المعتصم
بالله وملحمة عمُّوريّة
2
وعُني
الخليفة بتخطيط المدينة وتقسيمها
باعتبارها مركزا حضاريا ومعسكرا لجيشه،
ففصل الجيش ودواوين الدولة عن السكان،
واهتم بفصل فرق الجيش بعضها عن بعض،
وامتدت المدينة على ضفة دجلة الغربية نحو
19 كم، وكان تخطيط المدينة رائعا، يتجلى
في شق عدة شوارع متوازية على طول النهر،
يتصل بعضها ببعض عن طريق دروب عدة، وكان
أهم شوارع المدينة بعد شارع "الخليج"
الذي على دجلة "الشارع الأعظم"،
وكان يمتد في عهد المعتصم 19 كم من الجنوب
إلى الشمال بعرض مائة متر تقريبا.
وعُنِي
المعتصم بزراعة القسم الغربي من دجلة
تجاه المدينة، وشجع قادته على المساهمة
في الزراعة، وحرص أن تكون عاصمته الجديدة
مجمعا للصناعات المعروفة في عهده، واهتم
ببناء الأسواق، وجعل كل تجارة منفردة
مثلما هو الحال في أسواق بغداد، وجعل
شارع الخليج الذي على دجلة رصيفًا ومرسى
لسفن التجارة.
وكانت
المدينة الجديدة جميلة بقصورها الضخمة
ومبانيها الرائعة وشوارعها المتسعة،
ومسجدها الجامع وغيره من المساجد، فدعيت
بـ"سُرّ مَن رأى"، وزاد إقبال الناس
على السكنى بها
وتكشف
الآثار الباقية من سامراء عن مدى التقدم
العمراني والحضاري الذي كانت عليه
الخلافة العباسية في القرن الثالث
الهجري.
وامعتصماه..
فتحت عمورية[
استغل
الروم انشغال الخليفة المعتصم في القضاء
على فتنة بابك الخرمي، وجهزوا جيشا ضخما
قاده ملك الروم، بلغ أكثر من مائة ألف
جندي، هاجم شمال الشام والجزيرة، ودخل
مدينة "زِبَطْرة" التي تقع على
الثغور، وكانت تخرج منها الغزوات ضد
الروم، وقتل الجيش الرومي من بداخل حصون
المدينة من الرجال، وانتقل إلى "ملطية"
المجاورة فأغار عليها، وعلى كثير من
الحصون، ومثّل بمن صار في يده من
المسلمين، وسَمَلَ أعينهم، وقطع آذانهم
وأنوفهم، وسبى من المسلمات فيما قيل أكثر
من ألف امرأة.
وصلت
هذه الأبناء المروعة إلى أسماع الخليفة،
وحكى الهاربون الفظائع التي ارتكبها
الروم مع السكان العزل؛ فتحرك على الفور،
وأمر بعمامة الغزاة فاعتم بها ونادى
لساعته بالنفير والاستعداد للحرب.
ويذكر
بعض الرواة أن امرأة ممن وقعت في أسر
الروم قالت: وامعتصماه، فنُقل إليه ذلك
الحديث، وفي يده قَدَح يريد أن يشرب ما
فيه، فوضعه، ونادى بالاستعداد للحرب.
]وهذا
ما عناه أبو تمام في قوله مادحا للخليفة
بعدما حقق نصر:
وخرج
المعتصم على رأس جيش كبير، وجهّزه بما لم
يعدّه أحد من قبله من السلاح والمؤن
وآلات الحرب والحصار، حتى وصل إلى منطقة
الثغور، ودمّرت جيوشه مدينة أنقرة ثم
اتجهت إلى عمورية في (جمادى الأولى 223هـ=
أبريل 838م) وضربت حصارا على المدينة
المنيعة دام نصف عام تقريبا، ذاقت خلاله
الأهوال حتى استسلمت المدينة، ودخلها
المسلمون في (17 من رمضان سنة 223هـ= 13 من
أغسطس 838م) بعد أن قُتل من أهلها ثلاثون
ألفا، وغنم المسلمون غنائم عظيمة، وأمر
الخليفة المعتصم بهدم أسوار المدينة
المنيعة وأبوابها وكان لهذا الانتصار
الكبير صداه في بلاد المسلمين، وخصّه
كبار الشعراء بقصائد المدح، ويأتي في
مقدمة ذلك، بائية أبي تمام الخالدة التي
منها قوله
وفاة
المعتصم
المعتصم يواصل فتوحاته وغزواته، ففُتحت
بعض مدن صقلية، وغزت جنوده "قِلّورية"
وتقع في جنوب إيطاليا، وتسمى الآن "كاليريا"،
وكذلك جزيرة "مالطة" ولم تكن غُزيت
من قبل.
وفي
يوم الخميس الموافق (18 من ربيع الأول 227هـ=
5 من يناير 842م) وافاه الأجل المحتوم، بعد
أن أصبح اسمه نموذجاه دائما للمروءة
والدفاع عن الدين والوطن
من
مصادر الدراسة:
اقرأ
أيضًا:
بالله وملحمة عمُّوريّة
2
وعُني
الخليفة بتخطيط المدينة وتقسيمها
باعتبارها مركزا حضاريا ومعسكرا لجيشه،
ففصل الجيش ودواوين الدولة عن السكان،
واهتم بفصل فرق الجيش بعضها عن بعض،
وامتدت المدينة على ضفة دجلة الغربية نحو
19 كم، وكان تخطيط المدينة رائعا، يتجلى
في شق عدة شوارع متوازية على طول النهر،
يتصل بعضها ببعض عن طريق دروب عدة، وكان
أهم شوارع المدينة بعد شارع "الخليج"
الذي على دجلة "الشارع الأعظم"،
وكان يمتد في عهد المعتصم 19 كم من الجنوب
إلى الشمال بعرض مائة متر تقريبا.
وعُنِي
المعتصم بزراعة القسم الغربي من دجلة
تجاه المدينة، وشجع قادته على المساهمة
في الزراعة، وحرص أن تكون عاصمته الجديدة
مجمعا للصناعات المعروفة في عهده، واهتم
ببناء الأسواق، وجعل كل تجارة منفردة
مثلما هو الحال في أسواق بغداد، وجعل
شارع الخليج الذي على دجلة رصيفًا ومرسى
لسفن التجارة.
وكانت
المدينة الجديدة جميلة بقصورها الضخمة
ومبانيها الرائعة وشوارعها المتسعة،
ومسجدها الجامع وغيره من المساجد، فدعيت
بـ"سُرّ مَن رأى"، وزاد إقبال الناس
على السكنى بها
وتكشف
الآثار الباقية من سامراء عن مدى التقدم
العمراني والحضاري الذي كانت عليه
الخلافة العباسية في القرن الثالث
الهجري.
وامعتصماه..
فتحت عمورية[
استغل
الروم انشغال الخليفة المعتصم في القضاء
على فتنة بابك الخرمي، وجهزوا جيشا ضخما
قاده ملك الروم، بلغ أكثر من مائة ألف
جندي، هاجم شمال الشام والجزيرة، ودخل
مدينة "زِبَطْرة" التي تقع على
الثغور، وكانت تخرج منها الغزوات ضد
الروم، وقتل الجيش الرومي من بداخل حصون
المدينة من الرجال، وانتقل إلى "ملطية"
المجاورة فأغار عليها، وعلى كثير من
الحصون، ومثّل بمن صار في يده من
المسلمين، وسَمَلَ أعينهم، وقطع آذانهم
وأنوفهم، وسبى من المسلمات فيما قيل أكثر
من ألف امرأة.
وصلت
هذه الأبناء المروعة إلى أسماع الخليفة،
وحكى الهاربون الفظائع التي ارتكبها
الروم مع السكان العزل؛ فتحرك على الفور،
وأمر بعمامة الغزاة فاعتم بها ونادى
لساعته بالنفير والاستعداد للحرب.
ويذكر
بعض الرواة أن امرأة ممن وقعت في أسر
الروم قالت: وامعتصماه، فنُقل إليه ذلك
الحديث، وفي يده قَدَح يريد أن يشرب ما
فيه، فوضعه، ونادى بالاستعداد للحرب.
]وهذا
ما عناه أبو تمام في قوله مادحا للخليفة
بعدما حقق نصر:
]لبيّت صوتًا زِبَطريًا هَرَقْتَ لَهُ | كَأْسَ الْكَرَى وَرُضَابَ الْخُرّدِ الغرب |
وخرج
المعتصم على رأس جيش كبير، وجهّزه بما لم
يعدّه أحد من قبله من السلاح والمؤن
وآلات الحرب والحصار، حتى وصل إلى منطقة
الثغور، ودمّرت جيوشه مدينة أنقرة ثم
اتجهت إلى عمورية في (جمادى الأولى 223هـ=
أبريل 838م) وضربت حصارا على المدينة
المنيعة دام نصف عام تقريبا، ذاقت خلاله
الأهوال حتى استسلمت المدينة، ودخلها
المسلمون في (17 من رمضان سنة 223هـ= 13 من
أغسطس 838م) بعد أن قُتل من أهلها ثلاثون
ألفا، وغنم المسلمون غنائم عظيمة، وأمر
الخليفة المعتصم بهدم أسوار المدينة
المنيعة وأبوابها وكان لهذا الانتصار
الكبير صداه في بلاد المسلمين، وخصّه
كبار الشعراء بقصائد المدح، ويأتي في
مقدمة ذلك، بائية أبي تمام الخالدة التي
منها قوله
]فتْحٌ الفتوح تعالى أن يحيط به | [نظمٌ من الشعراء أو نثرٌ من الخُطَبِ |
]فتْح تفتّح أبواب السماء له | وتبرز الأرض في أثوابها القُشُب |
يا يومَ وقعةِ عمّوريّة انصرفت | من المُنى حُفّلاً معسولة الحَلَب |
[أبقيت جد بني الإسلام في صَعَد | والمشركين ودار الشرك في صَبَب |
وفاة
المعتصم
المعتصم يواصل فتوحاته وغزواته، ففُتحت
بعض مدن صقلية، وغزت جنوده "قِلّورية"
وتقع في جنوب إيطاليا، وتسمى الآن "كاليريا"،
وكذلك جزيرة "مالطة" ولم تكن غُزيت
من قبل.
وفي
يوم الخميس الموافق (18 من ربيع الأول 227هـ=
5 من يناير 842م) وافاه الأجل المحتوم، بعد
أن أصبح اسمه نموذجاه دائما للمروءة
والدفاع عن الدين والوطن
من
مصادر الدراسة:
محمد
بن جرير الطبري: تاريخ الرسل والملوك-
تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار
المعارف القاهرة 1968م.
محمد
الخضري- الدولة العباسية- المكتبة
التجارية الكبرى- القاهرة 1959م.
شاكر
مصطفى- دولة بني العباس- وكالة
المطبوعات- الكويت 1974م.
عبد
المنعم ماجد- العصر العباسي الأول-
مكتبة الأنجلو المصرية- القاهرة 1979م.
- فتحي
عثمان- الحدود الإسلامية البيزنطية
بين الاحتكاك الحربي والاتصال الحضاري-
دار الكتاب العربي- القاهرة- بدون
تاريخ.[/size]
اقرأ
أيضًا:
السيف
أصدق أنباء من الكتب
يتبــــــع
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر