مضي رمضان... شهر القربة وليس شهر اللهو
بقلم: د. علي جمعة
جاء شهر رمضان المبارك, حاملا معه الرحمات الإلهية والنفحات القدسية,ومصحوبا بألطاف الله عز وجل العظيمة, وفاتحا أبواب الخير, وهو مزاد التقوي وسوق الآخرة.
حيث امتن الله تعالي فيه علي الصائمين بالأجر العظيم والفضل الجزيل, فقال عز وجل في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم, فإنه لي وأنا أجزي به.
( أخرجه البخاري2215/5 ومسلم806/2),
ولذلك وجب علي المسلمين, بل حري بهم أن يقبلوا علي الله تعالي في هذا الشهر, يؤدون واجباته ويتحلون بآدابه, ويعظمون شعائر الله فيه, وينأون عن المحرمات والمكروهات, لما روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال:
إذ كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب, وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم
( أخرجه البخاري673/2 ومسلم807/2).
وبمقدار مايتضاعف أجر المقبلين علي الله في هذا الشهر والراعين لحدوده, والمصطبغين بآدابه, فإن الغافلين عنه والمعرضين عن واجباته وآدابه يحرمون رحماته ويفتقدون بركاته.
وقد جعل الصيام لتكفير الذنوب, وتنقية النفوس, وللقرب من الله سبحانه تعالي, فشهر رمضان الكريم هو شهر العبادة والقرآن, وإحياء كل نوازع الخير في بني البشر.
ولذلك لم يكن الصوم ـ كما يقول ابن الجوزي: صوم جماعة عن الطعام, وإنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام, وصمت اللسان عن فضول الكلام, وغض العين عن النظر إلي الحرام, وكف الكف عن أخذ الخطام, ومنع الأقدام عن قبيح الإقدام.
وقبيل قدوم الشهر الكريم استعد المسلمون لاستقباله وشمروا عن ساعد الجد والاجتهاد في الطاعات وفعل الخيرات, لئلا ينصرم وقت هذا الشهر المبارك دون الفوز بوعد الله الوارد في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه
( أخرجه البخاري22/1 ومسلم523).
وفي ضوء هذا الجو الإيماني الجميل في رمضان, نجد هذا الكم الهائل من المسلسلات والأعمال التليفزيونية والفضائية في العالم الإسلامي, بما يحويه بعضها من مشاهد خارجة تخاطب غرائز الإنسان, وتجرح صومه وطاعته لله عز وجل, وتكدر الموقف الروحاني والإيماني الذي يعيشه المسلم في رمضان, حتي خشي علي الصائم آلا تتحقق له فضائل هذا الشهر الكريم اذا أساغ لنفسه أن يضيع وقته في كل مايبعد عنها, خاصة مع كثرة المعروض من تلك الأشياء.
إن مقصود الفن الحقيقي الذي تعارف عليه الحكماء والعقلاء أنه يوازن بين الترويح عن النفس والحفاظ علي نشر القيم الصالحة في المجتمع.
يقول هاربرت ريد: وأظن أننا سنحكم بوجود الدليل الكافي للقول بأن للفن طبيعته الجدلية, فليس الفن ناتجا نتاجا ثانويا عن التطوير الاجتماعي, لكنه واحد من العناصر الأصلية التي تسهم في بناء المجتمع والثقافات( الفن والمجتمع ص13).
ولكن يحذر من استخدامه في غير الهدف الصحيح الذي قصده أصحابه منه, فقال ص10: أعتقد أننا بلغنا نقطة تحول في تطور المدنية الحديثة, أصبح فيها الجوهر الحق للفن في خطر من ان يعمي, وأصبح الفن في نفسه مندثرا من جراء سوء استعماله.
ويقول د/ حسين فوزي: ولاتحسبن الفن بمنأي عن أن يتحول هو أيضا من الخير إلي الشر, وذلك بوسائل أقل إنجازا وإن لم تكن أضعف أثرا في مستقبل البشر, فالفن قد يستخدم ـ بل استخدم فعلا ـ في محاولات لتدمير المجتمع, وذلك حين يتحول الفن عن مراميه السامية إلي أدوات دعاية وعدوان, أو حينما يهبط إلي أعمال خبيثة ليست من صحيح الفن, وإن لبست لبوسه نظما وموسيقي وغناء وتصويرا وتمثيلا ويضيف: ولو أن هذه الظواهر المنحلة في ضمن الفنون يقف عند حد تشخيص مرض اجتماعي نتيجة الحروب والانقلابات والعرقيات والانغماس في اللذائذ الحسية والمتع الدنيئة لقلنا شر يزول وشيكا, ولكنها ـ وهنا خطرها ـ تحمل في طياتها قدرة تبشيرية تهدد المجتمعات والشباب بخاصة, وجرثومة تميت المثل العليا في الأخلاق والعادات والتقاليد الصالحة التي أورثها السلف.
والمنصف لاينكر وجود عدد من البرامج الجادة والمفيدة التي تبث عبر الفضائيات الهادفة يمكن أن يستفيد بها المسلم, ولا بأس من الترويح عن النفس بعض الوقت في رمضان بمشاهدة البرامج الجادة الخالية من وسائل الشر وتدمير الأخلاق والقيم.
فرمضان كما عهدناه جميعا هو شهر الطاعات والعبادات والتقرب إلي الله آناء الليل وأطراف النهار بالنفس والمال, وهو أيضا شهر صلة الأرحام, والإرتقاء بالنفس بكثرة فعل الخيرات, وليس موسما للتفنن والتسابق في اللهو والغفلة وتضييع الأوقات, وإثارة الشهوات والملذات.
ولذا ينبغي علي وسائل الإعلام في العالم الإسلامي أن تكون علي قدر المسئولية, وأن تحرص علي اختيار الأعمال الجادة التي تلتزم بالقيم, وتعمل علي نشر الفضائل, وتساعد علي البناء النفسي والصفاء الروحي للإنسان المكرم علي سائر الأكوان, وبذلك تكون من المتحققين والفائزين بقوله تعالي( وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الأثم والعدوان)
( سورة المائدة:2)
نقول هذا بعد مامر رمضان لعلها تكون كلمة صادقة لرمضان القادم لذا فإننا ننصح القائمين علي تلك الأعمال بالعودة بالأعمال الفنية إلي سابق عهدها, أعمالا جميلة هادفة, تعالج قضايا مجتمعنا ومشكلاته, وترسخ قيمنا ومبادئنا المستمدة من نموذجنا الحضاري, كي تستمر المؤسسة الإعلامية بالعالم الإسلامي بجانب مؤسسات المجتمع المختلفة, في العمل وفق تعاليم ديننا والتمسك بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة في سبيل نهضة المجتمع وتقدمه
.بقلم: د. علي جمعة
جاء شهر رمضان المبارك, حاملا معه الرحمات الإلهية والنفحات القدسية,ومصحوبا بألطاف الله عز وجل العظيمة, وفاتحا أبواب الخير, وهو مزاد التقوي وسوق الآخرة.
حيث امتن الله تعالي فيه علي الصائمين بالأجر العظيم والفضل الجزيل, فقال عز وجل في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم, فإنه لي وأنا أجزي به.
( أخرجه البخاري2215/5 ومسلم806/2),
ولذلك وجب علي المسلمين, بل حري بهم أن يقبلوا علي الله تعالي في هذا الشهر, يؤدون واجباته ويتحلون بآدابه, ويعظمون شعائر الله فيه, وينأون عن المحرمات والمكروهات, لما روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال:
إذ كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب, وإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم
( أخرجه البخاري673/2 ومسلم807/2).
وبمقدار مايتضاعف أجر المقبلين علي الله في هذا الشهر والراعين لحدوده, والمصطبغين بآدابه, فإن الغافلين عنه والمعرضين عن واجباته وآدابه يحرمون رحماته ويفتقدون بركاته.
وقد جعل الصيام لتكفير الذنوب, وتنقية النفوس, وللقرب من الله سبحانه تعالي, فشهر رمضان الكريم هو شهر العبادة والقرآن, وإحياء كل نوازع الخير في بني البشر.
ولذلك لم يكن الصوم ـ كما يقول ابن الجوزي: صوم جماعة عن الطعام, وإنما الصوم صوم الجوارح عن الآثام, وصمت اللسان عن فضول الكلام, وغض العين عن النظر إلي الحرام, وكف الكف عن أخذ الخطام, ومنع الأقدام عن قبيح الإقدام.
وقبيل قدوم الشهر الكريم استعد المسلمون لاستقباله وشمروا عن ساعد الجد والاجتهاد في الطاعات وفعل الخيرات, لئلا ينصرم وقت هذا الشهر المبارك دون الفوز بوعد الله الوارد في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه
( أخرجه البخاري22/1 ومسلم523).
وفي ضوء هذا الجو الإيماني الجميل في رمضان, نجد هذا الكم الهائل من المسلسلات والأعمال التليفزيونية والفضائية في العالم الإسلامي, بما يحويه بعضها من مشاهد خارجة تخاطب غرائز الإنسان, وتجرح صومه وطاعته لله عز وجل, وتكدر الموقف الروحاني والإيماني الذي يعيشه المسلم في رمضان, حتي خشي علي الصائم آلا تتحقق له فضائل هذا الشهر الكريم اذا أساغ لنفسه أن يضيع وقته في كل مايبعد عنها, خاصة مع كثرة المعروض من تلك الأشياء.
إن مقصود الفن الحقيقي الذي تعارف عليه الحكماء والعقلاء أنه يوازن بين الترويح عن النفس والحفاظ علي نشر القيم الصالحة في المجتمع.
يقول هاربرت ريد: وأظن أننا سنحكم بوجود الدليل الكافي للقول بأن للفن طبيعته الجدلية, فليس الفن ناتجا نتاجا ثانويا عن التطوير الاجتماعي, لكنه واحد من العناصر الأصلية التي تسهم في بناء المجتمع والثقافات( الفن والمجتمع ص13).
ولكن يحذر من استخدامه في غير الهدف الصحيح الذي قصده أصحابه منه, فقال ص10: أعتقد أننا بلغنا نقطة تحول في تطور المدنية الحديثة, أصبح فيها الجوهر الحق للفن في خطر من ان يعمي, وأصبح الفن في نفسه مندثرا من جراء سوء استعماله.
ويقول د/ حسين فوزي: ولاتحسبن الفن بمنأي عن أن يتحول هو أيضا من الخير إلي الشر, وذلك بوسائل أقل إنجازا وإن لم تكن أضعف أثرا في مستقبل البشر, فالفن قد يستخدم ـ بل استخدم فعلا ـ في محاولات لتدمير المجتمع, وذلك حين يتحول الفن عن مراميه السامية إلي أدوات دعاية وعدوان, أو حينما يهبط إلي أعمال خبيثة ليست من صحيح الفن, وإن لبست لبوسه نظما وموسيقي وغناء وتصويرا وتمثيلا ويضيف: ولو أن هذه الظواهر المنحلة في ضمن الفنون يقف عند حد تشخيص مرض اجتماعي نتيجة الحروب والانقلابات والعرقيات والانغماس في اللذائذ الحسية والمتع الدنيئة لقلنا شر يزول وشيكا, ولكنها ـ وهنا خطرها ـ تحمل في طياتها قدرة تبشيرية تهدد المجتمعات والشباب بخاصة, وجرثومة تميت المثل العليا في الأخلاق والعادات والتقاليد الصالحة التي أورثها السلف.
والمنصف لاينكر وجود عدد من البرامج الجادة والمفيدة التي تبث عبر الفضائيات الهادفة يمكن أن يستفيد بها المسلم, ولا بأس من الترويح عن النفس بعض الوقت في رمضان بمشاهدة البرامج الجادة الخالية من وسائل الشر وتدمير الأخلاق والقيم.
فرمضان كما عهدناه جميعا هو شهر الطاعات والعبادات والتقرب إلي الله آناء الليل وأطراف النهار بالنفس والمال, وهو أيضا شهر صلة الأرحام, والإرتقاء بالنفس بكثرة فعل الخيرات, وليس موسما للتفنن والتسابق في اللهو والغفلة وتضييع الأوقات, وإثارة الشهوات والملذات.
ولذا ينبغي علي وسائل الإعلام في العالم الإسلامي أن تكون علي قدر المسئولية, وأن تحرص علي اختيار الأعمال الجادة التي تلتزم بالقيم, وتعمل علي نشر الفضائل, وتساعد علي البناء النفسي والصفاء الروحي للإنسان المكرم علي سائر الأكوان, وبذلك تكون من المتحققين والفائزين بقوله تعالي( وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الأثم والعدوان)
( سورة المائدة:2)
نقول هذا بعد مامر رمضان لعلها تكون كلمة صادقة لرمضان القادم لذا فإننا ننصح القائمين علي تلك الأعمال بالعودة بالأعمال الفنية إلي سابق عهدها, أعمالا جميلة هادفة, تعالج قضايا مجتمعنا ومشكلاته, وترسخ قيمنا ومبادئنا المستمدة من نموذجنا الحضاري, كي تستمر المؤسسة الإعلامية بالعالم الإسلامي بجانب مؤسسات المجتمع المختلفة, في العمل وفق تعاليم ديننا والتمسك بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة في سبيل نهضة المجتمع وتقدمه
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر