دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

دارة السادة الأشراف

مرحبا بك عزيزي الزائر
ندعوك أن تدخل المنتدى معنا
وإن لم يكن لديك حساب بعد
نتشرف بدعوتك لإنشائه
ونتشرف بدعوتك لزيارة الموقع الرسمي لدارة السادة الأشراف على الرابط :
www.dartalashraf.com

دارة السادة الأشراف

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أنساب , مشجرات , مخطوطات , وثائق , صور , تاريخ , تراجم , تعارف , دراسات وأبحاث , مواضيع متنوعة

Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
مسلمات قدوة لجميع النساء 79880579.th
مسلمات قدوة لجميع النساء 78778160
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
مسلمات قدوة لجميع النساء 16476868
Image Hosted by ImageShack.us
Image Hosted by ImageShack.us
مسلمات قدوة لجميع النساء 23846992
مسلمات قدوة لجميع النساء 83744915
مسلمات قدوة لجميع النساء 58918085
مسلمات قدوة لجميع النساء 99905655
مسلمات قدوة لجميع النساء 16590839.th
مسلمات قدوة لجميع النساء Resizedk
مسلمات قدوة لجميع النساء 20438121565191555713566

    مسلمات قدوة لجميع النساء

    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:46

    صاحبة الرأى والمشورة




    ( أم سلمة )

    فى يوم الحديبية دخل رسول اللَّه عليها، يشكو إليها عدم إجابة المسلمين لمطلبه حين أمرهم بالنحر والحلق. فقالت - رضى اللَّه عنها - للنبى : يا رسول اللَّه! اخرج فلا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك، وتدعو حالقك فيحلقك، ففعل النبي ذلك بعد أن استصوب رأى أم سلمة، عندها قام الناس فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمَّا.
    إنها أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبى أمامة بن المغيرة، وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة من بنى فراس، وكان أبوها يعرف بلقبه (زاد الراكب)؛ لأنه كان جوادًا، فكان إذا سافر لا يترك أحدًا يرافقه ومعه زاد إلا وحمله عنه. وكانت أم سلمة -رضى الله عنها- أكبر زوجات النبي .
    عندما علم المسلمون المهاجرون إلى الحبشة بدخول عمر بن الخطاب، وحمزة بن عبد المطلب في الإسلام ازداد حنينهم لمكة وللرسول ، فعادت أم سلمة وزوجها عبد اللَّه بن عبد الأسد -الصحابى الجليل وصاحب الهجرتين وابن عمة رسول اللَّه - الذي استجار بأبى طالب بن عبد المطلب فأجاره، لكن أبا طالب لم يلبث أن فارق الحياة، فاشتدت العداوة بين قريش والمسلمين، وأمر النبي أصحابه حينئذ بالهجرة إلى يثرب.
    تقول أم سلمة في هذا: إنه لما أراد أبو سلمة الخروج إلى المدينة، أعد لى بعيرًا، ثم حملنى عليه، وحمل معى ابنى سلمة في حجري، ثم خرج يقود بى بعيره.
    فلما رأته رجال بنى المغيرة، قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه، عَلام نتركك تسير بها في البلاد؟! فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذونى منه عنوة. وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد - قوم أبى سلمة - فقالوا: لا واللَّه لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابنى سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق بنوأسد، وحبسنى بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجى أبو سلمة إلى المدينة فَفُرِّق بينى وبين زوجى وبين ابني، فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما زلت أبكى حتى مضت سنة أو نحوها.
    فَمَرَّ بى رجل من بنى عمى - أحد بنى المغيرة - فَرأى مابي، فرحمني. فقال لبنى المغيرة: ألا تُخْرِجون هذه المسكينة؟! فَرَّقْتُم بينها وبين زوجها وبين ابنها. ومازال بهم حتى قالوا: الحقى بزوجك إن شئت. وردّ على بنو عبد الأسد عند ذلك ابني، فرحلت ببعيرى ووضعت ابنى في حجرى ثم خرجت أريد زوجى بالمدينة، ومامعى أحد من خلق اللَّه.
    حتى إذا كنت بالتنعيم - مكان على فرسخين من مكة - لقيت عثمان بن طلحة، فقال: إلى أين يا بنت أبى أمية؟ قلت: أريد زوجى بالمدينة. فقال: هل معك أحد؟ فقلت: لا واللَّه، إلا الله وابنى هذا. فقال: واللَّه مالك من مَتْرَك. وأخذ بخطام البعير فانطلق معى يقودني، فواللَّه ما صحبت رجلا من العرب أراه كان أكرم منه ؛ إذا نزل المنزل أناخ بى ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيرى فقدمه ورحله، ثم استأخر عنى وقال: اركبي. فإذا ركبت واستويت على بعيري، أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي.
    فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بى المدينة. فلما نظر إلى قرية بنى عمرو بن عوف بقباء - وكان بها منزل أبى سلمة في مهاجره - قال: إن زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة اللَّه. ثم انصرف راجعًا إلى مكة.
    فكانت أم سلمة بذلك أول ظعينة (مهاجرة) دخلت المدينة، كما كان زوجها أبو سلمة أول من هاجر إلى يثرب من أصحاب النبي ، كما كانا أولَ مهاجِرَيْنِ إلى الحبشة.
    وفى المدينة عكفت أم سلمة - رضى اللَّه عنها - على تربية أولادها الصغار ؛ سلمة وعمر وزينب ودرة. وجاهد زوجها في سبيل اللَّه، فشهد مع النبي بدرًا وأحدًا، واستعمله على المدينة إبّان غزوة العشيرة ؛ نظرًا لإخلاصه وحسن بلائه، وجعله أميرًا -مرة- على سرية، وكان معه مائة وخمسون رجلا منهم "أبو عبيدة بن الجراح"؛ وذلك عندما بلغ النبي أن بنى أسد يُعِدُّون لمهاجمته في المدينة. فعاد أبو سلمة مظفرًا، لكن جرحه الذي أصيب به يوم أحد انتكأ بصورة شديدة أودت بحياته، فمات شهيدًا.
    فقالت له أم سلمة يومًا: بلغنى أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة، ثم لم تتزوج بعده، إلا جمع اللَّه بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقى الرجل بعدها.. فتعال أعاهدك ألا تتزوج بعدي، وألا أتزوج بعدك. قال: فـإذا مت فتزوجي، ثم قال: اللهمَّ ارزق "أم سلمة" بعدى رجلا خيرًا منى لا يحزنها ولا يؤذيها.[ابن سعد]. فلما انتهت عدتها من وفاة زوجها -رضى اللَّه عنه- تقدم أبو بكر، ثم عمر -رضى اللَّه عنهما- ليخطباها ولكنها ردتهما ردًّا جميلاً.
    وكان رسول اللَّه يواسيها ويخفف عنها لما توفى زوجها، ويقول لها: "قولي: اللهم اغفر لنا وله، وأعقبنى منه عقبى صالحة" [أحمد ومسلم وأبو داود].
    ومرت الأيام، وأراد رسول اللَّه أن يتزوجها، فأرسل حاطبَ بن أبى بلتعة يخطِبها له. فقالت السيدة أم سلمة: مرحبًا برسول اللَّه وبرسله، أخبر رسول اللَّه أنى امرأة غَيْرَى (شديدة الغيرة)، وأنى مُصْبِيَة (عندى صبيان)، وأنه ليس أحد من أوليائى شاهدًا. فبعث إليها رسول اللَّه ( يقول: "أما قولك: إنك امرأة مصبية، فالله يكفيك صبيانك (وفى رواية: أما أيتامك فعلى اللَّه ورسوله)، وأما قولك: إنك غَيْري، فسأدعو اللَّه أن يذهب غيرتك، وأمـا الأوليـاء، فليـس منهم شاهـد ولا غائـب إلا سيرضى بي" [ابن سعد].
    فلما وصلها جواب رسول اللَّه ( فرحت به، ووافقت على الزواج منه؛ فتزوجها ونزلت أم سلمة من نفس النبي منزلا حسنًا؛ فكان إذا صلى العصر دخل على أزواجه مبتدئًا بأم سلمة ومنتهيًا بعائشة؛ رضى اللَّه عنهن أجمعين.
    وقد شهدت أم سلمة -رضى الله عنها- مع رسول الله فتح خيبر، وفتح مكة وصحبته في حصار الطائف، وفى غزوة هوازن وثقيف، وكانت معه في حجة الوداع.
    وظلت السيدة أم سلمة تنعم بالعيش مع رسول الله حتى لحق بالرفيق الأعلى.
    وتعد السيدة أم سلمة - رضوان اللَّه عليها - من فقهاء الصحابة.
    رُوِى عنها 387 حديثًا، وأُخرج لها منها في الصحيحين 29 حديثًا، والمتفق عليه منها 13 حديثًا، وقد روى عنها الكثيرون.
    وامتد عمرها فكانت آخر من تُوُفِّى من نساء النبي ، وكان ذلك في شهر ذى القعدة سنة 59 للهجرة، وقد تجاوزت الثمانين عامًا
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:47

    صاحبة سر رسول الله




    ( حفصة بنت عمر )

    لما فرغ زيد بن ثابت -رضى اللَّه عنه- من جمع القرآن بأمر من أبى بكر- رضى اللَّه عنه-، كانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبى بكر، حتى توفاه اللَّه، ثم عند عمر حتى توفاه اللَّه، ثم عند حفصة بنت عمر -رضى اللَّه عنها - ثم أخذها عثمان -رضى اللَّه عنه- فنسخها، ثم ردها إليها فكانت في حوزتها إلى أن ماتت.
    وُلدت السيدة حفصة قبل بعثة النبي بخمس سنين، في بيت شريف كريم، فأبوها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- وأمها السيدة زينب بنت مظعون بن حبيب.
    أسلمتْ حفصة مبكرًا هي وزوجها خُنيس بن حذافة السهمى القرشي، وهاجرت معه إلى الحبشة فرارًا بدينهما، ثم إلى المدينة بعد أن بدأت الدعوة في الانتشار، وشهد زوجها بدرًا، ومات في غزوة أحد بعد جرح أصابه، وترك حفصة شابة لم تتجاوز عامها الحادى والعشرين . وبعد أن انقضت عدتها ذكرها عمر عند عثمان بن عفان، ثم أبى بكر، فلم يردا عليه بالقبول، فجاء عمر إلى النبي يشكو إليه إعراض أبى بكر وعثمان عن ابنته حفصة، فقال: "يتزوج حفصةَ من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمانُ من هي خيرٌ من حفصة" . ثم خطبها الرسول من عمر، فتزوجها فلقى أبوبكر عمر بن الخطاب، فقال له: لا تجد (لا تغضب) على في نفسك ؛ فإن رسول اللَّه كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشى سرَّ رسول اللَّه، ولو تركها لتزوجتها. [ابن سعد].
    وبنى بها النبي ( في شعبان من السنة الثالثة للهجرة، وكان زواج النبي من حفصة ؛ إكرامًا لها ولأبيها وحُبّا فيهما، وذات يوم قالت امرأة عمر له: عجبًا يا بن الخطاب ! ما تريد إلا أن تجادل وابنتك تجادل رسول اللَّه حتى يظل يومه غضبان، فذهب عمر ابن الخطاب من فوره إلى حفصة غضبان يقول لها: يا بنيتى إنى أحذرك عقوبة اللَّه وغضب رسوله. كانت السيدة حفصة -رضى اللَّه عنها- عابدة خاشعة، تقوم الليل، وتصوم النهار، لذا كرمها اللَّه تعالى بفضله وجعلها من نساء النبي في الجنة.
    وشهدت حفصة-رضى اللَّه عنها- انتصارات الإسلام واتساع دولته، وروت 60 حديثًا عن رسول الله .
    توفيت حين بويع الحسن بن على -رضى اللَّه عنهما- وذلك في جمادى الأولى سنة 41 للهجرة، وقيل توفيت سنة 45هـ.
    سُمِّيت بأم المساكين لرحمتها بهم وِرّقتها عليهم ؛ فكانت تطعمهم وتكسوهم، وتقضى حوائجهم، وتقوم على أمرهم.
    تزوجها النبي في السنة الثالثة للهجرة، بعد زواجه من السيدة حفصة - رضى اللَّه عنها - بوقت قصير، وذلك بعد أن استشهد زوجها عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب - ابن عم رسول اللَّه - إثر جرح أصابه يوم بدر، وتركها بلا عائل؛ فرحم النبي وحدتها، وتقدم إليها يخطبها، فجعلت أمرها إليه؛ فتزوجها .
    ذكر المفسرون في قوله تعالي: وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ [الأحزاب: 50]. أنها من بين الواهبات أنفسهن للنبى ، ورسول اللَّه لم يتزوج واحدة من أولئك اللائى وهبن أنفسهن، فإن صح الخبر، تكون أم المساكين -رضى اللَّه عنها- قد أعلنت عن رغبتها في أن تكون زوجة له، فاستجاب الرسول لرغبتها وتزوجها.
    إنها السيدة زينب بنت خزيمة -رضى الله عنها- التي أكرمها اللَّه عز وجل بالزواج من رسوله ، وجعلها في كنفه وإلى جواره، وكفى بها كرامة.
    وكانت السيدة زينب -رضى اللَّه عنها- أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث -رضى اللَّه عنها- من أمها، وقد تزوج النبي السيدة ميمونة سنة سبع من الهجرة لما اعتمر عمرة القضاء، وذلك بعد وفاة أختها السيدة زينب -رضى الله عنها، وهى في الثلاثين من عمرها.
    عاشت السيدة زينب في بيت النبي نحو ثلاثة أشهر، ثم ماتت، ولحقت بالسيدة خديجة بنت خويلد لتكون ثانى زوجات النبي موتًا في حياته - ولم يمت في حياته غيرهما - فقام النبي على أمر جنازتها، وصلى عليها، ودفنها في البقيع، فكانت أول زوجة من زوجاته تدفن في هذا المكان المبارك.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:48

    أم المؤمنين.. الحبيبة




    ( عائشة بنت أبى بكر )

    لما سأل عمرو بن العاص رسول اللَّه عن أحب الناس إليه قال: "عائشة" [متفق عليه].
    وعندما جاءت أم المؤمنين أم سلمة -رضى اللَّه عنها- إلى النبي لتشتكى من أمر يتعلق بعائشة، قال لها النبي : "يا أم سلمة لا تؤذينى في عائشة؛ فإنه -واللَّه- ما نزل على الوحى وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها" [متفق عليه].
    وُلدت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضى اللَّه عنها - قبل الهجرة بحوالى ثمانى سنوات، في بيت عامر بالإيمان، ممتلئ بنور القرآن، فأبوها الصديق أبو بكر صاحب رسول اللَّه ، وثانى اثنين إذ هما في الغار، وأول من آمن من الرجال، وأول خليفة للمسلمين بعد رسول اللَّه ، وأمها السيدة أم رومان بنت عامر، من أشرف بيوت قريش وأعرقها في المكانة.
    وقد شاركت السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- منذ صباها في نصرة الإسلام، فكانت تساعد أختها الكبيرة أسماء في تجهيز الطعام للنبى وأبيها وهما في الغار عند الهجرة.
    وبعد أن استقر مقام المسلمين في مدينة رسول اللَّه أرسل أبو بكر الصديق إلى ابنه عبد اللَّه يطلب منه أن يهاجر بأهل بيته: عائشة، وأسماء، وأم رومان، فاستجاب عبد اللَّه بن أبى بكر ومضى بهم مهاجرًا، وفى الطريق هاج بعير عائشة فصاحت أم رومان: وابنتاه وا عروساه. ولكن اللَّه لطف، وأسرع الجميع إلى البعير ليسكن، وكان في ركب الهجرة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة أم كلثوم بنتا رسول اللَّه وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، ونزلت السيدة عائشة مع أهلها في دار بنى الحارث بن الخزرج، ونزل آل النبي في منزل حارثة بن النعمان.
    وبدأتْ مرحلة جديدة في حياة أم المؤمنين عائشة - رضى اللَّه عنها - فقد تزوجها النبي وهى بنت ست سنين، وبنى بها وهى بنت تسع سنين. [البخاري].
    وكان بيت النبي الذي دخلت فيه أم المؤمنين عائشة -رضى اللَّه عنها- حجرة واحدة من الطوب اللَّبِن - النَّـيِّـئ - والطين ، ملحق بها حجرة من جريد مستورة بالطين، وكان باب حجرة السيدة عائشة مواجهًا للشام، وكان بمصراع واحد من خشب، سقفه منخفض وأثاثه بسيط: سرير من خشبات مشدودة بحبال من ليف عليه وسادة من جلد حَشْوُها ليف، وقربة للماء، وآنية من فخارٍ للطعام والوضوء.
    وفى زواج النبي من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول: قال رسول اللَّه : "أُرِيتُك في المنام مرتين: أرى أنك في سَرقة (قطعة) من حرير، ويقول: هذه امرأتك. فأكشف فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه" [البخارى ومسلم وأحمد]. وانتظر رسول اللَّه فلم يخطب عائشة حتى جاءته خولة زوج صاحبه عثمان بن مظعون ترشحها له.
    أحبت السيدة عائشة النبي حبَّا كبيرًا، ومن فرط هذا الحب كانت فطرتها - مثل النساء - تغلبها فتغار.
    ومرت الأيام بالسيدة عائشة هادئة مستقرة حتى جاءت غزوة بنى المصطلق، فأقرع النبي بين نسائه (أى أجرى القرعة بينهن لتخرج معه واحدة في السفر) وكان من عادته أن يفعل ذلك مع أزواجه إذا خرج لأمر، فخرج سهمها فخرجت معه ، حتى إذا فرغ النبي من غزوته، وعاد المسلمون منتصرين، استراح المسلمون لبعض الوقت في الطريق، فغادرت السيدة عائشة هودجها، فانسلّ عِقدها من جيدها (عنقها)، فأخذت تبحث عنه.. ولما عادت كانت القافلة قد رحلت دون أن يشعر الرَّكْبُ بتخلفها عنه، وظلَّت السيدة عائشة وحيدة في ذلك الطريق المقفر الخالى حتى وجدها أحد المسلمين - وهو الصحابى الجليل صفوان بن المعطل - رضى اللَّه عنه - فركبت بعيره، وسار بها، واللَّه ما كلمها ولاكلمته، حتى ألحقها برسول اللَّه ، إلا أن أعداء اللَّه تلقفوا الخبر ونسجوا حوله الخزعبلات التي تداعت إلى أُذن الرسول ، وأثرت في نفسه، ونزلت كالصاعقة عليه وعلى أبيها"أبى بكر" وأمها "أم رومان" وجميع المسلمين، لكن اللَّه أنزل براءتها من فوق سبع سماوات فنزل في أمرها إحدى عشرة آية؛ لأنه يعلم براءتها وتقواها، فقال تعالي: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].
    وتقول السيدة عائشة لما علمت بحديث الإفك: وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندى أبواى وقد بكيت ليلتى ويومًا، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندى وأنا أبكى استأذنتْ امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها، فجلست تبكى معي، فبينما نحن كذلك إذ دخل رسول اللَّه ، فجلس - ولم يجلس عندى من يوم قيل في ما قيل قبلها- وقد مكث شهرًا لا يُوحى إليه في شأنى شيء، فتشهَّد، ثم قال: "يا عائشة، فإنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللَّه، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى اللَّه وتوبى إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب اللَّه عليه". فلما قضى رسول الله مقالته، قَلَص دمعى حتى ما أُحِس منه قطرة، وقلتُ لأبي: أجب عنى رسول اللَّه فيما قال. قال: واللَّه لا أدرى ما أقول لرسول اللَّه . فقلت لأمي: أجيبى عنى رسول اللَّه فيما قال. قالت: ما أدرى ما أقول لرسول اللَّه ، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن. إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم ما يُحَدِّثُ به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به، وإن قلتُ لكم إنى بريئة - واللَّه يعلم أنى بريئة - لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر - واللَّه يعلم أنى بريئة - لتصدقني، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلا إلا قول أبى يوسف: فّصّبًرِ جّمٌيلِ $ّاللَّهٍ بًمٍسًتّعّانٍ عّلّي" مّا تّصٌفٍون [يوسف:18]. ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن واللَّه ما ظننتُ أن يُنزِل في شأنى وحيًا، ولأنا أحقر في نفسى من أن يُتكلم بالقرآن في أمري، ولكنى كنت أرجو أن يرى رسول اللَّه في النوم رؤيا تبرئني، فواللَّه ما رام مجلسه، ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أُنزل عليه الوحى فلما سُرِّى عن رسول الله إذا هو يضحك (أى انكشف عنه الوحى ثم ابتسم)، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: "يا عائشة، احمدى الله، فقد برأك اللَّه". فقالت لى أمي: قومى إلى رسول الله (، فقلت: لا واللَّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلا اللَّه، فأنزل اللَّه تعالي: إن الذين جاءوا بالإفك. [البخاري].
    وأراد النبي أن يصالحها فقال لها ذات يوم : "إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على غَضْـبَـي". فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال : "أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر إلا اسمك. [البخاري].
    تلك هي المؤمنة ،لا يخرجها غضبها عن وقارها وأدبها، فلا تخرج منها كلمة نابية، أو لفظة سيئة.
    ولما اجتمعت نساء النبي ومعهن السيدة عائشة لطلب الزيادة في النفقة منه رغم علمهن بحاله، قاطعهن رسول اللَّه تسعة وعشرين يومًا حتى أنزل اللَّه تعالى قوله الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا.وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 28-29]. فقام النبي بتخيير أزواجه فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة إنى ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن تستعجلى حتى تستأمرى أبويك".
    قالت: وقد علم أن أبواى لم يكونا ليأمرانى بفراقه، قالت: ثم قال: "إن اللَّه تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ)[الأحزاب: 82]. حتى بلغ: (لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 29]. فقلت: في هذا أستأمر أبوي؟ فإنى أُريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة. وكذا فعل أزواج النبي جميعًا.
    وعاشت السيدة عائشة مع رسول اللَّه حياة إيمانية يملأ كيانها نور التوحيد وسكينة الإيمان، وقد حازت -رضى اللَّه عنها- علمًا غزيرًا صافيًا من نبع النبوة الذي لا ينضب، جعلها من كبار المحدثين والفقهاء، فرُوى عنها من صحيح الحديث أكثر من ألفين ومائة حديث، فكانت بحرًا زاخرًا في الدين، وخزانة حكمة وتشريع، وكانت مدرسة قائمة بذاتها، حيثما سارت يسير في ركابها العلم والفضل والتقي، فقد ورد عن أبى موسى -رضى اللَّه عنه- قال: ما أُشْكِلَ علينا -أصحاب رسول اللَّه - حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا.
    وكان للسيدة عائشة -رضى الله عنها- علم بالشعر والطب، بالإضافة إلى علمها بالفقه وشرائع الدين.
    وكان عروة بن الزبير -رضى الله عنه- يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشِعْر من عائشة -رضى الله عنها-.
    ومن جميل ما أسدته السيدة عائشة للمسلمين أنها كانت سببًا في نزول آية التيمم، يروى عنها أنها قالت: أقبلنا مع رسول اللَّه حتى إذا كان بِتُرْبان (بلد يبعد عن المدينة عدة أميال وهو بلد لا ماء به) وذلك وقت السحر، انسلت قلادة من عنقى فوقعت، فحبس على رسول اللَّه (أى أمر بالبقاء لالتماسها في الضوء) حتى طلع الفجر، وليس مع القوم ماء، فلقيت من أبى ما اللَّه به عليم من التعنيف والتأفُّف، وقال: في كل سفر للمسلمين يلقون منك عناء وبلاء، فأنزل اللَّه الرخصة في التيمم، فتيمم القوم وصلوا، قالت: يقول أبى حين جاء من اللَّه الرخصة للمسلمين: واللَّه ما علمت يا بنية إنك لمباركة !! ما جعل اللَّه للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر!! وفى رواية قال لها أُسيد بن حضير: جزاك اللَّه خيرًا، فواللَّه ما نزل بك أمر تكرهينه قط إلا جعل اللَّه لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة.
    لم يتزوج رسول اللَّه بكرًا غيرها، فلقد تزوجها بعد أم المؤمنين خديجة وأم المؤمنين سودة بنت زمعة رضى اللَّه عنهن جميعًا-؛ رغبة منه في زيادة أواصر المحبة والصداقة بينه وبين الصدِّيق -رضى اللَّه عنه-. وكانت منزلتها عنده كبيرة، وفاضت روحه الكريمة في حجرها. وعاشت -رضى اللَّه عنها- حتى شهدت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان - رضى اللَّه عنه - وحضرت معركة الجمل، وكانت قد خرجت للإصلاح.
    واشتهرت - رضى اللَّه عنها - بحيائها وورعها، فقد قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول اللَّه وأبى - رضى اللَّه عنه - واضعة ثوبى وأقول إنما هو زوجى وهو أبي، فلما دُفِن عمر - رضى اللَّه عنه - (معهما) واللَّه ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياءً من عمر - رضى اللَّه عنه-.
    وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج النبي حل لهما.
    وكانت -رضى الله عنها- كريمة؛ فيُروى أن "أم درة" كانت تزورها، فقالت: بُعث إلى السيدة عائشة بمال في وعاءين كبيرين من الخيش: ثمانين أو مائة ألف، فَدَعت بطبق وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسم بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك المال درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلُمى إفطاري، فجاءتها بخبز وزيت، فقالت لها أم درة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا لحمًا بدرهم فنفطر به. فقالت: لا تُعنِّفيني، لو كنتِ ذكَّرتينى لفعلت.
    ومن أقوالها :
    * لا تطلبوا ما عند اللَّه من عند غير اللَّه بما يسخط اللَّه.
    * كل شرف دونه لؤم، فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه شرف فالشرف أولى به.
    * إن للَّه خلقًا قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ للجبناء، فأفٍّ للجبناء.
    * أفضل النســـاء التي لا تعرف عـيب المقـــال، ولا تهتـدى لمكر الرجــــال، فارغـة القـلب إلا من الـزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها.
    * التمسوا الرزق في خبايا الأرض.
    * رأت رجـًلا متمـاوتًا فقـالـت: ماهـذا؟ فقـيـل لهـا: زاهــد. قالت: كان عمــر بن الخطــــاب زاهدًا ولكنه كان إذا قال أسمع،وإذا مشى أسرع،وإذا ضرب في ذات اللَّه أوجع.
    * علِّموا أولادكم الشعر تعذُب ألسنتهم.
    هذه هي السيدة عائشة بنت الصديق -رضى اللَّه عنها- حبيبة رسول اللَّه ، والتى بلغت منزلتها عند رسول اللَّه مبلغًا عظيمًا، فقد رضى الله عنها لرضا رسوله عنها، فعن عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله ( يومًا: "يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام". فقلتُ: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته" [متفق عليه].
    وفى ليلة الثلاثاء 17 من رمضان في السنة 57 من الهجرة توفيت أم المؤمنين السيدة عائشة وهى في سن السادسة والستين من عمرها، ودفنت في البقيع، وسارت خلفها الجموع باكية عليها في ليلة مظلمة حزينة، فرضى اللَّه عنها وأرضاها
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:51

    سليلة الأنبياء



    (صفية بنت حيي)

    نصر اللَّه المسلمين على اليهود في خيبر نصرًا كبيرًا، وكانت هي من بين السبايا، قال لها رسول اللَّه : "لم يزل أبوك من أشدّ اليهود لى عداوة حتى قتله اللَّه تعالي.. يا صفية، إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقى بقومك". فقالت: يا رسول اللَّه، إن اللَّه يقول في كتابهSadوَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الزمر: 7 ]. وأنا قد هويتُ الإسلام وصدَّقْتُ بك قبل أن تدعونى حيث صِرْت إلى رَحْلِكْ، ومالى في اليهودية أرَبٌ، ومالى فيها والد ولا أخ، وخيّرتنى الكفر والإسلام، فاللَّه ورسوله أحبّ إلى من العتق وأن أرجع إلى قومي. [ابن سعد].
    فلما همت صفية أن تركب البعير ثنى لها النبي ركبته لتركب، فأجَلَّتْ رسولَ اللَّه أن تضع قدمها على فخذه ؛ فوضعت ركبتها على فخذه فركبت، ثم ركب النبي فألقى عليها الحجاب، ثم سارا مع المسلمين حتى إذا كانا على بُعد ستة أميال من خيبر نُزُلاً مع الجيش منزلاً للراحة، فأراد النبي أن يُعرس بها فأبت صفية، فغضب النبي منها في نفسه، فلما كانا بالصهباء على بعد ستة عشر ميلا من خيبر طاوعته، فقال لها: "ما حملك على إبائك حين أردت المنزل الأول؟" قالت: يا رسول اللَّه خشيت عليك قرب اليهود. فأكرمها النبي على موقفها ذاك وخوفها عليه من اليهود. [ابن سعد].
    تقول السيدة صفية -رضى اللَّه عنها-: دخل على رسول اللَّه وقد بلغنى عن عائشة وحفصة قولهما: نحن أكرم على رسول اللَّه منها، نحن أزواجه وبنات عمه، فذكرت له ذلك، فقال : "ألا قُلتِ: وكيف تكونان خيرًا مني؛ وزوجى مُحمد، وأبى هارون وعمى موسى" [الترمذي].
    وتقول: جئت إلى رسول اللَّه أزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت معه ساعة، ثم قمت أنصرف، فقام النبي معى يودعني، حتى إذا بلغت باب المسجد، عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار، فسلما على رسول اللَّه فقال لهما النبي : "على رِسلكما إنما هي صفية بنت حُـيَـي". فقالا: سبحان اللَّه يا رسول اللَّه! وكبر عليهما، فقال : "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإنى خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا" [متفق عليه].
    ولما كان رسول اللَّه في مرضه الذي تُوفى فيه، قالت السيدة صفية - رضى الله عنها -: واللَّه يا نبى اللَّه ! لوددت أن الذي بكَ بي. فغمزها أزواجه، فأبصرهن رسول اللَّه فقال: "مضمضن". قُلن: من أى شئ؟ قال: "من تغامزكن بها، واللَّه إنها لصادقة" [ابن سعد].
    وكانت -رضى اللَّه عنها- سخية كريمة ؛ فقد أهدت إلى السيدة فاطمة الزهراء وبعض أمهات المؤمنين حلقات من ذهب، وتصدقت بثمن دارها قبل وفاتها.
    ويروى أن جارية عندها أتت عمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنه- فقالت له: إن صفية تحب السبت وتصِل اليهود، فبعث إليها فسألها عن ذلك، فقالت: أما السبت فإنى لم أحبه فقد أبدلنى اللَّه خيرًا منه وهو الجمعة، وأما اليهود فإن لى فيهم رحمًا لذلك أصلها. ثم قالت للجارية: ما حملكِ على هذا؟ قالت الجارية: الشيطان. فقالت لها السيدة صفية: اذهبى فأنت حرة.[ابن عبد البر]
    هذه هي أم المؤمنين السيدة: صفية بنت حُيى بن أخطب من ذرية نبى اللَّه هارون. كانت أمها: برة بنت سَمَوأل من بنى قريظة، تزوجت النبي وهى في السابعة عشر من عمرها؛ إلا أنها رغم صغر سنها؛ تزوجت قبل ذلك مرتين؛ الأولى من سلام بن مشكم القرظى فارس قومها وشاعرهم، والثانية من كنانة بن الربيع صاحب حصن القوص؛ أقوى حصن من حصون خيبر.
    وتحكى صفية أنها لما تزوجت النبي رأى بوجهها أثر خُضرة قريبًا من عينها، فقال لها النبي: "ما هذا؟".
    قالت: يا رسول اللَّه. رأيت في المنام كأن قمرًا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لزوجى كنانة فضرب وجهى ولطمنى لطمًا شديدًا، وقال: أتحبين أن تكونى تحت هذا الملك الذي يأتى من المدينة (يقصد رسول اللَّه . [ابن سعد].
    وقد وقفت السيدة صفية بجانب الحق حين تعرض أمير المؤمنين عثمان بن عفان للحصار في منزله ؛ فوضعت خشبًا من منزلها إلى منزل عثمان تنقل عليه الماء والطعام له.
    توفيت - رضى الله عنها - في رمضان سنة 50 من الهجرة - في خلافة معاوية بن أبى سفيان- ودفنت بالبقيع بجوار أمهات المؤمنين، رضوان اللَّه عليهن أجمعين
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:54

    جويرية بنت الحارث





    عاتقة المائة




    (جويرية بنت الحارث)

    اختارتْ جوار اللَّه ورسوله، وفضلتْ الإسلام على اليهودية، فيروى أنه لما جاء أبوها الحارث بن أبى ضرار -سيد يهود "بنى المصطلق" وزعيمهم- إلى النبي يقول: إن ابنتى لا يُسبَى مثلها، فأنا أَكْرَم من ذلك. قال له النبي : "أرأيت إن خيَّرْناها؟" فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك، فلا تفضحينا. فقالت: فإنى قد اخترتُ اللَّه ورسوله. قال: "قد واللَّه فضحتِنا" [ابن سعد]. ثم أقبل أبوها في اليوم التالى ومعه فداؤها فلما كان بالعقيق (وادٍ قرب المدينة) نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها طمعًا فيهما، فغيبهما في شِعْب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي يقول: يا محمد، أصبتم ابنتى وهذا فداؤها.
    فقال رسول اللَّه : "فأين البعيران اللذان غَـيَّـبْتَ (خَبَّأْتَ) بالعقيق في شِعْبِ كذا وكذا؟".
    قال الحارث: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فواللَّه ما أطلعكَ على ذلك إلا اللَّه. فأسلم، وأسلم ابنان له، وكثير من قومه، وأرسل بمن جاء بالبعيرين، ودفع بالإبل جميعًا إلى النبي . فكانت -رضى الله عنها- سببًا في إسلام أهلها، ونالت بذلك ثواب هدايتهم، إنها أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار.
    تقول جويرية -رضى الله عنها-: قال لى أبى وهو يبرر هزيمته أمام جيش رسول الله : "أتانا ما لا قبل لنا به". فلما أسلمتُ وتزوجنى رسول الله ، ورجعنا إلى المدينة جعلت أنظر إلى المسلمين، فرأيتهم ليسوا كما سمعتُ.فعلمتُ أنه رعب من اللَّه يلقيه في قلوب المشركين.
    اشتُهِرتْ جويرية بكثرة عبادتها وقنوتها للَّه، فقد خرج النبي من عندها بكرة حين صلى الصبح وهى في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهى جالسة، فقال: "مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟" قالت: نعم. قال النبي لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" [مسلم]. فكانت -رضى الله عنها- كثيرًا تردُّدها.
    وقد كانت جويرية قبل أن تتزوج النبي متزوجة من رجل مشرك، هو ابن عمها مسامح بن صفوان، وقد قُتل في غزوة بنى المصطلق في السنة السادسة للهجرة، حين خرج النبي لقتال يهود بنى المصطلق لما بلغه استعدادهم لقتال المسلمين بقيادة زعيمهم الحارث بن أبى ضرار، فقاتلهم، فنصر اللَّه رسوله وهزم الكفار وأُخِذت نساؤهم سبايا، ومنهن: جويرية (وكان اسمها قبل أن يتزوجها النبي "بَرّة" فغيره النبي إلى "جويرية"؛ لأنه كره أن يقال: خرج النبي من عند برة). تقول عائشة -رضى اللَّه عنها-: إنه لما أصاب رسول اللَّه ( نساء بنى المصطلق، فوقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس، الذي عرض عليها أمر افتدائها بمقدار تسع أواق من الذهب، وهو واثق من أنها قادرة على دفعها له؛ لأنها بنت سيد بنى المصطلق ومن أغنياء اليهود. فكاتبتْه بهذا المبلغ؛ حتى يطلق سراحها، ولكنه أبَى إلا أن يتسلم أولا الفداء.
    ولما كانت جويرية سبية ليس معها ما تفدى به نفسها -توجهت إلى رسول اللَّه ، وهو يومئذٍ عندى تسأله في كتابتها، ولما أذن لها الرسول بالدخول - قالت: يا رسول اللَّه، أنا برة بنت الحارث - سيّد قومه - وقد أصابنى من الأمر ما قد علمتَ، فأعِنِّى في كتابتي. فقال لها : "أولكِ خير من ذلك؟" فقالت: ماهو؟ فقال: "أؤدى عنك كتابك وأتزوجك" قالت: نعم يا رسول اللَّه. فقال: "قد فعلتُ". فخرج الخبر إلى الناس. فقالوا: أأصهار رسول الَّله يُسترقُّون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء بنى المصطلق، فبلغ عِتْقُهم مائةَ أهل بيت بزواجه إياها، فلا أعلم امرأة أعظم بركة على أهلها منها [ابن إسحاق]. وكانت السيدة جويرية -رضى الله عنها- في العشرين من عمرها حين تزوجها النبي .
    وعاشت جويرية في بيت النبي ، وامتّد عمرها حتى عهد معاوية بن أبى سفيان -رضى الله عنه-.
    وتوفيت -رضى الله عنها- عام 56 للهجرة، وصلَّى عليها مَرْوان بن الحكم- أمير المدينة، وقد بلغت سبعين سنة، وقيل توفيت سنة 50 للهجرة وعمرها 65 سنة.
    وقد روت -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث النبي
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:55

    أروى بنت عبد المطلب





    المؤازرة




    (أروى بنت عبد المطلب)

    دخل عليها ابنها طليب بن عمير -قبل إسلامها- فقال: يا أمى تبعتُ محمدًا وأسلمت للَّه.
    فقالت له: إن أحق من آزرت وعضدت ابن خالك، واللَّه لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال، لتبعناه ودافعنا عنه.
    فقال طليب: فما يمنعك يا أمى من أن تسلمى وتتبعيه، فقد أسلم أخوك حمزة؟ فقالت: أنظر ما يصنع أخواتى ثم أكون إحداهن.
    فقال طليب: فإنى أسألك بالله إلا أتيته، فسلمت عليه وصدقته، وشهدتِ أن لاإله إلا الله وأن محمدًا رسول الَّله.
    إنها "أروى بنت عبد المطلب بن هاشم" إحدى عمات النبي الست، كانت قبل إسلامها تعضده وتؤازره وتنصره.
    قال بعض المؤرخين: إنها أسلمت وهاجرت إلى المدينة، واستدلوا بما رُوِى أن أبا جهل -ومعه عدد من الكفار- اعترضوا النبي فآذوه، فعمد طليب بن عمير إلى أبى جهل فضربه ضربة شجه بها، فأخذوه وأوثقوه. فقام دونه أبو لهب حتى خلاه.
    فقيل لأروي: ألا ترين ابنك طليبًا قد صير نفسه غرضًا دون محمد؟ فقالت: خير أيامه يوم يذبُّ عن ابن خاله، وقد جاء بالحق من عند اللَّه.
    فقالوا: أوقد تبعتِ محمدًا؟ قالت: نعم.
    فخرج بعضهم إلى أبى لهب فأخبره، فأقبل حتى دخل عليها فقال: عجبًا لك ! ولاتباعِكِ محمدًا وتركِكِ دينَ عبد المطلب! فقالت: قد كان ذلك، فقم دون ابن أخيك واعضده وامنعه، فإن يظهر أمره، فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على دينك، وإن يُصَبْ، كنتَ قد أعذرت فى ابن أخيك.
    فقال أبو لهب: أَوَلَنَا طاقة بالعرب قاطبة، جاء بدِين مُحْدَثٍ، ثم انصرف. وظلت أرْوَى مؤازرة النبي ناصرة دينه.
    قالت ترثى النبي :
    ألا يا رسولَ الله كنتَ رجاءنا وكُنْتَ بنا برّا ولم تَكُ جافيًا
    كانت أروى بنت عبد المطلب قد تزوجت عمير بن وهب فولدت له طليبًا، ثم تزوجت من بعده كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار فولدت له أروي.
    تُوُفِّيَتْ -رضى الله عنها- فى نحو سنة 15 من الهجرة
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:57

    أم هانئ





    المجيرة




    (أم هانئ)

    قال لها رسول اللَّه : "قد أجرنا من أجرت، وأمَّنَّا من أمَّنت" [متفق عليه].
    إنها ابنة عم النبي ، َتَرَّبتْ معه فى بيت أبيها أبى طالب، فكانت تُكِنّ له المودة التامة والحب الكثير، وكانت قبل إسلامها تدفع عنه أذى المشركين، وتنصره فى كل تحركاته فى سبيل اللَّه، وكان يصل فيها رحمه؛ فكان يزورها ويطمئن عليها.
    إنها أم هانئ فاختة بنت أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم، ابنة عم النبي وأخت الإمام على -رضى الله عنه-، وأمها: فاطمة بنت أسد -رضى الله عنها- .
    روى أنه لمّا عاد رسول الله من ثقيف (الطائف)، وكان حزينًا لإعراض أهلها عن دين اللَّه، توجه لزيارتها، ثم بات عندها، فكان ما كان من حادثة الإسراء والمعراج، فكانت أم هانئ تحدث بحديث الإسراء والمعراج، حتى قيل: ما ذكر الإسراء والمعراج إلا وذكر معه اسم أم هانئ. قالت أم هانئ -رضى الله عنها-: ما أُسرى برسول اللَّه إلا وهو فى بيتي، نام عندنا فى تلك الليلة، فصلى العشاء الآخرة، ثم نام ونمنا، فلما كان قبيل الفجر أيقظنا رسول اللَّه ، وقال: يا أم هانئ! لقد صلَّيتُ معكم العشاء الآخرة كما رأيتِ بهذا الوادي، ثم جئتُ بيت المقدس فصلَّيتُ فيه، ثم صليت صلاة الغداة معكم الآن كما تَرَيْنَ"، وقام ليخرج، فأخذت بطرف ردائه، فقلت له: إنى أذكرك الله، أنك تأتى قومك يكذبونك وينكرون مقالتك، قال: "واللَّه لأحدثنّهُمُوه"، وقلت لجارية لى حبشية: ويحك اتبعى رسول اللَّه( حتى تسمعى ما يقول للِناس، وما يقولون له. فلما خرج رسول اللَّه ( إلى الناس أخبرهم، فعجبوا، فذكر لهم دلائل وعلامات على صدق ما يقول. [ابن هشام]. وقد أسلمت أم هانئ يوم فتحت مكة، بينما فَرَّ زوجها هبيرة هاربًا، وقال فى ذلك شعرًا:
    لَعَمْرك ماولَّيْتُ ظهرى محمدًا وأصحابه جبنًا ولاخيفة القَتــلِ
    ولكنى قَلَّبتُ أمرى فلم أجد لسيفى غناءً إن ضُربتُ ولانبِْلي
    فلما علم النبي بأمرها وفرار زوجها هاربًا لايلوى على شيءٍ كارهًا أن يدخل فى دين اللَّه، تقدم إليها ليخطبها فقالت: واللَّه إنى كنت لأحبك فى الجاهلية فكيف فى الإسلام، ولكنى امرأة مُصبية (أى عندى صبيان) وأكره أن يؤذوك. فقال : "نساء قريش خير نساء ركبن الإبل: أحناه على طفل، وأرعاه على زوج فى ذات يده" [البخاري]. وفى رواية أخرى أَنها قالت: يا رسول اللَّه! لأنتَ أحبُّ إلى من سَمْعِى وبَصَرِي، وحقُّ الزوج عظيم؛ فأخشى إن أقبلتُ على زوجى أن أضيع بعضَ شأنى وولدي، وإن أقبلتُ على وَلَدِى أن أضيع حق الزوج.
    وعن أم هانئ قالت: ذهبتُ إلى رسول الله يوم الفتح، فوجدتُُه يغتسل، وفاطمة تستره بثوب، فسلمتُ.
    فقال: "من هذه"؟
    قلت: أنا أم هانئ بنت أبى طالب.
    فقال: "مرحبًا بأم هانئ".
    فلما فرغ من غسله، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفًا فى ثوب واحد.
    فقلتُ: يا رسول الله، زعم ابن أمى -تعنى عليَّا- أنه قاتل رجلاً قد أجرتُه: فلان بن هبيرة.
    فقال : "قد أجرْنا من أجرتِ يا أم هانئ" [متفق عليه].
    وكانت -رضى الله عنها- قبل إسلامها زوجة لهبيرة بن أبى وَهْب بن عمرو المخزومي، وأنجبتْ منه: عمرة، وجعدة، وهانئًا، ويوسف، وطالبًا، وعقيلا، وجمانة. وقد تولى ابنها جعدة بن هبيرة ولاية خراسان فى عهد الإمام على -رضى الله عنه-.
    وقد روتْ عن النبي أحاديثَ، بلغت ستة وأربعين حديثًا.
    وتُوفيت أم هانئ -رضى الله عنها- سنة أربعين هجرية، وقيل: سنة خمسين هجرية.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 12:58

    فاطمة بنت أسد





    أم الإيمان




    (فاطمة بنت أسد)

    لما تُوفِّيت دخل عليها النبي وجلس عند رأسها، وقال: "رحمك اللَّه يا أمي، كنت أُمي، تجوعين وتشبعينني، وتعرّيْنَ وتكسينني، وتمنعين نفسك طيبها وتطعمينني، تريدين بذلك وجه اللَّه والدار الآخرة" ثم أمر أن تغسل ثلاثًا، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول اللَّه بيده، ثم خلع قميصه، فألبسها إياه، وكفنها، ولما حُفِر قبرها وبلغوا اللَّحد حفره النبي بيده وأخرج ترابه، فلما فرغ، دخل فاضطجع فيه ثم قال: "اللَّه الذي يحيى ويميت، وهو حى لايموت، اللّهم اغفر لأمى فاطمة بنت أسد، ولقِّنها حجتها، ووَسِّعه عليها بحق نبيك والأنبياء من قبلي، فإنك أرحم الراحمين". ثم كبَّر عليها أربعًا، وأدخلها اللحد ومعه العباس وأبو بكر الصديق يساعدانه. [الطبراني].
    وعندما سأله الصحابة: ما رأيناك صنعتَ بأحد ما صنعتَ بهذه، قال: " إنه لم يكن بعد أبى طالب أبرّ بى منها، وإنما ألبستُها قميصى لتُكْسَى من حُلل الجنة، واضطجعتُ فى قبرها لأُهَوِّنَ عليها عذاب القبر" [الطبراني].
    هذه هي منزلة السيدة "فاطمة بنت أسد" زوجة أبى طالب عند رسول اللَّه ؛ حيث كانت ترعاه رعاية خاصة، فقد كانت تشعر باليُتْم الذي يعانيه حتى إنها كانت تفضله على أبنائها.
    وقد نشأت السيدة فاطمة فى بيت من أشرف بيوت قريش وأعزها، فأبوها هو "أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي"، وأمها "فاطمة بنت قيس" وقد تزوجت "فاطمة بنت أسد" من أبى طالب فولدت له طالبًا وعقيلاً وجعفرًا وعليّا -كرم اللَّه وجهه-، وأم هانئ، وجمانة، وربطة.
    وقد تركت معاملتها فى نفس النبي -وهو طفل- أبلغ الأثر، فقد كانت حميدة الأخلاق، عميقة الإيمان، صافية النية، مما جعلها تترك أثرًا بالغًا -أيضًا- فى نفوس أبنائها، وبخاصة الإمام على بن أبى طالب -رضى اللَّه عنه-
    وظلت فاطمة تمارس دورها بعد وفاة زوجها أبى طالب، فدخلت فى الإسلام وهاجرت، وكافحت فى سبيل توطيد دعائم الدين الحنيف.
    وكان على يقول لها -بعد أن تزوج فاطمة الزهراء بالمدينة-: يا أمى اكفى فاطمة بنت رسول اللَّه سقاية الماء، والذهاب فى الحاجة، وتكفيك الداخل: الطحن والعجن. [الطبراني
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:00

    أم أيمن





    أم الحبيب




    (أم أيمن)

    هى إحدى المهاجرات الأُوَل، كان رسول اللَّه يناديها: "يا أمَّه"، وكان إذا نظر إليها، يقول: "هذه بقية أهل بيتي" [ابن سعد والحاكم]. وكان النبي يزورها دائمًا، ويكرمها، ويقول عنها: "أم أيمن أمي، بعد أمي". وكانت هي سعيدة بهذا الأمر، وتعيشه كأنه حقيقة، فكانت تحنو عليه حنان الأم على ابنها، وتخشى عليه خشيتها، وتغضب أحيانًا عليه كما تغضب الأم، فعن أنس- رضى الله عنه - قال: انطلق بنا رسول الله إلى أم أيمن، فانطلقت معه، فناولته إناء فيه شراب. قال: فلا أدرى أصادفته صائمًا أو لم يُرِدْه، فجعلت تصخب عليه (تصرخ فيه) وتذمر عليه (تكلمه بحدة وغضب) وما كانت لتفعل ذلك مع رسول الله ( إلا وهو يعلم أنه بمثابة الابن، فهى قد حضنته وربته .
    هذه أم أيمن -رضى الله عنها- أحاطت رسول الله بحبها ورعايتها، وكانت أمَّه صغيرًا وكبيرًا، فأكرمها اللَّه -سبحانه وتعالى- بفضله، وجزاها خيرًا على جميلها، وحفظها كما حفظت النبي ، فتروى لنا قصة هجرتها إلى المدينة، ومدى حماية الله تعالى لها، فتقول: خرجتُ مهاجرة من مكة إلى المدينة، وأنا ماشية على رجلي، وليس معى زاد، فعطشتُ وكنتُ صائمة، فأجهدنى العطش، فلما غابت الشمس إذا بإناء تعلّق عند رأسى مُدَلَّى برشاء (أى حبل) أبيض، فدنا منِّى حتى إذا كان بحيث أستمكن منه، تناولته فشربتُ منه، حتى رَويت، فكنتُ بعد ذلك - فى اليوم الحار - أطوف فى الشمس؛ كى أعطش فما عطشتُ بعدها. [ابن سعد].
    لما توفى النبي قال أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنهما-: انطلقْ بنا نزْر أم أيمن، كما كان رسول اللَّه يزورها، فلما دخلا عليها بكت. فقالا: مايبكيك، فما عند اللَّه خير لرسوله؟ قالت: أَبْكِى أنّ وحْى السماء انقطع، فهيَّجتهما على البكاء، فجعلتْ تبكى ويبكيان معها. [مسلم وابن ماجة].
    إنها أم أيمن بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن، وكانت تعرف بالحبشية، وهى وصيفة (خادمة) عبد الله بن عبد المطلب والد النبي ، فلما مات صارت لزوجته آمنة بنت وهب أم النبي ، فظلّت تُكِنّ لها كل إخلاص ومحبة صادقة، وسافرت معها ومع ابنها محمد إلى يثرب لزيارة قبر زوجها عبد اللَّه، ولما عادوا مرضت أم النبي ، وماتت فى الطريق، فدفنتها أم أيمن فى مكان يعرف بالأبواء، وسط الصحراء فى الطريق بين مكة والمدينة، وحملتْ النبي إلى جده عبدالمطلب، وظلتْ تخدمه وتسهر على راحته؛ حتى تزوج السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها-، فانتقلت معه إلى منزلها، وكانت موضع احترامٍ وتقديرٍ منهما.
    وعندما تقدم إليها عبيد بن زيد من بنى الحارث بن الخزرج للزواج منها تكفلتْ السيدة خديجة بتجهيزها، وبعد عام من الزواج أنجبت منه ابنها (أيمن الذي تُكنى به دائمًا) وقد استشهد أيمن فى موقعة خيبر، ولما توفى عبيد بن زيد -زوج أم أيمن- تقدم "زيد بن حارثة" للزواج بالسيدة أم أيمن، وزاد من رغبته فيها قول الرسول : "من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة، فليتزوج أم أيمن" [ابن سعد]، فولدتْ له "أُسامة بن زيد" حِبّ رسول اللَّه .
    وهى إحدى المؤمنات المجاهدات اللاتى شاركن فى المعارك الإسلامية مع رسول الله ، فقد شهدت أُحدًا، وكانت تسقى المسلمين، وتداوى الجَرْحَي، وشهدت غزوة خيبر.
    وروت أم أيمن -رضى الله عنهـا- بعـضًا من أحاديــث رسول الله .
    وتوفيت -رضى الله عنها- فى آخر خلافة عثمان بن عفان -رضى اللَّه عنه- ودفنت بالمدينة بعد أن تجاوزت التسعين من عمرها.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:03

    سودة بنت زمعة





    المهاجرة أرملة المهاجر




    ( سودة بنت زمعة )

    لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنها أسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع زوجها السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاق الهجرة ومتاعب الغربة، وتوفى زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، وأمست سودة وحيدة لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها عبد اللَّه ابن زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها.
    فلما سمع الرسول ما أصاب السيدة سودة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشى عليها بطش أهلها، وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد أن يرحمها وينجدها من عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها وإيمانها خيرًا، فأرسل إليها خولة بنت حكيم -رضى اللَّه عنها- تخطبها له، وكانت السيدة خديجة -رضى الله عنها- قد ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين، بينما كان رسول الله في الخمسين من عمره.
    وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت: سودة: وماذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله أرسلنى إليك لأخطبك إليه. قالت: وددت ذلك. فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليته وحيَّـيْـتُه بتحية أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم. فرحَّب بي، وقال ما شاء الله أن يقول. فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة ابنة زمعة. فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك. قال: ادعوها إلي. ولما جاءت قال: أى سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل يخطبك وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي. فدعته خولة، فجاء فزوَّجه.
    وفى رواية ابن سعد: أن النبي خطبها، فقالت: أمرى إليك، فقال لها مُرى رجلا من قومك يزوجك. فأمرت حاطب بن عمرو (وهو ابن عمها وأول مهاجر إلى الحبشة) فزوجها.
    ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضى الله عنها- بيت النبوة، وأصبحت واحدة من أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله ، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات.
    وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفانى في خدمة النبي وابنته أم كلثوم وفاطمة، فكانت تقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول إلى المدينة.
    وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح، وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول اللَّه كلما رآها تمشى ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشى أمامه كى تضحكه، وتُدخل السرور عليه، وكانت تنتقى من الكلمات ماتظن أنه يضحكه.
    وكانت السيدة سودة -رضى اللَّه عنها- تحب رسول اللَّه حبَّا شديدًا، وكانت تسعى إلى مرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست بعجزها عن الوفاء بحقوق النبي ، أرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه ويرفع مكانتها عنده فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب رسول الله ، وحتى لا تشعر رسول الله بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليه بقولها: ما بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى الله يوم القيامة زوجًا لك. وتفرغت للعبادة والصلاة.
    قال لها رسول الله :"يا بنت زمعة، لوتعلمين علم الموت، لعلمت أنه أشد مما تظنين" [ابن المبارك].
    وكانت السيدة عائشة - رضى اللَّه عنها - تغبطها على عبادتها وحسن سيرتها، قالت: ما رأيت امرأة أحب إلى أن أكون في مِسْلاخها (هديها وصلاحها) من سودة .
    ولما خرجت سودة -رضى الله عنها- مع رسول الله إلى حجة الوداع! قال: "هذه الحجة، ثم ظهور الحُصْر" (أى الْـزَمْـنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها). فكانت - رضى الله عنها - تقول: حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله عز وجل، ولا تحركنا دابة بعد رسول الله . [ابن سعد].
    وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة. بعث إليها عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- في خلافته ببعض الدراهم، فوزعتها على الفقراء والمساكين.
    وظلت كذلك حتى توفيت في آخر خلافة عمر فحضر جنازتها، وصلى عليها، ودفنت بالبقيع.
    وكان للسيدة سودة نصيب من العلم والرواية، فقد روت -رضى الله عنها- أحاديثًا لرسول الله
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:05

    خديجة بنت خويلد





    سيدة نساء قريش




    ( خديجة بنت خويلد )

    كان رسول اللَّه لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.
    هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد -رضى اللَّه عنها- كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها وسيرتها، وكان أهل مكة يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة، فاختارت النبي ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون أهل مكة ما بلغنى من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من غلامها ميسرة -الذى رافق النبي في رحلته إلى الشام -ما أكد لها صدق حدسها ونظرتها في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق الذهاب والعودة عن الغمامة التي كانت تظلل النبي حين يشتد الحر، وعن خُلق النبي وسلوكياته في التجارة، وأخبرها بأنه كان لا يعرض شيئًا عُنْوة على أحد، وأنه كان أمينًا في معاملاته، فأحبه تجَّار الشام وفضَّلوه على غيره. كل هذه الأخبار عن النبي جعلت السيدة خديجة - رضى اللَّه عنها - ترغب في الزواج من النبي، فعرضت نفسها عليه، وبعثت إليه من يخبره برغبتها في الزواج منه، لما رأت فيه من جميل الخصال وسديد الأفعال.
    وفكر رسول اللَّه في الأمر، فوجد التي تدعوه إلى الزواج امرأة ذات شرف وكفاءة، من أوسط قريش نسبًا، وأطهرهم قلبًا ويدًا، فلم يتردد.
    وتزوج محمد الأمين (وعمره خمسة وعشرون عامًا) خديجة الطاهرة (وعمرها أربعون عامًا)، فولدت له أولاده كلهم - عدا إبراهيم - وهم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة الزهراء، والقاسم، وعبد الله.
    وكانت -رضى الله عنها- مثالا للوفاء والطاعة، تسعى إلى مرضاة زوجها، ولما رأت حبه لخادمها زيد بن حارثة وهبته له.
    وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني" أى غطُّوني. فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها - رضى اللَّه عنها - بما رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي". فأجابته بلا تردد وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به من خوف وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري]. ثم سارعت إلى التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها الحكيم تثبيتًا لفؤاد النبي وتسرية عنه.
    إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر، وأن اللَّه لا يجزى عن الخير إلا الخير، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان، وأنه يزيد المهتدين هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت: أبشر يابن عم واثبت، فوالذى نفسى بيده، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة.
    ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر في الجاهلية وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس، والذى نفس ورقة بيده، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتى موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.
    فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة عينها رسول اللَّه ، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.
    وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبى الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان في غار حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.
    ولما دخل النبي والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت معهم السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان، وهى صاحبة الثراء والنعيم.
    فرضى اللَّه عن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، كانت نعم العون لرسول اللَّه منذ أول يوم في رحلة الدعوة الشاقة، آمنت به وصدقته، فكان إيمانها أول البشرى بصدق الدعوة وانتصار الدين. وثبتت إلى جواره وواسته بمالها، وحبها، وحكمتها، وكانت حصنًا له ولدعوته ولأصحابه الأولين، بإيمانها العميق، وعقلها الراجح، وحبها الفياض، وجاهها العريض، فوقفت بجانبه حتى اشتد ساعده، وازداد المسلمون، وانطلقت الدعوة إلى ما قدر اللَّه لها من نصر وظهور، وما هيأ لها من ذيوع وانتشار.. فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل على رسول اللَّه يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنى وبشرها ببيت في الجنة من قصب (من لؤلؤ مجوَّف) لا صَخَب فيه ولانَصَب (لا ضجيج فيه ولا تعب) [متفق عليه]. ولا عجب إذا ما تفانى رسول اللَّه ( في حبها، إلى درجة يقول معها: "إنى لأحب حبيبها" [الدولابي].
    وكان رسول الله ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب خديجة" [الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].
    لقد كانت مثاًلا للزوجة الصالحة، وللأم الحانية، وللمسلمة الصادقة، وصدق رسول الله إذ يقول: "كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد" [متفق عليه]. وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام الحزن كما سماه رسول اللَّه ، حيث فقد فيه المعين والسند، إلا رب العالمين. ودفنت بالحجون، ونزل رسول اللَّه في حفرتها التي دفنت فيها، وكان موتها قبل أن تشرع صلاة الجنائز
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:08

    مريم





    الأم العذراء




    ( مريم )

    أنزل الله ملائكة يقولون لها: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42].
    ويقول عنها رسول الله (:"خير نساء العالمين: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة" [ابن حبان].
    فى جو ساد فيه الظلم والاضطراب، كانت الحياة التى يعيشها بنو إسرائيل بائسة، فقد أفسدوا دينهم وحرّفوا عقيدتهم، وأضحى الواحد منهم لا يأمن على نفسه غدر الآخر، وفى خضم هذا الفساد كان يعيش عمران بن ماتان وزوجته حَنّة بنت فاقوذ، يعبدان الله وحده ولا يشركان به شيئًا، وكان الزمان يمر بهما دون ولد يؤنسهما. وفى يوم من الأيام جلست حنة بين ظلال الأشجار، فرأت عصفورة تطعم صغيرها، فتحركت بداخلها غريزة الأمومة، فدعت اللّه أن يرزقها ولدًا حتى تنذره لخدمة بيت المقدسSad إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .
    وتقبل الله منها دعاءها، ولكن حكمته اقتضت أن يكون الجنين أنثي، فكانت السيدة مريم(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ
    وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران: 36].
    يقول (فى ذلك أنه : "كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها" [مسلم].
    لكن القدر كان يخفى لمريم اليتم، فقد توفى أبوها وهى طفلة صغيرة، وأخذتها أمها إلى الهيكل؛ استجابة لنذرها، ودعت الله أن يتقبلها(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ
    حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا) [آل عمران: 37].
    ولما رآها الأحبار قذف الله فى قلوبهم حبها، فتنازعوا على من يكفلها. قال نبى الله زكريا -عليه السلام- وكان أكبرهم سنا: أنا آخذها، وأنا أحق بها؛ لأن خالتها زوجتى - يقصد زوجة أم يحيي، لكن الأحبار أَبَوْا ذلك، فقال لهم زكريا: نقترع عليها، بأن نلقى أقلامنا التى نكتب بها التوراة فى نهر الأردن، ومن يستقر قلمه؛ يكفلها، ففعلوا، فأخذ النهر أقلامهم، وظهر قلم زكريا فكفلها. قال تعالي: وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون [آل عمران: 44]. (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران: 37]. وكان عُمْرُ مريم حينئذ لا يتجاوز عامًا، فجعل لها زكريا خادمة فى محرابها ظلت معها حتى كبرت، وكان لا يدخل عليها حتى يستأذنها ويسلم عليها، وكان يأتى إليها بالطعام والشراب.
    غير أنه كلما دخل عليها قدمت له طبقًا ممتلئًا بالفاكهة، فيتعجب زكريا من الفاكهة التى يراها، حيث يرى فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيقول لها فى دهشة: يا مريم من أين يأتى لك هذا؟ فتقول: رزقنى به اللّه. قال تعالي: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[آل عمران: 37]، فلما رأى زكريا مارأى من قدرة ربه وعظمته، دعا اللّه أن يعطيه ولدًا يساعده ويكفيه مؤنة الحياة (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 -39].
    مرت السنون وأصبح زكريا شيخًا كبيرًا، ولم يعد قادرًا على خدمة مريم كما كان يخدمها، فخرج على بنى إسرائيل، يطلب منهم كفالة مريم، فتقارعوا بينهم حتى كانت مريم من نصيب ابن خالها يوسف النجار، وكان رجلاً تقيا شريفًا خاشعًا للّه. وظل يوسف يخدمها حتى بلغت سن الشباب، فضربت مريم عندئذ على نفسها الحجاب، فكان يأتيها بحاجتها من الطعام والماء من خلف الستار . وبعد ذلك ابتعدت مريم عن الناس، وأصبح لا يراها أحد ولا ترى أحدًا (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) [مريم : 16-17].
    وبينما مريم منشغلة فى أمر صلاتها وعبادتها، جاءها جبريل بإذن ربها على هيئة رجل ليبشرها بالمسيح ولدًا لها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) [مريم: 17]، ففزعت منه، وقالت: قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا. قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا) [مريم:18-21]. يقول المفسرون: إنها خرجت وعليها جلبابها، فأخذ جبريل بكمها، ونفخ فى جيب درعها، فحملت حتى إذا ظهر حملها، استحيت، وهربت حياءً من قومها نحو المشرق عند وادٍ هجره الرعاة. فخرج قومها وراءها يبحثون عنها، ولا يخبرهم عنها أحد. فلما أتاها المخاض تساندت إلى جذع نخلة تبكى وتقولSadقَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) [مريم :23]. حينئذ أراد الله أن يسكّن خوفها فبعث إليها جبريل(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّاوَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم: 24 - 26].
    فاطمأنت نفس مريم إلى كلام الله لها على لسان جبريل، وانطلقت إلى قومها. (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) [مريم: 27]، أى جئت بشيء منكرٍ وأمرٍ عظيم(يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا)[مريم: 28- 29]، لكن الله لا ينسى عباده المخلصين، فأنطق بقدرته المسيح وهو وليد لم يتعدّ عمره أيامًا معدودة(قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا. وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:30-33]. فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت علامات براءة مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.
    لكن أعداء الله - اليهود - خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد المبارك، فهاجرت به مريم، ومعها يوسف النجار إلى مصر، حيث مكثوا بها اثنتى عشرة سنة، تَرَّبى فيها المسيح، ثم عادت إلى فلسطين بعد موت هذا الملك الطاغية، واستقرت ببلدة الناصرة، وظلت فيها حتى بلغ المسيح ثلاثين عامًا فبعثه اللّه برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد تلاميذه الخائنين وهو يهوذا، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع اللَّه عيسى إليه مصداقًا لقوله تعاليSad وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم)[النساء: 157]، وقوله تعالي: (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ النساء: 158] .
    وتوفيت مريم بعد رفع عيسى -عليه السلام- بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين سنة، ويقال: إن قبرها فى أرض دمشق .
    هذه هى قصة السيدة المؤمنة مريم كما حكاها لنا القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد بين لنا القرآن الكريم كفرَ اليهود وإلحادهم وإشراك النصارى وادّعاءاتهم. حيث يقول الله تعالي: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء: 65_] .
    وقولهم: المسيح هو ابن الله، وعبادتهم له ولأمه مريم ولروح القدس (جبريل) إنما هو قول باطل، يخرج صاحبه من نور التوحيد إلى ظلام الكفر والشرك.
    ولقد نعى الله عليهم ما هم فيه من الشرك والضلال والكفر، وأوْضَحَ لهم فساد عقيدتهم؛ حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، عسى أن يتوبوا إليه؛ فقال تعاليSad يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) [النساء:117].
    ويوضح الله كُفر مَنْ يزعم أن المسيح ابن الله؛ فالمسيح -عليه السلام- لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرّا. يقول تعالي: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا) [المائدة: 17].
    ويقول تعاليSad مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75].
    ويبين الله -تعالي- براءة المسيح مما ادعوه عليه من الألوهية والعبادة. يقول سبحانه(وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ. اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : 116-117
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:10

    بلقيس





    الملكة




    ( بلقيس )

    استيقظتْ من نومها والظلام يحيط بكل شيء؛ لتستعدَّ للذهاب مع حاشيتها إلى معبد الشمس الكبير بأرض مأرب على بُعْدِ ثلاثة أميال من صنعاء؛ حيث يستقبل شعب سبأ يومًا من الأيام المقدسة التى تشهد نشاطًا كبيرًًا فيقدمون قرابينهم للشمس التى يعبدونها من دون اللَّه . وما إن أشرقت الشمس حتى اخترق نداء الكاهن آذان أهل سبأ يأمرهم بالسجود لها 000 وفى الوقت الذى كان يسجد فيه أهل سبأ للشمس، كان نبى اللَّه سليمان - عليه السلام - وجنوده يسجدون للَّه رب العالمين؛ اعترافًا بحقه -عز وجل- . وقد وهب اللَّه لسليمان ملكًا عظيمًا، وكوَّن سليمان جيشًا عظيمًا، من الإنس والجن والطير، وجعل لكل واحد فى الجيش مكانًا ومهمةً عليه أن ينفذها.
    واعتاد "سليمان" - عليه السلام - أن يتفقد جنوده حينًا بعد آخر، وذات مرة لم يجد الهدهد، فقال: (مَا لِى لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)[النمل:20-21]. فجاء الهدهد بعد أن مكث فترة من الزمن، فقال لسليمان -عليه السلام- : (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ
    أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ. إِنِّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن
    دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)[النمل: 22-24]. ثم أخذ الهدهد يصف ما رأى وما سمع وكيف يعبدون الشمس من دون اللَّه . ففكر نبى اللَّه ثم قال: (سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين) [النمل: 27].
    عرف الهدهد بفطرته السليمة أن السجود لا يكون إلا للَّه سبحانه وتعالي، كما عرف أهمية الدعوة إلى اللَّه تعالي، وكيف يتحرك لها حتى وإن لم يكلفه أحد بهذا العمل، وهكذا يكون الداعية دائمًا فى كل مكان وزمان . وبعد ذلك كتب نبى اللَّه عليه السلام رسالة، وأمر الهدهد بالذهاب إلى ملكة سبأ وأن يعطيها الرسالة، فقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِى هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُون) [النمل:28]
    وبينما كانت بلقيس تستريح من عناء يوم طويل فى فراشها، دخل عليها الهدهد من النافذة، وألقى عليها الكتاب، فقرأته وعلمت مافيه، وأنه من نبى اللَّه سليمان - عليه الصلاة والسلام -، فجمعت وزراءها وأعيان قومها وقرأت عليهم خطاب سليمان، وقالتSad قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّى أُلْقِى إِلَى كِتَابٌ كَرِيمٌ. إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَلَّا تَعْلُوا عَلَى وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ [النمل: 29- 31]، ثم طلبت منهم الرأى والمشورة (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِى فِى أَمْرِى مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) [النمل: 32].
    وهى فى ذلك تعطى صورة طيبة للشورى عند الحاكم . فأجابها القوم (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ)[النمل:33]
    لكن بلقيس كانت تعلم قوة سليمان، فأرادت أن تصرف قومها عن الحرب، وأن تردهم إلى الرشاد، (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل: 34].
    كان يدور فى ذهن بلقيس أمر سليمان، ولم تكن تعلم أن الله سخَّر له الريح تجرى بأمره، فقالت بحكمة بالغة وحسن تدبير: (وَإِنِّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ )[النمل:35] وأخبرتهم أنه إن كان ملكًا قبل الهدية وانصرف، وإن كان نبيا فلن يقبل الهدية، ولن يرضى منا إلا أن نتبعه على دينه . ووافق القوم على ذلك، وانصرفوا . فلما جاءت رُسل بلقيس بالهدية إلى سليمان، قال لهم : ( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِى اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُون) [النمل: 36] وكيف يقبل الهدية وقد أكرمه الله بالنبوة والحكمة، وأعطاه الله ما لم يعط أحدً ا من العالمين؟! فقال لرئيس الوفد: (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُون) [النمل: 37] وأدرك سليمان بحكمته أن إنذاره هذا سينهى الأمر، وستُقبل عليه الملكة مستسلمة طائعة؛ لأنه ظهر من تصرفاتها أنها لا تريد الحرب، وعندما عادوا إليها أخبروها بماحدث، فأرسلت إلى سليمان تخبره أنها سوف تأتى إليه ومعها كبار قومها، وأمرت بلقيس جنودها بحراسة عرشها والحفاظ عليه وإغلاق الأبواب دونه، وخرجت من مُلْكها متجهة ناحية الشمال، وقبيل حضورها، أراد سليمان أن يبين لها قدرة اللَّه وعظمته، وكيف أعطاه مالم يعط أحدًا من العالمين فأقبل على جنوده قائلاSad قَالَ
    يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ. قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّى عَلَيْهِ لَقَوِى أَمِينٌ )[النمل: 38-39] لكن سليمان استبطأه، فقام رجل مؤمن من بنى إسرائيل، وكان صدِّيقًا يعلم اسم الله الأعظم، فقال لسليمانSad أَنَا آتِيكَ
    بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل: 40] وبالفعل كان عرش بلقيس أمام نبى اللَّه سليمان فخر ساجدًا لعظمة اللَّه، واعترافًا بنعمته، وقال(هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِى أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِى كَرِيمٌ)[النمل: 40].
    ورأت بلقيس مُلكَ سليمان، وبينما قومها يتهامسون فيما بينهم على ما يروَنه، رأت عرشها بعد أن أمر سليمان جنوده أن يغيروا معالمه، وأن يبدلوا أوضاعه بحيث تختلف فيه الرؤية؛ ليعرف مدى ذكائها(قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِى أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ. فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ )[النمل: 41-42].
    فلما دخلت بلقيس الصرح الذى أمر نبى اللَّه سليمان جنوده ببنائه من الزجاج بحيث يجرى من تحته جدول صغير من الماء حسبته لجة (أى ماء) فكشفت عن ساقيها بحركة لاشعورية منهاSad قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِير)[النمل:44].
    فلما رأت بلقيس ما وهبه اللَّه لنبيه سليمان قالتSad قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين) [النمل: 44].
    وهكذا كانت بلقيس ملكة سبأ امرأة ذات فراسة وحكمة وذكاء ؛ فلم تستبد برأيها فى الأمور العظيمة والخطوب الجليلة، بل استشارت قومها، وهذا يدل على فطنتها فلما عرفت الحق آمنت به وأسلمت للَّه طوعًا مع سليمان عليه السلام.
    تلك هى بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان، ملكة سبأ، تمكنت من الملك بعد مقتل عمرو ذى الأذعار، فبايعها قومها وولوها الحكم، فأدارت شئون البلاد بشجاعة وحكمة، ورممت سد مأرب الشهير، وشيدت قصرها فى مدينة مأرب، وازدهرت على يديها التجارة والزراعة، وزادت ثروات البلاد واستقرت أحوال الناس.
    كانت تعبد الشمس هى وقومها، ثم أكرمها الله تعالى بالإيمان، فآمن قومها برسالة نبى الله سليمان - عليه السلام- فتزوجها سليمان - عليه السلام- وأنجبتْ له ولدًا، إلا أنه توفى شابَّا، وتوفيت بعده بلقيس فى أنطاكية -رضى الله عنها-.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:12

    زوجة أيوب





    الزوجة الوفية




    ( زوجة أيوب )

    زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء، واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.
    إنها زوجة نبى اللَّه أيوب - عليه السلام - الذى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل، وقُوَّة الإرادة، واللجوء إلى اللَّه، والارتكان إلى جنابه.
    وكان أيوب - عليه السلام - مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه، ومدّ له فى ماله، فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير، وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة، وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب -عليه السلام- بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين .
    وأراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع ماله وجفاف أرضه ؛ حيث احترق الزرع وماتت الأنعام، ولم يبق لأيوب شيء يلوذ به ويحتمى فيه غير إعانة الله له، فصبر واحتسب، ولسان حاله يقول فى إيمان ويقين : عارية اللَّه قد استردها، ووديعة كانت عندنا فأخذها، نَعِمْنَا بها دهرًا، فالحمد لله على ما أنعم، وَسَلَبنا إياها اليوم، فله الحمد معطيا وسالبًا، راضيا وساخطًا، نافعًا وضارا، هو مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء . ثم يخرُّ أيوب ساجدًا لله رب العالمين .
    ونزل الابتلاء الثاني، فمات أولاده، فحمد اللَّه -أيضًا- وخَرّ ساجدًا لله، ثم نزل الابتلاء الثالث بأيوب -فاعتلت صحته، وذهبت عافيته، وأنهكه المرض، لكنه على الرغم من ذلك ما ازداد إلا إيمانًا، وكلما ازداد عليه المرض؛ ازداد شكره لله.
    وتمر الأعوام على أيوب - عليه السلام - وهو لا يزال مريضًا، فقد هزل جسمه، ووهن عظمه، وأصبح ضامر الجسم، شاحب اللون، لا يقِرُّ على فراشه من الألم. وازداد ألمه حينما بَعُدَ عنه الصديق، وفَرَّ منه الحبيب، ولم يقف بجواره إلا زوجته العطوف تلك المرأة الرحيمة الصالحة التى لم تفارق زوجها، أو تطلب طلاقها، بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها، واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه، ولا من مخاوف فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم على أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .
    ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله : لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أو خطيئة؟ فكانت تدفع عنها وساوس الشيطان وتطلب من الله أن يعينها، وظلت فى خدمة زوجها أيام المرض سبع سنين، حتى طلبت منه أن يدعو اللَّه بالشفاء، فقال لها: كم مكثت فى الرخاء؟ فقالت: ثمانين . فسألها: كم لبثتُ فى البلاء؟ فأجابت: سبع سنين .
    قال: أستحى أن أطلب من اللَّه رفع بلائي، وما قضيتُ منِه مدة رخائي. ثم أقسم أيوب - حينما شعر بوسوسة الشيطان لها - أن يضربها مائة سوط، إذا شفاه اللَّه، ثم دعا أيوب ربه أن يكفيه بأس الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص : 41].
    فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله، فتفجر له نبع ماء، فشرب منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض، قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ. وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب)[ص:41-43] .
    ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ حزمة بها مائة عود من القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛ ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص: 44]
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:15

    آسيا بنت مزاحم





    الملكة المؤمنة




    ( آسيا بنت مزاحم )

    نشأتْ ملكة فى القصور، واعتادتْ حياة الملوك، ورأَتْ بطش القوة، وجبروت السلطان، وطاعة الأتباع والرعية، غير أن الإيمان أضاء فؤادها، ونوَّر بصيرتها، فسئمتْ حياة الضلال، واستظلتْ بظلال الإيمان، ودعتْ ربها أن ينقذها من هذه الحياة، فاستجاب ربها دعاءها، وجعلها مثلا للذين آمنوا، فقال : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[التحريم: 11].
    وقال رسول اللَّه (: "أفضل نساء أهل الجنة :خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم، وآسية" [أحمد].
    إنها آسية بنت مزاحم -امرأة فرعون- التى كانت نموذجًا خلّده القرآن للمؤمنة الصادقة مع ربها، فهى عندما عرفت طريق الحق اتبعتْه دون خوف من الباطل، وظلم أهله، فلقد آمنت باللَّه إيمانًا لا يتزعزع ولايلين، ولم تفلح تهديدات فرعون ولا وعيده فى ثنيها عن إيمانها، أو إبعادها عن طريق الحق والهدي. لقد تاجرتْ مع اللَّه، فربحَتْ تجارتها، باعتْ الجاه والقصور والخدم، بثمن غال، ببيتٍ فى الجنة، وزواج الرسول ( فى الآخرة ونعم أجر المؤمنين.
    وقد جاء ذكر السيدة آسية - رضى اللَّه عنها - فى قصة موسى - عليه السلام - حينما أوحى اللَّه إلى أُمِّه أن تُلْقيه فى صندوق، ثم تلقى بهذا الصندوق فى البحر، وفيه موسى، ويلْقِى به الموج نحو الشاطئ الذى يطلّ عليه قصر فرعون ؛ فأخذته الجواري، ودخلن به القصر، فلما رأت امرأة فرعون ذلك الطفل فى الصندوق؛ ألقى الله فى قلبها حبه، فأحبته حبَّا شديدًا.
    وجاء فرعون ليقتله - كما كان يفعل مع سائر الأطفال الذين كانوا يولدون من بنى إسرائيل - فإذا بها تطلب منها أن يبقيه حيا؛ ليكون فيه العوض عن حرمانها من الولد. وهكذا مكن اللَّه لموسى أن يعيش فى بيت فرعون، قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِ ولا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ. وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص 7-9] .
    وكانت السيدة آسية ذات فطرة سليمة، وعقل واعٍ، وقلب رحيم، فاستنكرت الجنون الذى يسيطر على عقل زوجها، ولم تصدق ما يدعيه من أنه إله وابن آلهة.
    وحينما شَبَّ موسى وكبر، ورحل إلى "مدين"، فرارًا من بطش فرعون وجنوده ثم عاد إلى مصر مرة أخرى - بعد أن أرسله اللَّه - كانت امرأة فرعون من أول المؤمنين بدعوته . ولم يخْفَ على فرعون إيمان زوجته باللَّه، فجن جنونه، فكيف تؤمن زوجته التى تشاركه حياته، وتكفر به، فقام بتعذيبها حيث عَزَّ عليه أن تخرج زوجته على عقيدته، وتتبع عدوه، فأمر بإنزال أشد أنواع العذاب عليها؛ حتى تعود إلى ما كانت عليه، لكنها بقيت مؤمنة بالله، واستعذبت الآلام فى سبيل اللَّه .
    وقد أمر فرعون جنوده أن يطرحوها على الأرض، ويربطوها بين أربعة أوتاد، وأخذت السياط تنهال على جسدها، وهى صابرة محتسبة على ما تجد من أليم العذاب، ثم أمر بوضع رحًى على صدرها، وأن تُلقى عليها صخرة عظيمة، لكنها دعتْ ربها أن ينجيها من فرعون وعمله .
    فاستجاب اللَّه دعاءها، وارتفعت روحها إلى بارئها، تظلِّلُها الملائكة بأجنحتها؛ لتسكن فى الجنة، فقد آمنت بربها، وتحملت من أجل إيمانها كل أنواع العذاب، فاستحقت أن تكون من نساء الجنة الخالدات.
    وصدق رسول اللَّه ( حين قال: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" [البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:16

    زوجة موسى





    زوجة الفراسة والحياء




    ( زوجة موسى )

    يقول ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة ؛ صاحب يوسف حين قال لامرأته: (أَكْرِمِى مَثْوَاهُ) [يوسف:21]، وصاحبة موسى حين قالت: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) [القصص: 26]، وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.
    ولكن ما الذى أخرج موسى من مصر إلى أرض مدين فى جنوب فلسطين؛ ليتزوج من ابنة الرجل الصالح، ويرعى له الغنم عشر سنين ؟!
    كان موسى يعيش فى مصر، وبينما هو يسير فى طريقه رأى رجلين يقتتلان؛ أحدهما من قومه "بنى إسرائيل"، والآخر من آل فرعون. وكان المصرى يريد أن يسخِّر الإسرائيلى فى أداء بعض الأعمال، واستغاث الإسرائيلى بموسى، فما كان منه إلا أن دفع المصرى بيده فمات على الفور، قال تعالي: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِين)[القصص: 15].
    وفى اليوم التالى تشاجر اليهودى مع رجل آخر فاستغاث بموسى -عليه السلام- مرة ثانية فقال له موسى: إنك لَغَوِى مُبين؛ فخاف الرجل وباح بالسِّرِّ عندما قال: أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسًا بالأمس، فعلم فرعون وجنوده بخبر قتل موسى للرجل، فجاء رجل من أقصى المدينة يحذر موسى، فأسرع بالخروج من مصر، وهو يستغفر ربه قائلاً: (رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [القصص :16].
    وخرج موسى من مصر، وظل ينتقل حتى وصل إلى أرض مَدْين فى جنوب فلسطين، وجلس موسى -عليه السلام- بالقرب من بئر، ولكنه رأى منظرًا لم يعجبه؛ حيث وجد الرعاة يسقون ماشيتهم من تلك البئر، وعلى مقربة منهم تقف امرأتان تمنعان غنمهما عن ورود الماء؛ استحياءً من مزاحمة الرجال، فأثر هذا المنظر فى نفس موسى؛ إذ كان الأولى أن تسقى المرأتان أغنامهما أولاً، وأن يفسح لهما الرجال ويعينوهما، فذهب موسى إليهما وسألهما عن أمرهما، فأخبرتاه بأنهما لا تستطيعان السقى إلا بعد أن ينتهى الرجال من سقى ماشيتهم، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذا الأمر، فتقدم ليسقى لهما كما ينبغى أن يفعل الرجال ذوو الشهامة، فزاحم الرجال وسقى لهما، ثم اتجه نحو شجرة فاستظل بظلها، وأخذ يناجى ربه: (رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) [القصص: 24].
    وعادت الفتاتان إلى أبيهما، فتعجب من عودتهما سريعًا. وكان من عادتهما أن تمكثا وقتًا طويلا حتى تسقيا الأغنام، فسألهما عن السبب فى ذلك، فأخبرتاه بقصة الرجل القوى الذى سقى لهما، وأدى لهما معروفًا دون أن يعرفهما، أو يطلب أجرًا مقابل خدمته، وإنما فعل ذلك مروءة منه وفضلا.
    وهنا يطلب الأب من إحدى ابنتيه أن تذهب لتدعوه، فجاءت إليه إحدى الفتاتين تمشى على استحياء، لتبلغه دعوة أبيها: (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) [القصص: 25]. واستجاب موسى للدعوة، فلما وصل إلى الشيخ وقصّ عليه قصته، طمأنه الشيخ بقوله: (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[القصص: 25].
    وعندئذ سارعت إحدى الفتاتين -بما لها من فراسة وفطرة سليمة، فأشارت على أبيها بما تراه صالحًا لهم ولموسى -عليه السلام-: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِين)[القصص: 26]. فهى وأختها تعانيان من رعى الغنم، وتريد أن تكون امرأة مستورة، لا تحتكّ بالرجال الغرباء فى المرعى والمسقي، فالمرأة العفيفة الروح لا تستريح لمزاحمة الرجال. وموسى فتى لديه من القوة والأمانة ما يؤهله للقيام بهذه المهمة، والفتاة تعرض رأيها بكل وضوح، ولا تخشى شيئًا، فهى بريئة النفس، لطيفة الحسّ.
    ويقتنع الشيخ الكبير لما ساقته ابنته من مبررات بأن موسى جدير بالعمل عنده ومصاهرته، فقال له: (إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص :27-28].
    ولـمَّا وَفَّى موسى الأجل وعمل فى خدمة صِهْرِه عشر سنين، أراد أن يرحل إلى مصر، فوافق الشيخ ودعا له بالخير، فخرج ومعه امرأته وما أعطاه الشيخ من الأغنام، فسار موسى من مدين إلى مصر.
    وهكذا كانت زوجة موسى - رضى اللَّه عنها - نموذجًا للمؤمنة، ذات الفراسة والحياء، وكانت قدوة فى الاهتمام باختيار الزوج الأمين العفيف
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:17

    أم موسى





    المتوكلة




    (أم موسى)

    تحت صرخات امرأة ذُبح ابنها، فتحت أيارخا زوجة عمران الباب، بعد أن ابتعدت أقدام جنود فرعون، واختفت ضحكاتهم الوحشية، ومضت إلى جارتها، التى كانت أقرب إلى الموت منها إلى الحياة، تخفف عنها آلامها، وتواسيها فى أحزانها.
    كان بنو إسرائيل فى مصر يمرون بأهوال كثيرة، فقد ضاق بهم "فرعون"، وراح يستعبدهم ويسومهم سوء العذاب؛ نتيجة ما رأى فى منامه من رؤيا أفزعته، فدعا المنجِّمين لتأويل رؤياه، فقالوا: سوف يولد فى بنى إسرائيل غلام يسلبك المُلك، ويغلبك على سلطانك، ويبدل دينك. ولقد أطل زمانه الذى يولد فيه حينئذٍ.
    ولم يبالِ فرعون بأى شيء سوى ما يتعلق بملكه والحفاظ عليه، فقتل الأطفال دون رحمة أو شفقة، وأرسل جنوده فى كل مكان لقتل كل غلام يولد لبنى إسرائيل .
    وتحت غيوم البطش السوداء، ورياح الفزع العاتية، وصرخات الأمهات وهن يندبن أطفالهن الذين قُتِلوا ظلمًا، كان الرعب يسيطر على كيان زوجة عمران، ويستولى الخوف على قلبها، فقد آن وضع جنينها وحان وقته، وسيكون مولده فى العام الذى يقتل فرعون فيه الأطفال. واستغرقت فى تفكير عميق، يتنازع أطرافه يقين الإيمان ولهفة الأم على وليدها، ووسوسة الشيطان الذى يريد أن يزلزل فيها ثبات الإيمان، لذلك كانت تستعين دائمًا باللَّه، وتستعيذ به من تلك الوساوس الشريرة .
    ولما أكثر جنود فرعون من قتل ذكور بنى إسرائيل قيل لفرعون: إنه يوشك إن استمر هذا الحال أن يموت شيوخهم وغلمانهم، ولا يمكن لنسائهم أن يقمن بمايقوم به الرجال من الأعمال الشاقة فتنتهى إلينا، حيث كان بنو إسرائيل يعملون فى خدمة المصريين فأمر فرعون بترك الولدان عامًا وقتلهم عامًا، وكان رجال فرعون يدورون على النساء فمن رأوها قد حملت، كتبوا اسمها، فإذا كان وقت ولادتها لا يولِّدها إلا نساء تابعات لفرعون . فإن ولدت جارية تركنها، وإن ولدت غلامًا؛ دخل أولئك الذباحون فقتلوه ومضوا. ولحكمة اللَّه -تعالى وعظمته- لم تظهر على زوجة عمران علامات الحمل كغيرها ولم تفطن لها القابلات ، وما إن وضعت موسى - عليه السلام- حتى تملكها الخوف الشديد من بطش فرعون وجنوده، واستبد بها القلق على ابنها موسى، وراحت تبكى حتى جاءها وحى اللَّه عز وجل آمرًا أن تضعه داخل صندوق وتلقيه فى النيل. قال تعالي: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص :7].
    وكانت دار أم موسى على شاطئ النيل، فصنعت لوليدها تابوتًا وأخذت ترضعه، فإذا دخل عليها أحد ممن تخافه، ذهبت فوضعته فى التابوت، وسَـيرَتْـهُ فى البحر، وربطته بحبل عندها.
    وذات يوم، اقترب جنود فرعون، وخافت أم موسى عليه، فأسرعت ووضعته فى التابوت، وأرسلته فى البحر، لكنها نسيت فى هذه المرة أن تربط التابوت، فذهب مع الماء الذى احتمله حتى مرَّ به على قصر فرعون. وأمام القصر توقف التابوت، فأسرعت الجوارى وأحضرنه، وذهبن به إلى امرأة فرعون، فلما كشفت عن وجهه أوقع اللَّه محبته فى قلبها، فقد كانت عاقرًا لا تلد. وذاع الخبر فى القصر، وانتشر نبأ الرضيع حتى وصل إلى فرعون، فأسرع فرعون نحوه هو وجنوده وهمّ أن يقتله، فناشدته امرأته أن يتركه، وقالت له: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [القصص: 9].
    كاد قلب أم موسى أن يتوقف، فهى ترى ابنها عائمًا فى صندوق وسط النهر، ولكنَّ الله صبرها، وثبتها، وقالت لابنتها: اتبعيه، وانظرى أمره، ولا تجعلى أحدًا يشعر بك. وكان قلبها ينفطر حزنًا على مصير وليدها الرضيع الذى جرفه النهر بعيدًا عنها (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) [القصص: 10-11].
    فرحت امرأة فرعون بموسى فرحًا شديدًا، ولكنه كان دائم البكاء، فهو جائع، ولكنه لا يريد أن يرضع من أية مرضعة، فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون امرأة تصلح لرضاعته، فلما رأته أخته بأيديهم عرفته، ولم تُُظِْْهِْر ذلك، ولم يشعروا بها، فقالت لهم: أعرف من يرضعه. وأخذته إلى أمه.( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ. فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَى تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[القصص: 12-13]. هذا هو القدر الإلهى يظهر منه ومضات ليتيقن الناس أن خالق السَّماوات والأرض قادر على كل شيء: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].
    وما إن وصل موسى -عليه السلام- إلى أمه حتى أقبل على ثديها، ففرحت الجوارى بذلك فرحًا شديدًا، وذهب البشير إلى امرأة فرعون، فاستدعت أم موسى، وأحسنت إليها، وأعطتها مالا كثيرًا - وهى لا تعرف أنها أمه-، ثم طلبتْ منها أن تُقيم عندها لترضعه فرفضتْ، وقالت : إن لى بعلا وأولادًا، ولاأقدر على المقام عندك، فأخذته أم موسى إلى بيتها، وتكفلت امرأة فرعون بنفقات موسى. وبذلك رجعت أم موسى بابنها راضية مطمئنة، وعاش موسى وأمه فى حماية فرعون وجنوده، وتبدل حالهما بفضل صبر أم موسى وإيمانها.
    ولم يكن بين الشدة والفرج إلا يوم وليلة، فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن اتقاه من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:19

    سارة





    المهاجرة




    (سارة)

    خرجتْ مهاجرة فى سبيل الله مع زوجها وابن أخيه لوط -عليهما السلام- إلى فلسطين.
    ولما اشتد الجفاف فى فلسطين هاجرت مع زوجها مرة أخرى إلى مصر. وسرعان ما انتشر خبرهما عند فرعون مصر الذى كان يأمر حراسه بأن يخبروه بأى امرأة جميلة تدخل مصر.
    وذات يوم، أخبره الجنود أن امرأة جميلة حضرتْ إلى مصر، فلما علم إبراهيم بالأمر قال لها: "إنه لو علم أنك زوجتى يغلبنى عليكِ، فإن سألك فأخبريه بأنك أختي، وأنت أختى فى الإسلام، فإنى لا أعلم فى هذه الأرض مسلمًا غيرك وغيري".
    وطلب فرعون من جنوده أن يحضروا هذه المرأة، ولما وصلت إلى قصر فرعون دعت اللَّه ألا يخذلها، وأن يحيطها بعنايته، وأن يحفظها من شره، وأقبلت تتوضأ وتصلى وتقول: "اللهم إن كنتَ تعلم أنى آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجى إلا على زوجي، فلا تسلط على هذا الكافر".فاستجاب اللَّه دعاء عابدته المؤمنة فشَلّ يده عنها -حين أراد أن يمدها إليها بسوء- فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدى ولا أضرك. فدعت سارة ربها؛ فاستجاب الله دعاءها، فعادت يده كما كانت، ولكنه بعد أن أطلق اللَّه يده أراد أن يمدها إليها مرة ثانية؛ فَشُلّت، فطلب منها أن تدعو له حتى تُطْلق يده ولا يمسها بسوء، ففعلت، فاستجاب الله دعاءها، لكنه نكث بالعهد فشُلّت مرة ثالثة. فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدي، وعهدٌ لا نكث فيه ألا أمسّك بسوء، فدعت اللَّه فعادت سليمة، فقال لمن أتى بها: اذهب بها فإنك لم تأتِ بإنسان، وأمر لها بجارية، وهى "هاجر" -رضى الله عنها- وتركها تهاجر من أرضه بسلام.
    ورجع إبراهيم وزوجه إلى فلسطين مرة أخري، ومضى "لوط" -عليه السلام- فى طريقه إلى قوم سدوم وعمورة (الأردن الحالية) يدعوهم إلى عبادة اللَّه، ويحذرهم من الفسوق والعصيان. ومرت الأيام والسنون ولم تنجب سارة بعد ابنًا لإبراهيم، يكون لهما فرحة وسندًا، فكان يؤرقها أنها عاقر لا تلد، فجاءتها جاريتها هاجر ذات مرة؛ لتقدم الماء لها، فأدامت النظر إليها، فوجدتها صالحة لأن تهبها إبراهيم، لكن التردد كان ينازعها؛ خوفًا من أن يبتعد عنها ويقبل على زوجته الجديدة، لكن بمرور الأيام تراجعت عنها تلك الوساوس، وخفَّت؛ لأنها تدرك أنّ إبراهيم - عليه السلام - رجل مؤمن، طيب الصحبة والعشرة، ولن يغير ذلك من أمره شيئًا.
    وتزوَّج إبراهيم -عليه السلام- "هاجر"، وبدأ شيء من الغيرة يتحرك فى نفس سارة، بعد أن ظهرت علامات الحمل على هاجر، فلمّا وضعت هاجر طفلها إسماعيل - عليه السلام - طلبت سارة من إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأمر أراده اللَّه أخذ إبراهيم هاجر وابنها الرضيع إلى وادٍ غير ذى زرع من أرض مكة عند بيت الله الحرام، فوضعهما هناك مستودعًا إياهما اللَّه، وداعيا لهما بأن يحفظهما الله ويبارك فيهما، فدعا إبراهيم -عليه السلام- ربه بهذا الدعاء: (رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاس تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم :37] .
    لكن آيات الله لا تنفد، فأراد أن يظهر آية أخرى معها. وذات يوم، جاء نفرٌ لزيارة إبراهيم عليه السلام؛ فأمر بذبح عجل سمين، وقدمه إليهم، لكنه دهش لما وجدهم لا يأكلون، وكان هؤلاء النفر ملائكة جاءوا إلى إبراهيم -عليه السلام- فى هيئة تجار، ألقوا عليه السلام فرده عليهم . قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ. فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوط) [هود: 69-70] .
    قال تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) [هود : 47-48]
    وأخبرت الملائكة إبراهيم - عليه السلام- أنهم ذاهبون إلى قوم لوط؛ لأنهم عصوا نبى الله لوطًا، ولم يتبعوه.
    وقبل أن تترك الملائكة إبراهيم -عليه السلام- بشروه بأن زوجته سارة سوف تلد ولدًا اسمه إسحاق، وأن هذا الولد سيكبر ويتزوج، ويولد له ولد يسميه يعقوب.
    ولما سمعت سارة كلامهم، لم تستطع أن تصبر على هول المفاجأة، فعبَّرت عن فرحتها، ودهشتها كما تعبر النساء؛ فصرخت تعجبًا مما سمعت، وقالت: (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)[هود: 72-73] .
    وحملت سارة بإسحاق - عليه السلام - ووضعته، فبارك اللَّه لها ولزوجها فيه ؛ ومن إسحاق انحدر نسل بنى إسرائيل .
    هذه هى سارة زوجة نبى اللَّه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- التى كانت أول من آمن بأبى الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حين بعثه اللَّه لقومه يهديهم إلى الرشد، ثم آمن به لوط ابن أخيه - عليه السلام -، فكان هؤلاء الثلاثة هم الذين آمنوا على الأرض فى ذلك الوقت. وماتت سارة ولها من العمر 127 عامًا
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:21

    هاجر





    أم الذبيح




    (هاجر)

    هناك.. فى صحراء مكة القاحلة.. حيث لا زرع ولا ماء.. ولا أنيس ولا رفيق.. تركها زوجها هى ووليدها.. ثم مضى فى طريق عودته، وترك لهم تمرًا وماءً.
    فنادته زوجته وهى تقول: يا إبراهيم! أين تذهب وتتركنا فى هذا الوادي، الذى ليس فيه أنيس ولا شيء؟! فلم يلتفت إليها الزوج، وكأنه على يقين من وعد الله الذى لا يتخلف ولا يخيب.
    فقالت الزوجة -وكأنها أدركت أن أمرًا ما يمنع زوجها من الرد عليها-: الله أمرك بهذا؟
    فيرد الزوج: نعم.
    فتقول الزوجة التى آمنت بربها، وعرفت معنى اليقين بصِدْقِ وَعْدِ الله، وفهمت كيف تكون معينة لزوجها على طاعة ربها، تقول فى غير تردد ولا قلق: إذن لا يضيعنا. وانصرف إبراهيم -عليه السلام- وهو يدعو ربه ويقول: (ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون. ربنا إنك تعلم ما نخفى وما نعلن وما يخفى على الله من شيء فى الأرض ولا فى السماء)[إبراهيم 37-38].
    ونفد الماء والزاد، والأم لا تجد ما تروى به ظمأ طفلها، وقد جفّ لبنها فلا تجد ما ترضعه. فيتلوى الطفل جوعًا وعطشًا، ويصرخ، ويتردد فى الصحراء والجبال صراخه الذى يدمى قلب الأم الحنون.
    وتسرع الأم وتصعد على جبل الصفا، لتنظر أحدًا ينقذها هى وطفلها من الهلاك، أو تجد بعض الطعام أو الشراب. ولكنها لا تجد فتنزل مسرعة وتصعد جبل المروة، وتفعل ذلك سبع مرات حتى تمكن منها التعب، وأوشك اليأس أن يسيطر عليها، فيبعث الله جبريل -عليه السلام- فيضرب الأرض بجناحه؛ لِتَخْرُجَ عينُ ماءٍ بجانب الصغير، فتهرول الأم نحوها وقلبها ينطلق بحمد الله على نعمته، وجعلت تغرف من مائها، وتحاول جاهدة إنقاذ فلذة كبدها، وتقول لعين الماء: زُمّى زُمّي، فسميت هذه العين زمزم.
    يقول النبى (: "يرحم الله أم إسماعيل، لو تركت زمزم لكانت زمزم عينًا عينًا" [البخاري].
    إنها هاجر، أم إسماعيل، وزوجة إبراهيم خليل الله - رضى الله عنها -. عُرِفَتْ فى التاريخ بأمِّ العَرَب العدنانيين.
    وَهَبَهَا ملكُ مِصرَ إلى السيدة سارة -زوج إبراهيم الأولي-، عندما هاجرا إلى مصر. ولما أدركت سارة أنها كبرت فى السن، ولم تنجب، وهبت هاجر لزوجها ليتزوجها، عسى الله أن يرزقه منها الولد.
    وتزوج إبراهيم -عليه السلام- السيدة هاجر، وبدت عليها علامات الحمل، ثم وضعت إسماعيل -عليه السلام- ووجدت الغيرة طريقها إلى قلب السيدة سارة، فكأنها أحست أنها فقدت المكانة التى كانت لها فى قلب زوجها من قبل، فطلبت منه أن يأخذ السيدة هاجر بعيدًا عنها، فأخذها سيدنا إبراهيم -عليه السلام- إلى صحراء مكة، بأمرٍ من الله، ولحكمة يريدها عز وجل، وحدث ما حدث لها ولوليدها.
    ومرت الأيام بطيئة ثقيلة، حتى نزل على هاجر وابنها إسماعيل بعض أناس من قبيلة "جُرْهُم" وأرادوا البقاء فى هذا المكان؛ لما رأوا عندها الماء، فسمحت لهم بالسكن بجانبها، ومشاركتها فى الشرب من ماء زمزم، واستأنست بهم، وشب الطفل الرضيع بينهم، وتعلم اللغة العربية منهم، ولما كبر تزوج امرأة منهم.
    هذه هى هاجر أم الذبيح وأم العرب العدنانيين، رحلت عنا بعدما تركت لنا مثالا رائعًا للزوجة المطيعة، والأم الحانية، والمؤمنة القوية ؛ فقد أخلصت النية للَّه تعالي، فرعاها فى وحشتها، وأمَّنها فى غيبة زوجها، ورزقها وطفلها من حيث لا تحتسب.
    وقد جعل الله - سبحانه - ما فعلته السيدة هاجر - رضى الله عنها- من الصعود والسعى بين الصفا والمروة من أعمال الحج.
    قيل إنها توفيت وعندها من العمر 90 سنة، ودفنها إسماعيل -عليه السلام- بجانب بيت الله الحرام
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:23

    حواء





    الأم




    ( حواء )

    كان الأب الأول للخلق جميعًا يعيش وحده بين أشجار الجنة وظلالها، فأراد الله أن يؤنس وحشته، وألا يتركه وحيدًا، فخلق له من نفسه امرأة، تقر بها عينه، ويفرح بها قلبه، وتسكن إليها نفسه، وتصبح له زوجة يأنس بها، فكانت حواء، هدية الله إلى أبى البشر آدم -عليه السلام- وأسكنهما الله الجنة، وأباحها لهما يتمتعان بكل ما فيها من ثمار، إلا شجرة واحدة أمرهما أن لا يأكلا منها: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ)[البقرة: 35].
    وعاشت حواء مع آدم بين أشجار الجنة يأكلان مما فيها من فواكه كثيرة وخيرات متعددة، وظلا على عهدهما مع اللَّه،لم يقربا الشجرة التى حرمها عليهما.
    لكن إبليس اللعين لم يهدأ له بال، وكيف يهدأ بالُه وهو الذى توعد آدم وبنيه بالغواية والفتنة؟! وكيف تستريح نفسه وهو يرى آدم وحواء يتمتعان فى الجنة؟! فتربص بهما، وفكر فى طريقة تخرجهما من ذلك النعيم، فأخذ يدبر لهما حيلة؛ ليعصيا اللَّه، ويأكلا من الشجرة؛ فيحلَّ عليهما العقاب.
    ووجد إبليس الفرصة ! فقد هداه تفكيره الخبيث لأن يزين لآدم وحواء الأكل من الشجرة التى حرمها الله عليهما، لقد اهتدى لموطن الضعف عند الإنسان، وهو رغبته فى البقاء والخلود: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِى لَهُمَا مَا وُورِى عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ. وَقَاسَمَهُمَا إِنِّى لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)[الأعراف: 20-21] .
    وهكذا زين لهما الشيطان الأكل من الشجرة، وأقسم لهما أنه لهما ناصح أمين، وما إن أكلا من الشجرة حتى بدت لهما عوراتهما، فأسرعا إلى أشجار الجنة يأخذان منها بعض الأوراق ويستتران بها. ثم جاء عتاب اللَّه لهما، وتذكيرهما بالعهد الذى قطعاه معه -سبحانه وتعالي-: (فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا)
    عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِين)[الأعراف : 22].
    وعرف آدم وحواء أن الشيطان خدعهما وكذب عليهما فندما على ما كان منهما فى حق اللَّه سبحانه، ولكن ماذا يصنعان؟ وكيف يصلحان ما أفسد الشيطان؟!! وهنا تنزلت كلمات اللَّه على آدم، ليتوب عليه وعلى زوجه (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه)[البقرة: 37]. وكانت تلك الكلمات هي: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)[الأعراف: 23].
    وبعد ذلك.. أهبطهما ربهما إلى الأرض، وأهبط معهما الشيطان وأعوانه، ومخلوقات أخرى كثيرة: وقلنا اهبطوا بعضكم عدوٌ ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين)[البقرة : 36].
    وهكذا بدأت الحياة على الأرض، وبدأت معركة الإنسان مع الشيطان، وقدر اللَّه لآدم وحواء أن يعمرا الأرض، وتنتشر ذريتهما فى أرجاء المعمورة. ثم نزلت لهم الرسالات السماوية التى تدعو إلى التقوى. قال تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)[النساء:1].
    وظلت حواء طائعة لله -تعالى- حتى جاء أجلها
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:24

    سمية بنت خياط





    أول شهيدة فى الإسلام




    (سمية بنت خياط)

    ما كادتْ تسمع بدعوة النبي حتى دخلتْ فى دين الله تعالى، فلما راح المشركون يعذبون من آمن، فصبُّوا عليها من عذابهم قسطًا كبيرًا عساها ترتد وترجع، فأبت إلا الإسلام، فقتلوها، فكانت أول شهيدة فى الإسلام.
    إنها الصحابية الجليلة، سُمَـيّة بنتُ خَـيَّاط، زوجة ياسر، وأم عمار -رضى الله عنهم-.
    كانت مولاة لأبى حذيفة بن المغيرة المخزومي، وكان ياسر حليفًا لأبى حذيفة، فزّوجه من سمية، فولدت له عَمّارًا، ولما ظهرتْ فى مكة دعوةُ الإسلام سبقتْ إليها سمية وابنها عمار، ثم لحق بهما زوجها. قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام بمكة، سبعة: رسول الله، وأبو بكر، وبلال، وخَبَّاب، وصُهَيْب، وعمَّار، وسُمَيَّة.
    وأخذ أهل مكة يعذبون من أسلم. فقام آل بنى المغيرة بتعذيب سمية؛ لترجع عن دينها، ولكن هيهات هيهات، فالإيمان قد استقر فى قلبها، فلا يزحزحه أى تعذيب أو اضطهاد.
    وكان يمر على المعذبين من المسلمين يوصيهم بالصبر، وكلما مر على سمية وزوجها ياسر، وابنهما عمار، وهم يعذبون العذاب الشديد يقول: "صبرًا آل ياسر، إن موعدكم الجنة" [الطبراني].
    وإن كان صبر الرجال المسلمين على العذاب الشديد عجيبًا، فأعجب منه أن تصبر عليه امرأة، وصبرها على التمسك بدينها يهون إلى جانبه الصبر على الألم، مهما زاد واشتد.
    وذات يوم مر عليها أبو جهل فسمعها تردد كلمات الإيمان: أحد. أحد. الله أكبر. الله أكبر. فأمرها أن تكفر بمحمد ودينه، فامتنعت، فأخذ حربة فطعنها بها، فسقطت شهيدة، وكانت -رضى الله عنها- كبيرة السن، عظيمة الإيمان، ضعيفة الجسم، قوية اليقين، رمزًا للصمود، وأمارة على قوة العقيدة، فلما كان يوم بدر قتل أبو جهل، فقال النبي لعمار: "قتل الله قاتل أمِّك" [ابن سعد
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:26

    أسماء بنت أبى بكر





    ذات النطاقين




    (أسماء بنت أبى بكر)

    أسلمت مبكرًا، وعاشت حياتها تنصر الإسلام فى شجاعة وبطولة، وتضرب المثل فى التضحية والفداء، فتقول: لما خرج رسول اللَّه ( أتانا نفر من قريش، منهم أبو جهل عمرو بن هشام، فوقفوا على باب أبى بكر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك يا بنت أبى بكر؟ قلتُ: لا أدرى واللَّه أين أبي، فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشًا خبيثًا، فلطم خدِّى لطمة خرَّ منها قُرْطي(نوع من حلى الأذن)، ثم انصرفوا.
    فمضت ثلاث ليالٍ ما ندرى أين توجّه رسولُ اللَّه ( ، إذ أقبل صوت من أسفل مكة، يغنى بأبيات شعرٍ غنى بها العربُ، وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته ولا يرونه، حتى خرج بأعلى مكة، فقال:
    جَزَى اللَّـهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِـهِ
    رَفِيقَـيْنِ قَالا خَـيْمَـتَى أمِّ مَعْــبَـدِ
    هُمَـا نَزَلا بِالهُـــدَي، فَاهْـَتَـدَتْ بِهِ
    فَأفْلَحَ مَنْ أمْسَى رَفِيقَ مُحَـمَّــدِ
    لِيهْنِ بنى كَـعْـبٍ مَـكَانُ فَـتَاتِـهِـمْ
    وَمَقْعَدُهَـا لِلْمُـؤْمِنِينَ بِمَـرْصَــدِ
    [ابن هشام].
    فلما سمعنا قوله - عَرَفْنا حيث وجَّه رسول اللَّه (، وأن وَجْهَهُ إلى المدينة، وكانوا أربعة: رسول اللَّه (، وأبو بكر، وعامر ابن فهيرة مولى أبى بكر، وعبد اللَّه بن أريقط دليلهم.
    إنها السيدة الفاضلة أسماء بنت أبى بكر الصديق بن أبى قحافة، وأمها قُتيلة بنت عبد العُزّى بن عبد بن أسعد بن نصربن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وأخت عبد اللَّه بن أبى بكر لأبيه وأمه، وأخت عائشة لأبيها، وكانت أَكبر من عائشة فى السن، ووالدة عبد الله بن الزبير، وآخر المهاجرات وفاة.
    ولدت أسماء قبل الهجرة النبوية بسبع وعشرين سنة. وتزوجت من الزبير بن العوام قبل هجرتها إلى المدينة.. فلما استقر النبي ( وصحبه هاجرت مع زوجها وكانت حاملاً، وفى المدينة، ولدت عبد اللَّه بن الزبير، فكان أول مولود فى الإسلام بالمدينة بعد هجرة المصطفى (، كما ولدت له عروة، والمنذر، والمهاجر، وعاصم، وخديجة الكبري، وأم حسن، وعائشة.
    وسُميت "ذات النطاقين" لأنه لما تجهز رسول اللَّه للهجرة ومعه أبو بكر الصديق أرادت أن تجهز طعامًا، ولم تجد ما تربطه به، فشقت نطاقها نصفين، نصفًا تربط به الطعام، ونصفًا لها. [البخارى ومسلم وابن هشام].
    فقال لها رسول اللَّه (: "قد أبدلكِ اللَّه بنطاقكِ هذا نطاقين فى الجنة". فقيل لها: ذات النطاقين.[ابن سعد].
    وكانت -رضى الله عنها- صامدة صابرة، بعد هجرة أبيها (أبى بكر) إلى المدينة، حسنة التصرف والتدبير، قالت: ولما توجه رسول اللَّه ( من مكة إلى المدينة -ومعه أبوبكر- حمل أبو بكر معه جميع ماله: خمسة آلاف أوستة آلاف، فأتانى جدى أبوقحافة، وقد ذهب بصره، فقال: إن هذا واللَّه قد فجعكم بمالِه مع نَفسه! فقلت: كلا يا أبتِ! قد ترك لنا خيرًا كثيرًا.
    فعمدتُ إلى أحجار فجعلتهن فى كوة فى البيت - كان أبو بكر يجعل ماله فيها - وغطيت على الأحجار بثوب، ثم جئتُ به، فأخذتُ بيده فوضعتُها على الثوب، فقلتُ: ترك لنا هذا ! فجعل يَجِدُ مسّ الحجارة من وراء الثوب. فقال: لا بأس، إن كان ترك لكم هذا، فقد أحسن، ففى هذا لكم بلاغ. قالت: لا والله ما ترك لنا شيئًا، لكن أردت أن أسكن الشيخ بذلك [أبو نعيم].
    وكانت تثق فيما عند الله ورسوله، وترتاح إليه، فذات يوم بعثت إلى أختها عائشة -لما أصابها ورم فى رأسها ووجهها-: اذكرى وجعى لرسول اللَّه (، لعل اللَّه يشفيني. فذكرت عائشة لرسول اللَّه ( وجعَ أسماء، فانطلق رسول اللَّه ( حتى دخل على أسماء، فوضع يده على وجهها ورأسها من فوق الثياب. وقال: "اللهم عافها من فحشه وأذاه" [ابن سعد].
    وكانت -رضى الله عنها- تؤثر رضا الله تعالى، وتجعل دونه كل رضا، فلما جاءتها أمها "قتيلة بنت عبد العزى" -وكانت مشركة- وقدَّمت لها هدايا، فرفضت أن تقبلها، وقالت: لا أقبلها حتى يأذن لى رسول اللَّه (، ولا تدخلى علي. فذكرت ذلك عائشةُ للنبى ( فأنزل اللَّه: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)[الممتحنة: 8].
    وكانت تقول ما تراه حقًا وما تتمناه صدقًا، مصرحة بذلك من غير إيماء ولا استحياء، فقد حدّث هشام بن عروة عن أبيه، قال: دخلت أنا وعبد اللَّه بن الزبير على أسماء -قبل قتل ابن الزبير بعشر ليالٍ، وأنها وَجِعَة- فقال عبد اللَّه: كيف تجدينك؟ قالت: وجِعَة. قال: إن فى الموت لعافية. قالت: لعلك تشتهى موتي، فلذلك تتمناه، فلا تفعل. فالتفت إلى عبد اللَّه فضحكت، فقالت: واللَّه ما أشتهى أن أموت حتى يأتى على أحد طرفيك: إما أن تُقتل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقرَّ عينى عليك.
    وإياك أن تُعرضَ على خطة فلا توافق. فتقبلها كراهية الموت. [أبو نعيم وابن إسحاق].
    وكانت باحثة عن الحق، فإذا وجدته كانت أسرع الناس عملاً به، ومرشدة غيرها إليه؛ حرصًا على عموم النفع والخير، وتوضيحًا لما استشكل من الأمور، فقد دخل عليها عبد اللَّه -بعد أن خذله أنصاره مستيئسين من النصر على الحَجَّاج- فقال لها: يا أماه! ما ترين؟ قد خذلنى الناس، وخذلنى أهل بيتي! فقالت: لايلعَبنَّ بك صبيان بنى أمية. عِشْ كريمًا أو مِتْ كريمًا. فخرج فأسند ظهره إلى الكعبة ومعه نفر يسير، فجعل يقاتل -فى شجاعة- جيش الحجاج.
    ولما ناداه الحجاج ليقبل الأمان ويدخل فى طاعة أمير المؤمنين، دخل على أمه أسماء، فقال لها: إن هذا - يعنى الحجاج - قد أمَّنني. قالت : يا بني، لا ترضَ الدنية، فإن الموت لابد منه. قال: إنى أخاف أن يمثََّل بي، قالت: يا بنى ما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها.
    عندئذٍ خرج فقاتل قتالاً باسلاً حتى استُشهد! وأقبل عليه الحجاج فحز رأسه، ثم بعث بها إلى عبد الملك بن مروان، وصلبه منكسًا، وعظم الأمر على أمه أسماء - وكان قد ذهب بصرها - فخرجت إلى الحجاج مع بعض جواريها، فلما دخلت عليه قالت: أما آن لهذا الراكب أن ينزل -تقصد ابنها عبد الله-؟ فقال الحجاج: المنافق؟ فقالت: لا واللَّه ماكان منافقًا. سمعتُ رسول اللَّه ( يقول: "يخرج فى ثقيف كذاب ومُبير (قاتل). فأما الكذاب فقد رأيناه -تقصد المختار الثقفي- وأما المبُِير فأنت هو! [الطبراني].
    ثم جاء كتاب عبد الملك بن مروان بإنزال ابنها من الخشبة ودفعه إلى أهله، فغسلتْه أمه أسماء وطَـيَّـبَـتْـهُ، ثم دفنتْه.
    وقد روت أسماء الكثير من الأحاديث، وروى عنها أبناؤها وأولادهم، فعن عبد اللَّه بن عروة بن الزبير، قال: قلتُ لجدتى أسماء: كيف كان أصحاب رسول اللَّه ( إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تَدْمعُ أعينهم، وتقشعر جلودهم، كما نعتهم اللَّه، قال: قلتُ: فإن ناسًا هاهنا إذا سمع أحدهم القرآن خر مغشيَّا عليه! فقالت: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم.
    امتد العمر بأسماء حتى بلغت مائة عام، وتُوفِيَت فى سنة 73 هجرية، ولم يسقط لها سن، ولم يُنكر لها عقل! رضى اللَّه عنها.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:30

    فاطمة بنت الخطاب





    أخت الفاروق




    (فاطمة بنت الخطاب)

    سُجل اسمها فى ذاكرة التاريخ ووعى الأمة من خلال إسلام أخيها "عمر بن الخطاب"، ويكفيها فخرًا واعتزازًا أن دعوة الرسول بأن يعز الله الإسلام بأحد العمرين قد تحققت على يديها.
    إنها أم جميل فاطمة بنت الخطاب أخت عمر -رضى الله عنهما- فيحكِى عمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنه- قصة إسلامه على يديها، فيقول: خرجتُ بعد إسلام حمزة بثلاثة أيام، فإذا بنعيم ابن عبد الله المخزومي، فقلتُ له: أرَغِبْتَ عن دين آبائك إلى دين محمد؟ قال: قد فعل ذلك من هو أعظم عليكَ حقَّا مني. فقلتُ: ومَنْ هو؟ قال: أختك فاطمة وخَتنُك (صهرك) زوجها، (سعيد بن زيد).
    فانطلقتُ فوجدتُ الباب مغلقًا، وسمعتُ هَمْهَمَة، ولما فُتِح الباب - دخلتُ، فقلتُ: ما هذا الذي أسمعُ؟ قالتْ فاطمة: ما سمعت شيئًا. فما زال الكلام بيننا حتى أخذتُ برأسها، فقالتْ: قد كان ذلك على رغم أنفك، فاستحييتُ حين رأيت الدم.
    وقلت: أرونى الكتاب الذي سمعتكم تقرءون آنفًا. فقالت: إنا نخشاك عليه، فقلتُ: لا تخافى وحلفت بالآلهة لأردّنه -إذا قرأتُه- إليهم، فقالت: إنه لا يمسهٍ إلا بالمطهرون، فاغتسلتُ، فقرأتُ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم: (طه. ما أنزلنا علك القرآن لتشقى. إلا تذكرة لمن يخشي تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى الرحمن على العرش استوى) [طه: 1-5].
    فقلتُ: ما أحسنَ هذا الكلام وأكرمَه، فلما سمع منى خَبَّاب بن الأَرَتّ هذا الكلام خرج من مخبئه، حيث كان يُقْرِئها وزوجَها القرآن، فلما سمعنى -أَطْرُق على الباب- خشى وتخفّى فيه، فقال: يا عمر. إنى لأرجو اللَّه أن يكون قد خصَّك بدعوة نبيه، فإنِّى سمعتُه أمس وهو يقول: "اللهم أيِّد الإسلام بأبى الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب" (وفى رواية: بأحد العُمَرَيْن) فاللهَ اللهَ يا عمر.
    فقلتُ لخباب: دلنى على محمد؛ حتى آتيه فأُُسْلِم. فأخذنى إلى بيت الأرقـم بن أبى الأرقم (على الصفا)، حتى قلت أمـام رسـول اللَّه ، حينئذ كَبَّر رسول اللَّه ، فكَبَّر الصحابة وهللوا، وأعلنوا فرحتهم. [أبو نعيم].
    نشأت فاطمة فى بيت أبيها الخطاب بن نفيل المخزومى القُرشى صاحب الشرف والرفعة والفضائل العربية، وأمها هي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة.
    كانت فاطمة بنت الخطاب صحابية جليلة لها السبق إلى الإسلام، هي وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل -أحد العشرة المبشرين بالجنة- حيث أسلما قبل دخول النبي دار الأرقم، وأنجبت له عبد الرحمن.
    وقد كان لها دور مهم فى بداية الدعوة، فقد أعطتْ نموذجًا كريمًا للمرأة فى الكتمان والسرية حفاظًا على الإسلام وعلى رسـول الله ، وضربْت -كذلك- مثالا فى الشجاعة.
    يروى أن المشركين هاجموا المسلمين ذات يوم، وكان فيهم الرسول وأبو بكر، وضُرب أبو بكر ضربًا شديدًا، ثم حُمل إلى داره. فلما أفاق سأل أمه "أم الخير": مافعل رسول اللَّه ؟ فقالت: واللَّه مالى علم بصاحبك ! فقال: اذهبى إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه.
    فخرجَتْ حتى جاءت أمَّ جميل، فقالتْ: إن أبا بكر يسألكِ عن محمد بن عبد اللَّه، فقالت أم جميل: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد اللَّه، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك. قالتْ: نعم. فمضتْ معها حتى وجدتْ أبا بكر صريعًا، فاقتربتْ أم جميل منه، وصاحت: واللَّه إن قومًا نالوا هذا منك، لأهل فسق وكفر، وإنى لأرجو أن ينتقم اللَّه منهم. قال: فما فعل رسول اللَّه ؟ قالت: هذه أمك تسمع، قال: فلاشيء عليك منها. قالت: سالم صالح. قال: أين هو؟ قالت: فى دار ابن الأرقم. قال: فإن للَّه على لا أذوق طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى آتى رسول اللَّه . فأمهلتاه حتى سكن الناس. ثم خرجتا به يتكئ عليهما؛ حتى أدخلتاه علـى رسـول الله . وقد روت -رضى اللَّه عنها- عن النبي عدة أحاديث
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:31

    زبيدة زوجة الرشيد





    صاحبة القرآن




    (زبيدة زوجة الرشيد)
    أنصتْ.. استمعْ جيدًا.. تُرَى ما هذا الصوت الغريب القادم من قصر أمير المؤمنين هارون الرشيد، إنه صوتٌ يشبه دَوِىَّ النحل، تعالَ نقترب من القصر، ها قد اتضح الصوت: إنهن جوارى زبيدة زوجة الخليفة يحفظْنَ ويرتلْنَ القرآن الكريم.
    كانت زبيدة تتمنى بينها وبين نفسها أن تتزوج من ذلك الشاب اليافع، وها قد تحقق حلمها الذي كانت تحلم به، فقد عاد ابن عمها هارون الرشيد مع أبيه الخليفة "المهدى" من ميدان المعركة بعد أن حققا النصر على الروم، وستكون الفرحة فرحتين، فرحة النصر، وفرحة الزواج من هارون، نصبت الزينات وأقيمت الولائم التي لم يشهدها أحد من قبل فى بلاد العرب وازينت زبيدة بالحلى والجواهر، والمسك والعنبر والروائح الطيبة تنتشر فى مكان العرس، والناس مسرورون بهذا الزواج المبارك.
    وتزوجت زبيدة من هارون الرشيد، فملأ الحب قلبيهما، واستطاعت بذكائها ولباقتها أن تزيد من حبه لها حتى أصبح لايطيق فراقها ولا يملُّ صحبتها، ولا يرفض لها طلبًا.
    ومرت الأيام، وأنجبت زبيدة من هارون الرشيد ابنها "محمدًا" الأمين وقد أحبته كثيرًا، وكانت شديدة العطف عليه والرفق به لدرجة أنها بعثت ذات يوم جاريتها إلى الكسائى مؤدبه ومعلمه، وكان شديدًا عليه، تقول له : "ترفق بالأمين فهو ثمرة فؤادى وقرة عيني".
    وتولى هارون الرشيد الخلافة، فازداد الخير فى البلاد، واتسع ملكه، لدرجة جعلته يقول للغمامة حين تمر فوقه : "اذهبي فأمطري أَنَّى شئت، فإن خراجك سوف يأتى إلىَّ".
    ورأت "زبيدة" زوجة خليفة المسلمين أن تساهم فى الخير، وفى إعمار بلاد الإسلام، فحين حجت إلى بيت الله الحرام سنة 186هـ ، وأدركت ما يتحمله أهل مكة من المشاق والصعوبات فى الحصول على ماء الشرب، دعت خازن أموالها، وأمرته أن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء البلاد، وقالت له : اعمل ولو تكلَّفتْ ضَرْبةُ الفأس دينارًا. وحُفر البئر ليشرب منه أهل مكة والحجاج وعرف بعد ذلك ببئر زبيدة.
    ولم تكتفِ زبيدة بذلك، بل بَنَتْ العديد من المساجد والمبانى المفيدة للمسلمين، وأقامتْ الكثير من الآبار والمنازل على طريق بغداد، حتى يستريح المسافرون، وأرادت زبيدة أن تولى ابنها الأمين الخلافة بعد أبيه، لكن هارون الرشيد كان يرى أن المأمون وهو ابنه من زوجة أخرى أحق بالخلافة لذكائه وحلمه، رغم أنه أصغر من الأمين؛ فدخلت زبيدة على الرشيد تعاتبه وتؤاخذه، فقال لها الرشيد : ويحك، إنما هي أمة محمد (، ورعاية من استرعانى طوقًا بعنقى، وقد عرفت ما بين ابنى، وابنك يا زبيدة، ابنك ليس أهلا للخلافة؛ فقد زينه فى عينيك ما يزين الولد فى عين الأبوين، فاتَّقى الله ؛ فوالله إن ابنك لأحب إلىّ، إلا أنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان أهلا لها، ونحن مسئولون عن هذا الخلق ؛ فما أغنانا أنا نلقى الله بوِزْرِهِمْ، وننقلبَ إليه بإثمهم ؛ فدعينى حتى أنظر فى أمرى. وعلى الرغم من ذلك فقد عهد بولاية العهد لابنه "محمد الأمين"، ثم للمأمون من بعده.
    وحين دخل المأمون بغداد بعد مقتل الأمين، وكان صراع قد شب بينهما حول منصب الخلافة استقبلتْهُ، وقالت له: أهنيكَ بخلافة قد هنأتُ نفسى بها عنكَ، قبل أن أراكَ، ولئن كنتُ قد فقدتُ ابنًا خليفةً؛ لقد عُوِّضْتُ ابنًا خليفة لم ألِدْه، وما خسر من اعتاض مثلك، ولا ثكلت أم ملأت يدها منك، وأنا أسأل الله أجرًا على ما أخذ، وإمتاعًا بما عوض . فقال المأمون: ما تلد النساء مثل هذه. وماذا أبقت فى هذا الكلام لبلغاء الرجال.
    وتُوُفِّيت السيدة زبيدة فى بغداد سنة 216هـ بعد حياة حافلة بالخير والبر، فرحمة الله عليها.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:39

    نفيسة بنت الحسن





    نفيسة العلم




    (نفيسة بنت الحسن)
    كانت من العابدات الزاهدات القانتات لله، كما كانت مصباحًا أضاء الطريق للسالكين الحيارى، وقدوة احتذاها أهل التقوى والإيمان.
    فى مكة المكرمة، ولدت نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن ابن على بن أبى طالب، وكان ذلك اليوم السعيد بعد مائة وخمسة وأربعين عامًا من هجرة الرسول ( عام 145هـ.
    وفى البلد الحرام عاشت نفيسة مع أحفاد رسول الله (، فتأثرت بهم، وسارت على منهجهم؛ فحفظت القرآن الكريم، وأقبلت على فهم آياته وكلماته، كما حفظت كثيرًا من أحاديث جدها (.
    نظرت نفيسة إلى الدنيا، فوجدتها فانية زائلة، فأعرضت عنها، وزهدت فيها، وأقبلت بوجهها إلى الله، تستغفره، وتتوسل إليه، وتطلب منه العفو والغفران، ولما بلغت نفيسة مبلغ الشابات؛ تقدم لخطبتها ابن عمها إسحق المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق، فرضيته زوجًا لها.
    وفى المدينة المنورة، عاشت نفيسة آمنة مطمئنة، وفتحت بيتها لطلاب العلم، تروى لهم أحاديث رسول الله (، وتفتيهم في أمور دينهم ودنياهم، حتى أطلقوا عليها اسم: "نفيسة العلم والمعرفة".
    وفى عام مائة وثلاثة وتسعين من الهجرة (193هـ)، وصلت السيدة نفيسة إلى مصر بصحبة والدها وزوجها، واستقرت فى الفسطاط بدار ابن الجصاص وهو من أعيان مصر، وقد اُستقبلت استقبالا حافلا، وسر أهل البلاد بقدوم حفيدة رسول الله (.
    واستمرت نفيسة فى حياة الزهد والعبادة، تقوم الليل، وتصوم النهار، حتى طلب منها زوجها ذات يوم أن ترفق بنفسها، فقالت: "من استقام مع الله، كان الكون بيده وفى طاعته". وكانت تعرف أنها لكى تفوز بجنة الخلد، فلابد لها أن تجتهد فى العبادة، وأن تبتعد عن ملذات الدنيا، تقول: "لا مناص من الشوك فى طريق السعادة، فمن تخطاه وصل".
    وداومت السيدة نفيسة على زيارة بيت الله الحرام، وقيل: إنها أدت شعائر الحج ثلاثين مرة، تذهب إلى هناك تتطهر من ذنوبها، وتجدد العهد مع الله على الطاعة، والاستجابة لأوامره، والابتعاد عن كل ما يغضبه، ثم تعود إلى مصر.
    وكانت عظيمة القدر والمكانة عند أهل مصر، فكانوا يذهبون إليها، يلتمسون عندها العلم والمعرفة، بل كان يقصد دارها كبار العلماء، فقد تردد عليها الإمام الشافعى، فكانت تستقبله من وراء حجاب، وتناقشه فى الفقه وأصول العبادة وأحاديث الرسول (.
    وحين مرض الإمام الشافعى أرسل إليها يطلب الدعاء له بالشفاء، لكنه مات بعد أيام بعد أن أوصى أن تصلى عليه السيدة نفيسة، فصلت عليه بعد أن صلى عليه الرجال، وحزنت من أجله. وكانت -رضى الله عنها- تجير المظلوم، ولا تستريح حتى ترفع الظلم عنه، فقد استجار بها رجل ثرى من ظلم بعض أولى الأمر، فساعدته فى رفع الظلم عنه، ودعت له، وعاد مكرمًا معززًا؛ فأهداها مائة ألف درهم شكرًا لها واعترافًا بفضلها، فوزعتها على الفقراء والمساكين، وهى لا تملك ما يكفيها من طعام يومها.
    وبعد سبع سنوات من الإقامة فى مصر، مرضت السيدة نفيسة، فصبرت ورضيت، وكانت تقول: "الصبر يلازم المؤمن بقدر ما فى قلبه من إيمان، وحسب الصابر أن الله معه، وعلى المؤمن أن يستبشر بالمشاق التي تعترضه، فإنها سبيل لرفع درجته عند الله، وقد جعل الأجر على قدر المشقة، والله يضاعف لمن يشاء، والله واسع عليم". وتقول أيضًا: "لقد ذكر الصبر فى القرآن الكريم مائة وثلاث مرات، وذلك دليل على قيمة الصبر وعلو شأنه وحسن عاقبته".
    ولما أحست السيدة نفيسة أن النهاية قد اقتربت، أرسلت إلى زوجها إسحاق المؤتمن، تطلب منه الحضور وكان بعيدًا عنها.
    وفى صحن دارها، حفرت قبرها بيدها، وكانت تنزل فيه وتصلى كثيرًا، حتى إنها قرأت فيه المصحف مائة وتسعين مرة وهى تبكى بكاء شديدًا.
    وكانت السيدة نفيسة صائمة كعادتها، فألحوا عليها أن تفطر رفقًا بها، وهى فى لحظاتها الأخيرة، لكنها صممت على الصوم برغم أنها كانت على وشك لقاء الله، وقالت: واعجبًا، منذ ثلاثين سنة أسأل الله تعالى أن ألقاه وأنا صائمة، أأفطر الآن؟! هذا لا يكون. ثم راحت تقرأ بخشوع من سورة الأنعام، حتى وصلت إلى قوله تعالىSad لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون)[الأنعام: 127].
    ففارقت الحياة، وفاضت روحها إلى الله، فبكاها أهل مصر، وحزنوا لموتها حزنًا شديدًا، وحينما حضر زوجها أراد أن ينقل جثمانها إلى المدينة، لكن الناس منعوه، ودفنت فى مصر. فرحمة الله عليها.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:41

    رابعة العدوية





    العابدة




    (رابعة العدوية)
    قامت فى جوف الليل تدعو اللَّه ضارعة وتقول: إلهي، أنارتْ النجوم، ونامتْ العيون، وغلقتْ الملوك أبوابها، وهذا مقامى بين يديك، إلهي.. ما أصغيت إلى صوت حيوان، ولا حفيف شجر، ولا خرير ماء، ولا ترنُّم طائر، ولا تنعم ظل، ولا دوِى ريح، ولا قعقعة رعد إلا وجدتها شاهدة بوحدانيتك، دالة على أنه ليس كمثلك شيء. سَيدِى بك تقرّب المتقربون فى الخلوات، ولعظمتك سَبَّحَتِ الحيتان فى البحار الزاخرات، ولجلال قدسك تصافقت الأمواج المتلاطمات. أنت الذي سبح لك سواد الليل، وضوء النهار، والفلك الدوار، والبحر الزخار، والقمر النوار، والنجم الزهار، وكل شيء عندك بمقدار؛ لأنك اللّه العلى القهار.
    وذات مرة قالت لأبيها: يا أبتِ، لستُ أجعلك فى حلٍّ من حرام تطعمنيه. فقال لها: أرأيت إن لم أجد إلاحرامًا؟ قالت: نصبر فى الدنيا على الجوع، خير من أن نصبر فى الآخرة على النار.
    إنها رابعة بنت إسماعيل العدوية، وُلدت بالبصرة لرجل فقير صالح، ومات أبواها، وتركاها صغيرة تواجه مع أخواتها الثلاث صعوبات الحياة. ولما حلّ الجفاف هاجرت أخوات رابعة بينما أبت الهجرة معهن فتركنها وحيدة، حتى وجدها اللصوص، فأخذوها وباعوها لتاجر ثرى ذاقت تحت يده ذل الرق والعبودية. فلما علم التاجر أنها تصلى طوال الليل، ذهب ليتأكد من ذلك فسمعها تدعو: إلهى أنت تعلم أن قلبى يتمنى طاعتك، ونور عينى فى خدمتك، ولو كان الأمر بيدى لما انقطعت لحظة عن مناجاتك. ولكنك تركتنى تحت رحمة هذا المخلوق القاسى من عبادك. فرقّ لها فأعتقها وأطلق سراحها.
    انصرفت رابعة بعد ذلك للزهد والعبادة وقراءة القرآن، وظل ذلك دأبها طوال عمرها.
    وجاء أحد التجار يطلبها للزواج، فقال لها: إننى أربح فى اليوم ثمانين ألف درهم وأنا أخطبك لنفسي. فقالت له: إن الزهد فى الدنيا راحة القلب والبدن، والرغبة فيها تورث الهم والحزن. صُم دهرك ، واجعل الموت فطرك، فما يَسُـرُّنى أن اللّه خولنى أضعاف ما خولك، فيشغلنى به عنه طرفة عين، والسلام.
    وعندما أتى رجل إليها ليعطيها أربعين دينارًا وقال لها: تستعينين بها على بعض حوائجك. بكت، ثم رفعت رأسها إلى السماء وقالت: هو يعلم أنى أستحى منه أن أسأله الدنيا وهو يملكها، فكيف أريد أن آخذها ممن لا يملكها؟ يا هذا وما ترى من سوء حالي؟! ألستُ على الإسلام؟! فهو العز الذي لا ذُل بعده، والغنى الذي لا فقر معه، والأنس الذي لا وحشة معه. فقام الرجل وهو يقول: ما سمعتُ مثل هذا الكلام. فقالت له: إنما أنت أيام معدودة فإذا ذهب يوم ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكلُّ، وأنت تعلم فاعمل.
    كانت رابعة العدوية تصلى الليل، فإذا طلع الفجر هجعت فى مُصَلاها هَجْعَة خفيفة حتى يسفر الفجر، فتثب من مرقدها وهى فزعة وتقول: يا نفس كم تنامين؟ وإلى كم تقومين؟ يوشك أن تنامى نومة لا تقومين منها، إلا لصرخة يوم النشور. ثم تبكى وهى ساجدة فإذا رفعت رأسها يُرى موضع سجودها مبلل من دموعها.
    قال لها رجل ذات يوم: يا رابعة ادع لى ! فقالت: من أنا، يرحمك اللّه؟!أطع ربك وادعه؛ فإنه يجيب المضطرين.
    وقالت لها امرأة: يا رابعة، إنى أحبك في اللّه. فقالت لها: فلا تعصى وأطيعى من أحببتنى فيه، فسألتها: أترين من تعبدينه؟ فقالت: لو كنت لا أراه ما عبدته.
    عاشت رابعة حتى صارت عجوزًا كبيرة لها ثمانون سنة، وكانت من زهدها فى الحياة أن بدت ضعيفة تكاد تسقط على الأرض وهى تمشي. وكانت تضع أكفانها أمامها، فإذا ذُكر الموت انتفضت وأصابتها رعدة.
    وحين قرب موتها قالت لخادمتها عبدة: يا عبدة لا تُؤْذِنِى بموتى أحدًا (أى لا تُخبريه)، وكَـفِّـنِـينِى فى جُبَّتى هذه وفى خمارى الصوف؛ ليكمل لى بهما ثوابى يوم القيامة .
    وتوفيت فى سنة مائة وخمس وثلاثين من الهجرة وعمرها ثمانون عامًا. وقبرها يقع بظاهر القدس .
    ومن أقوالها المأثورة:
    أستغفر اللَّه العظيم من قلة صدقي في قولي. أستغفر اللَّه.
    * كلوا خبز الدنيا واعملوا للآخرة.
    * مُحِبُّ الله لا يَسْـكُنُ أنينُه وحنينُه حتى يسكن فى جنة محبوبه.
    * وكانت توصى الناس بقولها: اكْـتُمُوا حسناتِـكُمْ كما تكتمون سيئاتكم
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:43

    أم عمارة بنت سفيان





    المحسنة




    (أم عمارة بنت سفيان)
    كان بعضُ بائعى اللبن يخلط اللبن بالماء، واشتكى المسلمون من ذلك، فأرسل الخليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أحد رجاله ينادى فى بائعى اللبن بعدم الغش، فدخل المنادى إلى السوق ونادي: يا بائعى اللبن لا تَشُوبوا اللبن بالماء، فتغُشّوا المسلمين، وإن من يفعل ذلك؛ فسوف يعاقبه أمير المؤمنين عقابًا شديدًا.
    وذات ليلة خرج عمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنه- مع خادمه أسلم ليتفقد أحوال المسلمين في جوف الليل، وفى أحد الطرق استراح من التجوال بجانب جدار ، فإذا به يسمع امرأة تقول: قومى إلى ذلك اللبن فامذقيه (اخلطيه) بالماء . فقالت الابنة: يا أُمَّتَاه، وما علمتِ ما كان من عَزْمَة أمير المؤمنين اليوم؟! قالت الأم: وما كان من عزمته؟ قالت: إنه أمر مناديًا فنادي: لا يُشَابُ اللبن بالماء.
    فقالت الأم: يا بنتاه، قومى إلى اللبن فامْذقيه بالماء فإنك في موضع لا يراك عمر، ولا منادى عمر. فقالت الصبيّة: واللَّه ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء، إن كان عمر لا يرانا، فرب أمير المؤمنين يرانا.
    فلما سمع عمر بن الخطاب ذلك، أعجب بالفتاة لورعها ومراقبتها لله رب العالمين. وقال: يا أسلم، علِّم الباب، واعرف الموضع. ثم مضي. فلما أصبح قال: يا أسلم، امضِ إلى الموضع فانظر من القائلة؟ ومن المقول لها؟ وهل لهما من بعل (زوج).
    فذهب أسلم إلى المكان، فوجد امرأة عجوزًا، وابنتها أم عمارة، وعلم أنْ ليس لهما رجل، ثم عاد فأخبر عمر. فدعا عمر أولاده، فقال: هل فيكم من يحتاج إلى امرأة أزوّجه، ولو كان بأبيكم حَركة إلى النساء ما سبقه منكم أحد إلى هذه الجارية.
    فقال عبد اللَّه بن عمر: لى زوجة. وقال أخوه عبد الرحمن: لى زوجة. وقال ثالثهما عاصم: يا أبتاه لا زوجة لى فزوِّجني. فبعث إلى الجارية فزوّجها من عاصم، فولدت لعاصم بنتًا، ولدت هذه البنت ابنة صارت أمَّا لعمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الخامس -رضى اللَّه عنه-.
    إنها أم عمارة بنت سفيان بن عبد اللَّه بن ربيعة الثقفي، التي خَلَّدت اسمَها فى التاريخ، بأمانتها وخوفها من اللَّه تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، والذى أكرمها فى الدنيا بزواجها من ابن أمير المؤمنين عمر، وجعل من نسلها أميرًا للمؤمنين هو عمر بن عبد العزيز
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:45

    خولة بنت الأزور





    الفارسة




    (خولة بنت الأزور)
    سبق الفارس الملثَّم جيش المسلمين، وفى شجاعة نادرة اخترق صفوف الروم، وأعمل السيف فيهم، فأربك الجنود، وزعزع الصفوف، وتطايرت الرءوس، وسقطت الجثث على الأرض، وتناثرت الأشلاء هنا وهناك، وتعالت الصَّرَخات من الأعداء والتكبيرات من جيش المسلمين.
    ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم اللَّه، إنه لفارس شجاعكلمات قالها خالد بن الوليد قائد جيش المسلمين في معركة أجنادين عندما لمح الفارس وهو يطيح بسيفه هامات الأعداء، بينما ظن بعض المسلمين أن هذا الفارس لا يكون إلا خالدًا القائد الشجاع.لكن خالدًا قد قرب منهم، فسألوه في تعجب، من هذا الفارس الهُمام؟ فلا يجبهم، فتزداد حيرة المسلمين وخوفهم على هذا الفارس ولكن! ما لبث أن اقترب من جيش المسلمين وعليه آثار الدماء بعد أن قتل كثيرًا من الأعداء، وجعل الرعب يَدُبُّ فى صفوفهم، فصاح خالد والمسلمون: للَّه درُّك من فارس بذل نفسه فى سبيل اللَّه ! اكشف لنا عن لثامك. لكن الفارس لم يستجب لطلبهم، وانزوى بعيدًا عن المسلمين، فذهب إليه خالد وخاطبه قائلا: ويحك لقد شغلتَ قلوب الناس وقلبى لفعلك، من أنت؟ فأجابه: إننى يا أمير لم أُعرِضْ عنك إلا حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور. فلما علم خالد أنها امرأة سألها -وقد تعجَّب من صنيعها-: وما قصتك؟ فقالت المرأة: علمتُ أن أخى ضرارًا قد وقع أسيرًا فى أيدى الأعداء، فركبتُ وفعلتُ ما فعلتُ.قال خالد: سوف نقاتلهم جميعًا ونرجو اللَّه أن نصل إلى أخيكِ فنفكه من الأسر.
    واشتبك جيش المسلمين مع الأعداء وقتلوا منهم عددًا كبيرًا، وكان النصر للمسلمين، وسارت تلك الفارسة تبحث عن أخيها، وتسأل المسلمين عنه، فلم تجد ما يشفى صدرها ويريح قلبها، فجلست تبكى على أخيها وتقول: "يابن أمى ليت شِعْرِي فى أية بَيْدَاء طَرَحُوكَ، أم بأى سِنَانٍ طعنوك، أم بالْحُسام قتلوكَ. يا أخى لك الفداء، لو أنى أراك أنقذكَ من أيدى الأعداء، ليت شِعْرِى أترى أنى لا أراك بعدها أبدًا؟
    لقد تركتَ يابن أمى في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها، ليت شعري، لقد لحقت بأبيك المقتول بين يدَى النبي (، فعليك منى السلام إلى يوم اللقاء. فما إن سمعها الجيش حتى بكوا وبكى خالد بن الوليد.
    وما هى إلا لحظات حتى أتى الخبر بالبشرى بأن أخاها مازال على قيد الحياة، وأن جيش الأعداء قد أرسله إلى ملك الروم مكبَّلا بالأغلال، فأرسل "خالدٌ" "رافعَ بن عميرة" فى مائة من جيش المسلمين ليلحق بالأعداء ويفك أسْرَ أخيها، فما إن سمعتْ بخروج "رافع بن عميرة" حتى أسرعتْ إلى خالد تستأذنه للخروج مع المسلمين لفك أسر أخيها، فذهبتْ معهم حيث أعدوا كمينًا فى الطريق، وما إن مرَّ الأعداء بالأسير حتى هجموا عليهم هجمة رجل، واحد وما لبثوا أن قضوا عليهم وفكوا أسر أخيها وأخذوا أسلحة العدو.
    تلك هي الفارسة الفدائية خولة بنت الأَزْوَر، صحابية جليلة، أَبْلت بلاء حسنًا فى فتوح الشام ومصر. وكانت من أشجع نساء عصرها.
    وتمر الأيام، وتظهر بسالة تلك المرأة، ومدى دفاعها عن الإسلام، ففى موقعة "صجورا" وقعت هي ونسوة معها فى أسر جيش الروم. ولكنها أبت أن تكون عبدة فى جيش الروم، فأخذت تحث أخواتها على الفرار من الأسر، فقامت فيهن قائلة: يا بناتَ حِمْيَر وبقية تبع، أترضين لأنفسكن أن يكون أولادكن عبيدًا لأهل الروم، فأين شجاعتكن وبراعتكن التي تتحدث بها عنكن أحياء العرب؟ وإنى أرى القتل عليكن أهون مما نزل بكُنَّ من خدمة الروم. فألهبت بكلامها حماس النسوة، فأبَيْن إلا القتال والخروج من هذا الذُّل والهوان.
    وقالت لهن: خذوا أعمدة الخيام، واجعلوها أسلحة لكُن، وكنَّ فى حلقة متشابكات الأيدى مترابطات، لعل اللَّه ينصرنا عليهم، فنستريح من معرَّة العرب. فهجمت وهجم معها النسوة على الأعداء وقاتلن قتال الأبطال حتى استطعن الخروج من معسكر الأعداء وتخلصن من الأسر.
    ولم تنته معارك خَوْلة فى بلاد الشام، فقد أُسِرَ أخوها ضرار مرة أخرى فى معركة مرج راهط، فاقتحمت الصفوف من أجله.
    وخاضت مع المسلمين معركة أنطاكية حتى تمَّ النصر فيها للمسلمين، كما اشتركتْ -أيضًا- فى فتح مصر، وغدتْ مفخرة نساء العرب ورجالهم.
    وظلتْ السيدة خَوْلة -رضى الله عنها- على إيمانها وحبها للفداء والتضحية، ودفاعها عن دين الله، ورفْع لواء الإسلام حتى تُوُفِّيتْ فى آخر خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنه-.
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 13:56

    حفصة بنت سيرين





    صاحبة الكفن



    (حفصة بنت سيرين)
    كان ذِكْرُ الموت لايفارقها، فهى تعلم أن الدنيا أيام معدودة، فإذا ذهب يوم فقد ذهب بعضها؛ لذا كانت تتوقع الموت فى كل لحظة، حتى روِى أنها كانت تحتفظ بكفن دائم لها هو جزء من ملابسها فإذا حجت وأحرمت لبسته، وإذا جاءت الأيام العشرة الأخيرة من رمضان لبستْه تقيم فيه.
    إنها حَفْصَة بنت سيرين، المحدِّثة الزاهدة، التي أمضت شبابها فى عبادة وتقوي، وكانت تقول: يا معشر الشباب! خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فإنى رأيت العمل فى الشباب.
    قَرَأَتْ القرآن الكريم، وتدبرتْ معانيه وعمرها اثنتا عشرة سنة، وكان أخوها "محمد بن سيرين" إذا استشكَل عليه شيء من القرآن الكريم قال: اذهبوا إلى حفصة، واسألوها كيف تقرأ؟
    واشتهرت حفصة بالزهد، والصبر الجميل على طاعة اللَّه وعبادته، وكانت كثيرة الصيام، طويلة القيام، تدخل مسجدها تصلى فيه، وتتعبد بقراءة القرآن، ولا تخرج من بيتها إلا لحاجة أو لمقابلة من يأتون ليستفتونها، ويتعلمون منها.
    وكانت محدثِّة جليلة، نشأت فى بيت علم، وكان لها ستة إخوة غيرها، كلهم يقرءون القرآن، ويشتغلون بالحديث.
    وكانت حفصة تحب العلم، وتبذل فى سبيله كل غالٍ ونفيس؛ لأنها تَعْلَم أن العلماء ورثة الأنبياء، كما عُرِفتْ حفصة بشدة تمسكها بتعاليم الإسلام الحقة، وطاعتها للَّه ولرسوله؛ فقد رُوى أن سفيان بن عيينة بن عاصم قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلتِ الجلباب هكذا وتنقبت به (أي: لبسته)، فنقول لها: رحمك اللَّه، قال اللَّه تعالىSad وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[ النور: 60]. فتقول: هو إثبات الجلباب.
    ولها باع كبير فى رواية الحديث النبوي، فقد رَوَتْ عن أخيها يحيى وعن غيره، وروى عنها الكثير.
    وتُوُفيت "حفصة" -رضى اللَّه عنها- فى العام الثانى والتسعين من الهجرة، وقيل: الحادى بعد المائة، وقد بلغت من العمر سبعين عامًا
    avatar
    الامير اشرف ماضى
    عضو فعال
    عضو فعال


    عدد الرسائل : 1216
    البلد : كوكب الارض
    العمل : مؤلف ومحلل اقتصادى محاضرعن الاقتصاد الاسلامى
    الهوايات : الصيد بجميع انواعة وخاصة الصقور
    تقييم القراء : 6
    النشاط : 8003
    تاريخ التسجيل : 13/04/2009

    مسلمات قدوة لجميع النساء Empty رد: مسلمات قدوة لجميع النساء

    مُساهمة من طرف الامير اشرف ماضى الإثنين 29 يونيو - 14:01

    نائلة بنت الفرافصة





    الصامدة




    (نائلة بنت الفرافصة)
    عندما اشتدت المحنة على عثمان بن عفان -رضى اللَّه عنه- وأُحْكِمَ عليه الحصار، صمدت معه، وتلقت عنه ضربات السيوف قبل أن تصل إليه، وما إن ألقى الرجال بحبالهم على أسوار منزله، ودخلوا عليه حتى أسرعت تنشر شَعْرَها، فقال عثمان: خذى خمارك فإن حُرْمة شَعْركِ، أعظم عندى من دخولهم علي.
    وحين هجم عليه أحدهم وهوى عليه بسيفه تلقت السيف بيدها فقطعت أناملها، فصرخت على رباح غلام عثمان، فأسرع نحو الرجل فقتله، وبينما كانت تهرع لإمساك سيف رجل ثانٍ لكن الرجل تمكن من أن يقطع أصابع يدها الأخرى وهو يدخل السيف فى بطن عثمان ليقتله، وحين هموا بقطع رأسه ألقت عليه بنفسها إلا أنهم لم يرحموا ضعفها، ولم يعرفوا لعثمان قدره، فحزوا رأسه، ومثَّلوا به، فصاحت والدم يسيل من أطرافها: إن أمير المؤمنين قد قُتل. إن أمير المؤمنين قد قُتِل. ثم دخل رجل عقب مقتل عثمان، فإذا رأسه فى حجرها.
    فقال لها: اكشفى عن وجهه. قالت: ولِمَ؟ قال الرجل: ألِطم حُرَّ وجهه فقد أقسمت بذلك. فقالت: أما ترضى ما قـال فيـه رسول اللَّه (، قال فيه كذا وكذا. فقال: اكشفى عن وجهه. ثم هجم عليها فلطم وجه عثمان، فدعت عليه قائلة: يبَّس اللَّه يدك، وأعمى بصرك. فلم يخرج الرجل من الباب إلا وقد يبست يداه، وعمى بصره.
    وتُركت جثة عثمان فى مكانها دون أن يجرؤ أحد على تجهيزه ودفنه، فأرسلت إلى حويطب بن عبد العزى وجبير بن مطعم، وأبى جهم بن حذيفة، وحكيم بن حزام، ليُجَهِّزُوا عثمان، فقالوا: لا نقدر أن نخرج به نهارًا.
    وحين حلّ الظلام خرجوا به بين المغرب والعشاء نحو البقيع، وهى تتقدمهم بسراج ينير لهم وحشة الظلام حتى تم دفنه بعد أن صلى عليه جبير بن مطعم وجماعة من المسلمين.
    ثم قالت ترثيه:
    ومالى لا أَبْكى وأُبكـى قرابتى وقد ذهبتْ عنا فضول أبى عَمْرِو
    وبعد أن دُفن عثمان -رضى الله عنه- خطبت نائلة -رضى الله عنها- في المسلمين، فقالت: معاشر المؤمنين وأهل اللَّه لا تستكثروا مقامي، ولا تستكثروا كلامي، فإنى حزينة أُصِبْتُ بعظيم وتذوقت ثكلا من عثمان بن عفان ثالث الأركان من أصحاب رسول اللَّه (، فقد تراجع الناس فى الشورى حين تقدم، فلم يتقدمه متقدم ولم يشك فى فضله متأثم. ولم تكتف نائلة بذلك بل أرسلت إلى معاوية بكتاب مرفق معه قميص عثمان ممزقًا مليئًا بالدماء، وعقدت فى زر القميص خصلة من شعر لحيته، قطعها أحد قاتليه من ذقنه، وخمسة أصابع من أصابعها المقطوعة.
    وأوصت إليه أن يعلق كل أولئك فى المسجد الجامع فى دمشق، وأن يقرأ على المجتمعين ذلك الكتاب، وكان بعض ما جاء فيه:
    إلى معاوية بن أبى سفيان، أما بعد: فإنى أدعوكم إلى اللَّه الذي أنعم عليكم وعلمكم الإسلام، وهداكم من الضلالة، وأنقذكم من الكفر، ونصركم على العدو، وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة، وأنشدكم اللَّه وأذكركم حقه وحق خليفته أن تنصروه بعزم اللَّه عليكم، فإنه قالSad وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[الحجرات: 9].
    وقد اجتمع لسماعه خمسون ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان وأصابعها.
    وعاشت نائلة حافظة لذكرى عثمان بن عفان -رضى الله عنه- وظلتْ وفية له، فلم تتزوج وكانت من أجمل النساء.
    وكلما جاءها خاطب رَدَّتْه، ولما تقدم معاوية -رضى الله عنه- لخطبتها أَبَتْ، وسألت النساء عما يعجب الخطاب فيها، فقلن: ثناياك (وكانت مليحة وأملح ما فيها ثغرها) فخلعت ثناياها، وأرسلت بهن إلى معاوية، وحين سُئلت عما صنعتْ، قالت: حتى لا يطمع فى الرجال بعد عثمان-رضى الله عنه-.
    تلك هي "نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص"رمز الشجاعة والصبر والصمود، ذات الأدب والبلاغة والفصاحة، تزوجها عثمان بن عفان-رضى اللَّه عنه- فكانت له زوجة مخلصة وفية ومطيعة، وكان عثمان يستشيرها دائمًا لسداد رأيها، وقد حظيت فى بيته بمكانة كبيرة.
    وقد زوجّها له أخوها ضب، وحملها إلى عثمان فى المدينة، وكان مسلمًا وكان أبوها نصرانيَّا، وقد تزوجها عثمان وهى نصرانية، وقبيلتها - قبيلة كلب - كلها يومئذ نصارى.
    وقد أسلمت نائلة على يديه، وأنجبت له من الولد ثلاثًا: أم خالد، وأروي، وأم أبان الصغرى.
    وقد روت السيدة نائلة عن عائشة -رضى اللَّه عنها- بعضًا من أحاديث رسول الله (، ثم توفيت بعد جهاد عظيم لخدمة الإسلام

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 23 نوفمبر - 11:01