نـبـذة عن الخلافــة الأســلامــيــة وخروج مولانا أدرس بن عبدالله للمغرب
2
استقرار
إدريس في بلاد البربر
أستقر
الشريف إدريس الأول في مدينة { زرهون } بين
قبيلة وليلي البربرية. وفي رمضان عام [172] هـ
بايعته قبائل البربر وقدموا له كل معاني
الولاء والنصر وتفانوا في الدفاع عنه وظل
يحكمهم بدون منازع مدة خمس سنين.
وكانت
سنـوات حكمه سنوات إقامة أسـاس الدين وقواعده
ونشر تعاليمه في المجتمع وحمل الناس عليه،
والتوحيـد بين قبـائل البربر المتناحرة في
ظـل تعـاليم الإسلام الحاوية لكل معاني العدل
والمساواة، الجالبـة للتآلف بين الأمم
والشعوب والمجتمعات والأفراد، كما كانت
سنـوات حكمـه سنوات البنـاء والتعمير
والجهاد ودخول القبائل البربرية واحدة تلو
الأخـرى في ديـن الله واستقرت البلاد وهدأت
الحروب القبلية وأمن الناس على أنفسهم
وأموالهم وشهدت البلاد والعباد تطوراً في
جميع نواحي الحياة لم تكن تحلم بها، إلى أن
انتهى خبر إدريس وإقامة دولته في المغرب إلى
الخليفة العباسى
هارون
الرشيد في بغداد فكان ما سنذكره لاحقاً إن شاء
الله. (7)
تدبير
الرشيد لقتل إدريس الأول
لما
انتهى خبر إدريس إلى هارون الرشيد كربه أمره
وأقلقه وأشغل فكره، فا ستدعى وزيره يحى بن
خالد البرمكي فاشتكى إليه فقال له يحى يا أمير
المؤمنين أنا أكفيك شره ومقدم لك من خبره ما
يسرك ويذهب غمك.
فأرسل
يحى بن خالد إلى سليمان بن حريز الجزري الملقب
بالشماخ، وهو رجل من ربيعة من المتكلمين وممن
يرى رأى الزيدية، بل له فيه إمامة عظيمة وقد
جمع الرشيد بينه وبين هشام بن الحكم حين ناظره
في الإمامة، وكان حلوا شجاعاً يُعد أحد
شياطين الإنس لا تعجزه حيلة لما أراد، فأرغبه
يحى بن خالد في مال، ووعده عن نفسه وعن
الخليفة بمواعيد عظيمة، ودعاه إلى قتل إدريس
والتلطف في ذلك فأجابه وأعطاه مالاً جزلاً،
ووجه معه رجلاً يثق به وبشجاعته. ودفع إلى
الشماخ قارورة فيها غالية مسمومة فانطلق مع
صاحبه يخوضان الصحارى والقفار والفيافي
المترامية الأطراف حتى وصلا إلى الشريف إدريس
بن عبد الله، وكان إدريس ذا معرفة تامة
بسليمان الشماخ ورئاسته في الزيدية وموالته
لآل البيت، فلما جلس بين يدي الشريف قال له :
إنما جئتك وحملت نفسي على ما حملتها عليه
لمذهبي الذي تعرفني به، وإن السلطان طلبني
لمحبتي في الخروج معكم اهل البيت فجئتكم لآمن
في ناحيتكم وانصرك بنفسى، فسر الشريف لقوله
وقبله بصدر رحب وأحسن مثواه وأكرم نزله وآنس
به حتى لا يكاد يقطع بأمر دون استشارته، وفتح
له مجالس البربر وأخذ يظهر الدعاء إلى ولد
رسول r
ويشن حملات شعواء على بني العباس وبني أمية
لاستئثارهم بالولاية دون آل بيت رسول الله
r
ومحاولة بعضهم إبادة آل البيت حتى لا يبقى
منهم من يفكر في الولاية في المستقبل، ويظهر
أنه يحتج لوجوب الولاية لآل البيت كاحتجاجه
لذلك في العراق فأعجب ذلك إدريس منه، فمكث
عنده مدة يطلب غرته ويرصد الفرصة في أمره
ويرمق باب الحيلة عليه حتى غاب راشد مولاه
غيبة طفيفة في بعض أموره واستثمر سليمان
الشماخ ذلك فدخل على الشريف ومعه القارورة
فلما انبسط إليه وخلا وجهه وانشرحت له
مكنونات نفسه قال له الشماخ : جعلني الله فداك
في هذه القارورة غالية حملتها معي وليس ببلدك
من الطيب ما يتخذ هذا منه فجئتك بها لتطيب بما
فيها، ووضعها بين يديه ففتحها الشريف إدريس
وتغلف منها وشمها، وظن الشماخ أنه نفذ همته
وربح بجائزته وانصرف إلى صاحبه، وقد أعد
فرسين قبل ذلك مضمرين فركباهما وخرجا مركضين
يطلبان النجاة، فلما وصل السم إلى دماغ إدريس
وكان في خياشيمه سقط مغشياً عليه لا يعقل ولا
يدري من يختص به ما شأنه فبعثوا إلى راشد فجاء
مسرعاً فتشاغل بمعالجته والتخبر في أمره وقد
قطع الشماخ وصاحبه على فرسيهما بلاداً شاسعة
في تلك المدة، وأمضى الشريف إدريس يومه في
غشيانه وعروقه تضرب ثم مات وتبين راشد أمر
الشماخ بكل وضوح فركب في طلبه في جماعة من
أصحابه، فجعلت الخيل تنقطع تحت أصحابه
ويتخلفون لشدة السير وحدة الطلب، وصبر فرس
راشد حتى لحق الرجلين وقد سبقاه بمسيرة يوم
فأدركهما وحده على فرسه فشد عليهما فانحرف
إليه سليمان الشماخ ليمنعه من نفسه فخبطه
راشد بالسيف فكنع يده آي : أطاره وضربه راشد
بالسيف ثلاث ضربات على وجهه ورأسه كل ذلك لا
يصيب منه مقتلاً مع دفع سليمان عن نفسه وما
كان عليه من الجنة، وكلّ فرس راشد وقام لشدة
الحمل عليه ونجا سليمان بحشاشة نفسـه
آي : بروحه، وصاحبه قد خذله فلم يغن عنه
شيئاً ولم يكن عنده إلاً الهرب، ثم نزل سليمان
بعد أن أمن الاتباع وعصب جراحه.
وكان
ذلك في ربيع الثاني عام [177] هـ فكانت مدة
خلافته خمس سنوات. (8)
حالة
البربر بعد وفاة إدريس
عندما
توفي الشريف إدريس بن عبد الله لم يترك إلا
حملاً من أمة بربرية اسمها : كنزة، ولما فرغ
راشد من تجهيزه ودفنه جمع رؤساء البربر ووجوه
الناس فقال لهم : إن إدريس لم يترك ولداً إلا
حملاً من أمته كنزة وهي الآن في شهرها السابع
من حملها، فإن رأيتم أن تصبروا حتى تضع هذه
الجارية حملها فإن كان ذكراً أحسنا تربيته
حتى إذا بلغ مبلـغ الرجال بايعناه تمسكـاً
بدعوة آل البيت وتبركـاً بذرية رسول الله
وإن كان جارية نظرتم لانفسكم.
فقالوا
لـه : أيها الشيخ المبارك ما لنـا رأى إلاً مـا
رأيت فإنك عنـدنا عوض من إدريس تقـوم بأمورنا
كمـا كـان إدريس يقوم بـها وتصلى بنـا وتقضي
بيننـا بكتاب الله وسنة رسوله
r
ونصبـر حتى تضـع الجارية حملها ويكـون ما
أشـرت به، علـى أنـها إن وضعت أنثى كنت أحق
الناس بهـذا الأمر لفضلك ودينك وعلمك فشكرهم
راشـد على ذلك ودعـا لهم وانصـرفوا، فقـام
راشـد بأمر البربر تلك المدة.
ولما
أتمـت الجارية أشهر حملها وضعـت غلامـاً
أشبـه الناس بأبيه إدريس فأخرجـه راشـد إلى
رؤسـاء البربر حتـى نظـروا إليه فقـالوا : هذا
إدريس بعينـه كأنه لم يمت، فسماه راشـد
إدريـس، ونشـأ الصبي نشأة حسنة إلى أن تولـى
خلافة أبيـه كما سنـذكر إن شـاء الله. (9)
مبايعة
إدريس بن إدريس
كانت
ولادة إدريس المثنى بن إدريس الأول يوم
الاثنين ثالث رجب سنة سبع وسبعين ومائة فكفله
راشد مولى أبيه، وقام بأمره أحسن قيام فأقرأه
القرآن حتى حفظه وهو ابن ثمان سنين ثم علمه
الحديث والسنة والفقه في الدين والعربية
وَروَّاه الشعر وأمثال العرب وحكمها، وبصره
بسير الملوك وأيام الناس، ودربه على ركوب
الخيل والرمي بالسهام ومكايد الحرب، فلم يمض
له من العمر مقدار أحد عشر عاماً إلا وقد
اضطلع بما حمل وترشح للأمر واستحق أن يبايع،
فبايعه البربر حيث ظهرت عليه علامات النجابة
والذكاء في ذلك السن المبكر وذلك في يوم
الجمعة السابع من ربيع الأول عام [187] هـ . (10)
قال
ابن خلدون : بايع البربر إدريس الأصغر حملاً
ثم رضيعاً ثم فصيلاً إلى أن شب فبايعوه بجامع
مدينة وليلي سنة ثمان وثمانين ومائة وهو ابن
إحدى عشرة سنة. (11)
ويلاحظ
هنا اختلاف يسير في سنة مبايعته لما شب، بين
ما ذكره أبو عبيد البكري وبين ما ذكره ابن
خلدون مع اتفاقهما على بلوغه احدى عشرة سنة
عند مبايعته، والأشبه ما ذكره ابن خلدون
والله أعلم.
وكانت
بيعته من كافة القبائل البربرية بعد خطبة
بليغة نمت عن نباهته ووعد فيها بالبناء
والتعمير وزيادة الفتوحات والجهاد في سبيل
الله وإقامة الدين وقواعده وتحقيق العدالة
بين الناس دون التفريق بين العربي والبربري
المسلم، ودعا الناس فيها إلى بيعته وحضهم على
التمسك بطاعته قائلاً : لا تمد الأعناق إلى
غيرنا فإن الذي تطلبون من إقامة الحق إنما
تجدونه عندنا. فعجب الناس من فصاحته وقوة جأشه
على صغر سنه، ثم نزل فتسارع الناس إلى بيعته
وازدحموا عليه يقبلون يده فبايعته كافة قبائل
المغرب من زناته وأوربة وصنهاجة وغمارة وسائر
قبائل البربر، وتوفي مولاه راشد بعد ذلك
بقليل. (12)
بنـاء
مدينــة فـــــاس
2
استقرار
إدريس في بلاد البربر
أستقر
الشريف إدريس الأول في مدينة { زرهون } بين
قبيلة وليلي البربرية. وفي رمضان عام [172] هـ
بايعته قبائل البربر وقدموا له كل معاني
الولاء والنصر وتفانوا في الدفاع عنه وظل
يحكمهم بدون منازع مدة خمس سنين.
وكانت
سنـوات حكمه سنوات إقامة أسـاس الدين وقواعده
ونشر تعاليمه في المجتمع وحمل الناس عليه،
والتوحيـد بين قبـائل البربر المتناحرة في
ظـل تعـاليم الإسلام الحاوية لكل معاني العدل
والمساواة، الجالبـة للتآلف بين الأمم
والشعوب والمجتمعات والأفراد، كما كانت
سنـوات حكمـه سنوات البنـاء والتعمير
والجهاد ودخول القبائل البربرية واحدة تلو
الأخـرى في ديـن الله واستقرت البلاد وهدأت
الحروب القبلية وأمن الناس على أنفسهم
وأموالهم وشهدت البلاد والعباد تطوراً في
جميع نواحي الحياة لم تكن تحلم بها، إلى أن
انتهى خبر إدريس وإقامة دولته في المغرب إلى
الخليفة العباسى
هارون
الرشيد في بغداد فكان ما سنذكره لاحقاً إن شاء
الله. (7)
تدبير
الرشيد لقتل إدريس الأول
لما
انتهى خبر إدريس إلى هارون الرشيد كربه أمره
وأقلقه وأشغل فكره، فا ستدعى وزيره يحى بن
خالد البرمكي فاشتكى إليه فقال له يحى يا أمير
المؤمنين أنا أكفيك شره ومقدم لك من خبره ما
يسرك ويذهب غمك.
فأرسل
يحى بن خالد إلى سليمان بن حريز الجزري الملقب
بالشماخ، وهو رجل من ربيعة من المتكلمين وممن
يرى رأى الزيدية، بل له فيه إمامة عظيمة وقد
جمع الرشيد بينه وبين هشام بن الحكم حين ناظره
في الإمامة، وكان حلوا شجاعاً يُعد أحد
شياطين الإنس لا تعجزه حيلة لما أراد، فأرغبه
يحى بن خالد في مال، ووعده عن نفسه وعن
الخليفة بمواعيد عظيمة، ودعاه إلى قتل إدريس
والتلطف في ذلك فأجابه وأعطاه مالاً جزلاً،
ووجه معه رجلاً يثق به وبشجاعته. ودفع إلى
الشماخ قارورة فيها غالية مسمومة فانطلق مع
صاحبه يخوضان الصحارى والقفار والفيافي
المترامية الأطراف حتى وصلا إلى الشريف إدريس
بن عبد الله، وكان إدريس ذا معرفة تامة
بسليمان الشماخ ورئاسته في الزيدية وموالته
لآل البيت، فلما جلس بين يدي الشريف قال له :
إنما جئتك وحملت نفسي على ما حملتها عليه
لمذهبي الذي تعرفني به، وإن السلطان طلبني
لمحبتي في الخروج معكم اهل البيت فجئتكم لآمن
في ناحيتكم وانصرك بنفسى، فسر الشريف لقوله
وقبله بصدر رحب وأحسن مثواه وأكرم نزله وآنس
به حتى لا يكاد يقطع بأمر دون استشارته، وفتح
له مجالس البربر وأخذ يظهر الدعاء إلى ولد
رسول r
ويشن حملات شعواء على بني العباس وبني أمية
لاستئثارهم بالولاية دون آل بيت رسول الله
r
ومحاولة بعضهم إبادة آل البيت حتى لا يبقى
منهم من يفكر في الولاية في المستقبل، ويظهر
أنه يحتج لوجوب الولاية لآل البيت كاحتجاجه
لذلك في العراق فأعجب ذلك إدريس منه، فمكث
عنده مدة يطلب غرته ويرصد الفرصة في أمره
ويرمق باب الحيلة عليه حتى غاب راشد مولاه
غيبة طفيفة في بعض أموره واستثمر سليمان
الشماخ ذلك فدخل على الشريف ومعه القارورة
فلما انبسط إليه وخلا وجهه وانشرحت له
مكنونات نفسه قال له الشماخ : جعلني الله فداك
في هذه القارورة غالية حملتها معي وليس ببلدك
من الطيب ما يتخذ هذا منه فجئتك بها لتطيب بما
فيها، ووضعها بين يديه ففتحها الشريف إدريس
وتغلف منها وشمها، وظن الشماخ أنه نفذ همته
وربح بجائزته وانصرف إلى صاحبه، وقد أعد
فرسين قبل ذلك مضمرين فركباهما وخرجا مركضين
يطلبان النجاة، فلما وصل السم إلى دماغ إدريس
وكان في خياشيمه سقط مغشياً عليه لا يعقل ولا
يدري من يختص به ما شأنه فبعثوا إلى راشد فجاء
مسرعاً فتشاغل بمعالجته والتخبر في أمره وقد
قطع الشماخ وصاحبه على فرسيهما بلاداً شاسعة
في تلك المدة، وأمضى الشريف إدريس يومه في
غشيانه وعروقه تضرب ثم مات وتبين راشد أمر
الشماخ بكل وضوح فركب في طلبه في جماعة من
أصحابه، فجعلت الخيل تنقطع تحت أصحابه
ويتخلفون لشدة السير وحدة الطلب، وصبر فرس
راشد حتى لحق الرجلين وقد سبقاه بمسيرة يوم
فأدركهما وحده على فرسه فشد عليهما فانحرف
إليه سليمان الشماخ ليمنعه من نفسه فخبطه
راشد بالسيف فكنع يده آي : أطاره وضربه راشد
بالسيف ثلاث ضربات على وجهه ورأسه كل ذلك لا
يصيب منه مقتلاً مع دفع سليمان عن نفسه وما
كان عليه من الجنة، وكلّ فرس راشد وقام لشدة
الحمل عليه ونجا سليمان بحشاشة نفسـه
آي : بروحه، وصاحبه قد خذله فلم يغن عنه
شيئاً ولم يكن عنده إلاً الهرب، ثم نزل سليمان
بعد أن أمن الاتباع وعصب جراحه.
وكان
ذلك في ربيع الثاني عام [177] هـ فكانت مدة
خلافته خمس سنوات. (8)
حالة
البربر بعد وفاة إدريس
عندما
توفي الشريف إدريس بن عبد الله لم يترك إلا
حملاً من أمة بربرية اسمها : كنزة، ولما فرغ
راشد من تجهيزه ودفنه جمع رؤساء البربر ووجوه
الناس فقال لهم : إن إدريس لم يترك ولداً إلا
حملاً من أمته كنزة وهي الآن في شهرها السابع
من حملها، فإن رأيتم أن تصبروا حتى تضع هذه
الجارية حملها فإن كان ذكراً أحسنا تربيته
حتى إذا بلغ مبلـغ الرجال بايعناه تمسكـاً
بدعوة آل البيت وتبركـاً بذرية رسول الله
وإن كان جارية نظرتم لانفسكم.
فقالوا
لـه : أيها الشيخ المبارك ما لنـا رأى إلاً مـا
رأيت فإنك عنـدنا عوض من إدريس تقـوم بأمورنا
كمـا كـان إدريس يقوم بـها وتصلى بنـا وتقضي
بيننـا بكتاب الله وسنة رسوله
r
ونصبـر حتى تضـع الجارية حملها ويكـون ما
أشـرت به، علـى أنـها إن وضعت أنثى كنت أحق
الناس بهـذا الأمر لفضلك ودينك وعلمك فشكرهم
راشـد على ذلك ودعـا لهم وانصـرفوا، فقـام
راشـد بأمر البربر تلك المدة.
ولما
أتمـت الجارية أشهر حملها وضعـت غلامـاً
أشبـه الناس بأبيه إدريس فأخرجـه راشـد إلى
رؤسـاء البربر حتـى نظـروا إليه فقـالوا : هذا
إدريس بعينـه كأنه لم يمت، فسماه راشـد
إدريـس، ونشـأ الصبي نشأة حسنة إلى أن تولـى
خلافة أبيـه كما سنـذكر إن شـاء الله. (9)
مبايعة
إدريس بن إدريس
كانت
ولادة إدريس المثنى بن إدريس الأول يوم
الاثنين ثالث رجب سنة سبع وسبعين ومائة فكفله
راشد مولى أبيه، وقام بأمره أحسن قيام فأقرأه
القرآن حتى حفظه وهو ابن ثمان سنين ثم علمه
الحديث والسنة والفقه في الدين والعربية
وَروَّاه الشعر وأمثال العرب وحكمها، وبصره
بسير الملوك وأيام الناس، ودربه على ركوب
الخيل والرمي بالسهام ومكايد الحرب، فلم يمض
له من العمر مقدار أحد عشر عاماً إلا وقد
اضطلع بما حمل وترشح للأمر واستحق أن يبايع،
فبايعه البربر حيث ظهرت عليه علامات النجابة
والذكاء في ذلك السن المبكر وذلك في يوم
الجمعة السابع من ربيع الأول عام [187] هـ . (10)
قال
ابن خلدون : بايع البربر إدريس الأصغر حملاً
ثم رضيعاً ثم فصيلاً إلى أن شب فبايعوه بجامع
مدينة وليلي سنة ثمان وثمانين ومائة وهو ابن
إحدى عشرة سنة. (11)
ويلاحظ
هنا اختلاف يسير في سنة مبايعته لما شب، بين
ما ذكره أبو عبيد البكري وبين ما ذكره ابن
خلدون مع اتفاقهما على بلوغه احدى عشرة سنة
عند مبايعته، والأشبه ما ذكره ابن خلدون
والله أعلم.
وكانت
بيعته من كافة القبائل البربرية بعد خطبة
بليغة نمت عن نباهته ووعد فيها بالبناء
والتعمير وزيادة الفتوحات والجهاد في سبيل
الله وإقامة الدين وقواعده وتحقيق العدالة
بين الناس دون التفريق بين العربي والبربري
المسلم، ودعا الناس فيها إلى بيعته وحضهم على
التمسك بطاعته قائلاً : لا تمد الأعناق إلى
غيرنا فإن الذي تطلبون من إقامة الحق إنما
تجدونه عندنا. فعجب الناس من فصاحته وقوة جأشه
على صغر سنه، ثم نزل فتسارع الناس إلى بيعته
وازدحموا عليه يقبلون يده فبايعته كافة قبائل
المغرب من زناته وأوربة وصنهاجة وغمارة وسائر
قبائل البربر، وتوفي مولاه راشد بعد ذلك
بقليل. (12)
بنـاء
مدينــة فـــــاس
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر