اولا الجزءالخاص بالسادة الاشراف ال العلق العليقات
عقيل بن ابى طالب
-1-
شقيق علي وأسن من جعفر بعشر سنين ، وكان من أحب الناس إلي النبي "صلي الله عليه وسلم" ، لقرابته منه أولاً، ولحب عمه ثانياً ، وبالرغم من خروجه علي بني هاشم مع المشركين في غزوة بدر ، وحكاية أسره وفداء عمه العباس له مبسوط في كل كتب التاريخ.
رجع بعد بدر إلي مكة ، ولم ينزل بها حتى هاجر إلي المدينة سنة 8 فشهد غزوة مؤتة ، ثم عرض له مرض فلم يسمع له خبر في فتح مكة ، والطائف ، وحنين ، وقد أطعمة رسول الله "صلي الله علي وسلم" 140 وسقا كل سنة (2).
وكان سريع الجواب المسكت المفحم للخصم ، وله في ذلك أخبار طويلة وكان أعلي أهل قريش بالنسب ، وأعلمهم بوقائعها وحروبها ، لكنه كان مبغضاً إليها لأنه كان يعدد مساوئها ، ويكثر من مثالبها ، لذلك عادته ، وقالت فيه بالحق وبالباطل ، ونسبت إليه الحمق ، واختلفت عليه الأحاديث المزورة.
وأعان علي ذلك عداوته لبني هاشم ، وخروجه علي أخيه علي ومسيره إلي معاوية بالشام – وكان عقيل زوج خالته فاطمة بنت عتبة - قال ابن الأثير(3) ما مخلصه: وكان سبب قدومه علي أخيه علي ، أن لزمه دين ، فقصده في الكوفة ، فأمر ابنه الحسين فكساه ، ولما أمسي قدم له الطعام ، فرفض الأكل حتي يوفي دينه ، فقيل له وكم دينك ، قال أربعون ألفاً قال علي ما هي عندي ولكن اصبر حتي يخرج عطائي فأنه أربعة آلاف فادفعه إليك ، فقال له عقيل بيوت المال بيدك وأنت تسوفني بعطائك ؟ فقال علي أتأمرني أن أدفع لك أموال المسلمين وقد ائتمنوني عليه؟ قال عقيل فأني آت معاوية.
فلما أبي معاوية قال له يا أبا زيد كيف تركت عليآ؟ قال: كأنهم أصحاب محمد إلا أني لم أر رسول الله صلي الله عليه وسلم . وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه إلا أني أري أبا سفيان.
فلما كان من الغد ، جلس معاوية علي سريره ثم أذن للناس فدخلوا ، وأمر بكرسي إلي جانب السرير ، وأجلس عليه الضحاك بن قيس ، ثم أذن لعقيل فدخل عليه، فقال يا معاوية من هذا الذي معك؟ فقال الضحاك بن قيس ، فقال عقيل: الحمد الله الذي رفع كان بخصائها رفيقاً. فقال الضحاك: أني لعالم بمحاسن قريش ، وإن عقيلا عالم بمساوئها . ثم أمر له معاوية بخمسين ألف درهم فأخذها ورجع.
ولما استقر الملك بقريش في المدينة ، قال الوليد بن هشام بن المغيرة لعمر بن الخطاب ، قد جئت الشام فرأيت ملوكها قد ديواناً وجندوا جنداً، فدون ديواناً وجند جنداً. فأخذ عمر بقوله . ودعاً عقيلا ومخرجه بن نوفل، وجبير بن مطعم. وكانوا لسان قريش / وقال لهم: أكتبوا الناس علي منازلهم فبدأوا ببني هاشم، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه ، ثم عمر وقومه. فغضب عمر من ذلك ، وقال: أبدأوا بقرابة النبي صلي الله عليه وسلم ، الأقرب فالأقرب وضعوا عمراً حيث وضعه الله تعالي.
-2-
كان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال الرسول لعمه يوماً: إن ؟ أبا طالب كثير العيال، فأنطلق بنا نحفف عن عيال أبي طالب. فانطلقاً إليه ، وأعلماه ما أرادا. فقال طالب. أتركا عقيلا وأضعنا ماشئتما. فأخذ النبي عليآ، وأخذ العباس جعفراً (1).
فلما مات أبو طالب خص النبي عقيلا بعطفه ، فوهبه البيت الذي ولد فيه بمكة، وهي الدار التي اشتراها محمد بن يوسف أخو الحجاج من عقيل وعرفت بعد ذلك بدار ابن يوسف ، وهي التي اشترتها الخيزران أم الرشيد وحولتها مسجداً (2) . وبقي عقيل في مكة حتي السنة الثامنة ثم لحق بالمدينة ، ثم قدم أخيراً للكوفة وبني داراً له بجاني دار أخيه علي علي باب مسجدها الجامع ، ولكنه رجع ثانية للمدينة ، ثم عرض خدمه علي أخيه حين أغار الضحاك بن قيس علي الحيرة فرفض علي في أسلوب أدني بليغ (3) . وقد عمر عقيل بعد ذلك طويلا وعمي في آخر عمره ومات في خلافه معاوية سنة 50 هجرية (4) .
-3-
وحيث عرفنا نهاية عقيل تنقل إلي أعقابه ، وقد أجمع النسابون علي أن كل من انتسب إلي عقيل من غير ولده محمد فهو دعي كذاب ، هكذا يقول لصاحب المشجر الكشاف (5).
ومن أعقاب محمد هذا في الحجاز والعراق والشام ومصر وفارس والهند والأفغان ، أكثر من خمس وعشرين بطناً فيهم الحضر والبادية.
أما مسلم بن عقيل الشهيد فقد قتله عبد الله زياد سنة 60هـ حين بعثه الأمام الحسين ليأخذ له البيعة في الكوفة ، وقد أعقب ثلاثة انقرضوا جميعاً.
وأعقب محمد بن عقيل ثلاثة: القاسم وعيد الرحمن وعبد الله ، انقرض ممثلين وبقي أولاد عقيل ممثلين في ذرية عيد الله بن محمد بن عقيل (1) ومن عبد الله هذا الفرعين العظيمين مسلم بن عبد الله ومحمد بن عبد الله ولنتكلم علي كل منهما باختصار.
محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل.
أعقب هذا من خمسة رجال ، عقيل والقاسم الطبري وطاهر وعلي وإبراهيم . لإبراهيم عقب بفارس ، ولطاهر عقب بمصر ، أما القاسم الطبري فله ذيل طويل ، أعقب من رجلين عقيل وعبد الرحمن ، للأخير ذرية طبرستان يقال لهم بنو المرقوع وهو محمد بن عبد الرحمن.
أما عقيل بن القاسم من أربعة رجال ، عبد الله ومسلم وأحمد والقاسم. أما عبد الله فأعقب خمسة ، عقيل وأحمد والحسن وعلي ومحمد ، أما أحمد فأعقب علي وحسن وإبراهيم ولهم ذرية في نصيبين . وأما عقيل بن عبد الله فقد أعقب عبد الله كان في أصفهان ومحمد في قم. ومن ذرية عبد الله جعفر العالم النسابة توفي سنة 344هـ وله أعقاب في حلب وبيروت ومصر ، وأبو القاسم مات بفسا وأعقب محمد وعبد الله (2).
أما مسلم بن عقيل فقد أعقب محمداً أمير المدينة وحفيده مسلم بن محمد سنة 330هـ . أما أحمد فقد أعقب جعفر وله ذرية في اليمن.
وأعقب القاسم بن عقيل محمد بن الأنصارية ، وله علي ذرية في بلاد الهند ، وعبد الله بن القرشية وله ذيل طويل في مصر ، ستراه فيما يلي.
-4-
أما مسلم بن عبد الله بم محمد بن عقيل ؛ فقد أعقب سليمان ومحمد وعبد اله بن الجمحية وعبد الرحمن ، محمد كان له عقب بالكوفة ، وعبد الرحمن كانله بقية في طبرستان من ابنه جعفر ، إما إبراهيم بن عبد الرحمن فله ذيل طويل إما عبد الله بن الجمحية فقد أعقب خمسة رجال ، وفيهم الكثرة وهم محمد وعيسى الاوقص وسليمان وإبراهيم دخنه واحمد . محمد له بقية بالكوفة يقال لهم بنو جعفر منهم فاطمة النائحة لا لعراق وعيسى الاوقص من ولده قاض الداعي الكبيرة وله ذيل طويل في جرجان وطبر ستان وخرسان . إما سليمان فأعقب احمد ومنه على له ذرية في مصر يقال لهم بنو قمرية إما إبراهيم دخنه فقد أعقب عليا ، وعلى أعقب إبراهيم العلق (1) ، رأس العليقات الذين كانوا في نصيبين ، والذين سترى الكلام عليهم مفصلاً فيما بعد وأعقب احمد إسماعيل ومن ذريته الأمير همام ، رأس بني همام كنوا في نصبين مع بني عمومتهم العليقات حتى دخول التتار والعراق .
-5-
ولنوجع إلي أولاد ابن القرشية ؛ فقد أعقب ابن الحارثية ، وهذا أعقب القاسم الجزولي ، وأعقب الجزولي عبد الرحمن بن القاسم اقضي القضاة : أبا القاسم النويري الشهيد الناطق في وقعة الفرنج بدمياط سنة 648هـ ، والنويري نسبة للنويرة قرية يف بني سويف . وبعد هذا البيت من أعظم البيوتان المصرية في العلم والأدب ، ظل يخرج فطاحل العلماء والفضلاء خلال ثلاثة قرون طويلة .وأعقب الشهيد الناطق القاسم جمال الدين وعنه اخذ ابن النعمان الأمام الشهير (2) ، وأعقب القاسم عبد العزيز وأعقب عبد العزيز واحمد شهاب الدين كان موجوداً سنة 782هـ وأعقب احمد شهاب الدين خديجة أم الفضل الصوفية ، وعلى نور الدين كان موجوداً سنة 786، ومحمد أبا الفضل قاضي القضاة . وقد ترجم الاخير صاحب شذرات الذهب في وفيات سنة 786هـ(1) قال "وفيها توفى القاضي جمال الدين أبوالفضل محمد بن احمد بن عبد العزيز ...النويري نسبة للنويرة من أعمال القاهرة ، ولد في شعبان سنة 722هـ وسمع بدمشق من المزي وغيرة ؛ وبمكة من ابن جماعه ، وصار قاضي مكة وخطيبها قال الحافظ ابن حجر: كان رجلاً عالماً يستحضر الفقه وغيره ، وقال ابن حبيب : ولي قضاء مكة نيف وعشرين سنة ، وكان فصيح العبارة لسنا ، جيد الخطبة متواضعاً محباً للفقراء ، وتوفي وهو متوجه إلي الطايف في رجب ، وحمل إلي مكة ودفن بها وخلف تركة وافره."إما علي نور الدين فقد أعقب عبد العزيز مفتي مكة ، وقد ترجمة صاحب شذرات الذهب كما ترجم لعمه ، وفي وفيات سنة 826هـ قال (2) "تفقة ومهر وقرأ سنن أبي داوود واخذ عن شيوخها ، ثم دخل اليمن وولي القضاء بتعز ثم رحل إلي مكة وفيها توفي ". وقد أعقب عبد الرحمن ومحمد وعمر . وأعقب على نور الدين غير القاضي عبد العزيز ، محمد كمال الدين وله محمد أمين الدين وكماليه المحدثة وعبد الرحمن ، وللأخير خديجة المحدثة ومحمد أبي الفضل كان موجوداً سنة 797هـ ، واحمد أبي بركات خطيب الحرمين وقاضيها توفي سنة 799هـ . ولأحمد أبي البركات هذا ، محمد أبو المفاخر توفي سنة 820هو محمد الخطيب أبو الفضل توفي سنة 827هـ ومحمد شمس الدين أبوالفضل . وأعقب محمد شمس الدين أبو الفضل هذا ، احمد أبا البركات ، ومحمد أبا الشيخ ، وستيتة أن احمد ، وزينب المحدثة ، ومحمد أبا القاسم شرف الدين ، والأخير له احمد المحب . أعقب محمد أبو الشيخ ، الخطيب شرف الدين كان موجوداً سنة 812هـ وهو من مشائخ السيوطي ، وزينب أم الهدى ، وعبد العزيز ن كان موجوداً سنة 827هـ، وقد أعقب عن عبد العزيز هذا محمد عز الدين أبا المفاخر ، كان مووداً سنة 869هـ وعنه اخذ السخاوي المؤرخ (3). والآن وقد فرغنا من ذرية عقيل الحاضرة فلنعد للبادية ، لنعد للعليقات في الفصل التالي .
العليقات
-1-
عرفنا ذرية مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل ، وعرفنا أن ولده عبد الله ابن الجمحية قد أعقب خمسة رجال ، منهم إبراهيم دخنه بن عبد الله بن مسلم وقد أعقب إبراهيم هذا علياً وثلاثة آخرين ، ومات بمصر سنة 341هـ، ومن على هذا إبراهيم العلق(1) رأس العليقات كان موجوداً في نصيبين (2). وكانت العليقات منذ التاريخ القديم مع بني همام بني عمومتهم ، تتردد ما بين الجزيرة والشام ، ثم استقر قرارهم في حلب وبلادها على عهد الحمداني في القرن السابع .(3) وقد كان الحمداني هذا الموظف المختص بشئون العرب وقبائلها على عهد الأيوبية وأوائل دولة المماليك ، وشهد كيف تفرقت العربان عند هجوم التتار على المماليك المسلمين وأخذهم حلب سنة 658هـ(4). تفرق العربان وهاجروا إلي شبه الجزيرة وأطراف مصر والشام ، حتى كانت موقعة عين جالوت التي انتصر فيها المصريين على التتار سنة 658هـ وكانت من المواقع الفاصلة في تاريخ الإسلام ، بقى بعدها العرب . جميعاً في حماية مصر من حدود العراق إلي المحيط الهندي. ولما سقطت مصر في أيدي العثمانيين سنة 922هـ ، 1517م بدا العرب يهجرون جزيرتهم إلي الأماكن التي كانوا فيها من قبل ، إلي مصر معبودة العرب فجر التاريخ ، هنا هبطت العليقات مع قبائل أخرى إلي سيناء (5)، ومع نجهل السنة التي هبطت فيها العليقات سيناء ، إلا إننا عثرنا في كتاب الأم – وهو سجل عقود البيع والشراء في سيناء ، محفوظ في دير طور سيناء إلي اليوم- على عقد بيع لصبيح بن سلمى ألعلقي في غزة المحرم سنة 1058هـ ، فرجحنا أن وجود القبيلة يف ذلك المكان كان قبل ذلك ؛لان الشاهد على هذا العقد عليقي ايضاً . واهم ما أغرى قبائل العرب جميعاً باختيار هذا المكان القفر ، من أول الفتح العربي لمصر ، هو نقل المتاجر بين آسيا وأوربا وافريقية ، ثم خفارة دير طور سيناء ، ثم تقديم الإبل للمحمل المصري اخيراً(1).
-2-
انساب جزء من العليقات إلي القليوبية بعد ذلك ، واخذ جزء آخر طريقة إلي السودان في فجر القرن الثاني عشر الهجري تقريباً ، حيث حط رحاله بجوار بني عمومتهم الجعافرة في قنا وأسوان وما بعدها . ولا تزال القبيلة ممثله في سيناء والقليوبية وقنا وأسوان كما سيجيء .
وفي عهد أمير الصعيد شيخ العرب همام ، ناط بهم خفارة سكة الحجاز من قنا للقصير ، كما اشتعلت الغالبية في نقل التجارة السودانية بين الشلال الأول والثاني مع خفارة الدرب الأربعيني الموصل بين دارفور وأسيوط ، وكان مقرهم الرئيسي الوادي باسمهم إلي اليوم "وادي العرب"بين المضيق وكروسكو مركز الدر .وكان في طريق الحجاز من قوص للقصير من العربان ، عليها خفارة الدرب وتوصيل القوافل . هما الطريفات والشرايقية ، وقد أساءوا السير وأكثروا من السلب والنهب لقوافل ، واخيراً اخذوا يصادرون غلال الحرمين الشريفين ،فضرب شيخ العرب همام على أيديهم ، واحل العليقات محلهم .وكانت فروع القبيلة على اتصال محكم بعضها البعض ، لصد غارات العربان المنافسين لهم في خفارة الدرب وسكة السودان وطريق الحجاز .
¬-3-
كان شيخ عليقات قوص أسمة عشري بن احمد ¬من الروافية، وقد ظل شيخاً لعموم العليقات حوالي عشرين عاما ، وكان معاصراً لشيخ العرب همام . ولما مات تولى شياخة القبيلة محمد جمعه ، وظل حوالي الثماني سنين ، ثم تولاها بعده الحاج علي محمد جابر من الروافية ايضاً ، وكان هذا الشيخ معاصراً لمحمد علي الكبير ، وفي عهدة تفاقم النزاع بين العليقات والعبابدة في شان خفارة الدرب وسكة السودان ، وقد احتكموا جميعاً عند محمد علي ، فأحالهم على ابنه إبراهيم في نجد ، فذهب ثلاثة من زعماء العليقات له هناك ، وهم الحاج علي المذكور ، واحمد البرسي ، وسعد خلف الأول من الروافية والثاني من العمران والثالث من الصلحات (2)، وتركوا رابعاً أسمة سعد جبريل للمدافعة عنهم أمام حكام مصر ، وكان من الروافية . وقد أكرم إبراهيم باشا وفادتهم ومنحهم كل امتيازات العربان ، من المعافاة من الجندية إلي حفر الترع والجسور وخاصة بهم خفر الدر الأربعيني ، وأباح لهم ما كانوا يحبونه من الضرائب على القوافل السودانية ، على كل جمل ريال ، وعلى كل رأس من الرقيق ريال ايضاً . حتى إذا شرع محمد على في فتح السودان 1821م ، ذهب في حملته فريق كبير من العليقات ، كخبراء في الطريق فضلاً عما يحملون على جمالهم من معدات الحملة كما استعملهم على البريد محمد بك الدفتردار في حروبهم مع الملك نمر .
-4-تضاءلت مشيخة قوص بعد فتح السودان الأول ، فتولاها الحاج احمد عوض الله من الروافية حتى سنة 1264هـ ، وحين شرعت الحكومة المصرية فى عمل الإحصاء الأول سنة 1268هـ ، هرب العرب جميعاً ، وأوغلوا في أطراف القطر حتى سنة 1276تقريباً ، ومن هؤلاء عربان العليقات فرع قوص ، نزحوا عنها لداخلية القطر ففقدوا بذلك حوالي الخمسة الآلاف فدان في زمام البلدة ، وحين رجعوا كان الحاج احمد قد توفي وتولى الشياخة محمد خير محمد ، وقد عاش الاخير حتى سنة 1313هـ ، ثم أعقبهم الشيخ محمد حامد الطيب من الغلياب . (5)
-5-
ثارت العرب ألجوازي سنة 1268هـ واعتصموا بالصحراء حصنهم المنيع ، فطاردتهم الحكومة فذهبوا لطرابلس ثم للسودان في شبة غزوة ، مارين بالدرب الأربعيني الذي تخفرة العليقات "فرع وادي العرب" وقد أبدى شيخهم محمد عمار ، لسعيد باشا من الولاء والإخلاص ما اكبر القبيلة كلها في عينه ، وجعل يحررها من سلطة كشاف الدر ، كما وصل ذرية الشيخ محمد عمار إلي مشيخة القبيلة كلها فيما بعد . وحين اعتزمت الحكومتان المصرية والانجليزية استرجاع السودان سنة 1314هـ - 1896م وروابط الجيش المصري في كروسكوا واتخذها قاعدة حربية له ، طلبت الحكومة إلي محمود بك عمار عمدة القبيلة ، أن ينظم قوة من أفرادها لحماية الحدود من غارات المهدية ، وحين تحرك الجيش من حلفا إلي دنقلة ، كان في الحملة 176 هجاناً من العليقات تحت قيادة شيخهم حسن بك عمار ، وحين تم الفتح منحتهم الحكومتان المصرية والانجليزية أوسمة التقدير ورقى حسن بك إلي مشيخة القبيلة كلها من قوص إلي السودان .وقد قولت أهمية خفارة طريق الأربعين وابارة لعدم سير القوافل ولظهور وسائل النقل الحديثة ، من بواخر وسكة حديدية وطيارات ، فلقد كانت القافلة تسير من السودان إلي مصر في قرابة شهر ونصف، فأصبحت بالوسائل الحديثة اسبوعاً ، وبالطائرة24ساعه فقط، وهكذا أحيل الجمل والإعرابي كليهما على الاستيداع ؟!.
-6-
كان شيخ القبيلة محمد عمار من الروافية ، ثم كان بعدة نجله الأكبر بك عمار ، ثم ابن أخيه حسن بك عمار قائد القبيلة في حملة السودان اعتزل المشيخة سنة 1906م وبدت له الهجرة إلي السودان ، بعد أن وجد في مقرها وتشاور مع زعمائها لتوحيدها ، ويأبى الله إلا ما يريد . وهو الآن من أعيان السودان . وتعين شيخاً بدله الشيخ محمد محمود عمار حتى سنة 1908م منذ ذلك الحين وشيخ القبيلة النور محمد عمار العمدة الحالي، ومقرة في المالكي بوادي العرب.(1) وكان شيخ عربان قوص ، من الروافية تارة ، ومن الغلياب تارة أخرى والروافية والغلياب ؛ هما رؤوس القبيلة كلها . وكل العليقات في قوص وما بعدها ، إما أن يكونوا من فروعها ، أو من عربان أخرى دخلت في العليقات بالحلف والموالاة – والمشيخة كانت تتراوح في هاتين الفخدين دائماً ؛ إنما الغالبية كانت في الروافية ، ومنهم شيخ مشايخ القبيلة الحالي .
-7-
حتى 1299هـ- 1883م كان من العليقات في النواحي وأنوع 6693 نفساً، وفي الخيوش 1553، وكانت النسبة المئوية للعليقات النازلين في الخيوش 85و1815و81 للعليقات المقيمين ، كما كانت الذكور للإناث 40و95(2).
وكانت العليقات أول القبائل العربية التي ذاقت لذة المدينة فأصبحوا مستديموا الإقامة ، بعد البداوة ، شأن الزمان في أبنائه ، والتاريخ في أنبائه.
وقد سكنت القبيلة في أقسام مصر الإدارية ، بحسب إحصاء سنة 1883 فيما يلي:
في القليوبية ذكور إناث جملة
385 345 730
في إسنا 1124 1491 2615
في قنا 2517 2384 4901
ويمكن تفصيلها ، ومع بيان أسماء المشايخ ورؤساء الفرق وجهات الإقامة بحسب إحصاء سنة
1883 ، فيما يلي:
مديرية قسم أسماء المشايخ جهات الإقامة ذكور إناث جملة مجموع
قنا قوص(1)
ــ ــ 399 345345 753
ــ معوض 184 176 360
ــ إسماعيل بيك 159 173 332
محمد منصور العليقات 198 180 378
موسي حسين " 662 637 1299
محمد خير " 567 559 1126
4248
قنا فرشوط (2) أبو زيد ماضي البلابيش 348 305 605
653
إسنا إدفو (3) خلف أحمد دراو 37 52 62
" الأعقاب 127 104 231
مديرية قسم أسماء المشايخ جهات الإقامة ذكور إناث جملة مجموع أسنا ادفو خلف احمد دراو
"الخناق 19 19 38
" المنصورة 95 65 160
" بنبان 9 7 16
" اقليت 41 26 67
574
14 13 27
33 33 66
163
سنا اسنا (1) علي عوض الله السباعية
"البصيلية
" الكنوز (2) محمد عمار
صالح عباس 21 38 59
حمد أبو علي 23 37 60
شاطرمة 37 71 108
محمود محمد احمد 18 33 51
القرنة 42 58 100
القروناب 13 16 29
الحدر باب 1 6 7
الدوم الدكر 52 52 50
العمراب 8 17 25
عبد الدايم 7 6 13
ابو ديس 13 23 36
مديرية قسم أسماء المشايخ جهات الإقامة ذكور إناث جملة مجموع أسنا الكنوز محمد عمار صالح عباس
حجر واصل 6 8 14
القرود 13 19 32
يوسف محمد عبده 21 26 47
ساقية نافع 16 17 33
السبوع 19 40 59
المرخة 43 49 92
النصراب 14 13 72
كرار سعد 25 36 6
البطحة 29 67 96
الجبل (نجع) 21 25 46
الحاج سعد 40 80 120
صالح محمد سلطان 30 84 114
المالكي 95 146 241
السنقاري 75 97 72
السدرة 19 44 63
الدخلانية 48 85 123
712 1166 1878
1878
القليوبية شبرا (1) عودة موسى عثمان جلال (ابو زعبل)385 345 730
730
ويمكن إجمال العليقات في مصر جميعاً عدا سينا لغاية مايو سنة 1883م فيما يلي :
مصر السفلى مصر العليا
ذكور إناث جملة ذكور إناث جملة
385 345 730 3641 3875 7516
المجموع الكلى
8246
على أن هناك فرق صغيرة من العليقات ، قد انسابت في داخل القطر ، في أولاد جاد ينجوع مازن شرق سوهاج ، وفي أبنوب الحمام بأسيوط ، وفي عزبة الإدارة بالأشمونيين بملوي .
ولا تزال شياخة هؤلاء جميعاً تعين من مركز القبيلة العام في أسوان ، كما هو الشأن في عموم القبائل العربية في وادي النيل ، ما عدا فرع القليوبية فله شياخة مستقلة .
-9-
جاء العليقات لسينا في القرن العاشر ، وحالفوا النفيعات والمنحدرين من مروان من طي ، وصاروا حزباً واحداً ، وسكن العليقات أولاً عين حديرة والنوبيع ، ثم رحل النفيعات للشرقية وسكنوا حول الزقازيق ، فورثهم العليقات ، وتوسعوا في التملك في شبه الجزيرة شرقاً وغرباً ، بعد انتصارهم على عربان الكعابنة الفلسطينيين في وادي الفهيدي ، ووهبهم رهبان الدير حديقة واسعة كانت لهم بحيث صار للعليقات نصف منافع شبه الجزيرة كلها ، والنصف الآخر كان للصوالحة وهم بطن من جهينة ستراهم فيما يلي من الكلام .
وكانت شبه الجزيرة في أول الأمر مقصورة على بني واصل من عقبة من عرب الحجاز ، وكان لهم النصف الجنوبي إلى وادي فاران ، وحماضة وهم سكان الجزيرة الأصليون ، ولهم من وادي فاران إلى أقصى الشمال ، وكانت فوائد البلاد مقسومة بينهم بالعدل ، ثم اختلفوا فيما بينهم على نقل الحجاج المصريين ، وتحاربوا سنين طويلة حتى ضعفوا جميعاً ، ثم تفرقوا في ريف مصر بعد ذلك .
ثم جاءت الصوالحة والنفيعات من الحجاز ، واستولوا على البلاد واقتسموا منافعها ، على نحو ما كان عليه بنو واصل وحماضة ، وانضم من بقى من حماضة إلى النفيعات ، ثم إلى حلفائهم العليقات فيما بعد ، فقويت النفيعات على الصوالحة ، فلما رحلت النفيعات إلى الشرقية ، أخذت العليقات مكانهم ، ونشبت حروب بينهم وبين الصوالحة ، على قسمة منافع البلاد ونقل الحجاج كان النصر فيها للصوالحة ، ثم جاءت مزينة من حرب الحجاز ، فحالفتها العليقات ، على أن تعطيها نصف منافعها ما عدا حديقة الدير فإنها تبقى العليقات وحدهم . وقد قويت العليقات بهذا الحلف الجديد ، وزاد في قوة العليقات المدد الذي جاءهم من حلفائهم الأقدمين النفيعات ، فحاربت الصوالحة وانتصرت عليها . على أن الجميع شعروا بخطر الحروب الأهلية ، وكان أخيراً اتفاقهم على أن تكون منافع شبه الجزيرة مناصفة ، كما كانت بين بني واصل وحماضة .
وكان الحكم بين قبائل الطورة جميعاً من العائد كما ورد في كتاب الأمم المحفوظ الآن بالدير ، وفي بيت شيخهم كانت تعقد شروط الصلح ، والاتفاقية المشهورة ( بالشورة ) بين رهبان الدير ، في عهد الأسقف كبر يواصف ، وبين مشايخ الصوالحة وأولاد سعيد والعليقات ، بشأن تأجير الإبل وتأمين الطريق ، عقدت في منزل شيخ العرب منصور العايدي في البرقوقية ، ( العباسية الآن ) سنة 1053هـ .
وحين تحضرت العائد وأخذت مساكنها في خط بلبيس ، التزم تقديم الإبل للمحمل المصري أربع قبائل بدوية ، والعوارمة ، وأولاد سعيد ، والجبالية .
وفي الأيام الأخيرة ، وقبل أن تتعهد الحكومة المصرية بخفارة المحمل ، ذهاباً وإياباً ، كانت الإبل يقدمها للمحمل سائر عرب الشرقية والقليوبية بالتناوب ، سنة يلتزمها عرب القليوبية ، وهم الحويطات ، وبلى ، والصوالحة وجهينة ، والعليقات ، والعيابدة . وسنة يلتزمها عرب الشرقية ، التفيعات ، والسماعنة ، والطمبلات ، والسعديين ، والعقايلة ، والمساعيد ، والبياضيين ، وأولاد على ، والأخارسة .
وكان كل فريق منهم يقدم من 400 جمل إلى خمسمائة .
-10-
وتضاءلت القبيلة في سينا ، بعد الهجرة فريق القليوبية ، وفريق الصعيد ، حتى صارت 2400 نفساً ، وأهم فروعها هناك ، أولاد سلمى ، والتليلات ، والحمايدة ، والخريسات ، ومعها بالحلف والموالاة ، حماضة ، والسواعدة ، وبقية من النفيعات .
وشيخ مشايخها زيدان مدخل سليمان ومقره أبو زنيمة .
ومن الغريب أن العداوة التاريخية بين الصوالحة والعليقات ، لم تمنع الاثنتين أن تسكنا محلة واحدة في أبي زعبل من القليوبية ، رأيتهم في زيارتي للشيخ سلامة موسى ، شيخ العليقات في يناير الماضي .
-11-
بقيت كلمة صغيرة عن فرع وادي العرب ، قال على باشا مبارك في الخطط من أسوان لحلفا 350 ألف متر ، وأرضه الزراعية قطع متفرقة بين الصخور على الجانبين ، ويري المسافر بينهما يمنة ويسرة قرى صغيرة أغلبها مركب من خمسة أو ستة بيوت ، يظللها قليل من النخل والدوم وبعض الأشجار ، وأكثرها في الشط الشرقي ، ولوقوع القرى في الأودية يطلق اسم الوادي على القرية ، فالكنوز ما بين أسوان وقرية وادي السباع ، والنوبة فوق وادي حلفا إلى الدر ، والعرب بين الاثنين في مسافة 47 ألف متر ، ويطلق على أرض الكنوز وادي الكنوز ، ولسانهم يقال له الكنزي ، وهو يقرب من اللسان البربري ، ويقال لأرض العرب وادي العرب .
وأكبر قري تلك الجهة قرية الدر ، وهي رأس القسم الرابع من مديرية اسنا ، وهي عاصمة النوبة ومقر الكشاف ، كان بها سبعون ساقية ونخيلها فوق الخمسة عشر ألف نخلة ، وأطيانها العالية 422 فداناً والمنخفضة 100 فدان ويزرع بها كل أنواع البقول والخضر .
ومؤسس بيت الكشاف هو قوسي حسن ، رأس حملة السلطان سليم على النوبة سنة 1520م ، وقد استقلت ذرية هذا الرجل بحكم النوبة العليا من ذلك الأمد البعيد . وكانوا يؤدون الجزية للحكومة المصرية ، ثم يمتنعون عن أدائها إذا آنسوا شقاقاً بين الأمراء المماليك ، فلما اعتزم محمد على الكبير فتح السودان سنة 1820م ، أراد حسين كاشف أن يقاوم إسماعيل باشا قائد الحملة ، فلم يرضى بذلك أخوه حسن ثم فر أخوه حسين إلى السودان ، وأعلن حسن ولائه لحكومة مصر وولته حاكماً على البلاد التي بين أسوان وحلفا ، وأنعمت عليه بـ 293 فداناً وستة أكياس من الدراهم . وبعد وفاته تولى ابنه سليمان كاشف ، ثم أبوه محمد كاشف ، وكان هذا موجوداً حتى سنة 1903 ميلادياً . وقد كانت حدود السودان قبل فتح محمد على عند الشلال الأول ، وعلى عهده فقط ضمت البلاد ما بين الشلال الأولى والثاني وألحقت بمديرية اسنا وكانت تسمى ( محافظة الحدود ) حتى سنة 1885م ولما ألغيت مديرية اسنا مدت حدودها إلى السباعية شمال ادفو ، وبعد فتح دنقلة سنة 1899م وفصل السودان عن مصر في 19 يناير من السنة نفسها ، وجعل الحد الفاصل بين مصر والسودان خط عرض عند قرية ادندان ، سميت المنطقة بين السباعية وادندان ( مديرية أسوان ) وكانت تتبع وزارة الحربية حتى سنة 1900م ، ثم صارت تتبع وزارة الداخلية كسائر مديريات القطر .
-12-
ومنذ سنة 1900م باشرت الحكومة بناء خزان أسوان ، فكان ذلك نذير تضحية هذا القسم من سكان مصر في سبيل المجموع فبدأ النوبيون يهاجرون إلى داخل البلاد ، وأغلبهم للقاهرة والإسكندرية ، وحين تم بناء الخزان حوالي سنة 1902 ، وطفح الماء على أرضهم القليلة ، عوضتهم الحكومة عن خسارتهم هذه أولى التعويضات سنة 1912م ، ولما تمت التعلية للخزان سنة 1933م ، طغى الماء على البقية من أرضهم وديارهم ، فاستحال هذا الوادي بحيرة مستطيلة من أسوان لحلفا أكثر العام ، وغادروا أهله بعد أن أودعوا أهاليهم قنن الجبال ، وتلك التضحية فذة ، يقدمها عنصر من أكرم عناصر الأمة ، ضحى بوطنه ومزارعه ونخيله ، وكل ذكرياته الماضية ، في سبيل سعادة المجموع وها هم هؤلاء ينبشون في كل أرجاء الوادي يلتمسون الرزق من كل باب لأهلهم الذين تركوهم على حافة الصحراء .
وقد عوضتهم الحكومة – التعويضات الأخيرة – مناطق ومزارع في أقصى الصعيد ، في قنا واسنا ، وبذلك رجع الفرع لأصله والغريب إلى وطنه .
عقيل بن ابى طالب
-1-
شقيق علي وأسن من جعفر بعشر سنين ، وكان من أحب الناس إلي النبي "صلي الله عليه وسلم" ، لقرابته منه أولاً، ولحب عمه ثانياً ، وبالرغم من خروجه علي بني هاشم مع المشركين في غزوة بدر ، وحكاية أسره وفداء عمه العباس له مبسوط في كل كتب التاريخ.
رجع بعد بدر إلي مكة ، ولم ينزل بها حتى هاجر إلي المدينة سنة 8 فشهد غزوة مؤتة ، ثم عرض له مرض فلم يسمع له خبر في فتح مكة ، والطائف ، وحنين ، وقد أطعمة رسول الله "صلي الله علي وسلم" 140 وسقا كل سنة (2).
وكان سريع الجواب المسكت المفحم للخصم ، وله في ذلك أخبار طويلة وكان أعلي أهل قريش بالنسب ، وأعلمهم بوقائعها وحروبها ، لكنه كان مبغضاً إليها لأنه كان يعدد مساوئها ، ويكثر من مثالبها ، لذلك عادته ، وقالت فيه بالحق وبالباطل ، ونسبت إليه الحمق ، واختلفت عليه الأحاديث المزورة.
وأعان علي ذلك عداوته لبني هاشم ، وخروجه علي أخيه علي ومسيره إلي معاوية بالشام – وكان عقيل زوج خالته فاطمة بنت عتبة - قال ابن الأثير(3) ما مخلصه: وكان سبب قدومه علي أخيه علي ، أن لزمه دين ، فقصده في الكوفة ، فأمر ابنه الحسين فكساه ، ولما أمسي قدم له الطعام ، فرفض الأكل حتي يوفي دينه ، فقيل له وكم دينك ، قال أربعون ألفاً قال علي ما هي عندي ولكن اصبر حتي يخرج عطائي فأنه أربعة آلاف فادفعه إليك ، فقال له عقيل بيوت المال بيدك وأنت تسوفني بعطائك ؟ فقال علي أتأمرني أن أدفع لك أموال المسلمين وقد ائتمنوني عليه؟ قال عقيل فأني آت معاوية.
فلما أبي معاوية قال له يا أبا زيد كيف تركت عليآ؟ قال: كأنهم أصحاب محمد إلا أني لم أر رسول الله صلي الله عليه وسلم . وكأنك وأصحابك أبو سفيان وأصحابه إلا أني أري أبا سفيان.
فلما كان من الغد ، جلس معاوية علي سريره ثم أذن للناس فدخلوا ، وأمر بكرسي إلي جانب السرير ، وأجلس عليه الضحاك بن قيس ، ثم أذن لعقيل فدخل عليه، فقال يا معاوية من هذا الذي معك؟ فقال الضحاك بن قيس ، فقال عقيل: الحمد الله الذي رفع كان بخصائها رفيقاً. فقال الضحاك: أني لعالم بمحاسن قريش ، وإن عقيلا عالم بمساوئها . ثم أمر له معاوية بخمسين ألف درهم فأخذها ورجع.
ولما استقر الملك بقريش في المدينة ، قال الوليد بن هشام بن المغيرة لعمر بن الخطاب ، قد جئت الشام فرأيت ملوكها قد ديواناً وجندوا جنداً، فدون ديواناً وجند جنداً. فأخذ عمر بقوله . ودعاً عقيلا ومخرجه بن نوفل، وجبير بن مطعم. وكانوا لسان قريش / وقال لهم: أكتبوا الناس علي منازلهم فبدأوا ببني هاشم، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه ، ثم عمر وقومه. فغضب عمر من ذلك ، وقال: أبدأوا بقرابة النبي صلي الله عليه وسلم ، الأقرب فالأقرب وضعوا عمراً حيث وضعه الله تعالي.
-2-
كان أبو طالب ذا عيال كثير، فقال الرسول لعمه يوماً: إن ؟ أبا طالب كثير العيال، فأنطلق بنا نحفف عن عيال أبي طالب. فانطلقاً إليه ، وأعلماه ما أرادا. فقال طالب. أتركا عقيلا وأضعنا ماشئتما. فأخذ النبي عليآ، وأخذ العباس جعفراً (1).
فلما مات أبو طالب خص النبي عقيلا بعطفه ، فوهبه البيت الذي ولد فيه بمكة، وهي الدار التي اشتراها محمد بن يوسف أخو الحجاج من عقيل وعرفت بعد ذلك بدار ابن يوسف ، وهي التي اشترتها الخيزران أم الرشيد وحولتها مسجداً (2) . وبقي عقيل في مكة حتي السنة الثامنة ثم لحق بالمدينة ، ثم قدم أخيراً للكوفة وبني داراً له بجاني دار أخيه علي علي باب مسجدها الجامع ، ولكنه رجع ثانية للمدينة ، ثم عرض خدمه علي أخيه حين أغار الضحاك بن قيس علي الحيرة فرفض علي في أسلوب أدني بليغ (3) . وقد عمر عقيل بعد ذلك طويلا وعمي في آخر عمره ومات في خلافه معاوية سنة 50 هجرية (4) .
-3-
وحيث عرفنا نهاية عقيل تنقل إلي أعقابه ، وقد أجمع النسابون علي أن كل من انتسب إلي عقيل من غير ولده محمد فهو دعي كذاب ، هكذا يقول لصاحب المشجر الكشاف (5).
ومن أعقاب محمد هذا في الحجاز والعراق والشام ومصر وفارس والهند والأفغان ، أكثر من خمس وعشرين بطناً فيهم الحضر والبادية.
أما مسلم بن عقيل الشهيد فقد قتله عبد الله زياد سنة 60هـ حين بعثه الأمام الحسين ليأخذ له البيعة في الكوفة ، وقد أعقب ثلاثة انقرضوا جميعاً.
وأعقب محمد بن عقيل ثلاثة: القاسم وعيد الرحمن وعبد الله ، انقرض ممثلين وبقي أولاد عقيل ممثلين في ذرية عيد الله بن محمد بن عقيل (1) ومن عبد الله هذا الفرعين العظيمين مسلم بن عبد الله ومحمد بن عبد الله ولنتكلم علي كل منهما باختصار.
محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل.
أعقب هذا من خمسة رجال ، عقيل والقاسم الطبري وطاهر وعلي وإبراهيم . لإبراهيم عقب بفارس ، ولطاهر عقب بمصر ، أما القاسم الطبري فله ذيل طويل ، أعقب من رجلين عقيل وعبد الرحمن ، للأخير ذرية طبرستان يقال لهم بنو المرقوع وهو محمد بن عبد الرحمن.
أما عقيل بن القاسم من أربعة رجال ، عبد الله ومسلم وأحمد والقاسم. أما عبد الله فأعقب خمسة ، عقيل وأحمد والحسن وعلي ومحمد ، أما أحمد فأعقب علي وحسن وإبراهيم ولهم ذرية في نصيبين . وأما عقيل بن عبد الله فقد أعقب عبد الله كان في أصفهان ومحمد في قم. ومن ذرية عبد الله جعفر العالم النسابة توفي سنة 344هـ وله أعقاب في حلب وبيروت ومصر ، وأبو القاسم مات بفسا وأعقب محمد وعبد الله (2).
أما مسلم بن عقيل فقد أعقب محمداً أمير المدينة وحفيده مسلم بن محمد سنة 330هـ . أما أحمد فقد أعقب جعفر وله ذرية في اليمن.
وأعقب القاسم بن عقيل محمد بن الأنصارية ، وله علي ذرية في بلاد الهند ، وعبد الله بن القرشية وله ذيل طويل في مصر ، ستراه فيما يلي.
-4-
أما مسلم بن عبد الله بم محمد بن عقيل ؛ فقد أعقب سليمان ومحمد وعبد اله بن الجمحية وعبد الرحمن ، محمد كان له عقب بالكوفة ، وعبد الرحمن كانله بقية في طبرستان من ابنه جعفر ، إما إبراهيم بن عبد الرحمن فله ذيل طويل إما عبد الله بن الجمحية فقد أعقب خمسة رجال ، وفيهم الكثرة وهم محمد وعيسى الاوقص وسليمان وإبراهيم دخنه واحمد . محمد له بقية بالكوفة يقال لهم بنو جعفر منهم فاطمة النائحة لا لعراق وعيسى الاوقص من ولده قاض الداعي الكبيرة وله ذيل طويل في جرجان وطبر ستان وخرسان . إما سليمان فأعقب احمد ومنه على له ذرية في مصر يقال لهم بنو قمرية إما إبراهيم دخنه فقد أعقب عليا ، وعلى أعقب إبراهيم العلق (1) ، رأس العليقات الذين كانوا في نصيبين ، والذين سترى الكلام عليهم مفصلاً فيما بعد وأعقب احمد إسماعيل ومن ذريته الأمير همام ، رأس بني همام كنوا في نصبين مع بني عمومتهم العليقات حتى دخول التتار والعراق .
-5-
ولنوجع إلي أولاد ابن القرشية ؛ فقد أعقب ابن الحارثية ، وهذا أعقب القاسم الجزولي ، وأعقب الجزولي عبد الرحمن بن القاسم اقضي القضاة : أبا القاسم النويري الشهيد الناطق في وقعة الفرنج بدمياط سنة 648هـ ، والنويري نسبة للنويرة قرية يف بني سويف . وبعد هذا البيت من أعظم البيوتان المصرية في العلم والأدب ، ظل يخرج فطاحل العلماء والفضلاء خلال ثلاثة قرون طويلة .وأعقب الشهيد الناطق القاسم جمال الدين وعنه اخذ ابن النعمان الأمام الشهير (2) ، وأعقب القاسم عبد العزيز وأعقب عبد العزيز واحمد شهاب الدين كان موجوداً سنة 782هـ وأعقب احمد شهاب الدين خديجة أم الفضل الصوفية ، وعلى نور الدين كان موجوداً سنة 786، ومحمد أبا الفضل قاضي القضاة . وقد ترجم الاخير صاحب شذرات الذهب في وفيات سنة 786هـ(1) قال "وفيها توفى القاضي جمال الدين أبوالفضل محمد بن احمد بن عبد العزيز ...النويري نسبة للنويرة من أعمال القاهرة ، ولد في شعبان سنة 722هـ وسمع بدمشق من المزي وغيرة ؛ وبمكة من ابن جماعه ، وصار قاضي مكة وخطيبها قال الحافظ ابن حجر: كان رجلاً عالماً يستحضر الفقه وغيره ، وقال ابن حبيب : ولي قضاء مكة نيف وعشرين سنة ، وكان فصيح العبارة لسنا ، جيد الخطبة متواضعاً محباً للفقراء ، وتوفي وهو متوجه إلي الطايف في رجب ، وحمل إلي مكة ودفن بها وخلف تركة وافره."إما علي نور الدين فقد أعقب عبد العزيز مفتي مكة ، وقد ترجمة صاحب شذرات الذهب كما ترجم لعمه ، وفي وفيات سنة 826هـ قال (2) "تفقة ومهر وقرأ سنن أبي داوود واخذ عن شيوخها ، ثم دخل اليمن وولي القضاء بتعز ثم رحل إلي مكة وفيها توفي ". وقد أعقب عبد الرحمن ومحمد وعمر . وأعقب على نور الدين غير القاضي عبد العزيز ، محمد كمال الدين وله محمد أمين الدين وكماليه المحدثة وعبد الرحمن ، وللأخير خديجة المحدثة ومحمد أبي الفضل كان موجوداً سنة 797هـ ، واحمد أبي بركات خطيب الحرمين وقاضيها توفي سنة 799هـ . ولأحمد أبي البركات هذا ، محمد أبو المفاخر توفي سنة 820هو محمد الخطيب أبو الفضل توفي سنة 827هـ ومحمد شمس الدين أبوالفضل . وأعقب محمد شمس الدين أبو الفضل هذا ، احمد أبا البركات ، ومحمد أبا الشيخ ، وستيتة أن احمد ، وزينب المحدثة ، ومحمد أبا القاسم شرف الدين ، والأخير له احمد المحب . أعقب محمد أبو الشيخ ، الخطيب شرف الدين كان موجوداً سنة 812هـ وهو من مشائخ السيوطي ، وزينب أم الهدى ، وعبد العزيز ن كان موجوداً سنة 827هـ، وقد أعقب عن عبد العزيز هذا محمد عز الدين أبا المفاخر ، كان مووداً سنة 869هـ وعنه اخذ السخاوي المؤرخ (3). والآن وقد فرغنا من ذرية عقيل الحاضرة فلنعد للبادية ، لنعد للعليقات في الفصل التالي .
العليقات
-1-
عرفنا ذرية مسلم بن عبد الله بن محمد بن عقيل ، وعرفنا أن ولده عبد الله ابن الجمحية قد أعقب خمسة رجال ، منهم إبراهيم دخنه بن عبد الله بن مسلم وقد أعقب إبراهيم هذا علياً وثلاثة آخرين ، ومات بمصر سنة 341هـ، ومن على هذا إبراهيم العلق(1) رأس العليقات كان موجوداً في نصيبين (2). وكانت العليقات منذ التاريخ القديم مع بني همام بني عمومتهم ، تتردد ما بين الجزيرة والشام ، ثم استقر قرارهم في حلب وبلادها على عهد الحمداني في القرن السابع .(3) وقد كان الحمداني هذا الموظف المختص بشئون العرب وقبائلها على عهد الأيوبية وأوائل دولة المماليك ، وشهد كيف تفرقت العربان عند هجوم التتار على المماليك المسلمين وأخذهم حلب سنة 658هـ(4). تفرق العربان وهاجروا إلي شبه الجزيرة وأطراف مصر والشام ، حتى كانت موقعة عين جالوت التي انتصر فيها المصريين على التتار سنة 658هـ وكانت من المواقع الفاصلة في تاريخ الإسلام ، بقى بعدها العرب . جميعاً في حماية مصر من حدود العراق إلي المحيط الهندي. ولما سقطت مصر في أيدي العثمانيين سنة 922هـ ، 1517م بدا العرب يهجرون جزيرتهم إلي الأماكن التي كانوا فيها من قبل ، إلي مصر معبودة العرب فجر التاريخ ، هنا هبطت العليقات مع قبائل أخرى إلي سيناء (5)، ومع نجهل السنة التي هبطت فيها العليقات سيناء ، إلا إننا عثرنا في كتاب الأم – وهو سجل عقود البيع والشراء في سيناء ، محفوظ في دير طور سيناء إلي اليوم- على عقد بيع لصبيح بن سلمى ألعلقي في غزة المحرم سنة 1058هـ ، فرجحنا أن وجود القبيلة يف ذلك المكان كان قبل ذلك ؛لان الشاهد على هذا العقد عليقي ايضاً . واهم ما أغرى قبائل العرب جميعاً باختيار هذا المكان القفر ، من أول الفتح العربي لمصر ، هو نقل المتاجر بين آسيا وأوربا وافريقية ، ثم خفارة دير طور سيناء ، ثم تقديم الإبل للمحمل المصري اخيراً(1).
-2-
انساب جزء من العليقات إلي القليوبية بعد ذلك ، واخذ جزء آخر طريقة إلي السودان في فجر القرن الثاني عشر الهجري تقريباً ، حيث حط رحاله بجوار بني عمومتهم الجعافرة في قنا وأسوان وما بعدها . ولا تزال القبيلة ممثله في سيناء والقليوبية وقنا وأسوان كما سيجيء .
وفي عهد أمير الصعيد شيخ العرب همام ، ناط بهم خفارة سكة الحجاز من قنا للقصير ، كما اشتعلت الغالبية في نقل التجارة السودانية بين الشلال الأول والثاني مع خفارة الدرب الأربعيني الموصل بين دارفور وأسيوط ، وكان مقرهم الرئيسي الوادي باسمهم إلي اليوم "وادي العرب"بين المضيق وكروسكو مركز الدر .وكان في طريق الحجاز من قوص للقصير من العربان ، عليها خفارة الدرب وتوصيل القوافل . هما الطريفات والشرايقية ، وقد أساءوا السير وأكثروا من السلب والنهب لقوافل ، واخيراً اخذوا يصادرون غلال الحرمين الشريفين ،فضرب شيخ العرب همام على أيديهم ، واحل العليقات محلهم .وكانت فروع القبيلة على اتصال محكم بعضها البعض ، لصد غارات العربان المنافسين لهم في خفارة الدرب وسكة السودان وطريق الحجاز .
¬-3-
كان شيخ عليقات قوص أسمة عشري بن احمد ¬من الروافية، وقد ظل شيخاً لعموم العليقات حوالي عشرين عاما ، وكان معاصراً لشيخ العرب همام . ولما مات تولى شياخة القبيلة محمد جمعه ، وظل حوالي الثماني سنين ، ثم تولاها بعده الحاج علي محمد جابر من الروافية ايضاً ، وكان هذا الشيخ معاصراً لمحمد علي الكبير ، وفي عهدة تفاقم النزاع بين العليقات والعبابدة في شان خفارة الدرب وسكة السودان ، وقد احتكموا جميعاً عند محمد علي ، فأحالهم على ابنه إبراهيم في نجد ، فذهب ثلاثة من زعماء العليقات له هناك ، وهم الحاج علي المذكور ، واحمد البرسي ، وسعد خلف الأول من الروافية والثاني من العمران والثالث من الصلحات (2)، وتركوا رابعاً أسمة سعد جبريل للمدافعة عنهم أمام حكام مصر ، وكان من الروافية . وقد أكرم إبراهيم باشا وفادتهم ومنحهم كل امتيازات العربان ، من المعافاة من الجندية إلي حفر الترع والجسور وخاصة بهم خفر الدر الأربعيني ، وأباح لهم ما كانوا يحبونه من الضرائب على القوافل السودانية ، على كل جمل ريال ، وعلى كل رأس من الرقيق ريال ايضاً . حتى إذا شرع محمد على في فتح السودان 1821م ، ذهب في حملته فريق كبير من العليقات ، كخبراء في الطريق فضلاً عما يحملون على جمالهم من معدات الحملة كما استعملهم على البريد محمد بك الدفتردار في حروبهم مع الملك نمر .
-4-تضاءلت مشيخة قوص بعد فتح السودان الأول ، فتولاها الحاج احمد عوض الله من الروافية حتى سنة 1264هـ ، وحين شرعت الحكومة المصرية فى عمل الإحصاء الأول سنة 1268هـ ، هرب العرب جميعاً ، وأوغلوا في أطراف القطر حتى سنة 1276تقريباً ، ومن هؤلاء عربان العليقات فرع قوص ، نزحوا عنها لداخلية القطر ففقدوا بذلك حوالي الخمسة الآلاف فدان في زمام البلدة ، وحين رجعوا كان الحاج احمد قد توفي وتولى الشياخة محمد خير محمد ، وقد عاش الاخير حتى سنة 1313هـ ، ثم أعقبهم الشيخ محمد حامد الطيب من الغلياب . (5)
-5-
ثارت العرب ألجوازي سنة 1268هـ واعتصموا بالصحراء حصنهم المنيع ، فطاردتهم الحكومة فذهبوا لطرابلس ثم للسودان في شبة غزوة ، مارين بالدرب الأربعيني الذي تخفرة العليقات "فرع وادي العرب" وقد أبدى شيخهم محمد عمار ، لسعيد باشا من الولاء والإخلاص ما اكبر القبيلة كلها في عينه ، وجعل يحررها من سلطة كشاف الدر ، كما وصل ذرية الشيخ محمد عمار إلي مشيخة القبيلة كلها فيما بعد . وحين اعتزمت الحكومتان المصرية والانجليزية استرجاع السودان سنة 1314هـ - 1896م وروابط الجيش المصري في كروسكوا واتخذها قاعدة حربية له ، طلبت الحكومة إلي محمود بك عمار عمدة القبيلة ، أن ينظم قوة من أفرادها لحماية الحدود من غارات المهدية ، وحين تحرك الجيش من حلفا إلي دنقلة ، كان في الحملة 176 هجاناً من العليقات تحت قيادة شيخهم حسن بك عمار ، وحين تم الفتح منحتهم الحكومتان المصرية والانجليزية أوسمة التقدير ورقى حسن بك إلي مشيخة القبيلة كلها من قوص إلي السودان .وقد قولت أهمية خفارة طريق الأربعين وابارة لعدم سير القوافل ولظهور وسائل النقل الحديثة ، من بواخر وسكة حديدية وطيارات ، فلقد كانت القافلة تسير من السودان إلي مصر في قرابة شهر ونصف، فأصبحت بالوسائل الحديثة اسبوعاً ، وبالطائرة24ساعه فقط، وهكذا أحيل الجمل والإعرابي كليهما على الاستيداع ؟!.
-6-
كان شيخ القبيلة محمد عمار من الروافية ، ثم كان بعدة نجله الأكبر بك عمار ، ثم ابن أخيه حسن بك عمار قائد القبيلة في حملة السودان اعتزل المشيخة سنة 1906م وبدت له الهجرة إلي السودان ، بعد أن وجد في مقرها وتشاور مع زعمائها لتوحيدها ، ويأبى الله إلا ما يريد . وهو الآن من أعيان السودان . وتعين شيخاً بدله الشيخ محمد محمود عمار حتى سنة 1908م منذ ذلك الحين وشيخ القبيلة النور محمد عمار العمدة الحالي، ومقرة في المالكي بوادي العرب.(1) وكان شيخ عربان قوص ، من الروافية تارة ، ومن الغلياب تارة أخرى والروافية والغلياب ؛ هما رؤوس القبيلة كلها . وكل العليقات في قوص وما بعدها ، إما أن يكونوا من فروعها ، أو من عربان أخرى دخلت في العليقات بالحلف والموالاة – والمشيخة كانت تتراوح في هاتين الفخدين دائماً ؛ إنما الغالبية كانت في الروافية ، ومنهم شيخ مشايخ القبيلة الحالي .
-7-
حتى 1299هـ- 1883م كان من العليقات في النواحي وأنوع 6693 نفساً، وفي الخيوش 1553، وكانت النسبة المئوية للعليقات النازلين في الخيوش 85و1815و81 للعليقات المقيمين ، كما كانت الذكور للإناث 40و95(2).
وكانت العليقات أول القبائل العربية التي ذاقت لذة المدينة فأصبحوا مستديموا الإقامة ، بعد البداوة ، شأن الزمان في أبنائه ، والتاريخ في أنبائه.
وقد سكنت القبيلة في أقسام مصر الإدارية ، بحسب إحصاء سنة 1883 فيما يلي:
في القليوبية ذكور إناث جملة
385 345 730
في إسنا 1124 1491 2615
في قنا 2517 2384 4901
ويمكن تفصيلها ، ومع بيان أسماء المشايخ ورؤساء الفرق وجهات الإقامة بحسب إحصاء سنة
1883 ، فيما يلي:
مديرية قسم أسماء المشايخ جهات الإقامة ذكور إناث جملة مجموع
قنا قوص(1)
ــ ــ 399 345345 753
ــ معوض 184 176 360
ــ إسماعيل بيك 159 173 332
محمد منصور العليقات 198 180 378
موسي حسين " 662 637 1299
محمد خير " 567 559 1126
4248
قنا فرشوط (2) أبو زيد ماضي البلابيش 348 305 605
653
إسنا إدفو (3) خلف أحمد دراو 37 52 62
" الأعقاب 127 104 231
مديرية قسم أسماء المشايخ جهات الإقامة ذكور إناث جملة مجموع أسنا ادفو خلف احمد دراو
"الخناق 19 19 38
" المنصورة 95 65 160
" بنبان 9 7 16
" اقليت 41 26 67
574
14 13 27
33 33 66
163
سنا اسنا (1) علي عوض الله السباعية
"البصيلية
" الكنوز (2) محمد عمار
صالح عباس 21 38 59
حمد أبو علي 23 37 60
شاطرمة 37 71 108
محمود محمد احمد 18 33 51
القرنة 42 58 100
القروناب 13 16 29
الحدر باب 1 6 7
الدوم الدكر 52 52 50
العمراب 8 17 25
عبد الدايم 7 6 13
ابو ديس 13 23 36
مديرية قسم أسماء المشايخ جهات الإقامة ذكور إناث جملة مجموع أسنا الكنوز محمد عمار صالح عباس
حجر واصل 6 8 14
القرود 13 19 32
يوسف محمد عبده 21 26 47
ساقية نافع 16 17 33
السبوع 19 40 59
المرخة 43 49 92
النصراب 14 13 72
كرار سعد 25 36 6
البطحة 29 67 96
الجبل (نجع) 21 25 46
الحاج سعد 40 80 120
صالح محمد سلطان 30 84 114
المالكي 95 146 241
السنقاري 75 97 72
السدرة 19 44 63
الدخلانية 48 85 123
712 1166 1878
1878
القليوبية شبرا (1) عودة موسى عثمان جلال (ابو زعبل)385 345 730
730
ويمكن إجمال العليقات في مصر جميعاً عدا سينا لغاية مايو سنة 1883م فيما يلي :
مصر السفلى مصر العليا
ذكور إناث جملة ذكور إناث جملة
385 345 730 3641 3875 7516
المجموع الكلى
8246
على أن هناك فرق صغيرة من العليقات ، قد انسابت في داخل القطر ، في أولاد جاد ينجوع مازن شرق سوهاج ، وفي أبنوب الحمام بأسيوط ، وفي عزبة الإدارة بالأشمونيين بملوي .
ولا تزال شياخة هؤلاء جميعاً تعين من مركز القبيلة العام في أسوان ، كما هو الشأن في عموم القبائل العربية في وادي النيل ، ما عدا فرع القليوبية فله شياخة مستقلة .
-9-
جاء العليقات لسينا في القرن العاشر ، وحالفوا النفيعات والمنحدرين من مروان من طي ، وصاروا حزباً واحداً ، وسكن العليقات أولاً عين حديرة والنوبيع ، ثم رحل النفيعات للشرقية وسكنوا حول الزقازيق ، فورثهم العليقات ، وتوسعوا في التملك في شبه الجزيرة شرقاً وغرباً ، بعد انتصارهم على عربان الكعابنة الفلسطينيين في وادي الفهيدي ، ووهبهم رهبان الدير حديقة واسعة كانت لهم بحيث صار للعليقات نصف منافع شبه الجزيرة كلها ، والنصف الآخر كان للصوالحة وهم بطن من جهينة ستراهم فيما يلي من الكلام .
وكانت شبه الجزيرة في أول الأمر مقصورة على بني واصل من عقبة من عرب الحجاز ، وكان لهم النصف الجنوبي إلى وادي فاران ، وحماضة وهم سكان الجزيرة الأصليون ، ولهم من وادي فاران إلى أقصى الشمال ، وكانت فوائد البلاد مقسومة بينهم بالعدل ، ثم اختلفوا فيما بينهم على نقل الحجاج المصريين ، وتحاربوا سنين طويلة حتى ضعفوا جميعاً ، ثم تفرقوا في ريف مصر بعد ذلك .
ثم جاءت الصوالحة والنفيعات من الحجاز ، واستولوا على البلاد واقتسموا منافعها ، على نحو ما كان عليه بنو واصل وحماضة ، وانضم من بقى من حماضة إلى النفيعات ، ثم إلى حلفائهم العليقات فيما بعد ، فقويت النفيعات على الصوالحة ، فلما رحلت النفيعات إلى الشرقية ، أخذت العليقات مكانهم ، ونشبت حروب بينهم وبين الصوالحة ، على قسمة منافع البلاد ونقل الحجاج كان النصر فيها للصوالحة ، ثم جاءت مزينة من حرب الحجاز ، فحالفتها العليقات ، على أن تعطيها نصف منافعها ما عدا حديقة الدير فإنها تبقى العليقات وحدهم . وقد قويت العليقات بهذا الحلف الجديد ، وزاد في قوة العليقات المدد الذي جاءهم من حلفائهم الأقدمين النفيعات ، فحاربت الصوالحة وانتصرت عليها . على أن الجميع شعروا بخطر الحروب الأهلية ، وكان أخيراً اتفاقهم على أن تكون منافع شبه الجزيرة مناصفة ، كما كانت بين بني واصل وحماضة .
وكان الحكم بين قبائل الطورة جميعاً من العائد كما ورد في كتاب الأمم المحفوظ الآن بالدير ، وفي بيت شيخهم كانت تعقد شروط الصلح ، والاتفاقية المشهورة ( بالشورة ) بين رهبان الدير ، في عهد الأسقف كبر يواصف ، وبين مشايخ الصوالحة وأولاد سعيد والعليقات ، بشأن تأجير الإبل وتأمين الطريق ، عقدت في منزل شيخ العرب منصور العايدي في البرقوقية ، ( العباسية الآن ) سنة 1053هـ .
وحين تحضرت العائد وأخذت مساكنها في خط بلبيس ، التزم تقديم الإبل للمحمل المصري أربع قبائل بدوية ، والعوارمة ، وأولاد سعيد ، والجبالية .
وفي الأيام الأخيرة ، وقبل أن تتعهد الحكومة المصرية بخفارة المحمل ، ذهاباً وإياباً ، كانت الإبل يقدمها للمحمل سائر عرب الشرقية والقليوبية بالتناوب ، سنة يلتزمها عرب القليوبية ، وهم الحويطات ، وبلى ، والصوالحة وجهينة ، والعليقات ، والعيابدة . وسنة يلتزمها عرب الشرقية ، التفيعات ، والسماعنة ، والطمبلات ، والسعديين ، والعقايلة ، والمساعيد ، والبياضيين ، وأولاد على ، والأخارسة .
وكان كل فريق منهم يقدم من 400 جمل إلى خمسمائة .
-10-
وتضاءلت القبيلة في سينا ، بعد الهجرة فريق القليوبية ، وفريق الصعيد ، حتى صارت 2400 نفساً ، وأهم فروعها هناك ، أولاد سلمى ، والتليلات ، والحمايدة ، والخريسات ، ومعها بالحلف والموالاة ، حماضة ، والسواعدة ، وبقية من النفيعات .
وشيخ مشايخها زيدان مدخل سليمان ومقره أبو زنيمة .
ومن الغريب أن العداوة التاريخية بين الصوالحة والعليقات ، لم تمنع الاثنتين أن تسكنا محلة واحدة في أبي زعبل من القليوبية ، رأيتهم في زيارتي للشيخ سلامة موسى ، شيخ العليقات في يناير الماضي .
-11-
بقيت كلمة صغيرة عن فرع وادي العرب ، قال على باشا مبارك في الخطط من أسوان لحلفا 350 ألف متر ، وأرضه الزراعية قطع متفرقة بين الصخور على الجانبين ، ويري المسافر بينهما يمنة ويسرة قرى صغيرة أغلبها مركب من خمسة أو ستة بيوت ، يظللها قليل من النخل والدوم وبعض الأشجار ، وأكثرها في الشط الشرقي ، ولوقوع القرى في الأودية يطلق اسم الوادي على القرية ، فالكنوز ما بين أسوان وقرية وادي السباع ، والنوبة فوق وادي حلفا إلى الدر ، والعرب بين الاثنين في مسافة 47 ألف متر ، ويطلق على أرض الكنوز وادي الكنوز ، ولسانهم يقال له الكنزي ، وهو يقرب من اللسان البربري ، ويقال لأرض العرب وادي العرب .
وأكبر قري تلك الجهة قرية الدر ، وهي رأس القسم الرابع من مديرية اسنا ، وهي عاصمة النوبة ومقر الكشاف ، كان بها سبعون ساقية ونخيلها فوق الخمسة عشر ألف نخلة ، وأطيانها العالية 422 فداناً والمنخفضة 100 فدان ويزرع بها كل أنواع البقول والخضر .
ومؤسس بيت الكشاف هو قوسي حسن ، رأس حملة السلطان سليم على النوبة سنة 1520م ، وقد استقلت ذرية هذا الرجل بحكم النوبة العليا من ذلك الأمد البعيد . وكانوا يؤدون الجزية للحكومة المصرية ، ثم يمتنعون عن أدائها إذا آنسوا شقاقاً بين الأمراء المماليك ، فلما اعتزم محمد على الكبير فتح السودان سنة 1820م ، أراد حسين كاشف أن يقاوم إسماعيل باشا قائد الحملة ، فلم يرضى بذلك أخوه حسن ثم فر أخوه حسين إلى السودان ، وأعلن حسن ولائه لحكومة مصر وولته حاكماً على البلاد التي بين أسوان وحلفا ، وأنعمت عليه بـ 293 فداناً وستة أكياس من الدراهم . وبعد وفاته تولى ابنه سليمان كاشف ، ثم أبوه محمد كاشف ، وكان هذا موجوداً حتى سنة 1903 ميلادياً . وقد كانت حدود السودان قبل فتح محمد على عند الشلال الأول ، وعلى عهده فقط ضمت البلاد ما بين الشلال الأولى والثاني وألحقت بمديرية اسنا وكانت تسمى ( محافظة الحدود ) حتى سنة 1885م ولما ألغيت مديرية اسنا مدت حدودها إلى السباعية شمال ادفو ، وبعد فتح دنقلة سنة 1899م وفصل السودان عن مصر في 19 يناير من السنة نفسها ، وجعل الحد الفاصل بين مصر والسودان خط عرض عند قرية ادندان ، سميت المنطقة بين السباعية وادندان ( مديرية أسوان ) وكانت تتبع وزارة الحربية حتى سنة 1900م ، ثم صارت تتبع وزارة الداخلية كسائر مديريات القطر .
-12-
ومنذ سنة 1900م باشرت الحكومة بناء خزان أسوان ، فكان ذلك نذير تضحية هذا القسم من سكان مصر في سبيل المجموع فبدأ النوبيون يهاجرون إلى داخل البلاد ، وأغلبهم للقاهرة والإسكندرية ، وحين تم بناء الخزان حوالي سنة 1902 ، وطفح الماء على أرضهم القليلة ، عوضتهم الحكومة عن خسارتهم هذه أولى التعويضات سنة 1912م ، ولما تمت التعلية للخزان سنة 1933م ، طغى الماء على البقية من أرضهم وديارهم ، فاستحال هذا الوادي بحيرة مستطيلة من أسوان لحلفا أكثر العام ، وغادروا أهله بعد أن أودعوا أهاليهم قنن الجبال ، وتلك التضحية فذة ، يقدمها عنصر من أكرم عناصر الأمة ، ضحى بوطنه ومزارعه ونخيله ، وكل ذكرياته الماضية ، في سبيل سعادة المجموع وها هم هؤلاء ينبشون في كل أرجاء الوادي يلتمسون الرزق من كل باب لأهلهم الذين تركوهم على حافة الصحراء .
وقد عوضتهم الحكومة – التعويضات الأخيرة – مناطق ومزارع في أقصى الصعيد ، في قنا واسنا ، وبذلك رجع الفرع لأصله والغريب إلى وطنه .
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر