نـبـذة عن الخلافــة الأســلامــيــة وخروج مولانا أدرس بن عبدالله للمغرب
تمهيد
في أحوال الخلافة الإسلامية
من كــتـاب الأنســــاب
1
لما
مات رسول الله r
تولى الخلافة بعده الخلفاء الراشدون الأربعة
أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم
أجمعين والأمة الإسلامية ما عدا الشيعة
مجمعون على خلافتهم،
فلما قتل علىّ رضي الله عنه، بايع أهل
العراق ابنه الحسن رضي الله عنه، وزحف إليه
معاوية رضي الله عنه في أهل الشام، ورأى الحسن
وجوب حقن دماء المسلمين وجمع كلمتهم وتصـور
ما في ذلك من الأجر والثواب عند الله تعالى،
فاختار الثواب والدار الآخرة على الدنيا
وحطامها ممتثلاً بذلك قول المصطفى r
فيه : ابني هذا سيصلح الله به بين فئتين
عظيمتين من المسلمين، فتنازل عن الخلافة
لمعاوية عام [40] هـ فسمي ذلك العام عام الجماعة.
(1)
وخلصت
الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه،
وتوارثها بنوه من بعده وبنوا أمية، وتخلل ذلك
منازعات وثورات يقوم بها بنو هاشم أدت بمقتل
السواد الأعظم منهم على يد الأمويين وعمالهم.
ولما تضعضع أمر بني أمية في أيام : مروان
الحمار اخر خلفائهم، اجتمع أهل البيت
بالمدينة المنورة وتشاوروا فيمن يقدمونه
للخلافة بعد انقضاء دولة بني أمية المتوقع،
فوقع اختيارهم على : محمد بن عبد الله الكامل
بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي
طالب وهو الملقب بالنفس الزكية، وله من
الأخوة أربعة : إبراهيم ويحى وسليمان وإدريس.
وقد
حضر البيعة بالمدينة أبو جعفر المنصور عبد
الله بن محمـد بن علي بن عبـد الله بن عبـاس
فبـايع معهم لمحـمد { النفس الزكية } وذلك قبل
انتقال الخلافة إلى بني العباس. (2)
وأجمع
بنو هاشم على مبايعة النفس الزكية لما علموا
له من الفضل والصلاح وتقدمه في ذلك عليهم
جميعاً، ولما انقرضت دولة بني آمية وتمت
الخلافة لبني العباس، وآل الأمر إلى أبي جعفر
المنصور سعى الواشون عنده بآل البيت وزعموا
أن محمداً { النفس الزكية } يريد الخروج عليه،
فأمر أبو جعفر المنصور عامله على المدينة
رباح بن عثمان المري بحبس عبد الله بن حسن
وأبنائه واخوته وبني عمه، فحبس من أكابرهم
خمسة وأربعون نفساً وقدم أبو جعفر المنصور
المدينة حاجاً فسـاقهم معه إلى العراق
وحبسهـم بقصـر ابن هبيرة حتى هلك معظمـهم فيه.
وجد
المنصور في البحث عن محمد { النفس الزكية }
وأخيه : إبراهيم لكونهما تغيبا فلم يحبسا في
جملة من حبس من عشيرتهم وفي سنة خمس وأربعين
ومائة تضايق محمد بن عبد الله بن حسن { النفس
الزكية } من كثرة الطلب والبحث عنه لقتله من
قبل المنصور فظهر في المدينة ودعا الناس
لمبايعته، فاستفتى الناس مالكا في الخروج مع
محمد، فقالوا له إن في أعناقنا بيعة لمنصور
فذكرهم مالك بالبيعة الأولى لمحمد ومن
المبايعين المنصور نفسه فتسارع الناس إلى
دعوته، فبلغ الخبر المنصور فكتب إلى محمد
يبذل له الآمان ويعده بالجميل إن هو رجع إلى
الطاعة فرفض محمد ذلك فأرسل المنصور عمه عيسى
بن موسى العباسي لقتال محمد فاقتتل الفريقان
بالمدينة المنورة حتى خر محمد صريعاً بضربة
من حميد بن قحطبة في صدره وأرسل عيسى برأسه
إلى المنصور، فقتل جماعة من أهل بيته، ولحق
ابنه علي بن محمد إلى السند، واختفى ابنه
الآخر عبد الله الأشتـر.
