو لهب وابو جهل وفرعون والعياذ بالله..
لماذا هذه الحرب في ظل ضعف الأمة وابتعادها عن هدي الهادي عليه الصلاة والسلام أليست هذه فرصة لجمع كلمه المسلمين..
أليست هذه فرصة فرصه للتعريف بمنهج السراج المنير عليه الصلاة والسلام..
أليست هذه فرصة لكتابات بعض أهل الغرب المعتدلون عن يوم ميلاد البشير النذير عليه الصلاة والسلام..
فنرى كتيبات تجمع أراء مشايخ السلفية تحمل أسماء سخيفة
( بدعه الاحتفال بالمولد النبوي الشريف)
( التحذير من إحياء ذكري مولد النبي)
ولا نعلم يكف يجمع الكاتب بين لفظ تحذير ثم يتبعه بكلمه إحياء ميلاد النبي صلي الله عليه وسلم
الا يستحي عند كتابتة هذا العنوان من الله ورسوله
وفي محاربة المخالفين نراهم بارعين..
فلا احترام للخلاف ولا آداب الخلاف المتفق عليها منذ العصور الأولى الإسلامية بل في حقبة رسول الله صلي الله عليه وسلم فالمرجع للجميع هو كتاب الله وسنة رسوله ولذلك لا خصومة بين أهل القبلة
وأمثلة الاختلاف كثيرة في الإسلام ولكن يأبى السلفيون أن يعترفوا بها ويخضعون لإحكام الاختلاف وأدبه فقد أختلف الصحابة ( في صلاة العصر في قريظة, ومصير أهل بدر)
وأختلف من بعدهم في مسائل العول والكلالة وعدة الحامل المتوفي عنها زوجها وزواج المتعة والطلاق الثلاث بلفظ واحد والجهر بالبسملة بل اختلفوا في حركة الأصبع في التشهد والخ الخ
بل ونرى السلفية يعطون لأنفسهم الحق في إخراج من قال لا اله الا الله محمد رسول الله من منهج أهل السنة والجماعة ويحكمون عليه بالفسق والفجور والابتداع..
ولا يبعد عن أذهاننا فتوى ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله والتي تنص على أن الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري والإمام النووي شارح صحيح مسلم ليسوا من أهل السنة والجماعة في الصفات..
بل تجرأ عليهم المدخلي شيخ السلفية في اليمن بان قال إن ما عندهم أخطاء دول عندهم بدع..
بل نرى فتوى الألباني في بدعه تقليد المذاهب فمن تمذهب بمذهب للائمة الأربعة فهذا من البدع المنكرة
فمن حفظ لنا هذا الدين ومن نقله من الائمة الأجلاء أصبحوا خارج أهل السنة والجماعة ومبتدعة
بكلمه تقال من مشايخ معاصرون لا يبلغون ذرة في قدر علمهم ..
ولا يبلغون قمة تحصيلهم وفهمهم لنصوص القرآن والسنة..
فمن أين أتوا بهذه الأقوال
والأدهى أن أتباع السلفية يأخذون بأقوالهم..
ولا نعلم أين العقول لمن اتبع هذه الأقوال المعاصرة وكيف استوعبتها أنفسهم وتمكنت منهم علي هذا النحو الغريب...
ولا نعلم من نقل لنا هذا الدين خلال 1500 غير هؤلاء..
الذين بدعهم وأخرجهم السلفية من دائرة أهل السنة والجماعة
بل ترى إن أتباع السلفية لا يعرفون غير مشايخ السلفية وأقوالهم مقدسة دوماً وابداً وكأن الإسلام لم ينجب علماء علي مر هذه العصور الطويلة
فلو سألت سلفي عن شيخ مشايخ الهند ما عرف اسمه ولا قدر علمه
وإذا سألته عن الأزهر لقال لك أشعري مبتدع
وان قلت له الألباني رحمه الله لقال أعلم أهل الأرض في الحديث بخاري العصر.
فأين ذهب باقي العلماء المعاصرين له الذين افنوا عمرهم في العلم وتحصيله فقد غاب عن هؤلاء أن العالم الإسلامي خصب بالعلماء والدين ليس حكر على احد فالبخاري هو إمام واحد ولم يأتي بعده بخاري اخر
وأهل الفقه والعقيدة والحديث كثيرون والحمد لله من جميع البقاع الإسلامية فالإسلام ليس حكراً على احد وعلومه ليست فقط لمن ادعى السلفية
وبدلا من توجيه سهام السلفية تجاه أعداء الدين نري سهامهم تطلق وبغزاره تجاه أمة الإسلام فلا عجب لضعف الأمة بسبب هذه الأعمال..
فكيف يكون للمسلمين العزة والسلفية يرمون قائد المسلمين في وقته والمشهود له بالصلاح قاهر الصلبين ومحرر الأقصى صلاح الدين الايوبي بالابتداع والجهل وفساد العقيدة لانه كان يتبع جمهور أمة الإسلام والسواد الأعظم من المسلمين فكان صوفي أشعري العقيدة..
والقائد المسلم أمير المؤمنين فاتح القسطنطينيه التي بشر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بفتحها وقال نعم الأمير والجيش
أمير المؤمنين محمد الفاتح كان ماتريدي صوفي وغيره من المجاهدين عمر المختار قاهر الايطاليين الصوفي الأشعري العقيدة
احمد عرابي قائد الجهاد ضد الانجليز في مصر صوفي أشعري العقيدة
الإمام عبد القادر الجزائري صوفي اشعري العقيدة..
وإذا كان المقام يسمح لعددنا أبطال الإسلام الذين لا يخرجون عن الأشاعرة والصوفية أو اعتماد الحكام المسلمين علي أهل الله من الصوفيه..
( ولا فرق بين الاشاعرة والماتريدية)
وبدلا من الحث على حب آل البيت والصحابة وزرع ذلك في النفوس
نري فتوى تخرج من ابي اسحاق الحويني بان قول كرم الله وجهه لقب سيدنا علي كرم الله وجهه هي من البدع وبدع الشيعة بالاخص..
ولا يجوز إطلاقها على الإمام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه
ولا نعلم هل اطلع الشيخ الحويني على كتب العلماء فقد أطلقها في حق الإمام علي جل علماء الأمة الإسلامية وبل نرى في كتب الإمام البخاري وغيره قول عليه السلام وكرم الله وجهه..
ولا نعلم لماذا التقليل من قدر آل البيت بحجة محاربة الشيعة وغيرهم..
والعجب العجاب أن ترى السلفي متبع اعمى لا يعلم غير أسماء سمعها وزرعت في عقله فلا يعلم سواها فكل من لم ينتمي للتيار السلفي فهو مبتدع فاسق بل وأحياناً مشرك ملحد
وإذا ظهر احد الدعاة أو المشايخ وعرفه الناس ولم يزكيه مشايخ السلفية أصبح من زمرة المتبدعة بين أفراد طائفة السلفية
بل وفي منهج الطائفة السلفية تختلط المفاهيم فمن كان بالأمس في مجالس اللهو وأصبح من زمرة السلفية اليوم يحق له بعد ثلاثة اشهر
إنتقاد العلماء والرد عليهم
إطلاق الفتاوى من تحريم وتحليل
تبديع وتفسيق وتكفير المخالف لمنهجه
شرح العقيدة التي هي من أسمي العلوم
وبهذا يحوذ على قلوب السلفية ويصبح من المقربين.
ويحصل على صك الغفران مع التعهد بدخول الجنة
بل هناك أسئلة تدور وتجول في راسي بحكم أني كنت اتبع يوما ما طائفة الوهابية السلفية ..
1-نري كتيبات لبعض أدعياء السلفية في الاتوبيسات وعلى الأرصفة بأسعار تكاد تكون مجانية تحارب جميع المسلمين المخالفين لمذهبهم
2-الأشرطة التي تباع في الاتوبيسات لنشر مذهبهم وإطلاق سهامهم على المخالفين بأسعار لم نرى لها مثيل فهل أقل من سعر تكلفتها بكثير فمن الممول والمستفيد
3-المجلدات الفاخرة التي تحمل عقيدتهم وتحارب مخالفيهم وترمي من اختلف معهم خارج نطاق أهل السنة والجماعة..
وبل في بعض الأحيان الحكم عليه بالشرك الأكبر والعياذ بالله..
فهي تباع بأسعار رمزيه لا تثمر عن ربح حتى لدور نشرها وموزعيها..فمن الممول ومن المستفيد
4-القنوات الفضائية التي يصرف عليها بالملايين كيف ظهرت بكثرة ومن مولها ويطل علينا منها فقط مشايخ السلفية ويرمون غيرهم بل والأزهر الشريف بالابتداع والفسق والبعد عن جوهر هذا الدين..فمن الممول ومن المستفيد
5-المواقع الالكترونية الكبيرة التي يصرف عليها بالالوف بل بالملايين..
ووضع كل ما هو ضد غيرهم من المخالفين ومحاربتهم وإطلاق علي كل أفعالهم كل ما يشين والدعوة لمنهجهم والتعريف بمشايخهم.
فمن الممول ومن المستفيد
ولماذا هذه الحرب على مخالفيهم وتكريس الجهد وجمع الإمكانيات لمحاربة من قال لا اله الا الله محمد رسول الله على الملا هكذا مما يعطي ذريعة لأهل الكفر والإلحاد في تكمله التمزيق للأمة الإسلامية تابعين آثار السلفية وداعميها..
لماذا لا نرى هذه الأموال تصرف في أوجه شرعية نظيفة في عمل قنوات تهدف إلى توحيد المسلمين وعدم تفرقهم..
إلى الدعوة إلى حب النبي العظيم صلى الله عليه وسلم..
إلىبيان سماحة ووسطية هذا الدين والدعوة برفق
إلى نبذ كل ما يشين الإسلام والمسلمين.
لماذا لا تصرف هذه الأموال لإنشاء قنوات عالمية بلغات حية تنقل سماحة الإسلام وتعرف بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم
لماذا لا تصرف هذه الأموال في أوجه الجهاد الشرعي ولمساعدة أهل فلسطين ونيجيريا والسودان وافغانستان وكشمير وغيرها من بلاد المسلمين
لماذا لا تصرف هذه الأموال لايواء المسلمين الذين يعيشون في الشوارع وننتقد في حالهم فقط الحكومات والرؤساء وكان دورنا أصبح الحديث والانتقاد..
والسلفية تصرف الملايين والمليارات في إعلان الحروب علي المخالفين.
فنجد مبررات السلفية على هذا أن محاربة البدع واجب..
أي بدع إخواننا السلفيين.
أتسمون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعه وتصرفون الملايين على نشر كتب تحذر منه وتقومون ببث البرامج المكلفة وإنشاء المواقع للتحذير التي تتكلف الكثير والكثير وتتركون تابعي محمد صلى الله عليه وسلم في الشوارع ملقون لا يجدون لقمه تقوي أجسادهم...
وتتركون إخواننا في أهوال الحروب بدعم لا يتعدى الملاليم وتدعمون هذه الأعمال بالملايين.
فاي حديث هذا الذي به تقولون فاتقوا الله في أهل لا اله الا الله محمد رسول الله
تحاربون الاجتماع للذكر وتقولون انه بدعة وتصرفون الأموال لنشر الكتيبات والسيديهات وإنشاء المواقع وتتركون اجتماع أهل الكفر والإلحاد على استباحة دماء إخواننا فتجتمع أجساد أخواننا موتى ممزقة تحت ويلات قصف أحفاد صهيون ومن جراء الجوع والعطش والقتل والتدمير ونراكم تقولون الدعاء وهو بحق مفيد ولكن أين الملايين التي صرفتموها على محاربة الاجتماع لذكر الله عز وجل أليس اجتماع أجساد إخواننا الشهداء يتطلب صرف هذه الملايين..؟
تحاربون أولياء الله فنرى الشرائط والسيديهات التي توزع مجانا والمواقع والبرامج يصرف عليها بالملايين
وليس عنا ببعيد الشيخ الحبيب علي الجفري حفظه الله...
والشرائط التي تنشر سماحه هذا الدين تلقي في صناديق القمامة لانها لا تجد لها ممول يعتني بنشرها ولا يبغي الربح ابتغاء وجه مرضات الله العظيم.
فقنوات محاربة المخالفين التابعة للطائفة السلفية التي يصرف عليها الملايين منتشرة وكثيرة أما قنوات نشر الإسلام وسماحته والتعريف بنبينا فتكاد تكون معدومة...
فأين أموالكم لخدمه هذا الدين؟؟
فلا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم
بل ترى أن السلفية المعاصرة هي فكر خصب لإنتاج الإرهاب والأمثلة على ذلك كثيرة
1-جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي ومحمد بن عبد الله القحطاني الذين قاموا باحتلال الحرم المكي الشريف هم طلبه للشيخ ابن باز ومقبل الوادعي
2-محمد يسرى ياسين على منفذ عمليه التحرير ومخطط لها ولعملية تفجيرات الأزهر من المتواجدون دائما في محاضرات الشيخ فوزي السعيد وابو الاسحاق الحويني..( ولا ينتمي لاي تنظيم)
3- الشيخ جابر السلفي صاحب الحرب العشواء في منطقه إمبابة في مصر لإقامة دوله إسلاميه مستقلة عن مصر وكانت النتائج ضحايا وقتل وتدمير وإحراق في وسط المدنيين
وهو من سامعي وحاضري محاضرات مشايخ السلفية في جوامع التوحيد وأنصار السنة وغيرها
4-الجماعة السلفية في الجزائر وما أدت إليه من إراقة دماء الأبرياء من أهل الجزائر الشقيقة وهي من تابعي الأفكار السلفية وخاصا لمشايخ السلفية الكبار مثل الألباني وابن باز وغيرهم رحمهم الله
5-الجماعة السلفية الجهادية في المغرب العربي
6-القاعدة وما يقوم به بعض أتباع السلفية من قتل المسلمين واستباحة دماء المستأمنين وتدمير وحرق ونهب وخطف ما ذنب الأبرياء في الدول الإسلاميه وما المبرر لاستباحة دمائهم؟
7-الذين قتلوا مخرج فيلم الرسالة مصطفي العقاد ماذا قدموا للإسلام؟
8-والتي قبض عليها وهي ترتدي فستان سهره لتفجيره في نفس الموقع في عرس يحوي أطفال ونساء من نطق لسانه بالشهادة في عمان.( ما سبب تعريها وإظهار جسدها لقتل من نطق لسانه بالشهادة)
9- مفجري أبراج نيويورك وإطلاق اسم الغزوة عليها هي ومنهاتن ومدريد ولندن ماذا قدموا للإسلام؟
10- غلق المدارس الإسلامية والجامعات في بلاد الغرب لما تحتويه المناهج السلفية من إحتقار للإنسانية بل والدعوى إلى تكفير طوائف المسلمين المخالفة فماذا سيفعلون بغير المسلمين..
وغيرها الكثير من الأمثلة.
بل والانشقاق الذي بثوه بين الأمة الإسلامية بل وبين أنفسهم من تقديسهم مشايخهم وهي جميعا تهم يتهمون بها أهل السنة والجماعة فسبحان الله فقد وقعوا في محاربة أنفسهم جراء ما اتهموا به غيرهم فنرى
أن السلفية بمنهجها المتعصب أدت إلى تمزيق الأمة الإسلامية بل وتمزقوا إلى طوائف متحاربة متصارعة
فكل مذهب سلفي لا يعترف بالأخر ويكفره ويبدعه فظهرت مخازيهم الخاصة التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين والإسلام منه برئ
وكل طائفة تبدع الأخرى بل يرمي بعضهم البعض بالشرك
وكل طائفة لا تأخذ من غيرها
وهناك حرب ضروس بينهم علي صفحات الانترنت وموقع اليوتوب هداهم الله ومن أهم طوائفهم
1- الجامية نسبة إلى محمد أمان الجامي
2- المدخلية نسبة إلى ربيع المدخلي
3- السرورية نسبة إلى محمد بن سرور
4- الألبانية نسبة إلى الألباني
5- الحدادية نسبة إلي محمود الحداد
6- الحربية فالح بن نافع الحرب
7- الوادعية نسبة إلى مقبل بن هادي الوادعي
8- الهلالية نسبة إلى سليم الهلالي
9- البازيه نسبة إلى ابن باز
وسيخرج لنا في الأيام القادمة فرز جديد
يسمي الحوينيه نسبة الحويني
والعثيمينية نسبة إلى ابن عثيمين
وغيرهم
رحماك يا ربي
ومن أجمل ما وجدت موضوع للدكتور اسامه محمود الذي ينقل هذه الرؤيه وقد اوردته مختصرا فيقول
خواطري الشخصية عن السلفية بصفتي ايضاً وهابي تائب من مذهب الوهابية التكفيري اطلعت على الكثير من جرائم القوم قبل أن يمن الله على العبد الفقير بالشفاء من هذا المذهب الأثم.
وقد تطابقت خواطري مع الواقع المرير الذي يعيشه العالم الإسلامي في هذه الحقبة من ضعف وتمزيق لوحدتها وخير عبارة تعبر عن هذا الحال كمال قال الشيخ الغزالي.
فالسلفية الحديثة - بحسب الشيخ محمد الغزالي - تعاني من مساوئ منهجية كبيرة في خلفيتها الفكرية وبرامجها العملية جاء تحت عنوان "السلفية التي نعرف" في كتابه "هموم داعية":
"كان سلفنا أقلَّ عددا وأفقرَ مالا ويحيا على أرض قفر معزولة عن الحضارات الإنسانية الكبرى فكيف نجح وساد على حين أخفقنا وتخلفنا؟ في اعتقادي أن الثقافات المسمومة التي نتناولها والأحوال المعوجّة التي ألفناها هي التي أزرت بنا ... لماذا تحيون الخصومات العلمية القديمة؟ كانت هذه الخصومات ودولة الإسلام ممدودة السلطة، خفيفة الضرر، إنكم اليوم تجددونها ودولة الإسلام ضعيفة بل لا دولة له فلِمَ تعيدونها جَذَعة وتسكبون عليها من النفط ما يزيدها ضراما؟!".
فالملاحظ أن السلفية في عصرنا الحالي قد حادوا كثيرا عن منهج الإسلام الصحيح ومنهج سلفنا الصالح فأصبح شغلهم الشاغل إحياء مذهبهم والمحاربة من أجل رموزهم الدينية فابتعدوا عن الخط الديني المحدد.
وتعدوا في أقوالهم الخط الأخلاقي الإسلامي في رمي مخالفيهم بأبشع العبارات والجمل ويجبرون أهل الإسلام على اعتناق أفكارهم للانضمام إلى الطائفة الناجية على حسب تعبيرهم وفهمهم المغلوط.
فجعلوا أنفسهم مثل بابوات الفاتيكان وأعطوا الحق لأنفسهم بتملك وتوزيع صكوك الغفران على العباد وتملكوا مفاتيح الجنة يدخلونها هم وأتباعهم فقط والباقي في نار جهنم والعياذ بالله
بل وصورا الحياة الدنيا بأنها حياه للتشدد والتعصب والفتن فقط فتبنت جماعة السلفية أراء إن صح القول فهي آراء غريبة تدعو للريبة فترى عقولهم مولعة لتحريم كل شئ حتى أقل ذكرى للمسلمين لإحياء الضمائر والقلوب أصبحت في منهج السلفية من البدع.
(والامثلة كثيرة وسنكتفي بالاشارة إلى مثال)
ابتداء من الانتخابات في الدول الإسلامية والأحزاب التي بنظرهم هي بدعه تستوجب القصاص لانها تقود للشرك.
بل فنرى رسالة شيخهم مقبل بن هادي الوادعي
"الصواعق في تحريم الملاعق"
وهو تلميذ أكابر مشايخ الوهابية السلفية مثل ابن باز وابن عثيمين والألباني..
قد جعل من مجهوده وأعماله أداء لتحريم كل مظهر يفيد أهل الإسلام
ولا نعلم سر إهدار الوقت في تأليف كتيب ينشر ويباع لمحاربه المعالق ..
والأعجب هو قول مفتي المملكة السعودية بتحريم التليفونات الخلوية التي تحتوي على كاميرا..
ولا عجب إذا وجدنا يوما رسالة أو كتاب
بعنوان (القنابل النووية في تحريم الموبايلات الخلوية)
أو كتاب بعنوان
( الصواريخ الكيميائية في تحريم الأجهزة الكهربائية)
أو كتاب أخر بعنوان
( القول الأخير في تحريم النوم على السرير)
والأعجب تحريم الأناشيد الدينية الخالية حتى من الإيقاع فنرى الفوزان شيخ السلفية
يسميها بالبدعة والسبب هذه التسمية غير صحيحة و هي تسمية حادثة فليس هناك ما يسمى بالأناشيد الإسلامية في كتب السلف هذه التسمية لا صحة لها وعليه فلا يجوز اتخاذ هذه الأناشيد و ترويجها بين الناس
وكما معلوم فالأناشيد هي شعر ونثر يلقي وكتابات يلقيها المنشد فتأخذ اسم نشيد فما علاقة هذا بالمحدثات والضلالة..
وهل كان الشعر لا يلقي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين؟؟
ونرى الشيخ المنجد السلفي يصف تحيه العلم فيقول هذه التحية إذا قصد بها احترام تلك الخشبة وما عليها من الْخِرَقِ والأقمشة
فإن هذا لا يجوز لأنه احترام وتعظيم لهذا الجماد .
ولا نعلم كيف يعظم الجماد والخشبة والعلم.؟
وقوله وأَمَّا نشيد الوطن فإذا لم يكن فيه غُلُوٌّ ولا إطراءٌ زائدٌ ، وإنما فيه مدح مناسب ،
فلا بأس به
ولا نعلم كيف الغلو في نشيد الوطن هل سيجعل النشيد الوطن رب يعبد والعياذ بالله..
وفي يوم ميلاد الهادي عليه الصلاة والسلام تنطلق الرسائل الخلوية التي تكلف القوم الكثير ويقوم السلفية بتكريس جهودهم وطبع كتيبات ومجلدات وإنشاء مواقع عنكبوتية لذم هذه الاحتفالات وترى السيديهات تطرح وكل هذا بالمجان.
وما بال القوم يحاربون الله ورسوله بدون أن يشعرون فهذا اليوم يوم ميلاد سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام
وليس ميلاد ابو لهب وابو جهل وفرعون والعياذ بالله..
لماذا هذه الحرب في ظل ضعف الأمة وابتعادها عن هدي الهادي عليه الصلاة والسلام أليست هذه فرصة لجمع كلمه المسلمين..
أليست هذه فرصة فرصه للتعريف بمنهج السراج المنير عليه الصلاة والسلام..
أليست هذه فرصة لكتابات بعض أهل الغرب المعتدلون عن يوم ميلاد البشير النذير عليه الصلاة والسلام..
فنرى كتيبات تجمع أراء مشايخ السلفية تحمل أسماء سخيفة
( بدعه الاحتفال بالمولد النبوي الشريف)
( التحذير من إحياء ذكري مولد النبي)
ولا نعلم يكف يجمع الكاتب بين لفظ تحذير ثم يتبعه بكلمه إحياء ميلاد النبي صلي الله عليه وسلم
الا يستحي عند كتابتة هذا العنوان من الله ورسوله
وفي محاربة المخالفين نراهم بارعين..
فلا احترام للخلاف ولا آداب الخلاف المتفق عليها منذ العصور الأولى الإسلامية بل في حقبة رسول الله صلي الله عليه وسلم فالمرجع للجميع هو كتاب الله وسنة رسوله ولذلك لا خصومة بين أهل القبلة
وأمثلة الاختلاف كثيرة في الإسلام ولكن يأبى السلفيون أن يعترفوا بها ويخضعون لإحكام الاختلاف وأدبه فقد أختلف الصحابة ( في صلاة العصر في قريظة, ومصير أهل بدر)
وأختلف من بعدهم في مسائل العول والكلالة وعدة الحامل المتوفي عنها زوجها وزواج المتعة والطلاق الثلاث بلفظ واحد والجهر بالبسملة بل اختلفوا في حركة الأصبع في التشهد والخ الخ
بل ونرى السلفية يعطون لأنفسهم الحق في إخراج من قال لا اله الا الله محمد رسول الله من منهج أهل السنة والجماعة ويحكمون عليه بالفسق والفجور والابتداع..
ولا يبعد عن أذهاننا فتوى ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله والتي تنص على أن الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري والإمام النووي شارح صحيح مسلم ليسوا من أهل السنة والجماعة في الصفات..
بل تجرأ عليهم المدخلي شيخ السلفية في اليمن بان قال إن ما عندهم أخطاء دول عندهم بدع..
بل نرى فتوى الألباني في بدعه تقليد المذاهب فمن تمذهب بمذهب للائمة الأربعة فهذا من البدع المنكرة
فمن حفظ لنا هذا الدين ومن نقله من الائمة الأجلاء أصبحوا خارج أهل السنة والجماعة ومبتدعة
بكلمه تقال من مشايخ معاصرون لا يبلغون ذرة في قدر علمهم ..
ولا يبلغون قمة تحصيلهم وفهمهم لنصوص القرآن والسنة..
فمن أين أتوا بهذه الأقوال
والأدهى أن أتباع السلفية يأخذون بأقوالهم..
ولا نعلم أين العقول لمن اتبع هذه الأقوال المعاصرة وكيف استوعبتها أنفسهم وتمكنت منهم علي هذا النحو الغريب...
ولا نعلم من نقل لنا هذا الدين خلال 1500 غير هؤلاء..
الذين بدعهم وأخرجهم السلفية من دائرة أهل السنة والجماعة
بل ترى إن أتباع السلفية لا يعرفون غير مشايخ السلفية وأقوالهم مقدسة دوماً وابداً وكأن الإسلام لم ينجب علماء علي مر هذه العصور الطويلة
فلو سألت سلفي عن شيخ مشايخ الهند ما عرف اسمه ولا قدر علمه
وإذا سألته عن الأزهر لقال لك أشعري مبتدع
وان قلت له الألباني رحمه الله لقال أعلم أهل الأرض في الحديث بخاري العصر.
فأين ذهب باقي العلماء المعاصرين له الذين افنوا عمرهم في العلم وتحصيله فقد غاب عن هؤلاء أن العالم الإسلامي خصب بالعلماء والدين ليس حكر على احد فالبخاري هو إمام واحد ولم يأتي بعده بخاري اخر
وأهل الفقه والعقيدة والحديث كثيرون والحمد لله من جميع البقاع الإسلامية فالإسلام ليس حكراً على احد وعلومه ليست فقط لمن ادعى السلفية
وبدلا من توجيه سهام السلفية تجاه أعداء الدين نري سهامهم تطلق وبغزاره تجاه أمة الإسلام فلا عجب لضعف الأمة بسبب هذه الأعمال..
فكيف يكون للمسلمين العزة والسلفية يرمون قائد المسلمين في وقته والمشهود له بالصلاح قاهر الصلبين ومحرر الأقصى صلاح الدين الايوبي بالابتداع والجهل وفساد العقيدة لانه كان يتبع جمهور أمة الإسلام والسواد الأعظم من المسلمين فكان صوفي أشعري العقيدة..
والقائد المسلم أمير المؤمنين فاتح القسطنطينيه التي بشر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بفتحها وقال نعم الأمير والجيش
أمير المؤمنين محمد الفاتح كان ماتريدي صوفي وغيره من المجاهدين عمر المختار قاهر الايطاليين الصوفي الأشعري العقيدة
احمد عرابي قائد الجهاد ضد الانجليز في مصر صوفي أشعري العقيدة
الإمام عبد القادر الجزائري صوفي اشعري العقيدة..
وإذا كان المقام يسمح لعددنا أبطال الإسلام الذين لا يخرجون عن الأشاعرة والصوفية أو اعتماد الحكام المسلمين علي أهل الله من الصوفيه..
( ولا فرق بين الاشاعرة والماتريدية)
وبدلا من الحث على حب آل البيت والصحابة وزرع ذلك في النفوس
نري فتوى تخرج من ابي اسحاق الحويني بان قول كرم الله وجهه لقب سيدنا علي كرم الله وجهه هي من البدع وبدع الشيعة بالاخص..
ولا يجوز إطلاقها على الإمام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه
ولا نعلم هل اطلع الشيخ الحويني على كتب العلماء فقد أطلقها في حق الإمام علي جل علماء الأمة الإسلامية وبل نرى في كتب الإمام البخاري وغيره قول عليه السلام وكرم الله وجهه..
ولا نعلم لماذا التقليل من قدر آل البيت بحجة محاربة الشيعة وغيرهم..
والعجب العجاب أن ترى السلفي متبع اعمى لا يعلم غير أسماء سمعها وزرعت في عقله فلا يعلم سواها فكل من لم ينتمي للتيار السلفي فهو مبتدع فاسق بل وأحياناً مشرك ملحد
وإذا ظهر احد الدعاة أو المشايخ وعرفه الناس ولم يزكيه مشايخ السلفية أصبح من زمرة المتبدعة بين أفراد طائفة السلفية
بل وفي منهج الطائفة السلفية تختلط المفاهيم فمن كان بالأمس في مجالس اللهو وأصبح من زمرة السلفية اليوم يحق له بعد ثلاثة اشهر
إنتقاد العلماء والرد عليهم
إطلاق الفتاوى من تحريم وتحليل
تبديع وتفسيق وتكفير المخالف لمنهجه
شرح العقيدة التي هي من أسمي العلوم
وبهذا يحوذ على قلوب السلفية ويصبح من المقربين.
ويحصل على صك الغفران مع التعهد بدخول الجنة
بل هناك أسئلة تدور وتجول في راسي بحكم أني كنت اتبع يوما ما طائفة الوهابية السلفية ..
1-نري كتيبات لبعض أدعياء السلفية في الاتوبيسات وعلى الأرصفة بأسعار تكاد تكون مجانية تحارب جميع المسلمين المخالفين لمذهبهم
2-الأشرطة التي تباع في الاتوبيسات لنشر مذهبهم وإطلاق سهامهم على المخالفين بأسعار لم نرى لها مثيل فهل أقل من سعر تكلفتها بكثير فمن الممول والمستفيد
3-المجلدات الفاخرة التي تحمل عقيدتهم وتحارب مخالفيهم وترمي من اختلف معهم خارج نطاق أهل السنة والجماعة..
وبل في بعض الأحيان الحكم عليه بالشرك الأكبر والعياذ بالله..
فهي تباع بأسعار رمزيه لا تثمر عن ربح حتى لدور نشرها وموزعيها..فمن الممول ومن المستفيد
4-القنوات الفضائية التي يصرف عليها بالملايين كيف ظهرت بكثرة ومن مولها ويطل علينا منها فقط مشايخ السلفية ويرمون غيرهم بل والأزهر الشريف بالابتداع والفسق والبعد عن جوهر هذا الدين..فمن الممول ومن المستفيد
5-المواقع الالكترونية الكبيرة التي يصرف عليها بالالوف بل بالملايين..
ووضع كل ما هو ضد غيرهم من المخالفين ومحاربتهم وإطلاق علي كل أفعالهم كل ما يشين والدعوة لمنهجهم والتعريف بمشايخهم.
فمن الممول ومن المستفيد
ولماذا هذه الحرب على مخالفيهم وتكريس الجهد وجمع الإمكانيات لمحاربة من قال لا اله الا الله محمد رسول الله على الملا هكذا مما يعطي ذريعة لأهل الكفر والإلحاد في تكمله التمزيق للأمة الإسلامية تابعين آثار السلفية وداعميها..
لماذا لا نرى هذه الأموال تصرف في أوجه شرعية نظيفة في عمل قنوات تهدف إلى توحيد المسلمين وعدم تفرقهم..
إلى الدعوة إلى حب النبي العظيم صلى الله عليه وسلم..
إلىبيان سماحة ووسطية هذا الدين والدعوة برفق
إلى نبذ كل ما يشين الإسلام والمسلمين.
لماذا لا تصرف هذه الأموال لإنشاء قنوات عالمية بلغات حية تنقل سماحة الإسلام وتعرف بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم
لماذا لا تصرف هذه الأموال في أوجه الجهاد الشرعي ولمساعدة أهل فلسطين ونيجيريا والسودان وافغانستان وكشمير وغيرها من بلاد المسلمين
لماذا لا تصرف هذه الأموال لايواء المسلمين الذين يعيشون في الشوارع وننتقد في حالهم فقط الحكومات والرؤساء وكان دورنا أصبح الحديث والانتقاد..
والسلفية تصرف الملايين والمليارات في إعلان الحروب علي المخالفين.
فنجد مبررات السلفية على هذا أن محاربة البدع واجب..
أي بدع إخواننا السلفيين.
أتسمون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعه وتصرفون الملايين على نشر كتب تحذر منه وتقومون ببث البرامج المكلفة وإنشاء المواقع للتحذير التي تتكلف الكثير والكثير وتتركون تابعي محمد صلى الله عليه وسلم في الشوارع ملقون لا يجدون لقمه تقوي أجسادهم...
وتتركون إخواننا في أهوال الحروب بدعم لا يتعدى الملاليم وتدعمون هذه الأعمال بالملايين.
فاي حديث هذا الذي به تقولون فاتقوا الله في أهل لا اله الا الله محمد رسول الله
تحاربون الاجتماع للذكر وتقولون انه بدعة وتصرفون الأموال لنشر الكتيبات والسيديهات وإنشاء المواقع وتتركون اجتماع أهل الكفر والإلحاد على استباحة دماء إخواننا فتجتمع أجساد أخواننا موتى ممزقة تحت ويلات قصف أحفاد صهيون ومن جراء الجوع والعطش والقتل والتدمير ونراكم تقولون الدعاء وهو بحق مفيد ولكن أين الملايين التي صرفتموها على محاربة الاجتماع لذكر الله عز وجل أليس اجتماع أجساد إخواننا الشهداء يتطلب صرف هذه الملايين..؟
تحاربون أولياء الله فنرى الشرائط والسيديهات التي توزع مجانا والمواقع والبرامج يصرف عليها بالملايين
وليس عنا ببعيد الشيخ الحبيب علي الجفري حفظه الله...
والشرائط التي تنشر سماحه هذا الدين تلقي في صناديق القمامة لانها لا تجد لها ممول يعتني بنشرها ولا يبغي الربح ابتغاء وجه مرضات الله العظيم.
فقنوات محاربة المخالفين التابعة للطائفة السلفية التي يصرف عليها الملايين منتشرة وكثيرة أما قنوات نشر الإسلام وسماحته والتعريف بنبينا فتكاد تكون معدومة...
فأين أموالكم لخدمه هذا الدين؟؟
فلا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم
بل ترى أن السلفية المعاصرة هي فكر خصب لإنتاج الإرهاب والأمثلة على ذلك كثيرة
1-جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي ومحمد بن عبد الله القحطاني الذين قاموا باحتلال الحرم المكي الشريف هم طلبه للشيخ ابن باز ومقبل الوادعي
2-محمد يسرى ياسين على منفذ عمليه التحرير ومخطط لها ولعملية تفجيرات الأزهر من المتواجدون دائما في محاضرات الشيخ فوزي السعيد وابو الاسحاق الحويني..( ولا ينتمي لاي تنظيم)
3- الشيخ جابر السلفي صاحب الحرب العشواء في منطقه إمبابة في مصر لإقامة دوله إسلاميه مستقلة عن مصر وكانت النتائج ضحايا وقتل وتدمير وإحراق في وسط المدنيين
وهو من سامعي وحاضري محاضرات مشايخ السلفية في جوامع التوحيد وأنصار السنة وغيرها
4-الجماعة السلفية في الجزائر وما أدت إليه من إراقة دماء الأبرياء من أهل الجزائر الشقيقة وهي من تابعي الأفكار السلفية وخاصا لمشايخ السلفية الكبار مثل الألباني وابن باز وغيرهم رحمهم الله
5-الجماعة السلفية الجهادية في المغرب العربي
6-القاعدة وما يقوم به بعض أتباع السلفية من قتل المسلمين واستباحة دماء المستأمنين وتدمير وحرق ونهب وخطف ما ذنب الأبرياء في الدول الإسلاميه وما المبرر لاستباحة دمائهم؟
7-الذين قتلوا مخرج فيلم الرسالة مصطفي العقاد ماذا قدموا للإسلام؟
8-والتي قبض عليها وهي ترتدي فستان سهره لتفجيره في نفس الموقع في عرس يحوي أطفال ونساء من نطق لسانه بالشهادة في عمان.( ما سبب تعريها وإظهار جسدها لقتل من نطق لسانه بالشهادة)
9- مفجري أبراج نيويورك وإطلاق اسم الغزوة عليها هي ومنهاتن ومدريد ولندن ماذا قدموا للإسلام؟
10- غلق المدارس الإسلامية والجامعات في بلاد الغرب لما تحتويه المناهج السلفية من إحتقار للإنسانية بل والدعوى إلى تكفير طوائف المسلمين المخالفة فماذا سيفعلون بغير المسلمين..
وغيرها الكثير من الأمثلة.
بل والانشقاق الذي بثوه بين الأمة الإسلامية بل وبين أنفسهم من تقديسهم مشايخهم وهي جميعا تهم يتهمون بها أهل السنة والجماعة فسبحان الله فقد وقعوا في محاربة أنفسهم جراء ما اتهموا به غيرهم فنرى
أن السلفية بمنهجها المتعصب أدت إلى تمزيق الأمة الإسلامية بل وتمزقوا إلى طوائف متحاربة متصارعة
فكل مذهب سلفي لا يعترف بالأخر ويكفره ويبدعه فظهرت مخازيهم الخاصة التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين والإسلام منه برئ
وكل طائفة تبدع الأخرى بل يرمي بعضهم البعض بالشرك
وكل طائفة لا تأخذ من غيرها
وهناك حرب ضروس بينهم علي صفحات الانترنت وموقع اليوتوب هداهم الله ومن أهم طوائفهم
1- الجامية نسبة إلى محمد أمان الجامي
2- المدخلية نسبة إلى ربيع المدخلي
3- السرورية نسبة إلى محمد بن سرور
4- الألبانية نسبة إلى الألباني
5- الحدادية نسبة إلي محمود الحداد
6- الحربية فالح بن نافع الحرب
7- الوادعية نسبة إلى مقبل بن هادي الوادعي
8- الهلالية نسبة إلى سليم الهلالي
9- البازيه نسبة إلى ابن باز
وسيخرج لنا في الأيام القادمة فرز جديد
يسمي الحوينيه نسبة الحويني
والعثيمينية نسبة إلى ابن عثيمين
وغيرهم
رحماك يا ربي
ومن أجمل ما وجدت موضوع للدكتور اسامه محمود الذي ينقل هذه الرؤيه وقد اوردته مختصرا فيقول
يمكن تلخيص المحاور التي يقوم عليها المنهج السلفي المعاصر - فكرا وتطبيقا - في:
1- تضخُّم الاحتفال بالمندوبات، وتضاؤل الاهتمام بالوجبات وفرائض الوقت، ومن ثم حدث انقلاب مدوٍّ في فقه مراتب الأعمال، فقد انقلب سُلم الأولويات رأسا على عقب، ووقع تضخيم وتقزيم بغير حق، فقد يهتاج المرء (مثلاً) لسماع الموسيقى - رغم اختلاف حكم الفقهاء فيها - لكن ضميره لا يهتز لجرائم من نوعية شهادة الزور، وتزوير الانتخابات.
في كل من أمور الدين والدنيا، هناك أولويات أحق بالرعاية والتقديم، فهناك أولويات في العلم - إذ ليس العلم رتبةً واحدة - وهناك أولويات في الأمر بالمعروف، وأولويات في مجال النهي، وهناك أولويات في مجال الإصلاح والتقويم، والخلل في ترتيب تلك الأولويات له نتائجه المدمرة.
2- حشو العقول بالمتون، وحفظ الشروح، واستيعاب الهوامش، والاستغراق في فقه الفروع،وهذا نتيجة طبيعية لانقلاب سُلم الأولويات، مع العلم أن هذا الاستغراق في الفروع لا يلبي حاجات الإسلام والمسلمين في العصر الحاضر، ولا يجيب على الأسئلة الكبيرة والخطيرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية اليوم. فلا سبيل إلى فقه واقع الأمة بغير إحكام أمر الأدوات اللازمة، أعني الأدمغة الكبيرة، والأجهزة والمؤسسات، مع منهج علمي في التوثيق والتحقيق، يقوم على الاستيعاب والتحليل والتأمل.
لقد انخدع الناس بتلك السلعة، لأنهم أوهموهم أنهم يشرحون لهم أصول الدين وشُعب الإيمان، والأمر لا يعدو ثانويات الفروع التي لا صلة لها بعقيدة أو نهضة. فإذا استغرقتنا تلك الثانويات والشكليات، فماذا بقي لفقه النفس، وعلم التربية، وفقه التمكين في الأرض؟.
إن شَغل الناس بغير قضاياهم الإيمانية والمصيرية، نوع من التغييب الذي يكرس خطاب التخلف، ويُعين العدو على هزيمتنا.
3- الضغط على حرية الآخرين، مع إعطاء الذات حق الوصاية على الجميع، فالكل يجب أن "يدين" بالفقه السلفي الحديث وتطبيقاته.
وفي سبيل ذلك ربما استباح البعض عرض العلماء المخالفين وربما دماءهم، فحين أفتى الشيخ عائض القرني - وهو داعية عُرف بالدماثة والاعتدال، وركز في طرحه على الجانب التربوي النفسي - بعدم وجوب النقاب - تمشيا مع آراء أئمة الفقه الأربعة وكبار المفسرين - أهالوا عليه التراب واستباحوه، كما استباحوا من قبل الشيخ محمد الغزالي، والدكتور يوسف القرضاوي، وغيرهما، لمجرد مخالفتهم منهجهم ونقدهم أفكارهم.
يقول عائض القرني في قصيدة اعتزاله الشهيرة، واصفا هؤلاء:
1- تضخُّم الاحتفال بالمندوبات، وتضاؤل الاهتمام بالوجبات وفرائض الوقت، ومن ثم حدث انقلاب مدوٍّ في فقه مراتب الأعمال، فقد انقلب سُلم الأولويات رأسا على عقب، ووقع تضخيم وتقزيم بغير حق، فقد يهتاج المرء (مثلاً) لسماع الموسيقى - رغم اختلاف حكم الفقهاء فيها - لكن ضميره لا يهتز لجرائم من نوعية شهادة الزور، وتزوير الانتخابات.
في كل من أمور الدين والدنيا، هناك أولويات أحق بالرعاية والتقديم، فهناك أولويات في العلم - إذ ليس العلم رتبةً واحدة - وهناك أولويات في الأمر بالمعروف، وأولويات في مجال النهي، وهناك أولويات في مجال الإصلاح والتقويم، والخلل في ترتيب تلك الأولويات له نتائجه المدمرة.
2- حشو العقول بالمتون، وحفظ الشروح، واستيعاب الهوامش، والاستغراق في فقه الفروع،وهذا نتيجة طبيعية لانقلاب سُلم الأولويات، مع العلم أن هذا الاستغراق في الفروع لا يلبي حاجات الإسلام والمسلمين في العصر الحاضر، ولا يجيب على الأسئلة الكبيرة والخطيرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية اليوم. فلا سبيل إلى فقه واقع الأمة بغير إحكام أمر الأدوات اللازمة، أعني الأدمغة الكبيرة، والأجهزة والمؤسسات، مع منهج علمي في التوثيق والتحقيق، يقوم على الاستيعاب والتحليل والتأمل.
لقد انخدع الناس بتلك السلعة، لأنهم أوهموهم أنهم يشرحون لهم أصول الدين وشُعب الإيمان، والأمر لا يعدو ثانويات الفروع التي لا صلة لها بعقيدة أو نهضة. فإذا استغرقتنا تلك الثانويات والشكليات، فماذا بقي لفقه النفس، وعلم التربية، وفقه التمكين في الأرض؟.
إن شَغل الناس بغير قضاياهم الإيمانية والمصيرية، نوع من التغييب الذي يكرس خطاب التخلف، ويُعين العدو على هزيمتنا.
3- الضغط على حرية الآخرين، مع إعطاء الذات حق الوصاية على الجميع، فالكل يجب أن "يدين" بالفقه السلفي الحديث وتطبيقاته.
وفي سبيل ذلك ربما استباح البعض عرض العلماء المخالفين وربما دماءهم، فحين أفتى الشيخ عائض القرني - وهو داعية عُرف بالدماثة والاعتدال، وركز في طرحه على الجانب التربوي النفسي - بعدم وجوب النقاب - تمشيا مع آراء أئمة الفقه الأربعة وكبار المفسرين - أهالوا عليه التراب واستباحوه، كما استباحوا من قبل الشيخ محمد الغزالي، والدكتور يوسف القرضاوي، وغيرهما، لمجرد مخالفتهم منهجهم ونقدهم أفكارهم.
يقول عائض القرني في قصيدة اعتزاله الشهيرة، واصفا هؤلاء:
إذا أجبنا على الجوال أمطـرَنا
بالسبِّ مَنْ كـان نُغليه ويغلينـا
وإن أبيـنـا أتتنـا من رسـائله
مثل السعير على الرمضاء تشوينا
قلنا لهم: هذه الأشيـاءُ حللهــا
أبو حنيفة بل سُـقنا البراهينـا
قالوا: خرقتَ لنا الإجماع في شُبَهٍ
مِن رأيك الفـجِّ بالنكـراءِ تأتينا!
لقد أمسى تشديد النكير على العامة وكل المخالفين وتأثيمهم سمة بارزة في منهجهم، والمفروض أن تكون علاقة الدعاة بالمدعوين علاقة "عون ومساعدة" لا علاقة طرد وتفسيق وتأثيم.
4- تجزيء الإسلام، وعدم إحاطته من جميع جوانبه، والخلل في ترتيب الأولويات، وتضخيم أشياء على حساب أخرى لا تقل عنها أهمية.
فقد كانت مقاومة الأضرحة والمقامات، وسحق كل من يتوسل بالأولياء ودمغه بالشرك، شيئا بارزا في الفكر الوهابي، بل كانت من الأولويات، فقد ضخموا هذه الممارسات واعتبروها فيصلا بين الحق والباطل والشرك والتوحيد، وهذه الأفكار عَدتها المراجع الوهابية بمثابة أهداف قامت الحركة الوهابية من أجلها، ويظهر من هذه الأفكار مدى بعدها عن السياسة والإصلاح والنهوض بالأمة، أو تربية الناس ورعايتهم والرأفة بهم.
جاء هذا بالتزامن مع فكرة الطاعة المطلقة للإمام في الفكر السياسي السلفي، بغض النظر عن تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة أو الالتزام بالقانون، مع تهميش دور الأمة في عملية الرقابة والإصلاح الاجتماعي أو المعارضة السياسية، فأصبح الإسلام في خدمة السلطان وليس العكس!!.
إن معادلة المسلمين الصعبة اليوم، تكمن في عدم قدرتهم على الارتفاع بخطابهم ودعوتهم إلى مستوى إسلامهم وعصرهم وعالميتهم، وبدلاً من أن يكونوا شهداء وحُجة للإسلام، أمسوا حجة على الإسلام البريء.
إن ربعي بن عامر لم يتخرج من جامعة؛ لكنه علمنا كيف ننشر فطرة الإسلام الصحيحة لدى الغير، فهو يحدث قائد الفرس عن مفاصل الإسلام الإيمانية والأخلاقية، يقول: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سَعَة الآخرة".
كان خطابُه سلسبيلا من فقه وحكمة الإسلام، فأقبلت الشعوب عليه وقد كانوا من قبل يجتهدون في البعد عنه، وانعقدت قلوبهم على نصرته وقد كانوا من قبل يجتهدون في الصد عنه.
لقد كانوا أذكياء وهم يقدمون الإسلام للناس على أنه فِكاك لأعناقهم من ضروب الوثنيات الدينية والسياسية والاجتماعية، فأناروا العالم بعد ظلمَة، وسوّوا بين الأمم بعد أن بذروا في الأرض أصول العدالة والمرحمة، والواجب هو كيف نتعلم منهم تلك الحكمة وذلك العمق، حتى يحق لنا الانتماء إليهم
5- الإلحاح على النسك والشعائر مع توهين أمور الدنيا والسيادة فيها حتى بدت الدنيا كأنها تعبير عن الفتنة، فالدين ضد الدنيا، ومن يعمل للدين لا يعمل للدنيا، ومن يعمل للدنيا لا يعمل للدين!!.
ومن ناحية الصحة النفسية وتفسيراتها، فإن الاستغراق في النسك والمندوبات، ونسيان المجتمع وواجبات الالتحام والنهوض به، هو تعبير عن إحدى الحيل النفسية، والتي تُدعى "التعويض" وهي حيلة دفاعية لا شعورية يلجأ إليها الإنسان حينما يبتغي سلوكا يعوض فيه شعورا بالعجز أو النقص، سواء كان جسميا أو نفسيا. والتعويض محاولة لا شعورية تهدف للارتقاء إلى المستوى الذي وضعه الإنسان لنفسه، أو الذي فُرض عليه، أو ربما لكي يعزز موقعه في المجتمع الذي يعيش فيه.
6- تعطيل عمل العقل خوفا على الوحي
فالعقل والوحي خصمان متغالبان، نعم لا اجتهاد مع النص، لكن هناك اجتهاد في النص، ومن هنا نشأ الجمود وتكاملت حلقات
يمكن القول إن إجماعا يكاد ينعقد على أن الحركة السلفية المعاصرة تعيش أزمة منهجية، وعلى أن هذه الأزمة قد أوقعت هذا الفكر في مأزق حضاري، فالمفكرون يسلِّمون بذلك مع اختلافهم في تحديد أسباب هذه الأزمة، وفي تعيين سبل الخروج منها.
ومن الإنصاف أن نقول إن علماء خرجوا من الفكر السلفي قد طوروا أنفسهم، وأمسوا من مجددي الإسلام، لكن بصفة عامة فإن عقل السواد العام لهذا التيار قد فقد قدراته الأولى المتوهجة، فأمسى عاجزا عن فهم السنن الكونية والتاريخية والاجتماعية، إنه لا يرى الدنيا من حوله بحرا يموج بأحداث متلاطمة، تضرب شواطئ بلاد العرب والمسلمين بأمثال الجبال، ولا يحس بالنار المضطرمة وهي تحتدم، ومن حولها الأعداء ينفخون فيها لتحرق أخضرنا ويابسنا، فماذا نقول في عقل لا يعي ما حوله من الحريق والغرق؟.
إذا بلغ بنا الجمود مبلغ الغياب عن الحوادث العظام التي تحيط بنا، فعندئذ يصبح الزمان ركاما من الشهور والأعوام، وهنا قد يكون من أكبر الجهل أن نسمي هذا "غفلة"، إنما هو ضرب من الموت يصيب الأحياء لينقلهم إلى لحدٍ مظلم، فالحياة اليوم ليست مجالاً مفتوحا أبد الدهر للتجارب، بل هي حياة مضطربة شديدة الغوائل، مخوّفة الساعات، فمن أخذها بجدها فقد نجا ونجا الناس جميعا، ومن فرّط فيها فقد هلك وأهلك الناس معه.
الدعم الفني- الدعم الفني
- عدد الرسائل : 48
تقييم القراء : 0
النشاط : 5859
تاريخ التسجيل : 06/05/2009
- مساهمة رقم 27
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
تم دمج موضوع ( إلى الشريف النورابي أرجو الأجابة ) الذي كتب في قسم الدعم الفني مع موضوع الرد الميسر على بطلان التوسل(1) بقسم المواضيع الأسلامية , وذلك لعدم أختصاص قسم الدعم الفني.
الشريف مجدي الصفتيالمدير العام
- علم الدولة :
عدد الرسائل : 2853
البلد : مصر - الأسكندرية
الهوايات : القراءة والبحث
تقييم القراء : 42
النشاط : 10325
تاريخ التسجيل : 11/07/2008
- مساهمة رقم 28
رد: الرد الميسر على بطلان التوسل(1)
الأخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعونا من الحديث عن نقاط الخلاف بين المذاهب , فلن يقتنع أحدكم برأي الأخر , وهذا ما لاحظته خلال خبرتي وتجاربي على الشبكة العنكبوينة.
وكل متبع لمذهب , في الغالب لن يقتنع , برأي المذاهب الأخرى , ولذلك فإن الحديث عن نقاط الخلاف في المذاهب لن يجدي , بل يضر في احيان كثيرة , ويؤدي في النهاية للأسف إلى العداوة والبغضاء , في حين إنه من المفترض ألا يثمر النقاش عن ذلك , فالنقاش المبني على أحترام رأي الأخر وعدم التعصب والمرونه وتفعيل العقل والبصيرة , هو الذي يؤدي في النهاية , إلى معرفة الصواب وأتباع الحق الذي يطمئن إليه القلب المبصر والمستنير.
وليكن حديثنا عن نقاط الأتفاق , بعيدا عن الأختلاف والشقاق , فلن يستطيع احد أن يفرض رأيه على الآخر , ولن يجدي هذا النقاش أبدا , لا القارئ ولا المتحاور , راجيا المولى عز وجل أن ينفعنا بما علمنا , وأن يرنا الحق حقا ويرزقنا أتباعه , وأن يرنا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
وأرجو مستقبلا عدم التطرق إلى المذاهب سواء بطريق مباشر أو غير مباشر - كما هو مبين في قوانين المنتدى.
ولذلك أستأذنكم أن أغلق هذا الموضوع , فلم يعد النقاش فيه مفيدا.
مع تمنياتي للجميع بالتوفيق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعونا من الحديث عن نقاط الخلاف بين المذاهب , فلن يقتنع أحدكم برأي الأخر , وهذا ما لاحظته خلال خبرتي وتجاربي على الشبكة العنكبوينة.
وكل متبع لمذهب , في الغالب لن يقتنع , برأي المذاهب الأخرى , ولذلك فإن الحديث عن نقاط الخلاف في المذاهب لن يجدي , بل يضر في احيان كثيرة , ويؤدي في النهاية للأسف إلى العداوة والبغضاء , في حين إنه من المفترض ألا يثمر النقاش عن ذلك , فالنقاش المبني على أحترام رأي الأخر وعدم التعصب والمرونه وتفعيل العقل والبصيرة , هو الذي يؤدي في النهاية , إلى معرفة الصواب وأتباع الحق الذي يطمئن إليه القلب المبصر والمستنير.
وليكن حديثنا عن نقاط الأتفاق , بعيدا عن الأختلاف والشقاق , فلن يستطيع احد أن يفرض رأيه على الآخر , ولن يجدي هذا النقاش أبدا , لا القارئ ولا المتحاور , راجيا المولى عز وجل أن ينفعنا بما علمنا , وأن يرنا الحق حقا ويرزقنا أتباعه , وأن يرنا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
وأرجو مستقبلا عدم التطرق إلى المذاهب سواء بطريق مباشر أو غير مباشر - كما هو مبين في قوانين المنتدى.
ولذلك أستأذنكم أن أغلق هذا الموضوع , فلم يعد النقاش فيه مفيدا.
مع تمنياتي للجميع بالتوفيق.
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر