دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com

دارة السادة الأشراف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أنساب , مشجرات , مخطوطات , وثائق , صور , تاريخ , تراجم , تعارف , دراسات وأبحاث , مواضيع متنوعة

Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 79880579.th
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 78778160
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 16476868
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 23846992
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 83744915
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 58918085
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 99905655
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 16590839.th
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Resizedk
كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 20438121565191555713566

3 مشترك

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي الجمعة 29 مايو - 20:48

    تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

    عزيزي القارئ

    إليك كتاب تاريخ مكة المكرمة منذ تاسيسها وحتى عام 1925 م
    تأليف : جيرالد دي غوري

    مقدمة المؤلف:


    ما زالت مكة مدينة محرمة على غير المسلمين، وربما لا يرغب المسؤولون المسلمون في هذه الأيام([1]) إهراق الدم فيها. غير أن مئات آلاف الحجاج الذين يتوافدون على هذه المدينة المقدسة لدى المسلين كافة، قد لا يترددون في قتال أي شخص غير مسلم إذا جرؤ على دخولها. ومع ذلك استطاع عدد قليل من المسيحيين دخول مكة متنكرين كحجاج وكتبوا عن انطباعاتهم. وهنا تكمن الصعوبة في الكتابة عن مدينة لم تزرها بنفسك.

    لقد استعنت بالكثيرين في تأليف هذا الكتاب ومن مفاجآت الصدف أنني استعنت فيما يتعلق بتاريخ مكة في العصور الوسيطة بكتاب مخطوط وفي غاية الأهمية استعرته بعد إلحاح شديد من وجيه مسيحي في بغداد يدعى (يعقوب سركيس) كما استعنت بمؤلفات الحسيني وابن زيني دحلان الذي شغل منصب مفتي مكة لبعض الوقت. وقد اعتاد المؤرخون العرب على تسجيل التاريخ والأحداث بشكل متسلسل حسب السنوات وغالباً ما يسردون الأحداث ويضعون السنة الهجرية التي حدثت فيها تلك الأحداث في هامش الصفحة.

    ولا بد من تسجيل العرفان للسيد رؤوف الجادرجي الذي وضع تحت تصرفي مكتبته الخاصة الحاشدة بالكثير من الكتب والمؤلفات والمخطوطات التاريخية التي لا تقدر بثمن كما قدم لي عوناً كبيراً في ترجمة وتوضيح العبارات والمصطلحات التركية والتاريخ العسكري التركي في الجزيرة العربية.

    وأشكر كذلك السيد حسين تيمور من السفارة البريطانية في بغداد الذي ترجم لي عدة صفحات من المؤلفات التاريخية العربية في جو بغداد الحارق.

    وأخصّ بالشكر العميق كلاً من الأمير الشريف عبد المجيد علي حيدر بن جابر بن عبد المطلب آل غالب ذوي زيد والشريف محي الدين والشريف محمد أمين أبناء شريف مكة علي حيدر جابر عبد المطلب (ذوي زيد) والشريف حازم بن سليم باشا الذين لم يبخلوا علي بالمراجع والوثائق التي يمتلكونها كما أنهم أوضحوا لي الكثير من الأمور وكنت أتردد عل منازلهم في بغداد كما دعت الحاجة للاستئناس برأيهم.

    وقد تفضَّل عدد من المسؤولين والمدنيين الأتراك والإنكليز –مشكورين- بتقديم مساعدات قيمة فيما يتعلق بالمراجع في كل من أنقرة واستانبول وخاصة الوثائق العثمانية في أثناء إقامتي في تركيا.

    كذلك قام مدير الجمعية الفلكية البريطانية مشكوراً بمقارنة تواريخ الظواهر الفلكية التي تحدث عنها الحسيني في كتاب (تنضيد العقود) بالظواهر التي حدثت في بريطانيا وأثبت صحة ودقة ما سجله الحسيني. ولا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر العميق للوصي على عرش العراق الأمير عبد الإله بن علي الذي سمح لي بالإقامة في قصر والده المرحوم الملك علي في أثناء عملي في جمع المصادر والمراجع لتأليف هذا الكتاب.

    جيرالد دي غوري

    بغداد – 1947



    ([1]) يعني الأربعينيات من هذا القرن.


    عدل سابقا من قبل الشريف مجدي الصفتي في الأحد 31 مايو - 21:18 عدل 3 مرات
    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty الفصل السادس عشر

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي السبت 30 مايو - 22:01

    الفصل السادس عشر: عون الرفيق، علي، الملك حسين، والملك علي ملك الحجاز 1882 – 1925

    رغم آمال الوالي فقد قرر الباب العالي تعيين عون الرفيق وليس شقيقه الأصغر عبد الله الذي عينه الوالي حاكماً مؤقتاً ومارس صلاحياته إلى أن وصل الشريف الجديد من الأستانة.
    وهكذا انتهى النظام القديم أو الحياة الشرقية التقليدية. ومنذئذ بدأت العادات والتقاليد في التغير وأصبح ثمة تنافس في التجديد. فالتمسك بالماضي والاعتزاز بالعادات القديمة صارا بمثابة الخطيئة في الأستانة وظهر ما يشبه التنافس على الأخذ بكل جديد حتى السياسيون والعسكريون الطموحون جرفهم تيار التجديد، ونبذ عادات ومفاهيم الماضي.
    فالحاكم أو الوالي أو السنجق الذي يطمع بتوسيع قاعدة شعبيته لا بد أن يتظاهر بالتقدم ومناهضة التقاليد القديمة طالما أنها لا تمس جوهر الدين أو الإيمان. أما الفخامة والأبهة اللتان اعتاد عليهما الأشراف طيلة قرون فقد بدأتا تتقلصان على نحو ملحوظ.
    فالنفخ في الأبواق ومراوح ريش النعام وقرع الطبول في الصباح ايذاناً باستيقاظ الشريف لأداء صلاة الفجر. والزنوج المسلحون والمظلة الفخمة التي يحملها عبد حتى يظل رأس الشريف… والرجال الذين يحملون السيوف ويمشون أمامه، ومرتلو القرآن، ونثر الهبات والعطايا على الناس والحراس الذين يحملون الرماح الطويلة والجنود الذين يحملون رماحاً على شكل البلطة (أو القدوم) والجلادون، وحتى ملابس الشريف نفسه وعمامته الضخمة وأكمامه الواسعة وعباءاته المطرزة بخيوط الذهب… كل هذه الأشياء والمظاهر أصبحت من العادات القديمة وقد تقلصت كثيراً واختفت بالتدرج خلال حكم آخر ثلاثة أشراف أي في غضون خمسين سنة.
    تلك الأيام معروفة وما زال الرجال الطاعنون في السن يتذكرونها(1) ويتذكرون يف بدأت. كما أن أحداث تلك المرحلة الأخيرة من حكم الأشراف في مكة مسجلة في أكثر من كتاب وصحيفة ولا يبقى سوى ختام القصة.
    يقول هورغرونجي(2) أن (عون الرفيق) كان في الخمسين من عمره عندما عين حاكماً على مكة. وكان يجسد في مظهره العصر الجديد فبدل العباءة القرمزية المذهبة والعمامة الكبيرة التي كان يرتديها أسلافه كان يعتمر عمامة بيضاء صغيرة نسبياً ويرتدي عباءة سوداء مقصبة، واعتاد في أسفاره أن يعتمر الكوفية والعقال تماماً كالبدو، وكان يستقبل المراجعين في ديوانه بدون أية مراسم ولا يتحدث بالسياسة أو الشؤون الإدارية اليومية إلا مع وزيره أو المسؤول عن الخزينة أو الوالي العثماني التركي وكبار الضابط. ولا شك أن سلوك الشريف عون يعتبر طبيعياً في أيامنا هذه أما في تلك الأيام فيعتبر سلوكاً شاذاً لأنه يختلف عن سلوكيات الأشراف الذين سبقوه وهو ما دفع الحجازيين لإطلاق لقب (الفيلسوف) عليه. ومضمون لقب الفيلسوف في اللغة العربية يختلف عن مضمونه في الغرب. فالفيلسوف باللغة العامية العربية تعني الزهد في متاع الحياة، الذي يميل للتأمل وحتى التصوف. كان أشراف مكة ووجهاؤها وحتى البدو الذين يحيطون بها ويترددون على الدواوين فيها لاحتساء القهوة وسماع تداول الأخبار يعتبرون تصرفات الشريف الجديد غريبة بينما كان الشريف عون الرفيق يخفي مشاعره المناهضة لسيطرة الأتراك على الحجاز.


    كان الضباط العثمانيون يأخذون كافة الضرائب والرسوم من ميناء جدة ولا يعطون الشريف منها سوى حصة متواضعة وبأسلوب لا يوحي بأن له حقاً فيها. بل كان حصته تلك هي راتبه الشهري. وكانوا كذلك يدفعون رواتب حراسه وبشكل مباشر دون أي تدخل منه. ولأن الضباط والوالي والمسؤولين العثمانيين أصبحوا يستدعون وسطاء (من حلفائهم) لدى أي خلاف مع الشريف في المسائل الإدارية فقد بالغوا في إضعاف مركزه. وبالإضافة إلى ذلك اضطلع الباشا العثماني بمهمات الأشغال العامة كتحسين شبكة تزويد جدة بالمياه وإعادة بناء خزان (بئر) زبيدة وبناء مكاتب حكومية جديدة وثكنات عسكرية ومنازل للجنود دون استشارة الشريف الذي ظل يكتم استياءه وغيظه من هذه التصرفات. وزاد الوضع سوءاً عندما قرر الوالي العثماني منع الشريف أو موظفيه من محاكمة أي شخص باستثناء أفراد عائلته والبدو والأشخاص غير الأتراك الذين ولدوا في مكة. وحاول الباشا السيطرة المباشرة على خطوط القوافل كما وجه حملات عسكرية شد قبيلة حرب ولم يحاول استشارة الشريف في أي شأن من ذلك.
    وأخيراً لم يعد الشريف يحتمل أكثر من ذلك فغادر مكة إلى المدينة مع كافة أعضاء أسرته وعدد كبير من الأشراف والوجهاء وكبار التجار والمفتي الشافعي وعدد من القضاة ورجال الدين.
    لقد تعمد الشريف عون الرفيق مغادرة مكة ليلاً، وفي صبيحة اليوم التالي ذهل الأتراك عندما وجدوا بيوت الأشراف والوجهاء مغلقة دونهم ولا يوجد فيها سوى بعض الخدم لحراستها وكان ثمة لافتات وكتابات على الجدران تحث السكان على الثورة ضد الوالي: "أن من يخلص مكة من هذا الوالي الفاسد والملعون يدخل الجنة" وانطلق المبعوثون من المدينة إلى الأستانة يحملون احتجاجات الشريف لعرضها أمام الباب العالي مع التأكيد على حقيقة أنه لن يعود إلى مكة ولن يعود الأشراف أو الوجهاء إلا بعد عزل الوالي من منصبه ومغادرته مكة نهائياً وبلا رجعة. وكان السلطان يحترم عون الرفيق ويفضله على غيره وهو ما دفع الباب العالي إلى الاستجابة لرغبة الشريف فأصدر أمراً بنقل الوالي عثمان باشا إلى حلب. وعندئذ عاد الشريف عون وأنصاره إلى مكة وعزل كافة الموظفين الذين عينهم عثمان باشا وفي فورة الابتهاج بالنصر أمر بأن ينقش على حجارة مدخل قصره ما يلي: "مقر الشريف الأمير وحكومته الجديدة" وتم ذلك بالفعل.
    ووصل الوالي الجديد (جمال باشا) واتضح أنه لا يقل عن سابقه تصميماً على تقليص نفوذ الشريف وإن كان أكثر دبلوماسية. وأصرّ جمال باشا على إطلاق سراح الشريف (عبيد الله ابن زبن) الذي سبق أن عينه الوالي السابق حاكماً قبل وصول الشريف عون الرفيق كما أصر على إعادة بعض رجال الوالي عثمان باشا إلى وظائفهم. ورغم ذلك ازداد نفوذ الشريف في أوساط الحجازيين لأنه استطاع بحزمه أن يعزل عثمان باشا كما أصبح يحصل وعلى نحو تدريجي على حصة أكبر من إمدادات الحجاز بما في ذلك ميناء جدة.
    كان حكم عثمان باشا للحجاز بمثابة ذروة التسلط العثماني على الأراضي المقدسة. وبعد عزله لم يتمكن العثمانيون إطلاقاً من إدارة الحجاز على نحو مباشر كما كان الباشا أيام عثمان باشا وأسلافه… لقد تقدمت القوات العثمانية في الجزيرة العربية عام 1904 والعام التالي 1905. وحدث نزاع على الحدود الجنوبية مع البريطانيين وكان العثمانيون يستعملون اليمن كدولة إقطاعية أو كورقة رابحة في التفاوض مع البريطانيين. لكن مشاعر العرب كانت تتجمع وتتراكم ضدهم كما أن مركز الشريف عون في أواخر حكمه الذي استمر (23) سنة كان أقوى بكثير من مركزه عندما استلم الحكم.
    ومع تزايد قوته ونفوذه طرأ تغيير على تصرفاته وحتى مظهره. فالصور التي التقطت له في عدة مناسبات ووصلت إلينا تظهره رجلاً محنكاً ثاقب النظرات وقوراً ومهيب الطلعة. ومهما كان الأمر فقد استطاع الشريف عون الرفيق استرداد هيبة الأشراف ونفوذهم وتحجيم الولاة العثمانيين وذل بحنكته وصبره.
    توفي الشريف عون عام 1905 فأرسل الوالي العثماني أحمد راتب باشا توصية إلى الباب العالي بتعيين الشريف (علي ابن عبد الله ابن محمد ابن عون) خلفاً له. غير أن العضو الأكبر سناً في أسرة عون الرقيق وهو عبيد الله باشا (شقيق عون) الذي كان في الأستانة آنذاك استشاط غضباً من توصية أحمد راتب باشا وشتمه في غير مجلس.
    وفي مكة بدأ الوالي يتحجج بأنه صاحب الفضل في تعيين الشريف الجديد وأنه يتمتع بنفوذ واسع في الباب العالي. وكان الحجازيون لا يحبون الوالي أحمد راتب وبالتالي فإنهم لن يتعاطفوا مع الشريف الذي يختاره. وهكذا عندما أعلن الدستور العثماني عام 1908 أعتبر الأتراك الشباب أن أحمد راتب باشا من العهد القديم فعزلوه من منصبه ولم يعد أحد يسمع به، وبعزله لم يجد الشريف الذي عينه (علي ابن عبد الله) سنداً يعتمد عليه، فجمع ثروته المنقولة وسافر إلى مصر للعيش فيها تحت الحماية البريطانية. وتم تعيين الشريف (عبيد الله باشا) خلفاً له وكان هذا الشريف طاعناً في العمر لكنه سعيد فقد عاش طويلاً أكثر من أي عضو في أسرته وكانت علاقاته جيدة مع الجيل الجديد من الأتراك الشباب. وقبل أن ينطلق لتسلم مهام منصبه الجديد قرر زيادة أضرحة أقاربه في الأستانة وعندما وقف فوق قبر ابنه أصيب بنوبة من التشنج حزناً عليه وتحول التشنج إلى شلل وتوفي بعد بضعة أيام في منزله في ضاحية (أمرغوم) المطلة على مضيق البسفور، ودفن مع أقاربه هناك ولم يحكم مكة ولا يوماً واحداً.
    بعد وفاة عبيد الله على ذلك النحو بدأ مبعوثو الشريفين (علي حيدر) من ذوي زيد و (حسين ابن علي) من ذوي عون بالاتصالات مع السّراي والمتنفذين في الأستانة كل واحد منهما يسعى لتعيينه حاكماً على مكة. وكان السلطان قد سبق أن أمر باستدعاء الحسين ابن علي من مكة إلى الأستانة والعيش فيها مع أسرته لأنه أظهر روحاً ثائرة في شبابه. أما الشريف علي حيدر فقد أمر السلطان بإقامته في الأستانة لأنه أقدم على خطوة اعتبرت غريبة آنذاك وهي الزواج من فتاة إنكليزية(3) ما زالت تعيش في القاهرة(4) وأخيراً قرر الباب العالي تعيين الشريف حسين بن علي حاكماً على مكة وصدر فرمان بذلك وسرعان ما تلقى الخلعة السلطانية.
    كان الشريف حسين كما أسلفنا يعيش في الأستانة منذ عام 1893 أي عندما كان في السابعة والثلاثين من عمرة. وكان لديه ثلاثة أبناء درسوا في الأستانة في أثناء إقامته فيها وهم: علي وعبد الله وفيصل أي أنهم أمضوا هناك (15) سنة تقريباً وهم شبه رهائن لدى السلطان. وكان لا يسمح للحسين بن علي أو أولاده بمغادرة الأستانة إلا بأمر السلطان. ولم يسبق أن غادرها أحدهم إلا في خريف عام 1908 عندما صدر الفرمان السلطاني بتعيين الحسين شريفاً على مكة. وقد حدثت تغيرات وتحولات كثيرة منذ أن غادر الشريف مكة متجهاً إلى الأستانة بأمر سلطاني عام 1893، ومن تلك التغيرات مد سكة حديد من حلب وحتى الحجاز وسط احتفالات بهيجة لأن سكة الحديد ستسهل كثيراً وصول الحجاج إلى الأراضي المقدسة بشكل أسرع وأكثر أماناً. لكن الشريف حسيناً والأشراف الآخرين ربما أدركوا أن لسكة الحديد جانباً آخر وهي أن باستطاعة القطارات أن تنقل تعزيزات عسكرية تركية إلى الحجاز وحتى مكة بسرعة أكبر. وكان خط سكة الحديد عام 1908 قد وصل إلى المدينة وأشرف على ذلك مهندسون ألمان وأتراك ولولا نشوب الحرب العالمية الأولى لوصلت سكة الحديد إلى مكة.
    وبينما كان المهندسون والفنيون والعمال ينسفون الجبال ويشقون الأنفاق ويبنون الجسور ويمدون السكك الحديدية من دمشق باتجاه الجنوب كانت موجة جديدة من مشاعر القومية العربية تتأجج وسط التجمعات العربية في الإمبراطورية العثمانية. وكان من شأن إعلان الدستور عام 1908 أن أنعش الآمال خاصة مع سرعة الاتصال وانتقال الأخبار في عصر الطاقة البخارية. وشعر المفكرون والمثقفون العرب بضرورة التكتم على تطلعاتهم وطموحاتهم فتشكلت جمعيات سرية بدأ العرب ينتظمون فيها. بعض تلك الجمعيات كانت تتبنى فكرة (الإمبراطورية العربية التركية) أي إمبراطورية تقوم على المشاركة على غرار (الإمبراطورية النمساوية الهنغارية)، وبعضها أقل طموحاً، وعدة جمعيات أشد تطرفاً في أهدافها. وليس من شك في أن الأجانب أثروا على المثقفين العرب كما أن الحركات القومية في أوروبا خلال القرن التاسع عشر كان لها تأثير عميق على تطلعات العرب وطموحاتهم التي لم يكن ثمة ما يبررها سوى تاريخهم القديم بعد أن حكمهم الأتراك والمماليك والسلاجقة والمغول فترة طويلة لكنهم حافظوا خلال تل القرون على تقاليدهم وشخصيتهم وتراثهم. وبالطبع لم تكن الجمعيات السرية كافية وحدها وبالتالي لا بد من العمل ذات يوم إذا كانوا يريدون الحرية والاستقلال.
    في هذه الأجواء التي لا تخلو من توتر انطلق الحسين بن علي وأولاده إلى مكة 1908، كان الباب العالي يعتبره مخلصاً وموالياً في البداية لكنه بعد أن أرسل حملات عسكرية إلى عسير وإلى القصيم بهدف تعزيز وتقوية مركزه ونفوذه بين القبائل التي أخذت تتململ في أثناء حكم علي، ثارت حوله شكوك الباشا العثماني في الحجاز.
    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty تابع - الفصل السادس عشر

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي السبت 30 مايو - 22:04

    (1) ذوي عون
    (2) (ح) حكم مكة

    وفي عام 1913 عقد المؤتمر العربي في باريس واتفق المؤتمرون وهم من رجالات العرب أن يطلبوا من السلطان حكماً ذاتياً في نطاق الإمبراطورية العثمانية. وفي البداية ظهر وكأن العثمانيين يوافقون على هذا التوجه. لكن حرب (جمعية الاتحاد والترقي) التركي ورغم اسمه الذي يوحي بالليبرالية قد عارض وبشدة أي نوع من الحكم الذاتي للعرب. كان الشريف عبد الله ابن الحسين حينذاك نائباً في البرلمان التركي فاتخذ خطوة جريئة واتصل باللورد كتشنر المندوب البريطاني في مصر في شهر شباط (فبراير) 1914 لاستشراف موقف الحكومة البريطانية في حالة نشوب حرب بين الأتراك والعرب، فلم يتلق أي تشجيع بل إن كتشنر رفض تزويده برشاشات ثقيلة، غير أن زيارته على أي حال إلى مصر واتصاله باللورد كتشنر قد فتحت عيون الحكومة البريطانية على عمق المشاعر العربية وعلى حقيقة وجود عداء خفي بين العرب والأتراك.
    في تلك الفترة تخفى ضابط بريطاني على هيئة حاج وزار مكة ووصف مناسك الحج في ظل حكم الشريف الجديد الحسين بن علي على النحو التالي(5):
    "… هذا يوم الاحتفال. لقد ارتدى الناس كافة أفضل ملابسهم حتى ظهر المخيم بشكل بهيج. وتوجهنا في الصباح لمشاهدة مراسم تقديم الهدايا إلى الشريف. وجدنا أن مخيمه مقام على منصة اصطناعية يتألف من أربع خيام كبيرة جداً وعدة خيام صغيرة. وكان ثمة صفان من الجنود يشكلان ممراً ويصدان الناس بينما تصدح الفرق الموسيقية في الساحة. وبدأ رؤساء وأمراء القوافل في الوصول لتقديم الهدايا إلى الشريف الذي جلس على منصة مفروشة بالسجاد في صدر الخيمة الكبرى. ومن بين الذين دخلوا الخيمة للسلام على الشريف أو تقديم الهدايا له مبعوثون من مختلف الأقطار الإسلامية وحاكم مكة العثماني. وبعد السلام وتقديم الهدايا جلسوا وسرعان ما وصل السفير التركي حاملاً هدية السلطان على صحن من الذهب ولم أعرف ما هي الهدية لأنها كانت مغطاة بقطعة من القماش المقصب لكني علمت بعد ذلك أنها كمية من الليرات الذهبية العثمانية… وعندما حضر السفير السلطاني يحمل الصحن الذهبي قام الشريف يستقبله عند باب الخيمة ثم رافقه حتى أجلسه في المكان المناسب. بعد انتهاء هذه المراسم ومغادرة السفير السلطاني تجمع وجهاء مكة والحجاج من مختلف الأقطار للتبرك بالسلام على الشريف الذي اعتاد على استقبال أي شخص يود السلام عليه. وذهب مرافقو مسعود للسلام عليه لكني ترددت خشية افتضاح أمري. والشريف الراهن الحسين بن علي يحظى بشعبية واسعة بين رعاياه وهو جدير بالاحترام الذي يلقاه من قبل المكيين ذلك أنه يعمل على إنعاش السنن القديمة. سنن الخلفاء الراشدين في التواضع وعدم الترفع عن أي مواطن وممارسة مبدأ المساواة كما ورد في القرآن (الكريم).
    ولا شك أن شعبية الحسين بن علي كما وصفها الضابط الإنكليزي (وافل) كانت تقلق المسؤولين العثمانيين في الحجاز والأقطار العربية المجاورة.
    وفي محاولة لوقف الميول الاستقلالية عن إمبراطوريتهم المتهاوية اعتمد الأتراك سياسة حازمة كان من شأنها أن أوغرت الصدور حقداً وكراهية وزرعت بذور الثورة فتشكلت الجمعيات السرية وزاد نشاطها. وهكذا بدأ العرب يفكرون في تقليد اليونانيين الذين حصلوا على استقلالهم قبل الحرب العالمية الأولى بسنوات. واضطرت النوادي العربية الليبرالية التي كانت تمارس نشاطاتها علناً إلى النزول تحت الأرض وممارسة نشاطاتها سراً وعرف الشريف حسين بتلك النوادي والجمعيات ومنها (جمعية الاتحاد) التي تشكلت فيما بين النهرين و (جمعية الحرية) في سورية. وقد بعثت هاتان الجمعيتان الوفود والرسائل إلى الشريف حسين بصفته زعيم العرب وحامي الأراضي المقدسة والقائد المحتمل للثورة العربية في حالة اندلاعها. ولم يكن ثمة زعيم يتفق عليه كافة النهضويين العرب كالحسين بن علي.
    لقد تعلم الحسين في أثناء إقامته (18) سنة في الأستانة طرق الأتراك وأساليبهم ونقاط ضعفهم. وما إن وصل إلى مكة حتى شرع في العمل لاستعادة قوة وهيبة مركز الشريف استعداداً ليوم الاستقلال. ومن الطبيعي أن يأخذ جانب التكتم والحذر. ولم تكن قضية استقلال العرب بسيطة كما قد يظن المراقبون الأجانب. فالعرب يختلفون عن اليونانيين والصربيين وغيرهم من شعوب شرق أوروبا التي استقلت عن الإمبراطورية. ذلك أن العرب مسلمون مثلهم مثل الأتراك. وكان خليفة الإسلام في الأستانة هو زعيم المسلمين كافة والناطق باسمهم. وليس من السهل شق عصا الطاعة على خليفة المسلمين الذي ينظر له الجميع باحترام وخشوع. ولا شك أن السنوات الطويلة التي أمضاها الكثيرون من العرب ومنهم أبناء الحسين بن علي في الأستانة والمدن التركية الأخرى قد أكسبتهم ثقافة تركية كانت بمثابة القناع الواقي لهم من احتمالات اكتشاف الأتراك لنيّاتهم. وكانت اللغة العربية هي اللغة الثانية في العاهلية العثمانية فضلاً عن أن ثلث عناصر الجيش العثماني بكافة أسلحته من العرب. وكانت الأمانات المقدسة ومن ضمنها بعض ذخائر الرسول (صلعم) موجودة في السراي في الأستانة ويتم إخراجها في مناسبات معينة. وبالإضافة إلى ذلك كله كان ثمة قوات تركية في الأراضي المقدسة كما أن الشريف حسين لا يستطيع الاستغناء عن المعونات السلطانية. وكان الناس البسطاء يعتقدون أن السلطان سيد العالم وأن سلاطين الكفار يدفعون له الجزية ولعل ما يثبت ذلك – باعتقادهم – وجود سفراء أجانب في الأستانة وتقتصر مهمة أولئك السفراء – حسب القناعات الشعبية – على تقديم الولاء والطاعة باسم سلاطينهم للسلطان خليفة المسلمين. وهكذا لم يكن من السهل فك ذلك التلاحم أو التزاوج الوثيق بين الشعبين العربي والتركي في ويم أو شهر أو حتى سنة. وطالما أن حرباً ستقع بين قوى الغرب المسيحي، وأن غيوم تلك الحرب أخذت تتجمع فإن التفكير بالانفصال عن العاهلية في تلك الظروف لا يمكن تبريره بل يعتبر خيانة.
    غير أن رياح الثورة تسارعت في سورية وما بين النهرين، وبدأ رجالات العرب يعلمون بنشاط أشد ويصوغون اقتراحاتهم على نحو أكثر تماسكاً ويرسلونها إلى الشريف حسين في مكة. فأرسل ابنه فيصلاً إلى دمشق للتباحث مع رجالات العرب حول تلك المقترحات والمشاريع الاستقلالية. وبدأت تقارير فيصل تتوالى مفعمة بالتفاؤل، وعند ذلك أرسل الشريف ابنه الأكبر علي إلى المدينة (المنورة) حتى يحشد ويجند (على نحو سري) القرويين ورجال القبائل بحيث يكونون مستعدين للتحرك عندما يطلب فيصل ذلك. أما عبد الله وهو ابنه الثاني بعد علي من حيث العمر فقد اضطلع بمهمة الاتصال مع البريطانيين في مصر لمعرفة موقفهم فيما إذا أعلن العرب الثورة على الأتراك.
    عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى في شهر آب (أغسطس) 1914 كان اللورد كيتشنر المفوض البريطاني في مصر يقضي إجازته في بريطانيا، فقطع إجازته وبدأ رحلة العودة إلى مصر وما إن وصل إلى ميناء دوفر على بحر المانش حتى تلقى رسالة مستعجلة من رئيس الوزراء يستدعيه فيها على عجل بعد تعيينه (أي كيتشنر) وزيراً للحرب.
    لكن السيد رونالد استورز سكرتير كيتشنر للشؤون الشرقية الذي عام إلى مصر بدون رئيسه لم يكن خاملاً. وكان من شأن الصراحة التي تحدث بها عبد الله بن الحسين قبل بضعة أشهر أن أشعرته بمدى استياء العرب من تجاوزات الأتراك. وربما اكتشف رونالد استورز أكثر من غيره آنذاك إمكانيات تحويل ذلك الاستياء العارم إلى ثورة خاصة وأنه بطبيعة عمله كان يقابل الكثيرين من زعماء العرب المقيمين في مصر أو العابرين فيها. وهكذا كتب تقريراً إلى اللورد كيتشنر طلب منه التفويض للاتصال بالشريف عبد الله بن الحسين والتفاوض معه حول إمكانات وقوف العرب إلى جانب بريطانيا أو تحالفهم معها في الحرب.
    ووافق كيتشنر على الاقتراح فوراً. وطلب من ستورز أن يسأل عبد الله سؤالاً محدداً وهو إذا أقنعت الألمان تركيا بدخول الحرب إلى جانبهم فهل سينضم الشريف حسين إلى تركيا ويعلن الحرب على بريطانيا أم يقف مع بريطانيا ضد تركيا وألمانيا؟ وصدرت هذه التعليمات إلى ستورز في الأسبوع الأخير من أيلول (سبتمبر) 1914 أي قبل ستة أسابيع من إعلان بريطانيا الحرب على تركيا. ولم يستغرق رونالد ستورز أكثر من بضعة أيام حتى وجد رسولاً أميناً يعتمد عليه يستطيع السفر سراً إلى الحجاز ومقابلة عبد الله بن الحسين دون أن يلفت انتباه أحد. ووصل الرسول (وهو رجل مصري يدعى علي أفندي) إلى مكة أواسط تشرين الأول (أكتوبر) وسلم الرسالة وعاد إلى القاهرة قبل نهاية الشهر المذكور يحمل جواباً خطياً على تساؤلات ستورز.
    كان من شأن وصول رسالة من كيتشنر عن طريق ستورز أن وضعت الشريف في موقف دقيق. فقد كان يبحث عن فرصته لتأكيد سلطته في الحجاز حتى ولو أدى ذلك إلى خلافات مع الأتراك، وذلك قبل بضعة أشهر من اندلاع الحرب عندما كانت خلافاته مع الأتراك تقتصر على الشؤون الحجازية حسب. أما وقد اندلعت الحرب وأصبحت مشاركة تركيا إلى جانب الألمان مؤكدة فقد كبرت المسألة وصارت تتعلق بمستقبل الأقاليم العربية في الإمبراطورية العثمانية. ولم يكن أمامه سوى خيارين: الأول أن يقف إلى جانب تركيا ويكسب بذلك عرفانها حتى ولو هزمت في الحرب. والثاني أن يسعى لتحقيق حرية العرب من الأتراك بحد السيف.
    وتشاور مع ولديه عبد الله وفيصل بهذا الصدد وكانت آراؤهما متعارضة. كان فيصل يفضل الوقوف إلى جانب تركيا لاقتناعه أن ثمة أطماعاً لفرنسا في سورية وأطماعاً بريطانية في جنوب العراق. كما أن عرض كيتشنر لم يتضمن أية ضمانات ضد هذه المخاطر، فضلاً عن أن العرب لم يكونوا مستعدين بما فيه الكفاية وبالتالي ربما تفشل الثورة. أما عبد الله فكان رأيه عكس ذلك. فبصفته أحد أعضاء الجمعيات العربية السرية كان يدرك عمق وقوة المشاعر العربية الثورية ولأنه متفائل بطبعه فقد اعتقد بأن دمشق وبغداد ستستجيبان لنداء الثورة بلا تردد وبالتالي فإن المنطقة وطبيعة الأمور والظروف الموضوعية تستدعي عدم رفض عرض كيتشنر بل مواصلة التفاوض مع البريطانيين والحصول على ضمانات قطعية لاستقلال العرب.
    وتمسك الشقيقان بموقفيهما المتعارضين في كافة جلسات التشاور التي عقدها والدهما. ويبدو أن الحسين بن علي كان يميل لتفضيل رأي فيصل خاصة فيما يتعلق بعدم استعداد العرب للثورة في الأقاليم الأخرى غير الحجاز لكن إصرار عبد الله على وجهة نظره دفعه للتروي، ثم إنه اتخذ قراراً مؤقتاً وهو إرسال مبعوثين إلى سورية وحكام العرب وزعمائهم لمعرفة حقيقة مشاعرهم ومدى استعدادهم ومن ناحية أخرى مواصلة الاتصال مع كيتشنر. وهكذا كتب رسالة الـ "ستورز وطلب من ابنه عبد الله توقيعها. وتضمنت الرسالة استعداده للتفاهم مع بريطانيا لكنه لا يستطيع التخلي عن الحياد الذي يفرضه عليه مركزه في العالم الإسلامي، وألمح إلى أنه قد يعلن الثورة ويقود أتباعه إذا حاول الأتراك استفزازه شريطة أن تتعهد بريطانيا بدعمه على نحو فعال.
    وصلت هذه الرسالة إلى ستورز في القاهرة في أواخر تشرين الأول وتم إبراق مضمونها فوراً إلى لندن. واطلع كيتشنر على مضمون الرسالة في نفس الوقت الذي تلقى فيه رسالة من صديق قديم وهو السير جون ماكسويل قائد القوات البريطانية في مصر جاء فيها: "لا أعرف ما هي توجهات وزارة الخارجية لكني أعتقد بضرورة الاتصال مع العرب في مكة وحواليها وفي اليمن وحثهم وتشجعيهم على الثورة ضد الأتراك".
    ولأن ماكسويل خدم فترة طويلة في الشرق فقد كان لرأيه وزن لدى كيتشنر. وفي الحادي والثلاثين من الشهر المذكور أبرق كيتشنر إلى الدوائر والوكالات البريطانية في القاهرة نص الرسالة التي يتعين إرسالها إلى عبد الله جواباً على رسالته. وتضمنت الرسالة وعداً قاطعاً إلى الحسين بن علي بأنه إذا ما وقف مع بريطانيا ضد تركيا فإن الحكومة البريطانية تضمن احتفاظه بمركزه كشريف على مكة وكافة الحقوق والامتيازات التابعة لهذا اللقب ودعم العرب بشكل عام في كفاحهم من أجل الحرية شريطة أن يتحالفوا مع بريطانيا… وتنتهي الرسالة بتلميح أنه إذا أعلن الشريف نفسه خليفة للمسلمين فإن بريطانيا ستعترف به.
    وصلت هذه الرسالة إلى عبد الله في السادس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) في مفصل حرج فسببت له الانشراح. ففيما يتعلق بالحجاز تضمنت الرسالة التأكيدات التي كان يريدها أما فيما يتعلق بالمقاطعات العربية الأخرى فقد أشرعت الباب للتحرر القومي. صحيح أن عبارات الرسالة كانت عامة لكنها تتحدث عن (أمة عربية) وعن (تحرير العرب) ومهما كان كيتشنر يعني بهذه العبارات عندما كتبت، فقد فهم منها الشريف حسين دعوة صريحة لإعلان الثورة العربية. وبهذه المشاعر وهذا الفهم أعاد قراءة الرسالة الموجهة إلى ابنه عبد الله باسم اللورد كيتشنر الذي كان في زمانه أشهر بريطاني في الشرق. وكانت كلماته تقبل دون أية أسئلة.
    أمر الشريف بإعداد رسالة جوابية وإرسالها إلى القاهرة وكان لابنه عبد الله أثر كبير عليه في تبني سياسة التحالف مع بريطانيا، لكن عبد الله في نفس الوقت ألمح إلى عدم قدرة والده قبل القيام بالاستعدادات اللازمة وبدون تلك الاستعدادات والتجهيزات لا يستطيع القيام بأي عمل عدائي ضد الأتراك. وبالتالي تضمنت الرسالة الطلب من كيتشنر منح الشريف ما يكفي من الوقت لحشد قواته واهتبال الفرصة المناسبة لإعلان الثورة وتعهد أن يرسل رسالة أخرى إليه بواسطة ستورز في الوقت المناسب ووصل هذا الجواب إلى القاهرة أوائل شهر كانون الأول (ديسمبر) وبذلك انتهى الفصل الأول من المراسلات والمداولات العربية البريطانية. أما الفصل الثاني فقد بدأ بعد ثمانية أشهر أي في شهر تموز التالي وذلك بعد أن أنهى الشريف حسين مشاوراته مع الزعماء والقادة العرب، وبدأ هذا الفصل برسالة من الشريف إلى السير هنري مكماهون المندوب السامي البريطاني في مصر وهي أول مذكرة في سلسلة مراسلات دبلوماسية تشكل في مجموعها ما يعرف بمراسلات مكماهون.
    كان الشريف حسين حذراُ في قراراته وخطواته، ولا شك أن رسالة كيتشنر المؤرخة في 31 تشرين الأول التي وصلت إليه في نفس اليوم الذي أعلن فيه السلطان الجهاد جعلته يميل إلى تبني وجهة نظر ابنه عبد الله، غير أن الوقت كان ما يزال مبكراً للعمل، إذ يتعين عليه أولاً أن يتشاور مع الزعامات الوطنية في سورية والعراق ومع جيرانه في الجزيرة العربية لمعرفة مدى الدعم الذي يمكن أن يقدموه له. ولأن المسافات طويلة بين مكة وبين بغداد ودمشق ولمقتضيات التكتم والسرية فإن المشاورات تستغرق بضعة أشهر. وفي غضون ذلك كان الأتراك يضغطون عليه لإعلان الجهاد من مكة ويطلبون دعمه الفعال. وتلقى عدة رسائل من الأستانة من الصدر الأعظم وأنور باشا وطلعت باشا وغيرهم من كبار الشخصيات الرسمية. ثم تلقى رسالة من جمال باشا قائد عام الجيش العثماني الرابع في سورية يحثه على إعلان الجهاد صراحة وأن يرسل علم الرسول إلى دمشق(6) وأن يجمع جيشاً من بين قبائل الحجاز.


    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty تابع - الفصل السادس عشر

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي السبت 30 مايو - 22:07

    (1) الشريف حسين بن علي فجر الثورة العربية الكبرى وملك العرب.
    (2) فيصل الثاني ملك العراق استشهد هو والعائلة الهاشمية المالكة كافة في الانقلاب الدموي 14 تموز 1958 في العراق.

    كان الحسين أشد ذكاء وأبرع في التعامل مع الأتراك ويتمتع بكافة المزايا القيادية. ورغم طلباتهم المتواصلة منه إعلان الجهاد كان يرد عليهم بحماسة ويقنعهم بخطورة طلباتهم تلك. ويدعو لهم بالنصر وأنه يؤيدهم غير أنه يأمل من حكمة السلطان ووزرائه أن يدركوا الصعوبات التي يواجهها لأن القوات البريطانية في البحر الأحمر متفوقة وتستطيع فرض الحصار على الحجاز وتجويع شعبه وربما قصف الموانئ الحجازية. وفي نفس الوقت كان يتساءل في مراسلاته مع الأتراك عن مواقف الآخرين من أمراء العرب وشيوخ القبائل وهو ما أثار شكوك السلطان وتراسل الشريف كذلك مع السيد علي الميرغني أهم زعيم عربي في السودان آنذاك وصديق الحاكم البريطاني العام ريجينالد وينغيت.

    ولأنه رفض أو أجّل إعلان الجهاد فقد آثار الحسين بن علي غضب الأتراك وبدأوا يخططون لعزله. غير أن كل ما استطاعوا أن يفعلوه هو الإدعاء بأنه أعلن الجهاد، وقد أوحى موقف وسلوك الباشا العثماني في الحجاز من أن ثمة مؤامرة قيد الإعداد وربما التنفيذ. واستطاع أنصاره سرقة أوراق الباش فاطلع عليها وتأكد بأن ثمة خطة لعزله، ولذلك لم يضيع الوقت بل أرسل فيصلاً إلى الأستانة لتقديم شكوى إلى السلطان وحكومته مع أن المهمة الرئيسة التي أنيطت بفيصل هي الاتصال مع زعماء العرب في سورية وأن يوضح لهم كل ما يعرفونه عن المفاوضات مع الإنكليز بواسطة ابنه عبد الله والوضع العسكري العام كما يراه.
    وخلال غياب فيصل في تركيا اجتمع زعماء الحركة العربية من السوريين في دمشق ووضعوا بروتوكولاً يحدد الشروط التي يعتقدونها مناسبة للعمل مع البريطانيين.
    ولدى عودة فيصل من تركيا واجتماعه معهم وهو في طريقه إلى مكة أعرب عن شكوكه في قبول البريطانيين للشروط العربية. لكنه على أي حال انطلق إلى مكة عل جناح السرعة ووعدهم بأن يضغط على والده حتى يفرض تلك الشروط على بريطانيا. وكان الجزء الأول من الوثيقة السورية (البروتوكول) القصيرة يطالب أن تعترف بريطانيا باستقلال الأقطار العربية وفق الحدود التالية: شمالاً من مرسين وأضنة وأورفة وماردين وجزيرة ابن عمر ومن الغرب البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ولا يستثنى من ذلك في الجزيرة العربية سوى عدن. وطالبت الوثيقة بعقد تحالف دفاعي بين بريطانيا العظمى والدولة العربية المستقلة مستقبلاً ومنح بريطانيا أفضلية اقتصادية. وأقسم على المصحف ستة من الزعماء السوريين على الاعتراف بالشريف حسين ناطقاً باسم الشعب العربي بل أن بعض الزعماء السوريين سلموا إلى فيصل أختامهم الخاصة وفقاً لتقليد قديم دلالة على إخلاصهم وولائهم للشريف حسين.
    عندما استأنف الشريف مفاوضاته مع البريطانيين كانوا مع حلفائهم يعانون متاعب كثيرة في الجبهة الشرقية خاصة بعد فشل الهجوم على غاليبولي وكانت مصر نفسها موضع تهديد بينما قام الأتراك في اليمن بهجوم على عدن. أما في العراق فرغم التقدم البسيط الذي أحرزه البريطانيون فقد كانوا يعانون مشاكل جمة ويتكبدون خسائر فادحة. بينما انهمك السير هنري مكماهون في تلك المرحلة بالدفاع عن مصر فتلقى مذكرة من الشريف وهي جزء من المراسلات بينهما التي عولجت ونشرت في كتب كثيرة منذ الحرب لعلاقتهما الوثيقة بالقضية الفلسطينية. وفي شهر أيار أبرق الشريف عن طريق بور سودان إلى ستورز وطلب منه زيارة ابن عبد الله في الحجاز.
    ونتيجة لتلك المراسلات وزيارة ستورز (مهما كانت التفسيرات التي قدمت عنها من قبل الأطراف المعنية) ولأن الأتراك أكملوا استعدادهم في المدينة (المنورة) لتوجيه حملة عسكرية إلى اليمن، وربما تلجأ تلك الحملة في طريقها إلى عزل الشريف حسين. قرر الشريف دخول الحرب إلى جانب الحلفاء في الخامس من حزيران 1916.
    وذكرت صحيفة (القبلة) المكية أول تقرير عن العمليات العسكرية وكانت العملية الأولى هي إخراج الحامية العسكرية التركية من مكة(7). على النحو التالي: "في الساعة الثالثة والنصف من فجر يوم السبت التاسع من شعبان تم تطويق الثكنات في مكة وعمارة الحميدية التي تضم مكاتب الحكومة وبدأ تبادل إطلاق النار مع القوات التركية المتحصنة فيها"(Cool.
    واتصل ضباط الحامية التركية مع قصر الشريف يستطلعون الخبر وتمّ إبلاغهم أن البلاد أعلنت استقلالها وأنه يتعين عليهم الاستسلام. غير أنهم رفضوا ذلك فاستمر القتال إلى أن شنت مجموعة من الأشراف هجمة صادقة على الحميدية والثكنات واقتحمتها فاضطرت الحامية للاستسلام وتم اقتياد القائد التركي وهو نائب القائد العام في الحجاز، إلى جانب بعض الضباط والجنود الأتراك إلى قصر الشريف حيث احتجزوا فيه كأسرى بعد تجريدهم من أسلحتهم، غير أن بعض الضباط رفضوا الاستسلام وواصلوا إطلاق النار حتى التاسع من تموز فاستسلموا جميعاً وبذلك يكون الأتراك قد حكموا الحجاز عملياً أربعة قرون بالتمام والكمال.
    تسببت أخبار الثورة العربية بالذعر في تركيا وألمانيا. وتمّ إخفاء الحقيقة عن الناس بضعة أسابيع. وقام عبد الله بن الحسين في شهر أيلول بمحاصرة الطائف والحاكم العام في الحجاز (غالب باشا). وخلال ذلك الصيف تم الاستيلاء على كافة البلدات الأخرى في الحجاز باستثناء المدينة (المنورة) بل أن القوات العربية سرعان ما حاصرت المدينة نفسها وقطعت كافة الاتصالات معها.
    وأصدر الشريف حسين بياناً للمسلمين أوضح فيه أهدافه والأسباب التي دعته إلى إعلان الثورة وهي أسباب دينية وقومية. وهاجم في البيان ممارسات جمعية الاتحاد والترقي التركية (الطورانية) وهاجم وحشية الحكومة التركية والمتنفذين فيها وفي طليعتهم الثلاثي: طلعت باشا وأنور باشا وجمال باشا المسؤولين عن إعدام خيرة رجالات العرب ونشر الذعر والإرهاب في سورية. ودعا البيان كافة المسلمين لأن يحذوا حذوه ويشقوا عصا الطاعة على العصبة الطاغية المتحكمة في الأستانة.
    أما جمال باشا قائد الجيش الرابع في سورية فأصيب بحالة من الغضب والعصبية. وألقى خطاباً في دمشق هاجم فيه الشريف حسيناً "الذي تحالف مع القوى المسيحية التي تهدف إلى تخريب العالم الإسلامي واستعادة الأستانة (استانبول) عاصمة الخلافة الإسلامية"(9) وطلب جمال باشا من المواطنين قتل الشريف حسين (الذي يخدم الإنكليز).
    في تلك الفترة وصل وفدان بريطاني وفرنسي إلى جدة… الوفد البريطاني بقيادة العقيد ويلسون من الإدارة السياسية في السودان. والوفد الفرنسي بقيادة العقيد بريمون. وكان المفروض أن تكون مهمة الضباط الذين رافقوهما استشارية محضة لكن بعض أولئك الضباط اضطلعوا فيما بعد بمهمات تنفيذية.
    كان الأثر المباشر للثورة العربية على الصعيد العسكري إحباط المحاولة الألمانية التركية لإغلاق البحر الأحمر عند باب المندب وقد اعترف بهذا الأثر كل من الدكتور هورغارث الباحث الشهير الذي كان يرأس المكتب العربي في القاهرة والعقيد الفرنسي بريمون.
    وقام ستورز بزيارة الحجاز مرة أخرى في شهر أيلول على متن سفينة القيادة (يوريلاس) بقيادة الأميرال (ديميس)، وهي السفينة التي حملت المحمل إلى جدة. وكانت المرة الأولى التي تضطلع بها سفينة بريطانية بإحضار المحمل إلى الحجاز.
    وفي تشرين الثاني (نوفمبر) نودي بالشريف حسين ملكاً على العرب. وأبرق هذه الأخبار الشريف عبد الله إلى الأقطار الإسلامية، وكان عبد الله آنذاك يضطلع بمهمات وزير الخارجية. وفي كانون الثاني (يناير) 1917 أبلغت الحكومتان البريطانية والفرنسية الشريف حسين باشا بأنهما تعترفان به (ملكاً على الحجاز) وفي نفس الوقت تمكن الشريف فيصل وقواته من احتلال أحد آخر معاقل الأتراك في الحجاز وهو بلدة (الوجه). لكن حامية المدينة (المنورة) بقيت صامدة أمام الحصار، ووصل إليها فجأة من الأستانة الشريف علي حيدر يحمل فرماناً من الباب العالي بتعيينه حاكماً بدلاً من الشريف حسين. وبعد أن تأكد الشريف علي حيدر من استحالة مهمته وأن ثمة احتمالات لأسره طلب من السلطان السماح له بالعودة إلى لبنان حيث بقي هناك حتى نهاية الحرب.
    كان أبناء الشريف حسين يقودون قوات الثورة ويضطلعون بمسؤولياتهم كاملة. فالشريف علي بن الحسين وهو أكبر أبنائه كان يقود القوات التي تحاصر المدينة (المنورة) أما الشريف عبد الله الذي يتمتع بنشاط وافر ويلي علياً في العمر، فكان يقطع المواصلات التركية ويضايقها من وادي العيس بينما انطلق الشقيق الثالث فيصل نحو الشمال وبعد أن احتل الوجه أصبح مستعداً لعمليات واسعة النطاق.
    وفي تموز (يوليو) تقدمت قوات فيصل واحتلت العقبة وأسرت عدداً من الأتراك. وباحتلال العقبة انتهت المرحلة الأولى من الثورة. أما المرحلة الثانية فهي التقدم إلى دمشق بالتعاون والتنسيق مع قوات الجنرال الليبي التي انطلقت من صر، ولم تكن مهمة فيصل العسكرية سهلة، لقد تغلب على خبث ودهاء شيوخ القبائل الذين كان بحاجة إلى دعمهم واضطر لعقد تحالفات مع كل واحد منهم وبذل جهود مضنية في إقناعهم بالتخلي عن العداوات والحزازات والخلافات التي كانت قائمة بينهم. وما كانت مهمته الصعبة هذه لتنجح لولا الذهب الوفير الذي زوده به البريطانيون. ولعل الأهم من الذهب إيمانه بعدالة القضية التي يناضل لأجلها وهي استقلال العرب ووحدتهم. وكان يساعده في جهوده تلك وفي الهجمات أو العمليات العسكرية ضد المراكز التركية، العقيد لورنس من البعثة العسكرية البريطانية. وكان موفدو فيصل بما في ذلك لورنس يسافرون مسافات طويلة أمامه ويصلون في مهماتهم تلك أحياناً إلى سورية الشمالية أي خلف الخطوط التركية. وبدأ الضباط والجنود العرب في القوات التركية يفرون من وحداتهم ويلتحقون بقوات الثورة التي يقودها فيصل. وعندما دخلت القوات البريطانية إلى فلسطين استقبلهم الأهالي بصفة محررين.
    لقد صدر العديد من الكتب التي عالجت بالتفصيل العمليات والمهمات العسكرية التي اضطلعت بها القوات العربية بقيادة فيصل في تلك المرحلة من الحرب العالمية الأولى وخاصة كتاب لورنس (أعمدة الحكمة السبعة). وأخيراً دخل الشريف ناصر وبعض شيوخ قبيلة عنيزة (عنزة – بتسكين العين وكسر النون وفتح الزين) والقوات المرافقة لهم، إلى دمشق في الثلاثين من أيلول عام 1918 وانطلقت طلائع القوات العربية إلى الميادين الرئيسة في دمشق يحملون علم الثورة العربية ذا الألوان الأربعة يبشرون بالنصر. وفي اليوم التالي دخلت إلى دمشق مفرزة من الفرسان العرب بقيادة الشريف ناصر وبعد يومين دخل النبي إلى المدينة من الجهة الجنوبية الغربية بينما دخلها فيصل برفقة زهاء ألف من رجاله من الزاوية الجنوبية والشرقية أي من الناحية الصحراوية وقد أكد كافة الذين شاهدوا دخول القوات العربية إلى دمشق بأن السوريين كانوا في ذروة البهجة والاحتفال بتحرير بلادهم من حكم الأتراك الذي استمر زهاء أربعة قرون متتالية.
    ورغم أن الفرنسيين استطاعوا بعد سنتين عزل فيصل وإخراجه من دمشق. فقد أصبح ملكاً على العراق كما أصبح عبد الله أميراً على شرق الأردن. وهكذا إذا كان الحسين بن علي لم يحقق كافة أحلامه فقد كان يؤثر مباشرة على جزء كبير من آسيا العربية. وعلى مساحة من الأراضي أكثر من أي حاكم عربي.
    غير أن التوجهات المصلحية والنفعية في سياسات الحلفاء التالية حتمت دعم الآمال الصهيونية في فلسطين من جهة ومطالب فرنسا في سورية ولبنان من جهة أخرى، ولذلك رفض الحلفاء التفاوض مع الحسين بن علي إلا بصفته ملكاً على الحجاز فقط لا يحق له الحديث عن سورية أو فلسطين، أما عبد العزيز بن سعود وبغض النظر عن اتفاقيته مع بريطانيا فقد أصبح مستقلاً تماماً، بل أن بريطانيا اعترفت باستقلال شيخ الكويت(10) بينما كان سلطان مسقط مستقلاً منذ فترة ويرتبط بمعاهدتين مع أمريكا وفرنسا. وكانت عسير والبحرين واليمن مستقلة كذلك عن الشريف حسين وبالتالي لا يجوز الاعتراف به ملكاً على العرب. هذه هي الحجج التي كانت تتذرع بها بريطانيا.
    كان الحلفاء قد زودوا عبد العزيز ابن سعود خلال الحرب بالكثير من السلاح والمال لكنه لم يستعملها إلا لمهاجمة قوات الهاشميين في تربة عام 1919 وإلحاق الهزيمة بابن الرشيد منافسه في نجد الذي تحالف مع الهاشميين بعد الحرب.
    لا شك أن تعاليم الإسلام والتقاليد العربية القديمة هي التي حالت بين الحسين وبين التحالف العلني مع قوة مسيحية ضد ابن سعود. أما العثمانيون الذين كانوا يمثلون نقطة الثقل في توازن القوى داخل الجزيرة العربية فقد اختفوا عن المسرح تماماً، بل أن الأتراك الجدد (أتاتورك) ألغوا منصب الخلافة بعد أن اضطر آخر الخلفاء وهو السلطان عبد المجيد إلى مغادرة الأستانة مع أسرته على جناح السرعة وللأبد في الرابع من آذار 1924. وفي الحادي عشر من الشهر المذكور أعلن الحسين بن علي نفسه خليفة للمسلمين وكان آنذاك في بلدة الشونة في شرق الأردن.
    وأخذ الحسين يسعى لتقليص الخلافات بينه وبين البريطانيين من جهة وبينه وبين ابن سعود من جهة أخرى. غير أن العداء بينه وبين ابن سعود كان عميقاً وقديماً ومتجذراً بينما كانت بريطانيا تطالبه بالكثير وتسعى علناً لاحتوائه، وكان حزنه كبيراً للنتائج التي أسفر عنها مؤتمر سان ريمو الذي وافق أن تفرض بريطانيا انتدابها على فلسطين والعراق، وعرضت بريطانيا عليه عقد اتفاقية حماية وأن تواصل تقديم المساعدات للحجاز شريطة اعترافه بالصهيونية، وقد وصف جورج أنطونيوس مشاعر الحسين بهذا الصدد بعد أن خذله حلفاء الأمس.
    وفي عام 1923 وصيف 1924 استمرت المفاوضات. وكان الحسين يؤكد خلال ذلك بأنه لم يعلن الثورة على الأتراك رغبة في منصب، وأن هجرة اليهود إلى فلسطين ستؤدي في النهاية إلى قيام دولة يهودية لا يمكن أن يقبل بها العرب.
    وفي شهر آب (أغسطس) 1924 كتب الحسين بن علي إلى رئيس وزراء بريطانيا يطالبه بتنفيذ الوعود والعهود التي قطعتها بريطانيا على نفسها له خلال الحرب لكنه لم يتلق أي جواب خطي بل تلقى جواباً من نوع آخر وهو أن الوهابيين بدأوا بالزحف على الحجاز. فاتصل مع رئيس الوزراء البريطاني مرة أخرى وطلب المساعدة غير أن البريطانيين في ذلك الوقت أصبحوا يعتبرونه مصدر إزعاج، ويقول جورج أنطونيوس(11) أن المسؤولين البريطانيين بدأوا يتندرون عليه. وقد ردت الخارجية البريطانية على طلبه المساعدة ضد ابن سعود بأن الخلاف بينه وبين الوهابيين خلاف ديني وأن بريطانيا لا تستطيع التدخل إلا إذا طلب الطرفان منها ذلك على أساس التحكيم. وكانت بريطانيا تعترف أن ابن سعود سيرفض التحكيم لسبب بسيط وهو أن قواته أقوى وأفضل تسليحاً وبالتالي فإن انتصاره مؤكد.
    وفي الثالث عشر من تشرين الأول 1924 دخلت القوات الوهابية إلى مكة واضطر الحسين للتنازل عن منصبه لابنه الأكبر علي الذي استطاع الاحتفاظ بميناء جدة زهاء سنة بينما استغل ابن سعود الفرصة لمراسلة مسلمي الهند والتأكيد لهم بأنه لم يرتكب مذبحة في مكة وأنه لا ينوي تدمير المقدسات وأن الوهابيين سيسمحون للمسلمين من كافة المذاهب بالحج إلى بيت الله… كان الملك علي آنذاك يحكم جدة والمدينة المنورة وينبع ولم يكن لديه أية موارد ووضعه العسكري يزداد ضعفاً يوماً بعد يوم. وفي الشتاء التالي أي في 18 كانون الأول 1925 استدعى القناصل الأجانب وأعلن لهم انسحابه. وفي الثاني والعشرين من الشهر المذكور حملته باخرة بريطانية إلى ميناء البصرة في العراق فانطلق من هناك إلى بلاط شقيقه الملك فيصل في بغداد.
    ودخلت القوات الوهابية إلى جدة والمدينة وينبع وبدأ ابن سعود يصدر البيانات والتصريحات لطمأنة العالم الإسلامي عامة والحجازيين خاصة ودعا إلى عقد مؤتمر إسلامي لاختيار شريف جديد لكنه في النهاية حكم الحجاز بنفسه وهو الهدف الذي كان يسعى إليه منذ البداية.
    ومرض الحسين بن علي في منفاه في جزيرة قبرص وعاد إلى عمان مريضاً حزيناً ليتوفى فيها في الرابع من حزيران 1931(12) وفي الرابع عشر من شباط 1935 توفي ابنه (علي) في بغداد.
    وكانت خطة مراسم الجنازة تستدعي حمل جثمان الملك علي من قصره على ضفة نهر دجلة في زورق يسير في النهر حتى وسط بغداد ومن هناك يحمل إلى المقابر الملكية في الأعظمية. واصطف الجنود على ضفتي النهر بينما شقت السفن طريقها في دجلة مجللة بالسواد واصطف مئات آلاف الناس على جانبي النهر يكفكفون دموعهم عندما هبت على نحو مفاجئ رياح عاتية تبعتها أمطار غزيرة اضطرت الناس للبحث عن مأوى ورغم ذلك استمرت مراسم جنازة آخر سدنة مكة الهاشميين حتى دفنه وشارك في الجنازة الأمير عبد الله أمير شرقي الأردن والملك غازي والأمير عبد الإله ابن علي(13) وكان بالإمكان سماع عويل آلاف النساء.


    (1) صدرت الطبعة الأولى من الكتاب في الأربعينيات.

    (2) (مكة) الجزء الأول صفحة 177.

    (3) انظر: ج. ستيت (أمير من الجزيرة العربية) الناشر ألين وأونوين 1947.

    (4) أي في الأربعينيات.

    (5) أ.ج.ب وافل (الحج الحديث في مكة) صفحة 209.

    (6) يبدو أن الأمر اختلط على المؤلف فقد انتقلت راية الرسول (صلعم) إلى الأستانة منذ زمن بعيد وكان سلاطين آل عثمان يخرجونها من صندوقها الذهبي وسط مراسم عندما تعلن العاهلية الحرب. وما زالت الراية ضمن الأمانات المقدسة في متحف طوب قابي في استانبول.

    (7) لم يكن الهدف من تأليف هذا الكتاب شرح العمليات العسكرية التي اضطلعت بها القوات العربية سواء في الحجاز أو سورية. لذلك يلاحظ القارئ بلا ريب أن المؤلف يلجأ إلى التلخيص الشديد في كل ما يتعلق بالعمليات العسكرية.

    (Cool ترجمة مختصرة عن (يقظة العرب) جورج أنطونيوس ومن يشأ التوسع في ذلك فليراجع مؤلفات المؤرخ الأردني الأستاذ سليمان موسى الذي تعتبر مؤلفاته من أهم المراجع في كل ما يتعلق بالثورة العربية الكبرى.

    (9) جورج أنطونيوس (اليقظة العربية).

    (10) شيخ الكويت من أسرة الصباح التي ما زالت تحكم الكويت.

    (11) يقظة العرب.

    (12) انظر عدد صحيفة التايمز 5/6/1931 حيث وصف مندوبها الجنازة بالتفصيل ودفن الحسين بن علي في القدس (الحرم الشريف) بوجود ثلاثة من أبنائه وهم: علي وعبد الله وزيد.

    (13) ذكرت صحيفة التايمز في عددها الصادر 15/2/1935 أن مراسم الجنازة تمت وسط عاصفة رملية شديدة لم يشهدها العراقيون منذ عشرات السنين.


    نهاية الكتاب
    الشريف أمير أبوهاشم
    الشريف أمير أبوهاشم
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 788
    البلد : مصر
    العمل : موظف
    الهوايات : الشعر والفروسية
    تقييم القراء : 7
    النشاط : 6705
    تاريخ التسجيل : 14/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف أمير أبوهاشم الأربعاء 3 يونيو - 17:24

    بارك الله فيك يا شريف أبووائل

    وعلي فكرة في صور قديمة وجميلة جداً لمكة المكرمة وودت أن اعملها لك هديه لهذا الموضوع ولاكن للأسف موش عاوزة تنزل للمنتدي او ممكن أنا موش عارف انزلها المنتدي .

    تقديري واحترامي
    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي الخميس 4 يونيو - 4:34

    شكرا لك أخي الفاضل الشريف أمير أبو هاشم ,,,

    وعلى هذا الرابط طريقة تحميل الصور من المنتدى ,,,

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

    وفي إنتظار هديتك القيمة ,,,
    الشريف أمير أبوهاشم
    الشريف أمير أبوهاشم
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 788
    البلد : مصر
    العمل : موظف
    الهوايات : الشعر والفروسية
    تقييم القراء : 7
    النشاط : 6705
    تاريخ التسجيل : 14/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف أمير أبوهاشم السبت 6 يونيو - 13:01

    والله بحاول ياشريف ابو وائل انزل الصور ولاكن لا ادري لماذا يتم رفض النزول إلي الموقع وما أدري العطل في الجهاز ولا في إمكنياتي يا شريف هههههه

    عموماً ربنا يسترها معانا ونستر معاك يا شريف أبو وائل

    تقديري واحترامي
    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي السبت 6 يونيو - 23:56

    شكرا لك أخي الكريم الشريف أمير أبو هاشم ,,,

    فقد وصلت مجموعة الصور التاريخية القديمة للحرم المكي الشريف على البريد ,,,

    فجزاك الله خيرا ,, مع خالص التقدير ,,,
    الشريف أمير أبوهاشم
    الشريف أمير أبوهاشم
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 788
    البلد : مصر
    العمل : موظف
    الهوايات : الشعر والفروسية
    تقييم القراء : 7
    النشاط : 6705
    تاريخ التسجيل : 14/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف أمير أبوهاشم الأحد 7 يونيو - 7:58

    الحمد لله الذي هدانا لهذا ما كنا لنهتدي إلا أن هدانا الله


    عسي أن تكون نالت إعجابكم الصور القديمة للحرم المكي وصور الطوفان الذي وصل الماء في عامه حتي باب الكعبة كما هو واضح في الصور يا شريف أبووائل وإنشاء الله تعرضوها في المنتدي
    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي الأحد 7 يونيو - 22:37

    الشريف أمير أبوهاشم كتب:الحمد لله الذي هدانا لهذا ما كنا لنهتدي إلا أن هدانا الله


    عسي أن تكون نالت إعجابكم الصور القديمة للحرم المكي وصور الطوفان الذي وصل الماء في عامه حتي باب الكعبة كما هو واضح في الصور يا شريف أبووائل وإنشاء الله تعرضوها في المنتدي

    الصور نادرة وتاريخية

    فجزاك الله خيرا اخي الشريف امير أبو هاشم

    وإن شاء الله يتم عرضها قريبا

    مع خالص التقدير
    الشريف أمير أبوهاشم
    الشريف أمير أبوهاشم
    عضو فعال
    عضو فعال


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 788
    البلد : مصر
    العمل : موظف
    الهوايات : الشعر والفروسية
    تقييم القراء : 7
    النشاط : 6705
    تاريخ التسجيل : 14/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف أمير أبوهاشم الإثنين 22 يونيو - 10:43

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img265/5116/tn1.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img197/2870/tn3r.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img265/6999/tn1s.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img5/4523/tn1v.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img526/8862/tn2z.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img5/5151/tn1p.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img151/3198/tn2c.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img23/5598/tn1nzk.jpg]
    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img23/2426/tn2b.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img189/488/tn1f.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img20/1981/tn3d.jpg]

    [img=https://2img.net/r/ihimizer/img26/4122/tn4u.jpg]


    هذه هي هديتك يا أبووائل
    avatar
    الشريف مجدي الصفتي

    المدير العام


    المدير العام


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 2853
    البلد : مصر - الأسكندرية
    الهوايات : القراءة والبحث
    تقييم القراء : 42
    النشاط : 10125
    تاريخ التسجيل : 11/07/2008

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف الشريف مجدي الصفتي الإثنين 22 يونيو - 16:59

    شكرا جزيلا لك أخي الشريف امير على هديتك القيمة الرائعة

    مع وافر التقدير والآحترام ,,,
    avatar
    safa
    عضو جديد
    عضو جديد


    علم الدولة : مصر
    عدد الرسائل : 1
    البلد : egypt
    تقييم القراء : 3
    النشاط : 5140
    تاريخ التسجيل : 14/04/2010

    كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها - صفحة 2 Empty رد: كتاب تاريخ مكة المكرمة وحكامها

    مُساهمة من طرف safa الثلاثاء 29 يونيو - 9:32

    السلام عليكم
    انا اريد كتاب عن محمد جلبى العباسى
    وانا من عائلة العباسى عن طريق جدتى ام ابى
    وهذا ايميلى

    ( يمنع كتابة الاميل داخل المشاركات - الادارة

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 7 مايو - 21:51