ثم
خرج إبراهيم بن عبد الله أخو محمد بالبصرة
وانهزم أمام عيسى ابن موسى المذكور وفي سنة
[169] خرج بالمدينة حسين بن علي بن الحسن المثلث
بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبي
طالب وكان معه جماعة من أهل بيته منهم إدريس
ويحى وسليمان بنو عبد الله { الكامل } اخوة
محمـد { النفس الزكية } فاشتد أمر الحسين
المذكور بالمدينة وقتل عامل العباسيين عليها
: عمر بن عبد العزيز بن عبيد الله بن عبد الله
بن عمر بن الخطاب وبايعه الناس على كتـاب الله
وسنة رسوله. (3)
ومكثوا
بالمدينة مدة يتجهزون، ثم خرجوا إلى مكة
وأعلنوا خروجهم عن طاعة العباسيين فخرج إليهم
من خرج إليهم وكان ما
سنذكره لاحقاً إن شـاء الله .
سبب
خروج الشريف إدريس بن عبد الله إلى المغرب
قد
عرفنا خلال عرضنا الموجز لأحوال الخلافة بعد
الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم أن
ثورات آل البيت وطلبهم للخلافة تظهر من حين
لآخر منذ خروج الحسين السبط بن علي ابن أبي
طالب في زمن يزيد ابن معاوية وخلال فترة حكم
الأمويين وصدر من خلافة العباسيين إلى أن كان
من فروع تلك السلسلة خروج حسين بن علي بن حسن
بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب في 22/1/169هـ
بعد موت محمد المهدي بن المنصور. (4)
وذكر
أن سبب خروجه أنه لما توفي المهدي بن المنصور
ذهب أمير المدينة إلى العراق لتعزية الخليفة
موسى الهادي بوفاة والده، وتهنئته بالخلافة
فجرت بالمدينة النبوية أمورٌ اقتضت خروجه،
والتف حوله جماعة وجعلوا المسجد مأواهم، غير
أن أعيان المدينة لم يجيبوه إلى ما أراد،
فارتحل إلى مكة فلما وصلها نادى في الناس أيما
عبد أتاه فهو حر، الأمر الذي أكد للناس خروجه
عن طاعة أمير المؤمنين فأتاه العبيد، فلما
انتهى الخبر إلى أمير المؤمنين موسى الهادي
بن محمد المهدي بن المنصور كتب إلى محمد بن
سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس فولاه قتال
الحسين وكان قد سار بجماعة مسلحين من البصرة
لخوف الطريق إلى مكة.
وكانوا
قد أحرموا بعمرة متمتعين بها إلى الحج، فلما
قدموا مكة طافوا وسعوا وحلوا من إحرامهم
وعسكروا بذي طوى وانضم إليهم من حج من شيعة
العباسيين ومواليهم وقوادهم فقابلوا الحسين
وأتباعه يوم السبت الموافق للثامن من ذي
الحجة { يوم التروية } عام [169]هـ بذى طوى على
بعد ثلاثة أميال من مكة فاقتتلوا قتالاً
عنيفاً حتى خر الحسين ميتاً في أكثر من مائة
نفر من أصحابه.
فانهزم
أصحاب الحسين واختلطوا بالحاج فاختفوا فيهم(5)
وهذه المعركة مشهورة في التاريخ بمعركة فخ.
وكان
إدريس بن عبد الله { الكامل } بن حسن بن حسن بن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد انهزم فيمن
انهزم بعد مقتل حسين في معركة فخ فاستتر مدة
في لجة الحجيج وألح عامل السلطان في طلبه فخرج
به مولاه راشد ـ وكان عاقلاً شجاعاً قوياً ذا
حزم وتدبير ولطف ـ في جملة الحجاج منحاشاً به
عن الناس بعد أن غير زيّه وألبسه مدرعة وعمامة
غليظة وصيره كالغلام يخدمه، وإن أمره أو نهاه
أسرع الشريف في تلبية مطلبه فسلما بتوفيق من
الله ثم بتلك الحيلة حتى دخلا مصر ليلاً،
فبينما هما متحيران يمشيان في بعض طرقها لا
يدريان شيئاً عن البلد وأهله، ولا هداية لهما
فيه إذ مرَّا بدار مشيدة يدل ظاهرها على
باطنها ونعمة أهلها فجلسا في دكان على باب
الدار فرآهما صاحب الدار فعـرف فيهـما
الحجازية، فتـوسم في خلقتهـما الغـرابة
فقـال : أحسبكما غريبين أو عربيين، قالا : نعم
وأركما مدنييـن، قالا : نعم، نحن كما ظننت.
فإذا
الرجل من موالى بني العباس فقام إليه راشد وقد
توسم فيه الخير فقال له : يا هذا قد أردت أن
ألقى إليك شيئاً ولست أفعل حتى تعطيني موثقاً
أن تفعل إحدى خلتين إما آويتنا وتتقرب إلى
الله بالإحسان إلينا وحفظت فينا نبيك محمداً r
، وإن كرهت ما ألقيته إليك سترته علينا .
فأعطاه على ذلك موثقاً فقال له : هذا إدريس بن
عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب خرج
من موضعة مع الحسين بن علي بن الحسن فسلم من
القتل وقد جئت به أريد بلاد البربر فإنه بلد
ناء لعله يأمن فيه ويعجز من يطلبه. فأدخلهما
منزله وسترهما حتى تهيأ خروج رفقة إلى
أفريقية فاكترى لهما جملاً وزودهما وكساهما.
فلما عزم القوم على النهوض للرحيل قال لهما :
إن لأمير مصر مسالح {حراس الحدود } لا يجوز أحد
إلا فتشوه، وهاهنا طريق اعرفها لا يسلكها
الناس، فأنا أحمل هذا الفتى { إدريس } في هذا
الطريق الغامض البعيد فألقاك به يا راشد في
موضع كذا حيث تنقطع مسالح مصر، فركب راشد في
أحد شقى المحمل ووضع متاعه في الشق الآخر ومضى
مع الناس في القافلة.
وخرج
الرجل على فرس له وحمل إدريس على فرس آخر فمضى
به في الطريق الغامض وهي مسيرة أيام حتى تقدما
القافلة، وأقاما ينتظرانها حتى وردت فركب
إدريس مع راشد حتى إذا قربا من أفريقية ضربا
صفحاً عنها فلم يدخلاها وسارا في بلاد البربر
حتى استقـرا في مدينة { زرهـون } بين قبيلة
وليلـي. (6)
تمهيد
في أحوال الخلافة الإسلامية
من كــتـاب الأنســــاب
1
لما
مات رسول الله r
تولى الخلافة بعده الخلفاء الراشدون الأربعة
أبوبكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم
أجمعين والأمة الإسلامية ما عدا الشيعة
مجمعون على خلافتهم،
فلما قتل علىّ رضي الله عنه، بايع أهل
العراق ابنه الحسن رضي الله عنه، وزحف إليه
معاوية رضي الله عنه في أهل الشام، ورأى الحسن
وجوب حقن دماء المسلمين وجمع كلمتهم وتصـور
ما في ذلك من الأجر والثواب عند الله تعالى،
فاختار الثواب والدار الآخرة على الدنيا
وحطامها ممتثلاً بذلك قول المصطفى r
فيه : ابني هذا سيصلح الله به بين فئتين
عظيمتين من المسلمين، فتنازل عن الخلافة
لمعاوية عام [40] هـ فسمي ذلك العام عام الجماعة.
(1)
وخلصت
الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه،
وتوارثها بنوه من بعده وبنوا أمية، وتخلل ذلك
منازعات وثورات يقوم بها بنو هاشم أدت بمقتل
السواد الأعظم منهم على يد الأمويين وعمالهم.
ولما تضعضع أمر بني أمية في أيام : مروان
الحمار اخر خلفائهم، اجتمع أهل البيت
بالمدينة المنورة وتشاوروا فيمن يقدمونه
للخلافة بعد انقضاء دولة بني أمية المتوقع،
فوقع اختيارهم على : محمد بن عبد الله الكامل
بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي
طالب وهو الملقب بالنفس الزكية، وله من
الأخوة أربعة : إبراهيم ويحى وسليمان وإدريس.
وقد
حضر البيعة بالمدينة أبو جعفر المنصور عبد
الله بن محمـد بن علي بن عبـد الله بن عبـاس
فبـايع معهم لمحـمد { النفس الزكية } وذلك قبل
انتقال الخلافة إلى بني العباس. (2)
وأجمع
بنو هاشم على مبايعة النفس الزكية لما علموا
له من الفضل والصلاح وتقدمه في ذلك عليهم
جميعاً، ولما انقرضت دولة بني آمية وتمت
الخلافة لبني العباس، وآل الأمر إلى أبي جعفر
المنصور سعى الواشون عنده بآل البيت وزعموا
أن محمداً { النفس الزكية } يريد الخروج عليه،
فأمر أبو جعفر المنصور عامله على المدينة
رباح بن عثمان المري بحبس عبد الله بن حسن
وأبنائه واخوته وبني عمه، فحبس من أكابرهم
خمسة وأربعون نفساً وقدم أبو جعفر المنصور
المدينة حاجاً فسـاقهم معه إلى العراق
وحبسهـم بقصـر ابن هبيرة حتى هلك معظمـهم فيه.
وجد
المنصور في البحث عن محمد { النفس الزكية }
وأخيه : إبراهيم لكونهما تغيبا فلم يحبسا في
جملة من حبس من عشيرتهم وفي سنة خمس وأربعين
ومائة تضايق محمد بن عبد الله بن حسن { النفس
الزكية } من كثرة الطلب والبحث عنه لقتله من
قبل المنصور فظهر في المدينة ودعا الناس
لمبايعته، فاستفتى الناس مالكا في الخروج مع
محمد، فقالوا له إن في أعناقنا بيعة لمنصور
فذكرهم مالك بالبيعة الأولى لمحمد ومن
المبايعين المنصور نفسه فتسارع الناس إلى
دعوته، فبلغ الخبر المنصور فكتب إلى محمد
يبذل له الآمان ويعده بالجميل إن هو رجع إلى
الطاعة فرفض محمد ذلك فأرسل المنصور عمه عيسى
بن موسى العباسي لقتال محمد فاقتتل الفريقان
بالمدينة المنورة حتى خر محمد صريعاً بضربة
من حميد بن قحطبة في صدره وأرسل عيسى برأسه
إلى المنصور، فقتل جماعة من أهل بيته، ولحق
ابنه علي بن محمد إلى السند، واختفى ابنه
الآخر عبد الله الأشتـر.
ثم
خرج إبراهيم بن عبد الله أخو محمد بالبصرة
وانهزم أمام عيسى ابن موسى المذكور وفي سنة
[169] خرج بالمدينة حسين بن علي بن الحسن المثلث
بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبي
طالب وكان معه جماعة من أهل بيته منهم إدريس
ويحى وسليمان بنو عبد الله { الكامل } اخوة
محمـد { النفس الزكية } فاشتد أمر الحسين
المذكور بالمدينة وقتل عامل العباسيين عليها
: عمر بن عبد العزيز بن عبيد الله بن عبد الله
بن عمر بن الخطاب وبايعه الناس على كتـاب الله
وسنة رسوله. (3)
ومكثوا
بالمدينة مدة يتجهزون، ثم خرجوا إلى مكة
وأعلنوا خروجهم عن طاعة العباسيين فخرج إليهم
من خرج إليهم وكان ما
سنذكره لاحقاً إن شـاء الله .
سبب
خروج الشريف إدريس بن عبد الله إلى المغرب
قد
عرفنا خلال عرضنا الموجز لأحوال الخلافة بعد
الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم أن
ثورات آل البيت وطلبهم للخلافة تظهر من حين
لآخر منذ خروج الحسين السبط بن علي ابن أبي
طالب في زمن يزيد ابن معاوية وخلال فترة حكم
الأمويين وصدر من خلافة العباسيين إلى أن كان
من فروع تلك السلسلة خروج حسين بن علي بن حسن
بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب في 22/1/169هـ
بعد موت محمد المهدي بن المنصور. (4)
وذكر
أن سبب خروجه أنه لما توفي المهدي بن المنصور
ذهب أمير المدينة إلى العراق لتعزية الخليفة
موسى الهادي بوفاة والده، وتهنئته بالخلافة
فجرت بالمدينة النبوية أمورٌ اقتضت خروجه،
والتف حوله جماعة وجعلوا المسجد مأواهم، غير
أن أعيان المدينة لم يجيبوه إلى ما أراد،
فارتحل إلى مكة فلما وصلها نادى في الناس أيما
عبد أتاه فهو حر، الأمر الذي أكد للناس خروجه
عن طاعة أمير المؤمنين فأتاه العبيد، فلما
انتهى الخبر إلى أمير المؤمنين موسى الهادي
بن محمد المهدي بن المنصور كتب إلى محمد بن
سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس فولاه قتال
الحسين وكان قد سار بجماعة مسلحين من البصرة
لخوف الطريق إلى مكة.
وكانوا
قد أحرموا بعمرة متمتعين بها إلى الحج، فلما
قدموا مكة طافوا وسعوا وحلوا من إحرامهم
وعسكروا بذي طوى وانضم إليهم من حج من شيعة
العباسيين ومواليهم وقوادهم فقابلوا الحسين
وأتباعه يوم السبت الموافق للثامن من ذي
الحجة { يوم التروية } عام [169]هـ بذى طوى على
بعد ثلاثة أميال من مكة فاقتتلوا قتالاً
عنيفاً حتى خر الحسين ميتاً في أكثر من مائة
نفر من أصحابه.
فانهزم
أصحاب الحسين واختلطوا بالحاج فاختفوا فيهم(5)
وهذه المعركة مشهورة في التاريخ بمعركة فخ.
وكان
إدريس بن عبد الله { الكامل } بن حسن بن حسن بن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد انهزم فيمن
انهزم بعد مقتل حسين في معركة فخ فاستتر مدة
في لجة الحجيج وألح عامل السلطان في طلبه فخرج
به مولاه راشد ـ وكان عاقلاً شجاعاً قوياً ذا
حزم وتدبير ولطف ـ في جملة الحجاج منحاشاً به
عن الناس بعد أن غير زيّه وألبسه مدرعة وعمامة
غليظة وصيره كالغلام يخدمه، وإن أمره أو نهاه
أسرع الشريف في تلبية مطلبه فسلما بتوفيق من
الله ثم بتلك الحيلة حتى دخلا مصر ليلاً،
فبينما هما متحيران يمشيان في بعض طرقها لا
يدريان شيئاً عن البلد وأهله، ولا هداية لهما
فيه إذ مرَّا بدار مشيدة يدل ظاهرها على
باطنها ونعمة أهلها فجلسا في دكان على باب
الدار فرآهما صاحب الدار فعـرف فيهـما
الحجازية، فتـوسم في خلقتهـما الغـرابة
فقـال : أحسبكما غريبين أو عربيين، قالا : نعم
وأركما مدنييـن، قالا : نعم، نحن كما ظننت.
فإذا
الرجل من موالى بني العباس فقام إليه راشد وقد
توسم فيه الخير فقال له : يا هذا قد أردت أن
ألقى إليك شيئاً ولست أفعل حتى تعطيني موثقاً
أن تفعل إحدى خلتين إما آويتنا وتتقرب إلى
الله بالإحسان إلينا وحفظت فينا نبيك محمداً r
، وإن كرهت ما ألقيته إليك سترته علينا .
فأعطاه على ذلك موثقاً فقال له : هذا إدريس بن
عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب خرج
من موضعة مع الحسين بن علي بن الحسن فسلم من
القتل وقد جئت به أريد بلاد البربر فإنه بلد
ناء لعله يأمن فيه ويعجز من يطلبه. فأدخلهما
منزله وسترهما حتى تهيأ خروج رفقة إلى
أفريقية فاكترى لهما جملاً وزودهما وكساهما.
فلما عزم القوم على النهوض للرحيل قال لهما :
إن لأمير مصر مسالح {حراس الحدود } لا يجوز أحد
إلا فتشوه، وهاهنا طريق اعرفها لا يسلكها
الناس، فأنا أحمل هذا الفتى { إدريس } في هذا
الطريق الغامض البعيد فألقاك به يا راشد في
موضع كذا حيث تنقطع مسالح مصر، فركب راشد في
أحد شقى المحمل ووضع متاعه في الشق الآخر ومضى
مع الناس في القافلة.
وخرج
الرجل على فرس له وحمل إدريس على فرس آخر فمضى
به في الطريق الغامض وهي مسيرة أيام حتى تقدما
القافلة، وأقاما ينتظرانها حتى وردت فركب
إدريس مع راشد حتى إذا قربا من أفريقية ضربا
صفحاً عنها فلم يدخلاها وسارا في بلاد البربر
حتى استقـرا في مدينة { زرهـون } بين قبيلة
وليلـي. (6)
الجمعة 7 أبريل - 7:20 من طرف د أسامة الدمشقي
» نظم عدد سور القرآن الكريم
الخميس 9 فبراير - 21:18 من طرف أحمد سالم السباعي
» للتحميل كتاب بنو هاشم الجزء الأول
الإثنين 27 سبتمبر - 11:31 من طرف alhasani
» زعب الجزيرة العربية من سليم و ليست من محارب
الإثنين 6 أبريل - 10:21 من طرف جعفر الطالبي
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:43 من طرف خالد شرف الدين
» التأكد من صحه النسب
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف خالد شرف الدين
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:19 من طرف إسلام حسن زكي
» البحث عن النسب
الجمعة 18 أكتوبر - 23:16 من طرف إسلام حسن زكي
» وثائق ثبوت ولاده محمد التقي( المهدي) للامام الحسن العسكري( من المشجر الكشاف للنجفي
الجمعة 18 أكتوبر - 23:12 من طرف إسلام حسن زكي
» بحث عن المهدي
الجمعة 19 يوليو - 14:11 من طرف علي بابكر