منقول من عدة مصادر:
أحمد بن إدريس الإدريسي:
ولد الشريف احمد رضي الله عنه بقرية تسمى "ميسور" وهي ليست ببعيدة عن مدينة فاس في عام (1163هـ)
تربيته:
نشاء وترعرع وشب على تربية صلاح واستقامة وورع وقد قام بتربيته اخوه السيد الشريف محمد وقد حفظ رضي الله عنه القرآن الكريم وبعض المتون ومباديْ العلوم بمسقط رأسه "ميسور" وكان يكنى بأبى العباس العرائشي كما كان يلقب عند السادة السنوسية با"الشفاء"
وهو من ذرية بن ادريس الملقب بالأصغر بن ادريس الملقب بالأكبر بن عبدالله الملقب بالمحض(الكامل) بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن لإمام علي بن ابي طالب
رحلة أحمد بن إدريس من فاس إلى المشرق :
بدأ رحلته من فاس في أواسط عام 1212هـ ومر في طريقه على الجزائر وتونس وطرابلس وبنغازي وكان ذلك سيراً وكان طريق البر من بنغازي إلى حدود مصر فيها مخاوف من بعض الأعراب المتحاربين ، لذلك قرر الركوب بحراً من بنغازي إلى الإسكندرية بعد أن مكث في بنغازي مدة من الزمن تعرف أثناءها ببعض البيوت وألقى دروساً في بعض مساجدها وأثنى على أهلها وعلى أهل الجبل الأخضر وبرقه وقال فيهم : " هذه بلادنا فيها تحيا أورادنا حيها سعيد وميتها شهيد طوبى لمن أراد الخير بأهلها وويل لمن أراد الشر بأهلها " وكانت إشارته هذه إلى السيد محمد بن على السنوسي حيث هو الذي أخذ عنه وهو خليفته الذي أحيا أوراده وذكره بدون زيادة أو نقصان في البركة وغيرها رضي الله عنهما
ثم ركب من بنغازي عام 1213هـ بمركب شراعي إلى الإسكندرية وبعد وصول الإمام إلى القاهرة توقف بالأزهر مدة يسيرة قام خلالها بالقاء بعض الدروس في جامع الأزهر فأعجب به كل من حضره وسمع عنه ولذلك أخذ عنه مشايخ كثيرون ، ورافقه بعضهم إلى الحجاز
ودخل مكة آخر عام 1213هـ ومكث في الحرمين الشريفين ما بين مكة والمدينة والطائف ما يقرب من ثلاثين سنة قضاها في التدريس ونفع العباد وإرشادهم إلى الطريق المستقيم ودعوتهم إلى العمل بما يحتمه عليهم دينهم الإسلامي
وخرج من مكة إلى الصعيد بمصر مرتين – أو ثلاثاً – وقام بالدعوة إلى الله . وأخذ في الصعيد عن الشيخين الجليلين حسن بن حسن القنائي والشيخ محمود الكردي .
ثم عاد إلى مكة المكرمة دون إقامة طويلة وإنما كانت في تلك المرتين حوالي خمس سنوات فقط ولم يبق خلال هذه المدة عالم من علماء الحرمين الشريفين أو ممن يفدون إلى الحرمين إلا وتتلمذ له وأخذ عنه
وممن أخذ عنه السيد محمد بن عثمان الميرغني مؤسس الطريقة المرغنية ، والشيخ إبراهيم الرشيدي مؤسس الطريقة الرشيدية ، والشيخ محمد حسن ظافر المدني الدرقاوي ، والشيخ محمد عابد سندي صاحب الأسانيد المسماة حصر الشارد في خليفة الشيخ دردير صاحب التصانيف رضي الله عنه أتى إلى الحج وأخذ عنه ، ومنهم العلامة السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل مفتي زبيد أتى إلى الحج أيضاً وأخذ عنه ، ومنهم الشيخ أحمد بن محمد الديلمي من قضاة زبيد أيضاً ، والسيد سليمان ابن ابي القاسم الأهدل ، والعلامة الشيخ عبد الكريم العتمي وغيرهم ممن لا يحصون ، وتخرج عنه أعلام خدموا الدين الإسلامي جزاه الله عن المسلمين خير الجزاء .
وفي مدة وجوده بمكة عام 1218هـ دخلها السعوديون وكانوا يطلقون عليهم الوهابيين لاتباعهم للشيخ محمد ابن عبد الوهاب داعية نجد ، وكان أميرهم إذ ذاك الإمام عبد العزيز بن محمد بن مسعود عام 1220هـ وتولى ابنه الإمام سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ودخل الحجاز ثانياً عام 1221هـ ومكث السعوديون بالحجاز سبع سنوات ، ثم حاربهم حاكم مصر محمد على باشا بأمر من الحكومة العثمانية وأخرجهم عام 1228هـ وكان أمير مكة إذ ذاك من الأشراف ذوي زيد واسمه الشريف غالب بن مساعد
دخول الأمير سعود بن عبد العزيز لمكة واجتماع السيد أحمد بن إدريس به
كان للسيد أحمد بن إدريس أتباع كثيرون وكان بعضهم تصدي للرد والقدح في معتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلما قدر الله وجاءت الجيوش السعودية لاحتلال مكة قال هؤلاء العلماء للسيد أحمد بن إدريس أخرج بنا من مكة لأنهم إن وجدونا بطشوا بنا فقال لهم رحمه الله ورضي عنه : أنني لا آمر أحداً منكم بالخروج من مكة ولا أنهاه غير أنني أقول لكم من جلس فلا يلحقه إلا الخير إن شاء الله تعالى وأنا جالس ، فهرب بعضهم وجلس البعض
وبعد وصول الأمير سعود ودخوله مكة وكان شديداً ومتعصباً في مذهبه جاءه السيد أحمد بن إدريس حسب العادة للتهنئة والسلام عليه فقابله بحفاوة بالغة وأكرمه إكراماً عظيماً وألبسه مشلحا بيده وقال له يا شيخ كنا أحق بزيارتك ولا كنت تكلفك نفسك ثم اصدر أوامره على كافة عماله بعدم التعدي على أحد ممكن ينتمي إلى السيد ، كما عفا عن أصحابه الذين كانوا يطعنون في معتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وكان الإمام سعود الكبير هذا أمر بتقتيلهم ولو وجدوا متعلقين بأستار الكعبة فعفا عنهم وحقن دماءهم ، وهذه سجايا آل سعود ومكارم أخلاقهم التي ورثوها عن أوائلهم وهي العفو عند القمدرة وعدم أخذ المسئ بإساءته وقبول عذر المعتذر مهما كان ذنبه ، وبذلك مكن الله لهم في البلاد وسخر لهم القلوب والعباد والله لا يضيع أجر من أحسن عملا . فتعجب الناس لهذا التسخير الإلهي
ثم أن السيد أحمد بن إدريس أمر أتباعه بعدم المجادلة أو المناظرة مع أي إنسان ، وإذا سئلوا عن أي قول أو مذهب يقولون : لا إله إلا الله فقط . وصار هذا دينهم مدة وجود السعوديين بمكة وهو من عام 1121هـ إلى غاية عام 1228هـ
رحلة السيد أحمد بن إدريس من الليث إلى اليمن :
بعد أن ودعه الإخوان وخليفته السيد محمد بن على السنوسي ورجعوا إلى مكة ركب من الليث في سفينة شراعية ووالي سفره بحراً إلى اللحية ومر في طريقه على موانئ القنفدة والبرك وجيزان ولم ينزل بها
وبعد وصوله اللحية مكث بها أياماً ثم والى رحلته برا إلى الزهرة ثم الحديدة فبيت الفقيه فزبيد وبعد مكوثه بها نحواً من شهرين وإلى رحلته حتى وصل المخا ووصل إلى جبل موزع وأقام به اياماً ثم عاد إلى المخا ومكث بها أربعة أشهر ولم يبق أحد في تلك الجهة إلا ووفد عليه وتلقى عنه وسمع منه ثم عاد إلى زبيد ومكث بها تسعة أشهر بقية سنة 1344هـ وكان نزوله عمد السادة آل الأهدل . وخلال هذه المدة لم يترك الدرس والوعظ والإرشاد والدلالة على الله يوماً واحداً حتى عم نفعه بالله تعالى للخاص والعام
وخرج من زبيد إلى قرية تسمى " وصاب " في الجبل للغصلاح ما بين قبيلتين متحاربتين ومكث بها أياماً قلائل ثم عاد إلى زبيد ومنها توجه إلى بندر الحديدة ومكث بها أياماً معدودة ومنها سلك طريق الساحل عائداً إلى بلاد السادة المراوعة ولم يمر على بيت الفقيه . واجتمع بالسادة المراوعة وأخذوا عنه ومكث عندهم ما يقارب من الثلاثة أشهر ، ثم توجه إلى " القطيع " وجلس به ما شاء الله وبعد ذلك والى رحلته إلى بأجل ، وأقام بباجل مدة بسيطة وفي خلال رحلته هذه لم يخرج من بلدة من هذه البلدان حتى يقيم فيها من يقوم بمثل عمله . ولم تطل إقامته إلا في المدن الثلاثة زبيد وبيت الفقيه والمخا وبعد خروجه من باجل والى رحلته إلى بلدة أبي عريش ، وكان أمير تلك المنطقة وما يتبعها هو الشريف على ابن حيدر بن حمود من الأشراف إلى أبو مسمار وهم ينتسبون إلى الأشراف آل أبي نمى فأكرم نزل السيد إكراماً عظيماً وهيأ لسيادتته كل أسباب الراحة والاستقرار ولذلك آثر الإقامة في بلدة صبيا الواقعة في المخلاف السليماني بالقرب من أبي عريش التابعة للشريف على بن حيدر
وفي صبيا اجتمعت عليه أمم كثيرة وقام رضي الله عنه بالدعوة الصالحة إلى الله تعالى والإرشاد ، وكان أهل تلك الجهة غلب عليهم الجهل وتركوا أمور الدين والشرع ولم يبق لهم من الإسلام إلا الاسم أما واجبات الدين فمتروكة تماماً لذلك كرس مولانا السيد كل مجهوداته آناء الليل وأطراف النهار في المساجد والمجتمعات وفي بيته حتى كون نخبة مباركة من طلاب العلم قاموا بالدعوة إلى الله تعالى والعمل بكتابه حسب المستطاع وبالتالي هي أحسن
وبوجوده في صبيا أصبحت كعبة المريدين والتابعين له فما من يوم إلا وتصبح غاصة بالزوار والقادمين من أنحاء اليمن وجبال السروات والحجاز ووفد إليه تلميذه وخليفته السيد محمد ابن على السنوسي من مكة مراراً مع بعض الأخوان والمريدين ، وكان يرتب له قافلة من مكة تخرج على رأس كل شهر تحمل إليه ماء زمزم وكل ما هو ضروري لسيادته من الحجاز طيلة إقامته بصبيا وكانت حوالي تسع سنوات لأنه رضي الله عنه خرج من مكة عام 1241هـ وتوفي عام 1253هـ فالمدة الواقعة بين التاريخين اثني عشرة سنة منها أربع سنوات في تنقلاته والباقية هي التس استقرها بصبيا
العائلة الإدريسية في تهامة عسير :
ولم يخلف السيد أحمد بن إدريس إلا ثلاثة أولاد فقط هم السيد محمد والسيد عبد العالي والسيد مصطفى ، فأما السيد مصطفى فقد توفي صغيراً بعد والده
وأما السيد محمد فكان عمره حين وفاة والده 36 عاماً وعاش بعد والده 52 عاماً ، وخلف السيد محمد ولداً واحداً هو السيد على بن محمد بن أحمد بن إدريس الإدريسي ، كان عمره حين وفاة جده الإمام رضي الله عنه أربع سنوات فقط حيث كانت ولادته عام 1250هـ ثم عاش بعد جده 70 عاماً قضاها في عبادة الله والدعوة إليه
وكان من أكابر الصالحين وهو الذي أسس العائلة الإدريسية في تهامة عسير ورفع شأنها ونشر طريقة جده وأحيا ذكره ما بين المخاليف والقبائل وجمعهم والتفوا حوله واتبعوا دعوته ، وأنجب رحمه الله ثلاثة أولاد ذكور هم السيد محمد ابن على الإدريسي مؤسس إمارة الأدارسة بتهامة عسير والسيد الحسن بن على الإدريسي والسيد أحمد بن على الإدريسي ، فأما السيد أحمد فكبر وتوفي قبل أن يتزوج ولم يعقب ، والسيد محمد اشتغل أولاً بطلب العلم في صبيا ثم انتقل منها إلى مكة وطلب بها العلم ، ثم انتقل إلى الأزهر بالقاهرة وتمم فيه دراسته ونال قسطاً وافراً من العلوم وبرع فيها ثم رحل من مصر إلى الجعبوب ومنها إلى الكفرة حيث إقامة الإمام السيد محمد المهدي السنوسي وزاره بها ومكث عنده مدة وأخذ عنه ثم عاد إلى صعيد مصر وزار أبناء عمومته آل السيد عبد العالي الإدريسي بالزينية ، وفي عام 1323هـ عاد إلى صبيا موقع رأسه قبل وفاة والده وكانت عودته بطلب ملح وسريع من والده ومن مريدي ومحبي والده وشيوخ القبائل ، وبعد عودته بقي مع والده قريباً من سنة ونصف ثم توفي والده رحمه الله تعالى وقام هو مقام والده بالدعوة إلى الله والإرشاد فغار منه الأتراك الموجودون بجيزان وعسير والحديدة وأرادوا أن يكيدوا له ويقبضوا عليه ويرسلوه إلى استانبول مركز الخلافة فحال دونه أهل تهامة قاطبة وحاربوا الأتراك حتى أجلوهم من تلك الجهة ، وأقاموا أميراً عليهم ، وبذلك تأسست الإمارة الإدريسية وتوسعت حتى جبال " فيفا " في ناحية نجران وحتى الحديدة.
وبعد وفاة السيد محمد بن علي الإدريسي في 3 شعبان سنة 1341هـ/مارس1923م حل محله أكبر أبنائه السيد علي بن محمد الإدريسي ، وكان فتى يافعاً في السابعة عشرة من عمره ، وحدث خلاف داخل أسرة الإدريسي حينما دعا بعض رؤساء القبائل إلى تولية عم الأمير الشاب السيد الحسن بن علي الإدريسي بدلاً منه ليتمكن من إصلاح الأحوال في الإمارة ، وكان السيد الحسن هذا ميالاً إلى الزهد والتصوف ، وانتهى الخلاف بتعيين السيد الحسن وصياً على ابن أخيه الذي لم يسلِّم بذلك فأخذ ينكل بأنصار عمه ، وانقسم الناس إلى قسمَين كل قسم يؤيد صاحبه .
السطان عبدالعزيز(الملك) سعى في الصلح بينهما وأرسل أمير أبها ابن عسكر لفض النزاع سلماً ، فبعث ابن عسكر وفداً من مشايخ عسير ومعهم سرية من الجند استطاعوا تهدئة الأوضاع في المنطقة ، بعد ذلك آلت الأمور إلى تمكن مؤيدي السيد الحسن من الحكم، ولجأ الشاب السيد محمد بن علي الإدريسي إلى مكة ، ولما اضطربت الأحوال في الإمارة تشجع الإمام يحيى وقاد جيشه واسترد ميناء الحديدة من الأدارسة ، كما استولى على بلدان تقع في شمال المدينة وشرقها.
ولما آل الحكم إلى السيد الحسن بن علي الإدريسي، حاول الحصول على مساعدة من إيطاليا ولكنه فشل في ذلك ،
لكن المجاهد الإسلامي في ليبيا أحمد الشريف السنوسي الإدريسي نصح الحسن بطلب الحماية من السعودية لما بين الأسرتين من الصداقة التقليدية وفي تلك الأثناء كان السلطان عبدالعزيز قد بسط نفوذه على الحجاز فرأى السيد الحسن بن علي الإدريسي أن من الأفضل له أن يحصل على حماية السلطان عبدالعزيز ضد إمام اليمن الذي كان يطمع في بلاده فأرسل مندوبه ابن عمه السيد محمد الإدريسي إلى مكة يطلب من ملك الحجاز ونجد وملحقاتها الدعم والمساندة ، فانتهت المباحثات إلى عقد اتفاقية مكة بين الطرفين في 14 ربيع الآخر سنة 1345 /21أكتوبر 1926
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
فعقدت معاهدة مكة المكرمة بين الملك عبدالعزيز آل سعود والإدريسي بواسطة السنوسي الإدريسي وعرفت بمعاهدة مكة وعلى إثر ابرام المعاهدة كتب الملك عبدالعزيز إلى إمام اليمن بما تم الاتفاق عليه للاحاطة ورجاء التوقف عن الزحف عن بقية إمارة الإدريسية وبموجب هذه الاتفاقية أصبحت الأمور الداخلية في المنطقة للإدريسي ، أما الأمور الخارجية فللسلطان عبدالعزيز الذي تعهد بالدفاع عن منطقة جازان ضد أي عدوان عليها وأرسل مندوباً من قبله هو صالح بن عبدالواحد ومعه بعض الخبراء والموظفين لمساعدة حسن على تصريف شؤون البلاد ، وبقيت العلاقات بين الطرفين جيدة إلى أن أسند السيد الحسن بن علي الإدريسي إدارة البلاد إلى الملك عبدالعزيز في 17جمادى الأولى 1349هـ/أكتوبر1930م.
كانت معاهدة مكة الموقعة بين الملك عبد العزيز والحسن الادريسي في 21 أكتوبر 1926م، تقضي بوضع عسير تحت الحماية السعودية وبمقتضى تلك المعاهدة بعث عبد العزيز مندوباً عنه إلى عسير يدعى صالح بن عبد الواحد بهدف مراقبة الاتصالات الخارجية لعسير باعتبارها تمثل حجر الزاوية في معاهدة الحماية.
أصدر الملك عبد العزيز مرسوماً ملكياً في 20 نوفمبر 1930م يقضي بتشكيل مجلس تشريعي في منطقة عسير يختص بحماية مصالح المنطقة وإدارة مواردها التجارية والزراعية فقط في حين ظلت الشؤون الخارجية وشؤون البدو في المنطقة من اختصاص الحكومة السعودية، وقد تولاها في ذلك الحين حمد الشويعر مندوباً من لدى الملك عبد العزيز.
ولقد تزامن ذلك مع قيام المندوبين السعوديين في منطقة عسير بالحد من صلاحيات واختصاصات الحسن الادريسي فيها، وتقليص نفوذه عليها، ومما زاد الطين بلة قيام فهر بن زعير المندوب السعودي الجديد في المنطقة باعاقة صرف المستحقات المالية المقررة للإدريسي ومنع ذكر اسمه في خطبة الجمعة وإنزال العلم الخاص به من على سواري الإمارة وغيرها من الإجراءات الاخرى.
وعندما أدرك الحسن الادريسي مغبة الخطأ الذي ارتكبه) في نظره (من خلال قيامه بإبرام معاهدة مكة، والتي لا يعدو كونها فخ أو شرك أوقعه فيه الملك عبد العزيز) في نظره ( للتخلص من النفوذ الادريسي في منطقة عسيرـ عند ذلك ـ اندفع الادريسي إلى الاتصال بالقوى المعادية والمناهظة للملك عبد العزيز،، وفي مقدمتها الإمام يحيى في اليمن وعبد الله ابن الشريف حسين في الأردن )حزب الأحرار الحجازي( وطلب منها العمل على دعمه ومساندته بالمال والسلاح حتى يتسنى له تفجير الموقف العسكري ضد النفوذ السعودي في المنطقة.
وفي عام 1350هـ/ 1931م وفد بعض دعاة حزب الأحرار الحجازي من شرق الأردن وزينوا للسيد الإدريسي إعلان الثورة واسترداد إمارته وسلطانه فأعلن العصيان في 5 رجب 1351هـ/4نوفمبر 1932م وتزامنت ثورته تلك مع تمرد ابن رفادة في شمالي الحجاز .
ولما كان الحسن الادريسي قد أزمع على استخدام القوة لتغير الوضع القائم في المنطقة واستعادة جميع سلطاته فيها، فقد بادر في 4 نوفمبر 1932م إلى اعتقال فهر بن زعير وبعض المندوبين السعوديين والزج بهم في غياهب السجون،وقام بعد ذلك أي في 11 نوفمبر بارسال برقية إلى الملك عبد العزيز اوضح فيها أهم الدوافع والأسباب التي جعلته يقوم باعتقال المندوبين السعوديين في المنطقة، والتي من جملتها تحقيق أمله في استعادة صلاحياته واختصاصاته في المنطقة، فرد عليه الملك عبد العزيز مقترحاً عليه تشكيل لجنة سعودية وأخرى ادريسية وتكليفهما بحل الخلاف وتسويته، وبالفعل جرى تشكيل لجنة سعودية تتألف من حامد الشقيق وعبد الله السليمان وخالد القرقني وتحركت اللجنة في اتجاه المنطقة ترافقها ثلة من الجنود السعوديين بغرض حمايتها وتأمين تحركاته في المنطقة.
ولكن ما إن وصلت اللجنة السعودية إلى "القحمة" و"الشقيق" حتى تأكد لها بشكل قاطع ان الثورة الادريسية تتسم بالقوة والحسم وترمى غاية ما ترمي إلى إلغاء معاهدة الحماية المبرمة بين الحسن الادريسي والملك عبد العزيز في 21 أكتوبر 1926م، ومن ثم التخلص من النفوذ السعودي في المنطقة بشكل نهائي.
وحيال هذا التطور أمر الملك عبد العزيز بارسال قوات عسكرية كبيرة إلى منطقة عسير عن طريق البر والبحر، وتعززها قوات أخرى كانت في المنطقة قبل نشوب تلك التطورات وتحت حماية عدد من الطائرات الحربية البريطانية شنت القوات السعودية هجوماً خاطفاً على مدينة جيزان تمكنت خلاله من احتلالها والسيطرة عليها، ومن ثم إطلاق سراح جميع المندوبين والموظفين السعوديين والمحتجزين فيها الأمر الذي دفع الحسن الادريسي وجماعته إلى الهرب في اتجاه "صبيا" فتابعته القوات السعودية هناك واشتبكت معه في معركة ضارية انتهت في أواخر نوفمبر 1932م بتراجعه مع أعوانه وأفراد اسرته، ومن ضمنهم عبد الوهاب الادريسي في اتجاه الجنوب إلى المظايا فنشار فأبو عريش فالزبارةحتى استقر بهم المقام في "حرض" داخل الأراضي اليمنية ومن هناك اتصل الادريسي بالإمام يحيى طالباً اعتباره مع جماعته وأفراد أسرته لاجئاً سياسياً. فأجاره الإمام ومن معه وأمر ببقائهم في منطقة تدعى "زهب حجر" من حرض.
وبهذا تفرقت قوات الحسن الادريسي وتشتت انصاره وأعوانه، وولت بعض القبائل الموالية له مدبرة نحو جبال عسير للتخلص فيها والاحتماء بها هرباً من قوات السعودية ، ، وأرسل الملك عبدالعزيز إليه قوة انطلقت من مكة واكتسحت الإمارة في أواخر شوال 1351هـ/24فبراير1933م .
عند ذلك قرر عبد العزيز ضم منطقة عسير إلى الأراضي السعودية بصورة نهائية وقام بتعيين كل من الأمير عبد العزيز بن مساعد قائداً عاماً للقوات السعودية في عسير ومقره "أبها" والأمير تركي السديدي حاكماً لعسير ومقره أبها أيضاً وحمد الشويعر مساعداً لحاكم منطقة عسير ومقره "جيزان".
عادالادارسة وبقو في مكة المكرمة وأكرم الملك عبدالعزيزو فا دتهم
أحمد بن إدريس الإدريسي:
ولد الشريف احمد رضي الله عنه بقرية تسمى "ميسور" وهي ليست ببعيدة عن مدينة فاس في عام (1163هـ)
تربيته:
نشاء وترعرع وشب على تربية صلاح واستقامة وورع وقد قام بتربيته اخوه السيد الشريف محمد وقد حفظ رضي الله عنه القرآن الكريم وبعض المتون ومباديْ العلوم بمسقط رأسه "ميسور" وكان يكنى بأبى العباس العرائشي كما كان يلقب عند السادة السنوسية با"الشفاء"
وهو من ذرية بن ادريس الملقب بالأصغر بن ادريس الملقب بالأكبر بن عبدالله الملقب بالمحض(الكامل) بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن لإمام علي بن ابي طالب
رحلة أحمد بن إدريس من فاس إلى المشرق :
بدأ رحلته من فاس في أواسط عام 1212هـ ومر في طريقه على الجزائر وتونس وطرابلس وبنغازي وكان ذلك سيراً وكان طريق البر من بنغازي إلى حدود مصر فيها مخاوف من بعض الأعراب المتحاربين ، لذلك قرر الركوب بحراً من بنغازي إلى الإسكندرية بعد أن مكث في بنغازي مدة من الزمن تعرف أثناءها ببعض البيوت وألقى دروساً في بعض مساجدها وأثنى على أهلها وعلى أهل الجبل الأخضر وبرقه وقال فيهم : " هذه بلادنا فيها تحيا أورادنا حيها سعيد وميتها شهيد طوبى لمن أراد الخير بأهلها وويل لمن أراد الشر بأهلها " وكانت إشارته هذه إلى السيد محمد بن على السنوسي حيث هو الذي أخذ عنه وهو خليفته الذي أحيا أوراده وذكره بدون زيادة أو نقصان في البركة وغيرها رضي الله عنهما
ثم ركب من بنغازي عام 1213هـ بمركب شراعي إلى الإسكندرية وبعد وصول الإمام إلى القاهرة توقف بالأزهر مدة يسيرة قام خلالها بالقاء بعض الدروس في جامع الأزهر فأعجب به كل من حضره وسمع عنه ولذلك أخذ عنه مشايخ كثيرون ، ورافقه بعضهم إلى الحجاز
ودخل مكة آخر عام 1213هـ ومكث في الحرمين الشريفين ما بين مكة والمدينة والطائف ما يقرب من ثلاثين سنة قضاها في التدريس ونفع العباد وإرشادهم إلى الطريق المستقيم ودعوتهم إلى العمل بما يحتمه عليهم دينهم الإسلامي
وخرج من مكة إلى الصعيد بمصر مرتين – أو ثلاثاً – وقام بالدعوة إلى الله . وأخذ في الصعيد عن الشيخين الجليلين حسن بن حسن القنائي والشيخ محمود الكردي .
ثم عاد إلى مكة المكرمة دون إقامة طويلة وإنما كانت في تلك المرتين حوالي خمس سنوات فقط ولم يبق خلال هذه المدة عالم من علماء الحرمين الشريفين أو ممن يفدون إلى الحرمين إلا وتتلمذ له وأخذ عنه
وممن أخذ عنه السيد محمد بن عثمان الميرغني مؤسس الطريقة المرغنية ، والشيخ إبراهيم الرشيدي مؤسس الطريقة الرشيدية ، والشيخ محمد حسن ظافر المدني الدرقاوي ، والشيخ محمد عابد سندي صاحب الأسانيد المسماة حصر الشارد في خليفة الشيخ دردير صاحب التصانيف رضي الله عنه أتى إلى الحج وأخذ عنه ، ومنهم العلامة السيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل مفتي زبيد أتى إلى الحج أيضاً وأخذ عنه ، ومنهم الشيخ أحمد بن محمد الديلمي من قضاة زبيد أيضاً ، والسيد سليمان ابن ابي القاسم الأهدل ، والعلامة الشيخ عبد الكريم العتمي وغيرهم ممن لا يحصون ، وتخرج عنه أعلام خدموا الدين الإسلامي جزاه الله عن المسلمين خير الجزاء .
وفي مدة وجوده بمكة عام 1218هـ دخلها السعوديون وكانوا يطلقون عليهم الوهابيين لاتباعهم للشيخ محمد ابن عبد الوهاب داعية نجد ، وكان أميرهم إذ ذاك الإمام عبد العزيز بن محمد بن مسعود عام 1220هـ وتولى ابنه الإمام سعود الكبير بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ودخل الحجاز ثانياً عام 1221هـ ومكث السعوديون بالحجاز سبع سنوات ، ثم حاربهم حاكم مصر محمد على باشا بأمر من الحكومة العثمانية وأخرجهم عام 1228هـ وكان أمير مكة إذ ذاك من الأشراف ذوي زيد واسمه الشريف غالب بن مساعد
دخول الأمير سعود بن عبد العزيز لمكة واجتماع السيد أحمد بن إدريس به
كان للسيد أحمد بن إدريس أتباع كثيرون وكان بعضهم تصدي للرد والقدح في معتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب فلما قدر الله وجاءت الجيوش السعودية لاحتلال مكة قال هؤلاء العلماء للسيد أحمد بن إدريس أخرج بنا من مكة لأنهم إن وجدونا بطشوا بنا فقال لهم رحمه الله ورضي عنه : أنني لا آمر أحداً منكم بالخروج من مكة ولا أنهاه غير أنني أقول لكم من جلس فلا يلحقه إلا الخير إن شاء الله تعالى وأنا جالس ، فهرب بعضهم وجلس البعض
وبعد وصول الأمير سعود ودخوله مكة وكان شديداً ومتعصباً في مذهبه جاءه السيد أحمد بن إدريس حسب العادة للتهنئة والسلام عليه فقابله بحفاوة بالغة وأكرمه إكراماً عظيماً وألبسه مشلحا بيده وقال له يا شيخ كنا أحق بزيارتك ولا كنت تكلفك نفسك ثم اصدر أوامره على كافة عماله بعدم التعدي على أحد ممكن ينتمي إلى السيد ، كما عفا عن أصحابه الذين كانوا يطعنون في معتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وكان الإمام سعود الكبير هذا أمر بتقتيلهم ولو وجدوا متعلقين بأستار الكعبة فعفا عنهم وحقن دماءهم ، وهذه سجايا آل سعود ومكارم أخلاقهم التي ورثوها عن أوائلهم وهي العفو عند القمدرة وعدم أخذ المسئ بإساءته وقبول عذر المعتذر مهما كان ذنبه ، وبذلك مكن الله لهم في البلاد وسخر لهم القلوب والعباد والله لا يضيع أجر من أحسن عملا . فتعجب الناس لهذا التسخير الإلهي
ثم أن السيد أحمد بن إدريس أمر أتباعه بعدم المجادلة أو المناظرة مع أي إنسان ، وإذا سئلوا عن أي قول أو مذهب يقولون : لا إله إلا الله فقط . وصار هذا دينهم مدة وجود السعوديين بمكة وهو من عام 1121هـ إلى غاية عام 1228هـ
رحلة السيد أحمد بن إدريس من الليث إلى اليمن :
بعد أن ودعه الإخوان وخليفته السيد محمد بن على السنوسي ورجعوا إلى مكة ركب من الليث في سفينة شراعية ووالي سفره بحراً إلى اللحية ومر في طريقه على موانئ القنفدة والبرك وجيزان ولم ينزل بها
وبعد وصوله اللحية مكث بها أياماً ثم والى رحلته برا إلى الزهرة ثم الحديدة فبيت الفقيه فزبيد وبعد مكوثه بها نحواً من شهرين وإلى رحلته حتى وصل المخا ووصل إلى جبل موزع وأقام به اياماً ثم عاد إلى المخا ومكث بها أربعة أشهر ولم يبق أحد في تلك الجهة إلا ووفد عليه وتلقى عنه وسمع منه ثم عاد إلى زبيد ومكث بها تسعة أشهر بقية سنة 1344هـ وكان نزوله عمد السادة آل الأهدل . وخلال هذه المدة لم يترك الدرس والوعظ والإرشاد والدلالة على الله يوماً واحداً حتى عم نفعه بالله تعالى للخاص والعام
وخرج من زبيد إلى قرية تسمى " وصاب " في الجبل للغصلاح ما بين قبيلتين متحاربتين ومكث بها أياماً قلائل ثم عاد إلى زبيد ومنها توجه إلى بندر الحديدة ومكث بها أياماً معدودة ومنها سلك طريق الساحل عائداً إلى بلاد السادة المراوعة ولم يمر على بيت الفقيه . واجتمع بالسادة المراوعة وأخذوا عنه ومكث عندهم ما يقارب من الثلاثة أشهر ، ثم توجه إلى " القطيع " وجلس به ما شاء الله وبعد ذلك والى رحلته إلى بأجل ، وأقام بباجل مدة بسيطة وفي خلال رحلته هذه لم يخرج من بلدة من هذه البلدان حتى يقيم فيها من يقوم بمثل عمله . ولم تطل إقامته إلا في المدن الثلاثة زبيد وبيت الفقيه والمخا وبعد خروجه من باجل والى رحلته إلى بلدة أبي عريش ، وكان أمير تلك المنطقة وما يتبعها هو الشريف على ابن حيدر بن حمود من الأشراف إلى أبو مسمار وهم ينتسبون إلى الأشراف آل أبي نمى فأكرم نزل السيد إكراماً عظيماً وهيأ لسيادتته كل أسباب الراحة والاستقرار ولذلك آثر الإقامة في بلدة صبيا الواقعة في المخلاف السليماني بالقرب من أبي عريش التابعة للشريف على بن حيدر
وفي صبيا اجتمعت عليه أمم كثيرة وقام رضي الله عنه بالدعوة الصالحة إلى الله تعالى والإرشاد ، وكان أهل تلك الجهة غلب عليهم الجهل وتركوا أمور الدين والشرع ولم يبق لهم من الإسلام إلا الاسم أما واجبات الدين فمتروكة تماماً لذلك كرس مولانا السيد كل مجهوداته آناء الليل وأطراف النهار في المساجد والمجتمعات وفي بيته حتى كون نخبة مباركة من طلاب العلم قاموا بالدعوة إلى الله تعالى والعمل بكتابه حسب المستطاع وبالتالي هي أحسن
وبوجوده في صبيا أصبحت كعبة المريدين والتابعين له فما من يوم إلا وتصبح غاصة بالزوار والقادمين من أنحاء اليمن وجبال السروات والحجاز ووفد إليه تلميذه وخليفته السيد محمد ابن على السنوسي من مكة مراراً مع بعض الأخوان والمريدين ، وكان يرتب له قافلة من مكة تخرج على رأس كل شهر تحمل إليه ماء زمزم وكل ما هو ضروري لسيادته من الحجاز طيلة إقامته بصبيا وكانت حوالي تسع سنوات لأنه رضي الله عنه خرج من مكة عام 1241هـ وتوفي عام 1253هـ فالمدة الواقعة بين التاريخين اثني عشرة سنة منها أربع سنوات في تنقلاته والباقية هي التس استقرها بصبيا
العائلة الإدريسية في تهامة عسير :
ولم يخلف السيد أحمد بن إدريس إلا ثلاثة أولاد فقط هم السيد محمد والسيد عبد العالي والسيد مصطفى ، فأما السيد مصطفى فقد توفي صغيراً بعد والده
وأما السيد محمد فكان عمره حين وفاة والده 36 عاماً وعاش بعد والده 52 عاماً ، وخلف السيد محمد ولداً واحداً هو السيد على بن محمد بن أحمد بن إدريس الإدريسي ، كان عمره حين وفاة جده الإمام رضي الله عنه أربع سنوات فقط حيث كانت ولادته عام 1250هـ ثم عاش بعد جده 70 عاماً قضاها في عبادة الله والدعوة إليه
وكان من أكابر الصالحين وهو الذي أسس العائلة الإدريسية في تهامة عسير ورفع شأنها ونشر طريقة جده وأحيا ذكره ما بين المخاليف والقبائل وجمعهم والتفوا حوله واتبعوا دعوته ، وأنجب رحمه الله ثلاثة أولاد ذكور هم السيد محمد ابن على الإدريسي مؤسس إمارة الأدارسة بتهامة عسير والسيد الحسن بن على الإدريسي والسيد أحمد بن على الإدريسي ، فأما السيد أحمد فكبر وتوفي قبل أن يتزوج ولم يعقب ، والسيد محمد اشتغل أولاً بطلب العلم في صبيا ثم انتقل منها إلى مكة وطلب بها العلم ، ثم انتقل إلى الأزهر بالقاهرة وتمم فيه دراسته ونال قسطاً وافراً من العلوم وبرع فيها ثم رحل من مصر إلى الجعبوب ومنها إلى الكفرة حيث إقامة الإمام السيد محمد المهدي السنوسي وزاره بها ومكث عنده مدة وأخذ عنه ثم عاد إلى صعيد مصر وزار أبناء عمومته آل السيد عبد العالي الإدريسي بالزينية ، وفي عام 1323هـ عاد إلى صبيا موقع رأسه قبل وفاة والده وكانت عودته بطلب ملح وسريع من والده ومن مريدي ومحبي والده وشيوخ القبائل ، وبعد عودته بقي مع والده قريباً من سنة ونصف ثم توفي والده رحمه الله تعالى وقام هو مقام والده بالدعوة إلى الله والإرشاد فغار منه الأتراك الموجودون بجيزان وعسير والحديدة وأرادوا أن يكيدوا له ويقبضوا عليه ويرسلوه إلى استانبول مركز الخلافة فحال دونه أهل تهامة قاطبة وحاربوا الأتراك حتى أجلوهم من تلك الجهة ، وأقاموا أميراً عليهم ، وبذلك تأسست الإمارة الإدريسية وتوسعت حتى جبال " فيفا " في ناحية نجران وحتى الحديدة.
وبعد وفاة السيد محمد بن علي الإدريسي في 3 شعبان سنة 1341هـ/مارس1923م حل محله أكبر أبنائه السيد علي بن محمد الإدريسي ، وكان فتى يافعاً في السابعة عشرة من عمره ، وحدث خلاف داخل أسرة الإدريسي حينما دعا بعض رؤساء القبائل إلى تولية عم الأمير الشاب السيد الحسن بن علي الإدريسي بدلاً منه ليتمكن من إصلاح الأحوال في الإمارة ، وكان السيد الحسن هذا ميالاً إلى الزهد والتصوف ، وانتهى الخلاف بتعيين السيد الحسن وصياً على ابن أخيه الذي لم يسلِّم بذلك فأخذ ينكل بأنصار عمه ، وانقسم الناس إلى قسمَين كل قسم يؤيد صاحبه .
السطان عبدالعزيز(الملك) سعى في الصلح بينهما وأرسل أمير أبها ابن عسكر لفض النزاع سلماً ، فبعث ابن عسكر وفداً من مشايخ عسير ومعهم سرية من الجند استطاعوا تهدئة الأوضاع في المنطقة ، بعد ذلك آلت الأمور إلى تمكن مؤيدي السيد الحسن من الحكم، ولجأ الشاب السيد محمد بن علي الإدريسي إلى مكة ، ولما اضطربت الأحوال في الإمارة تشجع الإمام يحيى وقاد جيشه واسترد ميناء الحديدة من الأدارسة ، كما استولى على بلدان تقع في شمال المدينة وشرقها.
ولما آل الحكم إلى السيد الحسن بن علي الإدريسي، حاول الحصول على مساعدة من إيطاليا ولكنه فشل في ذلك ،
لكن المجاهد الإسلامي في ليبيا أحمد الشريف السنوسي الإدريسي نصح الحسن بطلب الحماية من السعودية لما بين الأسرتين من الصداقة التقليدية وفي تلك الأثناء كان السلطان عبدالعزيز قد بسط نفوذه على الحجاز فرأى السيد الحسن بن علي الإدريسي أن من الأفضل له أن يحصل على حماية السلطان عبدالعزيز ضد إمام اليمن الذي كان يطمع في بلاده فأرسل مندوبه ابن عمه السيد محمد الإدريسي إلى مكة يطلب من ملك الحجاز ونجد وملحقاتها الدعم والمساندة ، فانتهت المباحثات إلى عقد اتفاقية مكة بين الطرفين في 14 ربيع الآخر سنة 1345 /21أكتوبر 1926
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
فعقدت معاهدة مكة المكرمة بين الملك عبدالعزيز آل سعود والإدريسي بواسطة السنوسي الإدريسي وعرفت بمعاهدة مكة وعلى إثر ابرام المعاهدة كتب الملك عبدالعزيز إلى إمام اليمن بما تم الاتفاق عليه للاحاطة ورجاء التوقف عن الزحف عن بقية إمارة الإدريسية وبموجب هذه الاتفاقية أصبحت الأمور الداخلية في المنطقة للإدريسي ، أما الأمور الخارجية فللسلطان عبدالعزيز الذي تعهد بالدفاع عن منطقة جازان ضد أي عدوان عليها وأرسل مندوباً من قبله هو صالح بن عبدالواحد ومعه بعض الخبراء والموظفين لمساعدة حسن على تصريف شؤون البلاد ، وبقيت العلاقات بين الطرفين جيدة إلى أن أسند السيد الحسن بن علي الإدريسي إدارة البلاد إلى الملك عبدالعزيز في 17جمادى الأولى 1349هـ/أكتوبر1930م.
كانت معاهدة مكة الموقعة بين الملك عبد العزيز والحسن الادريسي في 21 أكتوبر 1926م، تقضي بوضع عسير تحت الحماية السعودية وبمقتضى تلك المعاهدة بعث عبد العزيز مندوباً عنه إلى عسير يدعى صالح بن عبد الواحد بهدف مراقبة الاتصالات الخارجية لعسير باعتبارها تمثل حجر الزاوية في معاهدة الحماية.
أصدر الملك عبد العزيز مرسوماً ملكياً في 20 نوفمبر 1930م يقضي بتشكيل مجلس تشريعي في منطقة عسير يختص بحماية مصالح المنطقة وإدارة مواردها التجارية والزراعية فقط في حين ظلت الشؤون الخارجية وشؤون البدو في المنطقة من اختصاص الحكومة السعودية، وقد تولاها في ذلك الحين حمد الشويعر مندوباً من لدى الملك عبد العزيز.
ولقد تزامن ذلك مع قيام المندوبين السعوديين في منطقة عسير بالحد من صلاحيات واختصاصات الحسن الادريسي فيها، وتقليص نفوذه عليها، ومما زاد الطين بلة قيام فهر بن زعير المندوب السعودي الجديد في المنطقة باعاقة صرف المستحقات المالية المقررة للإدريسي ومنع ذكر اسمه في خطبة الجمعة وإنزال العلم الخاص به من على سواري الإمارة وغيرها من الإجراءات الاخرى.
وعندما أدرك الحسن الادريسي مغبة الخطأ الذي ارتكبه) في نظره (من خلال قيامه بإبرام معاهدة مكة، والتي لا يعدو كونها فخ أو شرك أوقعه فيه الملك عبد العزيز) في نظره ( للتخلص من النفوذ الادريسي في منطقة عسيرـ عند ذلك ـ اندفع الادريسي إلى الاتصال بالقوى المعادية والمناهظة للملك عبد العزيز،، وفي مقدمتها الإمام يحيى في اليمن وعبد الله ابن الشريف حسين في الأردن )حزب الأحرار الحجازي( وطلب منها العمل على دعمه ومساندته بالمال والسلاح حتى يتسنى له تفجير الموقف العسكري ضد النفوذ السعودي في المنطقة.
وفي عام 1350هـ/ 1931م وفد بعض دعاة حزب الأحرار الحجازي من شرق الأردن وزينوا للسيد الإدريسي إعلان الثورة واسترداد إمارته وسلطانه فأعلن العصيان في 5 رجب 1351هـ/4نوفمبر 1932م وتزامنت ثورته تلك مع تمرد ابن رفادة في شمالي الحجاز .
ولما كان الحسن الادريسي قد أزمع على استخدام القوة لتغير الوضع القائم في المنطقة واستعادة جميع سلطاته فيها، فقد بادر في 4 نوفمبر 1932م إلى اعتقال فهر بن زعير وبعض المندوبين السعوديين والزج بهم في غياهب السجون،وقام بعد ذلك أي في 11 نوفمبر بارسال برقية إلى الملك عبد العزيز اوضح فيها أهم الدوافع والأسباب التي جعلته يقوم باعتقال المندوبين السعوديين في المنطقة، والتي من جملتها تحقيق أمله في استعادة صلاحياته واختصاصاته في المنطقة، فرد عليه الملك عبد العزيز مقترحاً عليه تشكيل لجنة سعودية وأخرى ادريسية وتكليفهما بحل الخلاف وتسويته، وبالفعل جرى تشكيل لجنة سعودية تتألف من حامد الشقيق وعبد الله السليمان وخالد القرقني وتحركت اللجنة في اتجاه المنطقة ترافقها ثلة من الجنود السعوديين بغرض حمايتها وتأمين تحركاته في المنطقة.
ولكن ما إن وصلت اللجنة السعودية إلى "القحمة" و"الشقيق" حتى تأكد لها بشكل قاطع ان الثورة الادريسية تتسم بالقوة والحسم وترمى غاية ما ترمي إلى إلغاء معاهدة الحماية المبرمة بين الحسن الادريسي والملك عبد العزيز في 21 أكتوبر 1926م، ومن ثم التخلص من النفوذ السعودي في المنطقة بشكل نهائي.
وحيال هذا التطور أمر الملك عبد العزيز بارسال قوات عسكرية كبيرة إلى منطقة عسير عن طريق البر والبحر، وتعززها قوات أخرى كانت في المنطقة قبل نشوب تلك التطورات وتحت حماية عدد من الطائرات الحربية البريطانية شنت القوات السعودية هجوماً خاطفاً على مدينة جيزان تمكنت خلاله من احتلالها والسيطرة عليها، ومن ثم إطلاق سراح جميع المندوبين والموظفين السعوديين والمحتجزين فيها الأمر الذي دفع الحسن الادريسي وجماعته إلى الهرب في اتجاه "صبيا" فتابعته القوات السعودية هناك واشتبكت معه في معركة ضارية انتهت في أواخر نوفمبر 1932م بتراجعه مع أعوانه وأفراد اسرته، ومن ضمنهم عبد الوهاب الادريسي في اتجاه الجنوب إلى المظايا فنشار فأبو عريش فالزبارةحتى استقر بهم المقام في "حرض" داخل الأراضي اليمنية ومن هناك اتصل الادريسي بالإمام يحيى طالباً اعتباره مع جماعته وأفراد أسرته لاجئاً سياسياً. فأجاره الإمام ومن معه وأمر ببقائهم في منطقة تدعى "زهب حجر" من حرض.
وبهذا تفرقت قوات الحسن الادريسي وتشتت انصاره وأعوانه، وولت بعض القبائل الموالية له مدبرة نحو جبال عسير للتخلص فيها والاحتماء بها هرباً من قوات السعودية ، ، وأرسل الملك عبدالعزيز إليه قوة انطلقت من مكة واكتسحت الإمارة في أواخر شوال 1351هـ/24فبراير1933م .
عند ذلك قرر عبد العزيز ضم منطقة عسير إلى الأراضي السعودية بصورة نهائية وقام بتعيين كل من الأمير عبد العزيز بن مساعد قائداً عاماً للقوات السعودية في عسير ومقره "أبها" والأمير تركي السديدي حاكماً لعسير ومقره أبها أيضاً وحمد الشويعر مساعداً لحاكم منطقة عسير ومقره "جيزان".
عادالادارسة وبقو في مكة المكرمة وأكرم الملك عبدالعزيزو فا دتهم
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر