المقدمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبأمره سار أمر الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على خير خلق الله، محمد صلى الله عليه وآله وصحابته وسلم .
أما بعد
فإن من أعظم ما تفخر به الأمة علماءها الفضلاء، الذين كانوا نبراساً للهدى ومناراً للحق، ومنهم هذان الإمامان الجليلان الحسن بن الحسن بن عليَ بن أبي طالب رضي الله عنه وابنه عبد الله ، لما لهما من مكانة فى التاريخ عند أهل السنة وغيرهم، ولأنهما أيضاً إمامان من أئمة أهل البيت الذين أمرنا بحبهم ورعاية حقهم.
ولكن للأسف ، نشأ هذا الجيل الجديد من الشباب الذي لا يكاد يعرف عنهما شيئاً فكانت سيرتهما وعلمهما ، ودورهما فى المجتمع الإسلامي، إضافة إلى مكانتهما العلمية والأدبية والاجتماعية ، وشيء من سيرة ذريتهما عبر القرون ، ثم ختمنا برد جملة من الشبهات التي أثيرت حولهما – مع الأسف – مع ردود موجزة مدعمة بالأدلة الدامغة التي تظهر نصاعة سيرتهما ، وفضلهما .
نسأل الله جل شأنه أن يتقبل عملنا بقبولٍ حسنٍ، وأن ينفعنا وينفع بنا ، والله أعلى وأعلم .
المبحث الأول
الحسن المثني ... سيرة وتاريخاً
اسمه وكنيته ونسبة وأسرته :
هو السيد الشريف بن الحسن ( ) بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي الهاشمي ابن سبط رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم أبو محمد المدني.
أما جده فمحمد صلى الله عليه واله وسلم فخير البشر وسيد العالمين وأما أبوه فسيد شباب أهل الجنة ، الحسن بن علي ( ) رضي الله عنهما وأما جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاحد العشرة المبشرين بالجنة والخليفة الرابع الراشد .
وعمه الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنهما ، سيد شباب أهل الجنة ( ) وعم أبيه جعفر بن أبي طالب ( الطيار ) ، السيد الشهيد .
وعم جده علي رضي الله عنه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه سيد الشهداء ( ) .
أما جدته أم أبيه فهي فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، سيدة نساء العالمين ( ) . وأمها خديجة بنت خويلد ، سيدة نساء العالمين ( ).
فها أنت ترى أن المكارم اكتنفته والسؤدد أحاط به فلله هو ، من أي أرومة خرج ومن أي عرين درج ، رضي الله عنه وعن آبائه .
وما كـــان من خير أتوه فإنما تـــوارثه آبــــاء آبائهم قبل
هل ينبت الخطي إلا وشيجة وتغرس الا في منابتها النخل
أما أمه فهي خوله بنت منظور الفزارية .
إخوته :
كان له رضي الله عنه عدد من الإخوة منهك " زيد ، وطلحه ، وأبو بكر وعبد الله وقد قتلوا مع عمهم الحسين الشهيد في كربلاء ، رضي الله عنهم جميعاً ، ونجا الحسن بن الحسن من تلك المعركة بواسطة ابن عم امه أسماء بن خارجة الفزاري انتزعه من بين الأسرى وقال : لا يوصل إلى ابن خوله أبداً فقال عمر بن سعد :
دعوا لأبي حسان ابن أخته ( ) .
ومن إخوته أيضاً : عمرو ، وعبد الرحمن ، والحسن ، ومحمد ، ويعقوب ، وإسماعيل ،وعمر،وحمزة .
وما بقي من عقب الحسن بن علي رضي الله عنهما إلا ما كان من ذرية الحسن المثنى وزيد بن الحسن ( ) .
ويظهر جلياً في تسمية الحسن بن علي رضي الله عنهما أبناءه بأسماء الصحابة أمثال: أبي بكر، وعمر، وطلحة، إلى ما كانوا يكنون لبعضهم من حبٍ وتقدير صادقٍ، ولو كان ما يفترى في بعض الكتب من عداوة وبغضاء بينهم صحيحاً لما سموا أبناءهم بأسماء أعدائهم، على حد زعمهم، إذ أن الإنسان لا يسمي أبناءه بأسماء أبغض الناس إليه.
وللحسن المثنى رضي الله عنه إخوة من أمه خولة بنت منظور الفزارية، وهم إبراهيم، وداود، وأم القاسم . أبناء محمد بن طلحة بن عبد الله رضي الله عنه الملقب باسم "محمد السجاد"، إذ أنه بعد أن استشهد في وقعة الجمل خَلَفَ علي زوجته الحسن بن علي رضي الله عنهما ( ).
زوجاته وأبناؤه رضي الله عنه
الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ( )
زوجاته
فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب
زوجها إياه عمه الحسين أم الفضل بنت محمد بن علي ابن أبي طالب (ابن الحنفية) أم ولد رومية اسمها حبيبه
رمله بنت الصحابي الجليل سعيد
أم موسى بنت عمر بن علي ابن أبي طالب ابن زيد
محمد (وبه يُكَنى )
عبد الله
(المحض) إبراهيم
(الغمر) الحسن
(المثلث) زينب
تزوجها الوليد ام كلثوم
تزوجها
ابن عبد الملك
ابن مروان محمد بن علي بن الحسين
(الباقر)
وماتت عنده ولم تنجب
ماتوا في سجن أبي جعفر المنصور 145 هـ
ويظهر من الشكل السابق أنه تزوج بثلاثٍ من بنات عمه.
فاطمة بنت الحسين :
وزوجها إياه عمه الحسين الشهيد رضي الله عنه ( ).
وله منها ثلاثة ذكور وابنتين، عاشت نحواً من تسعين عاماً ولها رواية في كتب الحديث – وكانت ثقة ( ) – عن أبيها وعن عبد الله بن عباس وروى عنها أولاده وغيرهم تزوجها بعد الحسن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وأنجبت منه محمداً الملقب بالديباج لجمال وجهه، ومن درر أقوالها وحصافة عقلها، ماروا عنها ابنها محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال : جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين فقالت: يا بَنَّي إنه والله ما نال أحد من أهل السَّفَهِ بسفههم شيئاً ولا أدركوا ما أدركوا من لَذاتهم إلا وقد ناله أهل المروءات . بمروءاتهم، فاستتروا بجميل ستر الله عز وجل " ( ).
وهكذا المرأة النجيبة تربي جيلاً نجيباً، فقد سادَ أبناؤها عبد الله، وإبراهيم والحسن ومحمدٌ رضي الله عنهم جميعاً .
ثم انظر إلى المصاهرة بين أهل البيت وآل عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
ألا تدل على الحب والتواصل بينهم؟!
توفيت رضي الله عنها سنة 110هـ وقيل 117هـ وهو الأرجح والأصوب والله تعالى أعلم وأعلم. ودفنت بالمدينة رضي الله عنها وأرضاها .
أم الفضل بنت محمد بن علي وأم موسى بنت عمر بن علي :
ابنتا عمه تزوجهما في ليلةٍ واحدة، فاحتار نساء بني هاشم أين يذهبن ( ) .
رملة بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوية :
أبوها أحد العشرة المبشرين بالجنة، الصحابي الجليل سعيد بن زيد وُلد له منها محمد وبه كان يُكنّى ، وفي هذا تظهر مصاهرة جديدة بين أهل البيت والصحابة وما في ذلك من دلالةٍ على المحبة والتواد.
أما حبيبة : فهي أم ولد رومية، له منها داود وجعفر .
شيء من رواياته رضي الله عنه
قال المزي : روى عن أبيه الحسن بن علي وعن عبد الله ابن جعفر رضي الله عنهما وعن زوجته فاطمة بنت الحسين ( )، وهكذا الإسلام يعطي المرأة حقها ودورها في الرواية والعلم، لا غضاضة على الزوج أن يتعلم من زوجته وأن يروي عنها، كما فعل الحسن المثنى رضي الله عنه .
روى له النسائي في السنن الكبرى حديثاً واحداً عن عبد الله بن جعفر في كلمات الفَرَج، عن أبي بكر بن حفص عن الحسن بن الحسن قال: زوّج عبد الله ابن جعفر ابنته من الحجاج فقال لها: إن نزل بك الموت أو أمر من أمور الدنيا فاستقبليه بأن تقولي :" لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين"، قال : فأتيت الحجاج وقُلُتها فقال :لقد جئتني وأنا أريد قتلك فأنت اليوم أحب إلي من كذا وكذا ( ) .
قال عنه الذهبي : وهو قليل الرواية والفتيا مع صدقة وجلالته ( ) روى عنه عبد الرزاق الصنعاني في المصَّنف ( ) أنه رأى رجلاً واقفاً على البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويصلي عليه فقال للرجل : لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلواً بيوتكم قبوراً ، وصلّوا عليّ حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني .
ويظهر من هذا أمره بالمعروف برفق، والفتيا المقرونة بالدليل الشرعي وهما أمران نحن الآن بأمس الحاجة إليهما، ويظهر أنّ الرجل يدعو الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الإمام الحسن المثنى خشي عليه من الوقوع بالإثم لاتخاذه قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عيداً (أي يعتاد الاجتماع عنده للدعاء أو الصلاة) فكيف بمن يدعو النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو يستغيث بغير الله تعالى فليحذر المسلم أن يصرف حق الله الخالص بالدعاء والتضرع إلى غيره ولو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ).
ومن روايته عند الطبراني في المعجم الأوسط أن عمر بن الخطاب خطب إلى عليّ رضي الله عنهما أم كلثوم فقال : إنها تصغر عن ذلك فقال عمر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " كل سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلى سببي ونسبي " ( ) فأحببت أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبب ونسب .
والحديث ثابت بطرقه ، وفيه المصاهرة بين عليّ وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ويظهر فيه أيضاً معرفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفضل أهل البيت رضي الله عنهم جميعاَ.
دررٌ من أقوال الحسن المثنى
* قال لرجل ينصحه في التقية :
" ويلك ... التقية إنما هي باب رخصة للمسلم إذا اضطر إليها ، وخاف من ذي سلطان أعطاه غير ما في نفسه ، يدرأ عن ذمة الله ما بلغ من التقية يجعل بها لعبدِ من عباد الله أن يضل عباد الله " ( ).
وفيه فقه هذا الإمام ، ونصحه للمسلمين إذ كيف تتعدي التقية من وسيلة لحفظ دم المسلم ، أو دفع الضرر عنه إلى أن تكون فضيلة ، ومطلب شرعي مما يؤدي لالتباس الأمر على المسلمين في دنيهم وإضلالهم في شريعتهم .
وروى ابن عساكر عن الأصمعي ، أنه قال : دخلت الطواف عند السحر )
فإذا أنا بغلام شاب حسن الوجه ، حسن القامة علية شمله ( ) وله ذؤابتان( )
وهو متعلق بأستار الكعبة يقول :
ألا يا أيها المأمول فى كل ساعة
شكوت إليك الضر فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي
وهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
فزادي قليل وما أراه مبلغي
أللزاد أبكي أم لبعد مسافتي
أتيت بأعمال قباح ردية
فَماَ فى الورى خلق جنا كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى
فأين رجائي ثم أين مخافتي
قال : فتقدمت إليه وكشفت عن وجهه ، فإذا الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فقلت : يا سيدي، مثلك من يقول مثل هذه المقالة، وأنت من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة؟ قال : هيهات يا أصمعي، إن الله خلق الجنة لمن أطاعه وإن كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه وإن كان ولد قريشاً، أما سمعت قول الله عز وجل:
فإذا نفخ فى الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون [ المؤمنون :101 ] ( ).
وهذا والله هو الفقه وحقيقة العبادة إذ أن " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" ( ) - كما فى الحديث الشريف - ، وليس بين الخلق والخالق رابطة إلا التقوى ، والعمل الصالح، وهذا ما فهمه وحققه هذا الإمام الفاضل ، وهذا أيضاً ما أكده فى قوله لرجلٍ ( أحبونا، فإن عصينا الله فأبغضونا، فلو كان الله نافعاً أحداً بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغير طاعة لنفع أباه وأمه ) ( )
* ومما يدل أن الحسن المثنى كان يعتقد أن الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم جده عليَّ ، وأن الوصاية لعلي بالخلافة ليست بأمر صحيح ما جاء في تاريخ دمشق أن رجلاً كان يعتقد أن رسول الله صلي الله علية وسلم قد نص علي خلافة علي رضي الله عنه ويستدل بقول رسول الله صلي الله علية وآله وسلم ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ( ) فقال رضي الله عنه : أما والله إنّ رسول الله عليه وسلم لو كا يعني ذلك الإمرة والسلطان والقيام على الناس بعده، لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم الصلاة وصيام رمضان وحج البيت، ولقال لهم : إن هذا وليّ أمركم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا فما كان من وراء هذا شيء، فإنّ أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ).
والحديث كما بين الإمام الحسن المثنى ليس فيه حجة على فرض صحته وذلك لأن هذا الأمر العظيم ( الخلافة ) لو كان مقصوداً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبين ذلك بياناً كافياً وشفافاً وليس بحديث محتمل مثل هذا ، ثم إن المولى ضد العدو بخلاف الوالي بمعنى الحاكم فالحديث فيه مولاة وليس واليه فلم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من كنت واليه فعليّ واليه ) .
وفي هذا دلالة على فطنة الإمام الحسن المثنى وفهمه وإنصافه، وأن فهم الحديث يكون بمعرفة الواقع لا بالهوى ، وفيه إحسان الظن بالصحابة وبعليً رضي الله عنهم أجمعين.
محنته رضي الله عنه
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبأمره سار أمر الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على خير خلق الله، محمد صلى الله عليه وآله وصحابته وسلم .
أما بعد
فإن من أعظم ما تفخر به الأمة علماءها الفضلاء، الذين كانوا نبراساً للهدى ومناراً للحق، ومنهم هذان الإمامان الجليلان الحسن بن الحسن بن عليَ بن أبي طالب رضي الله عنه وابنه عبد الله ، لما لهما من مكانة فى التاريخ عند أهل السنة وغيرهم، ولأنهما أيضاً إمامان من أئمة أهل البيت الذين أمرنا بحبهم ورعاية حقهم.
ولكن للأسف ، نشأ هذا الجيل الجديد من الشباب الذي لا يكاد يعرف عنهما شيئاً فكانت سيرتهما وعلمهما ، ودورهما فى المجتمع الإسلامي، إضافة إلى مكانتهما العلمية والأدبية والاجتماعية ، وشيء من سيرة ذريتهما عبر القرون ، ثم ختمنا برد جملة من الشبهات التي أثيرت حولهما – مع الأسف – مع ردود موجزة مدعمة بالأدلة الدامغة التي تظهر نصاعة سيرتهما ، وفضلهما .
نسأل الله جل شأنه أن يتقبل عملنا بقبولٍ حسنٍ، وأن ينفعنا وينفع بنا ، والله أعلى وأعلم .
المبحث الأول
الحسن المثني ... سيرة وتاريخاً
اسمه وكنيته ونسبة وأسرته :
هو السيد الشريف بن الحسن ( ) بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي الهاشمي ابن سبط رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم أبو محمد المدني.
أما جده فمحمد صلى الله عليه واله وسلم فخير البشر وسيد العالمين وأما أبوه فسيد شباب أهل الجنة ، الحسن بن علي ( ) رضي الله عنهما وأما جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاحد العشرة المبشرين بالجنة والخليفة الرابع الراشد .
وعمه الحسين بن علي الشهيد رضي الله عنهما ، سيد شباب أهل الجنة ( ) وعم أبيه جعفر بن أبي طالب ( الطيار ) ، السيد الشهيد .
وعم جده علي رضي الله عنه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه سيد الشهداء ( ) .
أما جدته أم أبيه فهي فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، سيدة نساء العالمين ( ) . وأمها خديجة بنت خويلد ، سيدة نساء العالمين ( ).
فها أنت ترى أن المكارم اكتنفته والسؤدد أحاط به فلله هو ، من أي أرومة خرج ومن أي عرين درج ، رضي الله عنه وعن آبائه .
وما كـــان من خير أتوه فإنما تـــوارثه آبــــاء آبائهم قبل
هل ينبت الخطي إلا وشيجة وتغرس الا في منابتها النخل
أما أمه فهي خوله بنت منظور الفزارية .
إخوته :
كان له رضي الله عنه عدد من الإخوة منهك " زيد ، وطلحه ، وأبو بكر وعبد الله وقد قتلوا مع عمهم الحسين الشهيد في كربلاء ، رضي الله عنهم جميعاً ، ونجا الحسن بن الحسن من تلك المعركة بواسطة ابن عم امه أسماء بن خارجة الفزاري انتزعه من بين الأسرى وقال : لا يوصل إلى ابن خوله أبداً فقال عمر بن سعد :
دعوا لأبي حسان ابن أخته ( ) .
ومن إخوته أيضاً : عمرو ، وعبد الرحمن ، والحسن ، ومحمد ، ويعقوب ، وإسماعيل ،وعمر،وحمزة .
وما بقي من عقب الحسن بن علي رضي الله عنهما إلا ما كان من ذرية الحسن المثنى وزيد بن الحسن ( ) .
ويظهر جلياً في تسمية الحسن بن علي رضي الله عنهما أبناءه بأسماء الصحابة أمثال: أبي بكر، وعمر، وطلحة، إلى ما كانوا يكنون لبعضهم من حبٍ وتقدير صادقٍ، ولو كان ما يفترى في بعض الكتب من عداوة وبغضاء بينهم صحيحاً لما سموا أبناءهم بأسماء أعدائهم، على حد زعمهم، إذ أن الإنسان لا يسمي أبناءه بأسماء أبغض الناس إليه.
وللحسن المثنى رضي الله عنه إخوة من أمه خولة بنت منظور الفزارية، وهم إبراهيم، وداود، وأم القاسم . أبناء محمد بن طلحة بن عبد الله رضي الله عنه الملقب باسم "محمد السجاد"، إذ أنه بعد أن استشهد في وقعة الجمل خَلَفَ علي زوجته الحسن بن علي رضي الله عنهما ( ).
زوجاته وأبناؤه رضي الله عنه
الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ( )
زوجاته
فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب
زوجها إياه عمه الحسين أم الفضل بنت محمد بن علي ابن أبي طالب (ابن الحنفية) أم ولد رومية اسمها حبيبه
رمله بنت الصحابي الجليل سعيد
أم موسى بنت عمر بن علي ابن أبي طالب ابن زيد
محمد (وبه يُكَنى )
عبد الله
(المحض) إبراهيم
(الغمر) الحسن
(المثلث) زينب
تزوجها الوليد ام كلثوم
تزوجها
ابن عبد الملك
ابن مروان محمد بن علي بن الحسين
(الباقر)
وماتت عنده ولم تنجب
ماتوا في سجن أبي جعفر المنصور 145 هـ
ويظهر من الشكل السابق أنه تزوج بثلاثٍ من بنات عمه.
فاطمة بنت الحسين :
وزوجها إياه عمه الحسين الشهيد رضي الله عنه ( ).
وله منها ثلاثة ذكور وابنتين، عاشت نحواً من تسعين عاماً ولها رواية في كتب الحديث – وكانت ثقة ( ) – عن أبيها وعن عبد الله بن عباس وروى عنها أولاده وغيرهم تزوجها بعد الحسن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وأنجبت منه محمداً الملقب بالديباج لجمال وجهه، ومن درر أقوالها وحصافة عقلها، ماروا عنها ابنها محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان قال : جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين فقالت: يا بَنَّي إنه والله ما نال أحد من أهل السَّفَهِ بسفههم شيئاً ولا أدركوا ما أدركوا من لَذاتهم إلا وقد ناله أهل المروءات . بمروءاتهم، فاستتروا بجميل ستر الله عز وجل " ( ).
وهكذا المرأة النجيبة تربي جيلاً نجيباً، فقد سادَ أبناؤها عبد الله، وإبراهيم والحسن ومحمدٌ رضي الله عنهم جميعاً .
ثم انظر إلى المصاهرة بين أهل البيت وآل عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
ألا تدل على الحب والتواصل بينهم؟!
توفيت رضي الله عنها سنة 110هـ وقيل 117هـ وهو الأرجح والأصوب والله تعالى أعلم وأعلم. ودفنت بالمدينة رضي الله عنها وأرضاها .
أم الفضل بنت محمد بن علي وأم موسى بنت عمر بن علي :
ابنتا عمه تزوجهما في ليلةٍ واحدة، فاحتار نساء بني هاشم أين يذهبن ( ) .
رملة بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوية :
أبوها أحد العشرة المبشرين بالجنة، الصحابي الجليل سعيد بن زيد وُلد له منها محمد وبه كان يُكنّى ، وفي هذا تظهر مصاهرة جديدة بين أهل البيت والصحابة وما في ذلك من دلالةٍ على المحبة والتواد.
أما حبيبة : فهي أم ولد رومية، له منها داود وجعفر .
شيء من رواياته رضي الله عنه
قال المزي : روى عن أبيه الحسن بن علي وعن عبد الله ابن جعفر رضي الله عنهما وعن زوجته فاطمة بنت الحسين ( )، وهكذا الإسلام يعطي المرأة حقها ودورها في الرواية والعلم، لا غضاضة على الزوج أن يتعلم من زوجته وأن يروي عنها، كما فعل الحسن المثنى رضي الله عنه .
روى له النسائي في السنن الكبرى حديثاً واحداً عن عبد الله بن جعفر في كلمات الفَرَج، عن أبي بكر بن حفص عن الحسن بن الحسن قال: زوّج عبد الله ابن جعفر ابنته من الحجاج فقال لها: إن نزل بك الموت أو أمر من أمور الدنيا فاستقبليه بأن تقولي :" لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين"، قال : فأتيت الحجاج وقُلُتها فقال :لقد جئتني وأنا أريد قتلك فأنت اليوم أحب إلي من كذا وكذا ( ) .
قال عنه الذهبي : وهو قليل الرواية والفتيا مع صدقة وجلالته ( ) روى عنه عبد الرزاق الصنعاني في المصَّنف ( ) أنه رأى رجلاً واقفاً على البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويصلي عليه فقال للرجل : لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلواً بيوتكم قبوراً ، وصلّوا عليّ حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني .
ويظهر من هذا أمره بالمعروف برفق، والفتيا المقرونة بالدليل الشرعي وهما أمران نحن الآن بأمس الحاجة إليهما، ويظهر أنّ الرجل يدعو الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الإمام الحسن المثنى خشي عليه من الوقوع بالإثم لاتخاذه قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عيداً (أي يعتاد الاجتماع عنده للدعاء أو الصلاة) فكيف بمن يدعو النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو يستغيث بغير الله تعالى فليحذر المسلم أن يصرف حق الله الخالص بالدعاء والتضرع إلى غيره ولو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ).
ومن روايته عند الطبراني في المعجم الأوسط أن عمر بن الخطاب خطب إلى عليّ رضي الله عنهما أم كلثوم فقال : إنها تصغر عن ذلك فقال عمر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " كل سببٍ ونسبٍ منقطع يوم القيامة إلى سببي ونسبي " ( ) فأحببت أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبب ونسب .
والحديث ثابت بطرقه ، وفيه المصاهرة بين عليّ وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ويظهر فيه أيضاً معرفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفضل أهل البيت رضي الله عنهم جميعاَ.
دررٌ من أقوال الحسن المثنى
* قال لرجل ينصحه في التقية :
" ويلك ... التقية إنما هي باب رخصة للمسلم إذا اضطر إليها ، وخاف من ذي سلطان أعطاه غير ما في نفسه ، يدرأ عن ذمة الله ما بلغ من التقية يجعل بها لعبدِ من عباد الله أن يضل عباد الله " ( ).
وفيه فقه هذا الإمام ، ونصحه للمسلمين إذ كيف تتعدي التقية من وسيلة لحفظ دم المسلم ، أو دفع الضرر عنه إلى أن تكون فضيلة ، ومطلب شرعي مما يؤدي لالتباس الأمر على المسلمين في دنيهم وإضلالهم في شريعتهم .
وروى ابن عساكر عن الأصمعي ، أنه قال : دخلت الطواف عند السحر )
فإذا أنا بغلام شاب حسن الوجه ، حسن القامة علية شمله ( ) وله ذؤابتان( )
وهو متعلق بأستار الكعبة يقول :
ألا يا أيها المأمول فى كل ساعة
شكوت إليك الضر فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت كاشف كربتي
وهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي
فزادي قليل وما أراه مبلغي
أللزاد أبكي أم لبعد مسافتي
أتيت بأعمال قباح ردية
فَماَ فى الورى خلق جنا كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى
فأين رجائي ثم أين مخافتي
قال : فتقدمت إليه وكشفت عن وجهه ، فإذا الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فقلت : يا سيدي، مثلك من يقول مثل هذه المقالة، وأنت من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة؟ قال : هيهات يا أصمعي، إن الله خلق الجنة لمن أطاعه وإن كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه وإن كان ولد قريشاً، أما سمعت قول الله عز وجل:
فإذا نفخ فى الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون [ المؤمنون :101 ] ( ).
وهذا والله هو الفقه وحقيقة العبادة إذ أن " من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" ( ) - كما فى الحديث الشريف - ، وليس بين الخلق والخالق رابطة إلا التقوى ، والعمل الصالح، وهذا ما فهمه وحققه هذا الإمام الفاضل ، وهذا أيضاً ما أكده فى قوله لرجلٍ ( أحبونا، فإن عصينا الله فأبغضونا، فلو كان الله نافعاً أحداً بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغير طاعة لنفع أباه وأمه ) ( )
* ومما يدل أن الحسن المثنى كان يعتقد أن الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم جده عليَّ ، وأن الوصاية لعلي بالخلافة ليست بأمر صحيح ما جاء في تاريخ دمشق أن رجلاً كان يعتقد أن رسول الله صلي الله علية وسلم قد نص علي خلافة علي رضي الله عنه ويستدل بقول رسول الله صلي الله علية وآله وسلم ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) ( ) فقال رضي الله عنه : أما والله إنّ رسول الله عليه وسلم لو كا يعني ذلك الإمرة والسلطان والقيام على الناس بعده، لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم الصلاة وصيام رمضان وحج البيت، ولقال لهم : إن هذا وليّ أمركم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا فما كان من وراء هذا شيء، فإنّ أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ).
والحديث كما بين الإمام الحسن المثنى ليس فيه حجة على فرض صحته وذلك لأن هذا الأمر العظيم ( الخلافة ) لو كان مقصوداً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبين ذلك بياناً كافياً وشفافاً وليس بحديث محتمل مثل هذا ، ثم إن المولى ضد العدو بخلاف الوالي بمعنى الحاكم فالحديث فيه مولاة وليس واليه فلم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من كنت واليه فعليّ واليه ) .
وفي هذا دلالة على فطنة الإمام الحسن المثنى وفهمه وإنصافه، وأن فهم الحديث يكون بمعرفة الواقع لا بالهوى ، وفيه إحسان الظن بالصحابة وبعليً رضي الله عنهم أجمعين.
محنته رضي الله عنه
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر