[center]
النص المحقق
الحمد الله الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً ورفع بعض الأنام على بعض فصيّره أفخم قدراً، وأعظم ذكراً، وأحَلَّ فيه نبيّه المختار من شريف النسب في المجد الصرّاح، واصطفاه للإيثار بمنيف الحسب وسُرَّة البطاحَ.
وأطلع شمس فخره في أفق العلى ساطعة الشعاع، ووصل حسبه ونسبه إلى يوم القيامة بعدم الانقطاع، فهذا أكرم البرية نفساً، والاً، وأفضلها حالاً ومالاً، وأتم العالم جمالاً، وأكملهم تفصيلاً وإجمالاً فَصَلِِّ اللهم عليه صلاة تجاري سابق فخره.
وتباري باسق قدره، وعلى آله المتفرعين من دوحة نبوته المترفعين إلى ذروة الشرف بمنحة نبوته، وعلى أصحابه المغترفين من شرب العناية المعترفين بنشر القبول من مهب الرعاية، ما أضحك مدمع السحاب ثغور الروض، واتصل حبلا العترة، والكتاب حتى يردا عليه الحوض.
أما بعد: فإن علم النسب علم عظيم المقدار ساطع الأنوار أشار الكتاب الإلهي إليه فقال: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات:13].
إلى تفهمه وحث النبي الأمي عليه، فقال: «تعلموا أنسابكم لتصلوا أرحامكم»( ).
لا سيما نسب آل الرسول لوجوب توجبهم بالإجلال، والإعظام[2]، كما وضح فيه البرهان، ودل عليه الحديث، والقرآن نزل، وكيف ولا، وهم: خيرة الله التي اختارها ورفع في البلاد، والعباد منارها، ولم تزل أنسابهم التي إليها يعتزون على تطاول الأيام مضبوطة، وأحسابهم التي بها يتميزون على تداول الأقوام عن الخلل محوطة، إلا أني رأيته أوان تغربي في أكثر البلاد التي وطئتها تشابهاً عظيما.
بين الهجان، والهجين وتساوياً شديداً بين اللُّجَين، واللَّجِين( )، يكابر الدعي العلوي فلا ينكر عليه، ويتنازعان الشرف فما من عارف بشأنهما يرجعان إليه، وكثيراً ما يتعصب في الظاهر الدعي توصلاً بذلك إلى الطعن في آل النبي، وكم من قائل لو عرفت سيداً صحيح النسب لتبركت بترابه، ووضعت خدي تواضعاً على عتبة بابه.
بأن هذا لَعمرُ الله محض اللجاج، والعناد الذي لا يطمع، له في علاجُ هذه بيوتات العلوية العارية عن العار متوافرة، وقبائل الفاطمية الطاهرة عن الغبار متكاثرة، قد قام بتصحيح اتصالهم في كل زمان علامون من الأمة.
ونهض بتنقيح حالاتهم في كل أوان فهّامون من الأئمة فحركتني العصبية وبعثتني النفس الأبية على أَنْ أضيف في أنساب الطالبيين كتاباً يجمع بين الفروع، والأصول، ويضم الأجذام إلى الذيول، ويستوعب شعب هذا العلم، ويستقصيها، ولا يغادر من فوائده صغيرة، ولا كبيرة إلا، ويحصيها، والأيام بذلك المطلب تماطل، وتحول دون ما أحاول حتى بَعُدَ بذلك الفن عهدي، ولم يبق غير أثارة عندي، وكيف لا، وأنا في زمان ظاهر الغباوة ومجاهر العلم، والشرف بالعداوة.
قد ارتفعت فيه إرادات العلم من القلوب وَعُدَّ النسب الفاطمي من أعظم العيوب، بحيث أشرفت أنوار الشرف على الانطماس وآذنت أثار دروس العلم بالاندراس، فالتمس مني أعز الناس علي، وأكرمهم لدي، وهو المولى الأعظم، والماجد الأكرم مرتضى ممالك الإسلام مبين مناهج الحلال، والحرام ناظم درر المواهب في سلوك الرغائب، ومقلد جِيد الوجود، ولولا أنْ مَنَّ من عليها بهمة همام صان بدرهما عن الغروب، وحرس بحرهما من النضوب.
وما هو إلا الفرد الذي أنار الله بوجوده الوجود، وأفاض ظلال نعمته[3] على كل موجود صاحب الوقت، والحال محصي الأسماء الإلهية في مقام الإنصات، وهو المولى الأعظم، والماجد الأكرم المرتضي بمالك الإسلام من مناهج الحلال، والحرام ناظم درر المواهب في سلوك الرغائب.
ومقلد جيد الوجود بوشاح المناقب ملاذ قروم آل أبي طالب في المشارق، والمغارب، مفيض لجج الحقائق بجواهر المطالب على الأباعد، والأقارب الغني عن الإطناب في الألقاب بكمال النفس وعلو الجناب شعر( ):[الطويل]
بأحسنَ ما يُثْنَي عليه يُعَابُ
تجاوزَ قَدْرَ المَدْحِ حَتَّى كَأنَّهُ
المؤيد بكواكب العز، والتمكين نور الحقيقة، والطريقة، والدين:
الحسن جلال الدين بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد بن علي بن علي بن الحسن بن الحسن بن يحيى بن الحسين بن أحمد المحدث بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد...
زيدت فضائله، وأفضاله أن أهز صارم الصريمة، وأوجه وجه العزيمة إلى جمع مختصر يجمع أصل نسب الطالبية وقواعده.
ويحوي خفي أسراره، ويضبط معاقدهُ مبيناً على ما وقفت عليه من خلاف مشيراً إلى ما كان من نفي، أو غمز بإنصاف أنقل كلام الرواة كما وقع إليّ، وأتحرى نصوص الثقاةُ كما يجب علي، لم أتعمد جهدي إثباتاً لمنفي، ولا نفياً لثابت، ولم أقصد من عندي إيضاحاً لخفي، ولا طعناً في غير متهافت بل أعتمد على الحق الصريح، وأتحرى الصدق في إبطال، وتصحيح.
فجاء بحمد الله كتاباً نفيس المطالب كما يفرح الطالب في أنساب آل أبي طالب، قَرَّب إلى إيجاز الألفاظ إطناب المعاني، واحتوى على مهمات الضوابط مع سهو لة المباني يحتاج المبتدئ إلى مطالعته.
ولا يستغني المنتهي عن مراجعته وحيث وجب التوفيق بين المسمى واسمه: انتخبت له اسماً علماً مني بأنه نعم علماً موافقاً فسميته (عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب ) ثم أهديته إلى تلك الحضرة العلية.
علماً مني[4] بأنه نِعْمَ الهدية [...]( )، وقد رتبته على مقدمة وثلاثة أصول، وجعلت كُلَّ أصل فصولاً إعانة للسالك( ) على الأصول.
وهذا أوان الشروع في المرام متوكلاً على الملك العلام إنه بإعانة من توكل عليه كفيل، وهوسبحانه حسبنا ونعم الوكيل.
ففي اسم أبي طالب ونسبه
أما اسمه فقيل: عمران، وهي رواية ضعيفة رواها أبو بكر محمد بن عبيدة العبسي الطرطوسي النسابة، وقيل: اسمه كنيته، ويروي ذلك عن أبي جعفر علي محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر الأعرج بن عبد الله بن جعفر قتيل الحرة بن محمد أبو القاسم بن علي بن أبي طالب. النسابة.
وله مبسوطة في علم النسب( )، وزعم أنه رأى خط أمير المؤمنين علي في آخره وكتب علي بن أبى طالب، وقد كان بالمشهد الشريف الغروي مصحف في ثلاث مجلدات بخط أمير المؤمنين احترق حين احترق المشهد سنة ثلاثة وخمسين وسبعمائة، يقال إنه كان في آخره وكتب علي بن أبي طالب.
ولكن حدثني السيد النقيب تاج الدين محمد أبو عبد الله بن القاسم (ابن معية) الحسني النسابة وجدي لأمي المولى الشيخ العلامة محمد فخر الدين الأمير أبو جعفر بن الحسين بن حديد الأسدي رحمه الله:
كان في آخر ذلك المصحف علي بن أبي طالب، ولكن الباء منتهية بالواو في الخط الكوفي الذي كان يكتبه علي ، وقد رأيت مصحفاً بالمزار في مشهد عبيد الله بن علي بخط أمير المؤمنين في مجلد واحد في آخره بعد تمام كتابة القرآن المجيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبه علي بن أبي طالب، ولكن الباء تشتبه بالواو في ذلك الخط كما حكياه لي عن المصحف الذي بالمشهد الغروي
واتصل بي بعد ذلك أن مشهد عبيد الله احترق واحترق المصحف الذي فيه، والصحيح أن اسم أبي طالب عبد مناف وبذلك نطقت وصية[5] أبيه عبد المطلب حين أوصى إليه برسول الله ( )، وهو قوله: [الرجز]
بِوَاحِدٍ بَعْدَ أبيه فَرْدُ
أُوْصِيْكَ يا عَبْدُ مُنافٍٍ بَعْدِيَ
وقوله: [الرجز]
عبد مُنافٍ وهو ذُو تجاربُ
وَصِيَّتُ مَنْ كُنْيَتُهُ بِطالبٍٍ
وكان أبو طالب مع شرفه وتقدمه جمّ المناقب عزيز الفضائل، ومن أعظم مناقبه كفالته رسول الله( ) وقيامه دونه، ومنعه إياه من كفار قريش حين حصروه في الشعب ثلاث سنين مع بني هاشم عدا أبي لهب وكتبوا صحيفة أن لا يبايعوا بني هاشم، ولا يناكحوهم، ولا يوادوهم( ).
وعلقوها في الكعبة، والقصة مشهو رة لا يليق ذكرها بهذا المختصر، ومن أشعاره في ذلك( ):[الطويل]
قُريشاً وخُصَّا من لُؤي بني كَعْبِِ
ألا أَبْلِغَا عني عَلي ذَاتِِ رأيها
نَبِيَّاً كموسى خُطَّ في أَولِ الكُتُبِِ أَلَمْ تَعْلَموا أَنَّا وَجَدْنَا محمد اً
وله أخرى( ):[الطويل]
ولم تختضبْ سُمْرُ العَوالي بالدَّمِِ تُريدونَ أَنْ نَسْخَي بِقَتْلِ مُحَمِّدٍٍ
ضِرَابٌ وَطَعْنٌ بالوشيجِ المُقَوَّمِ وَتَرْجُونَ منَّا خُطةً دُون نيلها
وأسيافُنا في هَامِكُمُ لم تُحْطَمِِ كَذَبْتُم وَبَيْتِ الله لا تقتلونه
إلى غير ذلك ولما اجتمعت قريش على عداوة النبي ( ) وسألت أبي طالب أنْ يدفعه إليهم وتحالفوا على ذلك، وخشي أبو طالب دهماء العرب أنْ يركبوه مع قومه قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم مكة، ويذكر مكانه منها، ويذكر فيها أشراف قريش، وهو مع ذلك يخبرهم وغيرهم أنه غير مُسلّمٍ رسول الله ( )، ولا تاركهُ بشيء أبداً، وهي طويلة جداً، وقالوا منها( ):[الطويل]
ولما نُطاعنُ عَنْ دُونه وَتُنَاضِلُ كَذَبْتُم وَبَيْتِ الله يُغْزَى مُحَمَّدٌ
وَنَذْهَلُ عن أبنائنا، والحلائِلُِ
وَنُسلمهُ حتى نُصْرَعَ حَوْلَـهُ
وأظهرَ دِيْنَاً حَقُّهُ غَيْرُ باطلُِ
فَأَيَّدَهُ رَبُّ العِبَادِ بِنَصْرِهِ
ومن قوله لابنيه علي وجعفر( ):[المنسرح]
عِنْدَ مُلمِّ الخُطوبِِ، والكُرَبِ
إنَّ عَلياً وجعفراً ثِقَتي
أخي لأمي مِنْ بينهم، وأبي لا تخذلا وَانْصُرا ابنَ عَمِّكْمَا[6]
إلى غير ذلك، ومن مناقبه: أنه استسقى بعد وفاة أبيه عبد المطلب فسقي.
وأم أبي طالب: فاطمة بنت عمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن مُرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وفاطمة أيضاً أم عبد الله بن عبد المطلب، والد رسول الله ( )، ولم يشركهما في ولادتهما غير الزبير بن عبد المطلب، وقد انقرض الزبير وهذه فضيلة اختص بها أبو طالب، وولده دون باقي عبد المطلب.
وأما نسبه: فهو ابن عبد المطلب، واسمه شيبة: ويقال لـه:شيبة الحمد، وقد قيل إن اسمه: عابد، والصحيح الأول، ويقال إنَّهُ سمي شيبة، لأنه ولد، وفي رأسه شعرة بيضاء، ويكنى: أبا الحارث، ويلقب: الفياض لجوده، وإنما سمي عبد المطلب لأن أباه هاشماً مر بيثرب بعض أسفاره فنزل على عمرو بن زيد، وقيل: زيد بن عمرو بن خداش بن أميه بن لبيد بن غنم بن عدي بن النجار، وهو: تيم الله بن تغلبة بن عمر بن الخزرج، وهو المعتمد فرأى ابنته سلمى فخطبها إليه فزوجه إياها وشرط عليه أنها إذا حملت أتى بها لتلد في دار قومها وبني عليها هاشم بيثرب.
ومضى بها إلى مكة، فلما أثقلت أتى بها إلى يثرب في السفرة التي مات فيها وذهب إلى الشام فمات هناك بغزة من أرض الشام، وولدت سلمى عبد المطلب، وشب عند أمه، فمر به رجل من بني الحارث بن عبد مناف، وهو مع صبيان يتناضلون فرآه أجملهم، وأحسنهم إصابة، وكلما رمى، فأصاب قال أنا ابن هاشم أنا ابن سيد البطحاء فأعجب الرجل ما رأى منه ودنا إليه، وقال من أنت؟ قال أنا شيبة بن هاشم بن عبد مناف قال بارك الله فيك وكثر فيها مثلك. قال، ومن أنت يا عم؟ قال رجل من قومك قال حياك الله ومرحباً بك وسأله عن أحواله وحاجته، فرأى الرجل منه ما أعجبه، فلما أتى مكة لم يبدأ بشيء حتى أتى المطلب بن عبد مناف فأصابه جالساً في الحجر( ) فخلا به، وأخبره خبر الغلام، وما رأى منه.
فقال المطلب، والله لقد أغفلته ثم ركب قلوصاً ولحق بالمدينة وقصدَ [7] محلة بني النجار فإذا هو بالغلام في غلمان منهم، فلما رآه عرفه، وأناخ قلوصه وقصد إليه فأخبره بنفسه وإنَّهُ قد جاء للذهاب به فما كذب أن أجلس على عجز الرجل وركب المطلب القلوص ومضى به، وقيل: بل كانت أمه: قد علمت بمجيء المطلب ونازعته فيه فغلبها عليه ومضى به إلى مكة، وهو خلفه.
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر