وقال الإمام أحمد بن حجر الهيتمي في كتابه : [ الفتاوى الحديثية صـ 436 – 440 ] :
[ وأما التوحيد بالأحوال الشهودية والمواجيد العرفانية فهو حال أئمة التصوف الذين أتحفهم الله بما لم يتحف به أحدا سواهم .
لأن أهل ذلك العلم ليس لهم من الحضور مع الحق وآثار شهود صفاته وحقائق تجلياته في جميع أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم ما لأئمة الصوفية الغارقين في بحار شهود التوحيد , الواقفين مع الله تعالى على قدم الصدق والتجريد والمتخلين عما سواه على غاية الكمال والتفريد .
فتوحيدهم هو الذي عليه المعول وحالهم هو الحال الأكمل الذي ليس لهم عنه محول بل هم دائما في ظله الظليل , لابراح لهم عن الحضرة الشهودية , ولا شاغل لهم عن استجلاء الحقائق الوجودية ليتعرفوا بها حكم الأقضية وحقائق القدرة وآثار صفات الجلال والجمال .... وقد شرح محققو الصوفية توحيدهم الذي اختصوا به بعبارات مختلفة هي في الحقيقة مؤتلفة , من أحسنها قول إمام العلوم الظاهرة والباطنة المجمع على جلالته وإمامته في الطريقين أبي القاسم القشيري قدس الله سره وروحه ونور ضريحه فارقا بين توحيد الصوفية وتوحيد غيرهم : توحيد العبد لربه على مراتب :
توحيد له بالقول والوصف بأن يخبر عن وحدانيته .
وتوحيد به بالعلم وهو أن يعلمه بالبرهان على وحدانيته .
وتوحيد له بالمعرفة وهو أن يعرفه بالبيان كما علمه بالبرهان , والبيان أجلى له من البرهان ففي حال معرفته بالبيان لا يفتقر إلى نظره ولا إلى تذكر نظره , وليس بضروري علمه , ولكنه كالضروري في أنه أقوى حالا مما كان وقد تسمى هذه الحالة الإلهام .
وإنما يصح ذلك إذا ترقى إلى هذه الصفة عن العلم البرهاني بقوة الحال ثم توحيد من حيث الحال يشهده واحدا , وحال الشهود ليس له الرؤية ولكنه كالرؤية كما قال صلى الله عليه وسلم " اعبد الله كأنك تراه " وهذه هي حالة المشاهدة التي أشار إليها القوم بتوالي التجلي على قلبه فصار كالعيان في حاله ومن أهل التوحيد من يشهد له الحادثات بجملتها بالله تعالى بظهورها فيشهدها به سبحانه تجري عليها أحكامه وتظهر فيها أحكامه .
ومن أهل التوحيد من يوحد من حيث التنزيه فهؤلاء قالوا :
الحق وراء ما أدركه الخلق بأفواههم , وأحاطوا به بعلومهم , وأشرفوا عليه بمعارفهم قالوا :وكل من كوشف بشيء فعلى قدر قوته وضعفه قالوا : والقوم الذين كوشفوا بالحقيقة أو شاهدوا الحق واحتفظوا بشواهدهم عن شهود الحق أو استمسكوا في عين الجمع , أو ليس يشهدون إلا الحق أو ليس يخشون إلا الحق , أو هم محوا في حق الحق , أو مصطلمون فيه بسلطان الحقيقة أو تجلى لهم الحق بجلال الحق , وغير هذا إلى آخر ما عبر عنه معبر أو أخبر عنه مخبر أو أشار إليه مشير , أو أدركه فهم أو انتهى إليه علم أو حصره بالتفصيل ذكر , فهم شواهد الحق , وهو حق من الحق , ولكنه ليس بحقيقة الحق , فإن الحق منزه عن الإدراك والإحاطة والإشراق .
قالوا : وكل ما يدل على خلق أو جار على الخلق فذلك مما يليق بالخلق والحق مقدس عن جميع ذلك انتهى حاصل كلام القشيري .
وهو لا سيما آخره أوضح عاضد وأقوى شاهد , على حقيقة توحيد القوم السالمين من المحذور واللوم , وعلى أنه الغاية القصوى في التوحيد والحقيقة العليا في المعرفة والتنزيه والتمجيد فشرفهم بذلك .
وإياك أن تقع في ورطة الاعتراض عليهم فتتسابق أسهم القواطع إليك فإنهم براء من ذلك منزهون عنه , إذ هم أكمل الخلق عقلا ومعرفة فكيف يتوهمون ما هو بديهي البطلان .
.... وإنما الذي ينبغي أن يعتنى بتحقيقه وتحريره وحفظه وتقريره هو أن ما وقع في كلمات بعض المتقدمين والمتأخرين من أئمة الصوفية مما يوهم حلولا واتحادا ليس مرادهم ذلك بالنسبة لأحوالهم واصطلاحهم , ومن ثم قال العلامة المحقق زمام المتأخرين في العلوم الحكمية والنقلية السعد التفتازاني :
إن السالك إذا انتهى سلوكه إلى الله تعالى أي إلى مرتبة من قربه وشهوده , وفي الله تعالى أي وفي بلوغ رضاه وما يؤمله من حضرته العلية يستغرق في بحار التوحيد والعرفان بحيث تضمحل أي باعتبار الشهود لا الحقيقة ذاته في ذاته وصفاته في صفاته ويغيب عن كل ما سواه , ولا يرى في الوجود إلا الله تعالى .
قال : وهذا هو الذي يسمونه الفناء في التوحيد , وإليه يشير الحديث الإلهي " لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها " الحديث , وحينئذ ربما يصدر عن الولي عبارات تشعر بالحلول أو الاتحاد لقصور العبارة عن بيان تلك الحال وبعد الكشف عنها بالمثال .
قال : ونحن على ساحل التمني نغترف من بحر التوحيد بقدر الإمكان , ونعترف أن طريق الفناء فيه العيان دون البرهان .
قال : وهنا مذهب ثان يوهم ذلك وليس منه أيضا وهو أن الواجب هو الوجود المطلق وهو وحده لا كثرة فيه أصلا , وإنما الكثرة في الإضافات والتعيينات التي هي بمنزلة الخيال والسراب إذ الكل في الحقيقة واحد يتكرر على مظاهر لا بطريق المخالطة ويتكثر في البواطن لا بطريق الانقسام فلا حلول هنا ولا اتحاد لعدم الإثنينية والغيرية . انتهى كلام السعد رحمه الله تعالى .
وبه يعلم أن ما يقع من كلمات القوم لاسيما ابن عربي وابن الفارض وأتباعهما رحمهم الله تعالى ونفع بهم في حضرات التوحيد منزل على ما ذكره السعد رحمه الله .
.... فاحذر من الإنكار فإنه يوقع المنكر في العثار , وكن محسن الاعتقاد على غاية من الازياد فإن المنكر محروم , والمتعنت مذموم , والحق أحق أن يتبع والباطل عن هؤلاء الأئمة قد اندفع , أدخلنا الله تحت ألويتهم الطاهرة من الريب الظاهرة على سائر الرتب فإنا نعتقدهم ونحبهم ومن أحب قوما فهو يحشر معهم ] . اهـ مختصرا
[ وأما التوحيد بالأحوال الشهودية والمواجيد العرفانية فهو حال أئمة التصوف الذين أتحفهم الله بما لم يتحف به أحدا سواهم .
لأن أهل ذلك العلم ليس لهم من الحضور مع الحق وآثار شهود صفاته وحقائق تجلياته في جميع أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم ما لأئمة الصوفية الغارقين في بحار شهود التوحيد , الواقفين مع الله تعالى على قدم الصدق والتجريد والمتخلين عما سواه على غاية الكمال والتفريد .
فتوحيدهم هو الذي عليه المعول وحالهم هو الحال الأكمل الذي ليس لهم عنه محول بل هم دائما في ظله الظليل , لابراح لهم عن الحضرة الشهودية , ولا شاغل لهم عن استجلاء الحقائق الوجودية ليتعرفوا بها حكم الأقضية وحقائق القدرة وآثار صفات الجلال والجمال .... وقد شرح محققو الصوفية توحيدهم الذي اختصوا به بعبارات مختلفة هي في الحقيقة مؤتلفة , من أحسنها قول إمام العلوم الظاهرة والباطنة المجمع على جلالته وإمامته في الطريقين أبي القاسم القشيري قدس الله سره وروحه ونور ضريحه فارقا بين توحيد الصوفية وتوحيد غيرهم : توحيد العبد لربه على مراتب :
توحيد له بالقول والوصف بأن يخبر عن وحدانيته .
وتوحيد به بالعلم وهو أن يعلمه بالبرهان على وحدانيته .
وتوحيد له بالمعرفة وهو أن يعرفه بالبيان كما علمه بالبرهان , والبيان أجلى له من البرهان ففي حال معرفته بالبيان لا يفتقر إلى نظره ولا إلى تذكر نظره , وليس بضروري علمه , ولكنه كالضروري في أنه أقوى حالا مما كان وقد تسمى هذه الحالة الإلهام .
وإنما يصح ذلك إذا ترقى إلى هذه الصفة عن العلم البرهاني بقوة الحال ثم توحيد من حيث الحال يشهده واحدا , وحال الشهود ليس له الرؤية ولكنه كالرؤية كما قال صلى الله عليه وسلم " اعبد الله كأنك تراه " وهذه هي حالة المشاهدة التي أشار إليها القوم بتوالي التجلي على قلبه فصار كالعيان في حاله ومن أهل التوحيد من يشهد له الحادثات بجملتها بالله تعالى بظهورها فيشهدها به سبحانه تجري عليها أحكامه وتظهر فيها أحكامه .
ومن أهل التوحيد من يوحد من حيث التنزيه فهؤلاء قالوا :
الحق وراء ما أدركه الخلق بأفواههم , وأحاطوا به بعلومهم , وأشرفوا عليه بمعارفهم قالوا :وكل من كوشف بشيء فعلى قدر قوته وضعفه قالوا : والقوم الذين كوشفوا بالحقيقة أو شاهدوا الحق واحتفظوا بشواهدهم عن شهود الحق أو استمسكوا في عين الجمع , أو ليس يشهدون إلا الحق أو ليس يخشون إلا الحق , أو هم محوا في حق الحق , أو مصطلمون فيه بسلطان الحقيقة أو تجلى لهم الحق بجلال الحق , وغير هذا إلى آخر ما عبر عنه معبر أو أخبر عنه مخبر أو أشار إليه مشير , أو أدركه فهم أو انتهى إليه علم أو حصره بالتفصيل ذكر , فهم شواهد الحق , وهو حق من الحق , ولكنه ليس بحقيقة الحق , فإن الحق منزه عن الإدراك والإحاطة والإشراق .
قالوا : وكل ما يدل على خلق أو جار على الخلق فذلك مما يليق بالخلق والحق مقدس عن جميع ذلك انتهى حاصل كلام القشيري .
وهو لا سيما آخره أوضح عاضد وأقوى شاهد , على حقيقة توحيد القوم السالمين من المحذور واللوم , وعلى أنه الغاية القصوى في التوحيد والحقيقة العليا في المعرفة والتنزيه والتمجيد فشرفهم بذلك .
وإياك أن تقع في ورطة الاعتراض عليهم فتتسابق أسهم القواطع إليك فإنهم براء من ذلك منزهون عنه , إذ هم أكمل الخلق عقلا ومعرفة فكيف يتوهمون ما هو بديهي البطلان .
.... وإنما الذي ينبغي أن يعتنى بتحقيقه وتحريره وحفظه وتقريره هو أن ما وقع في كلمات بعض المتقدمين والمتأخرين من أئمة الصوفية مما يوهم حلولا واتحادا ليس مرادهم ذلك بالنسبة لأحوالهم واصطلاحهم , ومن ثم قال العلامة المحقق زمام المتأخرين في العلوم الحكمية والنقلية السعد التفتازاني :
إن السالك إذا انتهى سلوكه إلى الله تعالى أي إلى مرتبة من قربه وشهوده , وفي الله تعالى أي وفي بلوغ رضاه وما يؤمله من حضرته العلية يستغرق في بحار التوحيد والعرفان بحيث تضمحل أي باعتبار الشهود لا الحقيقة ذاته في ذاته وصفاته في صفاته ويغيب عن كل ما سواه , ولا يرى في الوجود إلا الله تعالى .
قال : وهذا هو الذي يسمونه الفناء في التوحيد , وإليه يشير الحديث الإلهي " لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها " الحديث , وحينئذ ربما يصدر عن الولي عبارات تشعر بالحلول أو الاتحاد لقصور العبارة عن بيان تلك الحال وبعد الكشف عنها بالمثال .
قال : ونحن على ساحل التمني نغترف من بحر التوحيد بقدر الإمكان , ونعترف أن طريق الفناء فيه العيان دون البرهان .
قال : وهنا مذهب ثان يوهم ذلك وليس منه أيضا وهو أن الواجب هو الوجود المطلق وهو وحده لا كثرة فيه أصلا , وإنما الكثرة في الإضافات والتعيينات التي هي بمنزلة الخيال والسراب إذ الكل في الحقيقة واحد يتكرر على مظاهر لا بطريق المخالطة ويتكثر في البواطن لا بطريق الانقسام فلا حلول هنا ولا اتحاد لعدم الإثنينية والغيرية . انتهى كلام السعد رحمه الله تعالى .
وبه يعلم أن ما يقع من كلمات القوم لاسيما ابن عربي وابن الفارض وأتباعهما رحمهم الله تعالى ونفع بهم في حضرات التوحيد منزل على ما ذكره السعد رحمه الله .
.... فاحذر من الإنكار فإنه يوقع المنكر في العثار , وكن محسن الاعتقاد على غاية من الازياد فإن المنكر محروم , والمتعنت مذموم , والحق أحق أن يتبع والباطل عن هؤلاء الأئمة قد اندفع , أدخلنا الله تحت ألويتهم الطاهرة من الريب الظاهرة على سائر الرتب فإنا نعتقدهم ونحبهم ومن أحب قوما فهو يحشر معهم ] . اهـ مختصرا
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر