دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com

دارة السادة الأشراف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أنساب , مشجرات , مخطوطات , وثائق , صور , تاريخ , تراجم , تعارف , دراسات وأبحاث , مواضيع متنوعة

Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 79880579.th
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 78778160
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 16476868
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 23846992
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 83744915
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 58918085
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 99905655
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 16590839.th
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Resizedk
نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) 20438121565191555713566

3 مشترك

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:04

    ---- الحلقة الأولى ----

    ** التأسيس 1**
    كانت المدينة المنورة قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها تسمى (يثرب)، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في قوله تعالى

    على لسان بعض المنافقين: (وإذ قالت طائفة منهم: يا أهل يثرب لا مقام لكم …) (سورة الأحزاب الآية 13)


    وورد في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسمها من يثرب إلى المدينة، ونهى عن استخدام اسمها القديم فقال: (من قال للمدينة (يثرب) فليستغفر الله... مسند الإمام أحمد 4/285).


    كما ورد اسمها الجديد في القرآن الكريم ثلاث مراتٍ هي قوله تعالى:

    (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق... )(سورة التوبة الآية 101)

    وقوله تعالى:

    (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلفوا عن رسول الله...) (سورة التوبة الآية 120)،

    وقوله تعالى:

    (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل... ) (سورة المنافقون الآية Cool
    ،

    وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء أخرى في عدد من الأحاديث النبوية، أهمها: (طابة وطيبة) وربما يكون سبب تغيير اسمها القديم دلالته اللغوية المنفرة؛

    فكلمة يثرب في اللغة مشتقة من التثريب. ومعناه اللوم الشديد أو الإفساد والتخليط (لسان العرب ـ مادة ثرب) وقد شاع اسم يثرب قديماً.

    ووجد في نقوش وكتابات غير عربية فظهر في جغرافية بطليموس اليوناني باسم يثربا (yathripa)،

    وفي كتاب اسطفان البيزنطي باسم يثرب (yathrip)، وظهر اسمها في نقش على عمود حجري بمدينة حران (اتربو)، (itribo).

    المؤسسون

    تجمع معظم المصادر العربية على أن (يثرب) اسم لرجل من أحفاد نوح عليه السلام، وأن هذا الرجل أسس هذه البلدة فسميت باسمه

    ومن الشائع في الحضارات القديمة أن تسمى المدن باسم مؤسسها مثل الإسكندرية نسبة للإسكندر.

    وتختلف المصادر العربية في عدد الأجيال التي تفصل (يثرب) عن جده (نوح) عليه السلام ، وفي بعض أسماء سلسلة الآباء والأبناء،

    فبعضها يجعل (يثرب) في الجيل الثامن بعد نوح، فهو (يثرب بن قاينة بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح).

    وبعضها الآخر يجعله في الجيل الخامس (يثرب بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح). ولهذا الخلاف أثر في تقرير أية

    قبيلة سكنت يثرب أول الأمر، هل هي قبيلة عبيل، أم قبيلة العماليق، ولكن المؤرخين يتفقون على أن القبيلتين سكنتا يثرب على التوالي

    ويختلفون من هي الأسبق. والأرجح أن قبيلة عبيل هي الأسبق. ثم جاء العماليق فأخرجوهم منها وسكنوها.

    وتروي المصادر العربية عدة روايات لسبب تأسيسها أهمها:

    1 ـ أن أبناء نوح بعد الطوفان تكاثروا ولم تعد المنطقة التي نزلوها تكفيهم فخرجت مجموعات منهم تبحث عن موطن جديد.

    ووصل فرع (عبيل) بقيادة (يثرب) إلى هذا الموضع ووجدوا فيه الماء والشجر والجبال البركانية التي تحيط به وتشكل حماية طبيعية

    لمن يسكنه فأعجبهم واستوطنوا فيه.

    2 ـ أن أحد أحفاد نوح عليه السلام (واسمه نمرود بن كوش بن كنعان بن نوح) دعا قومه إلى عبادة الأوثان، فاستجابوا له فعاقبهم الله

    وخرجوا من بابل وتفرقوا في جهات مختلفة. ووصل فرع عبيل إلى هذه المنطقة.

    3 ـ أن العماليق من أحفاد نوح عليه السلام، خرجوا من بابل واستوطنوا منطقة تهامة إلى مكة وبقوا فيها إلى زمن ملكهم السميدع،

    ثم جاءت قبيلة جرهم فأخرجتهم من المنطقة وسكنت في منطقة مكة، وجاءت مجموعة منهم تسمى (عبيل) بقيادة يثرب واستوطنت

    المنطقة وبنت المدينة التي سميت باسمه.

    وهكذا اتفقت المصادر المختلفة على أن تأسيس يثرب كان على يد رجل يتزعم مجموعة بشرية، هاجرت من موطنها الأصلي ـ

    بابل في الرواية الأولى، وتهامة في الرواية الثانية، وقسم من الحجاز في الرواية الثالثة ـ تبحث عن موطن جديد يوفر لها حياة كريمة،

    وأن هذه المجموعة وجدت في هذا الموقع أرضاً خصبة، وشجراً كثيفاً، وماءً وفيراً، ووجدت أن هذا الموقع أيضاً يوفر لها قدراً من

    الحماية الطبيعية، فاستقرت فيه، وحولته إلى مدينة، وسمته باسم زعيمها (يثرب).

    بدايـة التأسيس

    من المستحيل أن نجزم بسنة محددة نؤرخ بها تأسيس يثرب، فنحن لا نعرف على وجه اليقين كم من القرون تفصل بين نوح

    والهجرة النبوية وما ذكره بعض المؤرخين روايات شفهية لا تستند إلى دليل مرجح.. وكل ما يمكن أن نتوقعه هو أنه حدث في عهود سحيقة

    على أيدي أمم انقرضت، فعبيل أو العماليق، هي من الأمم البائدة، وليس لدينا آثار تساعدنا على تحديد فترة زمنية معينة للتأسيس.

    ويضع بعضهم تاريخاً تقريبياً يمتد إلى 1600 سنة قبل الهجرة النبوية اعتماداً على أن قبيلة عبيل كانت تتكلم العربية، وأن اللغة العربية

    وجدت في ذلك التاريخ. ويقترب هذا التحديد من الزمن الذي وجدت فيه كلمة (يثرب) في الكتابات التاريخية عند غير العرب وفي بعض

    النقوش المكتشفة. فقد ورد اسم يثرب في الكتابات عند مملكة (معين) وذكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية. ومن المعروف أن المملكة

    المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين 1300 و600 قبل الميلاد. وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز وفلسطين. وعندما

    ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال. وكان هذا الطريق يمر بيثرب. ويتفق هذا التاريخ التقريبي

    أيضاً مع التاريخ الذي يذكره المؤرخون لوجود العماليق وحروبهم مع بني إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وسيناء
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:06

    الحلقـة الثـانية**

    يثرب في المرحلة الأولى

    إن صح أن فرع عبيل هو الذي أنشأ يثرب (راجع فقرة: المؤسسون)، فإن الأخبار عن عبيل قليلة جداً لا تساعدنا على تكوين صورة واضحة.

    ونفهم من روايات النسابين أن (عبيل) هو الحفيد الرابع لنوح عليه السلام (حسب رواية الطبري) أو الحفيد السادس

    (حسب رواية السهيلي وابن خلدون) وكان يعيش في بابل مع أقاربه من أبناء نوح الآخرين. وقد ذكر في سفر التكوين أن عموبال (عبيل)

    هو أحد أولاد مقعان (قحطان)، (انظر: الإصحاح الأول آية (22) والإصحاح العاشر آية (28)). ويرى المؤرخون أن بابل وصلت إلى درجة

    لا بأس بها من التطور الزراعي بعد وفاة نوح عليه السلام، فقد خلفه بعض أبنائه وأصبحوا ملوكاً على المدينة، وعندما خرج فرع (عبيل)

    بقيادة يثرب بن قاينة من بابل ساروا مدة عشرين يوماً حتى وصلوا إلى موضع المدينة فنزلوها وسموها باسم قائدهم يثرب، وحملوا معهم

    مدنيّتهم الزراعية وقد أورد السمهودي في كتابه وفاء الوفا أبياتاً في رثاء العبيليين نستشف منها أثر تقدمهم الزراعي والرعوي

    آنئذ تقول الأبيات:

    عين جودي على عبيل وهل يـرجع - من فات بيضهـا بالسجـام

    عمروا يثربا وليس بـهـا شفــر - ولا صـارخ ولا ذو سنـام

    غـرسوا لينهـا بمـجرى معيــن - ثم حفوا النخيـل بالآجـام


    ومع أننا لا نثق بصحة الأبيات، ونتوقع أن تكون من نحل القصاصين، فإن الصورة التي رسمتها للعبيليين متوافقة مع ما يذكره المؤرخون

    عن أهل بابل ونشاطهم الرعوي والزراعي. إن الأرض الخصبة، ووفرة المياه فيها، ساعدت العبيليين على زراعة النخيل، وتربية الحيوانات

    في يثرب. ويمكن أن نتصور حياة عبيل في يثرب آنئذ على النحو التالي:

    مجموعة من الأسر تسكن قرية صغيرة كثيرة الأشجار والمياه، تربي حيواناتها المدجنة: الإبل، والخيل، والغنم، وتزرع النخيل وبعض

    الخضراوات، و الفواكه الأخرى، وتستمتع بمحصول وافر ونتاج جيد.. وفي شبه عزلة عن العالم الخارجي البعيد والمجهول، تحميها الجبال

    والتلال البركانية التي تحيط بالمنطقة ولا تترك منفذاً إليها سوى بعض الدروب التي يمكن مراقبتها وتحصينها. وقد التمس الدكتور / جواد علي

    ما يثبت وجود قبيلة عبيل في الكتابات القديمة، وأشار إلى وجود اسم عموبال في بعض أسفار التوراة التي تذكر أنه ابن من أبناء (يقطان)،

    كما أشار إلى أن المؤرخ بليتوس يذكر اسم موضع يقال له: (أباليتس) (Ablates ) أي العبيليين.

    العماليق

    أطلق اسم العماليق على قبائل قديمة انقرضت. وقد أوردت بعض الكتب أخباراً عنهم تمتزج بالأساطير، فاسمهم يوحي إلى الأذهان بضخامة

    أجسامهم، وقد دفع هذا الإيحاء بعض الرواة إلى المبالغة والتهويل، فنقل لنا السمهودي رواية تزعم أن ضبعاً وأولادها وجدت رابضة في تجويف

    عين رجل ميت من العماليق، وأنه كانت تمضي أربعمائة سنة لا يموت منهم أحد، ولا شك أن هذه الرواية وأمثالها من صنع قصاصين يحرصون

    على استثارة جمهورهم بالخوارق والعجائب.وبعيداً عن تلك المبالغات، فإن كلمة عملاق في اللغة تعني الطويل، ويبدو أن تلك القبائل كانت تتميز

    بشيء من الطول والجسامة، ويرى بعض المؤرخين الحديثين أن سكان الجزيرة العربية كانوا حتى عام 1600 قبل الهجرة ضخاماً،

    وبقي لهم أحفاد إلى ما بعد ذلك وعرفوا بهذا الاسم، وإن لم يكونوا يحملون ذلك القدر من الطول ولا يعمرون ما يعمر به أسلافهم. والعماليق

    في كتب التاريخ العربية من أحفاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، كانوا يسكنون مع الأحفاد الآخرين لنوح في منطقة الرافدين ثم خرجوا

    مع مجموعات أخرى، وتكاثر أحفاد نوح حتى زاحم بعضهم بعضاً. وصل العماليق إلى الجزيرة العربية وانتشروا في أنحائها، وسكنت قبائلهم

    الكثيرة في نجد والبحرين وعمان واليمن وتهامة وبلغوا أطراف بلاد الشام، وكان منهم فراعنة مصر أيضاً، ويذكر الطبري أن الذين سكنوا يثرب

    منهم هم من قبيلة جاسم، ويذكر ابن خلدون قبائل أخرى هي: بنو لَفٍّ وبنو سعد بن هزال، وبنو مطر، وبنو الأزرق. ولا نعرف متى استوطن

    العماليق في يثرب على وجه التحديد، وربما نزلوها بعد خروجهم من أرض الرافدين. وقد اختلف المؤرخون هل هم الذين أسسوا يثرب أم قبيلة

    عبيل؟ وهل انتزعوها منهم؟ وهناك من يعتقد أن العماليق هم من عبيل نفسها. والذي يتفقون عليه هو أن وجود العماليق قديم في يثرب

    سواء في فترة التأسيس أو بعدها مباشرة. ومن المؤكد أن العماليق وجدوا في يثرب قديماً، وأنهم عرب. ويرى الطبري أن جدهم عمليق هو أول

    من تكلم العربية. كما أن أسفار التوراة ذكرتهم عدة مرات وسمتهم باسمهم العماليق حيناً وباسم الجبارين حيناً آخر. وذكرت أسماء بعض

    زعمائهم ومدنهم العربية، فقد عاصروا خروج بني إسرائيل من مصر، واصطدموا معهم في معارك عدة بمنطقة سيناء.

    وقد أنشأ العماليق في يثرب مجتمعاً زراعياً ناجحاً يحقق الاكتفاء الذاتي وانهمكوا في زراعة أراضيهم الخصبة وتربية ماشيتهم، وعاشوا حياتهم

    مستمتعين بوفرة محاصيلهم أول الأمر، وعندما نمت التجارة أسهموا فيها، ووصلت قوافلهم إلى غزة، ولكن تجارتهم بقيت محدودة لا تعادل

    تجارة أهل مكة، وآثروا عليها الزراعة بسبب خصب أراضيهم وكثرة مياههم. وقد درّت عليهم أعمالهم الناجحة أموالاً طائلة. وخافوا من عدوان

    القبائل الأخرى التي تجدب أرضهم وتشح مواردهم فبنوا الآطام، وهي حصون صغيرة تتسع لعائلة أو بضع عائلات وتحميهم من

    غارات الأعداء.وقد عمر العماليق في يثرب ما شاء الله، ثم وفدت عليهم قبائل أخرى ساكنتهم، فالوفرة التي وصل إليها العماليق جعلتهم يقبلون

    مساكنة الوافدين إليهم ليستفيدوا من العمالة الطارئة، فيخفف عنهم القادمون أعباء العمل في الأرض، ويجد أصحاب الأرض فرصة للتمتع

    بثرواتهم وما لبث الوافدون أن استثمروا بعض الأراضي التي لم يستثمرها العماليق في المنطقة، وتحولوا إلى ملاّك وأثروا وجاروا

    العماليق في حياتهم.وخلال رحلة السنين الطويلة، حصل تزاوج وتمازج بين العماليق والقبائل الوافدة، وظهرت أجيال جديدة تحمل دماءً مختلطة

    ، وما لبث العماليق المتميزون بضخامة الأجسام أن قل عددهم تدريجياً، ولكنهم لم ينقرضوا تماماً، بل بقيت منهم بقية إلى ما بعد وصول اليهود

    إلى يثرب ويذكر المؤرخ العربي ابن زبالة أن بني أنيف ‏ـ وهم حي أقاموا مع اليهود قبل وصول الأوس والخزرج ـ كانوا منهم. وعندما وصل

    الإسلام إلى (يثرب) لم يكن قد بقي منهم إلا أفراد قلائل تميزوا بطول القامة.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:08

    ** الحلقـة الثالـثة**


    يثرب والمعينيون

    يرجّح الباحثون أن يثرب قد خضعت للمملكة المعينية وأصبحت واحدة من مناطق نفوذها، وتعد المملكة المعينية من أقدم الممالك العربية الجنوبية

    التي وصلتنا بعض أخبارها عن طريق المكتشفات الأثرية. ظهرت في شمالي اليمن وازدهرت وامتد نفوذها في الفترة ما بين 1300 ـ 630

    قبل الميلاد، وقد ذكرها بعض الجغرافيين الغربيين، مثل (تيودورس) الصقلي (وسترابون) الروماني، أما المؤرخون والجغرافيون العرب فلم تصلهم

    أخبارها. يقول عنها ياقوت الحموي معين: اسم حصن باليمن ... ومدينة باليمن تذكر في براقش ... قال عمرو بن معد يكرب:

    يـنــادي مــن بـراقــش أو - مـعين فأسـمع واتـلأب بنا مـليع

    وتدل الآثار المكتشفة أن المملكة المعينية كان لها صلات وثيقة مع جاراتها تحولت إلى نفوذ وسيطرة، فامتدت سلطتها من جنوبي اليمن إلى الحجاز

    وحتى فلسطين. وقد وجد المنقبون كتابات معينية تذكر أن يثرب ومؤان، وعمون، وغزة كانت جزءاً من المملكة المعينية وأرضاً خاضعة لها، وأن

    ملوك معين كانوا يعينون حكاماً عليها باسمهم ويلقب الحاكم (كبر) أي كبير، ويتولى الحكم باسم الملك، ويجمع الضرائب ويحافظ على الأمن.

    وهذا يعني أن المعينيين سيطروا على يثرب في فترة تمدد مملكتهم، أي منذ الألف قبل الميلاد، وعينوا عليها حاكماً من أهلها ـ كما كانوا يفعلون

    في مناطق نفوذهم الأخرى ـ لتأمين طريق تجارتهم البرية، ولم تكن سلطتهم على المدينة تتعدى الضريبة السنوية المفروضة عليهم، فضلاً عن

    حماية قوافلهم، ولا نجد في الكتابات القليلة عن معين أي ذكر لحروب خاضوها مع أهل يثرب، ولا أحداثاً متميزة. وجل ما نجده إشارات تبين أن

    سيطرتهم كانت على الحجاز بأكمله. ونظراً لضعف هذه السيطرة ظل المجتمع اليثربي مجتمعاً زراعياً ورعوياً في الغالب، ولم يشهد أية تغييرات

    كبيرة، اللهم إلا المزيد من الاستقرار والانتعاش والفوائد التي تأتي بها قوافل التجارة العابرة.

    يثرب في عهد مملكة سبأ

    ظهرت مملكة سبأ في عهد الدولة المعينية في اليمن، ثم قوي السبئيون واستولوا على معين وورثوا نفوذها وامتد سلطانهم إلى يثرب أيضاً.

    وكان يشبه نفوذ المعينيين فلا يتعدى تعيين حاكم على يثرب ـ من أهلها غالباً ـ وحماية قوافل التجارة العابرة .. لذلك لا نجد تغييرات في حياة

    أهل يثرب، فقد ظلوا مشغولين بزراعتهم وتربية مواشيهم، واشتغل بعضهم بتأمين لوازم القوافل التجارية العابرة واستفادوا من التجارة معها.

    عاصرت مملكة سبأ حكم سليمان بن داود عليه السلام والتقت ملكتها به وآمنت بما يدعو إليه كما تبين الآية الكريمة:

    (... وأسلمتُ مع سليمان لله رب العالمين ... سورة النمل الآية44).

    وقد عمّرت مملكة سبأ كما أخبرنا القرآن الكريم إلى أن وقع سيل العرم، حيث ضعفت وانهارت وخرج منها ـ قبل السيل بقليل ـ قبائل الأوس

    والخزرج الذين استوطنوا يثرب كما سنرى في فقرة تالية.

    يثرب والكلدانيون

    ظهرت الدولة الكلدانية في العراق وكانت عاصمتها بابل، وقد ازدهرت ومدت نفوذها إلى مناطق واسعة في القرن السابع قبل الميلاد ووصلت في

    فترة من الوقت إلى الحجاز. وقد عثر في خرائب مسجد حـّران الكبير على نقش يتحدث عن أعمال الملك الكلداني (نبونيد)، وفيها أنه خرج

    إلى شمالي الجزيرة العربية واستولى على تيماء واستقر بها، ثم استولى على المدن المجاورة وضمها إليه، وهي: ددانو (مدينة قديمة معروفة

    ذكرتها الأسفار العبرانية)، وبداكوا (فدك)، وخبرا (خيبر)، واتريبوا (يثرب)، وظلت خاضعة لحكم هذا الملك عشر سنوات. ونبونيد هو آخر ملوك

    الدولة البابلية الكلدانية، حكم لمدة 16سنة (من سنة 556 ـ 539ق.م) قضى عشر سنوات منها في شمالي الجزيرة العربية تاركاً عاصمته بابل

    تحت حكم ابنه (بلشازار)، ثم عاد إلى بابل ليدهمهم الملك الفارسي قورش سنة 539 ق م وينهي دولتهم ويجعلها ولاية تابعة لأمبراطوريته.

    وقد صالح أهل يثرب الملك نبونيد ودخلوا في طاعته سلماً بعد أن ضعف سلطان الدولة السبئية ودفعوا الضرائب التي كان يجبيها

    السبئيون منهم إليه.أحضر نبونيد معه بعض القبائل الكلدانية والأسرى اليهود إلى المنطقة، وأسكنهم فيها وأعطاهم بعض الأملاك التي نزعها

    من أصحابها العرب وحماهم بقطعات من جيشه، وكان يخطط لإلحاق المنطقة كلها بمملكته. ولكن الخطة لم تنجح ومات مشروعه مع عودته إلى بابل.

    غير أن أكثر المستوطنين الجدد بقوا في المنطقة وامتزجوا مع أهلها، ويستدل الدكتور جواد علي على ذلك بوجود بعض الألفاظ الكلدانية في لغة

    أهل يثرب والمناطق الأخرى التي تقع إلى الشمال منها وخاصة في الزراعة.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:09

    ** الحلقـــة الــرابعة**


    يثرب والرومان

    ظهرت الدولة الرومانية قبل الميلاد بعدة قرون، واشتدت قوتها فاستولت على ممالك الإغريق (اليونانيين القدماء) ومدت نفوذها إلى بقية أوربا

    وغربي آسيا وشمالي أفريقيا. ولكن الرومان لم يستطيعوا التوغل في جزيرة العرب في فترة امتدادهم العسكري الكبير، لأن الصحراء الواسعة

    تشكل العقبة الكبيرة لجيوشهم النظامية الجرارة. ويذكر التاريخ الروماني محاولة واحدة قامت فيها حملة رومانية باختراق الجزيرة العربية

    إلى جنوبها للوصول إلى مناطق الذهب في أرض اليمن، وقد جرت هذه المحاولة في عهد الإمبراطور (أغسطس) عام 25 ق.م حيث أمر هذا

    الإمبراطوار واليه على مصر (أوليوس غالوس) بإعداد الحملة وقيادتها، ورافق الحملة جغرافي معروف هو (سترابون) صديق القائد (غالوس)

    وكتب عنها، فوصلتنا أخبارها شبه كاملة.خرجت الحملة بعشرة آلاف محارب روماني وألف قبطي وخمسمائة إسرائيلي، يرشدها أحد قواد الأنباط،

    وأبحرت من الساحل المصري للبحر الأحمر ووصلت إلى ميناء (لويكة كومة) (يقدر دكتور جواد علي أنها ينبع. المفصل 2/45، بينما يرى

    فؤاد حمزة أنها مويلح. قلب جزيرة العرب 257)، بعد أن خسرت عدداً كبيراً من السفن والرجال، وفتك المرض بعدد آخر لفساد الطعام والماء وسوء

    الغذاء، فاضطرت إلى قضاء الصيف والشتاء فيه حتى استراح الجيش وتعافى من المرض. بعدها تحركت الحملة إلى نجران، واجتازت عدة مدن

    وحاربت أهلها حتى بلغت مدينة مرسيبا (مأرب) ومنها عادت إلى مدائن صالح ثم أبحرت عائدة إلى مصر، ولم تحقق الحملة أهدافها ولم تحصل على

    الذهب الذي خرجت لأجله، كما أنها لم تلحق المدن التي احتلتها بالدولة الرومانية. وقد تعددت الآراء حول الطريق التي سلكتها الحملة بعد نزولها

    في (ينبع) أو (مويلح)، ومن بين تلك الآراء رأي يقرر أن الحملة سارت في طريق (إضم) إلى (يثرب) لكي تتجنب الاصطدام بالقبائل التي تسكن

    على الطريق التجاري بين ينبع والجنوب، وأنها تابعت طريقها من (يثرب) إلى (نجد)، ومنها سارت في طريق اليمن إلى نجران.

    وذكر سترابون أن ملك تلك المنطقة ـ ربما كان شيخ قبيلة ـ يدعى الحارث قد رحب بالرومانيين وساعدهم في اجتياز الطريق. وبناء على هذه

    الرواية ـ وهي أرجح الروايات ـ فإن الحملة قد مرت بيثرب واستراحت فيها قليلاً وتزودت بما يلزمها من الماء والطعام، فسترابون يذكر أن

    المنطقة كانت كثيرة العيون. ولاشك أن ذكاء الحارث وحسن تعامله مع قائد الحملة قد أفاد (يثرب) وبقية المدن التي مرت بها، فلم يتعرض الجيش

    لها بسوء، وربما يكون الحارث قد تفاهم مع شيوخ المنطقة ورؤسائها كي يتجنبوا الصدام مع الحملة. وعلى أية حال، فإن الحملة لم تترك أثراً

    في (يثرب) أو في حياة اليثربيين، حتى إننا لا نجد لها ذكراً في كتابات المؤرخين القدماء، بل إن الرومانيين بعامة لم يؤثّروا في حياة يثرب

    وأبنائها على الإطلاق. وكان مرور الجيش الروماني في هذه الحملة هو العلاقة الوحيدة والعابرة معهم.

    اليهود في يثرب

    تذكر المصادر التاريخية روايات كثيرة مختلفة لوجود اليهود في يثرب في العصر الجاهلي وتجمع على أنهم جاؤوا إليها من خارج الجزيرة

    العربية في عدة هجرات متوالية:الأولى في سنة 589 ق م عندما اقتحم بختنصر البابلي أورشليم ودمر الهيكل وسبى معظم أهلها فهرب جماعة

    منهم وساروا إلى بلاد الحجاز ونزلوا (يثرب). الهجرة الثانية ما بين عامي 66 -70 م عندما هاجم القائد الروماني تيتوس فلسطين ودمر أورشليم

    ثانية وشتتهم وأغرق عدداً كبيراً منهم في بحيرة لوط ففر الناجون إلى الحجاز ووصلوا (يثرب) وأقاموا فيها مع من سبقهم. الهجرة الثالثة

    عام 132م عندما أرسل الإمبراطور الروماني هارديان جيشاً إلى فلسطين فأخرجهم منها ومنعهم من دخولها نهائياً وفر من نجا منهم

    إلى جزيرة العرب.وكانت (يثرب) عندما جاءها أشتات اليهود الهاربين عامرة بمجتمع يضم قبائل عربية بعضها بقية من العماليق وبعضها

    قبائل توافدت من أطراف (يثرب) القريبة والبعيدة. وأول من وصل (يثرب) من اليهود ثلاث قبائل هم بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع،


    ثم تبعتهم قبائل أخرى ونزلت بنو النضير عند وادي (بطحان) وبنو قريظة عند وادي (مهزور) وبنو قينقاع في الوسط، ثم انتشروا في أخصب

    بقاع المنطقة. وقد سالموا العرب المقيمين في يثرب أول الأمر وأحسنوا التعامل معهم وانهمكوا في زراعتهم وبعض الصناعات التي كانوا

    يتقنونها، ودفعوا لرؤساء القبائل المجاورة إتاوة مقابل عدم مهاجمتهم، وأقاموا تجمعات مغلقة وبنوا الحصون والآطام، وجمعوا ثروات كبيرة

    وكان أحبارهم يختصون بالأمور الدينية ويحكمون فيما يقع بينهم من خصومات. وقد اهتموا بزراعة النخل واتسعت زراعتهم وكثرت آطامهم

    وانتشرت في الأطراف الشرقية والجنوبية من يثرب، ولم يتحمسوا لنشر عقيدتهم بين القبائل العربية الوثنية واكتفوا ببعض الأفراد والأفخاذ

    التي مالت إليهم ثم تهودت تدريجياً وما لبثوا أن سيطروا على الحركة الاقتصادية وأشاعوا القروض الربوية الفاحشة. وعندما وصلت قبيلتا

    الأوس والخزرج المهاجرتين من اليمن كانوا المتنفذين في يثرب فطلبوا منهم أن يسمحوا لهم بالنزول في المناطق المجاورة لمزارعهم وكان

    اليهود في حاجة إلى الأيدي العاملة لاستثمار مزارعهم وثرواتهم المتزايدة فسمحوا لهم بالنزول في المناطق غير المأهولة من يثرب

    واستخدموهم في مزارعهم وبدأت مرحلة جديدة من تاريخ يثرب نتعرف عليها في الفقرة التالية فقرة الأوس والخزرج.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:10

    ** الحلـــقة الخـامسـة**


    الأوس والخزرج

    يتفق المؤرخون على أن الأوس والخزرج قبيلتان قحطانيتان، جاءتا من مملكة سبأ في اليمن على إثر خراب سد مأرب، وعندما وصلتا إلى

    يثرب أعجبتا بما فيها من أرض خصبة وينابيع ثرة، وقد كان سكانها ـ وخاصة اليهود ـ في حاجة إلى الأيدي العاملة لاستثمار الأراضي،

    فسمحوا لهم بالنزول قريباً منهم بين الحرة الشرقية وقباء، وكانت ظروف عملهم أول الأمرقاسية وبمرور الزمن تحسنت أحوالهم، فبدأ اليهود

    يخافون من منافستهم، فتداعى عقلاء الطرفين إلى عقد حلف ومعاهدة يلتزمان فيها بالسلام والتعايش والدفاع عن يثرب إزاء الغزاة، فتحالفوا

    على ذلك والتزموا به مدة من الزمن، ازداد خلالها عدد الأوس والخزرج ونمت ثرواتهم، ففسخ اليهود الحلف وقتلوا عدداً منهم وعملوا على

    إذلالهم، وبقي الأوس والخزرج على تلك الحال إلى أن ظهر فيهم مالك بن العجلان الذي استنجد بأبناء عمومته الغساسنة في الشام فاستجابوا

    له وأرسلوا جيشاً كسر شوكة اليهود فعادوا إلى الوفاق وعاشوا فترة أخرى حياة متوازنة، فعندما هاجم تبع بن حسان (يثرب) وأراد تخريبها وقف

    الجميع في وجهه حتى رجع عن قصده وصالحهم وفي هذه المرحلة من الوفاق تحرك أبناء الأوس والخزرج خارج الحزام الذي كانوا محتبسين

    فيه وبنوا المنازل والآطام في سائر أنحاء (يثرب) وتوسعوا في المزارع وصار لكل بطن من بطونهم مواقع كثيرة، حينئذ خطط اليهود لاستعادة

    سلطتهم عليهم بطريقة جديدة ترتكز على التفريق بينهم وضرب بعضهم ببعض فأعادوا التحالف معهم وجعلوا كل قبيلة منهم تحالف واحدة من

    القبيلتين الأوس والخزرج تمهيداً لإيقاع الفتنة بينهم، فتحالف بنو النضير وبنو قريظة مع الأوسيين، وتحالف بنو قينقاع مع الخزرجيين، وبدأت

    كل فئة يهودية تسعر النار في حليفتها على الطرف الآخر وتذكي العداوة والشقاق بينهما، ونجحت الخطة الماكرة واشتعلت الحروب الطاحنة

    واستمرت قرابة مائة وعشرين عاماً ولم تنته حتى جاء الإسلام فأطفأها.

    المعارك بين الأوس والخزرج

    بدأت المعارك بين الأوس والخزرج بحرب سمير وانتهت بحرب بعاث قبل الهجرة بخمس سنوات وما بين هاتين الحربين نشبت أكثر من عشرة

    حروب، وكان لليهود دور في إثارتها وإذكائها وأهم تلك الحروب والوقائع ما يلي: حرب سمير، وحرب حاطب، ووقعة جحجبا وموقعة السرارة

    وموقعة الحصين بن الأسلت وموقعة فارع ويوم الربيع وموقعة الفجارالأولى والثانية وموقعة معبس ومضرس.

    وكان آخرها وأشدها حرب بعاث، وقد استعد لها كل من الأوس والخزرج أكثر من شهرين بسبب الأحقاد المتراكمة وتحالف الأوس مع بني قريظة

    وبني النضير، بينما تحالف الخزرجيون مع مزينة وأشجع وخالفهم عبد الله بن أبي بن سلول، والتقى الطرفان في منطقة تسمى بعاث، واقتتلوا

    قتالاً شديداً، وتضعضع الأوسيون وحلفاؤهم وقتل عدد كبير منهم وبدؤوا بالفرار ولكن قائدهم حضير الكتائب ثبتهم، فقاتلوا بشجاعة وهزموا

    الخزرجيين وحلفاءهم، وهموا أن يقضوا عليهم نهائياً حتى صرخ رجل من الأوس (يامعشر الأوس انسحبوا ولا تهلكوا إخوانكم، فجوارهم خير

    من جوار الثعالب) ويقصد اليهود الماكرين. وبعد تلك الواقعة سئموا الحرب وكرهوا الفتنة وأجمعوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي بن سلول ملكاً

    عليهم ليستتب الأمن وتنتهي الفتن. وشاء الله أن تحدث بيعة العقبة الأولى ثم تليها العقبة الثانية في مكة وشارك فيها أفراد من القبيلتين

    المتصارعتين، فكانت بداية لتأليف القلوب وجمعها على الدين الحنيف. وعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة أطفأ العداوة بين

    القبيلتين نهائياً وصاروا بفضل الله إخواناً وبدأت صفحة جديدة من تاريخ المدينة المنورة.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:12

    ** الحلـــقة السـادســة**

    العصــــــــــــــــــر المشــــــــــــــرق

    العهد النبوي الهجــرة

    في نهاية السنة الثانية عشرة للبعثة النبوية، وعلى أثر بيعة العقبة الثانية، التي دعا فيها المسلمون من أهل يثرب

    (المدينة فيما بعد) رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقية المسلمين في مكة إلى الهجرة إليهم. تهيأت الظروف للهجرة

    فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الهجرة للمدينة، ثم تبعهم مع صاحبه أبي بكر الصديق، ووصل إلى

    قباء أولاً فأقام فيها بضعة أيام وأسس مسجدها، ثم انتقل إلى المدينة ونزل في دار أبي أيوب الأنصاري، وكان أول عمل

    عمله بعد وصوله هو إنشاء المسجد النبوي وقد خططه بيده الشريفة في المكان الذي بركت فيه ناقته عند وصوله إلى

    المدينة وشارك في أعمال البناء بنفسه، وبنيت له غرفة ملاصقة في الجهة الشرقية الجنوبية من المسجد، سكن فيها

    مع زوجته سودة وبناته، ثم بنيت غرفة أخرى عندما تزوج عائشة رضي الله عنها ووصل إلى المدينة كل من استطاع

    الخروج من مكة من المسلمين وصودرت بعض بيوت المهاجرين، ومنع بعضهم من إخراج أمواله وأخذت منه.

    ولم يبق في مكة من المسلمين غير المستضعفين والذين يكتمون إسلامهم.

    تحولات بعد الهجرة

    بدأت التغييرات الكبيرة في المدينة المنورة، فألغي اسم يثرب وصار المدينة، وطابة، وطيبة... إلخ ونشأ تجمع جديد

    تآخى فيه المهاجرون والأنصار، وانتهت العداوة بين الأوس والخزرج فأصبحوا أخوة في الإسلام وأسلم عدد قليل جداً

    من اليهود وتقوقع الباقون في أحيائهم يكيدون للإسلام والمسلمين.

    سرايا الجهاد

    أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاقب قريشاً لعدوانها على بعض المهاجرين ومصادرة بيوتهم وأموالهم وأن

    يظهر القوة الجديدة المتنامية للمجتمع المسلم في المدينة، فأرسل في شهر رمضان من السنة الأولى للهجرة سرية

    من المهاجرين فقط بقيادة عمه حمزة بن عبد المطلب لتعترض قافلة لقريش تسير في طريق الساحل، ثم توالت بعد ذلك

    سرايا المسلمين في مناطق عدة من الحجاز وأطراف نجد تواجه خصوم الدعوة الإسلامية وتضرب تجمعاتهم قبل أن تتجه

    إلى المدينة أو تحملهم على الصلح والموادعة وتبلغ الدعوة للقبائل الأخرى. وحققت هذه السرايا انتصارات كثيرة

    للمسلمين وأحست قريش بذلك وخافت على تجارتها وبدأت تشن حرباً إعلامية بالشعر فاستنهضت شعراءها أمثال

    عبد الله بن الزبعرى وأبو سفيان بن الحارث وابن خطل وغيرهم لهجاء المسلمين وتشويه صورة الإسلام في أذهان

    القبائل العربية قبل أن تصلهم الدعوة، وتصدى شعراء المسلمين لهم وخاصة حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة

    وكعب بن مالك.

    غزوة بدر

    في رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج المسلمون بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعترضوا قافلة لقريش

    يقودها أبو سفيان، ولكن أبا سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل واستنفر أهل مكة، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى

    الجمعان في بدر في السابع عشر من رمضان سنة اثنتين للهجرة. ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم

    وعدتهم فقد كانوا ثلاثمائة وسبعة عشر وكان المشركون أكثر من ألف وأثمرت نتائج النصر ثماراً كثيرة، فقد ارتفعت

    معنويات المسلمين وعلت مكانتهم عند القبائل التي لم تسلم بعد، واهتزت قريش في أعماقها وخسرت كبار صناديدها

    وأعمدة الكفر، وأخذت تعد للثأر والانتقام. وبينما كان المجتمع المسلم ينمو ويجتذب إليه بقية قبائل المدينة ومن حولها،

    كان مشركو مكة يعدون العدة لموقعة تالية. وخلال سنة تحققت للمسلمين في المدينة عوامل أمن خارجية وداخلية

    فقبائل غطفان وسليم التي كانت تعد لمهاجمة المسلمين بلغها انتصار المسلمين في بدر وتحركهم بعد ذلك لضربها،

    فخافت وتركت ديارها وخلفت غنائم كثيرة للمسلمين، كما أجلي بنو قينقاع إحدى قبائل اليهود لكيدهم بالمسلمين

    وعدوانيتهم.

    غزوة أحد

    في شوال سنة ثلاث للهجرة خرجت قريش بثلاثة آلاف مقاتل ومائتي فارس للانتقام من المسلمين وبلغ الخبر

    رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشار الصحابة فأشار بعضهم باستدراجهم إلى المدينة وضربهم في شوارعها،

    خاصة وأن أهل المدينة أعرف بشوارعهم، ولهم خبرة بحرب المدن اكتسبوها من الحرب الطويلة بين الأوس والخزرج

    ومال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الرأي ولكن عدداً آخر من الصحابة المتحمسين للجهاد طلبوا مواجهتهم

    خارج المدينة وألحوا في طلبهم فاستجاب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج بالمسلمين إلى أحد وفي الطريق

    نكص رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول و ثلاثمائة من أتباعه وعادوا إلى المدينة وتابع المسلمون سيرهم إلى

    أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير قربه يسمى جبل عينين، ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم الرماة

    على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وصف الباقين في

    مواجهة المشركين وبدأت المعركة فحاول فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم

    فصدهم الرماة، وهجم المشاة والتحم الفريقان وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في

    صفوفهم وبدؤوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن

    المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا

    لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال فالتف بفرسانه من خلف أحد وفاجأ بقية الرماة على الجبل فقتلهم

    وهاجم المسلمين من خلفهم، وعاد إليه الهاربون من المشركين فتغيرت موازين المعركة، وانسحب رسول الله صلى الله

    عليه وسلم بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المشركون الوصول إليه ففشلوا

    ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال وركبوا إبلهم وانسحبوا عائدين إلى مكة متوعدين بوقعة أخرى. وتجمع

    المسلمون فدفنوا شهداءهم وبلغ عددهم سبعين، فيهم حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ـ وقد

    مثلت بجثته هند بنت عتبة ـ ومصعب بن عمير وآخرون.

    ما بعد المعركة

    رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتيجة معركة أحد قد تجعل أعداء المسلمين من اليهود والمشركين

    والمنافقين يستهينون بهم فقرر إظهار قوة المسلمين وبأسهم، فأمر في صبيحة اليوم الثاني كل من حضر المعركة

    أن يخرج معه لمطاردة المشركين، فخرجوا وكان المشركون بعد أن ساروا شوطاً فرحين بما حققوه في المعركة

    قد توقفوا، وندموا لأنهم لم يهاجموا المدينة ويستأصلوا المسلمين، وهموا بالعودة. فلما بلغهم خروج المسلمين

    لمطاردتهم خافوا أن يكون المسلمون قد ازداد عددهم فيبطشوا بهم، فأسرعوا السير إلى مكة، ومضى المسلمون

    حتى وصلوا حمراء الأسد، وبلغهم فرار المشركين، فمكثوا ثلاثة أيام، ثم عادوا إلى المدينة وهم أقوى عزيمة على الجهاد.

    استمرت الحياة في المدينة المنورة في خطين متوازيين:

    الخط الأول: خط الدعوة وتعميق الإيمان في قلوب المسلمين، وكان يتمثل في تجمع الصحابة حول رسول الله صلى الله

    عليه وسلم يأخذون منه شرائع دينهم ويتعلمون السلوك الإسلامي ويدعون من لم يسلم بعد من أهل المدينة

    وما حولها إلى الإسلام.

    الخط الثاني: مواجهة خصوم الإسلام والمسلمين في غزوات وسرايا يجاهد فيها المسلمون ما وسعهم الجهاد سواء

    في ضواحي المدينة أو في مناطق بعيدة تتجمع فيها قبائل تهدد المسلمين، ونتيجة لذلك تخلصت المدينة من ثاني قبيلة

    يهودية هم بنو النضير، الذين نقضوا العهد مع المسلمين وحاولوا اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم

    المسلمون ثم أجلوهم إلى بلاد الشام. وخرجت غزوات وسرايا إلى مناطق في الحجاز ونجد ودومة الجندل فضربت

    بعض القبائل التي كانت تعد للهجوم على المسلمين، وعلمت بعضها بتوجه المسلمين إليها فهربت قبل وصولهم.

    وفي السنة الخامسة شهدت المدينة أكبر حدث عسكري في هذا العهد هو غزوة الخندق.

    غزوة الخندق

    لم تستطع قريش حماية تجارتها الخارجية رغم ماحدث في غزوة أحد، فقد واصل المسلمون غاراتهم على قوافلها

    وهددوا طرقها من جميع الاتجاهات لذا قرر زعماء قريش القضاء على المسلمين نهائياً وشجعهم على ذلك نفر من

    بني النضير الذين أجلاهم المسلمون عن المدينة منهم (سلام بن مشكم وحيي بن أخطب) واستنهضوا القبائل الحليفة

    وحثوهم على المشاركة في الهجوم وتعهدوا بدفع نصف ثمر خيبر لقبيلة غطفان مقابل مشاركتها قريشاً في القتال

    ووعدوهم بتأليب بني قريظة على المسلمين وتجمعت حشودهم التي بلغت عشرة آلاف مقاتل، ثم تحركت إلى المدينة في شعبان سنة خمس للهجرة / شباط (فبراير) سنة 627 للميلاد. فبلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشار

    أصحابه، واجتمع الرأي على التحصن بالمدينة وأشار سلمان الفارسي بحفر الخندق في المنطقة التي يمكن أن يدخل

    الجيش منها إلى المدينة، وتجمع المسلمون وكان عددهم ثلاثة آلاف مقاتل. وشرعوا يحفرون الخندق وبلغ طوله

    خمسة آلاف ذراع وعرضه تسعة أذرع وعمقه ما بين سبعة إلى عشرة أذرع. ووزع رسول الله صلى الله عليه وسلم

    المسلمين على منطقة الحفر، فكلف كل عشرة من المسلمين بحفر أربعين ذراعاً طولياً. وعمل معهم رسول الله صلى الله

    عليه وسلم بنفسه وكان البرد شديداً والطعام قليلاً ولكن قوة الإيمان غلبت الجوع والبرد، وكان رسول الله صلى الله

    عليه وسلم يشد على بطنه حجراً من شدة الجوع ويردد مع صحابته الأهازيج وأثناء ذلك حدثت عدة معجزات، منها

    معجزة تكثير الطعام والبشارة بفتح الشام والعراق واليمن وإخباره باستشهاد عمار بن ياسر على يد الفئة الباغية.

    وتم حفر الخندق في ستة أيام، وتوزع الصحابة على امتداده، ونظمت دوريات الحراسة ووصلت جموع الأحزاب

    ففوجئوا بالخندق وعسكروا خلفه وحاول بعض فرسان المشركين اقتحام الخندق وكان المسلمون لهم بالمرصاد.

    وكرروا المحاولة في جمع كبير فدار قتال طويل شغل المسلمين عن أداء صلاة العصر في وقتها. وبعد أيام من بدء

    الحصار نقض يهود بني قريظة العهد فسيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدوريات لإشعارهم بوجود جيش المسلمين

    وليمنعهم من الاعتداء على النساء والأطفال. واشتد الحصار ولم يكن هناك سوى التراشق بالنبال ومحاولات فاشلة

    لاقتحام الخندق، وأثناء ذلك أسلم نعيم بن مسعود الغطفاني وأخفى إسلامه واستطاع أن يوقع بين الأحزاب واليهود، ولذلك

    لم تخرج قريظة لقتال المسلمين واستمر الحصار أربعة وعشرين يوماً وشعر الأحزاب أنهم لن يحققوا شيئاً. وأخيراً هبت

    ريح شديدة باردة عصفت بخيام المشركين وأطفأت نيرانهم وكفأت قدورهم فقرروا الرحيل وانسحبوا عائدين إلى بلادهم

    دون أن يحققوا شيئاً. وقد نزل في هذه الغزوة قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود

    فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً... الأحزاب آية 9) وقوله عز وجل (ورد الله الذين

    كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً... الأحزاب الآية 25)واستشهد في هذه

    الغزوة ثمانية من المسلمين وقتل من المشركين أربعة. وكانت آخر مرة يهاجم فيها المشركون المدينة فقد انقلبت

    موازين القوى وتحقق قوله صلى الله عليه وسلم بعد انسحاب الأحزاب مباشرة (الآن نغزوهم ولا يغزونا)



    وكان من نتائج هذه الغزوة :

    تخلص المدينة من آخر قبيلة يهودية فيها هي قبيلة بني قريظة التي حاولت الغدر بالمسلمين وهم

    محاصرون، فقد نزل الوحي يأمر بالتوجه إليهم وقتالهم فانتدب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين لذلك

    وحاصروهم حصاراً شديداً فطلبوا أن يحكم فيهم سعد بن معاذ فحكم بقتل المقاتلين وسبي النساء والذراري،

    ونفذ الحكم.

    أصبحت المدينة بعدها مركز قوة متنامية للإسلام، فآمن معظم أهلها، ومن لم يؤمن أظهر الإيمان نفاقاً وخوفا.ً

    غزوة الحديبية

    في العام السادس للهجرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه 1600 من المسلمين لأداء العمرة وحاولت قريش

    منعهم ثم عقدت معهم صلح الحديبية الذي أوقف الحرب وأتاح للمسلمين فرصة الحركة والدعوة بين القبائل وخارج

    الجزيرة العربية، كما أتاح لهم مواجهة بقية القبائل المعادية دون أن تتدخل قريش وحلفاؤها، واستطاع المسلمون أن

    يمدوا سلطانهم شمالي المدينة إلى خيبر ووادي القرى، ففتحوا خيبر، وغنموا منها الكثير، وصالحوا أهلها على أن يبقوا

    فيها، ويعملوا في الأرض بالمشاركة، وللمسلمين إخراجهم في أي وقت، ووادعت المسلمين بقية قبائل المنطقة.

    ما قبل الفتح

    ازداد عدد المسلمين في المدينة فقد أسلم كل أهلها تقريباً، وهاجر إليها آخرون من مكة ومناطق أخرى ولم يعد المسجد

    النبوي يتسع للمصلين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيادة مساحته، فأضيفت إليه أرض مجاورة وامتد العمران

    ليستوعب الأعداد الجديدة وازدهرت الحياة وتواصل خروج الدعاة والسرايا لنشر الإسلام وتأديب خصومه الذين يقفون في

    طريق الدعوة أو يعدون للعدوان على المسلمين وكانت معظم السرايا تنجح في مهمتها، فتدخل القبائل في الإسلام

    أو تهرب أو تصاب بضربة موجعة. وكانت في بعضها تخسر الشهداء كما حدث في غزوة مؤتة حيث سقط عدد من

    الشهداء قبل أن ينسحب خالد بن الوليد بالمسلمين ولكن الحصيلة العامة كانت لصالح الإسلام والمسلمين، فكانت

    قوتهم تتعاظم وحياتهم في المدينة تترسخ في ظلال الشريعة، والوحي يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظم لهم أمور دينهم.

    فتح مكة

    في السنة الثامنة للهجرة تحقق أكبر فتح للمسلمين وهو فتح مكة المعقل الأكبر للشرك آنئذ. فقد نقضت قريش الصلح

    الذي عقدته مع المسلمين في الحديبية، ونصرت بعض أحلافها على أحلاف المسلمين، فخرج إليهم رسول الله صلى الله

    عليه وسلم بعشرة آلاف من المسلمين، وحاول بعض زعماء مكة تجنب المواجهة دون جدوى، فقد خرج أبو سفيان إلى

    المدينة قبل أن يتحرك منها الجيش ليعتذر عما وقع ويؤكد الصلح، ولكنه أخفق في مسعاه، وخرج ثانية عندما اقترب

    الجيش من مكة، ولم يستطع أن يفعل شيئاً، فأسلم وعاد إلى مكة ليحذر قريشاً من مقاومة المسلمين، وليطلب منهم أن

    يستكينوا ويلزموا بيوتهم أو المسجد الحرام فيأمنوا على أنفسهم، ووصل الجيش إلى مكة، وحدثت مواجهة محدودة بين

    القوة التي يقودها خالد بن الوليد وبعض المكيين، وفتحت مكة وأزيلت الأصنام وارتفع الأذان فوق الكعبة، وعفا رسول الله

    صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة، ودخلت أعداد كبيرة منهم في الإسلام، وخرجت السرايا لتهدم بقية أصنام الجزيرة

    العربية، وتابع المسلمون طريقهم شرقاً وانضم إليهم كثيرون ممن أسلموا خلال الفتح أو بعده، وواجهوا قبيلة هوازن في

    معركة حنين، وهزموها، ثم حاصروا الطائف لبعض الوقت وعادوا إلى المدينة وقد انتشرت كلمة التوحيد في معظم أرجاء الجزيرة العربية.

    وفود القبائل من أنحاء الجزيرة إلى المدينة

    أصبحت المدينة بعد فتح مكة مركزاً يستقطب القبائل واستقبلت الوفود المتوالية من أنحاء الجزيرة العربية كلها تعلن

    إسلامها طوعاً، وخرجت سرايا الدعوة إلى تبوك ودومة الجندل واليمن فنشرت الإسلام فيها، وبلغت المدينة بدءاً من السنة التاسعة للهجرة أقصى درجات اتساعها وازدهارها في العهد النبوي.

    حجة الوداع

    في السنة العاشرة للهجرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج وصحبه آلاف المسلمين من المدينة وما حولها

    وحجوا معه حجة الوداع واستمعوا لتوجيهاته صلى الله عليه وسلم وهو يودعهم ويستأمنهم على الدين الحنيف. وكان

    مما قاله في خطبته:

    ـ إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.

    ـ اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله.

    ـ تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي.


    إلى الرفيق الأعلى

    عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحج وأمر بتجهيز جيش إلى الشام بقيادة أسامة بن زيد وقبل خروج الجيش

    أصابه المرض ثم اشتد عليه فأمر أبا بكر بأن يؤم الناس في الصلاة وما لبث أن لحق بالرفيق الأعلى وذلك في ربيع

    الأول سنة إحدى عشرة للهجرة وبوفاته انتهت أزهى مرحلة من حياة المدينة مرحلة النبوة التي صارت فيها عاصمة

    للدولة الإسلامية الناشئة ومركز التوجيه النبوي للمجتمع المسلم، وحملت بفضلها تراثاً عظيماً يبقى إلى أن يرث الله

    الأرض ومن عليها مرجعاً للمسلمين، واكتسبت مكانة عظيمة في قلب كل مسلم إلى يوم الدين.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:14

    ** الحلــقة الســابـعــة**

    المدينة في عهد الخلفــــــــــــاء الراشدين



    المدينة في خلافة أبي بكر
    (( 11 ـ 13هـ ))


    كانت المدينة المنورة في معظم هذا العهد عاصمة الدولة الإسلامية المتنامية ومركز توجيه الفتوحات ونشر الإسلام

    في الأمصار، ومركز الحركة السياسية والنشاط الاقتصادي. تولى أبو بكر الصديق الخلافة بعد مداولات بين المهاجرين

    والأنصار جرت في سقيفة بني ساعدة، فبعث جيش أسامة بن زيد الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتجهيزه قبل

    وفاته إلى أطراف الشام، وامتنعت بعض القبائل التي لم يتمكن منها الإسلام بعد عن دفع الزكاة وارتدت بعض القبائل

    وادعى بعض الأفراد النبوة، وجمعوا حولهم أنصارهم، واقتربت قبائل أخرى من المدينة طمعاً ببعض المغانم، واجتهد

    أبو بكر رضي الله عنه في تثبيت الأمن في المدينة، وقاد بنفسه حملات سريعة لإبعاد الطامعين وتأمين المدينة. ولما

    عاد جيش أسامة بالنصر والغنائم جهز حملات أخرى لتأديب مانعي الزكاة وقتال المرتدين والمتنبئين، وصارت المدينة

    منطلقاً لحملات نشطة استطاعت أن تعيد الأمن والطمأنينة إلى الجزيرة العربية، ثم تحولت إلى حركة فتوحات في الشام

    والعراق. وانخرط كثير من أهل المدينة في الجهاد واستشهد عدد كبير منهم معظمهم من حفظة القرآن، فأمر أبو بكر

    بجمع القرآن في مصحف موحد فجمع. ووردت إلى المدينة الغنائم والسبايا، وأعتق الكثير منهن الإسلام وتزوجن، لينشأ

    جيل جديد تتعدد دماؤه انصهر في مجتمع المدينة. وتوفي أبو بكر في 22 جمادى الآخرة عام 13 هـ والمدينة عاصمة

    لمنطقة واسعة تشمل الجزيرة العربية كلها وجنوب بلاد الشام.



    المدينة في خلافة عمر بن الخطاب
    (( 13 ـ 24 هـ ))


    تولى عمر بن الخطاب الخلافة سنة 13 للهجرة، وكان إدارياً حازماً صاحب اجتهاد وفراسة، فانتدب الناس للجهاد

    وتوسيع الفتوحات في بلاد الشام وفارس وفتحها الله في عهده ووردت الأموال الكثيرة إلى المدينة فأحدث عمر ديواناً

    للعطاء فرض فيه لكل مولود مسلم راتباً سنوياً يأخذه طوال عمره، وأحدث دواوين الجند والبريد، وحرص على تفقد

    أمور الرعية بنفسه، فكان يخرج في الليل والنهار ويطوف في الأسواق والشوارع ويتتبع أحوال الناس باهتمام بالغ،

    فعاشت المدينة سنوات من الطمأنينة والرخاء والازدهار وهاجر إليها كثيرون واتسع العمران، وضاق المسجد النبوي

    بالمصلين فأضاف إليه عمر أرضاً من الدور المجاورة ووسعه. وفي سنة 18 هـ أحدث القحط مجاعة في المنطقة

    وزحفت القبائل إلى أطراف المدينة تستغيث فخصص لها عمر ما يكفي من الطعام وأقام الموائد الجماعية وكتب إلى

    الأمصار يطلب النجدة، وكان يطوف بنفسه على البيوت والخيام ويراقب توزيع الطعام وهو جائع لا يأكل حتى يأكل

    الآخرون، ثم جمع الناس وعلى رأسهم العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى بهم صلاة الاستسقاء

    فكشف الله الغمة وهطلت الأمطار ووصلت النجدات من الأمصار كما وصلت غنائم الفتوحات وخاصة كنوز كسرى

    وحاشيته فوزعها عمر على الناس، ونفذ عمر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج غير المسلمين من جزيرة

    العرب، وصفت المدينة وبقية الجزيرة للمسلمين، وانتشر العدل والرخاء وطلب عمر من الله أن يرزقه الشهادة في المدينة،

    فاستجاب له، وطعنه أبو لؤلؤة المجوسي الحاقد على الإسلام والمسلمين وهو في صلاة الفجر فتوفي بعد ثلاثة أيام في

    أول المحرم سنة 24 هـ.



    المدينة في خلافة عثمان بن عفان
    (( 24 ـ 35 هـ ))


    تولى عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة بعد استشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في محرم سنة 24 للهجرة،

    وكان في السبعين من عمره، غنياً وديعاً ليناً. عاشت المدينة ـ والبلاد الإسلامية الأخرى ـ ست سنوات من خلافته

    في سعة وطمأنينة، وكتائب الجهاد تفتح البلاد والخيرات تفد على المدينة والناس يشتغلون بالعلم وبأمور حياتهم اليومية

    وتتسع المدينة فتصل إلى جبل سلع والقبلتين وقباء ويبدأ البناء على وادي العقيق ويتفقد عثمان أحوال السوق بنفسه.

    وفي عام 29 هـ جدد عمارة المسجد النبوي فبناه بالحجارة المنقوشة ووسعه، وفي عام 30 هـ كلف بعض الصحابة

    بتدقيق المصحف وفق النسخة التي جمعت في عهد أبي بكر وكتبت نسخة موحدة مدققة وأرسلت نسخ منها للأمصار،

    ومضت السنوات الست في حياة أهل المدينة هادئة وادعة وعثمان يسع الناس بحلمه في أمورهم الدنيوية ويقف بالمرصاد

    لأي انتهاك للحرمات ويقيم الحدود، وانتشر الثراء بين عدد من أهل المدينة.

    الفتنة الكبرى

    في عام 32 هـ بدأت خيوط الفتنة على يد يهودي ادعى الإسلام هو عبد الله بن سبأ، استغل الرخاء وحلم الخليفة وبدأ

    ينسج الشائعات المثيرة حوله، فكُشِفَ أمره وطُرِد من المدينة فخرج إلى الكوفة، ثم البصرة ثم مصر يحرض بمكر

    شديد على الخليفة وأمرائه ويدعو للثورة عليهم ونجح في استثارة عدد من الناس، فتكاتبوا وتجمعوا في المدينة قبل

    الحج عام 35 هـ وعاملهم الخليفة بحلمه الواسع أول الأمر فحاورهم ودحض الافتراءات التي استثارتهم، فخرجوا

    من المدينة، لكنهم ما لبثوا أن عادوا إليها وحاصروا الخليفة في بيته وزعموا أنهم اكتشفوا رسالة من الخليفة إلى

    والي مصر تأمر بقتلهم، ولم يكن لعثمان جيش أو شرطة قادرة على مقاومتهم، فانتشروا في المدينة وأخذوا

    يتصرفون في أمورها. وبلغهم أن جيشاً قادماً من الشام لنصرة الخليفة فاقتحموا على عثمان بيته وحاول الشباب من

    أبناء الصحابة حمايته، لكن أصحاب الفتنة تغلبوا عليهم وقتلوا عثمان وهو يقرأ القرآن. فكان قتله أكبر فاجعة

    تسوقها الفتنة وعم الاضطراب أنحاء المدينة، وحاول زعماء الفتنة إقناع علي وطلحة والزبير بتولي الخلافة فرفضوا.

    وبعد ثمانية أيام من الإلحاح والفوضى رأى علي رضي الله عنه أن يتدارك الأمر قبل أن يستفحل فقبل تولي الخلافة

    ليعالج الموقف بحكمة.

    المدينة في خلافة علي بن أبي طالب
    (( 36 ـ 40 هـ ))


    تولى علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة سنة 36 للهجرة بعد استشهاد الخليفة الثالث عثمان بن عفان

    رضي الله عنه، وكان همه الأول إعادة الأمن والطمأنينة إلى المدينة والقضاء علي جذور الفتنة فيها، ثم في الأمصار

    التي انطلقت منها، واستطاع إخراج المتآمرين منها، وأبعد الأعراب الذين حاولوا أن يستغلوا ظروف الفتنة فزحفوا إلى

    ضواحي المدينة وانتظم الأمن، وبدأ بمعالجة شؤون الأمصار فعزل الولاة الذين ثارت حولهم الشائعات واستغلها أصحاب

    الفتنة وأرسل ولاة آخرين. ولكن الفتنة انتقلت من المدينة إلى خارجها، فقد طالب بعض الصحابة ـ وعلى رأسهم السيدة

    عائشة رضي الله عنها ـ بالقصاص من القتلة وكانت قد خرجت من المدينة للحج قبل استشهاد عثمان، فلما بلغها

    استشهاده توجهت إلى العراق مع جمع من الصحابة، ورفض معاوية بيعة علي ورد واليه على الشام ورفع شعار

    الثأر لعثمان، فاضطر علي للخروج بمن تطوع معه لوقف انتشار الفتنة وتوجه للجمع الذي رافق السيدة عائشة

    رضي الله عنها لإقناعهم بالعودة إلى المدينة، ولكن بعضهم استطاع أن يثير القتال بين رجال علي والجماعة المحيطة

    بالسيدة عائشة، وقتل عدد من الصحابة حول الجمل الذي كانت تركبه السيدة عائشة، واستطاع علي ورجاله أن

    يضبطوا الأمور وينهوا القتال، وعادت السيدة عائشة ومرافقوها إلى المدينة معززة مكرمة، ولكن علياً وجيشه لم

    يعودوا بل توجهوا إلى الكوفة ونزلوا فيها يعدون لمواجهة الخلاف مع معاوية، واستخلف على المدينة سهل بن حنيف

    الأنصاري فبدأ الهدوء يخيم على الحياة في المدينة وبدأت تبتعد عن الأحداث الكبيرة التي تجري في العراق والشام،

    ولكن عدداً من أبنائها كانوا مع علي رضي الله عنه في الكوفة وفي صفين وفي التحكيم بينه وبين معاوية. وتوقف

    النزوح إليها وباستثناء من بقي من أهلها والوافدين لزيارة المسجد النبوي لم يعد يقصد المدينة أحد، وتقلص عدد

    سكانها وتقلصت الحركة الاقتصادية فيها تبعاً لذلك. وفي عام 38 هـ توفي سهل بن حنيف أمير المدينة فولى علي

    أبا أيوب الأنصاري، وكان متقدماً في السن وديعاً فحافظ على سيرة خلفه، وقل عدد القوافل القادمة فازداد الاهتمام

    بالزراعة لتأمين الحاجة الأولية للغذاء، وعندما شغل علي بقتال الخوارج في العراق أرسل معاوية جيشاً إلى المدينة

    بقيادة بسر بن أرطأة فتركها أبو أيوب ودخل الجيش سلماً وأخذ البيعة لمعاوية ولكن بسر بن أرطأة نقض الأمان لمن

    اتهموا بمظاهرة الخارجين على عثمان وقتل من وصل إليهم وهدم دورهم. ثم خرج من المدينة بجيشه واستخلف عليها

    أبا هريرة فعاد أبو هريرة بالناس إلى حياة الطمأنينة ودروس المسجد النبوي، وابتعد بالناس عن الفتنة. ثم جاء جيش

    لعلي بن أبي طالب بقيادة جارية بن قدامة. فترك أبو هريرة المدينة. ووصل جارية مع وصول خبر استشهاد

    علي بن أبي طالب في الكوفة فأخذ البيعة لابنه الحسن بن علي ثم خرج ليلحق بالحسن وعاد أبو هريرة فأحسن

    الناس استقباله، وواصل سيرته القويمة فيهم، وعاش أهل المدينة تلك الفترة حياتهم بين مشاغلهم اليومية، وحلقات

    العلم في المسجد النبوي. وما لبثت الفتنة أن خمدت عندما تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية، وعاد بمن

    معه من أهل المدينة إليها، وتحولت المدينة إلى مدينة هادئة، وصارت إمارة من إمارات الدولة الأموية الجديدة
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:15

    ** الحـلـقــــة الثـامنــة **

    المدينـــــــــــــــــــــــــــة في العصر الامـــــــــــوي


    المدينة والأمويون
    (( 41 ـ 132 هـ ))


    عاش أهل المدينة في العهد الأموي مراحل متوالية من الاستقرار والاضطراب فكانت لهم سنوات طمأنينة وسكينة تنتعش

    فيها الجوانب العلمية والاقتصادية، ويصبح هم الناس الاستفادة من أخبار الصحابة والتابعين وحلقات العلم في المسجد

    النبوي، والعمل في مزارعهم وتجارتهم والاستفادة من دخلهم المتنامي في بناء بيوت أو قصور جديدة وتحسين ظروف

    معيشتهم . ثم تفاجئهم فترة أخرى تشتعل فيها فتنة، أو يهددهم جيش قادم من جهة ما، أو يعين عليهم أمير لا يحسن

    معاملتهم، وتضطرب أحوال الناس في المدينة خلالها، وتتأثر أعمالهم في مزارعهم وتجارتهم، وتظهر آثارها في تراجع

    دخلهم وضيقهم بالحال، إلى أن يأتي الله بالفرج فتنتهي الفتنة أو يخرج الجيش الغازي أو يعزل الأمير القاسي.

    المرحلة الأولى من العهد الأموي
    (( 41 ـ 64 هـ ))


    بدأ العهد الأموي في المدينة سنة 41هـ عندما ألف الله بين المسلمين، فتنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية،

    وأخذ معاوية البيعة من أهل المدينة وانتقل مركز الخلافة إلى دمشق وأصبحت المدينة إمارة أموية، وعاد إليها أهلها

    الذين تركوها أيام الحرب بين علي ومعاوية وسكنت النفوس. وزار معاوية المدينة ووزع الأعطيات على وجوه أهلها

    يتألفهم بها وأحسن إلى الهاشميين وعين مروان بن الحكم أميراً عليها، فقد اهتم مروان بأمورها ومرافقها وأجرى فيها

    العين الزرقاء لسقاية أهلها وبعض بساتينها وانتعشت الزراعة والتجارة، وظل معاوية حريصاً على تألف وجوه أهل

    المدينة بالعطاء وخاصة الهاشميين. وفي عام 49هـ عزل مروان وتولى سعيد بن العاص واستمرت ولايته خمس

    سنوات استمر فيها الهدوء والأمن، فقد كان لين الجانب للناس، ولما بدأ معاوية بأخذ البيعة ليزيد ليكون الخليفة من

    بعده غضب مروان بن الحكم، فاسترضاه معاوية وأعاده إلى إمارة المدينة سنة 54هـ، ووعده أن يكون ولي عهد يزيد

    ، وبدأ مروان يأخذ البيعة ليزيد وجاء معاوية للمدينة واستطاع بدهائه أن يأخذها من أهل مكة والمدينة خاصة

    المعارضين له: الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر، ولكن معاوية

    أوقف الأعطيات عن المدينة واشتد مروان قليلاً على الناس وأنشأ مزارع لحسابه وحساب معاوية فضاق الناس به

    فعزله معاوية ثانية وولى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان.

    وعندما توفي معاوية سنة 60هـ انتهت مرحلة من الاستقرار والطمأنينة استطاع خلالها الخليفة أن يجمع شمل

    المسلمين ويوجه جهودهم إلى الفتوحات الإسلامية وبدأت مرحلة من الاضطرابات فقد بايع أهل المدينة ليزيد إلا

    الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وقلة معهم خرجوا إلى مكة مهددين بالانشقاق ولم يستطع أمير المدينة

    الوليد بن عتبة أخذ البيعة منهم فغضب عليه يزيد وعزله، وعين عمرو بن سعيد الأشدق، وكان شديداً فجعل على

    شرطته عمرو بن الزبير الذي قسا على كل من ظن أنه يميل للحسين بن علي أو أخيه عبد الله بن الزبير، وعذب

    الكثيرين ثم خرج على رأس جيش من (700) رجل لقتال أخيه عبد الله في مكة فكانت نهايته واقتص منه عبد الله

    لما فعله بأهل المدينة، فعزل يزيد (الأشدق) وأعاد الوليد بن عتبة ثانية.

    تابع المرحلة الأولى من العهد الأموي
    (( 41 ـ 64 هـ ))


    وجاءت الأخبار إلى المدينة باستشهاد الحسين بن علي وكل رجاله في كربلاء فضج أهل المدينة بالبكاء على ابن بنت

    رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقم بعضهم على الأمويين وأصبحوا مهيئين لخلع طاعتهم، وعزل يزيد أمير المدينة

    (الوليد بن عتبة) الذي لم يحسن التعامل مع ابن الزبير في مكة وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان وكان ليناً لا يعرف

    شيئاً عن شؤون الإمارة، وانتشرت الشائعات حول الخليفة يزيد تتهمه بالفسق وشرب الخمر واللهو بالصيد، ولم يتحقق

    أهل المدينة من صحة تلك الشائعات. ووقعت حادثة دفعت بعض أهل المدينة إلى خلع طاعة الأمويين فقد كانت في

    المدينة ضائقة لقلة الغلال وتأخر القوافل وحاول الموكل على مزارع معاوية في المدينة أن يخرج الغلال منها ويرسلها

    إلى الشام فمنعه بعضهم وطلب الموكل بالمزارع حمايته من الأمير فأرسل إليه بعض شرطة الإمارة فاصطدم الناس بهم

    وطردوهم جميعاً وأعلنوا خلع الطاعة للأمويين وطردوا الأمير عثمان وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل وعبد الله بن

    مطيع. وبدأت الفتنة تشتد وأحس العقلاء بخطأ الاندفاع وراءها ورفضوا المشاركة فيها وفي مقدمتهم علي بن الحسين

    زين العابدين وعبد الله بن عمر ووافق هذه الثورة في المدينة اشتعال ثورة عبد الله بن الزبير في مكة فاشتد الأمر

    على يزيد وخشي أن تتمزق أوصال الدولة الإسلامية إذا بقي أهل الحرمين ثائرين عليه فأرسل النعمان بن بشير يفاوض

    أهل المدينة على العودة للطاعة مع عهد الأمان والعطاء وما يريدونه وفشلت المفاوضات فأرسل يزيد جيشاً لإخماد الفتنة

    في المدينة ومكة بقيادة مسلم بن عقبة 63هـ فيه حوالي 12 ألف مقاتل وتفاقمت الأمور في المدينة عندما بلغهم

    الخبر وطرد الثائرون جميع الأمويين المقيمين فيها وأخذوا في تحصين المدينة والإعداد لمعركة لايعلم مداها إلا الله

    وأعيد حفر الخندق. وصل الجيش في 25 من ذي الحجة 63هـ وطلب من أهل المدينة العودة للطاعة باذلاً الأمان

    والعطاء، وأمهلهم ثلاثة أيام ولكن دون جدوى، فاشتعلت المعركة واقتحم الجيش المدينة من الحرة الشرقية، وقتل قادة

    الثائرين وأعداداً كبيرة من أبناء المهاجرين والأنصار ونهب الجنود المدينة ثلاثة أيام وأذل مسلم بن عقبة الكثيرين

    منهم وطلب منهم بيعة ذليلة وقتل من تردد في إعطائها، وهكذا قاست المدينة أفظع موقعة دموية في تاريخها سميت

    موقعة الحرة خسرت فيها المئات من أبنائها واستبيحت أموالها وأذل الكثيرون من أهلها.حاول يزيد أن يمسح جراح

    وقعة الحرة فأرسل الأعطيات والطعام لجميع أهل المدينة، وتولى روح بن زنباع إمارتها ولكن وفاة يزيد لم تتح

    المجال لمزيد من الإصلاح فقد عادت جيوشه إلى الشام، وأعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة في مكة وبايعه أهل

    المدينة فبدأت مرحلة جديدة في حياتها السياسية، وتولى إمارتها أخوه عبيد الله بن الزبير وتولى مروان الخلافة تسعة

    أشهر ثم مات دون إحكام قبضته على الحجاز، والذي سعى لإعادة المدينة بقيادة حبيش بن دلجة.

    المدينة في خلافة ابن الزبير
    (( 64 ـ 72 هـ ))


    عاشت المدينة ثماني سنوات تابعة لعبد الله بن الزبير الذي أعلن نفسه خليفة في مكة، وتبعته بعض الأمصار الإسلامية،

    وكاد أن يستقر له الأمر لولا انتزعه عبد الملك بن مروان.

    وخلال هذه المدة تولى إمارة المدينة عدد من أنصار عبد الله بن الزبير، وحدثت معارك بينهم وبين أنصار الأمويين خارج

    المدينة وانسحب بعضهم منها لبعض الوقت ودخلها جيش الأمويين وانسحب منها أيضاً، لذلك فإن الاستقرار السياسي

    في هذه الفترة لم يكن كاملاً. وبالمقابل فإن أهل المدينة لم يصبهم عنف الصراع وجراحاته، ولكن أصابهم الضيق من

    الصراع الدائر حولهم من دفع الخراج والنفقات لهذا الطرف حيناً ولذلك الطرف حيناً آخر، وحرمانهم من العطاءات

    واضطراب التجارة بسبب الفتن.

    وقد تولى إمارة المدينة خلال هذه الفترة كل من عبيد الله بن الزبير شقيق عبد الله بن الزبير وفي عهده جاء الجيش

    الأموي إلى المدينة بقيادة حبيش بن دلجة ولم يكن فيها جيش قادر على مواجهته فانسحب عبيد الله برجاله وأنقذ المدينة

    من صراع دام فدخلها ابن دلجة ولم يحسن معاملة أهلها، ثم خرج مطارداً من جيش ابن الزبير الذي جاء من مكة،

    وحاصر الجيش المدينة فقتل وشتت أصحاب ابن دلجة. ثم تولى مصعب بن الزبير إمارة المدينة، فأحسن إلى أهلها،

    وخفف عنهم الخراج وتزوج سكينة بنت الحسين، ومالبث أن ترك المدينة وتوجه إلى العراق للقضاء على فتنة

    المختار الثقفي، وتولى عبد الرحمن بن الأشعث الإمارة وكان شديداً وخشي أن ينقض أهل المدينة البيعة، فأخذها منهم

    بشيء من القسوة، وضرب التابعي الجليل سعيد بن المسيب لأنه رفض المبايعة، وعلم ابن الزبير بذلك فعزله وولى

    جابر بن الأسود بن عوف، الذي أحسن إلى الناس ولكن سياسة ابن الزبير لم تنجح في شد أهل المدينة إليه فقلة

    موارده الاقتصادية، وتورعه في توزيع أموال بيت المال على الناس وحاجة جيوشه إلى المال لمواجهة جيوش

    عبد الملك بن مروان جعلت أمراءه لايوزعون الأعطيات، وعلى العكس من ذلك يستوفون الخراج، وصادف عهده

    جفاف وقحط، لذلك تضايق الكثيرون، ومالبثت خلافته أن ضعفت باستيلاء جيوش عبد الملك على العراق وقتل أخيه

    مصعب ثم زحف إلى الجزيرة العربية وأحس ابن الزبير فغير بعض أمرائه، وعزل جابر بن الأسود عن المدينة وولى

    طلحة بن عبد الله بن عوف فكان آخر أمرائه عليها، وما لبث أن جاء جيش الأمويين بقيادة طارق بن عمرو مولى

    عثمان بن عفان قديماً، ولم يكن لدى طلحة جيش قادر على المقاومة فانسحب من المدينة برجاله ودخلها طارق

    سلماً، وكان كريماً في معاملته مع أهلها، وتولى إمارتها، فدخلت المدينة سلطة المروانيين من بني أمية.

    المدينة في المرحلة الثانية من العهد الأموي
    ((70 ـ 132 هـ ))


    امتد هذا العهد ستة عقود وانتهى بنهاية الدولة الأموية عام 132هـ، وتميز بالاستقرار والطمأنينة، توالى فيها أمراء؛

    بعضهم لين الجانب يحسن معاملة أهل المدينة ويكرمهم، وبعضهم يشتد عليهم، وبخاصة على الهاشميين من أحفاد

    الحسن والحسين، و الزبيريين من أحفاد عبد الله بن الزبير، خشية ثورتهم أو تأليب الناس على الأمويين، لكن المدينة التي

    آلمتها وقعة الحرة من قبل، وأزعجها فترة الصراع بين ابن الزبير والأمويين لم تعد تعبأ بأمور السياسة والحكم، واشتغل

    معظم الناس فيها بالعلم والزراعة والتجارة، واستغرقتهم أمور حياتهم اليومية، وغالباً ما كان الأمراء الذين يشتدون

    عليها يعزلون ويعاقبون أو ينتهون نهاية سيئة.

    بدأت الفترة هذه بإمارة طارق بن عمرو سنتين هادئتين، ثم عين الحجاج أميراً على الحجاز واتخذ مقره في المدينة،

    فقاسى أهلها عامين كاملين من شدته، وقد آذى بعض الصحابة أمثال أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وجابر بن عبد الله،

    بحجة أنهم لم ينصروا الخليفة عثمان أيام الفتنة، ولم تحظ المدينة بأي عطاء أو أموال من عائدات الفتوح، وانحصر

    العطاء فيمن يقصد الخليفة في الشام وكانوا قلة، ونقل الحجاج عام 75هـ، إلى العراق ليواجه الخوارج وتولى إمارة

    المدينة يحيى بن الحكم عم الخليفة عبد الملك ثم أبان بن عثمان بن عفان الذي تولى الإمارة خمس سنوات، واهتم

    بالحركة العلمية وكان من العلماء فهو أول من ألف في السيرة النبوية، ونعمت المدينة بالاستقرار والرخاء. ثم تلاه

    هشام بن إسماعيل، وكان شديداً تأذى منه الهاشميون، والتابعي الجليل سعيد بن المسيب.. وعاشت المدينة أزهى

    فترات العهد الأموي في إمارة عمر بن عبد العزيز 86 - 93هـ فقد عمها العدل والرخاء، وتضاعفت مجالس

    العلم لاهتمام عمر بالعلماء وتقديمهم وجعلهم مستشارين؛ وفي عهده كان تجديد المسجد النبوي بأمر الخليفة الوليد بن

    عبد الملك واستغرق البناء ثلاث سنوات وكان غاية الإتقان والإبداع وعندما تم حضر الخليفة إلى المدينة وأعجب

    بالبناء ووزع الأعطيات على أهل المدينة وشيئاً من غنائم الفتوحات وأشركهم في الفتوحات الإسلامية فتدفقت الأموال

    وراجت التجارة وظلت المدينة واحة العدل والأمان حتى قصدها أهل العراق هرباً من بطش الحجاج وغيره، ولكن

    الحجاج اشتكى من ذلك وحذر الخليفة من المعارضين في المدينة فأراد الوليد أن يأخذ البيعة لابنه فغضب عمر بن

    عبد العزيز واعتزل الإمارة، وتولى الإمارة بعده عثمان بن حيان فأخذ الناس بالشدة وطرد اللاجئين إليها من العراق

    وراقب الداخلين والخارجين على يد الحجاج، ومرت سنوات ثلاث قاسية على أهل المدينة بعدها تولى الخلافة

    سليمان 96هـ فعزله وعاقبه على قسوته وعين محمد بن حزم فعادت السيرة العمرية من جديد في إمارته وظل والياً

    عليها طوال خلافة عمر بن عبد العزيز وتحسنت أحوال المدينة وعم الأمن والرخاء.

    ولما توفي عمر بن عبد العزيز وتولى الخلافة يزيد بن عبد الملك عزل محمد بن حزم وولى عبدالرحمن بن الضحاك

    الذي أساء إلى أهل المدينة واستمرت إمارته ثلاث سنوات وظلم وقهر بعض الناس وأخيراً أساء إلى فاطمة بنت الحسين،

    وبلغ ذلك الخليفة فعزله وأوقفه ليقتص المظلومون منه وعاش بقية عمره ذليلاً فقيراً، وتولى عبد الواحد بن عبد الله

    النضري سنة 104هـ فأحسن إلى أهل المدينة ثم تولى مكانه إبراهيم بن هشام المخزومي سنة 105هـ الذي أساء

    إلى آل الزبير فشكوه للخليفة حينما قدم للحج فرفع الظلم عنهم وجند أربعة آلاف من أهل المدينة في الفتوحات الإسلامية

    فعادوا بالغنائم الوفيرة ولكن إبراهيم بن هشام بدأ يستثمر أمواله وبنى في مكان السوق دكاكين ومحلات يؤجرها للتجار

    فاغتاظ أهل المدينة منه ومالبث أن اشتد على آل الزبير وجلد يحيى بن عروة بن الزبير لأنه هجاه ببعض الشعر ومات

    يحيى بعد الجلد وبلغ ذلك الخليفة، فعزله وولى مكانه خالد بن عبدالملك بن الحارث، وفي عهده عانت المدينة من القحط

    حتى سميت فترة إمارته ( سنيات خالد ). وفي عام 108هـ ألحقت المدينة بإمارة مكة وكان أميرها محمد بن هشام

    المخزومي وامتدت إمارته سبع سنوات إلى نهاية خلافة هشام بن عبد الملك وعامل الهاشميين بالإحسان بناءً على أوامر

    الخليفة.وفي سنة 122هـ استمال شيعة العراق زيد بن علي بن الحسين وحرضوه على الثورة ضد الأمويين ووعدوه

    بالنصرة فسافر لقدره وخذلوه كما خذلوا أسلافه من قبل فقتل وأرسل رأسه إلى المدينة لتكون إرهاباً لمن تسول له نفسه

    الخروج على الخليفة ومات هشام بن عبد الملك سنة 125هـ وتولى الخلافة الوليد بن يزيد وعزل محمد بن هشام وهدم

    أهل المدينة السوق الذي بناه إبراهيم المخزومي، وتولى يوسف بن محمد الثقفي الإمارة في سنة 125هـ ثم عبد العزيز

    ابن عمر بن عبد العزيز سنة 126هـ وعاشت المدينة في عهده أياماً تذكر بها عهد عمر بن عبد العزيز حتى

    عام 129هـ حيث استدعاه الخليفة مروان بن محمد وعين مكانه عبد الواحد بن سليمان النضري وعلى إثر توليه

    الإمارة شهدت المدينة حدثاً عاصفاً هو مواجهة فرقة من الخوارج بقيادة أبي حمزة الخارجي، فقد داهم أبو حمزة الناس

    في عرفة في موسم 129هـ وكان أمير المدينة فيها، فصانعه حتى أفاض من عرفة وسارع إلى المدينة وجهز جيشاً من

    أهلها على عجل وأرسله لمواجهة الخوارج ولم يكن لهذا الجيش خبرة ولا قدرة على مواجهة الخوارج، وكمن لهم الخوارج

    عند وادي قديد على بعد 100كم من مكة فقتلوا عدداً كبيراً منهم وفر الباقون ووصل الخوارج بعدها إلى المدينة وهرب

    أميرها فدخلوها دون حرب، ومكثوا فيها ثلاثة أشهر، حاولوا استمالة أهل المدينة إليهم، ولكن أهل المدينة نفروا منهم

    لانحرافاتهم العقدية، وأرسل الخليفة مروان بن محمد جيشاً لقتالهم فخرجوا لملاقاته وتغلب عليهم الجيش الأموي وقتل

    معظمهم وحفظ الله المدينة وأهلها من شرورهم. وتولى الوليد بن عروة إمارة المدينة شهوراً قصيرة ثم تلاه أخوه

    يوسف بن عروة وكان آخر أمير أموي على المدينة فقد استولى العباسيون على الخلافة عام 132هـ، وأرسلوا قواتهم

    لتخلص الأمصار من ولاة الأمويين فترك يوسف بن عروة المدينة ليدخلها العباسيون، ولكن قبل ذلك شهدت المدينة

    حدثاً صغيراً سيكون له أثر كبير عليها في العهد العباسي، وهو البيعة السرية لمحمد بن عبد الله بن الحسن.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:20

    ** الحــلـــقــة الـتـاســـعـة **

    المدينة في العصــــــــــــــــــــــر العباسي



    المدينة في العهد العباسي
    ((132 ـ 656 هـ))


    يمتد العهد العباسي من تسلم العباسيين الخلافة سنة 132 هـ إلى سقوط بغداد بيد التتار سنة 656 هـ. غير أن الخلافة

    العباسية مرت في هذه المدة بمراحل مختلفة، كانت في بعضها قوية تحكم المناطق التابعة لها، وفي بعضها الآخر ضعيفة

    تنافسها دول وإمارات انشقت عنها. وقد مرت المدينة المنورة بهذه المراحل وتأثرت الحياة فيها بقوة الخلافة العباسية

    وضعفها، وانسلخت في بعضها عنها وتبعت الفاطميين ثم تبعت من بعدهم الأيوبيين. لذلك ينقسم تاريخ المدينة المنورة

    في هذا العهد العباسي الطويل إلى ثلاث مراحل هي:

    الأولى: مرحلة الارتباط بالعباسيين، الثانية: مرحلة الارتباط بالفاطميين، الثالثة: مرحلة التبعية الاسمية للعباسيين.

    مرحلة الارتباط بالخلافة العباسية
    ( 132 - 363 هـ)


    تمتد هذه المرحلة من 132 هـ إلى 363 هـ عاشت المدينة المنورة خلالها فترات متعاقبة من الهدوء والاضطراب

    السياسي، ومن الأمن والاستقرار، والخوف والقلاقل، ومن ازدهار الحركة العلمية وإقبال طلاب العلم عليها من كل

    مكان، وتقلص تلك الحركة واقتصارها على أعداد قليلة من العلماء المقيمين أو المجاورين لمدة محدودة. وكان العامل

    المؤثر في ذلك هو قوة الخلافة ورجالها، ومن ثم قوة من يتولى إمارة المدينة وحكمته.

    وفي بداية هذه المرحلة كانت المدينة مركزاً نشطاً للحركة العلمية يعيش فيها أعلام الحديث والفقه في مقدمتهم الإمام

    مالك بن أنس وابن هرمز والقاسم بن إسحاق وعلي بن زيد ومحمد بن عبد الله بن عمر ومحمد بن عمر بن حفص.

    فضلاً عن تلاميذ الإمام مالك النابهين طلاب العلم الذين يقصدونه من الآفاق البعيدة كالشافعي.. وكانت الحياة الاقتصادية

    مستقرة على ماوصلت إليه في نهاية العهد الأموي، تعتمد على الزراعة في المقام الأول. أما الحياة السياسية فقد تولى

    داود بن علي إمارة المدينة لعدة شهور قتل فيها عدداً من الأمويين الذين لم يخرجوا من المدينة وصادر قصورهم

    وأموالهم، وتوقف الازدهار العمراني الذي نشط من قبل وبدأت مرحلة تقلص تدريجي وخاصة في حي العقيق الترف.

    ثم تعاقب على المدينة ثلاثة أمراء هم زياد بن عبد الله الحارثي ومحمد بن خالد القسري ورياح بن عثمان المري وكان

    همهم الأول منع تـفجر ثورة كان يعد لها محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس الزكية وأخوه إبراهيم. وكان محمد

    بن عبد الله هذا يرى أنه أحق بالخلافة فقد بويع سراً أواخر العهد الأموي وكان من المبايعين الخليفتان العباسيان الأولان

    أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور. وقد نجحت سياسة أبو العباس في موادعة الأسرة الهاشمية في المدينة وخاصة

    عبد الله بن الحسن والد محمد و إبراهيم في منع الثورة. وعندما تولى المنصور الخلافة تغيرت المعاملة واعتمدت على

    المكر والشدة وقبض على عبد الله بن الحسن وعدد من الهاشميين وسجنوا ثم نقلوا إلى العراق وقتل معظمهم هناك،

    فانفجرت ثورة محمد بن عبد الله وأتباعه في رجب سنة 145 هـ وخلع الثائرون بيعة العباسيين وبايعوا محمد بن

    عبد الله بن الحسن خليفة عليهم.. استمرت هذه الثورة قرابة شهرين ونصف ولكن محمد بن عبد الله بن الحسن ورجاله

    لم يستطيعوا أن يمدوا ثورتهم أبعد من الحرمين، وأرسل المنصور جيشاً بقيادة ابن أخيه عيسى بن موسى لإنهاء

    الثورة، فأعاد الثائرون حفر الخندق وتحصنوا به ولكن الجيش العباسي اقتحم الخندق وأنهى الثورة وقتل معظم المقاتلين

    فيها. فكانت الوقعة ثاني ملحمة تمر بها المدينة بعد وقعة الحرة غير أنها اقتصرت في هذه المرة على المقاتلين من

    رجال الثورة. تبع ذلك اضطراب آخر نشب أواخر شهر ذي الحجة بسبب تعديات بعض الجنود الذين قدموا مع الجيش

    العباسي، قام به مجموعة من موالي المدينة السود انتقموا فيه من الجنود وأخرجوا أمير المدينة عبد الله بن الربيع

    الحارثي، واستطاع بعض العقلاء من أهل المدينة في مقدمتهم أبو بكر بن أبي سبرة ـ وكان مسجوناً لتأييده ثورة محمد

    النفس الزكية ـ أن يخمدوا الثورة بالتفاوض مع قادتها، وعاد الأمير إلى المدينة ثم عزله الخليفة لعدم كفاءته الإدارية

    ، وعادت المدينة إلى سكينتها وحياتها اليومية المعتادة، الموزعة بين العمل في الزراعة والتجارة وبعض الحرف وحلقات

    العلم المزدهرة في المسجد النبوي وبيوت العلماء، في مقدمتهم الإمام مالك بن أنس وعبد الملك بن جريج وجعفر بن

    محمد.. وغيرهم كثير وتوافد طلاب العلم من الآفاق للتتلمذ عليهم مدة من الزمن. وازداد الاعتماد على الزراعة بسبب

    توقف وصول القمح من مصر وعمت المدينة حياة الطمأنينة بعد أن أطلق المنصور سراح المعتقلين الثائرين جميعهم

    وعين أميراً طالبياً عليها هو الحسن بن زيد استمرت إمارته خمس سنوات ثم أعقبه عم الخليفة عبد الصمد بن علي.

    تابع مرحلة الارتباط بالخلافة العباسية
    ( 132 - 363 هـ)


    وفي عام 156 هـ شهدت المدينة سيولاً ضخمة هددت القسم الجنوبي منها وكادت تجتاح المسجد النبوي، ولكن

    عجوزاً دلت الناس على نفق مغطى، وعندما فتح مدخله تدفقت فيه المياه إلى وادي بطحان. لقيت المدينة عناية أكبر في

    عهد الخليفة المهدي ومن بعده هارون الرشيد فقد زار المهدي المدينة سنة 160 هـ وأكرم أهلها وجلس إلى الإمام

    مالك وتزوج إحدى حفيدات عثمان بن عفان واصطحب معه في عودته خمسمائة من رجالها ليكونوا في حاشيته ببغداد

    وأعاد قوافل القمح المصرية، وأمر بتوسعة المسجد النبوي فأضيفت إليه أرض مجاورة وأعيد بناء قسم كبير منه وزينت

    جدرانه وأعمدته بالرخام والفسيفساء. كما نظمت خدمات بريدية عامة لأهل المدينة تنقل رسائلهم إلى العراق

    واليمن وما فيهما.. وفي عام 169 هـ قام أحد الهاشميين هو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي

    طالب بحركة تمرد متعجلة ومحدودة، بسبب شدة أمير المدينة على بعض الهاشميين وطلب البيعة لنفسه، ولكن أهل

    المدينة لم يناصروه لسوء تصرفه ومقاتلته رجال الإمارة قرب المسجد النبوي فخرج منها بعد أحد عشر يوماً إلى مكة

    وانتهت ثورته بمقتله في معركة (فخ) قربها. وعادت السكينة إلى المدينة المنورة. وقد استمرت العناية بها في عهد

    هارون الرشيد وتوالى عليها الأمراء وزارها الرشيد وأبناؤه عدة مرات وأكرموا أهلها. وعندما اشتعلت الفتنة بين

    الأمين والمأمون في بغداد انحاز أمير المدينة إلى المأمون فتواصلت السكينة والطمأنينة فيها إلى نهاية القرن الهجري

    الثاني، حيث تأثرت بفتنتين هما : فتنة أبي السرايا ـ وفتنة محمد بن جعفر. أما أبو السرايا فقد ثار على الخليفة

    المأمون ودعا إلى بيعة رجل هاشمي هو ابن طباطبا وأرسل رجاله للاستيلاء على الأمصار، فأرسل إلى المدينة

    (محمد بن سليمان الطالبي) أميراً عليها. وخرج منها الأمير العباسي وكانت سيرة محمد بن سليمان حسنة مع أهل

    المدينة، ولكن إمارته لم تطل فقد انتهت ثورة أبي السرايا وعاد العباسيون إلى المدينة فخرج منها محمد بن سليمان

    ورجاله سلماً. وأما محمد بن جعفر فقد دعا لنفسه بالخلافة في مكة ثم توجه إلى المدينة وهاجمها عدة مراتٍ فتصدى

    له أهلها بقيادة أميرها العباسي هارون بن المسيب، وردوه عنها. وخسر أهل المدينة عدداً من الرجال. بعد ذلك نعمت

    المدينة بالاستقرار طوال العقدين الأولين من القرن الثالث. ومنذ بداية العقد الثالث ضعفت الإدارة وبدأت تظهر مشكلة

    الأعراب الذين يهددون الطرق حولها، ويتجرأ بعضهم فيصل إلى بيوتها وأسواقها، وبدأ تمرد قبائل بني سليم وظهرت

    آثاره في تهديد الأمن في المدينة وجاءت قوة من بغداد عام 230 هـ بقيادة حماد بن جرير الطبري فضبطت الأمن،

    وجهز أمير المدينة حملة من أهلها مع القوة الوافدة لتأديب قبائل بني سليم. ولكنها فشلت وقتل كثير من رجالها. فأرسل

    الخليفة الواثق جيشاً كبيراً بقيادة (بغا الكبير) لتطهير المنطقة من المفسدين وصارت المدينة مركزاً لتحرك الجيش وسجن

    فيها أكثر من ألف منهم، وقد حاول بعضهم الفرار من السجن وقتلوا بعض الحراس وخرجوا إلى الشوارع، لكن أهل

    المدينة تصدوا لهم وقضوا على زعمائهم وأعادوا الباقين إلى السجن تمهيداً لسوقهم إلى بغداد. تخلصت المدينة من

    تهديد المفسدين، ومن بعض الأعراب عدة سنوات بعد هذه الحملة التطهيرية. ولكنها بدأت تتقلص عمرانياً وتجمعت

    المساكن قرب المسجد النبوي وضاقت الأزقة فيها وهجرت معظم المناطق البعيدة أو أصبحت أشبه بتجمعات سكنية

    مستقلة مثل منطقة قباء والعوالي والقبلتين، وبدأت المدينة تتأثر بالضعف العام الذي أصاب الخلافة العباسية بعد منتصف

    القرن الثالث الهجري. وكادت تتعرض لمحنة شديدة عام 251 هـ عندما هاجمها أحد الخارجين على الخلافة العباسية

    هو إسماعيل بن يوسف.. من أحفاد الحسن بن علي والملقب بالسفاك. وكان قد نشأ بين الأعراب واتصف بالشدة

    والجفاء، استولى على مكة وقتل الكثيرين فلقب بالسفاك ثم توجه إلى المدينة، ولم يكن الأمير ورجاله قادرين على

    مواجهته فخرجوا وتصدوا له وثبتوا لحصاره وتحملوا المجاعة ومات عدد منهم بسببها، حتى انصرف عنها عندما علم

    بقدوم نجدة من بغداد.. فكان موقفهم بطولة شعبية نادرة على إثر ذلك قام أمير المدينة إسحاق بن محمد بن يوسف

    ببناء أول سور للمدينة يحيط بالكتلة العمرانية حول المسجد النبوي. وبسبب ضعف السلطة المركزية في بغداد

    وانشغالها بالفتن المتوالية قام صراع بين فريقين من الأسرة الهاشمية لتسلم إمارة المدينة فريق من الحسينيين

    وبعض الحسنيين، وفريق من الجعفريين وتسلم الجعفريون الإمارة لبعض الوقت، ثم انتزعها منهم الحسينيون

    عام 266 هـ. حيث جاء محمد بن أبي الساج وتسلم السلطة منهم وعين الحارث بن سعد على إدارتها، فضبط

    الأمن وقبض على عدد من المفسدين. وتفجر الصراع مرة ثانية عام 269 هـ ثم ظهر بعض الطالبيين المنحرفين،

    وهم أفراد قلائل من الأسرة الهاشمية الكريمة ساءت نشأتهم وشذوا عن أخلاق هذه الأسرة وعاشوا بين الأعراب

    أو مع المفسدين وصاروا مثلهم، لا يحملون شيئاً من العلوم التي اشتهر بها الهاشميون ولا من شيمهم، وقد أقلق هؤلاء

    المنحرفون أهل المدينة عدة مرات وقتلوا ونهبوا وآذوا الناس وكان منهم محمد وعلي ابنا الحسين بن جعفر الحسيني فقد

    أغارا على المدينة مع رجالهما عام 271 هـ. وقتلوا عدداً من الهاشميين وغيرهم ونهبوا الأموال ثم غادروها. وقبل

    نهاية العام وصل جيش عباسي بقيادة أحمد بن محمد الطائي استطاع أن يثبت الأمن في المنطقة فعادت السكينة إلى

    المدينة وصارت واحة للأمن وسط الاضطرابات الكثيرة في المناطق الأخرى وازدهرت فيها حلقات العلم ثانية وكثر

    الوافدون من طلاب العلم والمجاورين الذين يقيمون فيها مدة من الزمن، وبعضهم يؤثر أن يقضي بقية عمره في رحابها

    أملاً في أن يحظى بمثوى في مقبرة البقيع.

    تابع مرحلة الارتباط بالخلافة العباسية
    ( 132 - 363 هـ)


    وخلال العقود الستة من القرن الرابع الهجري، وقبل أن تدخل المدينة تحت النفوذ الفاطمي استمرت الحياة هادئة في

    الغالب يقضيها الناس في شؤونهم اليومية، بين العمل في الزراعة والتجارة وبعض الحرف والخدمات، وبين الصلوات في

    المسجد النبوي وحضور حلقات العلم فيها ولقاء الوافدين من علماء المسلمين من أقطار العالم الإسلامي. ولم يعكر

    هذا الصفو إلا اضطرابات طارئة يسقط ضحيتها بعض المتصارعين على السلطة وأتباعهم ثم تنتهي الأزمة بسيطرة أحد

    الفريقين المتصارعين وانسحاب الآخر فقد تجددت الصدامات بين الحسينيين ـ ومن معهم من الحسنيين ـ والجعفريين

    عام 348 هـ ووقع عدد من الضحايا وأرسل الفاطميون من المغرب من يصلح بين الفريقين ويتحمل ديات القتلى ثم

    خرج الجعفريون من المدينة إلى بعض القرى، ومنها إلى صعيد مصر وخلت إمارة المدينة للحسينيين. كما أن الإخشيديين

    الذين استولوا على مصر وثبتوا حكمهم فيها عام 330 هـ. مدوا نفوذهم الاسمي إلى المدينة، فقد أقر الخليفة العباسي

    الإخشيد (محمد بن طغج) على ولاية مصر وضم إليه الحجاز، ولكن سلطته كانت اسمية فقط لا تتعدى ذكر اسمه على

    المنبر والدعاء له بعد الخليفة العباسي. وقد فرح الإخشيديون بذلك وخاصة كافور الإخشيدي وأرسلوا الأموال والأعطيات

    لتوزع في الحرمين الشريفين. وظل هذا الولاء الاسمي حتى عام 357 هـ حيث قطع ذكرهم لانتهاء دولتهم في مصر

    واقتصر الدعاء بعدها على ذكر الخليفة العباسي ثم أمير المدينة الحسيني إلى أن دخلت المدينة تحت نفوذ

    الفاطميين سنة 363 هـ.

    مرحلة الارتباط بالفاطميين
    (( 363 هـ ـ 463 هـ ))


    كانت المدينة في النصف الأول من القرن الرابع الهجري صغيرة وضعيفة وهدفاً لغزو الأعراب وعندما اشتد أمر دولة

    الفاطميين في مصر أعلن أمير المدينة، وأمير مكة، الولاء للفاطميين عام 363هـ، وذلك بسبب الروابط المتينة

    بينهم (التشيع)، ولموقف سابق للفاطميين أصلحوا فيه بين الهاشميين المتنازعين في الحجاز (بنو الحسن والحسين من

    جهة وبنو جعفر من جهة أخرى) وفرح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بهذا الولاء وأرسل الأموال والهدايا. وكانت

    العلاقة بين أمراء المدينة والفاطميين مضطربة، فأحياناً كانت لا تتعدى الولاء الاسمي، ولذا كانت تتحول إلى العباسييين

    بين الفترة والأخرى، وذلك لعدم اهتمام الفاطميين بحاجات أهل المدينة، وضعف الإدارة، كما أن حكام مكة المتمردين على

    الدولة الفاطمية ضموا إليهم المدينة مدة تمردهم.

    ففي عام 365هـ لم يهتم الخليفة الفاطمي العزيز بالله باحتياجات المدينة فخلع أميرها الولاء وتحول إلى العباسيين،

    فأرسل العزيز بالله جيشاً هدد المدينة عام 367هـ فأعاد أميرها الولاء للفاطميين ولكنه خلعه بعد سنة واحدة وأعاده

    للعباسيين الذين أرسلوا أموالاً جزيلة لبناء سور قوي حول المدينة وتحسين أحوال أهلها، ولم يعد الولاء للفاطميين حتى

    عام 380هـ، عندما وصلت حملة عسكرية فاطمية حاصرت المدينة، فآثر أميرها طاهر بن مسلم (مؤسس حكم

    آل مهنا) السلامة، فخطب للفاطميين في المسجد النبوي فامتد حكم آل مهنا لها وهم في ولائهم الاسمي للفاطميين، ولم

    يتأثر أهلها بالدعوة الفاطمية، وعقائدها بسبب تراثهم العريق من السنة النبوية والعلماء الذين كانوا يدرسونه في

    المسجد النبوي، وغضب الفاطميون لذلك وأوعز الحاكم بأمر الله الفاطمي لأمير مكة أبو الفتوح بالاستيلاء على المدينة

    وطرد آل المهنا منها واتساع المجال للدعاة الفاطميين كي يؤثروا في أهل المدينة. فاستولى أمير مكة أبو الفتوح عليها

    وأخرج آل المهنا منها لبعض الوقت ثم أعادهم إليها وجعلها تابعة لإمارته

    تابع مرحلة الارتباط بالخلافة العباسية
    ( 132 - 363 هـ)


    وخلال العقود الستة من القرن الرابع الهجري، وقبل أن تدخل المدينة تحت النفوذ الفاطمي استمرت الحياة هادئة في

    الغالب يقضيها الناس في شؤونهم اليومية، بين العمل في الزراعة والتجارة وبعض الحرف والخدمات، وبين الصلوات في

    المسجد النبوي وحضور حلقات العلم فيها ولقاء الوافدين من علماء المسلمين من أقطار العالم الإسلامي. ولم يعكر

    هذا الصفو إلا اضطرابات طارئة يسقط ضحيتها بعض المتصارعين على السلطة وأتباعهم ثم تنتهي الأزمة بسيطرة أحد

    الفريقين المتصارعين وانسحاب الآخر فقد تجددت الصدامات بين الحسينيين ـ ومن معهم من الحسنيين ـ والجعفريين

    عام 348 هـ ووقع عدد من الضحايا وأرسل الفاطميون من المغرب من يصلح بين الفريقين ويتحمل ديات القتلى ثم

    خرج الجعفريون من المدينة إلى بعض القرى، ومنها إلى صعيد مصر وخلت إمارة المدينة للحسينيين. كما أن الإخشيديين

    الذين استولوا على مصر وثبتوا حكمهم فيها عام 330 هـ. مدوا نفوذهم الاسمي إلى المدينة، فقد أقر الخليفة العباسي

    الإخشيد (محمد بن طغج) على ولاية مصر وضم إليه الحجاز، ولكن سلطته كانت اسمية فقط لا تتعدى ذكر اسمه على

    المنبر والدعاء له بعد الخليفة العباسي. وقد فرح الإخشيديون بذلك وخاصة كافور الإخشيدي وأرسلوا الأموال والأعطيات

    لتوزع في الحرمين الشريفين. وظل هذا الولاء الاسمي حتى عام 357 هـ حيث قطع ذكرهم لانتهاء دولتهم في مصر

    واقتصر الدعاء بعدها على ذكر الخليفة العباسي ثم أمير المدينة الحسيني إلى أن دخلت المدينة تحت نفوذ

    الفاطميين سنة 363 هـ.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:23

    مرحلة الارتباط بالفاطميين
    تابع الحلقة التاسعة.................


    النصف الأول من القرن الرابع الهجري صغيرة وضعيفة وهدفاً لغزو الأعراب وعندما اشتد أمر دولة

    الفاطميين في مصر أعلن أمير المدينة، وأمير مكة، الولاء للفاطميين عام 363هـ، وذلك بسبب الروابط المتينة

    بينهم (التشيع)، ولموقف سابق للفاطميين أصلحوا فيه بين الهاشميين المتنازعين في الحجاز (بنو الحسن والحسين من

    جهة وبنو جعفر من جهة أخرى) وفرح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بهذا الولاء وأرسل الأموال والهدايا. وكانت

    العلاقة بين أمراء المدينة والفاطميين مضطربة، فأحياناً كانت لا تتعدى الولاء الاسمي، ولذا كانت تتحول إلى العباسييين

    بين الفترة والأخرى، وذلك لعدم اهتمام الفاطميين بحاجات أهل المدينة، وضعف الإدارة، كما أن حكام مكة المتمردين على

    الدولة الفاطمية ضموا إليهم المدينة مدة تمردهم.

    ففي عام 365هـ لم يهتم الخليفة الفاطمي العزيز بالله باحتياجات المدينة فخلع أميرها الولاء وتحول إلى العباسيين،

    فأرسل العزيز بالله جيشاً هدد المدينة عام 367هـ فأعاد أميرها الولاء للفاطميين ولكنه خلعه بعد سنة واحدة وأعاده

    للعباسيين الذين أرسلوا أموالاً جزيلة لبناء سور قوي حول المدينة وتحسين أحوال أهلها، ولم يعد الولاء للفاطميين حتى

    عام 380هـ، عندما وصلت حملة عسكرية فاطمية حاصرت المدينة، فآثر أميرها طاهر بن مسلم (مؤسس حكم

    آل مهنا) السلامة، فخطب للفاطميين في المسجد النبوي فامتد حكم آل مهنا لها وهم في ولائهم الاسمي للفاطميين، ولم

    يتأثر أهلها بالدعوة الفاطمية، وعقائدها بسبب تراثهم العريق من السنة النبوية والعلماء الذين كانوا يدرسونه في

    المسجد النبوي، وغضب الفاطميون لذلك وأوعز الحاكم بأمر الله الفاطمي لأمير مكة أبو الفتوح بالاستيلاء على المدينة

    وطرد آل المهنا منها واتساع المجال للدعاة الفاطميين كي يؤثروا في أهل المدينة. فاستولى أمير مكة أبو الفتوح عليها

    وأخرج آل المهنا منها لبعض الوقت ثم أعادهم إليها وجعلها تابعة لإمارته

    أهم الأحداث في العهد الفاطمي

    عانت المدينة من الاضطرابات التي ظهرت في الدولة الفاطمية وخاصة في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، فقد أمر جنوده

    بنقل جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصر ولكن الله سبحانه وتعالى حماه، إذ هبت ريح شديدة وأظلم الجو

    وخاف الجنود الفاطميون وتراجعوا عما هموا به.
    وأمرهم في مرة ثانية بنقل محتويات بيت جعفر الصادق فنقلوها إلى

    مصر. وعندما تولى شكر بن أبي الفتوح إمارة مكة عام 436هـ هاجم المدينة وطرد آل المهنا منها وعين بعض

    الحسينيين عليها وظلوا عليها حتى عام 463هـ حيث أعادهم أمير مكة أيضاً محمد بن جعفر، الذي خلع ولاء الفاطميين

    وخطب للعباسيين وعين الحسين بن المهنا أميراً على المدينة. كما عانت من القحط و انقطاع الميرة عدة سنواتٍ بسبب

    غضب الفاطميين، وضعف السلطة في بعض السنوات واستغل ذلك الأعراب وقطاع الطرق وهاجموا المدينة أو القوافل

    القادمة إليها. وبهذا التاريخ انتهت تبعية المدينة للفاطميين وعادت للخلافة العباسية، ولكن الفاطميين ظلوا حتى نهاية

    دولتهم سنة 567 هـ يتوددون إلى أمراء المدينة ويرسلون بعض الأموال والهدايا أحياناً أملاً في أن يعود الولاء إليهم.

    وثمة رواية تقول أن الحافظ بالله حاول أيضاً نقل جسد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مصر وأرسل أربعين رجلاً من

    الأشداء، بدأوا بحفر نفق عميق، ويروى أن النفق انهار عليهم ودفنهم أو أنهم اكتشفوا وضربت أعناقهم. لم يترك

    الفاطميون آثاراً تذكر في المدينة، باستثناء تشيع أعداد قليلة من أهلها أو المقيمين فيها، ولا نجد آثاراً فكرية أو مؤلفات

    تدعو لهم كما لانجد آثاراً عمرانية أو حضارية تظهر عنايتهم بالمدينة أو بمسجدها النبوي، رغم أن الفاطميين تركوا آثاراً

    كثيرة في مصر أهمها الجامع الأزهر ومساجد أخرى كثيرة.



    مرحلة الارتباط بالأيوبيين
    (( 564 ـ 652هـ ))


    عاشت المدينة المنورة مدة طويلة من العهد الأيوبي في طمأنينة وسعة فقد اهتم بها الأيوبيون منذ أن كانوا يحاربون

    لإقامة دولتهم أو توسيعها. وكان أول من اهتم بها نور الدين زنكي الذي عني بطرق الحج ووزع أموالاً جزيلة على

    القبائل المقيمة قربه كي تؤمن المسافرين والقوافل وأرسل أموالاً وافرة إلى المدينة لإصلاح موارد المياه والطرق الداخلية

    وعندما زار المدينة سنة 557هـ ناشده بعض أهلها أن يبني سوراً جديداً يستوعب الامتداد العمراني الذي ظهر خارج

    السور القديم فاستجاب لهم وأرسل الأموال اللازمة وبنى سوراً جديداً كبيراً حفظ أهل المدينة من الغارات، وينسب إليه

    أيضاً أنه أمر بإقامة جدار من الرصاص حول القبور الشريفة في المسجد النبوي بعد أن اكتشف محاولة بعض النصارى

    المتسترين حفر نفق إليها لسرقة جسد الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك بإيعاز من بعض ملوك الصليبيين. وقد أحسن

    أمراء المدينة وهم من آل المهنا ولاسيما القاسم بن مهنا إقامة الروابط مع الأيوبيين ومع الخلافة العباسية، وكان مقرباً

    إلى صلاح الدين الأيوبي الذي عني بالحرمين الشريفين وأرسل الأموال الجزيلة إلى أميرها مقابل إسقاط الضرائب عن

    الحجاج كما أرسل الأموال إلى القبائل لحماية القوافل والحجاج رغم انشغاله بالحروب الصليبية وحاجته الماسة إلى المال

    لإنفاقه عليها. ومن مآثر صلاح الدين الأيوبي في المدينة أنه خصص الخدم للمسجد النبوي وجعل لهم أوقافاً في مصر

    لدفع رواتبهم، وكان هذا بداية لنظام الأغوات والذي استمر بعد ذلك إلى عصرنا الحاضر.

    المدينة والصليبيون

    في ذروة الحروب الصليبية، وخلال عهد صلاح الدين الأيوبي قام أحد ملوك الصليبين (أرناط) بمحاولة لغزو المدينة،

    وكان أرناط شديد العداوة للمسلمين، وأغار على قوافل الحجاج ونهبها وفتك بالمسلمين، ثم عقد صلحاً مع الأيوبيين

    وتعهد بعدم الاعتداء على الحجاج، ولكنه أضمر الغدر فجهز حملة صليبية أنزلها في البحر الأحمر، فهاجمت إيلة وينبع

    وقتلت وأسرت ونهبت وأحرقت، ثم نزلت في ينبع وانتهت إلى الجبال، وعلم صلاح الدين بالأمر فأوعز إلى نائبه في مصر

    بتجهيز حملة لمطاردتهم في البحر والبر وقاد حسام الدين لؤلؤ الحملة، ولحق بالغزاة في الحجاز فهربوا إلى المرتفعات،

    فتبعهم وأدركهم على مسافة ليلة واحدة من المدينة وقتل بعضهم وأسر الباقين. فوزعهم صلاح الدين على الأمصار

    لتضرب أعناقهم فيها وما لبث أن تمكن من أسر أرناط في موقعة حطين وقتله بيده، وسلم الله المدينة من غزوة

    صليبية حاقدة.

    ظلت المدينة المنورة مرتبطة بالأيوبيين إلى نهاية عهدهم ولم يتدخل الأيوبيون في شؤون المدينة الداخلية، وتركوا لأمرائها

    إدارة شؤونهم المحلية، وكانوا يرسلون إليهم الأموال والهدايا، وبعد وفاة صلاح الدين ارتبطت بأولاده الذين حكموا مصر

    غالباً، ولكنها تأثرت بالصراع الذي قام بين الأمراء المحليين في مكة والمدينة، والصراع الذي قام بين الأيوبيين

    والرسوليين في اليمن، ولم يكن للمدينة قوة خارجية تعزز جنودها القليلين، لذلك تعرضت لهجوم بعض القبائل أثناء

    غياب أميرها سالم بن قاسم بن مهنا أواخر القرن السادس لبعض الوقت، كما طمع فيها أمير مكة قتادة بن إدريس

    وهاجمها فقاومه أهلها بقيادة أميرهم سالم، ومالبثوا أن ردوا عليه عدوانه فحاصروه في مكة ثم تركوه، وحاول قتادة

    القبض على أمير المدينة في موسم الحج فاستعدى عليه الملك العادل بن صلاح الدين الأيوبي ملك دمشق فأرسل حملة

    ضربت قواده في وادي الصفراء، وتوفي أمير المدينة قبل المعركة وخلفه ابن أخيه القاسم بن جماز فاهتم بتعزيز القوة

    العسكرية للمدينة، وأسس جيشاً صغيراً قوياً وعاقب بعض القبائل التي هددت المدينة والطريق إليها، كما هدد قتادة

    ومنعه من أن يهاجم المدينة ثانية، ومرت بالمدينة سنوات من الطمأنينة والأمن ونشطت الحركة العلمية في المسجد

    النبوي والحركة الاقتصادية، ولكن أمير المدينة تورط في الصراع القائم في مكة بين أميرها الذي عينه الأيوبيون وأحد

    أبناء قتادة وقاد جيشاً لنصرة قتادة فخسر المعركة وخسر حياته. وتولى بعده إمارة المدينة شيحة بن هاشم الذي أعاد

    العلاقة الطيبة مع الأيوبين وساعدهم بقوة من أهل المدينة ضد خصومهم أتباع الدولة الرسولية في اليمن الذين استولوا

    على مكة وعاشت المدينة في عهده فترة هدوء وطمأنينة في غالب الأوقات ولكن الطريق إليها لم يسلم من بعض

    تهديدات الأعراب الذين قتلوا أمير المدينة شيحة وهو في طريقه إلى بغداد. وظلت المدينة موالية للأيوبيين في مصر

    حتى انتقلت منهم إلى المماليك فنقلوا ولاءهم إليهم.
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الأحد 15 فبراير - 3:27

    ** الحـلـقــــة العـاشــــرة**

    المدينـــــــــــــــة في عـــــــصر المــــــــــماليك



    المدينة والمماليك
    (( 648 ـ 923 هـ ))


    عاشت المدينة في هذا العصر فتراتٍ مختلفة من الاستقرار والاضطراب وظهر فيها علماء وأدباء كما ظهر أصحاب فتن

    وقلاقل، فكانت الحياة فيها تسير في تيارين متضادين: تيار العلم والعبادة وأعمال الكسب اليومية، وتيار الصراع السياسي

    والعسكري بين أبناء الأسرة الواحدة على الإمارة، ومع أبناء العم حكام مكة أحياناً وكانت هذه الصراعات تؤثر على أهل

    المدينة أحياناً وأحياناً تقتصر على المتصارعين وأتباعهم.

    وطوال هذا العهد كانت المدينة المنورة مرتبطة بالسلطان المملوكي في القاهرة وكان هذا الارتباط سياسياً ومالياً محدوداً،

    أما الجانب السياسي فيه فيشمل تولية الأمير بمرسوم سلطاني وعزله، وتكريمه أو القبض عليه وسجنه حتى الموت.

    ولكن التولية والعزل محصورة في آل المهنا: الأسرة الحسينية التي توارثت الإمارة معظم هذا العهد فقد يعزل السلطان

    أميراً ويولي أخاه أو ابن عمه ولكن لا تخرج الإمارة عن الأسرة. كما يشمل الارتباط السياسي تعيين القاضي لمدة نصف

    سنة فقط يأتي من مصر مع أحد القافلتين، قافلة الحج أواخر ذي القعدة وقافلة العمرة أوائل رجب.

    وأما الجانب المالي فيشمل الرواتب والأعطيات التي يرسلها السلطان لأمير المدينة وعدد من الأعيان والأشراف فضلاً

    عن الصدقات المخصصة للفقراء والمجاورين والأربطة. وكان لهذا الارتباط السياسي في بعض الحالات آثار سلبية. تزيد

    حدة الصراع بين أفراد الأسرة الواحدة وذلك عندما أصبح تولية الأمير وعزله يعتمد على الوشايات أو الرشاوي والهدايا

    السنية. ومن الأخطاء التي وقعت في هذا المجال أن السلطان المملوكي كان يعين أحياناً أميرين على المدينة ويطلب

    منهما أن يشتركا معاً في الحكم، فيختلف الأميران بعد حين ويقع الصراع السياسي وقد يتحول إلى قتال بين

    رجال كل منهما.

    ومن الملاحظ أن ارتباط المدينة بالسلطان المملوكي لم يمنع وقوع الاشتباكات بين بعض أمراء المدينة وأبناء عمومتهم

    في مكة فلم تكن للمماليك قوة عسكرية مقيمة في المدينة، وكانت القوة تأتي مع قافلة الحج، وكانت كبيرة وقادرة على

    القبض على الأمير إذا كان السلطان المملوكي غاضباً عليه أو كثرت إساءاته.. باستثناء ذلك كان أمير المدينة يتصرف

    دون الرجوع إلى السلطان المملوكي في شيء، فكان الأمراء الصالحون ينشرون في المدينة الأمن والاستقرار والعدل

    فتنتعش الحياة الاقتصادية وتستمر الحركة العلمية في جريانها، فيما كان الأمراء غير الصالحين يشحنون جو المدينة

    بالاضطراب وربما جندوا عدداً من أهل المدينة في حملاتهم ضد خصومهم، وكان بعضهم عندما يطرد من الإمارة يتحول

    إلى ناقم يسعى للثأر فيجمع حوله الرجال، ويستميل بعض الأعراب ويهاجم المدينة لينتقم من أميرها الجديد، وفي سياق

    انتقامه ربما قتل رجاله من لا علاقة لهم بالإمارة، وربما نهبوا بعض البيوت والمحلات.





    أهم الأحداث في العهد المملوكي

    شهدت المدينة في هذا العهد أحداثاً متميزة، أهمها: البركان الذي انفجر في حرة واقم (الحرة الشرقية) في رجب سنة

    654 هـ، وبعض السيول والزلازل، والأوبئة واحتراق المسجد النبوي مرتين،
    والصراع على الإمارة في بعض الفترات.

    وكل ذلك أوقع الخوف والذعر في نفوس أهل المدينة، فلجؤوا إلى المسجد النبوي باكين متضرعين لله كاشف الغمة،

    وجاء الأمير منيف بن شيحة فتبرأ من الظلم وأعتق مماليكه وتدفق نهر من الحمم البركانية باتجاه المدينة ثم انعطف

    شمالاً ونجَّى الله المدينة من ويلاته، وقد استمر تفجره اثنين وخمسين يوماً ثم هدأ. والطريف أن المصادر التاريخية

    القديمة كلها لم تكن تستخدم مصطلح بركان، ولا كان الناس يعرفونه بل كانوا يطلقون عليه (النار العظيمة).

    وفي رمضان من العام نفسه كان أحد خدام المسجد النبوي في مخزن المسجد يحمل سراجاً يستضيء به فاشتعلت النيران

    في المخزن ثم امتدت إلى أرجاء المسجد فاحترق السقف وسقط واحترق معظم ما في المسجد باستثناء الحجرة الشريفة.

    وانتشر الخبر في أرجاء العالم الإسلامي فأرسل المستعصم ـ آخر الخلفاء العباسيين ـ والسلاطين الآخرون الأموال

    وأعيد بناء المسجد.

    وفي عام 672 هـ أرسل السلطان المملوكي قلاوون أموالاً فبنيت القبة فوق الحجرة الشريفة لأول مرة. وعندما سقطت

    الخلافة العباسية في بغداد أصبح ارتباط إمارة المدينة بالسلطان المملوكي في القاهرة أكبر وصارت مراسيم التولية

    والعزل تصدر منه. وكان السلاطين يحترمون أمراء المدينة بسبب نسبهم .

    تابع أهم الأحداث في العهد المملوكي

    الهاشمي ويحصرون الإمارة في الأسرة التي تتولاها.. وعندما تتفق الأسرة على تولية شخص معين أو عزله وتكتب بذلك

    محضراً للسلطان فيوافق السلطان عليه ويرسل مرسوماً بذلك.

    وفي سنة 664 هـ أقر السلطان بيبرس جماز بن شيحة وابن أخيه مالك بن منيف بن شيحة أميرين بالشراكة ونتج عن

    ذلك خلاف شديد بين الأميرين حشدت له الرجال، وجاء جيش من مكة ليعضد جمازاً ولكنه عاد دون نتيجة. وأخيراً تنازل

    مالك طوعاً عن الإمارة لعمه. وتعد إمارة جماز بن شيحة على المدينة منذ أن شارك ابن أخيه مالك بن منيف حتى

    تنازله لابنه منصور عام 700 نموذجاً لحالات الصراع على الإمارة داخل الأسرة الواحدة، والصراع على النفوذ والسلطة

    مع أبناء العم حكام مكة والحسنيين. فعندما انتهى صراع جماز مع ابن أخيه وتسلم الإمارة وحده أكثر من ربع قرن شارك

    في الصراع القائم بين أمراء مكة وهم من آل قتادة الحسنيين، وانحاز إلى فريق ضد الفريق الآخر، فخرج مع حملة من

    أهل المدينة ليناصر غانم بن إدريس ضد أبي نمي فأخرجه منها سنة 669 هـ واحتل مكة أربعين يوماً ثم كر عليه

    أبو نمي فأخرجه منها. وعاد بحملة أخرى عام 673 هـ فصالحه أبو نمي مقابل مبلغ من المال.

    وعاد مرة ثالثة عام 673 هـ مع أمير ينبع لقتال أبي نمي وهزم، وعقد صلحاً مع أبي نمي. وهذا نموذج للاضطراب

    وسوء العلاقات السياسية ولكن جماز بن شيحة نجح بعد ذلك في إقامة علاقات حسنة مع أمير مكة والسلطان المملوكي

    قلاوون، و استطاع أن يثبت الأمن والاستقرار في المدينة حتى نهاية إمارته عام 700 هـ. وتكررت هذه الصورة للحياة

    السياسية في السنوات اللاحقة حيث ينجح أمير المدينة في تثبيت الأمن والاستقرار مدة من الزمن ثم ينشغل بصراعات مع

    بعض إخوته أو أقاربه الطامعين في الإمارة وقد يستعين المنافس بقبائل خارج المدينة أو بأمراء مكة وينبع فتتحول

    الخصومة إلى صدام تتأذى به المدينة حتى يُقضى على أحد الخصمين بشكل ما. فقد حدثت هذه الوقائع في عهد منصور بن

    جماز الذي امتدت إمارته ربع قرن من 700 ـ إلى 725 هـ، بدأ العهد بفترة استقرار مدتها تسع سنوات ثم تلتها فترة

    اضطرابات بسببها طمع طفيل شقيق منصور في الإمارة، فرحل إلى القاهرة واستصدر مرسوماً يقضي باشتراكه في الحكم

    وعاد إلى المدينة ومنصور غائب عنها فهاجمها برجاله وفشل في اقتحامها بسبب مقاومة كبيش بن منصور وخسر حياته،

    وثأر ماجد بن طفيل لمقتل أبيه واستعان بأمير ينبع فأمده بالمال والرجال، وهاجم المدينة عدة مرات دون جدوى حتى عام

    717 هـ حيث دارت معركة عند جبل سلع قتل فيها ماجد واستراحت المدينة من فتنته، لكن أقرباءه استطاعوا الثأر له

    عام 725 هـ ففاجأوا الأمير منصور وهو في عدد قليل من رجاله وقتلوه وتولى ابنه كبيش الإمارة واستمر مسلسل الثأر

    والانتقام من الطرفين فقتل كبيش قتلة أبيه ثم دفع حياته ثمناً لذلك عام 728 هـ.

    مقابل ذلك كانت المدينة تعيش في هدوء وطمأنينة عدة سنوات، عندما يحسن الأمير تسيير الأمور بحكمة وعدل، ويحسن

    العلاقة مع أفراد أسرته وأبناء عمومته والقبائل المحيطة بالمدينة فتزدهر الحياة الاقتصادية وتكثر القوافل التجارية

    وقوافل الزائرين الوافدة، ويشتغل الكثيرون بالعلم في حلقات المسجد النبوي وفي الأربطة والمدارس التي بدأت تظهر ويزداد

    عددها. ومثال ذلك الفترة التي مرت بها المدينة في إمارة عطية بن منصور سنة 760 إلى 773 هـ وكانت المدينة قبل

    إمارته قد تعبت من كثرة الاضطرابات السياسية واستمر الصراع على الإمارة بين بعض المتنافسين عليها من آل المهنا،

    وعندما قتل الأمير جماز غيلة اجتمع كبار آل المهنا وتداولوا فيمن يتولى الإمارة، فاستقر الرأي على عطية بن منصور

    الذي عرف بتدينه وزهده وحسن خلقه، ولم يكن معهم في الاجتماع فكتبوا بذلك محضراً للسلطان المملوكي حمله أحد

    أفراد الأسرة، وعاد بالمرسوم بعد شهر وتسلم عطية الإمارة بعد تردد.

    ويذكر المؤرخون أن المدينة عاشت ثلاث عشرة سنة في أحسن حال بسبب حسن سياسته، وكرم أخلاقه، وزهده في

    المكاسب الدنيوية، واهتمامه بشؤون الناس، وقد أسقط الضرائب التي فرضها أسلافه على أهل المدينة، والوافدين إليها،

    والتجار والمزارعين، وطلب معونة من السلطان المملوكي لتغطية نفقات الإمارة، فاستجاب له السلطان، واهتم بدروس

    العلم في المسجد النبوي وقرر دروساً في المذاهب الأربعة، وأجرى للمدرسين والقرّاء رواتب مناسبة، وأعطى الفقراء

    ما كان يرد لهم، وعاش هو وأسرته حياة زهد وتقشف فينفق عليهم من ماله الخاص، ويضيف المؤرخون أنه صلح

    بصلاحه أقاربه ومساعدوه، ونَعِمَ أهل المدينة بالأمن والعدل والخصب.


    وبعد موت عطية عام 773 هـ عاد الصراع ثانية بين أفراد الأسرة، وأججه تعجل السلطان المملوكي بإصدار مرسوم

    تعيين الأمير من غير أن يكون أهلاً لذلك، ملتفتاً إلى الوساطات والهدايا معرضاً عن رأي الأسرة لأخذ رأيها فيمن يصلح

    للإمارة، فيوسد الأمر لغير أهله وتقع الفتن والاضطرابات بين المتنافسين. فقد وفد جماز بن هبة بن جماز على السلطان،

    ونجح في استصدار مرسوم بتوليه الإمارة، وكان عطية قد أناب عنه أخاه نعير بن منصور، فحاول مقاومته، ونشب قتال

    بين الفريقين، وقتل نعير وتولى جماز الإمارة، ودخل مرحلة صراع جديدة، واستطاع خصمه ثابت بن نعير أن يستصدر

    مرسوماً ليعزله. فتحول إلى خصم عنيد لثابت ورحل إلى منطقة خارج المدينة، فتحصن بها، وأخذ يغير منها على المدينة

    في محاولة لاستعادة الإمارة، والانتقام من ثابت. وقبض عليه بأمر السلطان، وسجن في مصر سبع سنوات ثم أطلق

    سراحه، وأعيد إلى الإمارة فحسنت سيرته أول الأمر، ولكنها ساءت بعد حين عندما قلّت موارده المالية. وأصدر السلطان

    المملوكي مرسوماً بعزله.


    بقية العهد المملوكي

    وهكذا عاشت المدينة بقية العهد المملوكي بين الهدوء والاضطراب السياسي، وكان تدخل سلاطين المماليك قوياً يبدأ

    بتعيين الأمير ويصل إلى درجة القبض عليه وسجنه في مصر إذا كثرت منه الشكاوي أو بدر منه ما يقتضي معاقبته.

    ويدلنا جدول أمراء المدينة على صورة الحياة السياسية من خلال المعارك والاشتباكات الداخلية والخارجية

    ونهاية بعض الأمراء.

    وأهم الأحداث التي وقعت في هذه الفترة ما يلي:

    1 ـ احتراق المسجد النبوي بسبب صاعقة سقطت على المئذنة والسقف، وإعادة بنائه مرة أخرى سنة 886هـ.

    2 ـ تجديد المسجد النبوي في عهد السلطان قايتباي سنة 888هـ، وبناء عدد من المدارس والأربطة أهمها

    مدرسة قايتباي.

    3 ـ استيلاء الأمير حسن بن زبيري على بعض نفائس المسجد النبوي، وهربه إلى البادية سنة 901هـ.

    4 ـ إلغاء الاستقلال الإداري للمدينة، وإلحاقها بإمارة مكة وتكليف أمير مكة باختيار أمير للمدينة من أفراد الأسرة

    الحسينية نفسها بعد استشارة قضاة المدينة، على أن يكون أمير المدينة نائباً لأمير مكة يرجع إليه في الأمور المهمة،

    وبذلك فقد أمير المدينة كثيراً من صلاحياته.

    وينتهي هذا العهد بانتهاء حكم المماليك في مصر وسيطرة السلطان العثماني سليم الأول عليها حيث تحول ولاء المدينة

    ـ ومكة أيضاً ـ إلى العثمانيين،
    فقد أرسل الشريف بركات ابنه أبانمي على رأس وفد من الأعيان إلى القاهرة وسلمه

    مفتاح أحد أبواب مكة رمزاً للولاء فبدأ عهد العثمانيين عام 923هـ.

    والجدير بالذكر أن المدينة شهدت حركة ثقافية نشيطة جداً في العهد المملوكي ولا سيما في القرنيين الأخيرين، فقد وفد

    إليها عدد كبير من العلماء من أنحاء العالم الإسلامي ودرسوا في المسجد النبوي، وفي بعض مدارسها، واستوطن

    بعضهم فيها، وكثرت فئة المجاورين وأسهمت في تنشيط حركة الثقافة.

    ومن أبرز العلماء الذين ولدوا فيها، أو وفدوا إليها وأقاموا فيها: ابن فرحون، والحافظ العراقي، والسخاوي،

    والسمهودي، وغيرهم كثير.

    كما ألف في هذا العصر عدد كبير من الكتب عن المدينة وأعلامها، منها: التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار

    الهجرة للمطري، وتحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة للمراغي، ونصيحة المشاور وتعزية المجاور لابن فرحون،

    والمغانم المطابة في معالم طابة للفيروز آبادي، والتحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة للسخاوي وغيرها.
    avatar
    أم بدر
    المراقب العام
    المراقب العام


    عدد الرسائل : 2325
    تقييم القراء : 31
    النشاط : 9996
    تاريخ التسجيل : 12/07/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف أم بدر الأحد 15 فبراير - 8:04

    جزاك الله خيراً معلومات جداً قيمة الشريف العشماوي

    تقديري
    محمدربيع
    محمدربيع
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2965
    البلد : بلاد العرب بلادى
    العمل : موظف
    الهوايات : النت
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 7790
    تاريخ التسجيل : 07/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف محمدربيع الإثنين 16 فبراير - 0:03

    بارك الله فيك شريف ابراهيم وذادك الله علما
    موضوع تاريخى شيق
    انعم الله عليك من علمه
    تقبل مرورى
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الإثنين 16 فبراير - 16:54

    أم بدر
    شكرا علي مرورك العطر
    ولك كل الود والإحترام
    ابراهيم العشماوي
    ابراهيم العشماوي
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2273
    البلد : المنصورة
    العمل : مدير
    الهوايات : القراءة والرسم
    تقييم القراء : 11
    النشاط : 7119
    تاريخ التسجيل : 24/09/2008

    نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة) Empty رد: نعيش سوبا مع المدينة المنورة( طيبة الطيبة)

    مُساهمة من طرف ابراهيم العشماوي الإثنين 16 فبراير - 16:55

    محمد ربيع
    لك خالص تحياتي
    وشكري وامتناني
    علي مرورك الكريم

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر - 18:39