دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com

دارة السادة الأشراف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أنساب , مشجرات , مخطوطات , وثائق , صور , تاريخ , تراجم , تعارف , دراسات وأبحاث , مواضيع متنوعة

Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 79880579.th
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 78778160
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 16476868
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 23846992
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 83744915
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 58918085
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 99905655
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 16590839.th
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Resizedk
علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم 20438121565191555713566

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 0:12

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم


    المصدر: د. أسامة محمد أبو نحل *

    "اكذب ! اكذب دائماً، فلابد أن يبقى من كذبك شيء".
    هذه القاعدة الذهبية التي وصفها جوبلز، داعية النازية المعروف، ولا نعتقد أن يكون أحد كالحركة الصهيونية في الدنيا –إلاَّ أن يكون الشيطان– قد طبّق هذه القاعدة أكمل التطبيق، واستغلها حتى النهاية. فتاريخها من أوله إلى آخره برهان على أنه لا حاجة لأن يكون لك حق لتصل إلى ما تريد.
    يكفي أن يكون لك -مع العمل والقوة- بوق دعاية. واكذب ما شئت فليس ثمة إلاَّ عدد محدود من العارفين بالحقيقة يعارضك. فإن رفع بعضهم الصوت لمعارضتك تكفَّل بالتغطية عليه سيلُ الدعاية الجارف. وإذا ذهب ملايين البشر في التاريخ القديم ضحية الأساطير، واغتُصبت الأراضي أو ذُبحت في صليبيات الأوهام، فما زالت الأسطورة سيدة الموقف، حتى في أواخر القرن العشرين، يوم أضحى في إمكان الإنسان النزول على القمر والتحقق من حجارته(1).
    وفلسطين ومعها منطقة المشرق العربي ومصائر أهلها ليست ضحية أسطورة واحدة، ولكنها ضحية سلسلة مركبة من الأساطير، كقنابل الدخان العنقودية التي تعمي العيون ثمَّ تعود لتعميها كرة أخرى، ثمَّ أخرى.. أطلقت ثمَّ كررت ثمَّ كرست حقائق، ونحن بمشقة نتلمس الطريق لمعرفة أبعادها. ولم تأتِ كلها معاً؛ لأنها كانت أساطير مرحلية، لكل مرحلة من الصليبية الصهيونية شعاراتها المناسبة، وأكذوبتها المبرمجة. هكذا مثلاً أُطلقت أكذوبة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وأُطلقت قصة اللاسامية وإبادة ستة ملايين يهودي في أفران الغاز النازي. وكذلك كان الأمر في ادّعاء أنّ اليهود شعب مسكين مسالم يريد العرب أن يذبحوه، وأن اليهود هم الشعب الوحيد المضطهد في التاريخ الإنساني، وأنهم شعب واحد مستمر الوجود منذ ثلاثة آلاف سنة إلى يومنا هذا، وأنهم "شعب الله المختار"، وشعب العبقريات، وأن فلسطين هي أرض الميعاد التي وعدهم بها الرب "يهوه"، وبالتالي فإنهم أصحاب فلسطين الأولون. إن تكرار هذه الأساطير، شعارات ومقولات مطلقة، أدخلها بين الحقائق والبدهيات، حتى لدى بعض العرب، وحتى صار دفعها بالحق والحجة والوقائع ضرباً من العبث، إن لم يكن مدعاة للملل واليأس، بعد أن تجاوزتها المراحل، صار الحديث فيها لغواً من اللغو لا ينتهي إلى نتيجة(2).
    ولقد دار لغطٌ واسع حول العهد القديم، وما قيل حول أصوله وصحة ما ورد فيه من معلوماتٍ تاريخية، سواء الخاصة منها بالتأريخ لبني إسرائيل أم ما ذُكر فيه عن التأريخ للشعوب التي عاصرتهم، وظلَّ العهد القديم لفترةٍ طويلة من الزمن المصدر الوحيد لكل الأحداث التاريخية التي مرت ببلاد الشام، دون أن يجرؤ أحدٌ على نقض ما ورد فيه، لكونه كتاباً مقدساً، لا يجوز لأي إنسان مهما بلغ علمه أن يفنّد رواياته.
    فقد اعتبر بنو إسرائيل أنفسهم "بؤرة التاريخ"، على أساس أن التاريخ خُلق لهم ليعمل على خدمتهم، وتحقيق مصالحهم وأهدافهم الشخصية، وذلك على العكس من الحقيقة الثابتة ومفادها أن الإنسان هو الذي يصنع التاريخ.
    وقد بدا لابن حزم الأندلسي، أن روايات العهد القديم غير متسقة ومتناقضة، أي شابها التحريف والتزوير، وكانت أول محاولة غربية لنقد روايات العهد القديم بدأت منذ القرن الثاني عشر للميلاد، ثم استمرت جهود الباحثين في طَرقِ مرويات العهد القديم ولا زالت، منذ أن فقدت الكنيسة الكاثوليكية كثيراً من سلطتها الأدبية والفكرية، حتى تبيَّن لهم صدق حدسهم، مما أدى إلى ما يمكن تسميته بـ "الثورة الفكرية"، لبيان الحقيقة المجردة، المنزّهة عن أية أهواء شخصية، وقد قام بهذه المهمة الجريئة باحثون أوروبيون وأمريكيون وحتى إسرائيليون تخلصوا من عُقد الماضي وأدرانه، ممن يُسمون اليوم بالمؤرخين الجدد.
    ورغم أن عدداً كبيراً من الباحثين قد اضطلعوا بهذه المهمة، فإن المجال يبقى خصباً لإضافة المزيد مما قدمه السابقون، ونظراً لأن الإنسان يقف كل يوم على جديد وتتوسع مداركه، فعليه الإفادة مما وقف عليه، وبالتالي إيصال ما استفاده للآخرين.
    ولقد ساق كتبة العهد القديم العديد من النماذج لبيان عظمة تاريخ أجدادهم وآبائهم، وزوّروا الوقائع التاريخية، ونسبوا ما قامت به الشعوب الأخرى من أعمال، على أنها من صنع بني إسرائيل، ونسوق هنا مثالين فقط على ذلك:
    أولاً- يذكر سفر صموئيل الثاني، أن داود استولى على مدينة أورشليم الحصينة من اليبوسيين الكنعانيين في أوائل القرن العاشر قبل الميلاد (صموئيل الثاني 5/4-10). وقد نفى بعض الدارسين(3) ما جاء في هذا السفر حول هذه الرواية، وأكد أن الوحيد الذي فتحت له هذه المدينة أبوابها لاستقباله بسلام هو الفرعون المصري "تحتمس الثالث"، قبل داود بخمسة قرون؛ لذا عُرفت فيما بعد باسم "أورشليم"، أي "مدينة السلام"، كما ذكر أنه ليس صحيحاً ما جاء في سفر الملوك الثاني من أن مدينة القدس كانت عاصمةً لمملكة يهوذا عندما حطمها الملك البابلي "نبوخذ نصَّر" بعد عام 586 ق.م.(4)؛ لأنها كانت ما تزال في أيدي أصحابها اليبوسيين الذين أفناهم جيش الملك البابلي عن آخرهم وترك مدينتهم حطاماً، فكل الأدلة المتوفرة تؤكد أن بني إسرائيل لم يدخلوا أبداً إلى أورشليم، ولم يقدسوا في معبدها. ولكن الإسرائيليين الذين عادوا من بابل، هم أول من فعل ذلك بعد سقوط الدولة البابلية على يد الملك الفارسي "قورش". والجدير بالذكر أن كُتب التوراة الخمسة الأولى والمنسوبة إلى موسى عليه السلام، هي فقط التي كُتبت خلال القرن السادس قبل الميلاد، أما أسفار العهد القديم الأخرى، فلم تأخذ شكلها الحالي إلاَّ بعد ذلك بثلاثة قرون.
    ويؤكد بعض الباحثين(5)، أن قبائل يهوذا كانت تسكن المنطقة الجبلية المحيطة بمدينة أورشليم الحصينة؛ لذلك نجد ادعاء كتبة سفر صموئيل الثاني بأن داود استولى على هذه المدينة ليس له أساس من الصحة(6)، ورغم ذلك استمرت كتب أسفار الملوك التالية في اعتبار أورشليم عاصمةً لمملكة يهوذا، وإن كان من الواضح أن هذه المدينة لم تكن لها علاقة بما يجري من أحداث، وإنما أراد كتبة العهد القديم عند إعادة صياغة هذه الكتب، جمع الإسرائيليين على مدينة يقدسونها مع تبرير حق لهم فيها؛ الأمر الذي لم يتم إلاَّ بعد دمار هذه المدينة على أيدي البابليين.
    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty رد: علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 0:13

    وكان أهل يهوذا يقيمون مذابحهم وعباداتهم عند قمم الجبال العالية شأنهم في ذلك شأن باقي الشعوب الكنعانية، وكانت أورشليم بسبب وجود المسطح الصخري الواقع أعلى المدينة شمالاً، تعتبر أهم منطقة للعبادة في كل أرض كنعان، وكان لموقع المدينة الحصين ووجود أسوار قوية حولها أثره في جعلها أقل عُرضة لهجمات الأعداء إلى أن فتحت أبوابها لاستقبال الفرعون "تحتمس الثالث" خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد، عندما أدركت عدم جدوى مواجهة جيشه القوي، فركَّز فيها الملوك المصريون فرقة عسكرية من المركبات والخيَّالة، ثم أقام الفرعون أمنحوتب الثالث فيما بعد معبداً عند مذبح الصخرة، وهذا ما ينفي ما زعمه سفر الملوك الأول(7)، من أن "سليمان بن داود" هو الذي قام ببناء هذا المعبد(Cool.
    وقد أكدَّ توماس طومسون(9) أن تحتمس الثالث هو بالفعل، الذي أسس إمبراطورية مترامية الأطراف في سوريا، وذلك بقوله أن تحتمس الثالث عندما ضمَّ فلسطين وسوريا إلى إمبراطوريته عام 1482 ق.م. أقام عدداً من المراكز العسكرية والإدارية، وأن هذا النظام حقق قدراً كبيراً من الاستقرار في فلسطين، لا سيما في السهل الساحلي الجنوبي والأراضي الفلسطينية ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية بالنسبة للمصريين.
    ومن نافلة القول، أن المدوّنات المصرية التي تناولت حملة الفرعون شيشنق على المدن الرئيسية وطرق التجارة في فلسطين أواخر القرن التاسع قبل الميلاد، لم تذكر أي شيء على الإطلاق عن أي حكم إمبريالي ذي شأنٍ عظيم في فلسطين مركزه القدس، فلا مملكتي يهوذا وإسرائيل ولا حتى القدس أو أي عاصمة أخرى محتملة في المرتفعات الوسطى تستدعي اهتمام شيشنق في محاولاته لإخضاع فلسطين سياسياً واقتصادياً لمصر، وقد كانت القدس وقتذاك مدينة جبلية صغيرة، ناهيك عن أن وجود مملكتي يهوذا أو إسرائيل في ذاك الوقت المبكر، لا تؤيده المعلومات المتوفرة عن فلسطين، كما أن المعلومات الأثرية والكتابية تثبت عدم وجود أي قوى سياسية في المرتفعات الفلسطينية(10).
    وعلى الرغم من أن الدراسات التاريخية الحديثة قد عجزت تماماً عن إثبات أية علاقة بين قبائل بني إسرائيل ومدينة أورشليم قبل منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، عندما سمح لهم الفرس بسكناها، فإن المراجع التاريخية ما تزال تصر على قبول روايات العهد القديم فيما يتعلق بهذه المدينة، وكان مبرر أصحابها هو عدم وجود مصادر تاريخية تغطي تلك الحقبة الزمنية سوى أسفار العهد القديم(11).
    ثانياً- تزعم روايات العهد القديم في سفري صموئيل الثاني والملوك الأول(12) أن داود تمكّن من إقامة مملكة مترامية الأطراف تمتد فيما بين تخوم مصر والفرات أورثها فيما بعد لابنه سليمان بعد موته، فقد ورد في الإصحاح الرابع من سفر الملوك الأول ما نصه: "وكان سليمان متسلطاً على جميع الممالك من النهر (الفرات) إلى أرضِ فلسطين وإلى تخوم مصر..." (الملوك الأول 4/21). غير بعض المؤرخين(13) يذكر أن ذلك الحدث ليس له وجود من الأساس؛ فداود لم يستطع السيطرة على هذه المنطقة، بل لم يستطع السيطرة على جميع أرض كنعان.
    والأدلة التاريخية تؤكد أن أكبر رقعة استطاعت دولة داود امتلاكها من "دان" (تل القاضي) في شمال فلسطين إلى "بئر السبع" في جنوبها، ولم يكن لبني إسرائيل وجود في أي موقع على الساحل الفلسطيني ولا في الجليل شمالي فلسطين باستثناء موقع صغير عند تل القاضي، كما تشير الأدلة التاريخية إلى أن داود مثله في ذلك مثل شاؤول (طالوت كما ورد ذكره في القرآن الكريم) من قبله، كان ملكاً يرأس تحالفاً من القبائل الإسرائيلية التي سكنت الهضاب الفلسطينية.
    ويؤكد سفر الملوك الأول ما ذهب إليه أحمد عثمان؛ إذ ورد ما نصه: "لأنه (أي سليمان) كان متسلطاً على كل ما عبر النهر من تَفْسَحَ على غزة على كل ملوك عبر النهر وكان له صلح من جميع جوانبه حواليه، وسكن يهوذا وإسرائيل آمنين كل واحدٍ تحت كرمته وتحت تينته من دان إلى بئر سبع كل أيام سليمان" (الملوك الأول 4/24-25). أي أن كتبة سفر الملوك الأول يناقضون أنفسهم في بضعة أسطر فقط في الإصحاح الرابع نفسه، فكيف تأتَّى لداود أولاً ثمَّ لابنه سليمان من بعده ثانياً أن يحكما إقليمياً من نهر الفرات إلى تخوم الأراضي المصرية، ثمَّ فجأة يقول كتبة السفر إن قبائل يهوذا وإسرائيل يحكمان محلياً من دان إلى بئر السبع. هذا التناقض يكشف بجلاءٍٍ واضحٍٍ مدى الزيف الذي نسبه متأخرون إلى ملوكهم ليضيفوا لهم أمجاداً وبطولاتٍ لم يكن لهم بها علاقة لا من قريب ولا من بعيد.
    وفي هذا السياق يقول ابن حزم الأندلسي(14): "تباً لقومٍ أخذوا كتبهم ودينهم عن مثل هذا الرقيع الكذاب وأشباهه، وفي بعض كتبهم المعظمة أن جباية سليمان عليه السلام في كل سنة كانت ستمائة ألف قنطار وستة وثلاثين ألف قنطار من ذهب، وهم مُقرّون أنه لم يملك قط إلاَّ فلسطين والأردن والغور فقط، وأنه لم يملك قط رفح ولا غزة ولا عسقلان ولا صور ولا صيدا ولا دمشق ولا عمَّان ولا البلقاء ولا موآب ولا جبال الشراه، فهذه الجباية التي لو جُمع كل الذهب الذي بأيدي الناس لم يبلغها من أين خرجت؟"، وهذا دليل على أن مُلك سليمان لم يتعدَّ يوماً جزءاً من فلسطين، وأنه لم يشمل سواحل فلسطين أيضاً.
    ويؤكد بعض الباحثين(15) أن الكهنة في أثناء وجودهم في بابل خلال القرن السادس قبل الميلاد، قد أعادوا صياغة كتب العهد القديم، فاستعاروا من الكتابات المصرية قصة حروب الفرعون "تحتمس الثالث" الذي قام بإنشاء إمبراطورية مصرية بين النيل والفرات، والمنقوشة على جدران معبد الكرنك، وأضافوها إلى رواية ملكهم داود، بل أنهم لم يحاولوا مزج الجزء الذي استعاروه من المصادر المصرية، وأدخلوه كما هو دونَ تعديل كبير في وسط الرواية الرئيسية، فظهر جلياً أن لا علاقة له بباقي القصة، فنجد داود ومعه جيشه المؤلف من 600 رجل يحاربون في صراعٍ داخلي بين القبائل الإسرائيلية، أو مع الفلسطينيين، وفجأة ترد تفاصيل معركة كبيرة تخوضها جيوش منظمة في مواقع محصنة عديدة من أرض الهلال الخصيب. ويبدو أن صدق الرواية التاريخية لم يكن يهم الكهنة في شيء، بل كان جل هدفهم الرئيسي من ادعاء هذه الانتصارات العظيمة هو حث بني إسرائيل على ترك عبادة الأوثان والعودة إلى ديانة موسى.
    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty رد: علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 0:13

    وفيما يخص علاقة سليمان عليه السلام بمدينة القدس، فقد اتضح من خلال قراءة القرآن الكريم عدة أمور:
    1- عدم ذكر أي شيء عن مملكة سليمان الممتدة ما بين نهري النيل والفرات.
    2- لم يرد في القرآن نصٌّ صريحٌ أنه قام ببناء معبد القدس.
    3- لم يرد في القرآن أي ذِكر للقدس، فيما يخص الروايات المتعلقة بسليمان أو بأبيه داود.
    وخلاصة الأمر، أن وهم اتساع حدود مملكة داود وابنه سليمان من بعده، التي ورد ذكرها في العهد القديم، يُعتبر من قبيل المبالغات، والأمر نفسه ينطبق على علاقتهما بمدينة القدس، فالتوراة نفسها تناقض ما ذكرته، وتؤكد أن مملكة سليمان كانت وقتية آلت إلى الزوال بعيد وفاته.
    وقد حاول بعض الباحثين "الإسرائيليين" المنصفين في أواخر القرن المنصرم إثبات بعض الحقائق فيما يخص هذه القضايا، فإذا كان العهد القديم قد وصف سليمان بأنه بانٍِ كبيرٌ، فإن الباحث "الإسرائيلي" (إسرائيل فنكلشتاين)، يؤكد أن الملك الإسرائيلي آحاب بالتحديد كان على ما يبدو البنَّاء الأكبر للأبنية التاريخية المهمة، وأن ذلك قد ظهر على أثر اكتشاف خطأ في التاريخ، فالمكتشفات التي أُرجعت لفترتي داود وسليمان في القرن العاشر قبل الميلاد بُنيت على ما يبدو بعد ذلك بمائة سنة في فترة هذا الملك. وقد أدى ذلك إلى قيام ثورة معلوماتية فيما يخص علم الآثار؛ إذ أطلق علماء الآثار على آراء فنكلشتاين ما سُمي بـ "تعديل فنكلشتاين"، أو" تحريك التاريخ".
    وفي اجتماع علماء الآثار الذي عُقد في مدينة "سان فرانسيسكو" بالولايات المتحدة الأمريكية في نهاية عام 1997م، قال البروفيسور "الإسرائيلي" (دافيد أوسيشكين) من جامعة تل أبيب، والذي شارك قبل 55 عاماً في كشف أحد قصور الملك سليمان، "أنه غيَّر رأيه، وهو الآن يتفق مع تفسير فنكلشتاين". بل وصل الأمر بفنكلشتاين أن قال: "مقابل الادعاء المعروف والقائل بأن كل ما ورد في التوراة يقف على أرضٍ صلبة، فإن هذا الأمر الآن ليس على هذا النحو، وأنا أعلم أنني زرعت بذور الشك"(16).
    وبعد وفاة نبوخذ نصر مؤسس الدولة البابلية سنة 562 ق.م. خلفه في حكم بابل عدة ملوك ضعاف(17)، فحلَّت الكارثة ببابل سنة 538 ق. م. بعد ما سيطر عليها الفرس، فاعترفت مناطق الإمبراطورية البابلية بما فيها سورية وفلسطين بالحكم الفارسي الجديد. ويعلق الدكتور "فيليب حتي" على أهمية سقوط بابل بأنه كان أكثر من مجرد انهيار إمبراطورية لأن بسقوطها انتهى العصر العربي السامي وبدأ عصر جديد هو العصر الهندو – أوروبي(18).
    كان الملك قورش الثاني قد استعان باليهود المسبيين على فتح بابل، فالتمسوا منه الإذن بالسماح لهم بالعودة إلى فلسطين - كمكافأة - فوافقهم على طلبهم. فعاد قسم منهم لا يتجاوز خمسين ألفاً (أسر 597 وأسر 586 ق. م.)، أما القسم الآخر ومعظمهم من طبقات الأغنياء فقد آثر البقاء في العراق على العودة إلى فلسطين(19). وقد تصور قورش أن وجود حزب أو طائفة من اليهود في فلسطين موالية له وتدين بوجودها لإحسانه سيشكل نوعاً من التوازن الفعَّال تجاه الحزب الموالي للمصريين، كما استعملهم كجواسيس لبذر بذور التفرقة بين خصومه وإعانته في فتح مصر وتثبيت أقدامه في فلسطين(20)، وقد نعت اليهود "قورش" كمخلص أرسله الله، وبالراعي والمسيح المنتظر(21).
    وكان النبي "إشعياء" –حسب ما ذكر العهد القديم- قد بشَّر بقورش المسيح المنقذ الذي سينقذ قومه، كما تنبّأ بأن بلاد الفرس ستكون أداة لتحرير بني إسرائيل من السبي، وأن قورش رجل لا يقهر وأنه سيفتح بابل ويعيدهم إلى أورشليم ويشيدون هيكلاً جديداً ومدينة جديدة(22).
    شرع "زروبابل" في بناء الهيكل في أورشليم بعد عودته، إلاَّ أن الأقوام المتواجدة في فلسطين وما حولها كالحوريين والحثيين والعمونيين والآدوميين احتجوا على ذلك وهددوا بالعصيان ما لم يسمح لهم بالمشاركة في البناء(23)، فأصدر "سمرديس" خلف قمبيز الثاني سنة 522 ق. م. أمراً بوقف عملية البناء(24)؛ وبذا نجحت الشعوب الفلسطينية في منع اليهود من إكمال بناء المعبد بمفردهم. وهذا إن دل فإنما يدل على أن القدس لم تكن قبل الأسر البابلي عاصمة للإسرائيليين و إلاَّ لِِما تجرأت هذه الشعوب على طلب المشاركة في بناء المعبد، كما أن رفض اليهود في إشراك الشعوب الأخرى في البناء إنما يهدف إلى الاستئثار بمعبد القدس لأنفسهم، فلو أنهم استكملوا بناءه وحدهم لما أصبح من حق الشعوب الأخرى التعبد فيه، ولم تزد محاولة "زرو بابل" عن حفر الأساسات فقط للهيكل، أي أن العمل في بناء الهيكل توقف طيلة أيام قورش وقمبيز وسمرديس وداريوس الأول حتى العام 486 ق.م.(25).
    وفي بداية حكم "داريوس" قرر الوالي الفارسي لمنطقة عبر الفرات منعهم من إكمال البناء وأرسل في استشارة الملك عما يجب فعله. ولمَّا كان البلاط الملكي الفارسي يغص باليهود، فقد نصحوا "داريوس" بالموافقة على قيام أهل يهوذا ببناء المعبد للدعاء له هناك، فقبل داريوس النصيحة على أن تتحمَّل خزانة عبر الفرات تكاليف البناء بما في ذلك تكاليف العبادة نفسها، وبالفعل أكمل اليهود -حسبما أوردت المصادر- بناء المعبد في أيام داريوس الفارسي سنة 515 ق.م.
    ونظراً لكون المعبد قد تم بناؤه والإنفاق عليه من المال العام، فقد أصبح مزاراً لكل الأقوام القاطنة في المنطقة وليس لليهود وحدهم، فحاول اليهود بناء أسوار للمدينة لكي يتمكّنوا من منع الآخرين من دخولها، كما كانوا يهدفون إلى إعادة بناء مدينة القدس نفسها وجلب اليهود لتوطينهم فيها، ولكـن الأقوام الأخرى اعترضت على ذلك، فأصـدر الملك أمراً بوقف البناء(26)، والحقيقة أننا نذكر هذه الرواية مع تحفظنا على ما جاء فيها.
    وفي عهد الملك "ارتحششتا الأول" (465-425 ق.م) عادت إلى أورشليم جماعة أخرى من اليهود المسبيين بقيادة "عزرا" سنة 458 أو 457 ق. م. وجماعة أخرى يقودها "نحميا" الذي عُيِّن حاكماً على طائفته (444 -432 ق. م.)، وهو الذي قام ببناء ما تهدّم من السور(27). وكان ارتحششتا قد تزوج من "استير" اليهودية، ومن شدة ولهه بها كان يستجيب لطلباتها ومنها السماح لنحميا بالعودة إلى فلسطين وتعيينه والياً على يهودا والسماح له ببناء مدينة القدس، وحاول سكان فلسطين عبثاً منع نحميا من إكمال البناء، ولكنهم فشلوا نظراً لحصول نحميا هذه المرة على فرمان ملكي بذلك.
    وبعد استكمال نحميا عمله في بناء معبد القدس قام ببناء بيوتها ثم أجبر كل قبيلةٍ قبائل يهوذا على إرسال عشرة في المائة من تعداد سكانها للاستيطان في القدس لتصير ملكاً لهم(28)، بحكم الأمر الواقع. ولم تكشف الحفريات التي جرت في القدس عن وجود أدلة تشير إلى مثل هذا الإنجاز المعماري(29).
    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty رد: علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 0:14

    وهذا ما يفعله اليهود الآن في فلسطين، إذ يقومون بإقامة المستوطنات وزرعها بالقادمين الجدد من يهود روسيا وأوربا الشرقية لخلق أمر واقع جديد بإخلاء فلسطين من سكانها العرب الأصليين. وكأني باليهود يعيدون دراسة تاريخهم القديم للاستفادة منه.
    تمكّن نحميا فيما بعد من إحضار الكاهن "عزرا" من بابل ليقوم بتنظيم العبادة اليهودية في مدينة القدس الجديدة(30)، وكان عزرا موظفاً في بلاط ملك الفرس "ارتحششتا الأول" ومستشاراً له في شئون الطائفة اليهودية التي كانت تقيم فيما بين النهرين منذ أيام السبي، وكان كاتباً ماهراً في شريعة موسى لذلك سُمى بعزرا الكاهن كاتب شريعة إله السماء(31)، وهو نفسه الذي أشرف على كتابة الكتب الخمسة الأولى من العهد القديم -التوراة- في بابل، وهو المسؤول الأول عن نشأة الديانة اليهودية. وكان عزرا قد وُلِدَ في بابل كواحدٍٍ من المسبيين، الذين حملوا في نفوسهم أحقاد هذا الواقع، سواء الذي ورثوه أو الذي عاشوه بكل إفرازاته وبكل عقده النفسية، التي تراكمت على مدى أجيال. ونشأ وتربى وتعلم فيها، فتعرَّف إلى الأساطير والآداب البابلية، بالإضافة إلى ما تناقلته حكاية الآباء للأبناء من يهود السبي عن تاريخهم في فلسطين، وعن نهاية هذا التاريخ بالشكل المفجع الذي انتهى إليه(32).
    ونظراً لثقة الملك الفارسي بعزرا، فقد لبّى طلبه بالموافقة على سفره إلى أورشليم، فغادر عزرا بابل حوالي سنة 458 ق. م.، وقاد معه 1496 رجلاً، و38 لاوياً و220 عبداً. وكان معه رسائل توصية من الملك ارتحششتا إلى عمال الفرس الموجودين غرب نهر الأردن بمساعدته ودفع الذهب والفضة له، فضلاً عن ذلك فقد كان مزوداً بالسلطة الملكية المطلقة لإصلاح شئون اليهود في فلسطين. ويقال إن عزرا حمل معه إلى فلسطين الأحرف الآرامية المربعة الشكل المعروفة بالخط الآشوري المربع التي مهّدت إلى نشوء الأبجدية العبرانية الحالية(33).
    وكان لعزرا مهمة كلفه بها ارتحششتا "ملك الملوك" بعنوان غريب هو "كاتب شريعة إله السماء"(34)، كما كلفه بتعيين ****** والقضاة لخدمة سكان فلسطين، وأصدر له أمراً بأن "كل من لا يعمل شريعة إلهك وشريعة الملك فليُقضَ عليه عاجلاً إما بالموت أو بالنفي أو بغرامة المال أو بالحبس"(35)؛ وبذا تسلم عزرا سلطات كاملة ليُملي باسم ملك الفرس شريعة الرب، ويفرض احترامها والتزامها(36)، على اليهود وبقية سكان فلسطين.
    يتضح لنا من الفقرة السابقة أن عزرا قد عمل على فرض شريعة الإله يهوه على قومه وغيرهم من سكان فلسطين بالقوة بدعمٍ واضح وصريح من سيده ملك الفرس. أي أن الديانة اليهودية التي صنعها عزرا وما زالت مستمرة إلى اليوم هي صنيعة من لا يؤمن بإله بني إسرائيل، وبذا تصبح يهودية عزرا موضع شك وارتياب، خاصة إذا ما علمنا أن ملك الفرس آنذاك لم يكن موحداً برب بني إسرائيل.
    شكَّل عزرا لجنة من علماء اليهود برئاسته لدراسة أوضاع اليهود الزوجية، والتحقيق في أوضاع الذين تزوجوا من أجنبيات، وأوصى عزرا بتنقية الدم اليهودي وفصل الزيجات المختلفة وإبعاد الزوجات الأجنبيات مع أبنائهن(37)، على اعتبار أنهم غير شرعيين. وقد فاق عزرا في ذلك نحميا الذي اكتفى بلعن هؤلاء الأزواج وجلدهم ونزع شعورهم وانتزاع اليمين منهم بعدم عمل ذلك ثانية(38).
    وبذلك انتصر التزمت على النبوة في ظل السيطرة الكهنوتية، الذي كان يتحكَّم في كل السلطات، بعد سقوط الملكية بدعم دنيوي من المحتل الفارسي(39)، فديانة عزرا كانت ترتكز على محور أساسي هو فكرة "الشعب المختار" الذي يجب عليه الانفصال عن بقية الشعوب الأخرى والتعالي عليها، ولذلك يُعتبر عزرا الكاهن بالنسبة إلى اليهود في المستوى نفسه، إن لم يعلُ على موسى نبي الله. وقد جاء في كتابات أحبار اليهود فيما بعد عن الكاهن عزرا "لو أن موسى لم يسبقه لكان عزرا هو الذي تلقى التوراة"(40).
    وكان واضحاً أن عزرا -رغم الصلاحيات الواسعة التي كانت بين يديه- لم يُفلح في فرض الشريعة التي حملها معه من بابل على الناس في أورشليم، لكونها شريعة جديدة لم يعتادوها ولم يعرفوها من قبل، ناهيك عن أنها فرضت عليهم أحكاماً قاسية وقواعد سلوكية صارمة تمس جوهر حياتهم في الصميم ولا يوجد بها مكان للمشاعر الإنسانية.
    ولمَّا كانت مهمة عزرا خطة مشتركة بينه وبين الملك "ارتحششتا"، وكانت بالنسبة للملك خطة استراتيجية بعيدة المدى، فالواضح أن العطف الذي أبداه "قورش" على أهل السبي قبل ثمانين سنة لم يتعدَّ مجازاة الإحسان بالإحسان، فاليهود أحسنوا إليه بالتجسس لمصلحته فأحسن إليهم بإعادتهم إلى فلسطين وانتهى الأمر عند هذا الحد.
    أما الملك ارتحششتا فكان بعيد النظر؛ إذ رمى إلى أبعد من ذلك، لأن إثارة أمر العودة بعد كل هذه المدة بين أناس لم يرغبوا فيها عندما سمح لهم بها قورش ولم يعودوا، وفضلوا البقاء حيث هم، لأنه لا يربطهم بأورشليم واليهودية أي رابط مادي، سيثير الشك بحسن النية التي تكمن وراءها، فقد كانت غاية ارتحششتا أبعد من النوايا الحسنة بالنسبة للناس الذين يريد أن يعيدهم، وبالنسبة للشعب الذي سيقيم في أورشليم ويهوذا. فقد أراد الملك أن يجعل من أورشليم وشعبها قوة سياسية عسكرية موالية له بعد اطلاعه على مشروع الكاهن عزرا الديني العنصري، ففي حالة نجاح هذا المشروع فإنه سوف يؤمِّن له قلعة عسكرية ثابتة الولاء له ولدولته، لا يخسر عليها شيئاً؛ لذلك أيدها بقوة، وربما كان مشروع عزرا من أساسه مشروعاً فارسياً مخابراتياً، وكان عزرا نفسه من كبار موظفي هذا الجهاز.
    إن غيرة الملك ارتحششتا على تعاليم شريعة عزرا وشدة حرصه على العمل بها ما ينبئ بأهميتها وخطورة شأنها عنده، وبما يُعلق عليها من آمالٍ استراتيجية لمصلحة عرشه ودولته، فإيجاد كتلة بشرية معادية لمحيطها الاجتماعي من الناحية الوطنية والدينية، ومتحالفة معه سياسياً وعسكرياً فرصة لا تفوت من وجهة نظره(41).
    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty رد: علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 0:15

    والواقع أن قبول عزرا لهذه المهمة ليس بالأمر المستغرب، إذا ما علمنا أن هذا الرجل شأنه شأن بقية اليهود يفضلون مصالحهم الشخصية حتى ولو كانت على حساب الدين، فعزرا لم يكن نبياً بل مجرد كاهن وكاتب يعمل لحساب سيده ملك الفرس ليحقق من خلاله بعض المكاسب طالما لن يخسر شيئاً.
    وكان اليهود الذين عادوا إلى فلسطين في عهد الفرس، قد تجمّعوا في منطقة أورشليم على الأكثر وتمتعوا في هذا العهد بنوعٍٍ من الحكم الذاتي وبعض الامتيازات الخاصة وحرية ممارسة شعائرهم الدينية(42)، ورغم أن اليهودية الجديدة قامت على أساس أن معبد القدس الجديد هو قدس الأقداس بالنسبة إلى العبادة الدينية، نجد الكثيرين منهم لم يؤمن بضرورة الإقامة في يهوذا، فأقاموا معابد لهم في بابل وفارس وجزيرة فيلة المصرية، أشرف عليها كهنة لا علاقة لهم بمنطقة يهوذا(43).
    ومع بداية العهد اليوناني الإغريقي في المنطقة ككل ومن بينها فلسطين (332-64 ق.م.)، تأرجح وضع اليهود في عهدهم بين مدٍ وجزر(44)، فبعد موت الإسكندر الأكبر عامل "بطليموس صوتير" اليهود معاملة سيئة، مما دعاهم إلى طاعته وطاعة خلفائه أكثر من مائة سنة، ولم يكن تسلط الإغريق على اليهود شديداً خلال كل هذه الفترة إلاَّ ما ندر؛ إذ كان أحبار اليهود ينوبون مناب الولاة، واشتهر منهم سيمون الحبر الأعظم في عام 300 ق.م.، الذي أصلح خدمة العبادة وزخرف الهيكل وحصن مدينة القدس، كما خلفه أخوه أليعازر الذي ساعد بطليموس فيلادلفوس في ترجمة التوراة إلى اليونانية المسماة بالترجمة السبعينية، وأحسن هذا الملك كثيراً إلى اليهود وأرسل بالهدايا الثمينة إلى الهيكل، فبعد انتصار البطالسة على السلوقيين عند رفح سنة 217 ق.م." حاول بطليموس الرابع " نشر الثقافة اليونانية بين اليهود، ولمَّا رفضوا زاد في الضرائب المفروضة عليهم. وعندما استمروا في التشديد على اليهود لقبول آدابهم وحضارتهم(45)، عمد الكثير منهم إلى الهجرة من فلسطين والاستقرار في مناطق أخرى من سورية وآسيا الصغرى وبلاد اليونان، وأضحت مدينة الإسكندرية المصرية تضم أكبر جالية يهودية، و لم تكن هذه الهجرة عملاً إجبارياً من قبل السلطة الحاكمة، وإنما تصرف اختياري بحثاً عن مستوى معيشي أفضل، بخلاف ما حدث أثناء الحكم الآشوري والبابلي(46).
    فضلاً على ذلك، أدَّت السياسة السلوقية إلى ظهور حزبين يهوديين: حزب اقتدى باليونان واقتبس جميع مظاهر حضارتهم، وقال بآراء جديدة وتمتع بحرية وافرة وآفاق واسعة، وحزب آخر رفض ذلك وتعصب لعقائده الدينية القديمة، وتشبث بالبقاء على أساليب الحياة اليهودية التي شبَّ عليها. وكلما ازداد الحزب الأول في إخلاصه لرأيه، ازداد الحزب الثاني تعصباً عليه(47).
    وكانت أسوأ سنوات اليهود خلال الحكم اليوناني في عهد الملك السلوقي "أنطيوخس الرابع" (175-164 ق.م.) الذي دمَّر الهيكل ونهب كل ما فيه، وأجبر اليهود على اعتناق الوثنية اليونانية، وعيَّن عليهم حكاماً اشتهروا بشدة بغضهم لليهود، ومنهم يشوع الذي اشترى وظيفة الحبر الأعظم. وكان يشوع هذا مولعاً بعادات اليونان وغيَّر اسمه إلى ياسون، وأنشأ في القدس ملعباً وميداناً كعادة أهل اليونان يتصارع فيها الفتيان عراة، وعمَّ الفساد بين العامة والكهّان، فأهملوا الخدمة الدينية مما أدى فيما بعد إلى اندلاع الثورة المكابية عام 167 ق.م.(48).
    ولم يكن لليهود في تلك الآونة كيان سياسي مستقل وإنما ذابوا داخل البوتقة السورية الكبرى، ورغم أن الكاهن الأعظم لمعبد القدس أصبح بمثابة الأب الروحي لأهل يهودا، فإننا في الفترة الأولى من الحكم اليوناني لا نجد حاكماً إدارياً مستقلاً ليهودا، ولا سلطة سياسية أو إدارية للمنطقة -التي لم يرد لها ذكر في كتابات المؤرخين اليونانيين معاصري تلك الأحداث- ناهيك عـن هجـرة أعداد كبيرة من اليهود من فلسطين للاستقرار في البلدان الأخرى(49).
    كان اليهود المسبيون في بابل عند عودتهم إلى فلسطين، قد اختار كهنتهم مذبح اليبوسيين في أورشليم، وجعلوا منه مركزاً رئيساً لعبادتهم عوضاً عن قدس سيناء ومزارات يهودا، لذلك سرعان ما شرعوا في إقامة المعابد اليهودية “السيناجوج" في بابل والإسكندرية والفيوم وإنطاكية وأفسس، وفي الوقت الذي كان فيه يهود بابل يمثلون الجنـاح الأرثوذكسي (المستقيم) لليهود، ومثل يهود الإسكندرية الجزء الليبرالي في فكرهم، أصبح يهود فلسطين يمثلون إما جماعات الشباب المتطرف أو الكهنة الفاسدين الذين تعاونوا مع القوة المحتلة لتحقيق مصالحهم(50).
    وبوصول الرومان إلى بلاد الشام دخل التاريخ الإسرائيلي مرحلة انتقالية مهمة، أدّت بعد ذلك إلى حدوث تغييرات جوهرية في الاعتقادات اليهودية نفسها، خاصة بعدما بدأت الدعوة المسيحية تطالب الأمم جميعاً بالإيمان بدعوة المسيح والتوحيد وتنكر فكرة الشعب المختار(51). ولقد تملّق المكابيون اليهودُ الرومانُ ******َ الجددَ في بداية انتشار نفوذهم في الشام، ومع هذا فقد انتهى أمرُ المكابيين تماماً بحكم الرومان للبلاد(52)، وصار إقليم يهوذا إقليماً رومانياً(53).
    وبعد مقتل يوليوس قيصر وتعيين مارك أنطوني قيصراً على روما، قام "أنطوني" بتعيين "هيرودوس"(54)، ابن "انتيباتر" ملكاً على جميع ممتلكات هركانوس، وأصبح بعدما تلقب بالكبير ملكاً على مملكة يهودية مستقلة، لكنها -في حقيقة الأمر- عميلة للرومان عام 37 ق.م.
    وقيل إن هيرودوس، كان في نيته قتل الملكة كليوباترا خلال زيارتها للقدس، بصحبة مارك أنطوني لشدة كرهه لها، وكانت الملكة تمتلك مزرعة كبيرة في أريحا، وقررت تعيينه مشرفاً عليها، ولكنه رفض هذا العرض بنصيحة أعوانـه؛ لأن أنطوني لم يكن ليغفر له لو قبل هذا العرض(55).
    وتمكن هيرودوس من الثأر لأبيه، وقضى على حكم الأسرة المكابية بعدما حاصر بطلب من الرومان "أنتيغونس بن أرسطو بولس الثاني" آخر زعمـاء المكابيين، وتغلّب عليه وتم إعدامه عام 37 ق.م. بأمرٍ من أنطوني(56).
    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty رد: علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 0:15

    ولما نشبت الحرب بين مارك أنطوني وزوجته كليوباترا من جهة، وأوكتافيـوس من جهة أخرى، قدَّم اليهود وهيرودوس مساعدات لأوكتافيوس، فلمَّا انتصر الأخير في حربه أبقى على هيرودوس وكافأه بتوسيع مملكته عام 24 ق.م، وجعل من مملكته ركيزة لحماية الحكم الروماني في المنطقة(57)، وكان هيرودوس قد زار أوكتافيوس في جزيرة رودس ومثل بين يديه ورفع التاج عن رأسه ووضعه تحت قدمي أوكتافيوس الذي أعاد له التاج؛ أي أنه جعله ملكاً من جديد ووسع المنطقة التابعة له، وظل هيرودوس طول حياته موالياً لأوكتافيوس(58).
    أعطى هيرودوس لنفسه سلطة تعيين وخلع الكاهن الأعظم لمعبد القدس، وألغى فكرة الوراثة فيه، ومنع تطبيق القوانين والشرائع اليهودية على اليهود، إلاَّ فيما يخص مسائل العبادة، واتبع السياسات والنظم اليونانية التي كان شغوفاً بها، فاختار معظم معاونيه من اليونان والآدوميين، وقضى على أي نفوذ سياسي لليهود في مملكته(59). وكان حكم هيرودوس يشمل البلاد الواقعة بين الصحراء والبحر، من سفوح جبل الشيخ إلى سيناء(60).
    ويروي إنجيل متّى أن السيد المسيح ولد في مدينة بيت لحم خلال حكم الملك هيرودوس، حيثُ جاء فيه "ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودوس الملك"(61)، ويستطرد إنجيل متى، أن هيرودوس عندما سمع بمولد المسيح أمر بقتل "جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون"(62)؛ لأنه علم من المجوس ومن الكهنة أن طفلاً يهودياً ولد في بيت لحم سيكون ملك اليهود(63).
    أوصى الملك هيرودوس الكبير قبل وفاته عام 4 ق.م. بتقسيم مملكته بين أولاده الثلاثة" أرخيلاوس"، وهيرودوس أنتيباس"، و"فيلبس"، وأقرَّ الإمبراطور أغسطس الروماني الوصية، غير أنه لم يلقب خلفاء هيرودوس بلقب ملوك بل بلقب حاكم فقط(64).
    جار أرخيلاوس على أخويه؛ إذ كان هدفه السيطرة على المملكة بمفرده، ولكنه كان مكروهاً من اليهود وغير اليهود في فلسطين. فطلبوا من الإمبراطور أغسطس التدخل فاستجاب لطلبهم وأمر بنفيه خارج البلاد عام 6 للميلاد. ورفض تعيين أيٍّ من أخويه ملكاً، ولم يعتد بفكرة المملكة اليهودية؛ لأنها في نظره فكرة خاطئة مكلفة، فحوَّل المملكة إلى إدارة رومانية يديرها مدير مالي روماني بدرجة "بروكوراتور Procurator"، جعل مقره في مدينة قيصرية (قيسارية) على ساحل فلسطين وليس في القدس عاصمة المملكة اليهودية.
    عُرِف أُغسطس والحكم الروماني تجاه اليهود بالسياسة الحذرة؛ لأنه لأنهما أدركا حساسية الديانة اليهودية، فحرصا على عدم التدخل في أمورها، فقد كان كل ما يهم الرومان هو الخضوع السياسي والاقتصادي دون التدخل في النظم والعقائد الداخلية والخاصة برعاياهم(65).
    وممن حكموا من الهرادسة (أسرة هيرودوس) حفيده "أغريبا الأول" (41 -44م)، الذي تعلّم في روما وأصبح ملكاً على فلسطين في عهد الإمبراطور كاليجولا" (37-41م) والإمبراطور "كلاودوس" (41-54م)، فساد الهدوء ربوع فلسطين نسبياً، إلاَّ أن الاضطرابات والفوضى عادت للظهور بعد وفاة "أغريبا" سنة 44م، ففي خلال الفترة ما بين عامي 44 و 66م، تولى سبعة من حكام الرومان، كانوا سيئي الأخلاق والعادات؛ حيث أخذوا الرشاوي والضرائب وغيرها.
    وقع الانفجار في ربيع عام 66 م، وكان أشبه ما يكون بثورة عارمة على الحكم الروماني(66)، فقد بدأ اليهود بمهاجمة الحاميات الرومانية؛ الأمر الذي اضطر الرومان إلى إرسال جيشهم لمقاتلتهم. وقد عيَّن الإمبراطور "نيرون" قائده "فلافيوس فاسبسيان" لمقاتلة اليهود، وانضم لجيشه جنود من الشام والأنباط بقيادة ملكهم "مالك الثاني" وعن طريق الخطط الدقيقة والمدروسة وبفضل الملل الذي بدأ في التسرب إلى نفوس الثائرين اليهود أنفسهم، بدأ فاسبسيان بتطهير جيوب المتمردين واحداً تلو الآخر حتى كاد أن يطهرها تماماً منهم. ولمَّا اضطر فاسبسيان إلى العودة إلى روما لتولي الحكم بعد وفاة نيرون، تسلم قيادة محاربة اليهود ابنه القائد "تيطس"(67).
    وفي عام 70 م، شدد تيطس الحصار حول قلعة أورشليم بعدما خرج من الإسكندرية، وتم تدعيم جيشه بجيش آخر قاده "ليترنيوس فرونتو" قائد معسكر نيقوبوليس، الذي تولى قيادة مفرزتين قوامها 2000 جندي(68)، وأدى الحصار إلى انتشار المجاعة والمرض، فدخل تيطس القدس وأحرق الهيكل الذي بناه هيرودوس الكبير، ثم استولى على قلعة جبل صهيون، ودمَّر القدس، وأصبحت يهوذا ولاية رومانية. كما أمر بحل التنظيمات السياسية والدينية اليهودية وفرض عليهم ضريبة الرأس السنوية ومقدارها ديناران رومانيان يتم دفعها لحساب معبد "جوبيتر الكابيتولي JUPITEFR CAPITOLONUS" إله الرومان إمعاناً في إذلال اليهود، بعد حرمانهم من الامتيازات السابقة(69).
    لقد كان تدمير القدس على يد تيطس تاماً لدرجة أن اليهود أنفسهم نسوا إذا ما كان المعبد قد بني على التلة الشرقية أو الغربية في أورشليم، وقد فشلت جميع المحاولات لإعادة بنائه استناداً إلى وصف التوراة. وتم منع البقية الباقية من اليهود من الاقتراب من القدس التي لم تعد عاصمتهم، وزالت اليهودية كدولة سياسية من الوجود(70).
    انحطت الديانة اليهودية بانحطاط أتباعها، وفشلت جميع المحاولات التي بذلها العلماء اليهود لتقريبها إلى العقلية اليونانية–الرومانية(71)، وكادت هذه الديانة أن تختفي من الوجود لولا أن بعض الفقهاء أخذوا على عاتقهم مهمة إرشاد الناس في المسائل الدينية، ومن هؤلاء الفقهاء الحاخام "جوناثان بن زكاي"، الذي كان قد هرب من القدس في أثناء حصارها وسلَّم نفسه إلى الجنود الرومان، فسمح له الحاكم الروماني بعد تحطيم معبد القدس بأن يقيم "بيت مدراش" (مدرسة لا*****ية للدراسات التوراتية) في مدينة "يبنا "على الساحل الفلسطينـي بالقرب من يافا جنوبا، صارت فيما بعد مركزا للقاء الباحثين اليهود. كما سمح الرومان للأحبار اليهود بتكوين مجامع دينية (سنهدرين) للفصل في المنازعات ذات الطابع الديني بين اليهود، وأصبح رئيس السنهدرين بالتالي المسئول الأول عن الجالية اليهودية المتبقية في فلسطين. كما منحهم الرومان حق جمع ضريبة دينية من الأفراد اليهود المنتشرين داخل أجزاء الإمبراطورية الرومانية. ويمكن القول أنه رغم تدمير اليهود سياسياً، فإنهم ازدهروا عَقَدِيّاً في ظل الحكم الروماني(72).
    زار الإمبراطور "هادريانوس" سوريا وفلسطين، وعندما دخل أورشليم وجدها أطلالاً مهجورة، ويُحظَرُ على اليهود الاقتراب منها، فعمل هادريانوس على إعادة بناء المدينة من جديد على الطراز الروماني وباسم روماني هو "إيليا كابتولينا Aelia Capitolina"، وَجَعَلَ فيها معبداً لإله الرومان جوبتر الكابيتوليني، وبذلك جعل من أورشليم مدينةً مختلفةً تماماً عن نظرة اليهود إليها، وحولها إلى مستعمرة رومانية خالصة، كما حظر هادريانوس على اليهود ممارسة عادة الختان لأنها حسب وصفه عادة غير إنسانية.
    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty رد: علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 0:16

    أثار هذان المشروعان أبشع حركة تمرد قادها اليهود على طول تاريخهم بعد سنوات من مغادرة الإمبراطور للمنطقة، ولم يعبأ هادريانوس بمشاعر اليهود، وأكمل رحلته إلى مصر بصحبته زوجته. وبعد عودة الإمبراطور إلى روما هبَّت ثورة جديدة لليهود في فلسطين في خريف عام 132م. يقودها متطرف يهودي يُسمى "سمعان" (سيمون باركوخبا) أو سيمون ابن النجمة، ادعى أنه المسيح المنتظر، وعلى الفور أبحر هادريانوس إلى سورية، وقام بجمع الجيوش الرومانية وجعل عليها قائده الشهير "يوليوس سفيروس" الذي اتبع الاستراتيجية نفسها التي طبقها فاسبسيان وتيطس من قبل، والمتمثلة في عزل جيوب الثوار ومحاصرتها حتى المجاعة ثم تصفيتها بطريقة منظمة. وقدر عدد الذين قُتلوا من اليهود في هذه الهبة ما يقرب من نصف مليون يهودي، وأسر ما يناهز هذا العدد حسب بعض الآراء، غير أن هذه الأعداد يبدو أنها مبالغ فيها إلى حدٍّ كبير؛ وبذلك تم سحق هذه الثورة تماماً عام 135م، بعد حرب طاحنة استمرت عامين، وتم تدمير أورشليم وتحولت إلى أطلال. أما اليهود فقد تفرقوا هائمين على وجوههم، فرحل بعضهم إلى الحجاز واليمن ومصر، بينما عادت فلسطين إلى الرومان بعدما تناقص عدد اليهود فيها حتى كاد ينقرض تماماً(73)، وسمح هادريانوس للمسيحيين بالإقامة في القدس شريطة ألا يكونوا من أصل يهودي(74).
    بعد ثورة باركوخبا عام 135م، تم تغيير اسم مقاطعة يهوذا إلى اسم سوريا الفلسطينية. ولقد شاع اسم "فلسطين" واستمر حتى الوقت الحاضر، وتم اقتباس هذا المصطلح من اللغة التي استعملت بواسطة الإدارة الإمبراطورية لروما وبيزنطة. وفي حوالي عام 400م، تم تقسيم سوريا إلى عدة مقاطعات، وقسمت فلسطين إلى ثلاثة أجزاء: فلسطين الأولى Palaestina Prima وعاصمتها قيصرية وضمت أورشليم ونابلس و "جوبا Joppa" (يافا) وغزة وعسقلان وغيرها من المدن. وفلسطين الثانية Palaestina Secanda ومركزها سكيثوبولس (بيسان) ومن مدنها الرئيسة جدرة وطبرية وفلسطين الثالثة Palaestina Jertia وكانت البتراء مدينتها الرئيسة حيث شملت شرقي الأردن وشمال أرنون(75).

    الحواشي:
    (1) شاكر مصطفى (الدكتور): "وللأساطير أيضاً ثمنها الباهظ جداً!". كتاب العربي، الفلسطينيون من الاقتلاع إلى المقاومة، الكتاب 19، الكويت، 15 أبريل 1988، ص151.
    (2) المرجع السابق، ص151-152.
    (3) أحمد عثمان: تاريخ اليهود، 4 أجزاء، ج2، مكتبة الشروق، القاهرة 1994، ص15.
    (4) أنظر: سفر الملوك الثاني الإصحاحين 24و25.
    (5) عثمان: المرجع السابق،ج2، ص15-16.
    (6) ورد في سفر الملوك الأول 2/11، أن عاصمة مُلك داود كانت مدينة الخليل؛ إذ حكم من خلالها نحو سبعة أعوام قبل أن ينتقل منها إلى أورشليم؛ لذلك نصر على أن داود قد حكم قومه من خلال مدينة الخليل أو جوارها وليس في أورشليم.
    (7) لمزيد من التفاصيل حول ما زُعِم عن بناء سليمان لمعبد أورشليم، أنظر: سفر الملوك الأول، الإصحاح 6.
    (Cool عثمان: المرجع السابق،ج1، ص184.
    (9) توماس طومسون (الدكتور): التاريخ القديم للشعب الإسرائيلي، ترجمة: صالح علي سوداح، ط1، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت 1995، ص188.
    (10) المرجع السابق، ص211.
    (11) عثمان: المرجع السابق، ج1، ص185.
    (12) لمزيد من التفاصيل، أنظر: صموئيل الثاني، الإصحاحات من 7-24، الملوك الأول، الإصحاحات من 1-4.
    (13) عثمان: المرجع السابق، ج1، ص135-136.
    (14) أبو علي أحمد ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج1، مكتبة السلام العالمية، القاهرة، دون تاريخ، ص162.
    (15) عثمان: المرجع السابق، ص136-145.
    (16) جريدة الأيام الفلسطينية، العدد 829، 15/4/1998.
    (17) أحمد سوسة (الدكتور): العرب واليهود في التاريخ، حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات الأثرية. ط2، سلسلة الكتب الحديثة، دمشق 1973، ص93.
    (18) فيليب حتي (الدكتور): تاريخ سورية ولبنان وفلسطين. ج1، ترجمة: د. جورج حداد وعبد الكريم رافق، دار الثقافة، بيروت 1958، ص239.
    (19) مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين. ج1، القسم الأول، ط1، منشورات دار الطليعة، بيروت 1965، ص585.
    (20) حتي: المرجع السابق، ص242. و الدباغ: المرجع السابق، ص585.
    (21) إشعياء 44/28، 45/1.
    (22) ول وايريل ديورانت: قصة الحضارة. مج1، ج1، ط2، ترجمة: زكي نجيب محمود، القاهرة 1971، ص363.
    (23) سوسة: المرجع السابق، ص324. و عثمان: المرجع السابق، ج 2، ص17.
    (24) سوسة: المرجع السابق، ونفس الصفحة.
    (25) عثمان: المرجع السابق، ج 2، ص 19، 18.
    (26) موسى مطلق إبراهيم: وعد التوراة من إبرام إلى هرتزل. ط1، مريخ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 1994، ص 148. و عثمان: المرجع السابق، ج2، ص19-20.
    (27) أحمد سوسة (الدكتور): ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق. ط1، مركز الدراسات الفلسطينية – جامعة بغداد، بغداد 1978، ص151، ونحميا : 6.
    (28) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص21-22.
    (29) معاوية إبراهيم (الدكتور): فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد. الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، الدراسات التاريخية، ط1، بيروت 1990، ص130.
    (30) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص22.
    (31) سوسة: المرجع السابق، ص153.
    (32) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص22. و موسى مطلق: المرجع السابق، ص154.
    (33) سوسة: المرجع السابق، ص153.
    (34) عزرا 7/12.
    (35) عزرا 7/25-26.
    (36) رجاء جارودي: فلسطين أرض الرسالات الإلهية. ترجمة: د. عبد الصبور شاهين، مكتبة دار التراث، القاهرة 1987، ص156.
    (37) سوسة: المرجع السابق، ص153-154.
    (38) حتي: المرجع السابق، ص245.
    (39) جارودي: المرجع السابق، ص157.
    (40) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص23.
    (41) موسى مطلق: المرجع السابق، ص157-158.
    (42) سوسة: العرب واليهود في التاريخ، ص324. و حتي: المرجع السابق، ص245.
    (43) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص25.
    (44) بيان نويهض الحوت (الدكتور): فلسطين. التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى القرن العشرين (1917). ط1، دار الاستقلال للدراسات والنشر ، بيروت 1991، ص31، وعدنان الحديدي، ومعاوية إبراهيم (الدكتور): تاريخ الشرق الأدنى القديم. ط1، منشورات جامعة القدس المفتوحة، عمَّان 1994، ص 200.
    (45) الدباغ: المرجع السابق، ص599، وهارفي بورتر: موسوعة مختصر التاريخ القديم. ط1، مكتبة مدبولي، القاهرة 1411هـ (1991م)، ص 335.
    (46) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص26.
    (47) الدباغ: المرجع السابق، ص 599.
    (48) الدباغ: المرجع السابق والصفحة نفسها، والحوت: المرجع السابق، ص31.
    (49) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص30.
    (50) المرجع السابق، ص 43-44.
    (51) المرجع السابق، ص51.
    (52) الحوت: المرجع السابق، ص32.
    (53) جارودي: المرجع السابق، ص165.
    (54) كان هيرودوس من أم عربية نبطية، وُلِدَ في عسقلان، ومع أن الاعتقاد السائد آنذاك أنه كان حاكما يهودياً، إلاَّ أن هذا ليس صحيحاً؛ إذ لم يشارك اليهود اعتقاداتهم الدينية.
    عثمان: المرجع السابق، ج2، ص55.
    (55) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص56.
    ويبدو أن الملكة المصرية البطلمية كليوباترا والتي تزوجت من أنطوني، كانت تمقت هيرودوس، فقامت بتحريض زوجها على خلعه، لطمعها في الاستيلاء على فلسطين التي كانت جزءاً من مصر في مطلع حكم البطالمة، غير أن هيرودوس تمكن من الاحتفاظ على صداقته بأنطوني الذي رفض مطلب زوجته كليوباترا.
    سيد أحمد على الناصري (الدكتور): تاريخ الإمبراطورية الرومانية السياسي والحضاري. ط2، دار النهضة العربية، القاهرة 1991م، ص80.
    (56) الدباغ: المرجع السابق، ص622.
    (57) الناصري: المرجع السابق، ص80.
    (58) معاوية إبراهيم: المرجع السابق، ص 177.
    (59) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص55.
    (60) الدباغ: المرجع السابق، ص 623.
    (61) إنجيل متى 2/1.
    (62) إنجيل متى 2/16.
    (63) إنجيل متى 2/1-2.
    (64) الدباغ: المرجع السابق، ص629.
    (65) الناصري: المرجع السابق، ص 80-81.
    (66) الدباغ: المرجع السابق، ص633، و سوسة: المرجع السابق، ص 325-326.
    (67) الحوت: المرجع السابق، ص32، و الناصري: المرجع السابق، ص180.
    (68) الناصري: المرجع السابق، ص189، و د. عبد اللطيف أحمد علي (الدكتور): مصر والإمبراطورية الرومانية في ضوء الأوراق البردية، دار النهضة العربية، القاهرة 1988م، ص144.
    (69) الناصري: المرجع السابق، ص 189-190.
    (70) حتي: المرجع السابق، ص376.
    (71) المرجع السابق، ص 376-377.
    (72) عثمان: المرجع السابق، ج2، ص 94-95، و الناصري: المرجع السابق، ص190.
    (73) الناصري: المرجع السابق، ص 254، 257-258.
    (74) الحوت: المرجع السابق، ص32.
    (75) De vaux (Roland), the early history of Israel to the Exodus and Convenant of Sinai, Trans. By, David Smith, vol.2, Darton, Longman & Todo, London 1978, P. 4، وحتي: المرجع السابق، ص389.
    *الأستاذ المشارك في التاريخ الحديث والمعاصر
    جامعة الأزهر – غزة
    avatar
    الشريف الباسل
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : فلسطين
    عدد الرسائل : 320
    البلد : فلسطين
    تقييم القراء : 12
    النشاط : 5991
    تاريخ التسجيل : 21/04/2009

    علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم Empty رد: علاقة بني إسرائيل واليهود بمدينة القدس في التاريخ القديم

    مُساهمة من طرف الشريف الباسل الأربعاء 9 سبتمبر - 2:42

    أنزلت هذه الدراسة بدون تصرف أو تهذيب
    للإستئناس بمضمونها لا بصياغتها فقد غاب عن الكاتب مخاطبة السادة الأنبياء عليهم السلام بما يليق بذكرهم الشريف . مضمون الدراسة فضح أساليب اليهود لعنهم الله و كشف كذبهم فيما يتعلق برواياتهم التاريخية و بيت المقدس عاصمة الخلافة في آخر الزمان .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل - 18:17